logo

logo

logo

logo

logo

الأبلق

ابلق

Art Ablaq - Art Ablaq



الأبلق

 

 

الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بنا مداميكه وخاصة في الواجهات بشكل تتبادل بها ألوان الأحجار المكونة لها بين اللونين الأبيض والأسود أو اللونين الفاتح والداكن، فالمداميك خطوط داكنة وأخرى كاشفة بالتبادل يتم عملها بوساطة صفوف من الأحجار الطبيعية أو الملونة حتى يخفف المعمار بهذا التغيير اللوني من ثقل الوتيرة الواحدة في الكتلة المعمارية للواجهة. ولا تبعد دلالة المصطلح عن تلك التي ذكرها اللغويون، قال ابن منظور: "البلق: سواد وبياض، ويقال للدابة: أبلق وبلقا "، كما قيل إن أصل اللفظ يمني من كلمة "التبلق" التي تعني في النقوش السبئية وكذلك في لهجة اليمن اليوم "الحجر الكلسي".

الحمام الناصري في حلب

ومن الثابت تاريخياً أن هذا الأسلوب قد عُرِف قبل الإسلام فبنيت به بعض العمائر في سورية، ومنها قصر ابن وردان [ر] المبني عام 564م في بادية حماة، ويعد أقدم أمثلة هذا الأسلوب في العمارة السورية، وفي الجزيرة العربية حيث تذكر كتب التراث قصراً للسمو ل بن عاديا في تيما باسم "الأبلق الفرد".

 
الواجهة الشرقية للخانقاه الجقمقية   خان أسعد باشا العظم

وقد عرف هذا الأسلوب الهندسي المعماري في العمارة الإسلامية منذ القرن 2هـ/8م، فمن المعروف أن جامع قرطبة الكبير الذي بناه عبد الرحمن الداخل سنة (170هـ/776م) كان قد تميز بظاهرة معمارية جديدة آنذاك تمثلت في بنا العقود بظلة القبلة من صنجة من الحجر الأبيض تليها أربعة مداميك من الآجر وهكذا بالتبادل، ثم شاعت هذه الظاهرة المعمارية بعد ذلك وعرفت عند المؤرخين بنظام الأبلق، ثم ما لبث هذا الأسلوب البنائي أن انتشر في العمارة الإسلامية في سورية نظراً لتوافر كل من نوعي الحجرين المستخدمين فيه وهما الكلسي (الجيري) الأبيض والبازلت الأسود. ولعل أشهر قصر بني بهذا الأسلوب المعماري هو القصر الأبلق في دمشق الذي بني بأحجار بيضا وسودا بالتبادل، وقد بناه السلطان الظاهر بيبرس سنة (665هـ/1266م)، وكان مضرباً للمثل لقوة بنائه ومقاومته لأي هجوم حتى هدمه تيمورلنك سنة (803هـ/1400م)، وكذلك بنيت بهذا الأسلوب واجهات دار القرآن الأفريدونية [ر] التي انتهى بناؤها عام 749هـ/1348م والواقعة بمنطقة باب الجابية في دمشق، وكذلك بني الحمام الناصري [ر] في حلب في القرن 8هـ/14م، والبيمارستان الأراغوني [ر] 755هـ/1354م، وجا ت عمارة الخانقاه الجقمقية [ر] 824هـ/1421م في دمشق لتمثل قمة نضوج هذا الأسلوب المعماري، ولا يشابهها سوى المدرسة السيبائية [ر] 921هـ/1512م التي تعد آخر عمائر الدولة المملوكية في سورية (658-922هـ/1260-1516م).

 
زخرفة الأبلق ـ قصر العظم   مدخل المدرسة الظاهرية

وقد اقتبس العثمانيون في سورية 922-1338هـ/1516-1919م هذا الأسلوب الفني واستعملوه في أبنيتهم، كما يظهر ذلك واضحاً في واجهات المجموعة العمرانية المهمة في منطقة باب الجابية في دمشق التي تعرف بالدرويشية [ر] المؤلفة من جامع ومكتب لتعليم الأطفال وسبيل عام 982هـ/1574م، وكذلك في جامع السنانية [ر] - الواقع في المنطقة نفسها- الذي انتهى بناؤه عام 999هـ/1590م، وخان أسعد باشا العظم [ر] في منطقة البزورية في دمشق القديمة 1167هـ/1753م، وقد زاد العثمانيون بهذا الأسلوب تطويراً آخر حين ابتدعوا أسلوباً جديداً لم يلبث أن صار أحد طرز هذا الفن الهندسي المعماري، وتمَّ ذلك من خلال الخلط بين طراز الحجر الأبلق الذي تتناوب فيه المداميك البيضا والسودا وبين طراز الحجر المشهر [ر] الذي يعتمد فيه على تناوب المداميك البيضا والحمرا والمائلة إلى الصفرة، ويعد قصر العظم [ر] 1164هـ/1749م خير مثال على هذا التطوير حيث يتضح من جميع واجهاته الداخلية هذا التناوب الذي جا تطويراً واضحاً أضاف على هذه الواجهات أناقة لافتة للنظر؛ إذ خفف التبادل بين ألوان المداميك (أبيض، أسود، أصفر مائل إلى الحمرة) من ثقل الواجهات وحسَّن منظرها.

كما يطلق اسم الأبلق في مصطلح أهل الشام على نوع من الزخرفة المعمارية تتكون من زخارف هندسية جميلة توضع فوق أبواب القاعات وبالمساحات أسفل عقود الأواوين وداخل القاعات عند أرجل العقود أو فوق فتحات الشبابيك وغيرها، ويعتمد هذا الأسلوب على نحت أماكن الزخارف المراد إخراجها على الأحجار بشكل غائر ثم تُنزل تفاصيلها الزخرفية الملونة باستخدام معجون ملون يملأ الفراغات المنحوتة بحسب الموضوع المراد زخرفته ليكون الناتج بالنهاية موضوعاً زخرفياً متكاملاً صار يعرف في العصر العثماني بـ"الأبلق"، علماً أنه كان قد ورد بوثائق العصر المملوكي ما يفيد معرفة هذه الطريقة بذلك العصر بما كان يسمى "الزخارف المنزلة بالمعجون الملون".

 

غزوان ياغي

 

 

مراجع للاستزادة:

 - عاصم محمد رزق، معجم المصطلحات العمارة والفنون الإسلامية (مكتبة مدبولي،ط1، القاهرة 2000).

 - غزوان ياغي، المعالم الأثرية للحضارة الإسلامية في سوريا (المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، ط1، الرباط 2011).

 


التصنيف : آثار إسلامية
النوع : عناصر معمارية
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 45
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 582
الكل : 29663703
اليوم : 43713