logo

logo

logo

logo

logo

خالد بن الوليد (مسجد-) /دمشق/

خالد بن وليد (مسجد) /دمشق/

-

 خالد بن الوليد

 

خالد بن الوليد (مسجد -)/ دمشق

 

 

 

يقع مسجد الصحابي خالد بن الوليد في شمال شرقيّ مدينة دمشق القديمة خارج أسوارها، في منطقة الصوفانية (باب توما) على ضفة نهر العقرباني المتفرع من نهر بردى، وشرقي مجموعة مباني الشيخ أرسلان الدمشقي وضمن مقبرته المشهورة.

 

أسّس المسجد سيف الإسلام خالد بن الوليد شرقي دمشق في أثناء حصاره للمدينة سنة ١٤هـ/٦٣٥م. وهو الصحابي الجليل والقائد العسكري الذي أسهم في انتشار رقعة الإسلام بانتصاره في حروب الردّة والقضاء على دولتي الفرس والروم. تُوفِّي سنة ٢١هـ/٦٤٢م، ودُفِن في جامعه المشهور باسمه في حمص. وللمسجد قيمة تاريخية مهمة بوصفه أول مسجد بُني في البقعة نفسها من دمشق في أثناء حصار المسلمين لها؛ حيث نصب القائد خالد بن الوليد خيمة كبيرة فيها يصلّي الجنود عندها. وقد قال المؤرخ الحافظ ابن عساكر الدمشقي عن المسجد في كتابه «تاريخ مدينة دمشق»: «مسجد في مقبرة باب توما، عند نهر المجدول بقرب الصفوانية، يُعرف بمسجد خالد بن الوليد؛ لأنه صلّى فيه وقت الحصار، وهو أول مسجد صُلّي فيه بدمشق».

والمسجد الحالي مشيّدة سلجوقية حيث قام بعض أمراء دمشق السلاجقة بتجديد المسجد في الثلث الأخير من القرن ٥هـ/١١م منذ الفتح السلجوقي لدمشق سنة ٤٦٨هـ/١٠٧٥م، وقد وُضعت لوحة حجرية فوق باب الحرم نُقشت عليها أربعة أسطر بحروف كوفيّة، نصّها: «بسم الله الرحمن الرحيم، الله لا إله هو الحي القيوم، إن الدين عند الله الإسلام، هذا مسجد خالد بن الوليد صاحب رسول الله صلى الله عليه ورضي الله عنه وعن جميع الصحابة».

أمّا في العصر الأيوبي، وفي عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، فقد قام ابن أحد تلاميذ الشيخ أرسلان «أبو البركات بن أبي علي» بتجديد المسجد سنة ٥٨٠هـ/١١٨٤م، وأوقف عليه ساحة تقع شرقي البرج الكبير، كما تدلّ على ذلك الكتابة المنقوشة بالخط الثلثي في الساكف الحجري لباب حرم المسجد، ونصّها: «جدّد عمارة هذا المسجد المبارك، مسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه الفقير إلى رحمة ربه أبو البركات بن أبي علي تلميذ الشيخ رسلان رضي الله عنه، في أيام الملك الناصر صلاح الدنيا والدين، وأوقف عليه الساحة التي من شرقي البرج الكبير تكون لمصالح المسجد المذكور، ضاعف الله له الثواب وطيّب سعيه، سنة ثمانين وخمسمائة».

الواجهة الشمالية الواجهة الغربية للرواق

 

وأمّا ما بقي من آثار عمارة المسجد السلجوقية والأيوبية فهي أجزاءٌ من الجدران، وأجزاء صغيرة من القواعد الكابولية الحجرية للقبوات في الجدار الغربي للرواق الشرقي للحرم، والجزء السفلي من المحراب ذي الحنية نصف الدائرية والمبنية من مداميك الحجر المشهّر، تعلوها صدفة نصف كروية شعاعية ملساء، ويرتكز عقدها نصف الدائري على سويريتين نصف أسطوانيتين ذواتي تاجين مقرنصين وقاعدتين محززتين.

واجهة السقاية مدخل الحرم

وفي العصر العثماني في القرن ١١هـ/١٧م تحوّل المسجد إلى مدرسة دينية سمّيت «المدرسة الخالدية»، كما أورد ذلك المؤرخ المحبّي في كتابه «خلاصة الأثر في تراجم أعيان القرن الحادي عشر».

وقد ذُكر المسجد في كتاب رحلة البريطاني جون بورتر إلى دمشق الصادر سنة ١٢٧٢هـ/١٨٥٥م، وفي كتاب «وصف دمشق» للباحث الفرنسي سوفير الصادر سنة ١٣١٤هـ/١٨٩٦م، وفي كتاب «الآثار الإسلامية في مدينة دمشق» للمهندسَين الألمانيَّين واتسينجر وولتسينجر سنة ١٣٣٦هـ/١٩١٧م.

وفي سنة ١٤٢٨هـ/٢٠٠٧م أجرت مديرية أوقاف دمشق دراسة أثرية وتاريخية ومعمارية موثّقة للجامع أنجزها كاتب هذا البحث، وضع من خلالها المخططات المعمارية بناء على المصادر التاريخية والمعاينة الميدانية والسبور الأثرية التي كشفت عن أُسس الأعمدة والقواعد الكابولية الحاملة للقبوات، إلى غير ذلك. وقد أُعيد بناء المسجد بما يشابه الحالة الأصلية، وشارفت أعمال إكساء المسجد على الانتهاء (١٤٣٥هـ/٢٠١٤م).

الأسس الحجرية الأثرية لأعمدة الحرم الوسطية اللوحات التأريخية فوق المدخل القواعد الحجرية لقبوات الرواق الشرقي للحرم

والمسجد حالياً يتألف من حرم ورواق شرقي ضمنه سقاية. واجهته الرئيسية شمالية تطلّ على فناء مسجد الشيخ أرسلان والتربة البدرية والرسيمية، وهي مبنية من مداميك الحجر الأبلق الكلسي الطحيني والأصفر والبازلتي الأسود، ينصّفها مدماك حجري مزرّر من اللونين الأصفر والأسود. وفي طرفها الشرقي عقد واسع مرتفع مدبب من الحجر الأبلق، وينصّف الجزء الآخر شباكان مستطيلان بسواكف حجرية مستقيمة، يعلوهما شباكان مربّعان بسواكف مستقيمة أيضاً. وتنتهي الواجهة في أعلاها ببروز خشبي بسيط لسقف الحرم والرواق.

المحراب الواجهة الجنوبية للحرم أعمدة الحرم

ويُدخل إلى المسجد- ذي المسقط المربع بمساحة تقدر بـ ٢٢٠م٢- عبر العقد المرتفع في الواجهة الشمالية من خلال واجهة خشبية زجاجية مُزيّنة بزخارف هندسية، تفضي إلى الرواق ذي المسقط المستطيل بمساحة نحو ١٠٠م٢، والذي يوجد عن يمين الداخل إليه سقاية حجرية بمسقط مستطيل وذات عقد حجري مدبب يعلوه شريط حجري مزرّر من اللونين الأسود والأصفر، يعلوه من ثمّ صفٌّ من المقرنصات الحجرية. وعن يسار الرواق غرفة صغيرة (داكونة) لإمام المسجد ذات باب مستطيل يعلوه عقد حجري وتري. وتفضي نهاية الرواق من جهة الجنوب إلى المرافق والسبيل المملوكي ومقبرة الشيخ أرسلان. وقد بُني الجداران الغربي والشرقي للرواق من الحجر الكلسي، وأعلاهما من الطوب اللبني. وقد كان سقف الرواق مقبباً كما تُظهر الصورة المرفقة الموضحة لقواعدها الكابولية الحجرية، ثم أصبح السقف خشبياً تقليدياً في العصر العثماني المتأخر، يرتكز على خمسة عقود حجرية مدببة مرتفعة، ترتكز على دعائم بارزة في الجدار الشرقي للرواق وعلى الجدار الغربي للرواق مباشرة. وينصّف أعلى الجدار الشرقي- بين الدعائم الثالثة والرابعة والخامسة- شباكان علويان مستطيلان. ويوجد مدخل الحرم في جدار الحرم الشرقي بعد السقاية مباشرة، وهو مستطيل ذو إطار حجري أملس وساكف حجري، نُقشت عليه الكتابة التأريخية الأيوبية السالفة الذكر والتي تُعرّف بالمجدّد، تعلوه لوحة حجرية نُقشت عليها كتابة سلجوقية تُعرّف بالمسجد سبق ذكرها، تنتهي بصفٍّ من المقرنصات الحجرية. ولمدخل الحرم باب خشبي ذو زخارف هندسية يفتح على حرم المسجد ذي المسقط المستطيل بمساحة نحو ١٢٠م٢، وهو يتألف من أربع بوائك موازية لحائط القبلة الجنوبي، كل بائكة تتألف من عقدين حجريين مرتفعين مدبّبين يرتكزان في الوسط على عمود حجري كلسي أسطواني ذي قاعدة محززة وتاج مقرنص، ويرتكزان على أنصاف أعمدة مماثلة في الجدارين الشرقي والغربي. ويُغطّي الحرم سقف خشبي تقليدي مائل باتجاه الغرب. وينُصّف الواجهتين الشرقية والغربية- المبنيتين من الحجر الغشيم والمكسوتين حديثاً بالحجر المشهّر- شباكان علويان للإنارة والتهوية. وأمّا الواجهة الشمالية فينصّفها شباكان مستطيلان متماثلان يعلوهما شباكان مربعان. وأمّا الواجهة الجنوبية فيوجد في ثلثها الغربي المحراب الأثري الذي أُعيد كما كان، وسبق وصفه، يعلوه شباك مرتفع للإنارة والتهوية أيضاً.

زكريا كبريت

 

مراجع للاستزادة:

- يوسف بن عبد الهادي، ثمار المقاصد في ذكر المساجد، الذيل لأسعد طلس (مكتبة لبنان، بيروت ١٩٧٥م).

- أحمد نوري إيبش، «مسجد خالد بن الوليد»، الحوليات الأثرية العربية السورية، المجلد ٣٥ (منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف، دمشق ١٩٨٥م).

- قتيبة الشهابي، النقوش الكتابية في أوابد دمشق (منشورات وزارة الثقافة السورية، دمشق ١٩٩٧م).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 505
الكل : 31184342
اليوم : 9499