logo

logo

logo

logo

logo

تنكز (جامع-)

تنكز (جامع)

-

 تنكز

تنكز (جامع - )

 

 

يقع جامع تنكز في مدينة دمشق القديمة خارج السور، غير بعيد عن مدخل سوق الحميدية. تطلّ واجهته الرئيسية الجنوبية على شارع النصر، وتطلّ مئذنته الأثرية من الجهة الشمالية على ساحة الشهداء (المرجة)، وتجاوره غرباً التكية المولوية ومبنى سكة الحجاز، ويجاوره شرقاً القصر العدلي.

وهو مشيّدة مملوكية، أنشأه نائب السلطنة المملوكية في الشام ملك الأمراء الأمير سيف الدين أبو سعيد تنكز الناصري في سنة ٧١٧هـ/١٣١٧م، واكتمل بناؤه سنة ٧١٨هـ/١٣١٨م، وأنشأ إلى جانبه تربةً وحماماً. وكان قد تولى نيابة دمشق في عهد السلطان الملك الناصر سنة ٧١٢هـ/١٣١٢م، وكان من خيرة نوابها، ثم غضب عليه السلطان، فاستدعاه إلى الإسكندرية، وقُتِل سنة ٧٤١هـ/١٣٤١م، ونُقِل تابوته من الإسكندرية إلى دمشق سنة ٧٤٤هـ/١٣٤٣م، ودُفن في تربته التي أنشاها شرقي جامعه. وتنكز كلمة تركيّة تعني البحر، وقد عُرِف بأعماله العمرانية والخيرية المتعددة، ولعل أبرزها إنشاء ٢٣ بلدة في سهل البقاع بعد أن حوّل أراضيه من مستنقعات تعمّ معظم أراضيه إلى أراضٍ زراعية غنية، وبعد أن حفر قنوات أفرغت مياه المستنقعات في مجرى نهر الليطاني.

الواجهة الجنوبية الرئيسية لجامع تنكز

في سنة ٧٩٥هـ/١٣٩٢م أجرى الأمير صلاح الدين ابن محمد بن تنكز في عهد السلطان الظاهر برقوق إصلاحات شاملة للجامع، فعاد أجمل ممّا كان. وفي القرن ٩هـ/١٥م زاره البدري، ووصفه وصفاً يبيّن مدى جماله وروعة بنائه، وبقي محافظاً على بهائه حتى أواسط القرن١٣هـ/١٩م. ففي سنة ١٢٤٧هـ/١٨٣١م اتّخذه إبراهيم باشا المصري ثكنة عسكريّة، وأصبح في فترة الاحتلال الفرنسي مدرسةً حربيّةً حتى سنة ١٣٥٦هـ/١٩٣٧م، حين قامت فرنسا بإخلائه؛ فعاد جامعاً.

 

 
 

وقد أُحرق الجامع في سنة ١٣٦٥هـ/١٩٤٥م، فجُدّد. ثمّ قرّرت دائرة الأوقاف بإشراف المهندس الفرنسي إيكوشار هدم الجامع سنة ١٣٧١هـ/١٩٥١م، وأقامت مكانه محلات تجاريّة، بُني فوقها الجامع بالإسمنت المسلح والحجر الأبيض. وقد اقتُطع قسم من صحن الجامع الشمالي، وجُعل مدرسةً شرعيةً للبنات، فتقلّصت مساحته الإجماليّة من ٦١٧٧م٢ إلى ٥٤١٦م٢، ولم يبقَ من المشيّدة الأثريّة اليوم إلا مدخلا الجامع المتماثلان والمتناظران ومئذنته، وتربة منشئه.

 

 
 

المدخل: بُنيت واجهة مدخل الجامع الخارجية من عشرة مداميك حجريّة ضخمة بلقاء، تعلوها سبعة مداميك مزّية منتهية بمدماك كلسي أبيض يؤطّره إفريز حجري من اللونين الأسود والأبيض. تكتنف هذه الواجهة قوصرة عميقة تحوي مدخلاً مستطيلاً له باب خشبي ضخم ذو مصراعين مزخرفين بزخارف هندسيّة، يعلوه عقد مدبّب مغلق من الداخل، ويعلوه من الخارج ساكف حجري كلسي ضخم منقوش في لوحة مركّبة عليه اسم الجامع، يعلوه مدماك بازلتي أسود، ثمّ ثلاث طبقات من المقرنصات المدبّبة ذات دلاّيات بديعة، وتنتهي بطاسة شعاعيّة من ثلاثة مراكز ذات عقد مدبّب ومفصّص. وهذا الوصف المعماري والزخرفيّ المذكور آنفاً ينطبق على المدخلين الشرقي والغربي، غير أن المدخل الشرقي يلاصق تربة الأمير تنكز.

 
 

التربة: كانت التربة تتألف من بناءين مقبّبين شبه متماثلين، شمالي وجنوبي كما هو واضح في مخطط مديرية الآثار، يحويان ضريح الأمير تنكز وضريح ولده، هُدمت التربة الشمالية وأُزيلت نهائياً، وبقيت تربة الأمير تنكز الجنوبية.

أصبحت الواجهة الجنوبية الرئيسية للتربة- بعد ارتفاع مستوى الرصيف عن أرضية التربة بنحو ٧٠سم- ظاهرة بمداميكها الحجرية الأربعة عشر، وينصّفها شباكان متماثلان ومستطيلان ذوا مشبكات (مصبعات) معدنية. وأما الواجهة الشرقية للتربة فهي ملتصقة بالمبنى المجاور، والواجهتان الشمالية والغربية كلتاهما مغطاة باللياسة والطلاء الأبيض. وتحمل هذه الجدران الأربعة قبة نصف كروية متجاوزة ومدبّبة، مطلية باللون السمّاقي كعادة قباب الترب الأيوبية والمملوكية، تستند إلى رقبة ذات ست عشرة ضلعاً، تحوي كل ضلع حنية ذات عقد مدبب تتناوب بين الفتح والإغلاق. وهي تستند بالتالي إلى رقبة سفلية ذات ثمانية أضلاع، ينصّف كل ضلع قندلية معقودة بعقد مدبب تحوي شباكين متماثلين معقودين بعقد مدبب أيضاً. ويتم الانتقال بين أضلاع الرقبتين من الداخل عبر حنيات دائرية مصمتة بلا زخارف.

 
القبة من الداخل
 
القبر
 

ينصّف الواجهة الشمالية مدخل التربة الحالي ذو الباب المستطيل بمصراعين خشبيين، يفتح على محور التربة المارّ بالتركيبة الضريحية والمحراب. مسقط قاعة التربة مربع، ضلعه الداخلية ٥,٤٠م، يحتوي في مركزه على قبر حجري ذي قاعدة مستطيلة (٢,٤٠×١,٦٠م) وجدران رخامية ذات زخارف هندسية ملونة تساقط معظمها، يعلوها غطاء حجري هرمي متطاول. ويوجد أربعة تيجان حجرية ذات مقرنصات يعلوها كرات محزّزة في الأركان الأربعة.

 
منظور عام للتربة والمدخل الشرقي الواقع في الواجهة الجنوبية المحدثة 
 

أما الواجهات الداخلية للتربة، فينصّف الشرقية منها خزانة جدارية مستطيلة، وينصّف الغربية منها باب أصبح شباكاً بسبب فارق المستوى. وأما الواجهة الجنوبية فهي متناظرة ينصّفها محراب بديع نادر ذو حنية نصف دائرية مكسوّة بقطع الرخام الملوّن، يعلوها صفّ من المحاريب البارزة ذات تواشيح وقواعد وتيجان مزخرفة بزخارف نباتية تحمل عقوداً ثلاثية، تعلوها طاسة كروية مشغولة بالفسيفساء النباتية الملونة والمذهّبة، يعلوها عقد رخامي مدبب متجاوز ذو زخارف نباتية ملونة، تحيط به تواشيح ذات زخارف هندسية ملونة ومصدّفة، يؤطّره شريط ذو تشكيلات هندسية ملونة، تعلوه لوحة كتابية من الفسيفساء المذهبة ذات إطار رخامي زهري تحوي كتابة من الفسيفساء ذات اللون الفيروزي نصّها: «لا إله إلا الله محمد رسول الله». ويكتنف المحراب سويريتان رخاميتان أسطوانيتان ذاتا قاعدتين محزّزتين وتاجين بشكل مزهرية. ويوجد عن يمين المحراب ويساره شباكان متماثلان، كل شباك منهما ضمن قوصرة ذات عقد مدبب متجاوز ذي صنجات رخامية متعددة الألوان، تواشيحه وإطاره تشبه عقد المحراب. ويعلو كل شباك مستطيل عقد مصمت مدبب مشغول بكامله بالزخارف النباتية من الفسيفساء الملونة والمذهّبة. ويؤطّر أعلى المحراب وشباكيه شريط حجري زخرفي نباتي. وإن جميع جدران الواجهات الداخلية والقبة ورقبتها مليّسة ومدهونة بالطلاء الأبيض.

 
 
 

المئذنة: هي من أجمل المآذن المملوكية في دمشق والفريدة في بساطة زخارفها وأناقتها. وهي تنصّف الواجهة الشمالية للكتلة العامة للجامع، وتبرز عنها، وعلى المحور المتعامد على المحراب. بُنيت بكاملها من مداميك الحجر الكلسي الطحيني الضخم، ولها قاعدة مرتفعة ذات مسقط مربع، نُصّفت أضلاعها بفتحات ضيقة للإنارة، ونُصّف أعلى ضلعها الجنوبية بفتحة كبيرة يعلوها بدن ذو مسقط مثمن تتناوب في أسفله النوافذ المصمتة والمفتوحة المؤطرة بالسويريات المنحوتة، أما النوافذ المصمتة فتعلوها حنية ذات عقد مثلثي، والنوافذ المفتوحة تعلوها طاسة شعاعية ذات عقد مفصص يعلوها عقد مثلثي أيضاً، تتوّج قمته حشوة دائرية مفتوحة. وتبرز من أسفل كل نافذة مفتوحة شرفة حجرية صغيرة. ويتم الانتقال من القاعدة المربعة إلى البدن المثمن عبر مثلثات ركنية هرمية حجرية. ويؤطّر أعلى البدن شريط زخرفي كتابي، تعلوه مقرنصات كبيرة تحمل بروز شرفة المؤذن ذات الدرابزين الحجري المزخرف بزخارف هندسية مفرّغة وأعمدة حجرية في زواياه تعلوها كرات مدببة. ثم يصغر البدن فيصبح ذا مقطع سداسي، تنصّفه النوافذ المزدوجة المتطاولة والمنتهية بعقد دائري، وتحتوي ضلعه الجنوبيّة على باب ذي عقد وتري. ثم ينتهي البدن العلوي بقلنسوة مخروطية هرمية سداسية مغطاة بألواح الرصاص، يتوّجها الهلال النحاسي.

     
منظر عام للمئذنة الأثرية  الحرم  محراب التربة
 

الجامع المعلّق الحديث: الحرم ذو مسقط مستطيل يُدخل إليه من باب غربي وآخر شرقي عبر درج صاعد. له سقف من الإسمنت المسلح، ويحتوي في واجهته الداخلية الجنوبية على محراب ومنبر رخاميين مزخرفين وملونين. بُنيت واجهاته الأربع من مداميك الحجر الكلسي الأبيض تعلوها الشرّافات المزخرفة.

زكريا كبريت

مراجع للاستزادة:

- عبد القادر بدران، منادمة الأطلال ومسامرة الخيال (المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، دمشق ١٩٦٠م).

- أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق ١٩٨٩م).

- يوسف بن عبد الهادي، ثمار المقاصد في ذكر المساجد، الذيل لأسعد طلس (مكتبة لبنان، بيروت ١٩٧٥م).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 481
الكل : 31736325
اليوم : 11786