logo

logo

logo

logo

logo

الألقاب في العصور الكلاسيكية

القاب في عصور كلاسيكيه

-

الألقاب

الألقاب في العصر الإسلامي

 الألقاب في العصر الإسلامي

ألقاب السلطة

ألقاب الوظائف

ألقاب الكناية أو ألقاب الصفات

 

 

أولاً - الألقاب في العصر الإسلامي

اللقب في اللغة هو اسم يسمى به الإنسان غير اسمه الأول؛ للتعريف أو التشريف أو التحقير، والأخير منهيّ عنه بأمر الله بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَا مِّن نِّسَا عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الحجرات 11).

وعليه فاللقب في الحضارة الإسلامية استعمل في موضع النعت الحسن، وأُكثر من استعماله بهذا المعنى حتى اصطلح مدلوله على التشريف والمدح والتكريم.

وقد فرق المؤرخون في العصر الإسلامي بين صفات المدح التي كانت ترد بصيغة المفرد؛ أي التي تكون من لفظ واحد، وسموها ألقاباً مثل: "الفاضل"و"الشيخ"و"العالم"وغيرها؛ وبين الصفات التي كانت تأتي على صورة تراكيب؛ أي تتكون من أكثر من لفظ واحد، وسموها نعوتاً مثل: "مولى أمير المؤمنين"، و"نصر الإسلام والمسلمين"، و"عضد الملوك والسلاطين"، وغيرها.

ولم يستخدم الرسولr الألقاب إلا في حالات قليلة، وجا ت الألقاب التي أطلقها على بعض الصحابة بسيطة مثل لقب "سيف الله"الذي حمله خالد بن الوليد، ولقب "حبر الأمة"الذي حمله عبد الله بن عباس. كما لم يُعنَ العرب في العصر الراشدي ثم في العصر الأموي (41-132هـ/661-750م) بإطلاق الألقاب والنعوت لبساطة الحياة الاجتماعية والسياسية آنذاك، فلم تزد الألقاب في الغالب على ما يلزم الوظائف، فأطلق لقب "الخليفة"على أبي بكر الصديقy لأنه خلف النبيr في ولاية أمر المسلمين. وقد تطور مدلول هذا اللقب في العصر العباسي، فصار يشير إلى أن رئيس الدولة خليفة الله، كما أطلق على الخليفة عمر بن الخطابy لقب "أمير المؤمنين"فكان أول من تسمى به، وحمل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لقب "الإمام".

ولكن استخدام الألقاب الرسمية في الإسلام لم ينتشر على نحو واسع إلا في العصر العباسي (132-656هـ/750-1258م)؛ إذ تعقدت أنظمة الدولة، وأخذت بقسط وافر من الحضارة، وتأثرت بما كان في حضارة الفرس وتقاليدهم، وقد انفرد الخلفا العباسيون دائماً بسلطة التلقيب لتمتعهم أصلاً بحق التعيين، وكان الولاة والحكام حتى آخر هذه الدولة حريصين على الحصول على موافقة الخليفة على ولايتهم حتى في حالة استقلالهم استقلالاً فعلياً.

وقد تلقب الخلفا وكبار رجال الدولة بألقاب شخصية كالسفاح والمنصور والمهدي والأمين والمأمون حتى صارت هذه الألقاب من مراسيم الخلافة العباسية وغيرها من الخلافات، التي ظهرت لاحقاً في العالم الإسلامي. كما منح الخلفا العباسيون لوزرائهم ألقاباً فخرية، فلقِّب أبو سلمة الخلال "بوزير آل محمد"، ولَقَّب المأمون وزيره الفضل بن سهل "بذي الرياستين"، وكان الرشيد قبلاً قد لقب وزيره جعفر"بالسلطان"؛ هذا اللقب الذي لم يتطور ليصبح لقباً عاماً متداولاً إلا بعد ظهور الولاة المستقلين، كما أطلق الخلفا العباسيون أيضاً على بعض القادة ألقاباً فخرية شخصية كأبي مسلم الخراساني الذي حمل لقب "أمير آل محمد"، ولُقِّب أبو بكر محمد بن طغج أيام الخليفة  الراضي بالله "بالإخشيد"، وغير ذلك أمثلة كثيرة كلقب "أمير الأمرا "الذي كان ابن رائق أول من حمله سنة 324هـ/963م.

وفي هذا العصر عرفت الألقاب المضافة إلى "الدولة"وإلى "الملة "وإلى "الدين"، كما استجدّ آنذاك نوع جديد من الألقاب التي يمكن تسميتها بألقاب الكناية أو الاستعارة مثل "المقامات الشريفة"و"المجلس"و"الحضرة"، وقد أطلق على هذه الألقاب في العصر المملوكي "ألقاب الأصول".

وكان من المظاهر الرسمية في عصر السلاجقة الإكثار من الألقاب للسلاطين وذوي النفوذ من الوزرا وخصوصاً التي اصطلح على تسميتها فيما بعد بالنعوت؛ أي الألقاب المركَّبة التي تتكون من أكثر من لفظ واحد، ويغلب أن هذا الإكثار من الألقاب التي حملها السلاطين السلاجقة يُعدّ مظهراً من مظاهر اتساع سلطتهم ونفوذهم التي امتدت حتى شملت مختلف أرجا الخلافة، فقد تلقب السلطان طغرل بك "بملك المشرق والمغرب"، وتلقب السلطان سنجر "بذي القرنين" كما حمل وزراؤهم ألقاباً فخرية مهمة "كعميد الملك"و"نظام الملك".

وقد تبع الأتابكة في ممالكهم التي انفصلت عن جسد الدولة العباسية العادات السلجوقية بما في ذلك تقاليد الألقاب، وشاع في عصرهم اتخاذ الألقاب المضافة إلى الدين مثل "ظهير الدين"و"شهاب الدين"ومظفر الدين"وشاع استعمالها حتى شمل طبقتي الكتّاب والجند.

وقد احتفظ الخلفا الفاطميون (297-567هـ/909-1171م) - شأنهم شأن العباسين كذلك - بحق التعيين للوزرا والموظفين وبالتالي بسلطة التلقيب حتى آخر العصر الفاطمي، فقد اتخذ الفاطميون الألقاب العامة التي استعملها المسلمون سابقاً كلقب "أمير المؤمنين"و"الإمام"الذي كان له عندهم قيمة خاصة لأهميته الدينية، هذا فضلاً عن ألقاب الكناية المكانية "كالحضرة الشريفة"اتخذ الخلفا وولاة عهدهم ألقاباً ونعوتاً فخرية خاصة كـ"المعز لدين الله"و"العزيز"و"الحاكم"، ويذكر أنه لما سا ت أمور الدولة الفاطمية أواخر خلافة المستنصر قام بدر الجمالي بالانتقال من دمشق إلى القاهرة، وعمد للتدخل بأمور الحكم حتى سيطر على السلطان، وأقر الأمن، وأبطل منصب الوزارة؛ فاختفى لقب "الوزير الأجلّ"، واستعيض منه لقب "السيد الأجلّ أمير الجيوش"الذي كان لقباً عاماً لصاحب ولاية دمشق آنذاك.

وقد كان للتلقيب في عصر الفاطميين تقاليد خاصة، فكان ينعم باللقب بكتاب صادر عن ديوان الخلافة يقرأ علانية أمام القصر أو على المنابر، وغالباً لم يقتصر استعمال اللقب على المكاتبات الصادرة عن الخلافة، بل يتحتم ألا يخاطب صاحب اللقب أو يكاتب إلا بلقبه المنعم عليه من الخليفة.

وذاعت في هذا العصر بعض الألقاب حتى طغت على أسما أصحابها، وصارت موضع نسبته مثل لقب الوزير الذي ارتبط آنذاك بيعقوب بن كلس، ونسبت إليه الطائفة الوزيرية، وسميت الحارة التي كان يقطنها في القاهرة بالوزيرية أيضاً. وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى اللقب الأفضل الذي حمله شاهنشاه بن بدر الجمالي الذي كاد أن يحل محل اسمه في التاريخ.

وتعدّ الأنظمة التي اتبعت في الدولة الأيوبية (570-658هـ/1174-1260م) مزيجاً موفقاً من كلتا الحضارتين الفاطمية والعباسية جمعت للأيوبيين خبرة واسعة عن الإدارة العباسية في بغداد والزنكية في الموصل والبورية  في دمشق والنورية  في حلب، كما أن صلاح الدين استفاد من الاحتكاك بالأنظمة الصليبية وخاصة بعد أن حرر بيت المقدس 385هـ/1187م.

ومن الألقاب المهمة التي حملها صلاح الدين لقب "الناصر"الذي منحه إياه الخليفة الفاطمي العاضد عندما كان وزيراً له قبل أن ينقلب عليه ويقوم بإسقاط الخلافة الفاطمية 567 هـ/1171م ويحصل سنة 570هـ/1174م على توقيع الخليفة العباسي بتقليده سلطنة مصر والشام وتلقبه "بخليل أمير المؤمنين"، كما انتشر في العصر الأيوبي استعمال لقب "الملك" الذي حمله رؤسا هذه الدولة سابقاً على النعت الخاص الذي كانوا يحملونه "كالملك الناصر"الذي حمله صلاح الدين و"الملك العادل"الذي حمله أخوه من بعده.

كما شاع في هذا العصر استعمال ألقاب الكناية المكانية التي عرف استعمالها قبلاً في الدولة العباسية والفاطمية، فكثر تلقيب صلاح الدين "بالمجلس"في مكاتبات القاضي الفاضل ولقب "المقام"أو "المقام العالي"و"المقر الأشرف"الذي ظل مستعملاً للسلاطين في العصر المملوكي لاحقاً، و"الجناب"و"الجهة"، وفي ألقاب الخطاب خوطب صلاح الدين ومن خَلَفَه بلقبي "المولى"و"مولانا".

كما أخذ الأيوبيون عن السلاجقة لقب "سلطان"فأصبح صلاح الدين يلقب بالسلطان، وحمل ولاة الأقاليم في عهده من أفراد أسرته كالعادل في دمشق لقب "ملك"، وقد شاع استخدام ذلك لدى المؤرخين لاحقاً كالمقريزي وغيره.

واستمر استخدام لقب "قاضي القضاة"الذي كان يُعدّ في الدولة العباسية أعلى الموظفين الإداريين في الدولة، وقد استخدم في العصر المملوكي لاحقاً بالمعنى نفسه، وأطلق على المحتسب لقب"الشيخ"، في حين استخدم للأمرا ألقاب مركبة "كأعمدة الملوك والسلاطين"و"ذخيرة الملوك"و"فارس المسلمين"و"عز الإسلام"وغير ذلك.

وقد استمرت أغلب هذه الألقاب مستخدمة في الدولة المملوكية (658-329هـ/1260-7151م) التي نشأت من الدولة الأيوبية، فحمل حاكمها الأعلى لقب "السلطان"، ولقب "قسيم أمير المؤمنين"الذي كان الظاهر بيبرس أول من حمله في إشارة لإحيائه للخلافة الإسلامية في القاهرة بعد زوالها من بغداد سنة 656هـ/1258م.

كما اتخذ السلاطين المماليك نعوتاً خاصة على عادة ما كان أيام الدولة الفاطمية، فلقب أيبك "بالملك المعز"، ثم لقب قطز "بالملك المظفر"، وحمل بيبرس نعت "الظاهر"، واستمر استخدام مثل هذه النعوت للسلاطين وولاة عهدهم لآخر الدولة.

وبعد القضا على الخلافة العباسية في بغداد انتقلت جهة إضفا الألقاب في هذا العصر إلى ديوان الإنشا الذي صار المصدر الوحيد لمراسيم الدولة وألقاب رجالها، فكثرت الألقاب وتنوعت حتى اضطر أصحاب الدواوين لتصنيفها وتنظيمها، فوضع ابن فضل الله العمري المتوفى سنة 749هـ/1348م كتابه "التعريف بالمصطلح الشريف"، وتلاه القلقشندي المتوفى سنة 821هـ/1418م في كتابه المشهور "صبح الأعشى في صناعة الإنشا"، وقد عني أصحاب الدواوين بترتيب هذه الألقاب التي صارت تلحق بالوظائف على نوعين:

أولاً: ألقاب الأصول: وهي في أساسها أحد ألقاب الكناية المكانية كالمجلس والمقام والمقر حيث كان الكتّاب يلحقون بها لقباً معيناً لكل مرتبة من مراتب الوظائف بحسب العرف السائد في عصرهم.

ثانياً: ألقاب الفروع (التوابع): كلقب "الأميري"و"العادلي"، ومنها ما كان يتبع لقب الأصل لزوماً  كلقب "العالي"بعد "المجلس"، ومنها  ما كان يتماشى مع نوع الوظيفة "كالعادلي"للحكام و"العالمي"للعلما ، ومنها ما كان يستعمل لطائفة من الناس دون طائفة "كالشريفي"للأشراف العلويين و"الأميري"للأمرا ، ومنها ما كان يتناسب مع بعض صفات حامله "كوالد الملوك والسلاطين"لمن يكون أباً لأحد الملوك.

وتطورت الألقاب في هذا العصر حتى قسمت الوظائف المختلفة إلى مراتب، ثم عين لكل مرتبة ألقاب خاصة من الأصول والفروع  بصرف النظر عن مطابقة بعض التوابع للصفات الحقيقية لصاحب اللقب، وقد تأثر تطور استخدام هذه الألقاب مع الوظائف بالعديد من العوامل التي جعلت استخدامها في تطور مستمر.

ويغلب أن ألقاب الأصول حملت هذا الاسم ؛لأنها كانت تأتي في أول الألقاب، ثم يبنى عليها ما يليها من الألقاب أي ألقاب الفروع أو التوابع، وكانت ألقاب الأصول تحدد علو طبقة الملقب أو هبوطها، في حين كانت ألقاب الفروع تشمل بعض الصفات مثل"الكبيري"و"العادلي"و"العالمي"، إضافة إلى الألقاب الشخصية التي سبقت الإشارة إليها من نعت خاص، ثم كانت تأتي بعدها الألقاب المضافة إلى"الدين"ثم ألقاب النسبة، وألقاب الوظائف، على الترتيب.

كما رتبت ألقاب الأصول بحسب درجاتها وكذلك ألقاب الفروع، فكانت مثلاً الألقاب المضافة إلى "أمير المؤمنين"أرفع من تلك التي تضاف إلى "الملوك والسلاطين"، ويليها المضافة إلى "الملوك"فقط، ثم التي تضاف إلى "الأمرا ".

كما أن صيغة التفضيل كانت بالألقاب أرفع من التي تأتي بالصيغة العادية، فـ"الأكبر"أرفع من "الكبير"و"الكفيل"أرفع من "الكافل"، كما كانت إضافة يا النسبة إلى اللقب ترفع رتبته في حال استعماله لغير السلطان فـ"الكبيري"أرفع من "الأكبر"، و"الكفيلي"أرفع من "الكفيل"، وكذلك "الأميري"أرفع من "الأمير".

وجرى العرف أن الألقاب كانت ترتب في أماكنها بالنص بدقة؛ حيث يفتتح باللقب الأصلي، ويليه الألقاب المفردة ثم الألقاب المركّبة ثم الاسم ثم ألقاب النسبة بأنواعها وكذلك ألقاب الوظائف التي يشغلها صاحب الألقاب، ثم يلي ذلك الدعا كالمثال التالي الذي يقرأ على واجهة الخانقاه الجقمقية 824هـ/1421م في دمشق:

 [أنشأ هذه الخانقاه والتربة المباركة (المقر الأشرف العالي المولوي الكبيري العالمي المهدي العابدي الهاشمي الناسكي الزعيمي المقدمي الذّخري الظهيري السّيفي) (عزّ  الإسلام والمسلمين سيد الأمرا في العالمين سيف أمير المؤمنين) (جقمق الدودار) (المؤيدي) (كافل الممالك الشامية المحروسة) (ضاعف الله له الثواب وغفر له ولوالديه ولأحبابه يوم الحساب) بمباشرة الجناب السيفي تغري بردي ورمش في شهور أربع وعشرين وثمانماية].

وقد شاعت في هذا العصر الألقاب المضافة إلى الدين في مختلف الطبقات من رجال الحرب والإدارة والعلم مثل "علم الدين أو"مجيد الدين"و"سيف الدين"و"ركن الدين"، وهناك ألقاب شخصية جا ت نسبة إلى الأشخاص "كالسالمي"و"المجيري"و"السلاري"و"الركني"، كما سمي قلاوون "بالألفي"إشارة للمبلغ الذي اشتري به (50 ألف دينار)، ولقب عز الدين أيبك "بالحموي"نسبة إلى مدينة حماه البلد الذي نشأ فيه.

ويمكن تقسيم السلسلة الطويلة للألقاب التي تدل على الوظائف لقسمين: عامة تشير إلى طبقة أو طائفة كالأمير وخاصة تشير إلى وظيفة معيّنة كالساقي (الذي يقدم الشراب) والجاشنكير (متذوق الطعام) والداودار (حامل الدواة) والأسفهسلار (مقدم العسكر وقائد الجيش) والسلاح دار (صاحب السلاح) وغير ذلك كثير، وكان لكل من يحمل هذه الألقاب مكانة عالية وأصول معاملات رسمية وتشريفات بروتوكولية تميزه، ذكرت في العديد من المصادر التاريخية.

وبالعموم فإن أغلب الألقاب التي عرفت في الحضارة الإسلامية جا ت عربية الأصل ورد أغلبها في القرآن الكريم أو الحديث الشريف، ولكن بعد اتساع أقاليم الدولة شاعت بعض الألقاب غير العربية كالفارسية مثل "خسرو"و"شاه"أو من التركية "كأتابك"و"خاتون"وغير ذلك.

ومن الواضح للمتتبع التاريخي لهذه الألقاب أن قيمتها بعد سقوط الدولة المملوكية سنة 923هـ/1517م قد اضمحلت على مر السنين حتى نسيتها العامة والخاصة ولم يبق لما ظل مستخدماً منها أي دلالة أو معنى.

وقد حازت بعض الألقاب التي عرفت في الحضارة الإسلامية شهرة كبيرة في بلاد الشام ومصر وغيرها من العديد من الدول التي نشأت في التاريخ الإسلامي كألقاب "الملك" و"السلطان" و"العابد" و"الكامل" و"المثابر" و"المرابط" و"المجاهد" و"سيدنا" و"مولانا" وغيرها مما استخدم لطبقة الحكام، وألقاب: "الأجلّ" و"المقر" و"المقام" و"الجناب" و"الأشرف" و"السامي" و"الأستاذ" و"الأتابك" وغيرها مما كان يستخدم لطبقة الأمرا ، كما استخدم للسيدات ألقاب عدة منها "خوند" و"خاتون"، في حين استخدم لقب "الخواجا" لطبقة التجار.

وفيما يلي دراسة سريعة لبعض الألقاب المهمة:

أولاً- ألقاب السلطة:

السلطان: هو لفظ من السلطة بمعنى القهر والتسلط، وقد ورد في آيات قرآنية بمعنى الحجة والبرهان، وهو لفظ مأخوذ من اللغة الآرامية أو السريانية.

استخدم لقباً فخرياً لبعض الوزرا في العصر العباسي؛ ولاسيما لجعفر وخالد من أسرة البرامكة، وكان ذلك أول الأمر، ثم استخدم فيما بعد اسماً لمن يتولى السلطة في العصر السلجوقي، وانتقل بعد ذلك مع صلاح الدين إلى مصر ليستخدم لمن يتولى الحكم بأن يطلق عليه السلطان، واستمر بعد ذلك.

سيدنا: يأتي هذا اللفظ في اللغة من السيد معنى المالك أو الزعيم، أطلق لقباً عاماً على الأجلا من رجال الدين والصالحين، فأطلق على آل البيت والخلفا الراشدين والصحابة الكرام، ثم رؤسا القرامطة، ثم أطلق على بعض الولاة والوزرا ، ونعت به ولاة دمشق في القرنين 5-6هـ/11-12م، وانتقل إلى مصر عن طريق بدر الجمالي، وصار شائع الاستعمال حتى إنه أضيف إلى لقب مولانا عند مخاطبة السلاطين في العصر الأيوبي، واستخدم بإضافة النسبة في العصر المملوكي، وقد دخل هذا اللقب في كثير من الألقاب المركّبة، وهو يفيد علو الملقب به على أبنا جنسه.

الأمير: الأمير في اللغة هو ذو الأمر والسلطة، وهو لقب من ألقاب الوظائف التي استخدمت لقباً فخرياً وهو بمعنى الوالي. واستخدم بهذا المعنى، فأطلق للدلالة على الوظيفة لولاة الأمصار التابعة للخلافة الإسلامية، وأطلق على أوليا العهد بالخلافة في العصر الأموي والعباسي، أما في العصر الفاطمي فقد أطلق على أبنا الخليفة كما حمله بعض الولاة مثل بدر الجمالي حين قدم إلى دمشق، ثم شاع استخدامه في عصر السلاجقة وانتقل إلى الأتابكة ومنهم إلى الأيوبيين فالمماليك، واستخدم كلقب فخري بإضافة يا النسب إليه.

واستعملت النسبة مع هذا اللقب لقباً فخرياً (الأميري)، ولعل أقدم استعمال بهذه الصيغة ظهر على نص نقش سنة 533هـ/1138م في مدرسة السادات في دمشق باسم سيف الدين رستم بن علي، أما صيغة التأنيث من اللقب فكانت تطلق على أعضا الأسر المالكة من الإناث.

وقد وصف الأمير ببعض الصفات كـ "أجلّ" و"الكبير"، وأضيف إليه بعض الألفاظ كـ "آل محمد" و"الأمرا ".

مولانا: هو لقب مولى مضافاً إليه ضمير جمع المتكلم، ويفيد معنى الحليف والجار والتابع والسيد، واستعمل للخلفا العباسيين، ثم استعمل في العصر الفاطمي بكثرة، ثم أصبح من أهم ألقاب السلاطين في عصر صلاح الدين، واستخدم في القرن 5هـ/11م لكبار الموظفين المدنيين مثل القضاة.

الملك: لقب يطلق على الرئيس الأعلى للسلطة الزمنية، وهو معروف في اللغات السامية، ويغلب أن أول ظهور له في نقش النمارة سنة 328م.

ولكنه لم يعرف في صدر الإسلام وفي العصر الأموي، ومن الصعب تحديد كونه لقباً فخرياً أو وظيفياً، وبدأ استعمال هذا اللقب من عصر السلاجقة، وأصبح لقباً للوزرا في العصر الفاطمي، ثم صار يطلق على الولاة من أفراد الأسرة الأيوبية في العصر الأيوبي، ثم استخدم كلقب ضمن ألقاب السلطان في العصر المملوكي، وكان ترتيبه بين لقب السلطان واسمه؛ فيقال: (السلطان الملك فلان....).

المثاغر: هو القائم بسد الثغور، وكان يستخدم كلقب من ألقاب السلطة في العصرين الأيوبي والمملوكي، وقد استخدم  مضافاً إليه يا النسبة لأكابر العسكريين مثل نواب السلطنة؛ فيقال: المثاغري، وهو لقب لا يرتبط بآيات قرآنية أو أحاديث نبوية.

المالك: هو من الألقاب الملكية في العصر الإسلامي وقد شاع استخدامه في العصر المملوكي بإضافة يا النسبة إليه (المالكي)، كما استخدم لقباً مركّباً بإضافة بعض الكلمات إليه مثل (مالك بلاد الله)، (مالك الحرمين الشريفين وبيت المقدس).

العالم: هو لقب من ألقاب العلما كما كان من الألقاب المشتركة بين رجال الحرب والإدارة، وهو من  الألقاب التي يعتز بها الملوك. أما في العصر المملوكي فقد كان يرد من دون إضافة يا النسبة مع السلاطين، "العالم"، وتضاف يا النسبة؛ فيقال (العالمي) مع رجال الدولة. وقد تطلق صيغة التفضيل (الأعلم) عند بعض ملوك المغرب.

العابد: وهو من الألقاب الفخرية، ومن حيث المعنى فهو فاعل من لفظ العبادة، وهي الطاعة، وقد استخدم كلقب من ألقاب الصوفية ورجال الدين بصفة خاصة؛ ولرجال الدولة والسلاطين إذا اتصف أحدهم بالصلاح. وقد اتصف به "بيدمر الخوارزمي"حين تولى نيابة الشام فحمله، ولزم هذا اللقب من جا بعده من نواب الشام على سبيل التقليد والوراثة، وبعد ذلك أطلق على النائب الكافل بحجة إطلاقه على من هو أدنى منه رتبة، وهو نائب الشام.

المجاهد: استمد هذا اللقب من تعاليم الإسلام الأولى كما أوضحها القرآن والأحاديث، ويعد لقب المجاهد اختصاراً للقب المجاهد في سبيل الله، أو المجاهد في الله، وقد استخدم في العصرين الأيوبي والمملوكي، واستخدم بإضافة يا النسب إليه (المجاهدي) لأكابر العسكريين وغيرهم بوصفهم من نواب السلطنة.

المرابط: هو (مفاعل) من لفظ (الرباط)، وهو ملازمة ثغر العدو، استخدم كمدلول حربي أولاً، ثم استخدم أيضاً بمدلول صوفي في العصور المتأخرة.

واستخدم في العصر المملوكي بدون يا النسب للسلاطين والملوك، وبإضافة اليا لأكابر العسكريين. وهو من الألقاب التي وردت في القرآن بسورة الأنفال الآية (60). ولعل أقدم نقش ظهر فيه اللقب هو نص إنشا بتاريخ سنة 442هـ/1050م على جسر تورا بدمشق.

العادل: هو من ألقاب الملوك والولاة، وهو من أعلى الصفات، وقد عرف مجرداً من يا النسب لسلاطين العصر المملوكي، وعرف بإضافة يا النسب لأكابر العسكريين، كما أطلق نعتاً خاصاً لكثير من رجال الدولة.

ثانياً- ألقاب الوظائف:

أمير المؤمنين: وهو لقب من الألقاب المركّبة على لقب أمير، وهو ثاني الألقاب ظهوراً؛ إذ جا بعد لقب الخليفة، وأول من لقب به عمر بن الخطابy. وبإضافة لفظ المؤمنين إليه (إلى لقب أمير) أُعطي اللقب صفة دينية بجانب الصفة السياسية، وبذلك تم تصوير مهمة الخلافة الإسلامية ومعناها تصويراً صادقاً؛ أي أن يقوم الخليفة بإمامة المسلمين في الصلاة والأمور الدينية بجانب قيادة الأمة سياسياً.

أمير أخور: هو من أسما الوظائف، وهو مركّب من لفظي  أمير في العربية وأخور في الفارسية، ومعناها العلف، وكان يطلق على القائم بأمر الدواب في الإسطبلات السلطانية. ولم يعرف هذا اللقب في الدولة الفاطمية، ولكنه ظهر في الأيوبية، وانتقلت هذه الوظيفة إلى المملوكية و صار ترتيبها السادس بين الوظائف العسكرية، وأصبح لصاحبها رنك [ر] خاص به.

البطريرك:

لقب عام يطلق على الرئيس الديني للمسيحيين في الشام وفي مصر. وقد رتبت ألقابه كالتالي: "البطريرك الجليل القديس الخاشع قدوة النصرانية". كما رتبت هذه الألقاب في بعض المواقع على الصورة التالية: "الحضرة السامية الشيخ الرئيس المبجل المكرم الكافي المعزز المفخر القديس شمس الرياسة عماد بني المعمودية كنز الطائفة الصليبية اختيار الملوك والسلاطين".

ووردت صورة ألقاب البطريرك بالشام في بعض الدساتير الشامية عن نائب الشام كما يلي:"البطريرك المحتشم المبجل العارف الحبر فلان العالم بأمور دينه المعلم لأهل ملته ذخر الملة المسيحية كنز العيسوية المشكور بعقله عند الملوك والسلاطين".

أمير طبلخانة: كلمة فارسية بمعنى بيت الطبل، وهو أحد المخازن السلطانية التي يحفظ بها الطبول والأبواق، وكان يستخدم هذا اللقب للدلالة أيضاً على الفرق الموسيقية التي تقوم بدق النوبة ليلاً ونهاراً للسلطان.

الأسفهسلار: لقب وظيفي مكون من مقطعين فارسيين: أسفه: بمعنى رائد أو مقدم؛ وسلار: بمعنى العسكر أو الجند، واللقب كله بمعنى قائد الجيش أو الجند. وقد عرف في الدولة الفارسية، وانتقل إلى العصر العباسي، وشاع استخدامه عند السلاجقة و الأتابكة كما عرف في الدولة الفاطمية. وكانت مهمة الأسفهسلار في الدولة الفاطمية الإشراف على جميع الأمور، وكان عظيم النفوذ ومن المقربين إلى الخليفة، وعرف أيضاً عند الأيوبيين.

أما في الدولة المملوكية فكان لقباً فخرياً، وفقد دلالته الوظيفية، وجا بإضافة النسبة إليه؛ وهي تفيد المبالغة والتعظيم، وقد اختص به الأمرا المشرفون على الطبلخانة (مكان حفظ الطبول)، وكان يرد في سلسلة الألقاب.

الأستادار: وهو لقب مكون من جزأين فارسيين: "أستاد" بمعنى "سيد" ودار؛ بمعنى سيد البيت. وقد عرفت هذه الوظيفة  في العصر العباسي وكانت مهمة صاحبها الإشراف على دار الخلافة، وعرف أيضاً في كل من الدولتين الفاطمية والأيوبية، وكان يفرض في بعض الأحيان للأستادار ضريبة على بعض الأقاليم.

البندقدار: وهو لقب وظيفي مركّب من لفظين فارسيين: بندق بمعنى البندق الذي يرمى به، ودار بمعنى مُمسك؛ أي مُمسك البندق. ويطلق على الموظف الذي يحمل غرارة البندق خلف الأمير أو السلطان، وكان له رنك خاص به على هيئة قوس.

الجاشنكير: هو لقب وظيفي مكون من لفظين فارسيين، هما "جاشا"ومعناه الذوق، و"كير" بمعنى التعاطي، والمعنى الإجمالي الذي يتذوق. واستخدم بعضهم الترجمة العربية له؛ وهي (الذوّاق). ومهمته أن يتذوق الطعام والشراب قبل السلطان خشية أن يكون مسموماً كما كان يقوم بمراقبة من يقومون بذلك العمل للتأكد من إخلاصهم، وقد وصل كثير من الجاشنكيرية إلى مناصب عالية، وظلوا مع ذلك محتفظين باللقب مثل السلطان ركن الدين بيبرس الجاشنكيريّ.

الجمدار: لقب وظيفي مكون من لفظين فارسين: "جما" ومعناها الثوب و "دار" بمعنى ممسك، والمعنى الإجمالي ممسك الثوب أو الوصيف الذي يلازم الأمير أو السلطان لإلباسه ثيابه وهو يشترك أيضاً في حراسته، وكان يختار من المماليك الصغار الحسان كما كان الجمدار يحتفظ بلقبه حتى بعد ترقيته إلى أعلى المناصب.

الجوكندار: لقب وظيفي مكون من لفظين فارسيين "جوكان" بمعنى العصا "ودار" بمعنى ممسك، والمعنى ممسك العصا، وكان يطلق على من يحمل الجوكان للسلطان في أثنا اللعب بالكرة المسماة اليوم "البولو"، وكان الجوكندار إذا نصب أميراً منح شعاراً أو رنكاً على هيئة عصوَي البولو وبينهما كرة.

المهمندار: لقب وظيفي مكون من لفظين  فارسيين: "مهمن" ومعناه الضيف و"دار" بمعنى ممسك، والمعنى ممسك الضيف؛ والمراد المتصدي لأمره. وكان المهمندار هو الذي يتصدى لتلقي الرسل والعربان والواردين على السلطان، وينزلهم دار الضيافة، ويشرف على القيام بأمرهم كما كان يقوم بالترجمة بين الرسل والسلطان، ولذلك كان من بين مستخدمي هذه الوظيفة أجانب ومسيحيين بعد اعتناقهم للإسلام خاصة.

الداودار: لقب وظيفي مكون من لفظين فارسيين: "داو" بمعنى ما يكتب منه (دواة الحبر) و"دار" ممسك؛ أي ممسك الدواة، وكانت وظيفة يشغلها عسكريون، وكان يختار من بين الخاصكية، ولم يكن للسلطان داودار واحد فقط، وكان يختار من بين أهل عصبيته؛ كما لم يكن يشترط فيمن يشغله أن يكون وافر العلم والكتابة؛ حيث كانت وظيفته الأساسية حمل دواة السلطان وتولي أمرها، وكان له رنك خاص به على هيئة دواة على شكل الكأس، كما كان يشترك في تقديم البريد للسلطان.

النائب: هو لقب وظيفي بمعنى من ينوب عن شخص آخر أعلى منه. وكان لقب "نائب" مستقلاً بمدلولات صريحة في العصر الفاطمي؛ إذ كان من ضمن الوظائف الدينية الجليلة، كما عرف كاتب الأموال في الدولة الأيوبية أو من ينوب عنه بلقب (نائب)، وعرف أيضاً والي الأقاليم بالنيابية عن السلطان بلقب (النائب) حيث كانت مهمته أن ينوب عن السلطان في إدارة شؤون الولاية وتنفيذ أوامره وجمع الخراج والرسوم الجمركية.

الطالب:

الطالب هو من يطلب العلم؛ وما يزال في مرحلة الدراسة. وقد ظهر بهذه الدلالة في الكتابات الأثرية المتصلة بإنشا المدارس والوقف والإنفاق عليها وعلى طلبتها. فقد عُني المسلمون بالعلم وبطلبته، فشيدوا المدارس الكثيرة في شتى أنحا العالم الإسلامي، وحبسوها على العلم، وأوقفوا عليها وعلى طلبتها المال والعقار. وقد جرت العادة أن يتعلم الطلبة في هذه المدارس بالمجان، بل أن ينفق عليهم في أثنا تعلمهم وتفرض لهم الأرزاق والمرتبات، وأن يزودوا أيضاً بما يلزمهم من وسائل التعليم مثل الأقلام والورق والحبر، وأن تسهل لهم سبل قرا ة الكتب واستعارتها والحصول عليها. فقد ارتبط الطلاب بإنشا المدارس كما يظهر من نص تشيد بتاريخ سنة 630هـ/1233م في المدرسة المستنصرية ببغداد جا فيه: "قد أمر بإنشا هذه المدرسة الشريفة لطلاب العلم وتسمى المدرسة العظمى… أبو جعفر المستنصر بالله أمير المؤمنين"، ويبدو أن هذا اللقب "الطلبة" كان يطلق على طائفة من الموظفين الذين يشتغلون بالكتابة لم تتم بعد المراحل اللازمة لوصولهم إلى درجة الكتبة. وظل هذا المعنى ملازماً للقب حتى العصر الحديث.

القاضي:

هو اسم فاعل من القضا . وقد أثار اشتقاقه اللغوي بعض الاختلاف بين العلما . ولكن يغلب أن القاضي سمي قاضياً؛ لأنه يقال قضى بين الخصمين إذا فصل بينهما وفرغ.

وقد عُدّت هذه الوظيفة عند المسلمين من الوظائف الدينية المتصلة مباشرةً برأس الدولة، وربما كان الاسم الرسمي للقاضي هو الحاكم، فقد كانت مهمة القاضي هي الفصل بين المتنازعين بحسب الشريعة الإسلامية. وكان يقوم بها في أول الإسلام النبيr بنفسه. ولما زاد عدد المسلمين، ودخل الإسلام أقاليم كثيرة في شبه الجزيرة العربية؛ أسندت هذه الوظيفة أيضاً إلى عدد من الصحابة.

وكان الخلفا الراشدون يختارون القضاة من العلما الملمين بأحكام الشريعة الإسلامية والمعروفين بتقوى الله وتحرّي العدل وغير ذلك من الصفات التي يجب توافرها فيمن يتصدر للحكم في الدما والأموال. وفيما بعد وضع الفقها شروطاً يجب توافرها فيمن يختار هذا المنصب، وهي أن يكون مسلماً ذكراً بالغاً عاقلاً حراً قويم الخلق صحيح البصر والسمع ضليعاً من علوم الفقه وملماً بها.

ومنذ البداية لم تقف سلطة القاضي عند حد النظر في الأحكام والفصل في الخصومات؛ ولكنها امتدت أيضاً إلى النظر على الأوقاف والوصاية على الأيتام، فأضيف إليه أحياناً الشرطة والمظالم والحسبة ودار الضرب وبيت المال والنظر في أموال المحجور عليهم وفي وصايا المسلمين وتزويج الأيامى عند فقد الأوليا ، إضافة إلى الإفتا والولاية على المساجد والخطابة والإمامة والتدريس.

فقد ظلت للقضاة في الدولة المملوكية مكانة عالية، وقد كان يعين أربعة قضاة بحسب المذاهب الأربعة، وكان يجوز لهم تولية نواب لهم في الأقاليم، وعني ديوان الإنشا بالقضاة ومراسمهم ومكاتباتهم وألقابهم، وكان كبار القضاة يعينون دائماً من السلطان الذي يحدد أحياناً بعض مهامهم، كما ورد في نقش المدرسة الصاحبية في حلب المؤرخ 909هـ/1504م،  ونصه "ورد المرسوم الشريف المطلق إلى كل واقف عليه من النواب والقضاة والحجاب وولاة أمور المسلمين بحلب المحروسة والخاصكية المتوجهين للممالك الحلبية للكشف عن الأوقاف".

وقد عرف القضاة في مختلف العالم الإسلامي بألقاب اختلفت بحسب رتبهم ومدى اختصاصاتهم والدول والأقاليم التي وجدوا فيها، فعرف مثلاً قاضي الجماعة وقاضي الشرطة وقاضي عسكر وقاضي القضاة وغير ذلك. حيث بلغ القضاة في أغلب عصور الدولة الإسلامية مكانه معنوية ومادية، وقد وُجد في الجامع الأموي في حلب نقش يشير إلى تجديدات فيه تمت سنة 483هـ/1090م (على يد القاضي الأجلّ أبي الحسن الخشاب). وقد استعمل اللقب لقباً فخرياً في أواخر العصر الفاطمي وعصر الأيوبيين والمماليك.

المهندس:

هو المشتغل بالهندسة، وهو علم المباني وبنائها واختلافها والأراضي ومساحتها وشق الأنهار وتنقية القُنيّ وإقامة الجسور وغير ذلك.

وكلمة المهندس تعريب لكلمة "مهندز" غير العربية والتي وردت أحياناً على بعض المباني الإسلامية كالتالي: "جرى على يدي يحيى بن إسحق الجرجرائي وأحمد بن جميل المهندز" كما ورد أيضاً "ذلك هندزة الفقير إلى الله تعالى ناصر ابن يوسف".

وقد عُني المسلمون بالهندسة فألفوا عنها الكثير من الكتب مثل كتاب أبي الوفا البوزجاني المتوفَّى سنة 388هـ/989م "ما يحتاج الصناع من أعمال الهندسة"وكتاب ابن الهيثم عن عقود الأبنية وشق الأنهار وتنقية القُنيّ وقد أقيمت في حلب في القرن 6هـ/12م مدرسة للهندسة أنشأها نجم الدين اللبودي.

وقد احتل المهندسون الإسلاميون مراكز رفيعة في الدول الإسلامية عبر العصور، وقد شهرت سورية بمهندسيها الذين كثيراً ما استدعاهم السلاطين في القاهرة لإشادة عمائرهم، فاستعان بهم بدر الجمالي وزير الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في بنا التوسعة التي أجراها على أسوار مدينة القاهرة وأبوابها في العصر الفاطمي 480هـ/1087م، واستعان بهم الأمير الكبير قوصون في بنا قصره سنة 738هـ/1338م حتى كتب أحدهم اسمه على البوابة الرئيسية للقصر القريب من قلعة الجبل بالقاهرة، وهو "علي بن زغلش الشامي".

ويحتوي العديد من المباني في سورية على الكثير من أسما المهندسين مثل الكتابة الموجودة في المدرسة الظاهرية[ر] في دمشق، وتحمل توقيعاً نصه: "عمل إبراهيم بن غانم المهندس رحمه الله"، وتلك الموجودة بجامع الأطروشي [ر] في حلب، ونصه: "عمل الحاج أحمد الكتبي"وغيرها من الأمثلة كثير.

الأسقف:

كلمة معربة عن اليونانية، وكان هو الذي يتولى الإشراف على المدارس المسيحية كما كان يشترك في أعمال السلطة التي لم تكن تُصدر أي قرار من دون أخذ رأيه. وفي العصر الإسلامي ظل الأسقف  لقباً لمن يشغل وظيفة نائب البطريرك عند المسيحيين.

الوزير:

هي كلمة عربية اختلف في اشتقاقها؛ فقيل إنها مشتقة من الوَزَر بفتح الواو والزاي، وهو الملجأ، وسمي بذلك؛ لأن الرعية يلجؤون إليه في حوائجهم، وقيل: مشتقة من الأوزار بمعنى الأمتعة؛ لأنه ممسك بخزائن الملك وأمتعته، وقيل: من الوِزر بكسر الواو وسكون الزاي، وهو الثقل؛ لأنه يتحمل أثقال الملك، وقيل: من الأزر، وهو الظهر، وسمي بذلك؛ لأنه يقوي الحاكم الأعلى كما يقوي الظهر البدن.

وقد عرفت وظيفة الوزير عند العرب قبل الإسلام بصفة غير رسمية، وفي صدر الإسلام لقّبَ المسلمون أبا بكر] وزير النبيr، ولقب زياد بن أبيه بذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان؛ وكان هذا اللقب مستمداً من القرآن الكريم: ﴿اجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي٭ هارون أخي ٭ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ٭ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ (طه 29-32).

وقد تطورت هذه الوظيفة في العصر العباسي وبعده حتى صار الخليفة يستعين بالوزير في إدارة شؤون الدولة وتصريف أمورها والإشراف على دواوينها وإعداد مكاتباتها وتنظيم أموالها.

ويحتوي المتحف الوطني بدمشق على لوحة رخامية نقلت إليه من الجامع الأموي بدمشق فيها نقش كتابي مؤرخ بــ 475هـ/1082م لتجديدات أجريت بالجامع في أيام "وزارة الشيخ الأجلّ نظام الملك". وكان يرد على السوا ضمن ألقاب كل من الوزرا العسكريين حيث يسبق بلقب "الأميري"وكذلك الوزرا المدينيين؛ فيسبق "بالصاحبي".

الأستاذ:

لفظة معربة عن كلمة أستاذ الفارسية، ومعناها السيد أو المشهور بعمله، وقد استعملت في اللغة العربية بمعنى الماهر؛ أي بالمعنى نفسه تقريباً. وهو من الألقاب العامة التي شاع استخدامها منذ العصر العباسي الإخشيدي، ومن أمثلته مخاطبة كافور به لما عظم أمره في زمن انوجور.

وظل يستخدم في الدولة الفاطمية كما استخدم في العصر المملوكي؛ ليشار به إلى رب النعمة؛ إذ كان يطلقه المملوك على من قام بتربيته أو حرره، كما أطلق أيضاً على الصانع الماهر، ويرى بعض علما اللغة أن لقب الأسطى الذي يطلق في العصر الحديث على بعض الصناع ما هو إلا تحريف للقب الأستاذ، بل يرجحون أن تكون كلمة الأسطى الفارسية هي أصل كلمة الأستاذ.

وقد استخدم اللقب في تكوين بعض الألقاب المركّبة مثل لقب (أستاذ الأستاذين). الذي أطلق على قائد الحاكم بأمر الله "غبن" في فترة من الفترات.

غير أن لفظة أستاذ استعملت في الدول الإسلامية بدلالات وظيفية مختلفة، فمثلاً جرت العادة في بعض العصور أن تطلق على كل من أتقن مهنته، وبلغ درجة رفيعة فيها سوا من رجال الدين أم العلم أم رجال الدولة أو ذوي الحرف والصناعات والمهارات المختلفة. وشاع استخدامها بصفة خاصة للمهرة من ذوي الحرف مثل البنائين والحجامين والملاحين.

ويبدو أنه قد جرت العادة عند السلاجقة أن يكون لكل السلاطين أستاذ هو الذي أشرف على تربيته وتأديبه في صغره. وشاع استخدام هذا اللقب لاحقاً بهذا المعنى.

الجندي:

يتحدد معنى هذا اللقب بأحد أفراد المرتزقة أو الجيش النظامي الذين يحصلون على أجورهم من الدولة بانتظام. ويجمع على جند وجنود وأجناد.

وكان عمر بن الخطابy أول من سجل أسما الجند، وحدد أعطياتهم أو مرتباتهم في ديوان خاص بهم. وقد أطلق على هذا الديوان فيما بعد اسم ديوان الجند، وكانت أقسام الجند ودرجاتهم ومرتباتهم تخضع لاعتبارات تختلف بحسب العصور التاريخية.

وظل الجند يأخذون أجورهم على هيئة مرتبات إلى أن فرض لهم نظام الملك في الدولة السلجوقية الإقطاعات التي صار مقدارها يرتبط بالجنود بحسب رتبهم ودرجاتهم. وقد استخدمت لفظة الجند في بلاد الشام أيضاً للدلالة على الإقليم، فقد كانت مقسمة إلى خمسة أجناد، هي جند قنسرين وجند فلسطين وجند حمص وجند دمشق وجند الأردن، ثم انتقلت الكلمة بالمعنى نفسه لإسبانيا (الأندلس) دون أن يلغي ذلك معناها الأصلي حيث ظلت معروفة به حتى العصر الحالي.

الكافل:

الكافل في اللغة هو العائل الذي يعول إنساناً أو يكفله، ومنه قوله تعالى: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ (آل عمران 37)، والكافل أيضاً الضامن كالكفيل. ومن المعتقد أن وظيفة الكافل بمعنى نائب السلطنة قد ظهرت في الدولة الأيوبية، ثم أحياها السلطان الظاهر بيبرس في دولة المماليك.           

ثم اتسع استعمال اسم الكافل، فصار يطلق في عصر المماليك على النواب كافة: مثل نائب حلب ونائب دمشق وغيرهما. وفي هذه الحالة كان يضاف إلى لفظة كافل اسم النيابة أو المملكة: كافل دمشق وكافل حلب وكافل الثغر السكندري.

وقد ورد اللقب على المباني الأثرية في بعض الصيغ المستمدة من لفظة كافل كأسما لوظائف النواب بالممالك المختلفة في دولة المماليك: ففي حالة نائب دمشق وردت بصيغة كافل السلطنة الشريفة بالشام المحروس، وكافل السلطنة المعظمة بالشام المحروس، وكافل الممالك بالشام، وكافل الممالك الشامية، وكافل الممالك الشامية المحروسة، وكافل الممالك الشريفة الإسلامية بالشام، وكافل الممالك الشريفة بالشام، وكافل الممالك الشريفة الشامية، وكافل المملكة الشامية.

وأطلق على نائب حلب اسم كافل حلب، وكافل حلب المحروسة، وكافل الممالك الحلبية، وكافل الممالك الحلبية المحروسة، وكافل الممالك الشريفة الحلبية، وكافل الممالك الشريفة الحلبية المحروسة، وكافل المملكة الثانية الحلبية، وكافل المملكة بحلب المحروسة، وكافل المملكة الحلبية، وكافل المملكة الحلبية الشريفة بحلب المحروسة، وكافل المملكة الحلبية المحروسة، وكافل المملكة الشريفة بحلب المحروسة، وكافل المملكة الشريفة الحلبية، وكافل المملكة الشريفة الحلبية المحروسة.

وأطلق على نائب حماة على بعض المباني أيضاً صيغ مستمدة من لفظة كافل: مثل كافل المملكة الحموية، وكافل المملكة الحموية المحروسة.

وربما جمع نائب حلب بين نيابتين: فكان يسمى أحياناً بصيغة مستمدة من لفظة كافل أيضاً؛ فيقال مثلاً: كافل المملكتين الشريفتين الحلبية والطرابلسية.

وكان لقب النسبة هو "الكافلي"، وموضعه في سلسلة الألقاب قبل لقب التعريف الخاص؛ أي قبل اللقب المضاف إلى الدين، ويتضح هذا اللقب في النقش الموجود على واجهة الخانقاه الجقمقية[ر] بدمشق، وكذلك على العديد من المباني في حلب ودمشق وحماة.

الإمام:

هو لفظ مشتق من أمَّ: أي تقدم وأصبح قدوة. وقد جا بهذا المعنى في آيات كثيرة، منها: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَال َإِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنالُ عَهْدِي ِالظَّالِمِينَ﴾ (البقرة 124) ومنها: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾ (الفرقان 74).

وكان لقب "الإمام" يطلق على النبيr، ثم صار يطلق على الخلفا . وقد عني فقها المسلمين بالإمامة بهذه الدلالة وفسروها بأنها حكم المسلمين سوا في الأمور الدينية والدنيوية.

وكان يرد في سلسلة الألقاب قبل الاسم بعكس لقب "أمير المؤمنين" الذي يرد في معظم الأحيان بعد الاسم. وإضافة إلى الخلفا كان "الإمام" يطلق على من يتولى سلطة في الدولة، فأطلق مثلاً على السلطان في عصر المماليك كما كان يطلق على ناظر الحسبة بمصر في العصر نفسه، ويطلق أيضاً على قائد الجيش.

ومن الدلالات الوظيفية الرئيسية التي ورد بها لفظة الإمام على المباني دلالة "إمام الصلاة"؛ حيث كانت هذه الوظيفة من أهم الوظائف الدينية التي تتبع الخليفة مباشرة؛ إن لم تكن أهمها، وربما استمد إمام الصلاة اسم الإمام من أنه يتقدم المصلين، ويقودهم في الصلاة، ويُعدّ بذلك قدوة لهم أي إماماً. كما أسند إلى الإمام مهمة تعليم الأولاد، وأسند له مهمة قارئ المصحف أيضاً.

وكان "الإمام" يستعمل أيضاً بمعنى قدوة المسلمين في أمور الفقه والشريعة والدين، ومن هنا عرف لقب "أئمة المذاهب"الذي كان يطلق على أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وغيرهم من علما الدين. ويُعدّ الصحابي علي بن أبي طالبy من أشهر من حمل هذا اللقب في التاريخ الإسلامي.

القائد:

اسم لوظيفة يطلق على من يتولى قيادة الجيش. وقد استعمل أيضاً لقباً فخرياً: فقد ذكر المقريزي أنه استخدم في الدولة الفاطمية فكان يعقوب بن كلس قد رتب عند الخليفة العزيز جماعة كانوا يخاطبونه "بالقائد"، كما أن الأفضل كان قد نعت البطائحي بـ"القائد"، فصاروا يخاطبونه ويكاتبونه بهذا اللقب.

وكان اللقب يوصف أحياناً "بالأعلى"؛ فيقال: "القائد الأعلى"، ومن الألقاب المترتبة على هذا اللقب "القائد ابن القائد".

الحافظ:

اسم فاعل من الحفظ بمعنى الاستظهار أو الحراسة، وهو من ألقاب المحدّثين لتميزهم بكثرة حفظهم للأحاديث وأسما الرجال وتواريخهم. فأطلق اللقب على من مهر منهم، وتميز بكثرة حفظه للأحاديث، واشتهر العديد بحملهم لهذا اللقب مثل عبد الغني المقدسي حتى إن كثيراً من أولاده كان يقال له: ابن الحافظ، وقد دخل هذا اللفظ في تكوين بعض الألقاب المركّبة مثل "حافظ الثغور" و"حافظ الجمهور" وغير ذلك.

الخليفة:

خليفة الرجل من يأتي بعده، وقد ورد اللفظ في الآية الكريمة ﴿ وإذْ قَالَ رِبُّكَ  لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ  فِي الأَرْضِ خَلِيفَةَ﴾ (البقرة 30)، وقد أطلق اللفظ على الحاكم الأعلى الذي أسند إليه أمر الإشراف على الأمة الإسلامية بعد وفاة النبي محمدr، وأطلق اللفظ أول الأمر على أبي بكر الصّديقy بمعنى خلافة النبيr في حكم المسلمين، ولكنه صار يعني في الدولة العباسية خلافة الله وفي فترة القوة خاصة؛ إذ تحول في آخر الدولة لما نزعت السلطة السياسية عن الخليفة إلى مدلول أقرب إلى الرئاسة الدينية.

وقد ظهر هذا اللقب "الخليفة" على المباني والفنون والنقود بوصفه لقباً عاماً على الخلفا ، وقد ألحق اللقب بلفظ الجلالة - كما ذُكر- لتأكيد معنى الخلافة، وجا أحياناً بأشكال أخرى مثل خليفة الله على كافة أصل الإسلام و"خليفته في أرضه ونائبه في خلقه" وغير ذلك.

العالم:

 من ألقاب العلما إلا أنه كان يستعمل لقباً مشتركاً بين رجال الحرب والإدارة، وكان من الألقاب التي يعتز بها الملوك، وقد ورد بالنقوش ضمن ألقاب رجال هذه الطوائف المختلفة.

وفي العصر المملوكي ورد ضمن ألقاب السلاطين مجرداً من يا النسبة، أما في حالة غيرهم من رجال الدولة فكان يرد بصيغة النسبة أي "العالمي"، كما ورد اللقب على صيغة التفضيل "الأعلم"عندما ورد مع ألقاب ملوك المغرب.

المجتهد:

أطلق على من يستنبط الأحكام الشرعية بالاعتماد على القرآن والسنة والإجماع والقياس، وهو من ألقاب العلما في عصور المماليك؛ على الرغم من أنهم كان يفضلون استعماله مضافاً إلى يا النسبة "المجتهدي".

المربي:

أطلق على الصوفية والمرادية من يربي المريدين ويعرّفهم إلى الله، وكان يضاف إليه بعض الألفاظ لتكوين ألقاب مركّبة مثل "مربي العلما " و"مربي المريدين".

ثالثاً- ألقاب الكناية أو ألقاب الصفات:

 الباب:

من الألقاب التي كانت ترد في عنوان المكاتبات في عصر المماليك، وهو من الألقاب المكانية التي تستعار للإشارة إلى شاغل المكان، وفي ذكره تعبير عن الاحترام والإجلال، وكان صاحب اللقب يوصف بـ "الشريف العالي" أو بـ "الكريم العالي" أو بـ "العالي" فقط. واستعماله بصيغة الجمع "أبواب" أرفع منه بصيغة الإفراد لما في معنى الجمع من الشرف، فكان يلحق بصيغة الجمع، وهذه الصفات مختلفة، فيقال: الأبواب العزيزة والأبواب الشريفة وغير ذلك.

ولُقِّب بابا روما - في عصر المماليك - بـ"البابا" أو "البابه"، وكانت ألقابه تكتب كالتالي: "الباب الجليل القديس الروحاني الخاشع العامل بابا رومية، عظيم الملة المسيحية، قدوة الطوائف العيسوية، ملك ملوك النصرانية، حافظ البحار والخلجان، ملاذ البطاركة والأساقفة والقسوس والرهبان، تالي الإنجيل، معرف طائفته التحريم والتحليل، صديق الملوك والسلاطين".

تاج:

التاج هو الإكليل الذي يوضع على الرأس، وأضيف هذا اللفظ إلى كثير من الألقاب، ويشير المضاف إليه في غالب الأحيان إلى وظيفة الملقب، ويرمز اللقب إلى أن الملقب هو أعلى الطائفة التي ينتمي إليها وأجلّها. ومن هذه الألقاب المركّبة "تاج الأئمة" و"تاج الأصفيا " و"تاج الأمرا " و"تاج الخلافة" و"تاج الدولة" و"تاج الرؤسا " و"تاج الرئاسة" و"تاج الفقها " و"تاج المعالي" و"تاج الملة" و"تاج الملوك"، و"تاج الوزرا ".

الحاج:

يطلق هذا اللقب عرفاً على من أدى فريضة الحج إلى البيت الحرام بمكة، وتُعدّ تأدية هذه الفريضة من دواعي المدح، وكان يغلب ذكر هذا اللقب في النقوش الأثرية في عصر المماليك بصيغة "الحاج إلى بيت الله"، وكان لقب "الحاج" يطلق على مقدمي الدولة، والقيمين على خدمة البيوت؛ وأمثالهم، وإن لم يكونوا قد حجّوا.

وقد أطلق لقب "الحاج إلى بيت الله، الزائر قبر رسول الله" على السلطان الأشرف قايتباي في نقش بتاريخ شهر رجب سنة 879هـ/1474م في مدرسته؛ على أنه من الثابت أن قايتباي لم يحج إلا في سنة 884هـ/1479م.

وكان اللقب يطلق في حالة التأنيث "الحاجة إلى بيت الله، الزائرة قبر رسول الله" على من حجت من النسا ، وقد ذكر القلقشندي أن اللقب في صيغة"الحاجة" لا يرد ضمن سلسلة الألقاب إلا إذا كانت الملقبة قد أدت فريضة الحج فعلاً.

الحاكم:

فاعل من الحكم بمعنى القضا ، وهو من ألقاب القضاة. وإذا ورد في سلسلة الألقاب بصيغة النسبة "الحاكمي" دلَّ على الوظيفة دلالة خاصة، شأنه للقضاة شأن "الكافلي" و"الكفيلي" للنواب، و"الوزيري"للوزرا من العسكريين، و"الصاحبي" للوزرا من المدنيين، ويكون مكانه في هذه الحالة من سلسلة الألقاب في آخر الألقاب المفردة كغيره من الألقاب الدالة على الوظيفة دلالة خاصة. وحمل الخليفة الفاطمي "الحاكم بأمر الله" هذا اللقب نعتاً خاصاً به.

الحسيب:

من الحسب؛ وهو ما يعدّه الإنسان من مفخر آبائه على ما ذكره جماعة من أهل اللغة. وإن الرجل ليعدّ ذا حسب إذا كان نسبه يتصل بنسب النبي محمدr، ويطلق على الرجل أنه من «السادة الأشراف»، وهو لقب فخري تتوارثه الأجيال وتعتز به.

الرئيس:

على وزن فعيل، ويقال فيه أيضاً: "الريّس"، وقد ظهرت الصيغتان في النقوش؛ وهو من الرياسة، وهي رفعة القدر وعلو الرتبة.

وقد أطلق في الدولة الفاطمية على الكاتب فهد بن إبراهيم النصراني؛ إذ نعته به الحاكم في جمادى الأولى سنة 388هـ/988م.

وظهر في النقوش في جهات مختلفة من أنحا العالم الإسلامي في مصر والأندلس، وفي عصر المماليك كان يطلق على "أرباب" الأقلام من العلما والكتّاب، والرئيسي نسبة إليه للمبالغة، وكان يغلب استعمالها لدى الكتّاب. وقد دخل لفظ "الرئيس" في تكوين بعض الألقاب المركبة: مثل "رئيس الرؤسا " الذي حملته الشخصيات المهمة، و"رئيس الكبرا " الذي كان من ألقاب الوزرا من "أرباب" الأقلام ومن في معناهم في عصر المماليك، وكان أهل الشام يطلقونه كذلك على أكابر أرباب الأقلام مثل قاضي القضاة.

السفير:

السفير هو الرسول والمصلح بين القوم؛ وقد استعمل لقباً في صيغة النسبة، مثله في ذلك مثل "الزعيم".

وكان يطلق غالباً على المدنيين خصوصاً الذين يتولون مهمة السفارة عن الملوك والدول، وقد أورد شهاب الدين بن فضل الله العمري في "عرف التعريف" أنه من الألقاب الخاصة "بالداودار"، كما قرر القلقشندي أنه كان يستعمل في بعض "الدساتير الشامية" لبعض التجار الخواجكية؛ وذلك لسفارتهم بين الملوك، وترددهم في الممالك لجلب المماليك والجواري ونحو ذلك.

وعلى الرغم من ندرته في النقوش؛ فإنه شائع في المكاتبات، ومن ثم عني بعض الكتّاب بذكره وتصنيفه، وقد دخل لفظ السفير في تكوين الكثير من الألقاب المركّبة التي غلب استعمالها في المكاتبات دون النقوش، ومنها "سفير الأمة"، و"سفير الدولة"، و"سفير الملك"، وكانت جميعها من ألقاب الداودار، وكاتب السر في عصر المماليك.

الشهيد:

الشهيد في اللغة هو الشاهد، وفي القرآن الكريم ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَا َ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُمْ شَهِيداً﴾ (البقرة 341)، ومعنى الشهيد أيضاً المقتول في سبيل الله. واستعمل أيضاً للمقتول ظلماً أو في سبيل قضية طيبة، وربما أطلق اللقب أيضاً بمعنى الشهادة على الناس.

ورد ضمن ألقاب نور الدين في نص إنشا بتاريخ سنة 559هـ/1164م على الباب الشرقي بدمشق، وقد جا فيه "بسملة أمر بعمارة هذا الباب والأسوار والخندق مولانا السلطان الملك المؤيد المنصور العادل العالم عماد الدنيا والدين ناصر الإسلام والمسلمين محي العدل في العالمين خليل أمير المؤمنين السعيد الشهيد نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي خلد الله ملكه وغفر له ولوالديه وذلك في سنة تسع وخمسين وخمسمائة".

وفي عصر المماليك أطلق اللقب كذلك على السلطان الظاهر برقوق بعد وفاته في سكة باسم ابنه السلطان الناصر فرج "ابن الشهيد الملك الظاهر برقوق" بتاريخ سنة 807هـ/1405م في القاهرة.

الشيخ:

الشيخ في اللغة الطاعن في السن، وربما قصد به من يجب توقيره كما يوقر الشيخ، وكان يطلق على بعض الكبار في السن وكذلك على العلما .

وكان مجال هذا اللقب واسعاً جداً، فكان يطلق على بعض كبار العلما وعلى الوزرا ورجال الكتابة والمحتسبين وبعض الملوك والكتّاب من غير المسلمين وعلى الأجانب.

وفي عصر المماليك كان هذا اللقب أحد الألقاب الأصول، فكان يأتي أحياناً في مقدمة الألقاب في المكاتبات، وكان أصله "مجلس الشيخ"، ثم اقتصر على المضاف إليه. وكان خاصاً بمشايخ الصوفية وأهل الصلاح، وفي عصر المماليك أيضاً كان اللقب يرد قبل لقب التعريف الخاص أي اللقب المضاف إلى الدين؛ وذلك بصفته لقباً دالاً على الوضع دلالة خاصة.

ولم يكن هذا اللقب مقتصراً على المسلمين؛ بل كان يطلق أيضاً على أهل الذمة من الكتّاب والصيارف يهوداً أو نصارى. كما كان يخاطب به في الدول الإسلامية عموماً سفرا الدول الأجنبية.

هذا وقد أضيف اللفظ إلى كلمات أخرى لتكوين بعض الألقاب المركّبة مثل "شيخ الإسلام" و"شيخ الشيوخ" و"شيخ المشايخ" و"شيخ شيوخ الإسلام" للعلما ولقب "شيخ شيوخ العارفين" للصوفية وأهل الصلاح.

الفقيه:

من ألقاب العلما ، ولم يستعمل هذا اللقب في العصر المملوكي في مصر إلا نادراً على الرغم من سمو معناه. وكان أهل المغرب يعظمونه جداً، وكان يستعمل أحياناً مضافاً إلى يا النسبة "الفقيهي".

المقر: هو من ألقاب الكناية المكانية؛ يعني في اللغة موضع الاستقرار، وقد كان من الألقاب الفخرية حيث يشار به في المكتبات إلى صاحب المكان بدلاً من ذكر اسمه، وذلك تعظيماً له.

وقد كان يلي لقب المقام في المرتبة، وصار من ألقاب الأصول في العصر المملوكي ولم ينفرد به الملك فقط؛ بل استخدم في العصر المملوكي لكبار الأمرا ، وأيضاً استخدم في القرن 9هـ/15م لأصحاب الوظائف الدينية ومشايخ الصوفية.

المقام: هو من ألقاب الكناية المكانية، وهو أيضاً من الألقاب الفخرية التي تدل على التعظيم؛ للإشارة إلى صاحب المكان تعظيماً له عن التفوه باسمه، وكان يطلق في أول الأمر على الخليفة بصيغة الجمع (المقامات الشريفة)، واستخدم في العصر الأيوبي للسلطان أو من ينوب عنه، وصار أرفع ألقاب الأصول في العصر المملوكي حتى أواخر القرن 7هـ/13م؛ على أنه لم يحتفظ بمكانته الرفيعة، فسرعان ما اختفى، وانخفض مركزه، وأصبح لا يستعمل للسلاطين في القرن 8 هـ/14م وما بعده، بل أخذت رتبته في النزول، وأصبح يختص بكبار الأمرا وأعيان الوزرا من العسكريين.

الجناب: هو في اللغة بمعنى الفنا أو ما يقرب من محلة القوم، وكان يعبر عن الرجل بفنائه وما قرب من محله من باب التعظيم، ولم يفرق بينه وبين لقب المجلس إلا في عصر المماليك؛ إذ أخذت درجة الجناب تعلو على المجلس من أواخر العصر الأيوبي، كما قسم اللقب إلى مراتب متدرجة بحسب ما يلحق بها من ألقاب متفرعة منها؛ وذلك منذ عصر المماليك.

الأشرف: هو لقب من ألقاب الصفات، ويأتي في اللغة من أفعل التفضيل من شريف بمعنى عالٍ، وهو لقب من ألقاب التوابع المتفرعة من ألقاب الأصول، وهو أعلاها؛ لذلك وجد مع ألقاب المقام والمقر، وكان يستخدم للسلاطين أو من يقربهم في الرتب، وقد استخدم حتى العصر المملوكي.

السامي: وهو لقب من ألقاب الصفات، ويأتي في اللغة من فاعل السمو وهو العلو، وهو تابع للقب الأصل (المجلس)، فيقال: (المجلس السامي)، وهو على درجتين: أعلاهما أن تذكر يا النسبة إليه، وفي هذه الحالة تذكر جميع الألقاب المفردة التي تتبعه في صيغة النسب.

والدرجة الثانية: أن يأتي اللقب مجرداً من يا النسبة، وبالتالي تأتي الألقاب المفردة التي تليه مجردة من اليا .

وكان يأتي بعد هذا اللقب سلسلة من الألقاب تميز نوع المكتوب إليه، فإذا كان من أهل الصوفية جا بعده لقب الشيخي أو الشيخ، فإذا كان من التجار لحق به لقب الصدري أو الصدر.

الأجلّ: هو من ألقاب الصفات، وقد شاع استخدامه في العالم الإسلامي، وهو من أفعل التفضيل من جليل بمعنى عظيم، ولم يكن يطلق في العصور الأولى إلا على أصحاب النفوذ من رجال الدولة. ولم يقف استخدامه عند السلاطين، بل كان يلحق بألقاب الوزير الذي فوض إليه سلطات واسعة، كما استخدم لرجال القضا والكتّاب، وظل مستخدماً للسلاطين خاصة في العصر الأيوبي والمملوكي، كما أطلق في أواخر المملوكي على أمرا الجند.

أتابك: هو لقب من ألقاب الصفات، وهو يتألف من لفظين فارسيّين "أطا"بمعنى أب، و"بك" بمعنى أمير؛ أي بمعنى الأمير الأب، ثم تحول بعد ذلك إلى لقب وظيفي بمعنى الرئيس الكبير، وقد عرف هذا اللقب منذ عصر التركمان القديم، وتطورت مهمة الأتابك على مر العصور حتى أدت في آخر الأمر إلى انقسام الدولة إلى ولايات مستقلة يحكمها الأتابكة، كما استخدم كلقب فخري- في بعض الأحيان - في العصر المملوكي مثل أتابك الجيوش أي كبير الجيوش.

الخواجا: لقب فارسي بمعنى المعلم أو السيد أو الشيخ أو التاجر أو الكاتب. وقد استخدم لقباً عاماً في العالم الإسلامي كما يطلق أحياناً على من يمت إلى أصل فارسي، واستخدم في العصر المملوكي ضمن ألقاب التجار الأعاجم، وكان يستخدم بغرض وظيفي للدلالة على وظيفة الملقب؛ وبإضافة الكاف ويا النسب؛ ليصبح (الخواجكي) مع التجار، ومثلها استخدام لقب الحاكمي مع القضاة، والوزيري مع الوزرا العسكريين، والصاحبي للوزرا المدنيين.

  

محمد الزين

 

 

 مراجع للاستزادة

- ابن فضل الله العمري، التعريف بالمصطلح الشريف، تحقيق محمد حسين شمس الدين (دار الكتب العلمية، بيروت 1988).

- القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تحقيق محمد حسين شمس الدين (دار الباز للنشر والتوزيع، 14جز اً، القاهرة، د. ت).

- حسن الباشا، الألقاب الإسـلامية في التاريخ والوثـائق والآثار (دار النهضة العربية، القاهرة 1958).

- سعيد مغاوري، الألقاب وأسما الحرف والوظائف في ضو البرديات العربية، 3 أجزا (دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2000م).

- وليم تارن، الحضارة الهيلينستية، ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد (القاهرة 1966).

- مفيد رائف العابد، سورية في عصر السلوقيين (دمشق 1993).

- E. BICKERMANM, Institutions des Seleucides (Paris, 1938).

- Oxford Classical Dictionary, 2nd Edition (Oxford 1970).

 

 

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 585
الكل : 31691719
اليوم : 46301