logo

logo

logo

logo

logo

الخط في العصور الكلاسيكية

خط في عصور كلاسيكيه

-

 الخط

الخط

 

 

 الخط في العصور الكلاسيكية

يرتبط ظهور الخط بأحد أهم الإنجازات الحضارية الإنسانية ألا وهو ابتكار الكتابة قبل مايزيد على خمسة آلاف سنة، وهي الخطوة التي نقلت الإنسان من عصور ماقبل التاريخ إلى العصور التاريخية. كان المشرق العربي موطن أول الأنظمة الكتابية، أي الخطوط التي تمثلت بالخط الهيروغليفي في مصر، والخط المسماري في بلاد الرافدين والشام، ثم تلاهما بعد ذلك الخط الأبجدي الأوغاريتي/الفينيقي في سورية، والذي توج تطور الخطين السابقين. وقد جرت العادة على كتابة الخط الهيروغليفي وقراءته في اتجاه أفقي من اليمين إلى اليسار كما في الكتابات السامية أو في اتجاه عمودي من الأعلى إلى الأسفل. أما الكتابة المسمارية التي دونت على الألواح الطينية المسماة الرقم فكان اتجاهها أحادياً من اليسار إلى اليمين.

أما في بلاد اليونان فقد ظهر في الألف الثاني ق.م نوعان من الخطوط أحدهما يمثل الكتابة التصويرية الكريتية المسماة بالخط ألف A، والتي كتبت غالباً بخط المحراث ولم تحل رموزها حتى اليوم، في حين تم فك رموز الخط B الذي انتشر في مراكز الحضارة الموكينية خاصة في شبه جزيرة البلوبونيز (١٤٠٠-١٢٠٠ ق.م)؛ وهو خط مقطعي دونت به اللغة الإغريقية القديمة بلهجتها الأخية، وبعد الغزوة الدورية في القرن الثاني عشر ق.م اختفت الكتابة في بلاد اليونان، وبالتالي فإنه لم يكن لهذين الخطين أي تأثير على نشأة الخط الإغريقي.

الحروف الأبجدية الكلاسيكية

كان الخط الإغريقي والخط اللاتيني الروماني بالتأكيد أهم الخطوط التي سادت في العصور الكلاسيكية وأعظمها تأثيراً، وقد نشأ منهما معظم الخطوط الكتابية المعروفة في عالم اليوم .

- الخط الإغريقي:

مما لا شك فيه أن الخط الإغريقي تم اقتباسه من الخط الأبجدي السوري المسمى الفينيقي. وقد عرف الإغريق القدماء هذه الحقيقة وعلى رأسهم هيرودوت في تاريخه Herodotos V,58 وكذلك الرومان مثل العالم الموسوعي بلينيوس في كتابه: «التاريخ الطبيعي» Plinius, Historia Naturalis، وهما اللذان أكدا الأصل الفينيقي للخط الإغريقي. كما أن الأساطير الإغريقية تنسب إلى الأمير الفينيقي قدموس إدخال الأبجدية إلى بلاد اليونان، وتتأكد هذه الحقيقة من خلال الشواهد التالية إضافة إلى الروايات التاريخية:

1 - احتفظت الأشكال الكتابية الباكرة للحروف الإغريقية بملامح كثيرة من الكتابة الفينيقية.

2 - أسماء الحروف الإغريقية (ألفا، بيتا، جمّا، دلتا الخ )، ونظام ترتيبها في الكتابة الإغريقية يتفق تماماً مع ترتيب الحروف الفينيقية (أبجد هوز ....)

3 - كان اتجاه الكتابة في البداية من اليمين إلى اليسار- أي على شاكلة الكتابة السامية – ثم أصبح على طريقة المحراث bustrophedon قبل أن يستقر اتجاهها من اليسار إلى اليمين .

4 - استخدام الأحرف الإغريقية للدلالة على الأرقام الحسابية مثلما هو معروف في الحروف الفينيقية السامية .

لا يعرف على وجه الدقة زمن اقتباس الإغريق للأبجدية الفينيقية، وبما أن أقدم النقوش الإغريقية المكتشفة تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد فإن معظم الباحثين يرون أن زمن الاقتباس يعود إلى هذا التاريخ، ولكن بعضهم يعيده إلى القرن التاسع ق.م (الباحث جلب Gelb). إن ما يميز الكتابة الإغريقية بصورة جوهرية عن الكتابة الفينيقية هي أنها لا تقتصر فقط على الحروف الصامتة (أو الساكنة )، وإنما تشمل أيضاً الحروف الصوتية (أي المتحركة) التي توفر الدقة في نقل الصوت في أثناء لفظ الكلام، وهو أمر لا غنى عنه لأي لغة هندو-أوربية كالإغريقية بسبب كثرة صوتياتها قياساً إلى محدوديتها في اللغات السامية .

يتمثل ابتكار الإغريق في أمرين أساسيَّين:

١- استخدام الرموز الدالة على الأصوات الحلقية الفينيقية التي لا وجود لها في لغتهم (كالحاء والعين) للتعبير عن الصوتيات؛ وهكذا تحول حرف الألف إلى A، وحرف الهاء إلى E، وحرف العين إلىO الخ.

٢- كما أنهم أضافوا حروفاً جديدة تحتاج إليها لغتهم مثل :Φ,Χ,Ψ,Θ. وفي الحقيقة فإن الخط الإغريقي لم يكن يمثل نموذجاً واحداً كالخط الفينيقي وإنما تشعب إلى عدد كبير من الخطوط المحلية المتمايزة والمتباينة في لهجاتها، ويعود سبب هذا الاختلاف إلى تشرذم دول المدن الإغريقية Polis وغياب الوحدة السياسية فيما بينها، إضافة إلى أن اقتباس الأبجدية الفينيقية جرى في أزمنة وأمكنة مختلفة. وقد ميز الباحثون ثلاث مجموعات كبرى من الخطوط وهي :

1 - الأبجديات الباكرة الأولى في الجزر الدورية الواقعة جنوب اليونان ولاسيما في كريت وميلوس وتيرا .

2 - الأبجديات الشرقية وموطنها مدن آسيا الصغرى وجزر بحر إيجه وأتيكا وكورنثه.

3 - الأبجديات الغريبة في شبه جزيرة البيلوبونيز وبويوتيه وتسالية والمستعمرات الإغريقية في جنوب إيطاليا وصقلية .

 

منحوتة من دورا أوروبوس عليها نقش يوناني

نص يوناني على أرضية كنيسة من الفسيفساء اكتشفت عام ٢٠١٨م في عقيربات في بادية حماة

وتختلف المجموعات الثلاث بعضها عن بعض في بعض أشكال وعدد الحروف التي أضافتها كل منها إلى الأبجدية الفينيقية وذلك بحسب لهجتها.

يعد العام ٤٠٣ ق.م من الأعوام المهمة والمفصلية في تاريخ الخط الإغريقي؛ إذ تم فيه اعتماد الأبجدية الإيونية المستعملة في مدينة ميليتوس Meletos بصورة رسمية في مدينة أثينا – الزعيمة الفكرية لبلاد اليونان – وبدأت تنتشر في كل مكان بعد أن ترسخت وتوحدت الإضافات والتعديلات على الأبجدية الكنعانية الفينيقية وأهمها:

نقش يوناني من بلدة حينة في ريف دمشق

1 - وضع علامات خاصة بالأحرف الصوتية الأساسية، وهي A,E,I,O,Y، ثم أضيف إليها الحرف H/η للدلالة على الحرف الصوتي الطويل ē، وذلك بعد اختفاء حرف الهاء من الأصوات الإيونية، وكذلك إضافة الحرف Ω للدلالة على الحرف الصوتي الطويل Ō

2 - إضافة الحروف المركبة ph=Ø , ks=X ,ps= Ψ، وبذلك أصبح عدد حروف الأبجدية الإغريقية ٢٤ حرفاً، وتم الاستغناء عن ثلاثة حروف أخرى بقيت مستعملة للدلالة على الأرقام العددية، وهي F,O,π التي تقابل على التوالي الواو والقاف والصاد (ستة، تسعون، تسعمئة) في الأبجدية الفينيقية .

وما إن جاء القرن الرابع ق.م حتى ظهر الخط الإغريقي الكلاسيكي بشكله الجميل المعروف، ولم تتغير بنيته الداخلية على مر العصور سواء في العصر الهلنستي أم الروماني أم العصور الوسطى والحديثة، اللهم إلا ما طرأ عليه من تحوير بسيط في شكله الخارجي .

وقد كتبت بهذا الخط مئات الألوف من النقوش التي دونت على الحجر أو المعدن أو الفخار أو على النقود والنصب التذكارية المختلفة؛ ولذلك فإن دراستها ترتبط خاصة بعلم النقوش epigraphy (إبيغرافيا)، حيث كان يتم نقر الحروف في الحجر ويّلون غالباً باللون الأحمر لتسهل قراءتها، وكانت ترصف بعضها إلى جانب بعض من غير أن يكون هناك فاصل بين الكلمات . ويعد حجر رشيد[ر] في دلتا مصر من أشهر النقوش التي دونت بالخط الإغريقي في العصر البطلمي(القرن الثاني ق.م)، وقد كتب بثلاثة خطوط هي الهيروغليفي والديموطيقي والإغريقي.

جرى تطوير الخط الإغريقي في العصر الهلنستي على يد النحوي الشهير أرسطوفان البيزنطي Aristophanes رئيس مكتبة الإسكندرية ومن بعده تلميذه أرسطارخوس Aristarchos بابتكار علامات النبر؛ وهي على ثلاثة أنواع: النبرة الحادة ( َ ) والنبرة الثقيلة (\ ) والنبرة المزدوجة (ˆ) توضع فوق الحرف الصوتي المراد إبرازه في النطق.

وبذلك وصلت الكتابة الصوتية إلى حد الاكتمال، وصار بالإمكان معرفة النطق الصحيح للكلمات والتمييز بين الكلمات المتشابهة في كتابتها والمختلفة في معناها.

ومن الجدير بالذكر أن نظام النبرات لم يطبَّق إلا في كتابة النصوص المدونة على لفائف البردي، وفيما بعد على الرقوق الجلدية أي المخطوطات. وفي العصر الروماني بدأ الخط اليدوي السريع العادي بالظهور شيئاً فشيئاً في المعاملات اليومية على النقوش والنصب التذكارية أيضاً، وما إن جاء القرن الثالث الميلادي حتى أصبح واسع الانتشار.

وتجدر الإشارة إلى أنه وجدت في آسيا الصغرى في العصور الكلاسيكية مجموعة كبيرة من الخطوط الشبيهة بالخط الإغريقي، والتي تنتمي لغاتها أيضاً إلى المجموعة الهندو - أوربية (ومنها اللغة الفريجية والليكية والليدية والكارية )، ويرى بعض الباحثين أن خطوطها ليست إغريقية الأصل وإنما انحدرت من الكتابة الفينيقية .

ومن أهم الخطوط التي انبثقت من الخط الإغريقي الخط القبطي والخطوط السلافية، أمّا الخط القبطي فبدأ بالظهور منذ القرن الثالث الميلادي على أيدي المسيحيِّين المصرييِّن الذين اقتبسوا معظم أبجديتهم من الخط الإغريقي (٢٥حرفاً)، وأضافوا إليها سبعة رموز من الكتابة الديموطيقية للتعبير عن باقي أصوات اللغة المصرية القديمة فصارت الأبجدية القبطية تتألف من ٣٢ حرفاً، وبقيت مستعملة زمناً طويلاً بعد الفتح العربي . وأما الخطوط السلافية التي يمثلها الخط الروسي فنشأت في القرن التاسع الميلادي من الكتابة الكيريلية التي كانت تضم ٤٣ رمزاً، وتتألف من الأحرف الإغريقية (٢٤) التي أضيف إليها بعض الرموز والحروف المزدوجة ثم جرى تبسيط الأبجدية الروسية سنة ١٩١٧ لتأخذ شكلها النهائي .

الخط اللاتيني

من المؤكد أن الخط اللاتيني مثل كلِّ الخطوط الإيطالية القديمة، وعلى رأسها الخط الإتروسكي الذي يعود إلى الخط الإغريقي الذي انتقل إلى إيطاليا عن طريق المستعمرات الإغريقية القائمة في جنوبها، ولاسيما كوماي Cumae الواقعة على خليج نابولي. ولكن ليس من المعروف إن كان الرومان قد اقتبسوا كتابتهم مباشرة من إغريق كوماي أو وصلت إليهم بوساطة الإتروسكييّن الذين حكموا روما في القرن السادس قبل الميلاد. وقد انتشرت هذه الكتابة أولاً في روما ومنطقة لاتيوم ثم في إيطاليا وبعدها في كلِّ أنحاء الامبراطورية الرومانية قروناً طوالاً.

وفي كل الأحوال فإن الخط اللاتيني الذي تعود أقدم آثاره إلى القرن الخامس ق.م؛ مر بعدة مراحل تطور فيها إلى أن اتخذ شكله النهائي في القرن الأول قبل الميلاد. وأهم الاختلافات بين الخطين اللاتيني والإغريقي تتجلى في الأمور التالية :

١- استخدام الحرف C الذي يقابل الحرف الإغريقي Γ = g للدلالة أيضاً على حرف الكاف، ولكن في القرن الثالث ق.م جرى ابتكار رمز خاص بحرف g (وهو G)، وصار الحرف Cالرمز الرئيسي لحرف الكاف الذي صار له في الخط اللاتيني ثلاثة أشكال، وهي C و Q اللذان يقابلان حرف القاف في الأبجدية الفينيقية و K وهو نادر جداً لا يرد إلا في كلمات قليلة، منهاKalendae .

٢- إدخال الحرف F للدلالة على حرف الفاء في اللاتينية، والذي اختفى من الخط الإغريقي الكلاسيكي، ولكنه كان موجوداً في الأبجدية الإغريقية الغربية المستعملة في مدينة كوماي، وهو يقابل حرف الواو في الأبجدية الفينيقية.

٣- استغنى الرومان عن الأحرف Φ, Ψ,Θ,Χ التي لا وجود لها في لغتهم وصاروا يستخدمون الحروف المركبة Ch,Th ,Ps ,Ph للدلالة عليها في الكلمات الإغريقية الأصل.

٤- وضعوا الحرف Z في آخر أبجديتهم لأنه لا يرد إلا في الكلمات الإغريقية، واستخدموا أيضاً الحرف Yفي التسميات الإغريقية الأصل مثل اسم سورية Syria وعدلوا شكله ليدل على الحرف الصوتي U (أوV). كما أنهم استخدموا الحرف الإغريقي X للدلالة على الحرف إكس (المؤلف من K+S) الذي يرد في كثير من الكلمات اللاتينية، واستخدموا الحرف الصوتي الطويل H للدلالة على حرف الهاء باللاتينية. وهكذا نشأ الخط اللاتيني الكلاسيكي الذي اقتبسته فيما بعد الأبجديات الأوربية المختلفة مع بعض التحوير والإضافات؛ وهو يتألف من ٢١ حرفاً ويتميز بأسماء الأحرف المختصرة ( آ بي سي دي .... الخ).

كان اتجاه الكتابة في النقوش اللاتينية المبكرة العائدة إلى القرنين الخامس والرابع ق.م من اليمين إلى اليسار أو بالطريقة المحراثية ثم تغير اتجاهها لتصبح من اليسار إلى اليمين، والذي بقي سائداً حتى اليوم.

ومعظم الكتابات اللاتينية التذكارية دونت بحروف كبيرة، وأحياناً بشكل مزخرف بالخط التذكاري الأنيق في القرن الثاني الميلادي، والذي تحدّر منه في الفترة بين القرنين الرابع والسابع الخط المسمى روستيكي rusticus أي البسيط الغليظ. كما استعمل الخط المسمى أونسيالي uncial بحروفه الكبيرة في تدوين النقوش والكتب منذ القرن الرابع حتى التاسع الميلادي.

 

نقش لاتيني من العصر الروماني على جدار صخري

في سوق وادي بردى في ريف دمشق

نقش لاتيني من سوق وادي بردى في ريف دمشق

أما في الكتابات اليومية العادية فقد استخدم الخط السريع والصعب القراءة بسبب اتصال حروفه وتداخلها، والمسمى كورسيف cursive.

ومنذ القرن التاسع بدأت الشعوب الأوربية التي اعتمدت الخط اللاتيني في تشكيل خطوطها الوطنية التي تناسب طبيعة لغاتها، وهكذا نشأ الخط الإسباني والإيطالي والقوطي الألماني.

ولكن الانعطاف الكبير في تطور الخط اللاتيني جاء مع اختراع الطباعة، حيث استخدمت في البداية الحروف المطبعية القوطية، وبدأ التمييز أول مرة بين الحروف الصغيرة minuscule والحروف الكبيرة majuscule، ولكن الخط اللاتيني القديم عاد إلى الوجود مع عصر النهضة والحركة الإنسانية وحل محل الخط القوطي.

لم يعرف الخط الإغريقي القديم علامات الترقيم ولا المسافات الفاصلة بين الكلمات ولاسيما في النقوش إلا في العصر البيزنطي (باستثناء الكتب). أما في الخط اللاتيني فكان يتم جزئياً فصل الكلمات بعضها عن بعض بالنقاط أو الفراغات منذ العصور القديمة، ولكن ذلك لم يأخذ صفة الثبات والاستمرار إلا في العصور الوسطى مع ظهور الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي حين بدأ استخدام علامات الترقيم بالمعنى المعاصر.

لقد نظر القدماء إلى تبسيط الكتابة عبر الأبجدية على أنه نوع من السحر magic، ولذلك صار للحروف دور كبير في ممارسات السحر، وكذلك في التصوف في أواخر العصور القديمة، خاصة أن الحروف كانت تستعمل أيضاً للدلالة على الأعداد.

عرف الخط في العصور الكلاسيكية ظاهرة الاختصارات مثلما هي مستعملة اليوم، وذلك لتوفير المكان والوقت، فكان يكتفي بكتابة الحرف الأول أو الحروف الأولى أو دمج بعض الأحرف. وقد عرف الرومان هذا النوع من الاختصارات منذ القدم واستعملوها في النقوش ولاسيما في أسماء الأشخاص، وعلى سبيل المثال كان الحرف .G يدل على اسم غايوس Gaius و.A يشير إلى أولوس Aulus، و D. يدل على ديكيموس Decimus، والاختصار App. يشير إلى أبيوس Appius، وهكذا. كما كان يتم اختصار كلمة ابن بالحرف .f (=filius)، وقرارات مجلس الشيوخ بالرمزين .S.C (=Senatus Consultum)، وكذلك S.P.Q.R (Senatus popul sque Romanus) مجلس الشيوخ والشعب الروماني. ويتم اختصار الألقاب والوظائف مثل cos. قنصل (Consul) والقناصل تختصر بالرمز coss. (= consules)، ومحامي الشعب tribunus populi يختصر بـ trib. pop.، ولقب أبو الوطن p.p. (= pater patriae)، وألقاب النصر مثل Ger. (= Germanicus) قاهر الجرمان الخ. كما استعملت الاختصارات في التقويم وأسماء الشهور مثل: A U C (ab urbe condita) أي منذ تأسيس المدينة (أي روما)، Kal. (= Kalendae) أول الشهر، a. (= anno) في سنة، Sep. (=September) و (November =) Nov..

وتظهر هذه الاختصارات في النقوش اللاتينية وعلى النقود، ثم انتقل هذا التقليد إلى المخطوطات والبرديات، وساد بعد ذلك في الكتابة الدارجة.

ويمكن تتبع أشكال الحروف والخط الإغريقي واللاتيني على مدى ألف سنة في آلاف النقوش الكلاسيكية المكتشفة في سورية، وذلك في مجموعة النقوش الإغريقية واللاتينية لسورية، والتي صدرت في عدد كبير من المجلدات باسم Inscriptions grecques et latines de la Syrie، ويرمز إليها اختصاراً بـ IGLS. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن نقش التعرفة الجمركية التدمرية باللغتين الآرامية التدمرية والإغريقية يعد أشهر النقوش التي دونت بالخط الإغريقي في سورية.

إن معظم الكتابات التي نشأت في أوربا ولدت من الكتابة اللاتينية، ولكن اقتباس هذه الكتابة لم يكن عملية آلية؛ فلغاتها المختلفة تتباين بأصواتها وخصائصها المحددة؛ ولذلك أدخل على الخط اللاتيني أشكال ورموز خاصة باللغات الألمانية والإنكليزية والفرنسية والبولونية والتشيكية والمجرية الخ بوساطة علامات فارقة. كما أن الكتابة اللاتينية انتشرت عند شعوب غير أوربية كالأتراك والأندونيسيّين والفيتناميّين وشعوب إفريقية كثيرة. وقد أصبح اليوم استعمال الكتابة اللاتينية والحروف اللاتينية نموذجاً عالمياً موحداً في عالم الحاسوب وشبكة الاتصالات العالمية حقيقة واقعة، وكل ذلك بفضل ابتكار الأبجدية والخطوط التي عبرت عنها وجسدتها، والتي انطلقت من المشرق العربي من سورية إلى بلاد الإغريق والرومان ثم إلى أنحاء العالم.

محمد الزين

 

التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 528
الكل : 31512549
اليوم : 28954