logo

logo

logo

logo

logo

إبراهيم باشا (رباط-) /حلب

ابراهيم باشا (رباط) /حلب

Ibrâhîm Pâshâ (Ribât-) /Aleppo - Ibrâhîm Pâshâ (Ribât-) /Alep



إبراهيم باشا (رباط -) /حلب

 

 

يقع رباط إبراهيم باشا على مرتفع الجبل الأحمر في محلة الشميصاتية؛ في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة حلب، ويسمى حالياً "ثكنة هنانو" ويستخدم مكاتب للتجنيد، وكان يعرف قديماً بـ"الرباط العسكري"؛ و"قشلة الترك"؛ و"القشلة العسكرية"؛ و"قشلة الشيخ يبرق"؛ ويقول مؤرخ حلب كامل الغزي: "وقد اشتهر هذا الرباط أيضاً باسم الشيخ يبرق وهو رجل من الصالحين مدفون في زاوية يدخل إليها من أواسط الجهة الغربية من هذا الرباط، وكانت زاوية مهمة  ضمن الرباط العسكري؛ أنشأها السلطان الملك الظاهر خشقدم بتولي الشيخ محمد خادم الشيخ يبرق سنة 671هـ/1272م وفوض أمرها إليه".

بُنيّ الرباط في أثنا حملة إبراهيم باشا بن محمد علي المصري الكبير خديوي مصر على بلاد الشام سنة 1248هـ/1832م في صراعهم مع الدولة العثمانية في الفترة ما بين (1246-1256هـ/1830-1840م)، وقد أنشأه إبراهيم باشا حين استولى على مدينة حلب، وقيل: إنه كان قد بوشر به من قبل الدولة العثمانية ولكن إبراهيم باشا أكمل البنا في ثلاثة أعوام وجعله صالحاً للسكنى (مساكن للعسكر)، واستخدم في بنائه مع غيره من الأبنية الأخرى حجارة السفح في قلعة حلب؛ وأسوار المدينة المتهدمة وأبوابها، وأبنية أخرى هدمها زلزال سنة (1237هـ/1822م) المدمر في حلب. يقول الغزي: "فإنه في سنة استيلائه - إبراهيم باشا- على حلب شرع يهتم بعمارته، فأمر بهدم ما أبقته الزلزلة من مباني القلعة، وهدم كل بنا في البلدة مشرف على الخراب ليس لأحد فيه حق التصرف كالمساجد والزوايا والمدارس القديمة، فهدم من ذلك شي كثير، ونقلت أنقاضه إلى هذا الرباط، وحمل الناس على العمل طوعاً وكرهاً إلى أن كملت عمارته في غضون ثلاثة أعوام".

بُني رباط إبراهيم باشا على هيئة حصن كبير، أقيم على مرتفع يطل على المنطقة، وهو ذو شكل مستطيل، تبلغ مساحته نحو37500م2، طوله نحو 250م وعرضه نحو 150م. يتألف الرباط من طابقين: الطابق السفلي ارتفعت جدرانه حتى وصلت إلى نحو أربعة أمتار، والطابق العلوي ارتفعت جدرانه حتى وصلت إلى نحو ثلاثة أمتار، وله مدخلان (بابان): الباب الجنوبي يطل من جهة داخل المدينة، والباب الشمالي يطل من جهة خارج المدينة (البساتين والكروم البرية). يضم الرباط عدة أروقة عريضة وضيقة، وغرفاً كثيرة مختلفة الأحجام، وعشرات النوافذ العلوية والسفلية، وفي جهته الجنوبية الغربية هناك قبة فيها ساقية لها دولاب يجري ماؤه إلى حوض متصل بجامع الرباط من غربيه وإلى قسطل أو سبيل في جنوبي الرباط، وفي شمالي الجامع إلى الغرب عمارة واسعة لخزن البارود والعتاد العسكري كانت تسمى "جبخانة"، وفي جهة الباب الجنوبي من الرباط بستان خاص به طوله 140م وعرضه 30م، وفي شمالي الرباط طاحونة ذات رحى ضخمة تعمل بالطاقة الهوائية من إنشا إبراهيم باشا، قال عنها الغزي: "وفي شمالي الرباط في البرية على بعد غلوة منه تدور رحى بالهوا من إنشا المرحوم إبراهيم باشا المصري كانت معطلة فصلحت سنة 1295هـ/1878م، ثم عطلت". وبعد خروج إبراهيم باشا من حلب سنة 1256هـ/1840م تعرض الرباط للتخريب والإهمال بعد إخلائه من العسكر، وفي ذلك يقول راغب الطباخ: "وبعد رحليهم - جنود إبراهيم باشا- من الشيخ يبرق - الرباط - دخل الناس فصاروا يقلعون البلور والحديد والرفوف التي أبقوها".

وفي العهد العثماني أقيمت على الجدار فوق قوس المدخل الشمالي للرباط الساعة الشمسية وذلك في سنة 1296هـ/1885م، وأيضاً أقيمت مزولة جنوبية حفرت على حجر صلد لامع مربع الشكل، والمزولة مستديرة الشكل قطرها (75سم) مقسمة بخطوط مستقيمة تحصر فيما بينها (12مسافة ساعية)، وكل مسافة ساعية منصفة بخط صغير يدل على أنصاف الساعات، وأما مشير هذه المزولة فهو قضيب من الحديد بشكل مثلث قائم الزاوية، قاعدته ترتكز على نقطة تقع في النصف الأعلى من الدائرة فوق مركزها بقليل.

وفي سنة 1297هـ/1886م ابتدأ العمل بتجديد بعض جهات هذا الرباط وتعميرها على النسق الجديد وإضافة أبنية جديدة، وكانت قبل ذلك - كما ذكر آنفاً- بنا ذا طبقتين سفلى وعليا سقفهما من الخشب، فشرعوا في السنة المذكورة بإعادة تعمير هاتين الطبقتين عمارة أنيقة ذات أروقة عظيمة واسعة، وغرف واسعة جميلة، وقصور بارزة، وكانت أرض صحنه كثيرة الصخور البارزة وقد دام الاهتمام بقطعها مدة طويلة حتى استقامت أرضه، وجعلوا سقف ذلك كله من الأحجار التي نقلت من أنقاض القلعة وأسوار المدينة وغيرها. يقول الشيخ الطباخ: "وفي هذه السنة -1301هـ/1884م- وجه جميل باشا - والي حلب - عنايته لتعمير الثكنة العسكرية في الشيخ يبرق (الرباط)، وعمّر فيها قسماً كبيراً، واقتلع كثيراً من الأحجار الكبيرة المبلط بها جبل القلعة ونقلها إلى الرباط المذكورة". وبذلك اكتملت جهات الرباط الثلاث: الشرقية، والجنوبية، والشمالية. وأُلحق بعمارة الرباط فرن كبير لتوفير حاجات العسكريين والمدنيين، ورحى ضخمة، ووضعت فيه آلة للعجين تدور بالدواب، وبني فيه مكان لنسج الأقمشة المختلفة التي يحتاج إليها الجند؛ ومكان لصناعة الأحذية، فصار الرباط كأنه بلدة صغيرة مستقلة. وقد أثنى عليه كثيراً الغزي فقال: "وهذا الرباط هو من الآثار العمرانية التي شيدت في العهد العثماني، وهو في الحقيقة حصن حصين لا نظير له في معظم الممالك العثمانية؛ من جهة تسليط موقعه على البلدة، ومن جهة سعته وكثرة حجراته". ويقول الطباخ: "وهي ثكنة عظيمة وواسعة جداً، ابتدئ في عمارتها من ذلك الحين ولم تتم إلا من سنين قلائل نظراً لعظمها وسعة حجمها، ولما كان جميل باشا والياً على حلب اقتلع كثيراً من الأحجار المبلط بها جبل القلعة ونقلها إلى بنا الرباط المذكورة، ومكان تلك الأحجار لم يزل بادياً وهو عن يمين باب القلعة".

 

هشام النعسان

 

 

مراجع للاستزادة:

- كامل الغزي، نهر الذهب في تاريخ حلب (دار القلم العربي، حلب 1993م).

- محمد أسعد طلس، الآثار الإسلامية والتاريخية في حلب (منشورات مديرية الآثار العامة، دمشق 1956م).

- محمد راغب الطباخ، إعلام النبلا بتاريخ حلب الشهبا ، ط2 (دار القلم العربي، حلب 1412هـ/1992م).

- محمد كرد علي، خطط الشام، ط3 (مكتبة النوري، دمشق 1403هـ/1983م).

 


التصنيف : آثار إسلامية
النوع : مباني
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 26
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 492
الكل : 31186804
اليوم : 11961