logo

logo

logo

logo

logo

الخوابي (قلعة-)

خوابي (قلعه)

-

 الخوابي

الخوابي (قلعة -)

 

تُعدّ قلعة الخوابي النموذج الوحيد الكامل تقريباً للقلعة الإسماعيلية، وهي قلعة قديمة في ناحية السودا في منطقة الشيخ بدر من محافظة طرطوس، والتي تتوسط سلسلة الجبال الساحلية السورية، وتحيط بها الجبال العالية، وبجوارها أودية سحيقة تجري فيها المياه شتاءً.

تبعد هذه القلعة عن مدينة طرطوس نحو ٢٠كم باتجاه الشمال؛ وعن مدينة بانياس نحو ٣٠كم باتجاه الشرق؛ و١٢كم عن ناحية السودا باتجاه الشمال الشرقي.

وكانت تتبع قلعة الكهف، وترتبط بها، وعلى الرغم من عداوة الحكام المحليين وتهديدات الفرنج الصليبيين والمغول الموجودين في المنطقة؛ فقد قاومت القلاع الإسماعيلية المتوزعة حول القدموس السقوط حتى سنة ٦٧١هـ/١٢٧٣م.

وتقدم قلعة الخوابي مثالاً على التحصين والفكر العسكري، فعلى الرغم من التضاريس الصعبة التي بنيت خلالها؛ فقد كانت تحصل على إمداداتها من الطعام والماء على نحو جيد، ولذلك كانت قادرة على الصمود لأشهر عديدة أمام الحصار الطويل حتى لو امتد سنوات.

أما أصل تسمية هذه القلعة فكان قلعة المخابي، وتحول مع الزمن إلى قلعة الخوابي نظراً لما وجد فيها من خوابٍ فخارية (جرار) للماء والزيت.

وورد ذكرها في مصادر أخرى باسم «الجوابي»، ومعنى الجابية باللغة الآرامية: مكان الحفظ والتخزين.

والخوابي أيضاً اسم القرية المجاورة.

منظر عام للقلعة

 

يعود تاريخ بناء هذه القلعة إلى القرنين 4 - 5هـ/10 - 11م، ويرجح أن تكون القلعة بُنيت من قبل المهندس بوزرك أوميد الذي كان وراء بناء القلاع الإسماعيلية وتنظيمها. وكانت القلعة بحوزة محمد بن علي بن حامد، الذي سلّمها للصليبيين سنة 502 - 503هـ/1108 - 1109م.

في سنة 535هـ/1140م سيطر الإسماعيليون على عدة حصون في جبال الساحل من بينها الخوابي، والرصافة والمرقب والقليعة، وهي التي باتت تعرف باسم قلاع الدعوة. ثم جدد بناءها سنان بن راشد الدين (ت589هـ/1193م) سنة 556هـ/1160م.

وعُرفت في أثناء الحروب الصليبية باسم: كيبل Cable.

ووردت في بعض المصادر باسم: بكسرائيل وبنكسرائيل.

الدرج الصاعد إلى المدخل

ومن الأحداث التاريخية المتعلقة بهذه القلعة ما جرى في سنة 610هـ/1213م حين هاجمها القائد الصليبي بوهيموند الثاني صاحب أنطاكية، وحاصرها ثأراً لمقتل ابنه– وكان عمره ثماني عشرة سنة- في كنيسة طرطوس على يد الفدائيين الإسماعيليين في العام نفسه، ثم فك الحصار عنها لوساطة قام بها أمير حلب الظاهر غازي.

ثم ضعُف حكام القلعة نتيجة الخلافات الداخلية بينهم، ولاسيما في عصر المماليك، فاحتمت القلعة بفرسان الإسبتارية Hospitaliers لقاء جزية سنوية حتى أيام الظاهر بيبرس؛ إذ عرض أصحاب هذه القلعة صداقتهم على بيبرس وأرسلوا إليه الأموال التي كانوا يدفعونها إلى الإسبتارية، بيد أن بيبرس انتهز فرصة الصلح الذي عقده سنة 666هـ/1267م مع الإسبتارية، واستولى على القلعة وعلى باقي قلاع الدعوة الإسماعيلية.

وقد استُخدمت قلعة الخوابي سجناً؛ إذ ذُكر في عدة مواضع من »زبدة الحلب في تاريخ حلب» لابن العديم (ت 660هـ/1261م) و»تاريخ الإسلام» للذهبي (ت748هـ/1347م) سجن عدد من الرجال فيها.

وفي سنة 671هـ/1273م استسلمت القليعة والمرقب للسلطان المملوكي الظاهر بيبرس.

سكنها الأهالي (الإسماعيليون) منذ نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجريين/الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، وبنوا فيها المساجد، وطوروها إلى أن أصبحت قرية في قلعة، وبقوا فيها إلى نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر الهجريين/التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلاديين.

ممر بين مباني القلعة

 

تشكل قلعة الخوابي مستطيلاً يبلغ طوله 350م، وعرضه 200م. وبسبب موقعها الاستراتيجي استخدمت لأغراض عسكرية، وكانت مركز استيطان آمن وقت الحروب.

وما زالت تحتفظ القلعة بعدد من معالمها؛ كالسور بنوافذه الصغيرة، والأقبية الأرضية المنتشرة في جميع أرجاء محيطها، والأبنية القديمة. وتضم منشآت كثيرة، بعضها متهدم، والآخر ما يزال يستعمل للسكن.

يُصعد إلى هذه القلعة بوساطة درج مبني من الحجارة الكلسية والبازلتية عبر بوابة في الجهة الشرقية، تصل إلى المدخل الرئيسي، وهو ذو سقف خشبي عادي.

وتتألف من قسمين: يضم القسم الأول جامعاً وأقبية وبعض الآبار، أما القسم الثاني ففيه حجارة متنوعة تعود إلى بيوت قديمة، وكتابات إغريقية منقوشة في الصخر.

وتضم القلعة حارتين:

الأولى: حارة سنان راشد الدين، وهي أعلى مرتفع من مركز القلعة، وقد زالت معظم معالمها الأثرية بسبب إقامة الأبنية الحديثة فوقها، واحتفظت بمعالم أخرى كالأقبية ومرابط الخيل، وعدة آبار تتوزع فيها لتجميع المياه. أما ما تبقى فأصبح أطلالاً باقية من الحجارة.

وفيها مسجد جُدِّد بناؤه في العصر العثماني بدلالة نص منقوش على ساكف الباب كُتب فيه »توقيفات حميدية سنة 1310هـ» (1892م).

والثانية: حارة السقي، ولم يبقَ منها شيء على الإطلاق، وهي بقايا أطلال لبيوت سكنية قديمة.

ويُشاهد على الجدار- عند الخروج من القلعة باتجاه البوابة الرئيسية- حجر أُضيف في فترة الحروب الصليبية، نُحت عليه ثلاثة أحرف يونانية؛ من المحتمل أنها دخيلة على الجدار الأساسي.

ويُشاهد خارج القلعة وعلى مقربة منها مسجد من بناء قديم متهدم الأطراف، وعلى مقربة منه الحمام الذي كان ظاهراً لفترة قريبة من الزمن، لكنه أُزيل كليّاً اليوم، وصار مكانه منزل لأحد سكان القرية.

نفّذت دائرة آثار طرطوس في السنوات الأخيرة أعمال صيانة وترميم لبعض أجزاء القلعة، مثل الدرج الواصل إلى القلعة، والسور الخارجي، وبرج البوابة الرئيسي، إضافة إلى عزل أسطح بعض الغرف، وأعمال تحشية وتدعيم للكتلة الصخرية، وغيرها من الأعمال.

عمار النهار

 

مراجع للاستزادة:

- حسام خضور، أهم القلاع الإسماعيلية في سورية (دار الغدير، سلمية 1997م).

- زكية حنا، القلاع والمواقع الأثرية في محافظة طرطوس (مطابع ألف باء الأديب، دمشق 1993م).


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 594
الكل : 31232705
اليوم : 57862