logo

logo

logo

logo

logo

حلبية

حلبيه

Halabiya - Halabiya

 ¢ حلبية

حلبية

تاريخ الأعمال الأثرية

تاريخ الموقع

المكتشفات

 

تقع مدينة حلبية Halabiya على بعد 60 كم إلى الشمال الغربي من دير الزور، شيدت على الضفة اليمنى لنهر الفرات فوق مرتفع بارز يحيط به واديان ومجرى النهر في المنطقة المنخفضة الذي يفصلها عن موقع زلبية في الجهة المقابلة. تبلغ مساحة الموقع 17 هكتاراً؛ تتوزع ضمنه منشآت المدينة المختلفة، يتم الوصول إليها من خلال بوابتين كبيرتين وبوابات أخرى أصغر حجماً، يحيط بالموقع سور من ثلاث جهات يمنحه شكل مثلث من خلال التقاء السور الشمالي السور الجنوبي في قمة المرتفع حيث تتوضع القلعة ذات الشكل المستطيل. وتتقدم السور أبراج بارزة يبلغ عددها ٣٤ برجاً، تختلف في أشكالها وأحجامها في الجزء الشرقي مقارنة بالأجزاء الأخرى.

تاريخ الأعمال الأثرية:

يعد الرحالة الإيطالي غاسبارو بالبي Gasparo Balbi أحد تجار البندقية؛ أول من ذكر الموقع عندما مرَّ به في طريقه إلى الهند خلال القرن السادس عشر، ثم ذكره لاحقاً الإنكليزي ف.ر. تشسني F. R. Chesney خلال مهمته العسكرية في مصر وسورية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر.

خريطة الموقع

وفي عام 1910 بدأت أولى بعثات التنقيب عملها في الموقع، عندما قام الباحثان ف. ساري F. Sarre وإ. هيرزفيلد E. Herzfeld؛ بإجراء عملية توثيق معماري ورفع هندسي لبقايا المدينة والمدافن البرجية. لكن أهم الأبحاث الأثرية في الموقع كانت بين سنتي 1944- 1945م، والتي قام بها الفرنسيان ج. لوفري J. Lauffray وب. هاملين P. Hamelin وأنجزا مخططاً طبوغرافياً للموقع ورفعاً هندسياً لجميع التحصينات والمباني التي تم الكشف عنها في القطاع الشمالي- الشرقي؛ وكذلك للكنائس والحمامات. وفي سنة 1974م أكمل ف. و. ديشمن F. W. Deichmann الأعمال المتعلقة بالسور؛ ونشر فرضيات جديدة بالاعتماد على مكتشفاته.

موقع حلبية

استأنفت بعثة سورية- فرنسية التنقيب في الموقع سنة 2004م، وركزت العمل على داخل المدينة ومنطقة المدافن. بعد ذلك وفي سنة 2011 م تألّفت بعثة جديدة مشتركة سورية- فرنسية للتنقيب في الموقع؛ نظراً لاتخاذ قرار حكومي بإنشاء سد على نهر الفرات في المنطقة.

أبراج السور

أبراج السور في حلبية

تاريخ الموقع:

تُعدّ حلبية إحدى المدن الأثرية المهمة المسماة بمدن القلاع على وادي الفرات المؤرخة في العصر الروماني، حيث تم اختيار موقعها أمام مجرى الفرات وتحديداً عند اختناق النهر بين المرتفعات البازلتية والأودية الطبيعية التي تحيط بالموقع الأثري، وهذا الموقع الاستراتيجي جعل لحلبية أهمية كبيرة؛ وغدت تسيطر على حركة الملاحة في نهر الفرات منذ العصور القديمة. فقد أشار بعض الباحثين إلى أن حلبية كانت موجودة خلال العصر الآشوري الحديث، وذلك بالاعتماد على مطابقتها مع مدينة دومّوتُ Dummutu وزلبية مع مدينة أزمُ Asmu، وقد ورد ذكر هاتين المدينتين في حوليات الملك الآشوري آشور ناصربال الثاني في أثناء ملاحقته للملك أزي إيلي Azi-ili؛ وقد استطاع السيطرة على المدينتين، وخرج من خانق الفرات، وهو أول ذكر للخانوقة يرد في أخبار الملك باسم نينقوشابورات.

أبنية أثرية من الداخل

خلال العصر الهلنستي لم يرد أي ذكر واضح لاسم حلبية؛ لكن بعض الباحثين افترض اسماً إغريقياً/ لاتينياً لها وهو بيرثا Birtha ، أو فيلسكوم Philiscum، بيد أنه حتى الوقت الحاضر لم يتم التأكد من صحة هذين الاسمين، في حين أن الاسم الذي عرفت فيه المدينة خلال العصر الروماني هو زنوبيا، ويعود السبب إلى التحصينات التي قامت بها زنوبيا في المدينة، وجعلها موقعاً متقدماً لمملكتها تسيطر من خلاله على الفرات وتعزز دفاعاتها في وجه الفرس.

أبنية أثرية في حلبية

إنّ أغلب المصادر التاريخية اللاحقة لفترة زنوبيا تتحدث عن الموقع خلال فترة الامبراطور جوستنيانوس Justinianus (527- 565 م)، ومن أهمها ما ذكره المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس Procopius (500- 560 م): »مدينة تأسست من قبل زنوبيا ملكة تدمر في ذكرى أحد انتصارات زوجها أذينة». في الواقع لفهم أهمية حلبية لا بد من التطرق إلى العلاقات مع تدمر، وقبل ذلك لابد من الإشارة إلى أن الاكتشافات الأثرية أظهرت وجود بقايا أثرية في حلبية قبل عصر أذينة وزوجته، بيد أنه حتى الوقت الحاضر لم تتضح طبيعة الاستيطان أو شكل المدينة وتخططيها، في حين أن ذكر حلبية يظهر في المصادر التاريخية معاصراً لزنوبيا، ومن ثمّ فمن المؤكد أن حلبية كانت تتمتع بأهمية كبيرة وحظيت بالعناية من قبل تدمر، وهذه الأهمية تعود إلى الموقع الاستراتيجي على نهر الفرات الذي عُدَّ معبراً للقوافل التجارية، ولاسيما أن مجرى النهر في هذا المكان يضيق ويجري ببطء ويغدو من السهل السيطرة عليه، ومن هنا أتى اسم الموقع الخانوقة. وهو ما يؤكد أهمية هذا الممر منذ العصور القديمة وأن السيطرة عليه لا تعني فقط السيطرة على التجارة النهرية وتجارة القوافل؛ بل السيطرة على منطقة نادرة يسهل فيها عبور الفرات، وقد أدرك التدمريون هذه الأهمية خصوصاً في الأوقات التي يصعب عليهم استخدام الطرق التجارية المألوفة.

السور الشمالي والأبراج

شهدت المنطقة خلال القرن الرابع الميلادي أحداثاً مهمة، منها تحول معارك الرومان مع الفرس إلى دفاعية. ومع وصول جوستنيانوس إلى الحكم اتبع سياسة مختلفة وكان لديه مشروع يسعى إلى تحقيقه؛ يتضمن جلب السلام للحدود الشرقية، وهذا الأمر يفسر حركة العمران التي شهدتها فيما بعد عدة من المدن والمواقع؛ ولاسيما الدفاعية منها مثل حلبية. وقد وصف المؤرخ بروكوبيوس أعمال جوستنيانوس في حلبية وعلى طول الضفة اليمنى لنهر الفرات؛ إذ يذكر أنه أمر بإعادة تدعيم أحد الحصون الذي يعرف باسم مامبري Mambri، وهو واحد من الحصون الثلاثة التي أمر ببنائها ديوقلسيانوس Diocletianus (284- 305م) في الصحراء الفاصلة مع الفرس. ويورد بروكوبيوس أنه على بعد خمسين ميلاً من هذا الحصن على الطريق الروماني شيدت زنوبيا زوجة أذينة مدينة صغيرة أسمتها باسمها؛ وأن جدرانها تهدمت مع الزمن بسبب هجرة سكانها منها، فأعاد الامبراطور جوستنيانوس بناءها بالكامل، وأسكن فيها الجنود والحامية العسكرية، ثم أمر الامبراطور ببناء الأسوار والكنائس والحمامات وتدعيم المدينة من الجهة الغربية لصد هجمات البرابرة الذين كانوا يهاجمون المدينة من هذا الجانب، وغدت المدينة حصناً منيعاً للرومان.

أورد بروكوبيوس أن الملكة زنوبيا هي من بنت الموقع؛ في حين تثبت المعطيات الأثرية أن سكن الموقع يعود إلى ما قبل هذه الفترة، والثابت أن زنوبيا ساهمت في تحصين الموقع؛ لكنَّ التدمريين كانوا في المنطقة منذ عهود أقدم، فعلى سبيل المثال يذكر المؤرخ أبيانوس Appianus أنه عندما أرسل أنطونيوس Antonius (83 - 30ق.م) فرسانه إلى تدمر وأعطاهم الأمر بنهبها سنة 41 ق.م وعلم التدمريون بذلك؛ قاموا بإخلاء المدينة، وأسرعوا نحو الفرات، فعبروا النهر ونصَّبوا على ضفته مجموعة من النبالين. وقد يكون موقع حلبية هو الموقع المقصود ضمن حديث أبيانوس، وهذا الأمر يؤكد أنَّ التدمريِّين علموا أهمية هذا الموقع ووصلوا إليه منذ القرن الأول ق.م.

المكتشفات:

مع أن أعمال التنقيب الأثري لم تشمل جميع قطاعات المدينة؛ فقد تركزت الأعمال-على نحوٍ أساسي-على القلعة والسور والمدافن وبعض الأحياء السكنية، ومايزال هنالك الكثير ممّا يجب كشفه، إلا أن ما تم الكشف عنه أكَّد أن استيطان الموقع بدأ منذ بداية العصر الروماني؛ واستمر حتى القرن الثالث عشر الميلادي (العصر الإسلامي)، ولم يعثر على طبقات أقدم من ذلك حتى الآن.

كانت البقايا المكتشفة من العصر الروماني قليلة نسبياً، تضمنت بعض العمارة السكنية، والتحصينات، والمدافن التي ما يزال قسم كبير منها بحالة حفظ جيدة، وتتوضع على طول الضفة اليمنى للنهر، وهي من عدة أنواع: البرجيةtombeaux- tours ، والأرضية hypogees، والتومولي tumuli. وقد بيّنت الأبحاث أن تاريخ بناء المدافن البرجية يعود إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديَّين؛ وهي معاصرة لفترة زنوبيا، وهي تشابه مثيلاتها في تدمر وفي دورا أوربوس، مع العلم أن آخر برج تم بناؤه في تدمر يعود إلى عام 129م. كما عثر على بعض اللقى، من بينها قطع نقدية (تاريخها ما بين القرنين الأول والرابع الميلاديَّين) يخص بعضها الامبراطور غورديانوس الثالث Gordianus III (238- 244م)، وثمة كسر زجاجية وفخارية تعود إلى القرنين الثالث والرابع الميلاديَّين، وهي من النوع الشائع في موقع دورا أوربوس، علاوة على مكتشفات ولقى أخرى متنوعة.

تدل المكتشفات الأثرية على أن المرحلة الأهم من استيطان الموقع كانت خلال العصر البيزنطي (ما بين القرنين الرابع والسادس الميلاديَّين)؛ إذ كان للمدينة مخطط تنظيمي يتضمن الشارع الرئيسي cardo والشوارع الفرعية، وأحياءً سكنية ومباني مدنية ودينية، وتحصينات كالسور والبوابات وغير ذلك. وقد نسب بناء التحصنيات خلال هذا العصر إلى الامبراطور أنستاسيوس الأول Anastasios (491- 518 م). كما أعيد بناؤها في مرحلة ثانية خلال فترة حكم الامبراطور جوستنيانوس؛ بالتزامن مع بناء سور تدمر نحو527م.

أحد الأبراج الجنائزية

أما القلعة التي تأخذ شكلاً مستطيلاً تقريباً، وتبلغ أبعادها 20م×40م؛ فقد شُيِّدت فوق تلة صخرية، في الجزء الأكثر ارتفاعاً في الموقع. وأظهرت الدراسات أن بناءها يعود إلى أكثر من مرحلة، استطاع لوفري تمييز ثلاث مراحل منها: الأولى: كانت القلعة فيها تتوضع ضمن الجزء الشرقي من التل؛ وقد بنيت قبل عهد جوستنيانوس، والثانية: تم توسعتها لتأخذ شكلها المستطيل في عهد جوستنيانوس، والثالثة: في العصر الإسلامي حيث أعيد ترميمها، وظلت مستخدمة حتى القرن 13م.

يعود الحي السكني الذي تم الكشف عنه في الجزء الجنوبي من المدينة إلى العصر البيزنطي، وقد ضم مجموعة من المنازل، تميز أحدها بمخططه المعروف باسم بهو الأعمدة peristyle، وقد أعيد إشغال هذه المنازل خلال العصر الأموي. كما تم الكشف عن كنيستين؛ الأولى: الكنيسة الشرقية التي يعود تاريخ بنائها إلى عدة مراحل: أولها فى عهد الامبراطور أنستاسيوس؛ وكان مخططها يشبه مخطط كاتدرائية الرصافة، وتعود المرحلة الثانية إلى عهد الامبراطور جوستنيانوس، وربما كان هنالك مرحلة ثالثة تعود إلى عصر الأمويِّين حيث استمر المسيحيون باستخدام الكنيسة، وضمن هذه المرحلة تم إعادة ترميم المصطبة الرئيسية. أما الكنيسة الغربية فقد بنيت مع الحمامات في الجزء المنخفض من المدينة قرب السور خلال عهد جوستنيانوس؛ ويذكر المؤرخ بروكوبيوس أنها من أعمال هذا الامبراطور، وبقيت مستخدمة حتى عهد الامبراطور موريكيوس Mauricius (582 - 602م).

كشفَ أيضاً عن عدد من المدافن التي تعود إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديَّين، وهي ذات مخطط معروف في مناطق شمالي سورية، وهو على شكل صليب، وثمة ثلاثة قبور حجرية معقودة arcosolia، ومصطبة ضمن غرفة مربعة تعرف باسم triclinium.

همّام سعد

مراجع للاستزادة:

- ج. لوفري، «الخانوقة تمهيد جغرافي تاريخي عن حفريات مديرية الآثار العامة في موقع حلبية (زنوبيا)»، الحوليات الأثرية السورية، م1، ج1، دمشق، 1951، ص 131 - 139.

- F. R. Chesne, The expedition for the survey of the rivers Euphrates and Tigris, vol. I, London, 1850.

- J. Gaborit , La vallée engloutie : géographie historique du Moyen-Euphrate, IFPO, Beyrouth, 2012.

- J. Lauffray, Halabiyya-Zenobia : place forte du limes oriental et la haute-Mesopotamie au VI siecle, Tome I, Paris, 1983.

- J. Lauffray, Halabiyya-Zenobia : place forte du limes oriental et la haute-Mesopotamie au VI siecle, Tome II, Paris, 1991.

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 513
الكل : 31584343
اليوم : 19198