logo

logo

logo

logo

logo

الأبسيد

ابسيد

The Apse - L'Abside



الأبسـيد

الحنية البارزة

الحنية البارزة جزئياً

الحنية المقوسة مستقيمة الجدار من الخارج

الحنية المستقيمة الأضلاع

 

الأبسيد Abside كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أبسيس Apsis أو Apse، وهي مأخوذة عن الأصل الإغريقي ayiαψιç باللفظ "apsis"، وتبنّتها اللغة اللاتينية أيضاً بلفظ "Absis" ومعناها "قوس أو قنطرة"، أما في العربية فتسمى "حنية"، وهي  ارتداد أو تجويف نصف دائري مُحدث في الجدار يعلوه سقف على شكل نصف قبة كروية أو يكون مسقفاً بجدار منحنٍ أو مائل أو مستقيم، وذلك لتشغل وظيفة رمزية دلالية معيّنة كما في المباني الدينية أو كعنصر معماري يدخل في العمارة عنصراً جمالياً.

مقطع منظوري في كنيسة في دورا أوروبوس

وتشير هذه الكلمة في العمارة الدينية المسيحية الكنسية إلى الحنية نصف الدائرية التي تقع في منتصف نهاية صحن الكنيسة من جهة الشرق، حيث يجلس الإكليروس Clergy أو البيشوب Bishop (من رجال الدين المسيحي) أو حيث يتوضع مكان المذبح في الكنيسة. وقد سميت بهذه التسمية نسبة إلى شكلها المنحني المقوّس والمقبب الناتئ عن الجدار الخارجي (وذلك وفق أحد أنماطها)، وتتخللها أحياناً بعض النوافذ وذلك بهدف إنارة الحنية والقسم الشرقي من الكنيسة. وقد تحتوي الكنيسة (كما في الكنائس ذات النمط المعماري البازيليكي ذات الأبها الثلاثة) على أكثر من حنية واحدة في جدارها الشرقي لتتعدد إلى ثلاث حنيات؛ حنية رئيسية في الوسط تحيط بها من كلا الجانبين حنية أخرى، وتكونان عادة أصغر حجماً من الحنية الأساسية، ويطلق عليهما اسم Absidiole، كما في حنيات الجدار الشرقي في الكنيسة المصلبة في قلعة سمعان.

كانت الأماكن الدينية المسيحية الأولى بسيطة جداً ومؤلفة من قاعة صغيرة تعدّ المركز الرئيس للاجتماع القرباني كما في مبنى القاعة/الكنيسة في دورا أوروبوس[ر]، الذي يتألف من عدد من القاعات المحيطة بباحة مركزية، ومن هذه القاعات حجرة على يمين الباحة خصصت للتعميد وحجرة أخرى على يسار القاعة خصصت للطقوس الدينية وهي تشكل القاعة الرئيسية للعبادة في المبنى على عكس الكنائس اللاحقة التي خصص فيها الفنا المركزي لهذه الطقوس. وباعتماد البازيليكا Basilica، أصبحت الحنية العنصر المعماري الرئيس حيث تتضمن القبة وكرسي القضا ومجلس الهيئة الحاكمة.

أما من حيث المعاني الطقسية (الليتورجية) التي تحملها الحنية في الكنيسة، فقد قام رجال الدين المسيحي والباباوات بترميز كل جز من أجزا الكنيسة برمز طقسي وشعائري معيّن، فتعدّ الحنية قدس أقداس الجز الخاص بالقساوسة والأساقفة (رجال الدين المسيحي) والممنوع عن عامة الناس، والذي يشير إلى مقام الإله العظيم في السماوات العلا والقسم غير المرئي من العالم والمخصص للإله والملائكة المحيطة به.

ويحيط بالحنية حجرتان تجاورانها وتنفتحان على صحن الكنيسة بوساطة أبواب أو أقواس، ولم يكن بنا هاتين الحجرتين اعتباطياً، بل كان لكل منهما وظيفة خاصة بها. وقد تكونان إما بشكل حنية أي قبة نصف دائرية؛ وإما بشكل حجرة مربعة الزوايا مستوية السقف غير معقودة (كما هي الغالبية العظمى في الكنائس السورية). وهاتان الحجرتان هما:

1- الدياكونيكون Diaconicon :  وتسمى أيضاً بغرفة الشمامسة أو الواهف، وهي الحجرة المحاذية عادة لبيت المقدس/المذبح (الحنية) لجهة اليسار أي الشمال، ويمكن أن تتوضع على يمين المذبح أيضاً، ولكنها في غالبية الكنائس تتوضع على يسار المذبح، ويمكن تمييزها بأنها تنفتح على صحن الكنيسة بوساطة باب أو فتحة صغيرة، وذلك لأنها حجرة خاصة بالإكليروس والشمامسة، حيث يتشح الإكليريكيون فيها بالحلل الكهنوتية الطقسية، وفيها توضع وتحفظ الأواني الكنسية والكتب الدينية والطقسية الضخمة إضافة إلى الأدوات اللازمة للخدمة، وفيها أيضاً تحصل الاستعدادات للقداس والاحتفالات الطقسية والدينية. ولهذه الحجرة عادة ممر صغير يربطها مع الحنية؛ مما يسمح بحرية دخول رجال الدين في الكنيسة من الحجرة إلى الحنية وبالعكس.

2- المارتيريون Martyrion: والتي تعني بيت الشهدا أو دارهم، وتسمى بالسريانية "بيت سهدو". وهي الحجرة المحاذية لبيت المقدس/المذبح (الحنية) لجهة اليمين أي الجنوب، وقد تتوضع أيضاً على يسار المذبح؛ بيد أن مكانها الأساسي هو على يمين المذبح، ويمكن تمييزها بأنها تنفتح -عادة- على الصحن بوساطة قوس تقوم على عمودين أو دعامتين. أما بالنسبة إلى مسمى هذه الحجرة فهذا هو المصطلح الذي أطلقه بعض الباحثين عليها (على خلاف بعض الآخر الذين سموها بالبروثيسيس Prothesis)؛ وذلك بسبب الوظيفة التي تشغلها لحفظ ذخائر الشهدا وعظامهم من القطع والآثار المقدسة لهم ضمن جرن من الحجر، يصب المؤمنون فوقها الزيوت ليضعوها في قوارير ليتدهنوا بها ويتبركوا بقدسيتها. كما كان المؤمنون يرقون إلى هذه الحجرة أيضاً ليقربوا فيها التقدمات قبل الذبيحة، وكان الشماس يكتب أسما المقرّبين مع بيان تقدماتهم لتذكر أسماؤهم في صلوات القداس. وقد يكون لهذه الحجرة أحياناً ممر صغير يربطها مع الحنية مباشرة؛ وذلك لتسمح للشمامسة بالانتقال بين هذه الحجرة والحنية بعد أن يقوموا بتسلّم أعطيات المؤمنين وتقدماتهم فيها. وكانت تعطى لهذه الحجرات أهمية أكثر من الدياكونيكون في بعض الكنائس بأن يتم وضع حنية لها في جدارها الشرقي وأن يتم الزيادة في حجم الحجرة ومساحتها وفتح أبواب لها يتم الدخول إليها مباشرة من خارج الكنيسة أو من ملحقات أخرى لها، ويلاحظ أن هذه الظاهرة بدأت بالظهور بد اً من نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الميلاديين.

وقد تعددت أشكال الحنية من كنيسة إلى أخرى، وعليه فيمكن تصنيف هذه الأشكال بحسب طريقة تشكيلها وتوضعها في الجدار الشرقي للكنيسة؛ إضافة إلى طبيعة العلاقة المعمارية التي تربطها بالحجرتين المجاورتين لها، وعلى هذا الأساس فيمكن تصنيفها إلى عدة أنواع؛ وهي:

أولاً- الحنية البارزة:

وهي حنية بارزة وناتئة عن الجدار الشرقي للكنيسة، ويمكن تقسيمها إلى:

1- الحنية البارزة عن الجدار: وهي الحنية التي تبرز عن الجدار الشرقي للكنيسة دون أن يجاورها أي عنصر معماري آخر، مثل حنيات بعض كنائس المدن الميتة في سورية الشمالية كما في حنيات كنائس: خراب شمس، والبارة.

2- الحنية البارزة وبجانبها الدياكونيكون والمارتيريون: مثل حنية كنيسة القديس ستيفان في كرّاتين والمؤرخة بـ 505 م (القرن السادس).

3- الحنية البارزة وبأسفلها الدياكونيكون والمارتيريون: وهي الحنية التي تتقدم حجرتي الدياكونيكون والمارتيريون بحيث تقعان إلى الغرب منها، مثل حنية كنيسة قلب لوزة (القرن الخامس الميلادي).

4- الحنية البارزة وبأسفلها حجرة واحدة: وهي الحنية التي تتقدم حجرة واحدة مثل حنية كنيسة كفير (القرن الخامس) التي تتقدم غرفة المارتيريون والتي تقع في الجدار الجنوبي للكنيسة.

5- الحنية البارزة التي تجاورها حنيتان أصغر منهما: مثل حنيات الجدار الشرقي في الكنيسة المصلبة في قلعة سمعان (القرن الخامس- السادس الميلاديان).

الحنية البارزة
ـ1ـ سرقانيا، 2ـ نورية، 3ـ دير الصليب، 4ـ البارة، 5ـ خراب شمس، 6ـ فرجة، 7ـ دير الصليب، 8ـ كراتين، 9ـ قلب لوزة، 10ـ فغلول، 11ـ كيمار، 12ـ كفير، 13ـ قلعة سمعان

  ثانياً- الحنية البارزة جزئياً:

  وهي الحنية التي تبرز عن الجدار الشرقي للكنيسة ولكن بشكل جزئي غير كامل، حيث تعترضها حجرتا الدياكونيكون والمارتيريون لتبرزا الجز الناتئ منها نحو الشرق. وهي في الغالب من النمط البازيليكي ذي الأبها الثلاثة، ويمكن تصنيفها إلى:

1- الحنية البارزة جزئياً والمنفتحة على صحن الكنيسة: وهي الحنية التي تنفتح على صحن الكنيسة مباشرة من دون أن يكون لها أبواب جانبية، وبذلك تنفتح حجرتا الدياكونيكون والمارتيريون كل منهما على حدة على الصحن بأبوابها أو أقواسها. ومنها بعض حنيات كنائس المدن الميتة في شماليّ سورية مثل حنيات كنائس: بابسقا /الكنيسة الشرقية/ (القرنان الرابع- الخامس الميلادي)، بانقوسا /الكنيسة الجنوبية/ (القرن السادس الميلادي).

2- الحنية البارزة جزئياً والمنفتحة على صحن الكنيسة وعلى جانبيها حجرتان: مثل حنية الكنيسة الجنوبية في بنصرة والتي تنفتح على الصحن وعلى حجرة الدياكونيكون على يسار الحنية (القرن السادس).

الحنية البارزة جزئياً
ـ 1ـ فافرتين، 2ـ بابسقا، 3ـ باصوفان، 4ـ كوكنايا، 5ـ بانقوسا، 6ـ ترمانين، 7ـ عرشين، 8ـ بنصرة

ثالثاً- الحنية المقوسة مستقيمة الجدار من الخارج:

وهي الحنية المقوسة الشكل (نصف الدائرية في الغالب) والتي تنفتح على صحن الكنيسة وعلى إحدى الحجرتين المجاورتين لها أو على كلتيهما أحياناً، وتتميز بأن لها جداراً مستقيماً من الجهة الشرقية؛ أي إن مسقطها منحنٍ من الداخل ومستقيم من الخارج، وهي في الغالب من النمط البازيليكي ذي الأبها الثلاثة، وهي تصنف إلى:

1- الحنية التي تنفتح على صحن الكنيسة: مثل حنيات كنائس: باعودا (القرن الرابع الميلادي)، بردخان (القرن السادس الميلادي).

2- الحنية التي تنفتح على صحن الكنيسة وتجاورها حجرتان: وهي الحنية المقوسة التي تنفتح على صحن الكنيسة فقط، وتجاورها حجرتا الدياكونيكون والمارتيريون اللتان تنفتحان على صحن الكنيسة دون أن يكون لها أي منافذ على الحنية، ومسقطها الخارجي جدار مستقيم، وهي منتشرة بكثرة بين كنائس المدن الميتة، مثل حنيات الكنائس في: برج حيدر /الكنيسة الغربية/، رويحة /كنيسة بيزوس/ (القرن السادس الميلادي).

3- الحنية التي تنفتح على صحن الكنيسة وعلى إحدى الحجرتين المجاورتين لها: ومسقطها الخارجي جدار مستقيم، وبذلك يمكن تصنيفها إلى:

أ- الحنية التي تنفتح على الصحن وعلى الدياكونيكون: مثل حنيات كنائس: دللوزة، سرجيلا (القرن الرابع)؛ كيمار، بنصرة /الكنيسة الشمالية/ (القرن السادس الميلادي).

ب- الحنية التي تنفتح على الصحن وعلى المارتيريون: مثل حنيات كنائس: رويحة /الكنيسة الجنوبية/ (القرن الرابع)، سنخار (القرن السادس).

ج- الحنية التي تنفتح على الصحن وعلى الحجرتين المجاورتين لها:  مثل حنيات كنائس: دانا الشمالية (القرن الخامس)؛ البارة (القرن السادس).

الحنية المقوسة مستقيمة الجدار من الخارج
ـ1ـ باعودة، 2ـ بردخان، 3ـ برج حيدر، 4ـ باطوطة، 5ـ سرجيلا، 6ـ رويحة (كنيسة بيزوس)، 7ـ كفرنبو، 8ـ جرادة، 9ـ كالوتة، 10ـ
تقلة، 11ـ كيمار، 12ـ رويحة (الكنيسة الجنوبية) 13ـ سنخارـ 14ـ دانا الشمالية، 15ـ مجليّا

رابعاً- الحنية المستقيمة الأضلاع:

وهي حنية ذات أضلاع مستقيمة متعامده بعضها على بعض من دون أن يكون فيها أي انحنا في أطرافها وكأنها إيوان مستطيل أو مربع الشكل، وهي تصنف إلى:

1- الحنية المستقيمة الأضلاع: وهي حنية ذات جدران متعامدة تنفتح مباشرة على صحن الكنيسة لا يجاورها أي من حجرتي الدياكونيكون أو المارتيريون، وهي في الغالب ذات بهو واحد. مثل حنيات كنائس:  قرقبيزه (القرن الرابع الميلادي)، براد (القرنان الخامس- السادس الميلادي).

الحنية المستقيمة االأضلاع
ـ1ـ قرقبيزة، 2ـ بنقفور، 3ـ شيخ بركات، 4ـ براد، 5ـ سرجيلا، 6ـ كفرلاب، 7ـ كباعودة، 8ـ براد، 9ـ بتير، 10ـ
دارقيتا، 11ـ ديرسيتا، 12ـ بحيو 13ـ كفر حوار،14ـ داحس، 15ـ باريش الشمالية، 16ـ
دير سمعان، 17ـ قصر ابليسو، 18ـ باطوطة

2- الحنية المستقيمة التي تنفتح على صحن الكنيسة وتجاورها حجرتان: وهي الحنية التي تتشارك مع الحجرتين المجاورتين لها بالضلع المشتركة الفاصلة بينهما، وتنفتح مباشرة على الصحن من دون أن يكون لها أي منافذ إلى الحجرتين المجاورتين لها. مثل حنيات كنائس: بتير، دارقيتا /كنيسة القديس سرجيوس/ (القرن السادس الميلادي).

أبسيد من الخارج
(قلعة سمعان)

3- الحنية المستقيمة التي تنفتح على صحن الكنيسة وعلى إحدى الحجرتين المجاورتين لها: وهي تصنف إلى:

أ- الحنية المستقيمة التي تنفتح على الصحن وعلى الدياكونيكون: مثل حنيات كنائس: بحيو /الكنيسة الغربية/(القرن الخامس)، دير سمعان/الكنيسة الجنوبية الغربية/(القرن السادس الميلادي).

ب- الحنية المستقيمة التي تنفتح على الصحن وعلى حجرتي الدياكونيكون والمارتيريون: مثل حنيات كنائس: قصر ابليسو، باطوطة (القرن السادس).

أبسيد من الداخل
(قلعة سمعان)

ولم تكن الحنية حكراً على العمارة الكنسية فقط، بل استخدمت أيضاً لأغراض وظيفية أو جمالية في أنواع أخرى من الأبنية التي استعملت في:

1- الأبنية السكنية: وذلك مثل الحنية التي أنشئت في أحد جدران أبنية فعلول في المدن الميتة.

2- الحمامات: كما في حنيات حمامات بابسقا وسرجيلا من المدن الميتة وبصرى والأندرين في مدن جنوبي سورية.

3- المعموديات: وذلك كما في معمودية قلعة سمعان.

4- أضرحة الشهدا ومزاراتهم: مثل الحنية في ضريح القديس سرجيوس في الرصافة، وفي ضريح القديسة هيلي في ازرع.

 

مصطفى أحمد

 

 

مراجع للاستزادة:

- H. C. BUTLER, Early Churches in Syria, Fourth to Seventh Centuries. Edited and completed by E. Baldwin Smith. (Princeton, 1929).

- J. LASSUS, Sanctuaires chrétiens de Syrie. Essai sur la genèse, la forme et l’usage liturgique des monuments du culte chrétien, en Syrie, du IIIe siècle à la conquête musulmane, (Paris, 1947).

- G. TCHALENKO, Églises de village de la Syrie du Nord. Planches, (Paris, 1979).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
النوع : عناصر معمارية
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 33
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 562
الكل : 31684429
اليوم : 39011