الموسوعة العربية

أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي

بيسان

Beth shean -

بيسـان

تقع مدينة بيسان جنوبي بحيرة طبريّة في مرج ابن عامر إلى الغرب من نهر الأردن على الطريق التجاري الذي احتفظ بنشاطه في مختلف العصور. وقد أجرتْ جامعة بنسلفانيا الأمريكية أعمال التنقيب فيها بين عامي 1922 و1933م للكشف عن آثارها في العصرين الهلنستي والروماني، فتبيّن من فحص طبقات الموقع الثماني عشرة أن تاريخ المدينة قديم جداً لأن أدنى الطبقات ترجع إلى العصر الحجري النحاسي Chalcolithic Age.

وكانت المدينة معقلاً للحكّام المصريين في عصر المملكة الحديثة وخاصة في الفترة بين عهدَي تحوتمس الثالث (1468-1346ق.م) ورمسيس الثالث Ramses ІІІ ر(1182-1151ق.م). وقد عُثر في أثناء التنقيبات الأثريّة على مواد متنوعة تعود إلى تلك الفترة؛ منها جواهر ذهبيّة وفضّية، وقطع فخّاريّة، وتماثيل صغيرة للإلهة عشتروت التي كانت تتولى حماية الفراعنة - بحسب اعتقادهم - في الحروب، كما عُثر على نصب تذكاريّ من الحجر الكلسيّ من عهد تحوتمس الثالث مقدَّم إلى الإله «ميكال» Mekal «ربّ بيت سان»، وربما كان هو الإله الذي يعود إلى الظهور بصيغة «م ك ل» في نقوشٍ فينيقيّة من قبرص من القرن الرابع ق.م. وثمة نصبان يحملان كتابات تروي أخبار انتصارات ستي الأوّل SethosI ر(1307-1291ق.م) على الحثيين، ومنها طرده لهم من بيسان والمدن المجاورة لها. أما رمسيس الثالث فقد وضع فيها بعد أن ألحق الهزيمة بشعوب البحر حاميةً من الجنود المرتزقة. ثم ذُكرت المدينة باسم «بيت شان» في «العهد القديم» حيث علّق الفلسطينيّون – كما يروي سفر صموئيل الأوّل - جثث شاؤل وأبنائه على أسوارها، ووضعوا سلاحه في معبد عشتروت بعد استيلائهم على مملكته، ولكنها عادت لتُذكر ضمن المدن التي خضعت لداود ثم لسليمان. ويبدو أن المدينة هُجرت بعد ذلك ثم استعادت حيويتها في العصر الهلنستي ومُنحتْ في عهد البطالمة اسمها الجديد سكيثوبوليس Scythopolis الذي يُعدّ المؤرّخ اليوناني بوليبيوس [ر] Polybius ر(نحو 200-117ق.م) – على الأرجح – أوّل من ذكره، ويرى بلينيوس الأكبر [ر] Plinius أنه منسوب إلى وحدةٍ من الخيّالة من جيش بطلميوس الثاني فيلادلفوس Ptolemaios ІІ ر(285-247ق.م) يتحدرون من مدينة Scythia على ساحل البحر الأسود. ويبدو أنها مُنحتْ اسماً آخر لمْ يُكتبْ له الشيوع هو «نيسا» Nysa الكائن على بعض نقودها ، وقد ذكره بلينيوس من دون بيانٍ له، وقيل في تفسيره إنه اسم ابنةٍ لأخت أنطيوخوس الرابع إبيفانس Antiochos ІІ. Epiphanes الذي حكم بين عامي 175-164ق.م، وقيل بل هو اسم مرضعة أنطيوخوس السادس ديونيسوس Ant. Dionysus الذي حكم بين عامي 145-139ق.م وكانت ولادته فيها. واتّبع السلوقيون بعد أن خضعت فلسطين لهم مطلع القرن الثاني ق.م سياسة الهَلْيَنة بإغراء مجموعات ذات ثقافة هلنستية إغريقية للإقامة في سكيثوبوليس - وفي غيرها من المدن- بمنح أفرادها مزايا سياسيّة. ومما يشير إلى تلك الثقافة الكتابات الإغريقية ذات الطابع الديني على ما وُجد فيها من النقوش وقطع النقود التي وجدت فيها، ومن مكتشفاتها الأثرية التي تعود إلى العصر الهلنستي ميدان لسباق الخيل، ومعبد للإله ديونيسوس [ر] Dionysusأُعيد بناؤه في العهد الروماني. ويروي يوسيفوس [ر] Josephus Flavius أنّ ملك الحشمونيين هيركانوس J. Hyrkanos ر(135-104ق.م) استأنف بعد وفاة الملك السلوقي أنطيوخوس السابع سيديتس VII Sidetes Antiochos عام 129ق.م حملات التوسع التي بدأها أبوه ألكسندر ينايوس، فأخضع في إحداها السامريين باحتلال السامرة ثم توجّه شمالاً فاستولى على سكيثوبوليس عام 107ق.م. فلمّا قدم بومبيوس [ر] Pompeius إلى سورية عام 64ق.م بدأ العصر الروماني بأخذ ما استولت عليه المملكة الحشمونيّة، وزاد عليه المدن التي كانت قد تهوّدت مثل: يافا وأسدود وسكيثوبوليس، وبدأ بترميمها، واستكمل الترميم - كما يقول يوسيفوس- بعد عودته إلى روما عام 61ق.م نائبه أولوس غابينوس. ويروي بلينيوس أن مدينة سكيثوبوليس دخلت في تحالف «المدن العشر/الديكابوليس» Decapolis وأصبحت مركزاً تجاريّاً مهماً على طريق القوافل. ثم يروي استرابون [ر] Strabo كيف قضى الامبراطور فسباسيانوس [ر] Fl. Vespasianus ر(69-79م) وابنه «تيتوس» [ر] Titusعلى التمرّد اليهودي، فوقعت سكيثوبوليس بيد الرومان عام 68م قبل احتلالهم القدس وتدمير الهيكل عام 70م لتصبح مركزاً للجيوش الرومانية. وأهم المكتشفات من ذلك العهد مسرح يتسع لثمانية آلاف متفرِّج، ومسرح آخر من النوع الدائريّ Amphitheater يبعد عن الأول زهاء خمسمئة متر صُنعتْ مقاعده من الحجر الكلسي وانتشرت على أسواره رسوم الفريسكو. ثم بُني فيها في العهد البيزنطي كنيسة ودير، وصارت مركزاً لأبرشيّة عام 325م، ثم فتحها العرب المسلمون سنة 15هـ/ 636م.