logo

logo

logo

logo

logo

الأندرين (مدينة-)

اندرين (مدينه)

Andrin -

 الأندرين

الأندرين (مدينة -)

كنيسة الثكنة

كاتدرائية الأندرين

الكنيسة الجنوبية

كنيسة سيد الملائكة

الكنيسة رقم 7

الكنيسة الثالوث المقدس  

 

تقع الأندرين Al Andarin (أندرونا) Andarona على بعد 80 كم شمال شرقيّ حماة، ونحو 25 كم عن قصر ابن وردان[ر]، وتتميز بمكانة مهمة من بين المواقع العائدة إلى العصر البيزنطي الباكر، كما كانت كذلك محطة على الطريق الذي يصل بين خالكيس [ر] وإسريا [ر] خلال القرن الثالث الميلادي.

يضم هذا الموقع - المحاط بسورين والذي تقدر مساحته بنحو 1.6كم2- إحدى عشرة كنيسة وثكنة عسكرية ضخمة، إضافة إلى حمام عام وأجزاء من مبانٍ سكنية ما يزال العديد منها غير مكشوف. كان يقسمها شارعان رئيسان متقاطعان هما الكاردو Cardo من الشمال إلى الجنوب، والديكومانوس Decumanus من الشرق إلى الجنوب.

بدأ الاهتمام بموقع الأندرين منذ مطلع القرن الماضي من خلال الأعمال التي قامت بها بعثة جامعة برنستون برئاسة هوارد بتلر H. C. Butler، تلتها المسوحات والصور الجوية التي قدمها موترد R. Mouterde، في الثلاثينيّات، وفي سنة 1998تم تنظيم تعاون من الجانب السوري مع كلا الفريقين الألماني والإنكليزي، وأدت الدراسات وأعمال التنقيب والبحث لمدة سبعة مواسم إلى نتائج مهمة.

اعتمد سكان الأندرين على العديد من الزراعات التي ساعدت على ازدهار هذا الموقع خلال العصر البيزنطي في القرن السادس الميلادي خاصة، كزراعة الزيتون إضافة إلى زراعة الحبوب والعنب، وعاش سكانها نتيجة ذلك نوعاً من الرخاء الاقتصادي دلت عليه المنشآت المكتشفة في الموقع كالثكنة العسكرية وأيضاً الحمام اللذين تبرع بهما أحد أغنياء المدينة. وقد اشتهرت مدينة الأندرين بكرومها وخمورها الطيبة التي بلغت شهرتها ربوع الجزيرة العربية حتى إن الشاعر عمرو بن كلثوم استهل معلقته بقوله:

ألا هُبِّي بصحنك فاصبحينا

ولا تُبقِي خمورَ الأندرينا

أحيطت المدينة بسورين، إذ بني السور الداخلي من البازلت، وبني السور الخارجي من اللبن، وتوجد إشكالية حول العلاقة الزمنية لبنائهما. ومن خلال أعمال التنقيب التي كشفت عن أجزاء من السور الخارجي تبين أنه تم استخدام الحجر البازلتي في بناء الأساسات والبوابات، أما جدران السور وأبراجه الدفاعية فقد بنيت من اللبن، ويفترض أن زمن بناء السور الخارجي أحدث من الداخلي، وبني في مرحلة ما بعد نمو التجمع السكني الذي حدث خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين؛ على الرغم من الحاجة إلى إجراء المزيد من أعمال التنقيب لتوضيح هذه الإشكالية، وتحديد زمن بناء السور الداخلي خاصة.

شغلت الثكنة العسكرية مساحة تقدر بنحو 6000م2، وتقع في مركز المدينة، وتعود بتاريخها إلى سنة 558م، تمتلك مخططاً مستطيل الشكل تقريباً، ولها مدخل واحد في جهتها الغربية وأبراج سداسية الشكل في الزوايا، ومربعة الشكل في وسط السورين الشمالي والجنوبي، وأنشأت كنيسة متوسطة الحجم في مركزها، وتوثق الثكنة مع الحمام والبازيليكات على أنها تعود إلى الفترة نفسها تقريباً؛ إلا أنه هناك إشارات دلت على إعادة استخدام الثكنة والحمام في مرحلة لاحقة في العصور الإسلامية.

تم تجهيز الثكنة بعناية وباهتمام من حيث التصميم والبناء، بنيت من الحجر البازلتي مع استخدام الحجر الكلسي كذلك والآجر في أجزاء منها كالقباب، إضافة إلى استخدام أنواع من حجر المرمر المستورد من خارج المنطقة في تجهيزها من الداخل.

تدل تقنيات بناء الجدران والعناصر المعمارية والفنية فيها على تشابه كبير مع تلك التي في قصر ابن وردان كأشكال القباب والاستخدام المتعاقب للحجر البازلتي مع الحجر الكلسي في التزيين، إضافة إلى تنفيذ الرسوم الجدارية في كليهما حيث عثر في القاعة الغربية للمعسكر على رسم جداري (مشهد الاعتراف)، كما عثر في قصر ابن وردان على رسوم جدارية مشابهة لها.

أما كنائس الأندرين فعددها - كما ذُكر سابقاً- إحدى عشرة كنيسة صغيرة وكبيرة، تعرضت أجزاء كبيرة منها للدمار كما أنها مطمورة بالرمال بشكل كامل تقريباً، وتوجد على السطح بعض السواكف الجميلة التي تعلو مداخلها، المنقوشة بالكتابات اليونانية وبالزخارف النباتية والهندسية والتي تمتد كأشرطة تؤطر فتحات تلك المداخل، تميزها أشكال أوراق العنب المتناوبة مع عناقيد العنب، وتتوسط سواكفها الميداليات المركزية الكبيرة الحجم والتي تحوي نقوش الصلبان مع رموز دينية ضمنها.

بينت الدراسات استخدام الحجر البازلتي كمادة رئيسة بالبناء، وقد كانت أبنيتها بحالة معمارية جيدة عند زيارة هوارد بتلر للموقع منذ نحو مئة عام، وأهمها:

كنيسة الثكنة:

بنيت في وسط الثكنة العسكرية في مرحلة بعد بناء هذه الأخيرة، في نهاية القرن السادس أو بداية القرن السابع الميلادي، وبينت حالتها المعمارية من الداخل أنها تعرضت للتخريب ولعدة مرات حتى الأساس. تتألف هذه الكنيسة من مجاز مركزي شبه مربع وجناحين، يفصل بينهما صفان من الأعمدة المشيدة من حجر المرمر تعلوها التيجان المنحوتة من الحجر الكلسي والموضوعة على كتل من البازلت، وهذا الخلط بين المواد متبع كذلك في قصر ابن وردان. وفي جهتها الشرقية حنية مركزية عميقة على طرفيها غرفتان، هما الدياكونيكون diakonikon في الجهة الشمالية، والمارتيرون martiron في الجهة الجنوبية، وكان يعلو المارتيرون طابق علوي.

كاتدرائية الأندرين:

تعدّ كاتدرائية الأندرين أكبر كنائسها، وهي تقع قرب تقاطع الشارعين الرئيسين للمدينة جنوبيّ غرب الثكنة العسكرية، ويعود تاريخ بنائها إلى عام 560م. بنيت من البازلت، وكانت الحنية مقببة أيضاً بالآجر الذي يتميز بالنوعية نفسها التي في الثكنة مما يساعد على تحديد زمن قريب للكنيسة، وتفتقر هذه الكنيسة إلى الزخارف التي اقتصر وجودها على الداخل وعلى البوابات، وقد تميزت بالبساطة، بيد أن ما يميزها هو الدقة في تناسب الأبعاد والمقاييس إلى درجة كبيرة.

مخطط كاتدرائية الأندرين

وتبلغ أبعاد هذه الكاتدرائية 43 * 25م، وتتألف من مجاز مركزي وجناحين تفصل بينها الأعمدة التي تحمل الأقواس الداخلية الضخمة، وينتهي المجاز المركزي من جهة الشرق بحنية نصف دائرية تبرز نحو الخارج بعرض 9.3 م، وعمق 6.30م، تمتلك خمس نوافذ كبيرة، وتتميز بوجود غرفتين جانبيتين على طرفي الحنية المركزية، هما - كما هو مألوف في باقي كنائس المنطقة - المارتيرون والدياكونيكون، تم تسقيفهما بقبتين من الآجر المشوي، كانت قائمة حتى النصف الأول من القرن العشرين، غير أنها لم تعد موجودة الآن، وفي الجهة الغربية من الكنيسة يقع النارتكس المتميز بمدخل مركزي يرتبط بالبهو الرئيس للكنيسة. تميزت الغرفتان الجانبيتان على طرفي الحنية المركزية ببروز نصف دائري أيضاً نحو الخارج، وقد تألفت كلتاهما من طابقين حيث تبدو كبرجين دفاعيين، وهذه سمة نادرة في عمارة الكنائس في سورية، توجد - على سبيل المثال - في كنيسة القديس سمعان في شمالي سورية.

الكنيسة الجنوبية:

بنيت هذه الكنيسة من الحجر باستثناء السقف الذي كان مبنياً من الخشب، وقد كانت الأكثر حفاظاً على حالتها المعمارية من بين كنائس الأندرين حتى النصف الأول من القرن العشرين. أحيطت الكنيسة بسور حجري مدعم بأبراج دفاعية في زوايا السور وأبراج عند مداخلها في جهاتها الأربع. تتألف من مجاز مركزي وجناحين تفصلهما عن المجاز دعامات تحمل ثلاث أقواس ضخمة، وتميزت دعامات القوس الصغيرة في الجهة الغربية من الكنيسة بشكل حرف T اللاتيني.

 
مخطط الكنيسة الجنوبية 
 

للحنية المركزية ثلاث نوافذ، وتوجد غرفتان على طرفيها، هما المارتيرون والدياكونيكون، وتنفتح منهما غرف صغيرة ذات مخطط غير منتظم. يوجد قبر في شماليّ غرفة الدياكونيكون يأخذ شكلاً مصلباً من الداخل، ويحوي ثلاث معازب (حجيرات)، كما يوجد خزان ماء غرب الكنيسة تصل بينهما قناة من زاويته الشمالية الشرقية، وتم تسقيف الخزان بألواح حجرية كبيرة محمولة فوق أقواس طولانية الشكل.

كنيسة سيد الملائكة:

تسمى كذلك بكنيسة ميكائيل S. Michael وجبرائيل S. Gabreal بحسب النقوش التي عثر عليها على مدخل إحدى الكنيستين؛ إذ سميت الكنيسة الجنوبية بكنيسة سيد الملائكة، لذا فإن الكنيسة الملاصقة لها والواقعة في الجهة الشمالية هي كنيسة جبرائيل. بنيت الكنيستان متجاورتين، ولا يفصل بينهما سوى ممر صغير بعرض 5.70 م، وتمتلك كلتاهما مخططاً متشابهاً عموماً، مؤلف من مجاز مركزي ذي ممر مقنطر محمول على دعامات مربعة الشكل، وعلى طرفيه جناحان.

 
مخطط كنيسة سيد الملائكة 
 

اتسم مخطط الكنيسة الجنوبية بضخامته وتميزه من مخطط الكنيسة الشمالية، حيث تم تطويق الحنية بشكل مثمن، وتتشابه دعاماتها في الجهة الغربية ذات الشكل الصليبي بتلك الموجودة في كنيسة الكاتدرائية، ويحدها في جهتها الغربية النارتكس المقنطر بقوسين على المحور نفسه الذي بنيت وفقه قناطر صحن الكنيسة.

الكنيسة رقم 7:

تقع جنوب شرقيّ الثكنة، تمتلك مخططاً شبيهاً بمخططات الكنائس الأخرى. أحيطت بسور من ثلاث جهات، أما في الجهة الشرقية فقد كان السور مدمجاً مع الكنيسة في الوسط، وعثر على نقشين منحوتين فوق سواكف المداخل، وقد نحتت فوق أحدهما النقوش الكتابية، يتوسطها نقش الصليب، وتحاذي أسفل الكتابات زخارف نباتية تمثل أوراق العنب وعناقيد.

كنيسة الثالوث المقدس:

كرست هذه الكنيسة للثالوث المقدس بحسب الكتابات المنقوشة على ساكف عثر عليه قربها، وتتشابه هذه الكنيسة إلى حد كبير مع الكنيسة رقم 7؛ غير أنها أكبر حجماً منها، ويأخذ صحن الكنيسة في كلتا الكنيستين شكلاً مربعاً، كما تنفتح كلتا الحجرتين على طرفي الحنية المركزية من جهة؛ وعلى صحن الكنيسة من جهة أخرى.

هناك كنيستان صغيرتان متميزتان أيضاً في موقع الأندرين، هما الكنيستان رقم 2 و3، فالكنيسة رقم 2 تقع غرب الكاتدرائية ومبنية على محور واحد معها، ذات تسقيف هرمي من البازلت متميز في عمائر المنطقة، تتألف من بهو واحد منتهٍ بحنية نصف دائرية، وعلى طرفي الحنية غرفتان صغيرتان مستطيلتا الشكل، وللكنيسة مدخل رئيس واحد في الجهة الغربية. أما الكنيسة رقم 3؛ فمخططها مربع الشكل، يتألف من حنية مركزية عميقة في جهتها الشرقية على طرفيها غرفتان مربعتان أيضاً، وتم تسقيف مركز المجاز المركزي بقبة دائرية حجرية ترتكز على أربع زوايا، منها ركيزتان مصلبتان، ويتم الولوج إلى داخل المجاز المركزي من خلال ثلاثة مداخل، ويحدها النارتكس في جهتها الغربية. عثر على عدد لابأس به من البيوت الخاصة في موقع الأندرين، وقد اعتمد في بنائها على الحجر الكلسي واللبن في بناء الجدران وعلى الآجر المشوي في بناء الأجزاء العلوية منها، أما الأبواب والنوافذ فقد بنيت من البازلت، وقد استخدم هذا الأخير بصورة مكثفة في مراحل البناء المتأخرة للبيوت، إذ بنيت منه خزانات المياه بالكامل. فقد عثر في أحد المنازل في الجزء الشمالي من الموقع على لوحة فسيفسائية رصفت بها أرضية إحدى الغرف وتمثل زخارف اللوحة أشكالاً حيوانية مختلفة لثيران وأحصنة وماعز وطيور متنوعة وغيرها، ومشاهد لبعض الحيوانات المفترسة في وضعية الانقضاض على فريستها، وأحيطت اللوحة بتأطير جميل يمثل أشكالاً هندسية ملتفة كضفائر أو ممتدة كتمويجات.

أما في الحمام العربي فقد استخدم الحجر الكلسي على نحو مكثف، مع استخدام أسبق للحجر البازلتي في القسم الشمالي منه العائد إلى العصر البيزنطي، ومن المحتمل أن الحمام في العصر البيزنطي، قد توقف استخدامه خلال القرنين السابع والثامن.

عفاف ليلا

 

مراجع للاستزادة:

- H. C. BUTLER, Ancient Architecture in Syria, Part 2, (Leyden, 1908).

- C. STRUBE, Al-Andarin- Androna, AAAS, XLVII-XLVIII, 2004-2005, pp.117-124.

- C. STRUBE, Fouilles à Al-Andarin- Androna, AAAS, Vol. XLIX-L, (2006-2007), pp. 127-138

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1091
الكل : 45597549
اليوم : 142530