logo

logo

logo

logo

logo

أبولودوروس الدمشقي

ابولودوروس دمشقي

Apollodorus of Damascus - Apollodore le Damascène



أبولودوروس الدمشقي

 

 
 
مجمع أسواق ترايانوس (أنجز بين 100 - 110م)م
عمود ترايانوس

ولد المعماري السوري أبولودوروس Apollodoros الدمشقي (ويشير بعض الباحثين إلى أنه كان يلقب "بأبو دات" وأنه كان نبطي الأصل ومن ثم حور إلى الاسم اليوناني ليصبح أبولودوروس) في مدينة دمشق في الفترة الواقعة بين 60 و70م، وتوفي نحو 125م. أمضى أغلب حياته في مدينة روما، عندما استدعاه الامبراطور ترايانوس [ر] Trajanus م)(98-117م) وكان له من العمر نحو ثلاثين عاماً وكان هذا الامبراطور معجباً به فذاع صيته في روما وفي غرب الامبراطورية، وكلفه ترايانوس إدارة مجموعة من المشاريع المعمارية  والعمرانية المهمة في مدينة روما، كما كلفه  الامبراطور هادريانوس  [ر] Hadrianus  م)(117-138م) إدارة عدد من المشاريع، ووصل  لنا منها حتى هذا اليوم هذا قرابة الخمسة عشر أنجزها خلال حياته.

أما عن إنجازاته في بلاده فلا يوجد معلومات بشأنها، إلا أن  المنقبين وجدوا اسم أبولودوروس على أحد الأعمدة في أنقاض معبد جوبيتير [ر] بدمشق، عندما تم ترميم المسجد الأموي الكبير بدمشق، لذا يعتقد بعض الباحثين أن هذا الاسم يعود إلى هذا المعماري، وبالتالي كان له دور في تصميم معبد جوبيتير.

يعد كتاب "آلات الحرب" Engines of War من أهم الكتب التي تسلط الضو على شخصية هذا المعماري، كما يمكن من خلاله تعرف طريقة التصميم التي كانت تتميز بها أعماله، وقد  قدم أبولودوروس في كتابه هذا شرحاً لجميع الآلات الدفاعية والهجومية سهلة الاستخدام التي لا تحتاج إلى الكثير من الأيدي العاملة.

ومن الأعمال التي كلفها هذا المعماري عملية تصميم جسر عملاق على نهر الدانوب وتشييده، إضافة إلى تصميم مجمّع أسواق ترايانوس وميدان الفوروم وعمود ترايانوس الذي يتوسط ذلك الفوروم، كما قام بتصميم عدد كبير من المشاريع المعمارية الأخرى التي لا تقل أهمية عن المشاريع المذكورة وتشييدها، من أهمها حمامات ترايانوس والحوض السداسي في أوستيا  Ostia مرفأ روما، وكذلك أقواس النصر في مدينتي أنكونا Ancona وبنيفانتومBeneventum ، ومسرح الأوديون في مونتي جوردانو، وحلبة السباق على ضفة نهر التيبر في روما…إلخ. كما يعتقد بعض الباحثين أن معبد البانثيون Pantheon الكبير في مدينة روما - الذي بناه الامبراطور هادريانوس - كان من تصميم هذا المعماري.

ويعد مشروع تصميم الفوروم الذي يتوسطه عمود كبير بارتفاع مئة قدم وتشييده من أهم الأعمال في روما والامبراطورية الرومانية، حيث استطاع هذا المعماري أن ينجز أعظم سوق، ويعد العمود الذي يتوسط هذا السوق من أشهر الأعمال التذكارية، إذ  نحتت عليه العديد من المشاهد التي تروي قصة الحرب مع المملكة الداكية  Dacia(حالياً جمهورية رومانيا الواقعة في شرقي أوربا). يمثل هذا العمود  شاهداً على انتصارات الامبراطور ترايانوس على أعدائه في داكية، ورمزاً لقوة الامبراطورية الرومانية وانتصاراتها على أعدائها، وتمت زخرفة قاعدته بمئات المنحوتات التي تمثل وقائع الحرب فيها.

تميز عمود ترايانوس بمجموعة من السمات التي توضح القدرة التقنية التي كان هذا المعماري يتمتع بها، فقد استطاع أن يروي وعلى نحو مختصر ما قام بتحقيقه ذلك الامبراطور من انتصارات على أعدائه في داكية، متمثلة بالمشاهد التي نحتت على العمود، التي سرد من خلالها وقائع الحروب وانتصارات الامبراطور فيها، مظهراً قوة الرومان وعظمتهم، ومن أهمها تمثيل عملية تقديم القربان للآلهة من قبل الامبراطور ترايانوس أمام جسر الدانوب الذي بناه أبولودوروس، وهذا ما يؤمن له شعور المحبة والحماية، كما مثلت بعض المشاهد المعدات التي استخدمها الرومان في تنزيل المؤن إلى السفن الحربية وتحميلها وصعود ترايانوس إليها، إضافة إلى مشهد الخطبة التي توجه بها الامبراطور إلى جنوده في إحدى القلاع الرومانية ومشهد أسر الجنود الداكيين داخلها، كما تم تمثيل مشاهد عمليات تشييد الطرق والمباني داخل الغابات بمشاركة الامبراطور كان الهدف منها الدعاية السياسية للإمبراطور وإبراز ما وصلت إليه الامبراطورية من تقدم وتمدن.ويمكن ذكر أحد المشاهد المؤثرة  مثل عمليات الانتحار الجماعي للداكيين في منازلهم وحرقها كي لا يتسنى للرومان الاستفادة من ممتلكاتهم، أو تجرعهم للسم فتبدو من خلالها مشاعر الحزن والأسى وهول الخسارة التي تعرض لها الشعب الداكي.

حاول المعماري أبولودوروس من هذا العمل أن يمثل قوة الامبراطورية الرومانية وعظمتها، كما وضّح في مشاهده أن الحرب تقوم بغض النظر عن رغبتهم، لذا لا بد من أن تأخذ الحياة  مجراها الطبيعي من جديد على الرغم من الدمار الذي أحدثه الإنسان.

قوس ترايانوس في مدينة أنكونا (أنجز بين 100 - 116م)م

كما تمكن أبولودوروس الدمشقي بمعرفته الواسعة وخبرته الفذَّة من إيجاد الحلول لمعضلات معمارية كتلك التي واجهته عند تكليفه مشروع بنا سوق ترايانوس في روما، وهي وجود رابية في الجهة الشرقية من المساحة المعدَّة للمشروع، فتمكن من الاستفادة منها واقتطاع حافتها بهدف تحويلها إلى مجمَّع مؤلف من عدة طوابق تحوي قرابة 150 دكاناً. ومن أعمال هذا المعماري السوري أيضاً الجسر الذي أنشأه على نهر الدانوب قرب مدينة دبريسين  Debrecen الحالية في المجر، والذي تطلب بناؤه إنشا عشرين ركيزة، ومد الجسر بطول 1097م، وعرض يراوح بين 13 و19م، ولكن الامبراطور هادريانوس قام بإزالة سطحه كي لا يتمكن العدو من عبوره، إلا أن قسطنطين [ر]  Constantinos أمر بإصلاحه عام 328م. بالتالي هناك الكثير من الإنجازات التي بهرت من جا بعده وألهمتهم بتشييد صروح مشابهة من حيث التقنية والشكل والأعمال الفنية وغيرها، ظلت حتى هذا الوقت مثار إعجاب واهتمام لدى الباحثين والمعماريين على حد سوا ، وموضع فخر لأجيال عدة.

 

مأمون عبد الكريم

 

 

مراجع للاستزادة:

 -عدنان البني، أبولودور الدمشقي (دمشق 1990).

 - جوليانا كالكاني، عمود تراجان من أجل دمشق، عمارة أبولودور في الثقافة الكلاسيكية (روما 2001)، ص ص 244-259.

 - جوفاني كوماري، رحلة في تاريخ علم البنا الحربي عند أبولودور، عمارة أبولودور في الثقافة الكلاسيكية (روما 2001)، ص ص 9- 15.

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
النوع : أعلام
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 149
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 551
الكل : 29584661
اليوم : 39577