logo

logo

logo

logo

logo

الآشوريون

اشوريون

Assyrians -

الآشوريون

 

   

يطلق مصطلح الآشوريين Assyrians على القوم الذين سكنوا في القسم الشمالي من العراق، وكونوا دولتهم التي دامت من الألف الثالث إلى عام 612ق.م، وكانوا يتكلمون بالآشورية التي هي الفرع الرئيس الشمالي من اللغة الأكادية. وقد ظهرت النصوص المدونة بهذه اللهجة من نحو 2000ق.م. يمتد موطن الآشوريين على جانبي نهر دجلة بعد أن يترك المرتفعات الأناضولية ليجري باتجاه الجنوب لمسافة تزيد على 250كم حتى يدخل السهل الرسوبي في القسم الجنوبي من العراق. إن هذا الجز من نهر دجلة يخترق المنطقة التي تعدّ قلب موطن الآشوريين، وفيها يتلقى النهر مياه رافديه الرئيسين الزاب الأعلى والزاب الأسفل اللذين ينبعان من جبال زاغروس في الشرق. وعلى الجهة الغربية تتصل المنطقة بأرض الجزيرة من دون وجود حواجز طبيعية حتى نهر الخابور والفرات. ولا يبرز على هذه الجهة سوى جبل سنجار الذي يتميز بامتداده من الشرق إلى الغرب بخلاف جميع جبال المنطقة التي تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. وكانت الحدود ما بين بلاد آشور وبلاد بابل في الجنوب تتغير تبعاً لقوة أحد الطرفين أو ضعفه. ولعله يمكن عدّ نهر العظيم الحد الجنوبي لبلاد آشور، وهذا النهر هو الرافد الثالث لدجلة في الجهة الشرقية. والغالب على أراضي موطن الآشوريين أنها من النوع المتموج undulating، وتتميز بالخصب ووفرة المياه، كما أنها تتلقى نسبة كافية من الأمطار لزراعة الغلال الشتوية. وفي المنطقة سهول جبلية كثيرة صالحة للزراعة. وتنمو في المنطقة أشجار فاكهة متنوعة، وتتخللها مراعٍ جيدة.

لقد اجتذبت هذه المنطقة المزارعين الأوائل في العصر الحجري الحديث فقامت فيها القرى الكبيرة الأولى مثل أم الدباغية وحسونة والأربجية. وازدهرت في المنطقة عبر شمالي بلاد الرافدين وسورية ثقافة حلف. وفي الألف الخامس قبل الميلاد سادت ثقافة العبيد، وسكنت مواقع رئيسة مثل نينوى؛ وتبعتها ثقافة أوروك. ويذهب الباحثون إلى أن تدفقاً كبيراً من أقوام المشرق العربي القديمة (الساميين بحسب التسمية الغربية) حل في المنطقة آتياً من الجنوب الغربي في وقت ما من الألف الرابع أو مطلع الألف الثالث قبل الميلاد. واندمج القادمون الجدد - سوا كانوا من الأكاديين أم الأموريين - مع من وجدوا قبلهم في المنطقة. ولعله يصح أن يطلق على تلك الأقوام القديمة التي كانت موجودة هناك أصلاً اسم السوبارتيين؛ نسبة إلى الاسم الجغرافي سوبِر Subir أو سوبارتو Subartu الذي بقي مستعملاً في النصوص المسمارية للدلالة على بلاد آشور طوال العصور اللاحقة.

يأتي الدليل الواضح على هجرات أقوام المشرق العربي القديمة من خلال قائمة الملوك الآشوريين التي تبتدئ بأسما سبعة عشر ملكاً "كانوا قد عاشوا في الخيام" على حد التعبير الوارد في القائمة الآشورية. أي إن أولئك "الملوك" كانوا زعما قبليين لقوم من البدو لا بد أن يكونوا قد جاؤوا من بادية الشام في جنوب غربي ما عرف ببلاد آشور. ويرجح المختصون أن الغرض من ذكر أسما أولئك الزعما الأوائل هو توثيق أسما الأسلاف القدما للسلالة الملكية الآشورية. ويبدو أن هؤلا استولوا في مطلع الألف الثالث قبل الميلاد على مدينة آشور، ونقلوا إليها لغتهم وأسلوب حكمهم، وانتسبوا إلى المدينة ليحملوا تسمية الآشوريين مثلما حصل للأكاديين حين اتخذ ملكهم سرجون أكاد عاصمة له، وانتسب إليها هو وقومه. كما أنهم أخذوا عبادة الإله إنليل؛ المعبود الرئيس في الجنوب، وأطلقوا عليه اسم المدينة نفسه، أي آشور.

كان الآشوريون شعباً خليطاً، وكانوا يعون ذلك إلى الحد الذي جعل النقا العرقي مسألة غير واردة بالنسبة إليهم. فهم امتزجوا بأقوام أخرى منذ بداية تاريخهم في البلاد. و يتسا ل بعض الباحثين عما إذا كانت نظرة الآشوريين هذه هي التي جعلت مصطلح "آشوري" (أشّورايُ  Assurayu بالآشورية) يدل على أناس من الطبقة الدنيا من الأحرار في المجتمع الآشوري حين يرد في نصوص القوانين في العصر الآشوري الوسيط. إذ لا يتوقع أن تكون له هذه الدلالة فيما لو كان قد عدّ مصطلحاً قومياً من قبل الآشوريين أنفسهم.

استعمل الآشوريون - على خلاف أصولهم - اللهجة الآشورية في تدوين نصوصهم. فبعد أن كانت اللغة الأكادية الأم - التي يسميها المختصون الأكادية القديمة - هي المستعملة في الألف الثالث قبل الميلاد صار في الإمكان تمييز اللهجتين البابلية والآشورية بعد سقوط سلالة أور الثالثة في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد. ومنذ ذلك الحين فصاعداً ابتدأ الآشوريون يميزون من خلال استعمالهم اللهجة الآشورية القديمة واللهجات الآشورية اللاحقة فيما بعد. وكان استعمال هذه اللهجة في العصر الآشوري القديم مقتصراً على مدينة آشور والمستوطنات التجارية في بلاد الأناضول، في حين انتشرت اللهجة البابلية القديمة في بقية بلاد آشور فضلاً عن بلاد بابل في الجنوب. وهكذا ابتدأ تبلور الهوية الآشورية لا على أساس عرقي؛ وإنما على أساس الاستقرار في بلاد آشور واستعمال اللهجة الآشورية من قبل خليط متجانس من الأكاديين والأموريين ومجموعات من الأقوام القديمة والحوريين وأقوام جبلية من الشرق والشمال حتى بعض بلاد بابل. واكتملت أركان هذه الهوية لشعب لم يتحدر من سلف واحد بالعاملين العسكري والديني؛ إذ إن تعرض المنطقة للغزوات والموجات النازحة - بسبب افتقارها للحدود الطبيعية العازلة - أدى إلى تمرس الآشوريين بالقتال دفاعاً عن موطنهم وبالتالي امتلاك نواة لتشكيل جيش فعال كان له دوره في التاريخ الآشوري كله. ومن الناحية الدينية كونت علاقة خاصة تربط الملك الآشوري بالمعبود الرئيس الذي تمسك الجميع بعبادته، وهو آشور، بحيث عدّ الملك نائباً عنه. وهذا أدى إلى رسوخ عقيدة تجمع الآشوريين، ولعلها تكمن ورا ذلك الخط الطويل من التسلسل الملكي المركزي الذي لم يشهد المشرق العربي القديم له مثيلاً.

استمر تدفق الأقوام واندماجها في المجتمع الآشوري طوال الألفين الثاني والأول قبل الميلاد. وكان هذا التدفق البشري يتم من خلال ثلاث قنوات رئيسة تتمثل في الهجرة، والتهجير [ر] والتزاوج. وتعني القناة الأخيرة التزاوج بين أشخاص مثل التجار والمقيمين في الخارج، وهي القناة الأقل أهمية وتوثيقاً. أما الهجرة فكانت المعين الأكثر أهمية لمجتمع الآشوريين ودولتهم؛ لأنها لم تكن بشكل غزو وهجوم على البلاد. وكان للهجرات الأمورية منذ البداية دورها في تشكيل المجتمع الآشوري، ووصلت ذروة فاعليتها حينما اعتلى شمشي- أدد [ر] الأول (1813- 1781ق.م) العرش الآشوري، وهو الأموري الذي هاجرت أسرته من تيرقا (تل العشارة [ر] على الفرات في سورية). وشهد الألف الثاني هجرات الحوريين، وكان هناك عدد لا بأس به من كبار مسؤولي الدولة في العصر الآشوري الوسيط يحملون أسما ً حورية. ودخلت البلاد مجموعات كبيرة من الآراميين منذ أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، واندمجوا مع المجتمع الآشوري إلى الدرجة التي كونوا فيها عائلات ملكية ووصلوا إلى العرش الآشوري في الألف الأول قبل الميلاد. ومن الواضح أن تعامل الامبراطورية الآشورية في الألف الأول  قبل الميلاد مع الفرد لم يكن أساسه انتما ه العرقي أو الإقليمي؛ وإنما طريقة تصرفه إزا المجتمع الكبير ومدى ولائه للإمبراطورية العالمية التي يعلو تكوينها الإله آشور، ويرأسها ملك بلاد آشور.

كانت سياسة التهجير عاملاً أساسياً في التغيير والاختلاط السكاني، ويقصد به نقل مجموعات كبيرة من سكان مناطق معيّنة وإعادة توطينهم في بلاد آشور. وقد مارس الملوك الآشوريون سياسة التهجير تجاه أقوام متمردة أو مغلوبة منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وربما كان مجموع القوم المهجرين يصل إلى ربع مليون أو نصف مليون في عهد ملك واحد. ولم تكن عند الملوك الآشوريين دوافع عنصرية لنشاطاتهم الحربية أو لتهجيرهم للسكان، حتى إنهم  في بعض الأحيان أدمجوا قوات الدول المغلوبة أو التابعة في الجيش الآشوري. وقام بعض الملوك بتوطين الأقوام المهجرين في العواصم الجديدة مثلما فعل آشور- ناصر بال الثاني حين شيد عاصمته الجديدة كلخُ [ر]. وكذلك فعل سرجون الثاني في عاصمته الجديدة دور- شروكين، إذ يذكر في نقوشه أنه أخذ أقواماً من جميع الجهات على اختلاف لغاتهم ومساكنهم في الجبال والسهول، ووطّنهم هناك. ولا يبدو أنه كان هناك تمايز فيما بين المواطنين والمهجرين سوى تأهيل القادمين الجدد للعيش في موطنهم الجديد ولغته وعباداته دون أن يتعرضوا لأي إكراه من أجل ترك لغاتهم وعباداتهم الأصلية. وطالما تكرر في النقوش الملكية الآشورية مقطع يرد فيه على لسان الملك أنه عدّ المهجرين بعد توطينهم مع الآشوريين. نتيجة لذلك أصبحت المدن الآشورية الكبرى مدناً "عالمية" متعددة اللغات والثقافات ضمن إطار الدولة الآشورية.

يتميز التاريخ الآشوري باستمرارية التعاقب على العرش لما يقرب من ألفي عام، منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد تقريباً إلى عام 609ق.م. ولا يعني هذا أن جميع الملوك والحكام - الذين بلغ عددهم مئة وسبعة عشر- كانوا من سلالة واحدة؛ وإنما كانوا من عدة سلالات ترتبط في أغلب الأحوال بصلات قربى. وكانت هناك حالات أسست فيها سلالات لا تنتمي إلى العائلة المالكة، لكن مؤسسها من القادة الكبار في الدولة مثل سرجون الثاني. وفي بعض الحالات كان مؤسس السلالة الجديدة يحاول أن يجد لنفسه صلة بخط التسلسل الملكي كما فعل الملك التاسع والثلاثون، شمشي- أدد الأول، إذ نسب نفسه إلى إلا- كبكَبِ Ila- Kabkabi  الذي سبقه بأمد طويل. ويمكن تمييز ما لا يقل عن سبع سلالات تنقل الحكم فيها بشكل مباشر. كان أول الملوك الآشوريين طوديّا Tudiya (في نحو منتصف الألف الثالث قبل الميلاد). وآخرهم آشور- أوبالَّط [ر] الثاني الذي حكم في حَرّان (611- 609ق.م). الملوك السبعة عشر الأوائل الذين عاشوا في الخيام - من طوديّا إلى أبياشَل Apiashal - حكموا قبل اتخاذ آشور عاصمة. ولم يحمل الملوك الستة والعشرون الأوائل أي لقب ملكي. واستعمل الملوك من صوليلي Sulili  و(27) إلى سرجون الأول (35) لقب "حاكم آشور". وكان أول من حمل لقب ملك هو الملك التاسع والثلاثين شمشي- أدد الأول. وقد بقيت آشور عاصمة للآشوريين حتى عهد الملك الأول بعد المئة آشور- ناصر بال الثاني الذي نقل العاصمة إلى كَلخ. ثم شيد الملك العاشر بعد المئة سرجون الثاني عاصمته الجديدة دور- شروكين، لكن ابنه سنحاريب نقل العاصمة إلى نينوى التي بقيت هكذا حتى سقوطها ونهاية حكم الملك السادس عشر بعد المئة سين- شار- إشكن .Sin- shar- ishkun وصارت حرّان العاصمة الأخيرة خلال السنوات الثلاث التي أعقبت سقوط نينوى في عام 612ق.م.

يقسم المختصون التاريخ الآشوري إلى ثلاثة عصور رئيسة  بحسب المعطيات الحضارية وتغير الأحوال السياسية. أول تلك العصور هو الآشوري القديم الذي دام حتى نهاية حكم الملك الثاني والسبعين إيريبا- أدد الأول Eriba- Adad I  و(1390-1364ق.م). وشمل العصر الثاني- الآشوري الوسيط- عهود الحكم من الملك الثالث والسبعين آشور- أوبالَّط الأول (1363- 1328ق.م) إلى الملك الثامن والتسعين آشور- دان الثاني (934-912ق.م). العصر الآشوري الحديث - وهو الثالث والأخير- ابتدأ من حكم الملك التاسع والتسعين أدد- نِراري الثاني (911-891ق.م) وانتهى بنهاية الحكم الآشوري في حرّان عام 609ق.م. وتجدر الإشارة إلى أن عصور التاريخ الآشوري لم تكن جميعها عصور استقلال وقوة، بل تخللتها فترات من الضعف والرضوخ لنفوذ دول أخرى. بلغ عدد هذه الفترات ستّاً، كانت آخرها قد امتدت من حكم الملك الثامن والثمانين أشارد- أبِل- إيكور Asharid- apil- Ekur  و(1075-1074ق.م) إلى بداية العصر الآشوري الحديث في عهد الملك التاسع والتسعين أدد- نِراري الثاني.

كانت اللهجة الآشورية من اللغة الأكادية مستعملة طوال التاريخ الآشوري؛ أي لما يقرب من أربعة عشر قرناً. وقد مرت هذه اللهجة بثلاث مراحل مقترنة بالعصور الآشورية الثلاثة؛ القديمة والوسيطة والحديثة. ويمكن تمييز لهجة كل مرحلة من خلال اختلاف خصائصها اللغوية. فاللهجة الآشورية القديمة تتميز بعدم كتابة الحرف الصحيح المتكرر، وفيها يتحول حرف الواو في أول الكلمة إلى همزة مضمومة، وهناك صيغ متميزة في كتابة الأعداد والضمائر وبنا الأسما . في اللهجة الآشورية الوسيطة هناك عودة إلى بعض الخصائص اللغوية القديمة (الأركائية) من الألف الثالث قبل الميلاد، وهو ما لم يحدث في اللهجة البابلية. كما أن الفعل الماضي التام صار تصريفاً أساسياً في هذه اللهجة. وهناك فعل شاذ انفردت به الآشورية الوسيطة، وتبعتها الآشورية الحديثة فيما بعد، وهو الفعل ن ص ص بمعنى "حمل، رفع". وكانت تطرأ تغيرات على بعض الحروف الصحيحة في هذه اللهجة مثل تحول حرف الشين إلى لام إذا ورد قبل حرف التا ، فالمقطع "شت" في الكلمة يتحول إلى "لت". كما أن حرف التا يتحول إلى طا إذا جا بعد حرف القاف، ويتحول كل من حرفي الميم والنون في هذه اللهجة إلى همزة فيما إذا جا قبل حرف التا ، وغالباً ما يلفظ حرف الشين سيناً. أما اللهجة الآشورية الحديثة فقد دونت بالخط القياسي؛ وبرز فيها تأثير اللغة الآرامية واضحاً. وفي هذه اللهجة يتحول حرفا اللام والتا المتعاقبان في الكلمة إلى سين مضعف، وفيها اختلف تصريف الأفعال الشاذة، وحل الماضي التام فعلاً للشرط بدلاً من الماضي البسيط.

جا العدد الأكبر من نصوص العصر الآشوري القديم من المركز التجاري الآشوري في بلاد الأناضول كانيش [ر] (كول تبه حالياً) ومن موقعي بوغازكوي وعلي شار أيضاً. أما نصوص العصر الآشوري الوسيط فقد جا ت من خمسة مواقع رئيسة في العراق، وهي: قلعة الشرقاط وتل الرماح وتل بيلا وتلول العقر وتل علي، ويبلغ مجموعها نحو 2400 نص. وفي سورية جا ت نصوص هذا العصر من خمسة مواقع أثرية، وهي: تل الشيخ حمد (دور- كتليمو قديماً) وتل خويرة (خربي قديماً) وتل صبي أبيض وتل فراي وتل طابان، وتجاوز مجموعها 831 نصاً، أغلبها نصوص إدارية ورسائل. بلغ مجموع نصوص العصر الآشوري الحديث المكتشفة في العراق 15000 نص، جا معظمها من ستة مواقع أثرية، هي: تل قوينجق وقلعة الشرقاط وكَلخ وبلاوات وخرسباد وتل بيلا. ويصل عدد ما اكتشف من نصوص هذا العصر في سورية 300 نص عثر عليها في خمسة مواقع أثرية، هي: شيوخ فوقاني وتل حلف وتل أحمر وتل الشيخ حمد وموقع مدينة مَئلَّنَه القديمة شمالي سورية. كما عثر على 400 نص آخر في الموقع الأثري سلطان تبه في أعالي نهر البليخ.

استعملت اللغة الآرامية على نطاق واسع في بلاد آشور في الألف الأول قبل الميلاد، وقد صارت اللغة الثانية إلى جانب الآشورية منذ عهد تجلات- بلاصر الثالث (745- 727ق.م) على أقل تقدير. وتشير الأدلة إلى أن عدة لغات كانت تستعمل في البلاط الآشوري مثلما كانت تستعمل من قبل رعايا الدولة. وتدل قوائم توزيع الأرزاق الآشورية على وجود كتبة مصريين فضلاً عن الكتبة الآشوريين والآراميين. ولقد تبع التوسعات الآشورية اتصال الآشوريين بثقافات مختلفة أثرت وتأثرت بالثقافة الآشورية ذات الانتما الحضاري العريق. وهذا ما جعل بعض الباحثين يصفون الآشوريين أنهم "ورثا العصور". ومما يذكر عن الملوك الآشوريين اهتمامهم بتدوين أخبارهم الحربية والسلمية تدويناً مفصلاً في حولياتهم ورسائلهم ووثائقهم الرسمية المختلفة مما جعل من أخبار الدولة الآشورية مصدراً من أهم المصادر التاريخية عن المشرق العربي القديم وحضارته والبلدان المجاورة له. وقد استمر الكثير من التراث الحضاري الآشوري حتى بعد سقوط الدولة الآشورية، وأخذت عنهم الأقوام الأخرى عناصر مهمة من النظم العسكرية والإدارية والسياسية. وظهر هذا التراث واضحاً في زمن الامبراطورية الأخمينية التي استخدمت الكثير من أصحاب الحرف والمهن والفنانين الآشوريين في تشييد المدن وتزيين القصور. ومن الجدير بالذكر أن الآشوريين كانوا على اتصال بالإغريق وتحديداً الأيونيين منهم، منذ عهد سنحاريب، وعن طريقهم جا ت تسمية اليونان العربية لبلاد الإغريق والإغريقيين أنفسهم. وقد توقف استعمال الآشورية نهائياً لتحل الآرامية محلها بعد سقوط الدولة الآشورية. وكان اسم بلاد آشور يلفظ آسّور في العصر الآشوري الحديث، واستمر في المصادر الآرامية والعربية بصيغتي آثور وآقور. وانتسبت إلى اسم آثور طائفة الآثوريين التي تستعمل لهجة شرقية من السريانية المنحدرة من اللغة الآرامية.

 

نائل حنون

 

 

مراجع للاستزادة:

 - طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ج1 (بغداد 1973م).

        - نائل حنون، حقيقة السومريين ودراسات أخرى في علم الآثار والنصوص المسمارية، (دمشق 2007م).

 - هنري ساغز، قوة آشور، ترجمة عامر سليمان (بغداد 1999م).

- S. PARPOLA and R. M. wHITING (ed.), Assyria 1995, (Helsinki, 1997).

- J. N. POSTGATE, Early Mesopotamia: Society and Economy at the Dawn of History, (London, 1996).

 

 

التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1105
الكل : 40555001
اليوم : 84816