logo

logo

logo

logo

logo

جطل حيوك (تركيا)

جطل حيوك (تركيا)

çatalhôyûk 2 - çatalhôyûk 2

 جطل حيوك

جطل حيوك (تركيا)

 

 

جطل حيوك Çatalhöyük (تشاتل هيوك) موقع أثري يعود إلى العصر الحجري الحديث (نيوليت)، يقع في هضبة الأناضول التركية، ويبعد 37 كم جنوب شرقي بلدة قونية (تركيا)؛ اسمه الحالي يعني بالعربية تل الشوكة أو تل التشعب.

تمت أول التنقيبات الأثرية بين عامي 1961 و1965 من قبل جيمس ميلارت J. Mellaart الذي قام بأربع حملات تنقيب، وفي عام 1993 استأنف عالم الآثار أيان هودر I. Hodder الحفريات من جديد، وتم توثيق قرية كبيرة تعود إلى7500 عام قبل الميلاد، كانت تشغل مساحة نحو 12,5 هكتار، وتضم 15 ألف من السكان حسب ميلارت.

 

تم توثيق ثلاث مراحل متتالية من الاستيطان ضمت ثلاث عشرة طبقة أثرية؛ تضم المرحلة الأقدم الطبقات الأثرية XIII-IX وتميزت بأدوات نيوليتية أساسية من دون توثيق للفخار. في حين تضم المرحلة المتوسطة الطبقات الأثرية VIII-VIIB وهي المرحلة الأكثر شهرةً ووضوحاً. وقد عثر فيها على مكتشفات مهمة من ضمنها: أعمال فنية ومنحوتات وحلي. أما المرحلة الأخيرة فقد ضمت الطبقاتVIA-II التي كُشف فيها عن المنتجات المصنعة إضافة إلى اكتشاف عنصري النحاس والرصاص. أخيراً ولأسباب غير معروفة تم هجر القرية نحو ٥٤٠٠ قبل الميلاد.

أبرزت البقايا التي عثر عليها في مرحلة الاستيطان المتوسطة في جطل حيوك (الطبقة السادسة)، والتي دلت على أنه واحد من أهم المواقع الحضرية الفريدة من نوعها على مرّ العصور؛ عدم وجود طرق بين المنازل المبنية جبناً إلى جنب من اللبن وأعمدة التثبيت الخشبية، وعدم وجود أبواب خارجية تؤكد أن الوصول إلى المنازل والتنقل بينها كان يتم عن طريق الأسطح، وبين هذه المنازل كانت توجد فسحات غير مسقوفة.

سمحت الدراسات بفهم الحياة التي كانت قائمة في هذه القرية، والتي كانت مخصّصة كلياً للزراعة الواسعة (قمح وشعير وبقوليات)، وتربية الحيوانات (الأبقار والأغنام والماعز)، وتاجروا بالأوبسيديان[ر] والحجر البركاني الذي استخدم في عصور ما قبل التاريخ لصنع الأدوات والأسلحة.

منظر عام لجطل جيوك وموقع التنقيب

تم ترميم المساكن وإعادة استخدامها عدة مرات، وأحياناً في حالة التهديم الكامل كان يجري بناء المباني فوق المتهدمة منها ليصل ارتفاع التل إلى ١٧.٥ متر فوق مستوى السهل المحيط بالتل، وفي بعص الحالات تم توثيق ١٢٠ طبقة من الجص في المسكن نفسه. بلغت مساحة البيوت نحو ٢٥ م٢ تقريباً، وهي بيوت وحيدة الخلية ولكن في الداخل تقسم أحياناً إلى ثلاث غرف واحدة منها مخصصة للموقد وأخرى منطقة للعمل والأخيرة للنوم. المخرج الوحيد للمنزل هو سلم يقود إلى فتحة في السقف في غرفة الموقد، والذي كان له استخدام آخر أيضاً كمدخنة للموقد.

وجدت العديد من الزخارف التصويرية الغنية على الجدران الداخلية للمنازل، تعود في معظمها إلى مرحلة الاستطيان المتوسطة السوية الخامسة والسادسة، وتضمنت ثيران كبيرة رسمت باللونين الأحمر والأسود، وفهود مع بقع دائرية ومحاطة بأشكال إنسانية مبسطة للغاية، وخنازير ودببة وغزلان وطبعات لأيدي بشرية إضافة إلى زخارف هندسية ونباتية. في واحدة من هذه الرسومات تظهر قرية جطل حيوك وقمتا بركان حسن داغ، وهذا يعني مشهداً يمتد نحو ١٠٠ كم. عثر في مبنى آخر معروف باسم ضريح النسر على رسومات كبيرة لنسور بهيئات بشرية، وفي المكان نفسه عثر على عظام لستة أفراد مدفونة في الأرض يرافقها أثاث جنائزي غني، فسرت أنها ربما تنتمي إلى أشخاص مهمين في القرية كالحكام أو الكهنة.

رسم عثر عليه في الموقع تظهر فيه قرية جطل حيوك وقمتا حسن داغ

وثق جيمس ميلارت ٤٠ مبنى من الـ ١٣٩ التي نقبها ودرسها خلال مواسم التنقيب على أنها أضرحة أو أماكن دينية حيث كانت أكثر اتساعاً من المنازل الأخرى وأكثر غنى بالزخرفة إضافة إلى وجود المقاعد، وفي هذه الأبنية نفسها وجدت رسوم لرؤوس ثيران مع قرون حقيقية تعلق عليها. في حالات أخرى كانت هناك رسومات لفهود ولأشكال إنسانية أنثوية مع إشارة واضحة إلى الخصوبة. على ما يبدو الإله الرئيسي للمكان تمثل بآلهة أنثى تظهر مصورة عدة مرات (٣٣ دمية مؤنثة مقابل ٨ دمى مذكرة). من أهم هذه الدمى إلهة أم مصنوعة من الطين بارتفاع ٢١ سم، جالسة على عرش محاطة بأسدين، عثر عليها في وعاء للحبوب مما جعل ج. ميلارت يقدر أنها إلهة الحصاد أو حماية المحصول (محفوظة حالياً في متحف الآثار في أنقرة).

الغنى الأثري لموقع جطل حيوك والوثائق الرمزية المهمة التي عثر عليها من رسومات ومنحوتات ودمى جعلت هذا الموقع يحتل مركزاً مهماً فيما يتعلق بالدين في عصور ما قبل التاريخ، وعلى نحو خاص في فترة العصر الحجري الحديث (النيوليت). إذ أكد ميلارت وغيره من الباحثين فكرة أن هذه الأضرحة تعدّ أول دليل على مبانٍ دينية مركزية يتم التعبد فيها. وقد أشار جاك كوفان أيضاً إلى أنه من خلال أشكال الزخرفة المختلفة يمكن ملاحظة أن المعبد كان مخصّصاً للعالم المؤنث المتمثل بالآلهة الأم المرتبطة بالخصوبة، أو مخصّصاً للعالم المذكر المتمثل بأشكال الثيران المرتبطة بالقوة ميزة رئيسية، وبالتالي هي المرة الأولى التي تم فيها توثيق معالم أثرية مرتبطة بالألوهية.

دمية من الطين تمثل الإلهة الأم

من أهم اللقى في الموقع الأوبسيديان الذي يفترض أنه كوّن تجارة نشطة في المنطقة، إضافة إلى أن وفرته في الموقع جعلت من بعض الآثاريين يعتقدون أن هذا الموقع كان مركزاً لصنع هذه المادة وتوزيعها إلى المواقع الأخرى المجاورة والبعيدة منها. عزز هذه الفرضية الأخيرة وجود بقايا مشابهة للأوبسيديان الذي عثر عليه في جطل حيوك في مواقع مجاورة.

إضافة إلى الأوبسيديان عثر في الموقع على أدلة على وجود نشاط حرفي تمثل باستخدام العظم لصنع الأدوات كالإبر والمخارز والمكاشط والخرز... وغيرها، واستخدام الحجارة لتصنيع الأدوات كالسكاكين ورؤوس السهام والنصال، وأيضاً استخدموا الحجارة لتصنيع الخرز وأدوات الزينة.

يعد هذا الموقع واحداً من مواقع الأناضول القليلة التي عثر فيها على أول المنتجات الفخارية. تظهر هذه المنتجات في السويات الأقدم، وتدل على حرفية كبيرة في تقنيات التصنيع، تتمثل بصورة خاصة بالكاسات والطاسات والأوعية والأواني المصقولة جيداً والقليلة الزخارف.

بشرى طه

 

مراجع للاستزادة:

- I. Hodder, (ed.) (1996) On the Surface: Çatalhöyük 1993-95. McDonald Institute for Archaeological Research /British Institute of Archaeology at Ankara Monograph.

- I. Hodder, (ed.) (2007) Excavating Çatalhöyük: South, North and KOPAL Area reports from the 1995-99 seasons. McDonald Institute for Archaeological Research/British Institute of Archaeology at Ankara Monograph.

- J. Mellaart, (1975) The Neolithic of the Near East. Thames and Hudson. London.


التصنيف : عصور ما قبل التاريخ
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 538
الكل : 31613282
اليوم : 48137