logo

logo

logo

logo

logo

خراب سيار (موقع-)

خراب سيار (موقع)

-

 خراب سيار

خراب سيار (موقع -)

 

خراب سيار Kharab Sayyar أطلال مدينة إسلامية مسورة في وسط المسافة تقريباً بين تل أبيض ورأس العين، وتقع في أعالي الخابور وأعالي البليخ على بعد نحو ٧كم جنوب خط الحدود السورية التركية. وقد أثارت بقايا هذه المدينة الضخمة اهتمام الرحالة والمؤرخين. وفي أوائل القرن العشرين زارها فون أوبنهايم Von Oppenheim، ووصفها وصفاً دقيقاً ووضع لها مخططاً واضحاً فضلاً عن إجراء بعض الأسبار فيها.

موقع مدينة خراب سيار مربع طول ضلعه نحو 650م، وهي محاطة بقناة وتحصين مائل. تقوم القلعة عند الضلع الشرقية للمدينة، ويبلغ ارتفاعها 25م، وإلى الغرب من هذه القلعة يوجد القصر. أما في الشمال الغربي فيوجد الجامع، وقد أشار أوبنهايم إلى السور على أنه مزدوج ويتألف من جدارين يفصل بينهما فراغ. ويلاحظ وجود بوابتين في كل من الضلعين الشمالية والجنوبية، وبوابة واحدة في كل من الضلعين الشرقية والغربية.

باشرت أعمال التنقيب في الموقع بعثة مشتركة من المديرية العامة للآثار والمتاحف، وجامعة غوتهGoethe-Universitat الألمانية في فرانكفورت Frankfurt، ومنذ عام 2000 اشترك المعهد الألماني الشرقي في هذه الأعمال.

فتحت أربعة قطاعات للتنقيب في خراب سيار، وهي: القطاع A شرقي القلعة حيث يوجد تل يعود إلى العصور القديمة. والقطاع B في القلعة نفسها، والقطاع C إلى الشمال منها حيث كشف عن بيت لشخص من علية القوم. أما القطاع الرابع D فموضعه في مركز المدينة تقريباً وكشف فيه عن حمام للعموم.

صورة التل الأثري

ظهرت في التل داخل سور المدينة الإسلامية بجانب القلعة؛ دلائل على استيطان قديم يعود إلى العصر البرونزي المبكر، ومنها كسر الفخار العائدة إلى ذلك العصر، وهذا ما استدعى الشروع بالتنقيب في هذا الموضع. وبعد عمليات الكشف والتحري تم تحديد 14 طبقة أثرية، يمتد تأريخها من عصر فجر السلالات الثاني والثالث إلى عصر سلالة أور الثالثة. ومن أهم ما كشفت عنه التنقيبات من عصر فجر السلالات غرفة كبيرة تحوي مصطبة من الحجر الكلسي في زاويتها الشمالية الغربية، وهناك باحة مفتوحة وجد في زاويتها تنور؛ وهذا يشير إلى أن هذه المرافق جزء من بيت يبدو أنه مشابه لبيوت معاصرة له في موقع تل خويرة[ر] القريب من خراب سيار. وقد عثر في الطبقات الأقدم على دمى إنسانية وحيوانية مشابهة كذلك لما اكتشف في تل خويرة (الطبقة IB-IE). واكتشف جزء من قبر تعرض للخراب حين شيد فوقه سور المدينة الإسلامي . يعود هذا القبر إلى الطبقة الأقدم 14، وقد عثر على غطاء لإناء فخاري وجزء من ختم أسطواني يحمل مشهداً لرجل جالس على الأرض وأمامه حيوان، والرجل يحمل أداة في يده يضعها أمام رأس الحيوان، ربما كانت سكيناً. وهذا المشهد يذكِّر بمشاهد عصر فجر السلالات في جنوبي بلاد الرافدين. وأظهرت التنقيبات الأخيرة وجود طبقات أقدم من طبقات العصر البرونزي قد تعود إلى أواخر العصر الحجري الحديث وقد استدل عليها من خلال اكتشاف كسر فخارية تعود إلى فترة حلف.

مخطط الجزء الشرقي من المنطقة السكنية القسم الشرقي في المنطقة السكنية

- القلعة (القطاع B)

كشف عن جزء من سور القلعة المشيد باللبن، وعن برج يقع عند زاوية السور له شرفة بارزة للمراقبة، وقرب الجانب الشمالي من السور وجدت غرفة زينت بلوحات جصية تعرض مشاهد نباتية بغاية الوضوح نظراً لبقائها حتى ارتفاع 36سم. البناء المركزي في القلعة يحتوي على غرف كثيرة، ولكنها لا تتضمن ما يشير إلى أنها قصر الحاكم. ومن البقايا الأخرى المكتشفة في هذا القطاع قناة حجرية لتصريف المياه من القلعة.

تحت هذه الطبقات الإسلامية كشف عن طبقات من عصور أقدم، واتضح أنها تعاصر الطبقات المكتشفة في القطاع A أي من العصر البرونزي المبكر، وكشف عن بيوت ذات عمارة أوضح مما اكتشف في القطاع A. وقد ضمت الطبقة الثانية أربعة بيوت، يتألف كل منها من غرف يصل عددها إلى ستة أو أكثر، ومن هذه البيوت ذُكر البيت الذي أعطي الرقم 1، يتوسط هذا البيت - المشيد بإتقان باللبن - فناء محاط بالغرف إحداها مخصصة للخزن، وبعضها الآخر لإنتاج الخبز بدلالة بقايا تنانير. وقد فصل البيت رقم 1 عن البيت رقم 2 بفراغ بسيط بين جداريهما؛ أي إن البيوت كانت شبه منفصلة، وهذا ما يُذِّكر بعمارة البيوت في تل خويرة (الطبقة الأولى F,D).

- بيت القائد العسكري عباس الغنوي (القطاع C)

كشف في شمالي القلعة عن بيت كبير يخص القائد العسكري عباس الغنوي حاكم المدينة. وقد غطى هذا البيت مساحة تزيد على 1000متر مربع وضمنه خمس باحات. مدخل هذا البيت في جهة الجنوب، وقد عثر على زخارف جصية بارزة بالقرب من المدخل دلّت على اسم صاحبه، وهي تزيينات مشابهة لما وجد في بيوت الرقة . الباحتان 3 أ و3ب متجاورتان ويحدهما من الشرق أربع غرف بعضها مقبب باللبن ، وعلى الأغلب كانت حماماً. أما من جهة الغرب فتوجد غرف تخزين، بعدها يتم الدخول إلى الغرفة X ، وهي معبر للغرفة D المخصصة لاستقبال الضيوف، وكانت التزيينات الجصية موجودة في كل أنحاء الغرفة. وهناك صف من الغرف يمتد من الشرق إلى الغرب، وضمت الغرفتان C,D رفوفاً وخزائنَ في الجدران. وكشف عن محراب في الغرفة F التي كانت على ما يبدو مخصصة للتعبد والصلاة. وتنفتح الغرف A B C على الباحة 1 التي وجدت في شرقيها ثلاث غرف K R S مخصصة لتحضير الطعام. أما الغرف في الناحية الغربية فتشمل حماماً ومرفقاً صحياً ومكاناً لغسل الملابس. وفي الجهة الشمالية من الباحة 1 وجدت بئر لتوفير المياه اللازمة للبيت.

مخطط الجزء الغربي من المنطقة السكنية القسم الغربي في المنطقة السكنية

استعمل الحجر في أساس الجدران التي شيدت بالآجر الذي تنوعت ألوان طينته من بني، أحمر، أزرق إلى أخضر. وكانت الجدران الداخلية مطلية بالجص وتحمل آثار تجديدات مستمرة. إن مخطط هذا البيت الكبير بتوزع باحاته وغرفه يُذِّكر بنمط عمارة بيوت سامراء، ولاسيما البيتين رقم 4و9 .

إن أبرز ما عثر عليه في هذا البيت مسكوكتان من عهد الخليفة الأموي مروان الثاني (127 - 133هـ/744 - 750م)؛ وهذا ما جعل بعض الباحثين يذهبون الى إرجاع هذا البيت أصلاً إلى العهد الأموي، وأنه أكمل في العصر العباسي.

- الحمام

وجدت عدة تلال صغيرة ذات لون أسود، اتضح فيما بعد أنها تضم حمامات عامة. ويشتمل الحمام الذي كشف عنه على قسمين؛ الأول هو القسم الساخن، وفيه حوض يأخذ مخططه شكل وردة ذات أربع وريقات، وتوجد عدة أعمدة من الآجر كانت مخصصة للجلوس في حين يسخن الماء ويدفِّئ أرضية الجلوس، القسم الثاني كان يضم مكاناً مخصصاً لخلع الملابس والجلوس يلي مدخل الحمام. وكان إشعال المرجل لتدفئة القسم الساخن يتم باستعمال الفحم الخشبي وفضلات الحيوانات.

الملاحظ أن عمارة هذا الحمام لا تمثل العمارة النمطية للحمامات المعروفة من ذلك العصر. وربما يعود هذا إلى استعمال الحمام في مراحل لاحقة مكاناً للأشغال الحرفية وغيرها. وتجدر الإشارة إلى اكتشاف بعض الرسوم على جدار الغرفة الشرقية جانب القسم الساخن من جهة الشرق، وهي رسوم منفذة بألوان مائية لأشكال هندسية ونباتية. وهذه الرسوم جددت عدة مرات، وفي كل مرة كان يتم طلاء الرسم السابق بالجص ومن ثم يتم الرسم عليه مرة أخرى. وتدل الدراسة المقارنة على أنها قريبة جداً من رسوم سامراء.

حمام خراب سيار

إن اتساع موقع خراب سيار يجعل من الصعوبة بمكان مواصلة استكشافه كله من دون الاستعانة بالتقنيات الحديثة. وقد مكّن استعمال المسح الجيومغنطيسي؛ تحديد موقع المسجد الذي وجد مطابقاً لما ذكره أوبنهايم، وتبلغ أبعاده 50×40 م ويضم فناءً مربعاً تقريباً، وتحيط به الأروقة على ثلاثة جوانب، وحرم المسجد ضيق قليلاً. يعد هذا المسجد من المساجد النادرة التي تعود إلى هذا العصر الإسلامي المبكر، ويظهر شبهاً واضحاً بمسجد الرقة العباسي.

وقد أظهرت أعمال المسح الجيومغنطيسي وجود شارع السوق شرق المسجد تماماً، إذ تتضح معالم دكاكين على جانبي الشارع، وهذه الدكاكين مؤلفة من غرفة أو اثنتين. أما بقايا الأبنية التي ظهرت إلى الغرب من المسجد فهي على الأغلب تعود إلى بيوت، واتضح أيضاً وجود السور المزدوج ، وقد تم تحديد الضلع الغربية منه. وتم تحديد مكان بئر رئيس في خراب سيار، وذلك في الزاوية الشمالية الشرقية من الموقع وهذه البئر كانت ضرورية لتزويد المدينة بالمياه وتخزينها لحين الحاجة. وفي الزاوية الشمالية الغربية يوجد الخان، وهو المكان الذي تستريح فيه القوافل التجارية عند تنقلها.

بعض الزخارف المكتشفة في أحد البيوت من زخارف بيوت خراب سيار

بينت الدراسات أن أهم مراحل استيطان موقع خراب سيار كانت خلال الفترة الأموية، لأنها كانت جزءاً من نطاق التحصينات الواقعة على طول الحدود مع الامبراطورية البيزنطية بين أضنة وملاطية في الأناضول. وقد بينت النقوش على جدران البيت رقم /١/ أنها مكان إقامة قائد عسكري اسمه عباس الغنوي، وقد تم تعيينه من قبل الخليفة المعتضد الذي حكم في الفترة ٢٧٩-٢٨٩هـ/ ٨٩٢-٩٠٢ م، لإيقاف القبائل البدوية المعادية التي كانت تجول في منطقة الأنبار في الفرات الأوسط. ومن المحتمل أن النماذج الزخرفية والتقنيات المستعملة في مقر إقامته قد تم استيرادها إلى سورية من بغداد(العاصمة آنذاك).

عمار عبد الرحمن

 

مراجع للاستزادة:

- Jan- Waalke Meyer, et al., “Die dritte Grabungskampagne in Kharab Sayyar 2000”, Mitteilungen der Deutschen.Orient Gesellschaft, 133, 2001, pp.199–224.

- Jan- Waalke Meyer, “Die Ausgrabungen im islamischen Kharab Sayyar (1–3 Kampagne 1997–2000. Zeitschrift für Geschichte der arabisch-islamischen Wissenschaften, 14, 2001, pp.189–215.

- Jan- Waalke Meyer, Imad Mussa, Michael Wurz, Compte Rendu des 6ème et 9ème Campagnes de Fouilles 2004-2007 a Kharab Sayyar, in CAS vol. III, (DGAM, Syrie 2008), pp.269-275.

- Jan- Waalke Meyer, Kharab Sayyar: Essai de contribution à une topographie historique en Syrie abbasside du norde-est, in AAAS vol. 45-46 (2003), pp. 234-225.


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 506
الكل : 31746931
اليوم : 22392