logo

logo

logo

logo

logo

الأخمينيون

اخمينيون

Achaemenids - Achéménides



الأخمينيـون

 

 

 

الأخمينيون Achaemenids  ت ( 559 - 330 ق .م) أسرة فارسية يرجع أصلها إلى القبائل الهندو- أوربية (الآرية) التي دخلت الهضبة الإيرانية مع بداية الألف الأول قبل الميلاد، وقد ورد ذكر هذه القبائل في الحوليات الآشورية منذ القرن التاسع قبل الميلاد، وكانت هذه القبائل إلى جانب الميديين في شمال غربي الهضبة، ويعتقد أنها انتشرت من الشمال إلى المناطق التي تتاخم الخليج العربي، على طول سفوح جبال بختياري قرب نهر كارون في الجز الجنوبي الغربي من إيران.

إن المعلومات عن البدايات الأولى لمملكة الفرس الأخمينيين قليلة، ويعرف منها اسم زعيمهم أخمينس "هاخامانيش" الذي يعتقد أن حكمه كان في بداية القرن السابع قبل الميلاد. وتولى من بعده ابنه تايسبس  Teispes الذي قسم الإمارة بين ولديه إلى إمارتين، الأولى إمارة بارسوماش أي فارس وهي المنطقة المحصورة بين أصفهان وشيراز ويحكمها اريارامن  Ariaramnes وهو الابن الأكبر لتايسبس بن أخمينس، والثانية انشان تقع في الغرب على امتداد عيلام ويحكمها كورش[ر]  Cyrus، وبقيت هاتان الإمارتان تابعتين لنفوذ الميديين لجيل أو جيلين. وعندما تزوج الأمير قمبيز الأول بن كورش الأول (600- 559 ق.م) مندانه ابنة الملك الميدي استياجس أخذ يعلو شأن إمارة انشان وأميرها وخاصة بعد أن أثمر هذا الزواج عن ميلاد كورش الثاني، الذي أصبح فيما بعد ذا نفوذ كبير وحكم المنطقة الواسعة حول بازركادة، وكان يتبع إدارياً لجده الملك الميدي استياجس.

كان الأمير الفارسي كورش الثاني طموحاً، فبدأ بإخضاع القبائل الإيرانية المجاورة له وقام بتوسيع حدود مملكته، فتحالف مع نونايئد ملك بابل. وبدا كأنه يسعى إلى التحرر من السيطرة الميدية مما أزعج الملك الميدي الذي لم يكن راضياً عن تصرفات كورش الثاني، فحدث خلاف تطور فيما بعد إلى صراع بينهما. واستمر الصراع مدة ثلاث سنوات وانتهى بانتصار كورش وهزيمة الملك الميدي استياجس. واستولى الفرس على العاصمة همدان وعلى ثروات الميديين عام 550ق م. ويعود سبب الهزيمة إلى انحياز النبلا والقادة الميديين إلى جانب كورش.

بعد انتصار كورش على الميديين بدأ بسلسلة من الحملات العسكرية لتوسيع مملكته بحيث أصبح اسم إقليم فارس يطلق على كل بلاد إيران الحالية فسميت ببلاد فارس. كذلك توجه نحو آسيا الصغرى وكان هدفه مملكة ليديا الغنية. وعلى الرغم من كل المحاولات لنجدة ليديا من قبل حلفائها المصريين والبابليين اكتسحها كورش واستولى على ثروات لا تحصى من خزائن الملك كروسس Croesus. وبعد ذلك تابع كورش إخضاع المدن الإيونية الواحدة تلو الأخرى، وهكذا استسلمت آسيا الصغرى للحكم الفارسي. وفي عام 539 ق.م، احتل كورش بابل وأعلن نفسه ملكاً عليها، وهكذا أنهى كورش آخر الممالك البابلية.

تابع كورش حملاته في الشمال والشمال- الشرقي من إيران حتى قتل في إحدى حملاته ضد السكيثيين Scythians عام 529 ق. م. فخلفه على العرش ابنه قمبيز الثاني[ر] (528-522 ق.م) الذي قاد حملة على مصر عام 525 ق. م، فأسقط عرش الفراعنة ، لكن قمبيز لم يكن بمستوى حكمة والده وسياسته فأثار المصريين عليه نتيجة تصرفاته وسلوكه معهم. ووصفت المصادر المصرية سلوكه بأنه ضرب من الجنون واضطراب العقل.

مات قمبيز فجأة، فقام دارا [ر] الأول (داريوس 521- 486 ق.م) بوضع حد للمنازعات الداخلية التي أثارها الارستقراطيون والكهنة المجوس، كما أخمد كل الثورات التي قامت داخل المملكة وخلد أعماله في نقش بهستون الشهير. وعمل دارا على التوسع باتجاه الشرق إلى حوض نهر السند، وباتجاه الغرب حتى ضفاف نهر الدانوب، فأضحت مملكته امبراطورية عالمية. لكن جيشه مني بهزيمة مؤثرة من قبل أثينا في معركة ماراثون Marathon (490 ق.م). ولم يتمكن دارا من معاودة هجومه على اليونان لانشغاله بإخماد الثورات التي نشبت في مصر ثم وفاته عام 486 ق.م.

بعد موت دارا تسلم الحكمَ ابنُه اكسرخس Xerxes   ت ( 486 - 465 ق .م) الذي قاد حرباً بنفسه ضد دويلات المدن في بلاد اليونان التي اتحدت ضده. وأخفق هو الآخر في تحقيق أي انتصار على بلاد اليونان في حملته عام 480 ق.م، وانتقل الحكم من بعده إلى خلفائه الذين قنعوا بما حققه أسلافهم وركزوا جهودهم على المحافظة على هذه الأمجاد من دون السعي إلى زيادتها، فكانت أهدافهم محدودة وطموحاتهم قليلة، فعانت المملكة تمزقاً سياسياً أدى إلى صراع داخل الأسرة الحاكمة، فعمّ الاضطراب في مفاصل الدولة وتعاقبت الثورات وحل التسلط والقهر محل سياسة التسامح، وتتالى على الحكم عدد من الملوك الضعاف مما أدى إلى انهيار المملكة.

كان نظام الحكم في المملكة الأخمينية ملكياً مطلقاً؛ إذ كان الملك  يعتمد - لفرض سلطانه - على حاشية مميزة تكوّن مجلس النبلا ، ويساعد الملك ولاة أو حكام كبار يلقب الواحد منهم بـ(ستراب) Satrap. وهؤلا كانوا من كبار الإقطاعيين الذين يملكون الأراضي ويجندون الجيوش ويؤلفون طبقة أرستقراطية شغل كبارها الوظائف في قيادة الجيش والوزارة والقضا والإدارة. كما حصل زعما القبائل الرئيسة على امتيازات أضحت مع مرور الزمن وراثية. ويساعد الولاة حكام محليون للمناطق وقادة للثكنات أو الحاميات وكتاب ملكيون. كما اعتنى ملوك الفرس بتنظيم جهاز الأمن الذي يتولاه موظفون عرفوا باسم عيون الملك وآذانه، وكانت مهمته المراقبة والتفتيش في الولايات وإطلاع الملك على أحوالها. ولتنظيم الاتصالات بين الولايات والمدن نظمت شبكة الطرق والبريد ونفذت مشروعات لتشجيع النقل البحري، كما نشطت التجارة ونظمت الضرائب فتراكمت نتيجة لذلك ثروات كبيرة من الذهب والفضة، لذلك ضربت النقود الذهبية. وهكذا كان تنظيم المملكة الفارسية حدثاً مثيراً، فهي من صنع شعب لم يكن له ماضٍ عريق، ولم تكن له حتى ذلك الحين ثقافة مميزة كالثقافات البابلية والمصرية والإغريقية والسورية، غير أن هذه المملكة ورثت تراث كل الدول القديمة التي سيطرت عليها. وهكذا مثلت المملكة الفارسية فعلاً "مملكة عالمية"، لأنها كانت تضم "جهات العالم الأربع"، وهو المثل الأعلى الذي كان يتطلع إليه كل ملوك العالم القديم، الذي توحد على أيدي الأخمينيين.    

بعد استيلا الأخمينيين على سورية سمح كورش لليهود المنفيين في بابل بالعودة إلى بيت المقدس. وعدّت سورية الولاية الخامسة في الامبراطورية، وترك للمدن الفينيقية مجالسها المحلية التي تديرها. واحترم الحكام الجدد العادات والتقاليد المحلية في كل البلاد، واعتمدوا اللغة الآرامية لغة للمراسلات والتجارة، ولم يبدلوا الحكومات الوطنية. بل اكتفوا بتعيين بعض الموظفين الفرس لمراقبة أعمال الحكومة والمحافظة على النظام. كما نشطت التجارة والصناعة وقام الفرس بتحديد الأراضي في سورية وفرضوا الضرائب عليها نقداً.

في عهد الملوك الضعاف اشتعلت الثورات أكثر من مرة في سورية، وأهم ثورة قامت في أواخر عهد المملكة الفارسية، فقد تحالف الفينيقيون مع المصريين واليونانيين وثاروا سنة 343ق. م، تحت قيادة تينيس Tenes ملك صيدا، وتغلبوا على الوالي الفارسي. ولما وصل الخبر إلى الملك الفارسي أردشير الثالث جمع جيشه وسار لمحاربة الثوار، وحاصر صيدا التي دافع عنها سكانها بشجاعة، وتمكن أن يفرق صفوف الثوار، فاضطرت مدينة صيدا إلى الاستسلام، فانتقم الأخمينيون منها شر انتقام وأشعلوا فيها النار وقتلوا قسماً كبيراً من أهلها. وبعد عشر سنوات من هذا الحادث سقطت الدولة الأخمينية على يد الإسكندر المقدوني.

 

محمود فرعون

 

 

مراجع للاستزادة:

 -  حسن بيرنيا، تاريخ إيران القديم، ترجمة: محمد نور الدين عبد المنعم، السباعي محمد السباعي (القاهرة 1992).

 -  أبو القاسم الفردوسي، الشاهنامه، ترجمة: أبو الفتح البنداري، تحقيق عبد الوهاب عزام (طهران 1970).

- R. G. KENT، Old Persian, (New Haven, 1959).

 


التصنيف : العصور التاريخية
النوع : عصور تاريخية
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 254
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 505
الكل : 30956775
اليوم : 12576