logo

logo

logo

logo

logo

التأريخ في العصور التاريخية

تاريخ في عصور تاريخيه

-

 التأريخ في العصور التاريخية

 التأريخ في العصور التاريخية

 

 

التأريخ والتوريخ لغة تعريف الوقت، فيقال أرَّخَ الكتاب ليوم كذا: وَقَّتَهُ. ويبدو أن هذه الكلمة وشبيهاتها بالعربية كتاريخ ومؤرخ وغيرها مشتقة من كلمة «وَرْخوم، أرخوم» المعروفة في كل لغات المشرق العربي القديم، والتي تعني شهراً، قمراً. وعندما يُقال «تأريخ» حالياً Chronology فإنه يُقصد بذلك ترتيب الحوادث بحسب تسلسلها الزمني.

عرف سكان الشرق القديم أهمية التأريخ في حياتهم منذ عصور مبكرة وذلك اعتماداً على الوحدات الزمنية المعروفة كاليوم والأسبوع والشهر والسنة، فاليوم عندهم هو الوحدة الزمنية الأولى التي تبدأ مع شروق الشمس وتنتهي مع شروق شمس اليوم التالي، وقد قُسمت إلى اثنتي عشرة ساعة مزدوجة؛ اثنتا عشرة للنهار واثنتا عشرة لليل. أما الوحدة الزمنية الثانية فهي الأسبوع الذي يتألف من سبعة أيام. والوحدة الزمنية الثالثة هي الشهر الذي هو الزمن الذي يستغرقه القمر في دورانه حول الأرض؛ ومدته تسعة وعشرون أو ثلاثون يوماً، ويبدأ الشهر مع رؤية هلال القمر الجديد.

لم يعرف السومريون الذين أقاموا ممالك مستقلة لهم في جنوبي بلاد الرافدين في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد أسما موحدة للأشهر بسبب غياب الوحدة بين ممالكهم، فقد سموا الأشهر بحسب الأعياد المحلية التي تجري فيها؛ أو بحسب الأحداث المختلفة والنشاطات الزراعية التي تتم خلالها، وبقي الأمر كذلك إلى أن حلَّ الكهنة هذه المشكلة بتسمية الأشهر بنا ً على تسلسلها، فهناك الشهر الأول والشهر الثاني والثالث وهكذا، وهذا ما فعله كتَّاب العهد القديم فيما بعد عند كتابتهم «سِفر التكوين».

خريطة نجمية سومرية

أما السنة - وهي الوحدة الزمنية الرابعة - فقد كانت سنة قمرية في سورية وبلاد الرافدين مؤلفة من اثني عشر شهراً، وتعد ٣٥٤.٣٦يوماً، وللحفاظ على التوازن بينها وبين السنة الشمسية المؤلفة من ٣٦٥.٢٥ يوماً؛ وعلى ثبات أزمنة فصول السنة كان الملك في بلاد الرافدين يأمر بإضافة شهر مؤلف من ثلاثين يوماً إلى التقويم كل ثلاث سنوات أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك. والسبب في عدم اعتماد السومريين على دورة الشمس في تقويمهم عدم وجود تغيرات واضحة تطرأ عليها تجعلهم يقسمون السنة إلى فترات محددة، فهي تشرق وتغيب من دون أن يطرأ على شكلها أي تغيير، لذلك اعتمدوا على القمر لظهوره بأشكال متعددة في أثنا دورانه حول الأرض.

كانت السنة في سورية وبلاد الرافدين وفي معظم مناطق الشرق القديم تبدأ في فصل الربيع مع بداية شهر نيسان/ أبريل حيث تُقام احتفالات ضخمة تدوم بضعة أيام يعبّر فيها الناس عن فرحتهم بعودة الخصوبة إلى الطبيعة وبعودة الإله «تموز» أشهر آلهة الخصب في الشرق القديم إلى الحياة (في سورية الإله بعل) بعد اختفائه في فصل الصيف.

أرَّخ السومريون والبابليون وثائقهم في الألف الثالث وبداية الألف الثاني قبل الميلاد بنا ً على سنوات حكم ملوكهم، فالسنة التي يعتلي فيها الملك العرش تسمى عادة باسم تلك المناسبة، وتؤرخ السنوات التالية بأهم الأحداث التي تجري فيها؛ كالقيام بحملة عسكرية أو احتلال مدينة أو بنا معبد، فمثلاً أرَّخ حمورابي ملك بابل السنة الثالثة والثلاثين من حكمه باحتلاله لمدينة ماري، وأرَّخ ابنه وخليفته سمسوإلونا السنة التاسعة من حكمه بانتصاره على الجماعات الكاشية. وكذلك فعل سكان الممالك السورية المختلفة كـ إيبلا[ر] وماري[ر] وقطنة[ر] وأوغاريت[ر].

وبقيت هذه الطريقة مستخدمة حتى استيلا الكاشيين الهندوأوربيين على الحكم في بابل في بداية القرن السادس عشر قبل الميلاد، فاستخدموا طريقة جديدة قوامها عدّ سنوات حكم الملك بد اً من أول العام الجديد ( بداية شهر نيسان ) الذي يلي اعتلا ه العرش الملكي.

واعتمد الآشوريون طريقة مختلفة في التأريخ تقوم على تسمية كل سنة باسم أحد موظفي الدولة الكبار بد اً من الملك فقائد الجيش فالمسؤول عن القصر الملكي ثم حكام الولايات، وهي الطريقة المعروفة بـ «ليمو» Limmu واستخدمها الملك أدد-نراري الثالث (٨١٠-٧٨٢ق.م) في تأريخه: السنة الأولى : سنة أدد نراري ملك بلاد آشور، السنة الثانية: سنة نيرغال إليا التورتانو (قائد الجيش)، السنة الثالثة : سنة بيل دَيان ناجير إكالِّي (مدير القصر الملكي).

كان السومريون قد قسموا السما إلى اثني عشر برجاً سماوياً؛ وذلك بنا ً على دورة القمر وظهور نجوم بعينها في هذه البروج، وسمّوا هذه البروج بأسما الآلهة الكبرى المعروفة لديهم أو بأسما رموزها الحيوانية. كما سموّا أيام الأسبوع بحسب الكواكب السبعة المقدسة التي كانت آلهة في نظرهم، كيوم أوتو إله الشمس (الأحد) ويوم نانا إله القمر (الاثنين)، ويوم آن (المريخ) إله السما (الثلاثا )، ويوم إنكي (عُطارد) إله الأرض والحكمة والما العذب ( الأربعا ) وهكذا. وهذا ما فعله الرومان فيما بعد. ووحد حمورابي ملك بابل (١٧٩٢-١٧٥٠ ق. م) أسما أشهر التقويم، وهي الأسما التي تبنَّاها الآشوريون والآراميون والسريان واليهود فيما بعد، وهي الأسما نفسها التي مازالت مستخدمة حتى الآن في بلاد الشام والعراق : كانون وشباط وآذار ونيسان وأيار وحزيران..... إلخ.

لم تعرف شعوب الشرق القديم بداية محددة للتقاويم التي استخدموها كما فعل الإغريق والرومان لاحقاً؛ عندما عدّوا بداية الألعاب الأولمبية في عام ٧٧٦ ق. م بداية لتقويمهم، وعدَّ الرومان عام تأسيس روما ( ٧٥٣ ق. م ) بداية لتقويمهم.

عيد مرعي

 

مراجع للاستزادة
 
-B.Newgrosh, Chronolgy at the Crossroads: The Late Bronze Age in Western Asia, Troubador Publishing 2007.


التصنيف :
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1099
الكل : 45601964
اليوم : 2647