logo

logo

logo

logo

logo

حصن سليمان (موقع-)

حصن سليمان (موقع)

Hosn -Suleiman -

 ¢ حصن سليمان

حصن سليمان (موقع -)

تاريخ البحث الأثري

المباني الأثرية

 

يقع موقع حصن سليمان (بيتوكايكيه القديمة Baitokaike) إلى الشمال الشرقي من مدينة صافيتا بنحو 30 كم عند قرية «حصن سليمان» ويتربع الموقع على ارتفاع 900م عن سطح البحر، في قرية حديثة حملت اسمه حصن سليمان، في وادٍ قليل العمق عند أطراف قمة النبي صالح؛ أعلى قمم السلسلة الجبلية الساحلية السورية.

أطلق سكان المنطقة خلال الفترة الإسلامية المتأخرة التسمية الحالية للموقع؛ متصورين المعبد الكبير كحصن دفاعي حقيقي؛ نظراً لضخامة حجارة بنائه فوق مساحة كبيرة. وتذكر الكتابات المكتشفة في الموقع مراراً اسم المعبد وقريته باسم بَيتوكَايكِيه (Baitokaike) أي «بيت الخروع» ويبدو واضحاً الأصل السامي للاسم المركّب من لفظين: الأول بيتو (Baito) بمعنى بيت أو معبد أو قرية، والثاني كايكيه (Kaike) الذي فُسر كتحريف لكلمة «قَيْق» الآرامية، والتي تعني «نبات الخروع» إن الأسماء المركّبة من كلمتين (بيت) و (نوع من النباتات) هي شائعة بين العديد من أسماء القرى في المنطقة السورية – الفلسطينية؛ وفي سلسلة الجبال الساحلية خاصة.

مخطط الموقع

على الرغم من أن آثار المجمع الديني هي الظاهرة فقط، لكن يُعلم من خلال الوثائق الكتابية بوجود قرية تحمل اسم بيتوكايكيه، كانت مأهولة منذ القرن الثالث أو الثاني ق.م، أي الفترة التي ربما يعود إليها التشييد الأول لمعبد زيوس. يتوزع المجمع المعماري في نواتين معماريتين أساسيتين، تمثل الأولى معبداً ضخماً مكرساً للإله زيوس، وتمثل الثانية كتلة معمارية معقدة محددة بسور «الحرم الصغير». تم إنشاء المجمع المعماري بالحجر الكلسي المحلي، وتوزعت المقالع في ساحة المعبد وعلى السفح الغربي لقمة النبي صالح إلى الشرق قليلاً من سور المعبد.

وتشير المعطيات الأثرية- الكتابية منها خاصة- إلى وجود معبد خلال الفترة السلوقية، بيد أنه من الصعب جداً إعادة تخيله؛ نظراً لفقدان معالمه تماماً. وتعود معظم آثار التنظيم المعماري في الموقع إلى الفترة الرومانية ما بين القرنين الأول و الثالث الميلاديين.

منظر عام لموقع حصن سليمان

تاريخ البحث الأثري:

لفت الموقع أنظار الرحالة والباحثين خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر؛ نظراً لضخامة بنائه وبعده عن المراكز المدنية في السهول و الشواطئ. وفي عام ١٩٣٤ زار الألمانيان كرينكير D. Krencker وزشيتزشمان W. Zschietzschmann الموقع، ووصفاه على نحو مفصل أول مرّة بأسلوب متقن، وأغنيا تحليلاتهما بالمخططات والرسومات التوضيحية، ونشرا عدداً من الكتابات الجديدة التي وجداها في الموقع. وتمت مناقشة النصوص اليونانية واللاتينية وتحليلها لاحقاً من قبل الباحثين: سيريغ H. Seyrig، وريه كوكيه J.-P. Rey-Coquais وريجسبي K.J. Rigsby. وفي عام 2004م قدّم الآثاري الألماني فرايبرغر K.S. Freyberger دراسة معمارية ووظيفية للمعبد الكبير أثارت جدلاً كبيراً حول تأريخه. وقد قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بحفريات أثرية أول مرّة- في عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٤م- بإدارة علي عثمان، ثم قامت البعثة السورية الكندية برئاسة لوران تولبك L. Tholbecq ويامن دبور- ما بين عامي ٢٠٠٦-٢٠١٠م- بدراسة معمارية للموقع وبمسوحات أثرية حوله من دون الشروع بأي أعمال تنقيب.

المباني الأثرية:

١- معبد زيوس الكبير:

شيد معبد زيوس الكبير على طرف وادٍ منحدر قليلاً نحو الغرب، ضمن فضاء مقدس و محدد بسور كبير غير منتظم، أبعاده (١٣٤×٨٥م) بمحور شمال شرق/ جنوب غرب.

معبد زيوس

أ- السور والباحة الداخلية (التِّمِنُوس Temenos):

أُنشئ الجدار الشمالي لسور المعبد بشكل يتوافق مع الانحدار الطبيعي للموقع، وتحمل كلّ من زاويتيه نحتاً غائراً يصوّر أسداً في الزاوية الشرقية، وأسداً آخرَ أمام شجرة سرو في الزاوية الغربية، ويحذو الجدار الجنوبي حذوه من ناحية الانحدار، وقد بُني كل من الجدار الشرقي والغربي على مستوى واحد. وما تزال معظم مداميك سور الباحة الداخلية temenos قائمة في مكانها؛ فيما عدا أجزاء من الجدار الشرقي و الغربي. ويتفرد السور بتقنيته الإنشائية المؤلفة من حجارة كلسية هائلة الحجم (طولها ١٠م، وارتفاعها ٣م، وعمقها ٢م)، والتي لا مثيل لها إلا في بعض المعابد اللبنانية؛ كما فُتحت بوابة في كل جدار من جدران السور الأربعة. وتقدم البوابة الشمالية نموذجاً للبوابة الأمامية للمعبد الروماني؛ البُروبيلايوم propylaeum، يتقدمها- من كلا الجانبين- رواق (15.3×5.7م) ذو ثمانية أعمدة ذات طراز كورنثي Corinthian في الرواق الداخلي، وذات طراز مركّب composite في الرواق الخارجي بارتفاع أعظمي (11م). وتضم بوابات المعبد تصويراً رمزياً للإله في شكل نسر باسط الجناحين برفقة جنيين، يمسك بمخالبه عصا إله هرمس (رسول الآلهة)، المؤلفة من عصا يلتف حولها ثعبانان وفوقهما جناحان. كما تزين تماثيل فيكتوريا Victoria أفاريز frieze السواكف الخارجية، أما السواكف الداخلية للبوابات فتزينها تماثيل أتلاس Atlas، وهو معبود من الميثولوجيا الإغريقية اشتهر بحمله قبة السماء.

هناك كتابة باللغتين اليونانية واللاتينية منقوشة على جدار السور؛ إلى يسار البروبيلايوم، وهي تعود إلى الفترة ما بين عامي ٢٥٨ و٢٦٠م، وتمثل مصادقة الامبراطورين الرومانيين فاليريانوس Valerianus وغالينوس Gallienus على الامتيازات الملكية السلوقية للمعبد سابقاً- العائدة ربما إلى النصف الثاني من القرن الثاني ق.م- التي تضمّنت منحه الحصانة وحق اللجوء، وإقامة أسواق شهرية ونصف شهرية معفاة من الضرائب. كما تحمل كل من البوابات الثلاث المتبقية كتابات تكريسية باللغة اليونانية مؤرخة في القرن الثاني أو الثالث الميلادي.

يحدد السور باحة داخلية كبيرة (تِمِنُوس temenos) تُعدّ من أوسع الباحات في المعابد السورية (١٣٣.٢٩× ١٣٣.٨٦م). و لعل التجهيز الأبرز في التِّمِنُوس هو ذلك الجزء المرتفع قليلاً والمرتبط بالصخرة المقدسة، الذي يحتل المساحة ما بين الهيكل و الجدار الشرقي للمعبد، حيث شُيد المذبح الرئيس في المعبد، وهو بناء ذو مخطط مربع (٧.٥× ٧.٥م) يحتفظ بداخله بجزء من الصخرة المقدسة التي شيّد فوقها، وإلى جانبه الشرقي بقايا درج خارجي كان يشكل مدخلاً إلى سطحه. يمكن الوصول إلى هذا الجزء من الباحة عبر درج محفور بالصخر في الناحية الشمالية، يتألف من تسع درجات بعرض ١٢م، تتناسب آخرها مع ارتفاع المستوى الثاني من الدرج الأمامي للهيكل، حيث يُلغى حوض صغير بعمق قليل محفور هو الآخر في الصخر، ولعله ارتبط بطقوس الوضوء.

ب- الهيكل:

يرتفع الهيكل في موقع مركزي تقريباً بالنسبة إلى الباحة فوق الجانب الغربي من «الصخرة المقدسة»، بأبعاد (٤٩.٤٤ × ١٣.٤٦م) متضمناً مصطبة المذبح؛ ومحاطاً بالأعمدة المندمجة مع الجدران pseudo-peripteral، وهو ذو نمط رباعي الأعمدة الأمامية tetrastyle؛ مبني فوق مصطبة مرتفعة باتجاه شمال- شرق، و يتقدمه درج أمامي طويل.

ويتألف الهيكل من غرفة أمامية pronaos وأخرى داخلية naos متصلتين بباب مرتفع عن أرضية هذه الأخيرة، وفيه درج جانبي ضيق يقود إلى السطح. ولابد أن الناوس قد ضم أيضاً محراباً adyton-thalamos، لكن كثرة الحجارة المنهارة تعوق تأكيد الأمر، في حين تشاهد بوضوح غرفة سفلية crypta تحت الناوس تنفتح فيها «نافذة» من الناحية الشرقية لمصطبة الهيكل؛ في تشابه كبير مع معابد سورية وآسيا الصغرى الرومانية.

تم تنظيم المنطقة المقابلة لجدار السور الشمالي؛ لتضم مباني عبادية أخرى، كالتراس المرتفع قليلاً في الجهة الشرقية، والمذبح أو المصلى الصرحي على يمين بوابة المعبد الرئيسة؛ بين التراس المرتفع والرواق الخارجي للمعبد، في حين شُيد في الجهة الغربية مقابل السور مبنىً صرحي آخر، كان يحمل واجهة مثلثية.

بقايا معمارية من العصر الروماني في حصن سليمان

٢- الحرم الصغير:

يقع الحرم الصغير على مسافة ٥٦,5م إلى الشمال من بوابة معبد زيوس الرئيسة، و يمتلك مخططاً مربعاً غير منتظم ( طول ضلعه 62م)، مبنياً على ترّاس قليل الارتفاع بالنسبة إلى بوابة المعبد الكبير.

أ- الهيكل الصغير:

له مخطط مستطيل الشكل (٨×١٦م) دُورِي الطراز Doric ذوعمودين أماميين Distyle in antis وسقفٍ مستوٍ، ويحتفظ جدارا الهيكل الطويلان بدعامتين دوريتين زخرفيتين بارزتين Doric Lesene. ويتقدم الغرفة الأمامية- البروناوس pronaos - عمودان، كما يوجد في أعلى ساكف مدخل الغرفة الداخلية- الناوس naos-نحت بارز لنسر بجناحين منطويين، وفجوتان كبيرتان إلى جانبيه، ربما استخدمتا كركيزتين لمنحوتات معدنية أخرى. وإلى يمين الباب، وفي منتصف الارتفاع؛ تقع مشكاة صغيرة ذات سقف على شكل صدفة، محفورة في كتلة حجرية واحدة، وتجانبها دعامتان صغيرتان تحملان قوساً صغيرة.

ب- التنظيم الداخلي للحرم الصغير:

من الصعب جداً تتبع التنظيم الداخلي للحرم؛ نظراً لعدم إجراء حفريات واسعة. وعلى أي حال يمكن تعرّف مبنيين: المبنى النصف الدائري، الإيكسيدرا exedra، والكنيسة البازيليكية البيزنظية basilica، وربما تُلغى سلسلة من المحلات التجارية في الناحية الجنوبية.

تشكل الإيكسيدرا بناءً نصف دائري متجهاً نحو الجنوب، مبنياً على مصطبة مرتفعة، يتقدمه درج أمامي ورواق سداسي الأعمدة ذو طراز كورنثي، ومن المحتمل أن يكون جدار الصدر في الايكسيدار قد ضم مشكاة على شكل مظلة baldachin لحفظ الصورة الإلهية إلى جانب صفين من مشاكٍ مستطيلة، وأخرى نصف دائرية، وقد أظهرت الدراسات الأخيرة إمكان احتضان الحرم الصغير- في واجهته الجنوبية- لمحال ومستودعات، حيث أقيمت أسواق نصف شهرية معفاة من ضرائب العبيد والحيوانات والسلع الأخرى التي ورد ذكرها في الكتابة الرئيسية للمعبد.

ويبدو أن الحرم الصغير قد أُعيد استخدامه خلال الفترة البيزنطية؛ ليضم بازيليكا كنسية ذات مجازات ثلاثة محمولة على صفين من الأعمدة، بقي منها اليوم قدس الأقداس abside. كما تشير اللقى الأثرية إلى إعادة استخدام الحرم الصغير خلال الفترتين الأيوبية والمملوكية أيضاً؛ ما بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر الميلاديين.

طارق أحمد

مراجع للاستزادة:

- A. Baroni, «I terreni e i privilegi del tempio di Zeus a Baetokaike». Studi Ellenistici I, 48. a cura di Biagio Virgilio. Pisa,1984, p.135-167.

- Y. Dabbour, L. Tholbecq, « Le sanctuaire de Baetocaecé (Hosn Suleiman, Jabal Al-Saheliyé, Syrie), un état des lieux », Topoi 16-1, 2009, p. 207-223.

- K. S. Freyberger, « Das Heiligtum in Hossn Soleiman (Baitokaike) », DaM.12, 2004, p. 16-40.

- D. Krencker, W. Zschietzschmann, Römische Tempel in Syrien, vol. 1, Berlin – Leipzig, 1938.

- A.I. Steinsapir, Rural Sanctuaries in Roman Syria. The Creation of a Sacred Landscape, BAR International Series 1431. Oxford, 2005.

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 543
الكل : 29651126
اليوم : 31136