logo

logo

logo

logo

logo

الخط في الحضارة الإسلامية

خط في حضاره اسلاميه

-

 الخط

الخط

الخط في الحضارة الإسلامية

أولاً: الخط الكوفي

ثانياً: الخط النسخي

 

الخط في الحضارة الإسلامية

كان من أسباب العناية بالخط وتطويره ما شاع عند المسلمين في العصور الوسطى من تحريم الإسلام لتصوير الكائنات الحية، ومن هنا وجد المسلمون في الخط العربي متسعاً لمواهبهم الفنية يعوضهم من تصوير الكائنات الحية لما فيها من مضاهاة خلق الله وشيوع كراهيتها.

والخط العربي من أهم العناصر الزخرفية التي استعملها الفنان المسلم في موضوعاته، وقد كان التبرك بكتابات الآيات القرآنية أمراً لا يكاد يخلو منه عمل فني أو مسجد أو منارة في الأقطار الإسلامية في جميع أرجاء المعمورة؛ نظراً لخصائصه التي تتيح له التعبير عن قيم جمالية ترتبط بقيم عقائدية تجعله متميزاً من أي غرض إنتاجي آخر من حيث كونه عنصراً تشكيلياً يعين الخطاط على تصميم موضوعاته بشكل أقرب إلى الكمال.

وقد استمد الخط العربي أصوله من مصادر عدة كالخط النبطي والحيري والأنباري التي انتقلت إلى الجزيرة العربية مع تجارة إقليم السواد عن طريق دومة الجندل. وعند وصول الخط إلى مكة والمدينة عرف باسميهما؛ أي الخط المكي والخط المدني. وتؤكد الدلائل التاريخية أن العرب قبل الإسلام كانوا يعنون بتسجيل الأحداث اليومية كتثبيت الصكوك في المعاملات التجارية وكتابة المواثيق وتثبيت الأحلاف. وكانت لهم رسائل متبادلة فيما بينهم. وكان هناك من يجيد الكتابة والقراءة عند ظهور الإسلام، وأشهرهم سبعة عشر رجلاً: منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.

وفي عهد الخلفاء الراشدين اتسعت رقعة البلاد الإسلامية، وأصبحت الحاجة ضرورية للمكاتبات والمراسلات في شؤون الدولة وإدارة دواوينها، وكتب التاريخ ملأى برسائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلى أمراء الأمصار الإسلامية. كما ازدادت الحاجة إلى الكتابة لنشر القرآن الكريم، ولحفظ كتاب الله؛ فأمر الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهبنسخ القرآن الكريم وضبطه وجمعه في مصحف واحد، وكُتِب المصحف في زمن عثمان بالرسم النبطي في كثير من صور الكلمات، ثم كان التطور في كتابة المصاحف بخطوط مختلفة، وأرسل الخليفة عثمان منه نسخاً إلى الأمصار الإسلامية، وفي عهده ظهرت الكتابة على النقود الساسانية، حيث حملت عبارات مختلفة مثل: (بسم الله) و(بركة) و(محمد)؛ إضافة إلى بعض أسماء القادة وغيرهم.

وعندما انتقل مركز النشاط السياسي إلى العراق في زمن الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ انتقلت الخطوط المكية والمدنية إلى البصرة والكوفة، وعُرفت هناك بالخط الحجازي، وفي الكوفة تهندست أشكاله، واستقامت حروفه، وتميز من الخط الحجازي بأن غلب عليه الجفاف، وأُطلق عليه اسم الخط الكوفي. ومن الكوفة انتشر هذا الخط إلى أرجاء العالم الإسلامي حيث صارت تكتب به المصاحف، وتحلى به المباني والنقود، في حين ظل الخط الحجازي اللين في خدمة الدواوين لمرونته وسرعة كتابته، وقد ساعد هذا على انتشار الكتابة العربية انتشاراً قويّاً ومؤثراً.

تميزت حروف الخط العربي بالليونة والانسياب والترابط في تشكيل الكلمات؛ مما زاد بإمكان التنوع والتطوير والتجويد، فصارت الحروف تكتب بأشكال مختلفة، وبات يشتمل على أجمل الخصائص وأعظم القيم الفنية التي ثبت في من يمارسها أو يتذوقها متعة ونشوة، وقد انتشر هذا الخط في سائر أنحاء العالم الإسلامي، وبات أوسع انتشاراً من اللغة العربية نفسها؛ ولاسيما في البلاد المفتوحة حيث أصبح بعضها يكتب لغته بحروف عربية كما في السلطنة العثمانية والهند وفارس.

وبالواقع فقد تطورت مكانة الخط والخطاطين بالتوازي مع ازدهار الحضارة الإسلامية واتساع رقعتها؛ وبالتوازي مع تطور الفن الإسلامي ونضوجه وابتعاد فنانيه عن الرسوم الآدمية والحيوانية، حيث انكفأ الفنانون على الخطّ العربي؛ يجوّدونه ويزخرفونه، وصارت الكتابة حرفة ومهنة نال أصحابها احترام جميع طبقات المجتمع؛ لأنّهم يكتبون كلام الله، وينشرون آياته، وصار الخطّ العربي تدريجياً علماً له أسسه وقواعده.

وكان اتفاق الباحثين على أن الاختلاف بين الخطوط العربية في مراحلها الأولى هو اختلاف في طرائق التجويد أكثر من أن يكون اختلافاً في الخصائص، ولكن هذا الأمر اختلف مع تطور الزمن ليصبح لكل خط خصائص تميزه من غيره من الخطوط المجودة، واعتُمد في ذلك على هندسة الحروف بطرائق مختلفة وأشكال متعددة؛ مما أنتج تنوعاً وغنىً لافتاً بأنواع الخطوط وتعدد مسمياتها بعد أن كانت تنسب بداية إلى المكان الذي وجدت فيه؛ كالمكي والمدني والحجازي والبصري والحيري وغيرها، فصنفها الدارسون في خطين رئيسيين؛ هما الخط الكوفي والخط النسخي.

والواقع أن الخط العربي قد تطور من الكوفي الذي ساد استخدامه القرون الخمسة الأولى للإسلام إلى خط النسخ الذي ما لبث أن جُوِّد، واشتقت منه خطوط عديدة أخرى. وفي العصر المملوكي البحري ٦٥٨-٧٨٤هـ/١٢٦٠-١٣٨٢م استعمل خطّا النسخ والثلث قريبا الشبه من بعضهما، واللذان تطورا من الخط النسخي، ولم يختفِ الخط الكوفي كلياً في هذا العصر، بل ظهر ببعض النصوص التاريخية على العمائر، وتظهر أبرز أمثلته المتأخرة في تلك الفترة في مدرسة السلطان حسن ٧٥٧-٧٦٤هـ/١٣٥٦-١٣٦٢م في القاهرة.

وفي العصر المملوكي الجركسي ٧٨٤-٩٢٢هـ/١٣٨٢-١٥١٦م شاع استعمال خط الثلث في النصوص التاريخية، واستخدم خط النسخ في الآيات القرآنية، وندر استعمال الخط الكوفي، فظهر مثلاً في مدفن السلطان برقوق في مجمع ابنه الناصر فرج في مدينة القاهرة أيضاً والمؤرخ ٨٠٣-٨١٣هـ/١٤٠٠-١٤١١م.

ولم تأتِ الدولة العثمانية إلاّ وقد تطور الخط وتنوع ووصل إلى قدر عالٍ من التنوع والإتقان، واستخدم فيه من الخامات كالأوراق والأحبـار والأقلام والألــوان ما أصبح به علماً وصناعة تتوارثها الأجيال، وقد لَقِي الخط من العثمانيين عناية كبيرة ظهرت باهتمام السلاطين به وكذلك جميع وجوه الدولة؛ مما جعل جهود الخطاطين ترتقي به يوماً بعدَ يوم.

وتتفق الكتب على تقسيم الخط العربي أنواعاً عديدة انضوت كلها تحت النوعين الرئيسيين المذكورين أعلاه، وقد جرت نسبة هذه الخطوط إليهما للتشابه الذي يربطهما من حيث طريقة رسم الحروف وأشكالها:

أولاً: الخط الكوفي:

ويسمى الخط القاسي أو الجاف، وقد ظهر شكله البسيط غير المنقوط في عهد الرسول ﷺ، ثم انتشر استخدامه في الكوفة في عهد الخليفة عليّ بن أبي طالب ، ويتميز عموماً باستقامة حروفه وبزواياها الحادة، وقد استمر مسيطراً على الكتابة العربية طوال القرون الخمسة الأولى للإسلام، ويُلفى من هذا الخط سبعة أنواع تبعاً لأشكال الحروف وطريقة كتابتها، وهي:

١- الكوفي البسيط: شاع في القرون الهجرية الأولى، وهو خالٍ من الزخارف، ومادته كتابية بحتة، تنتهي قوائم الحروف فيه بشكل مثلث، انتشر في شرق العالم الإسلامي في القرنين ١-٢هـ/٧-٨م. ومن أشهر أمثلته ما كتب على قبة الصخرة في مدينة القدس.

٢- الكوفي المورّق: ظهر في المرحلة التالية حيث عرضت قوائم الحروف لتصبح بشكل أنصاف مراوح نخيلية وأوراق نباتية وزخارف تشبه أوراق الشجر، وقد بدأ التوريق يظهر بحروف الخط الكوفي بعد مستهل القرن ٣هـ/٩م وشاع انتشاره في أواخر القرنين ٣-٤هـ/٩-١٠م. ومن الأمثلة عليه: اللوحة التأريخية عند باب حرم مسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه في دمشق [ر] من العصر السلجوقي.

٣- الكوفي المزهّر: هو مرحلة متطورة من الخط المورّق، وفيه تنتهي قوائم الحروف بفروع نباتية ينبثق منها أنصاف مراوح وأوراق نباتية. وقد ظهر الخط الكوفي المزهر منذ الربع الثاني من القرن ٣هـ/٩م. ومن الأمثلة عليه اللوحات الزخرفية عند باب العمارة للجامع الأموي في دمشق [ر] من العصر السلجوقي.

الخط الكوفي المزهر في الجامع الأموي (سلجوقي)

٤- الكوفي ذو الأرضية النباتية: ويطلق عليه أيضاً اسم «المخملي»، حيث نفذ الخط الكوفي على أرضية من زخارف نباتية تتألف من فروع نباتية ملتفة مثمرة، وقد عرف هذا الخط وشاع في القرن ٥هـ/١١م، وتُلفى أشهر أمثلته في فارس.

٥- الكوفي المضفور: ويسمى أيضاً المجدول أو المعقد، وهو خط كوفي متطور ابتدعه الخطاط المسلم لينافس أنواع الخط الليّن (النسخ والثلث) التي شاعت منذ القرن ٧هـ/١٣م، واحتلت مكانة الخط الكوفي الذي فقد منزلته كخط رسمي، وأصبح خطاً زخرفياً يظهر على التحف الفنية وأحياناً جنباً إلى جنب مع خطي النسخ والثلث. وقد لجأ الخطاط إلى تضفير حروف الكلمة الواحدة أو تضفير قامات كلمتين متجاورتين محققاً بذلك أشكالاً زخرفية مميزة. وقد بولغ أحياناً في تضفير تلك الحروف إلى حدٍّ يصعب معه التمييز بينها؛ ولا سيما عندما تتداخل الحروف والزخارف، كما يصعب فيه أحياناً التمييز بين العناصر الخطية والزخرفية.

الخط الكوفي المزخرف في مسجد خالد بن الوليد (سلجوقي) الخط الكوفي المضفور

٦- الكوفي الهندسي: ويعرف أيضاً بالكوفي المعماري أو المربع، لم ينتشر هذا الخط قبل القرن ٦هـ/١٢م، ويتسم بخطوطه شديدة الاستقامة التي تؤلف أشكالاً وزوايا قائمة، ويتسم هذا الخط بأنه يؤلف تكوينات زخرفية على هيئة مستطيل أو دائرة أو شكل سداسي أو ثماني، أو يؤلف شكلاً معمارياً. ومن الأمثلة عليه: اللوحة الزخرفية لسورة الإخلاص على الواجهة الشمالية الرئيسية للمدرسة الركنية البرانية [ر] في دمشق من العصر الأيوبي.

٧- الكوفي المغربي: ظهر هذا الخط في بلاد المغرب والأندلس، وشاع استخدامه في كتابة المصاحف والمكاتبات، ويتميز بحروفه التي تجمع في شكلها بين حروف الخط الجاف واللين معاً؛ مما يعطيها طابعاً مميزاً لا تخطئه العين.

وقد قسم بعض الدارسين الخط الكوفي إلى ثلاثة أنواع، وذلك تبعاً للوظيفة والدور الذي استخدم فيها هذا الخط عبر العصور الإسلامية، وهي:

النوع الأول: الخط التذكاري: حيث كان يستخدم هذا النوع في التسجيل على واجهات الأبنية والجدران وعلى المواد الصلبة كالأحجار والأخشاب لتثبيت الآيات القرآنية والدعائية وتاريخ الوفيات… إلخ، ويتميز هذا النوع بجماله وخلوه من النقاط وترابط حروفه والإسراف في زخرفته وصعوبة قراءته.

النوع الثاني: الخط الكوفي المصحفي: الذي تجمع حروفه بين الجفاف والليونة، واستُخدم في كتابة المصاحف طوال القرون الثلاثة الهجرية الأولى.

النوع الثالث: وهو خط التحرير، فحروفه لينة مخففة ومطواعة في يد الكاتب، استُخدم في الأغراض اليومية والدواوين وفي الشؤون الرسمية والعلمية.

 

الخط الكوفي الهندسي في المدرسة الركنية البرانية (أيوبي)

ثانياً: الخط النسخي:

سُمِّي بالبديع والمقور، والمدوّر، والمحقق، وهو خط لين تتميز حروفه عموماً بالاستدارة والابتعاد عن الزوايا الحادة، وقد زاد استخدام هذا النوع من الخط في عصر الخليفة المأمون، واستخدم في المراسلات والمعاملات التجارية واستنساخ الكتب لسهولة كتابة حروفه اللينة، ثم ما لبث أن جُوِّد واشتُقت منه خطوط عديدة أخرى، وبدأ منذ مطلع القرن ٦هـ/١٢م بمنافسة الخط الكوفي بالظهور على واجهات المباني والتحف الفنية بوصفه خطّاً تذكاريّاً، وفي العصر المملوكي البحري استعمل خطا النسخ والثلث قريبا الشبه من بعضهما، ليصل هذا الخط في نهاية العصر المملوكي الجركسي ٩٢٢هـ/١٥١٦م لقمة تجويده وتطوره، وصار يقسم أيضاً أنواعاً عدة، هي:

١- خط النسخ: سمي بذلك؛ لأن المصاحف والكتب أصبحت تنسخ به منذ أوائل القرن ٧هـ/١٣م بعد أن حل النسخ ثم الثلث محل الخط الكوفي، وأصبح خطاً رسمياً للدولة تسجل به النصوص على عمائرهم ومسكوكاتهم وفنونهم، وقد قام الخطاط المعروف بابن مقلة منذ أواخر القرن ٣هـ/٩م بوضع معايير وضوابط له، وجعل من حرف الألف مقياساً تقاس بالنسبة إليه بقية الحروف، ولذلك سمي خط النسخ بـ «الخط المنسوب» كما يذكر القلقشندي في كتابه «صبح الأعشى».

 

الخط النسخي في مسجد خالد بن الوليد (أيوبي)

 

وقد عمل على تطوير هذا الخط بعد ابن مقلة عدد آخر من الخطاطين كان كل منهم يضم جهده إلى تراث سلفه، واعتمدوا في ذلك التطوير على مقاسات ومعايير محددة لضبط حروفه حتى وصل ذروة الكمال، ومن هؤلاء: علي بن هلال المعروف «بابن البواب» المتوفَّى سنة ٤١٢هـ/١٠٢٢م، وياقوت المستعصمي الذي لقب «بقبلة الكتاب» للدور الكبير الذي قام به لتحسين الخط وتطويره، وتُوفِّي سنة ٦٩٨هـ/١٢٩٨م.

وكان لخط النسخ أيضاً ضوابط تحدد طريقة تقليم سن القلم بما يتناسب مع نوع الخط، بل وطريقة الإمساك بالقلم، وهو ما أسهب القلقشندي في وصفه تحت عنوان: «أوضاع الخط وقوانين الكتابة وكيفية إمساك القلم عند الكتابة».

ومن الأمثلة على خط النسخ: اللوحة التأريخية التجديدية لمسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه في دمشق من العصر الأيوبي، وكذلك اللوحة الزخرفية في واجهة سبيل الخزنة [ر] في دمشق من العصر المملوكي.

 

الخط النسخي سبيل الخزنة (مملوكي)

 

٢-خط الثلث: يغلب أنه سمي بهذا الاسم؛ لأن سمك القلم الذي يكتب به يساوي ثلث قطر القلم الذي يكتب به أكبر الخطوط حجماً؛ أي خط الطومار الذي كان يكتب بـ٢٤ شعرة من شعر الخيل، ومثله خط الثلثين.

وقد شاع الخلط بين خط النسخ وخط الثلث لكونهما من الخط اللين؛ على الرغم من الاختلاف الكبير بينهما، حيث إن نسب حروف خط الثلث أكبر من نسب خط النسخ وأكثر سمكاً، كما يتميز خط الثلث بقابلية حروفه للتركيب كما تبدأ طوالع حروفه بسِنّة، ثم ينثني طرفها إلى أسفل مثل حروف اللام والراء والزاي المفردة وطوالع الطاء والظاء على عكس خط النسخ الذي تكتب حروفه باستدارة من دون استرسال أو امتداد، وهي أقل سمكاً وجمالاً وأيسر في التنفيذ.

وقد يقسم بعض الباحثين خط الثلث إلى عدة أنواع، مثل الثلث الجلي والثلث المركّب الذي عرف منه خطان؛ هما المركّب البسيط والمركّب المعقد الذي قد يصعب على الكثيرين قراءته.

 

الخط الثلث في المدرسة النورية (سلجوقي) الخط الثلث في المدرسة الشاذبكية (مملوكي)
الخط الثلث في البيمارستان القيمري (أيوبي) الخط الثلث في جامع الأمير برسباي/ الورد (مملوكي)
الخط الثلث في جامع المعلّق (مملوكي) الخط الثلث في سبيل أبي الشامات (عثماني)
الخط الثلث المركب

 

٣-الخط الفارسي: ويسمى أيضاً خط التعليق، وخط الشكسته، هو من الخطوط المشتقة من خط الثلث التي شاع استخدامها في بلاد فارس التي صار أهلها بعد انتشار الإسلام بينهم يكتبون لغتهم بحروف عربية، وينسب تجويد هذا الخط إلى الخطاط حسن فارس في القرن ٤هـ/١٠م ثم إلى الخطاط المشهور مير علي التبريزي الذي عمل بخدمة تيمور، ولُقِّب «بقدوة الكتاب»، وأكمل عمله تلميذاه «جعفر التبريزي» و»أظهر التبريزي»، فشاع أسلوب هذا الخط، وانتشر حتى صار من لا يتقنه لا يُعدّ خطاطاً، وقد انتقل بعض الخطاطين الفرس لاحقاً إلى القسطنطينية، ونقلوا معهم أسلوب خطهم، ومنهم شاه قاسم التبريزي. وفي الواقع فإن هذا الخط قد انتشر على الآثار والفنون منذ القرن ٧هـ/١٣م، وتميز بجماله ودقة امتداد حروفه وبالوضوح وعدم التعقيد. ومن الأمثلة عليه: اللوحات الزخرفية عند مدخلي جامع سنان باشا ومقام السيدة حفصة في دمشق من العصر العثماني.

 

الخط الفارسي في جامع سنان باشا (عثماني)

الخط الفارسي في تربة السيدة حفصة (عثماني)

 

٤- خط النستعليق: وهو من الخطوط المشتقة من خط النسخ وخط التعليق الفارسي ولذلك عرف باسم (نس تعليق) أو نسخ التعليق؛ لأنه يجمع في سماته بين الخطين، وإن كان يتميز بأنه أكثر بساطة وليونة وأكثر قصراً في كاسات حروفه وأسرع في التنفيذ، فهو يتسم بخلوه من علامات الشكل، وقد كتبت به المخطوطات والدواوين الفارسية منذ القرنين ٨-٩هـ/١٤-١٥م، وكان للخطاط مير علي التبريزي دور كبير في تجويد هذا الخط أيضاً.

خط النستعليق

٥- الخط الديواني: هو الخط الخاص بالمكاتبات الرسمية في دواوين الدولة العثمانية، حيث كانت تكتب به جميع الأوامر الملكية والإنعامات والفرمانات السلطانية، ومن هنا حاز اسمه، وقد بدأ ظهور هذا الخط بعد فتح السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية سنة ٨٥٧هـ/١٤٥٣م.

ويُعدّ الخطاط إبراهيم منيف أول من وضع قواعد هذا الخط، وتتميز حروفه بالليونة والاستدارة والتداخل والتشابك والتنوع في تنغيم سمك الحروف من الرفيع إلى السميك، وكان للخطاط شهلا باشا أيضاً دور كبير في تجويد هذا الخط.

ويتفرع من الخط الديواني نوعان، هما: الخط الديواني الجلي الذي سمي بهذا الاسم لوضوحه، ويتميز بكثرة حركاته بحيث تملأ فيه جميع الفراغات؛ مما يعطيه شكلاً فنياً جميلاً. أما النوع الثاني لهذا الخط فعرف باسم الخط الديواني الجلي الزورقي الذي سمي بهذا الاسم لتشابه تكويناته الخطية مع أشكال «الزوارق» المعروفة.

الخط الديواني الجلي الزورقي

 

٦-خــط الطغراء: الطغراء كلمة فارسية استخدمها العرب للدلالة على العلامة التي تكتب بالقلم الغليظ على الأوامر السلطانية، وتجهز على الأختام؛ لتمهر بها المراسيم السلطانية والمكاتبات الديوانية لإعطائها صفة الشرعية الرسمية، كما كانت تطبع على المسكوكات كحق شرف للحاكم ومظهر من مظاهر سلطته وسيادته. وهي تشبه ختم الدولة في العصر الحديث، وقد شاع استخدامها بكثرة في زمن الدولة العثمانية حتى صار لكل سلطان طغراء خاصة به يذكر فيها اسمه أو لقبه، ومن الأمثلة عليه في دمشق: اللوحة الزخرفية عند مدخل رباط أبي البيان في باب توما، واللوحة الزخرفية عند مدخل زاوية خالد النقشبندي في سفح قاسيون.

 

خط الطغراء في زاوية خالد النقشبندي وتربته (عثماني)

خط الطغراء في رباط أبي البيان (عثماني)

 

٧-خــط الطومــار: كلمة طومار تعني الصحيفة؛ أي هو «خط الصحيفة»، ويمتاز بضخامة الحجم ووضوح المعالم، وكان مخصصاً لكتابة مراسيم النواب والوزراء.

 

خط الطومار

 

٨-خط الرقــعة: هو خط بسيط واضح يكتب بخط لين على الرقاع أو الورق الصغير، وقد كتب به العثمانيون لسهولته وسرعة تنفيذه.

خط الرقعة

 

٩-خط الغبار أو الجناح: ويكتب بخط نسخ صغير، وسمي بقلم الغبار لدقة حروفه كما سمي بخط الجناح؛ لأنه كانت تكتب به الرسائل التي ينقلها الحمام من مكان إلى آخر.

 

خط الغبار

 

١٠- خــط الإجــــازة: وسُمِّي أيضاً بخط الريحان أو بخط التوقيع، وكان يستخدم لكتابة الإجازة التي تمنح للمتفوق في الخط عند بلوغه الذروة في فن الخط. وسمي التوقيع؛ لأن الخلفاء كانوا يوقعون به.

خط الإجازة

 

١١- الخــط السنبلي: مخترع هذا النوع هو الخطاط عارف حكمت، وقد استنبطه من الخط الديواني. وهو كثير الشبه به حتى حروفه كانت توزن بميزان الخط الديواني الذي هو أصل لها.

الخط السنبلي

 

١٢- خــط التاج: وهو خط عربي حديث، ابتدعه الخطاط المصري محمد محفوظ سنة ١٣٤٩هـ/١٩٣٠م في عهد الملك فؤاد الأول باقتراح منه، وسماه الخط التاجي نسبة إلى صاحب التاج.

خط التاج

 

١٣- خــط سيــــاقت: أو السِّيَاقُ أو السياقة، وهو خط تركي سلجوقي ظهر نحو سنة ٧٠٠هـ/١٣٠٠م، وهو قريب من الديواني ممزوجاً بالرقعي والكوفي، وقد استخدم في الدوائر المالية في الدولة العثمانية، ووُصف بأنه صعب القراءة؛ لأنه يخلو من النقاط، وكان الحرف أو الشكل الواحد مختصراً من عدة أحرف، ولم يكن يلم بقراءته إلا المختصون، وقد اندثر هذا الخط تماماً.

خط سياقت

 

١٤- الخــط الحُـــرّ: هو خط كما يظهر من اسمه أنه لا يتقيد بقاعدة معيّنة، بل يعتمد اعتماداً أساسيّاً على مهارة الخطاط ومدى خبرته، فهو من الخطوط الحديثة التي تعددت أشكالها بحسب الفنانين وأذواقهم الفنية.

الخط الحر

 

وفي الوقت ذاته كان لهذا الغنى والتطور الذي تميز به الخط في الحضارة الإسلامية أسباب منهجية ساهمت في ذلك، وعززته، ومن أهمها قيام مراكز خاصة كانت مثل المدارس أنشئت؛ لتعتني بتطويره وتعليم حرفته ضمن سمات فنية تميّز بها كل مركز من الآخر، والواقع أن الفضل بكل هذا يعود إلى جهود عدد من الخطاطين النابغين الذين كان لهم الفضل الكبير في زيادة تطوير الخط العربي وتجويده، ومن ثمّ تعدد أنواعه وتنوع خصائصه وانتشاره في أرجاء العالم الإسلامي. وقد بدأ ظهور هؤلاء الخطاطين منذ العصر الأموي ٤١-١٣٢هـ/٦٦١-٧٥٠م؛ إذ كان ابن الهياج من أشهر خطاطي هذا العصر، وكذلك الخطاط مالك بن دينار وقطبة المحرر الذي يعزو بعض الباحثين إليه استخراج الأقلام الأربعة والجليل والطومار والثلث والثلثين واشتقاق بعضها من بعض.

وقد تفوق خطاطو العصر العباسي ١٣٢-٦٥٦هـ/٧٥٠-١٢٥٨م، وذاع صيتهم في عاصمة الدولة بغداد التي احتل الخطاطون فيها مقاماً رفيعاً، ومنها انتشرت أصول الخط البديع المنسوب الذي تميز فيها بجماله ورونقه، وشهر فيه العديد من الخطاطين مثل الضحاك ابن عجلان الكاتب في زمن أبي العباس (أول الخلفاء العباسيين)، ثم جاء بعده إسحاق بن حماد الكاتب في عصري المنصور والمهدي، وكانا يخطان خط الجليل وهو مثل خط الطومار أو قريب منه. وأخذ إبراهيم الشجري عن إسحاق الخط الجليل، ويقول بعض الباحثين: إنه اخترع منه قلماً أخف منه أسماه «قلم الثلثين»، ثم اخترع من الثلثين قلماً أسماه «الثلث». أما أخوه يوسف الشجري فهو الذي اخترع من الجليل خطاً في عصر المأمون سمي «الرياسي». وفي ذلك العصر أخذ الكتّاب يتفاخرون بتحرير خطوطهم، فظهر الأحول المحرر الذي جعل الخط العراقي الذي كانت تكتب به المصاحف أنواعاً، منها قلم الطومار.

ثم انتهت إجادة الخط وتحريره في القرن ٣هـ/٩م إلى ابن مقلة- وهو أبو علي محمد بن علي بن مقلة، وكان وزيراً في زمن المقتدر والقاهر والراضي- وإلى أخيه عبد الله الحسن، وقد كان والدهما خطاطاً. ولد ابن مقلة في بغداد سنة ٢٧٥هـ/٨٨٩م، وعاش فيها، وكان ميالاً إلى الأدب واللغة وله إلمام واسع بالهندسة؛ مما ساعده على تطوير خطه، فهندس الحروف، وأجاد في تحريرها، وعنه انتشر الخط في مشارق الأرض ومغاربها، ووضع القوانين لكل حرف من حروف الخط العربي. وقد برع في نوع من الخط كان يعرف بـ «الدرج»، كما أجاد أخوه خطاً عرف بالنسخ. ومن تلاميذ ابن مقلة البارزين: محمد ابن السمسماني ومحمد بن أسد اللذان أخذ عنهما أبو الحسن علي بن هلال المعروف بــ»ابن البواب»، وقد جمع ابن البواب خطوط ابن مقلة في النسخ والثلث اللذين قلبهما من الخط الكوفي، ونقحهما، وصححهما، ووجّههما، فاستقام بفضله أسلوب ابن مقلة من كل الوجوه، وخلد اسمه. وقد عُدّ أكبر كتّاب الخط بعد ابن مقلة، وإليه ينسب ابتداع الخط الريحاني، وأنشأ مدرسة للخط عملت حتى زمن ياقوت المستعصمي آخر خطاطي المدرسة البغدادية. يعرف هذا الخطاط بـ »قبلة الكتاب»، وهو الشيخ جمال الدين ياقوت المستعصمي، من مماليك الخليفة المستعصم آخر خلفاء بني العباس. كان ياقوت خازناً بدار الكتب في المدرسة المستنصرية، وكان يجتمع بالأدباء والعلماء والوزراء، ونال تشجيعاً ورعاية من قبلهم. وبرع في تجويد الخط، وهذّب أوضاع الحروف، وبلغ بالخط إلى أوج جماله والإبداع في تراكيبه. وكان لمدرسة بغداد في الخط بفضله السيادة في العالم الإسلامي، حيث سعى الخطاطون إليها يقلدون خطوط المستعصمي، ويسيرون على نهجه حتى ظهر الحافظ عثمان بن علي التركي الذي تفوق على ياقوت في كتابة النسخ. واشتهر المصحف المعروف باسمه مصحف حافظ عثمان. وتُوفِّي المستعصمي في بغداد سنة ٦٩٨هـ/١٢٩٩م تاركاً أعمالاً جليلة ومصاحف في غاية الروعة. وبعد الغزو المغولي سنة ٦٥٦هـ/١٢٥٨م لبغداد وسقوطها على أيديهم انتهى دور خطاطي مدينة بغداد، فانتقلت مراكز النشاط العلمي والفني إلى أماكن أخرى، وكانت مصر وتركيا من المراكز التي اهتمت بتجويد الخط العربي بعد بغداد.

حمل الخطاط الحسن بن علي الجويني المعروف بالبغدادي- وكان يلقب «بفخر الكتاب»- تأثيرات ما يمكن تسميته بمدرسة بغداد وخطاطيها إلى مصر التي كانت العناية بالخط فيها قد زادت منذ زمن الدولة الفاطمية (٣٥٨-٥٦٧هـ/٩٦٩-١١٧٣م) حيث نافس خطاطو مصر العراقيين في الإنتاج الفني للخط والزخرفة، وكان أصحاب الأقلام يتمتعون بحظوة كبيرة لدى الخليفة الفاطمي، ولا عجب فإن الدولة الفاطمية اهتمت بالترف والزينة حيث زينت القصور والمساجد والأثاث بالأعمال الخطية إلى جانب الزخرفة.

 

وقد عرف الخط عناية كبيرة في زمن الدولة المملوكية ٦٥٨-٩٢٢هـ/١٢٦٠-١٥١٦م، واستخدم المماليك الزخارف الخطية الهندسية، وأكثروا من استخدامها في مبانيهم. واهتموا بالتأليف وتدوين المخطوطات، وكان من مشاهير خطاطيهم شمس الدين بن أبي رقية محتسب الفسطاط، ووصل عندهم الخط المدور الذي استخدم في كتابة المخطوطات منزلة متطورة؛ ولا سيما في المصاحف. وما أحدثه التطور في الخط والزخرفة في عصر المماليك كان له أثره الفني في بلاد الشام والأندلس التي عبر عن طريقها إلى أوربا.

أخذ الفن الإسلامي مظهراً جديداً بعد أن أصبحت مدينة القسطنطينية عاصمة للدولة العثمانية منذ استيلاء السلطان محمد الفاتح عليها سنة ٨٥٧هـ/١٤٥٣م، حيث تميز هذا الفن باستقطاب الفنانين من شتى أنحاء العالم الإسلامي؛ فانصهرت الأساليب الفنية جميعها لتعطي للفن العثماني طابعاً جديداً مميزاً تجلى في أبهى صوره في فن الخط العربي. وقد أبدع الخطاطون العثمانيون بتعلم الأقلام العربية التي كانت معروفة، وطوروها. ثم ابتكروا خطوطاً جديدة مثل الخط الهمايوني والطغرائي وخط السياقت. وكان للخطاطين الأوائل دور فعال بنقل مدرسة بغداد إلى تركيا، وعلى رأسهم حمد الله الأماسي في القرن ٩هـ/١٥م، وقد نهج طريقة الخطاط البغدادي ياقوت المستعصمي. وأتقنوا تقليد الأقلام الستة التي كانت شائعة في العراق، وهي النسخ والمحقق والثلث وخط الريحاني والرقعة. كما أخذوا عن مصر خط الثلثين والثلث اللذين كتب بهما المماليك، وبدأ الخطاط العثماني يتجاوز تقليد الخطوط السابقة إلى تحسينها وتطويرها، ومنها خط الجلي الذي ابتكره ياقوت، فكتبوه بلوحات كبيرة على العمائر، وعلى لوحات صغيرة تتجلى فيها الآيات القرآنية والأحاديث والأقوال المأثورة.

ابتكر العثمانيون- إضافة إلى خط الغبار- الخط المثني أو الكتابة المنعكسة حيث تكتب العبارة بشكلين يمكن قراءتها من اليمين إلى اليسار وبالعكس. وتخصص بخط الطغراء من الخطاطين في هذا العصر: مصطفى الراقم وإسماعيل حقي وسامي. وقد عرف هذا النوع من الزخرفة في العصر السلجوقي في آسيا الصغرى كما عرفها المماليك. ولكن العثمانيين اتخذوا فيها صورة جديدة تختلف عن العصور السابقة. وفي القرن ١٠هـ/١٦م ذاعت شهرة الخطاط أحمد قرة حصاري الذي تتلمذ على يد أحمد الأماسي، وقد أتقن خط الجلي والمحقق والريحاني.

ثم تربع على عرش الشهرة الخطاط «حافظ القرآن عثمان» في القرن ١١هـ/١٧م وأوائل القرن اللاحق. وقد اختير لتعليم أصول الخط العربي للسلطان مصطفى الثاني وللأمير أحمد الذي أصبح فيما بعد السلطان أحمد الثالث، وما تزال المصاحف التي نسخها عثمان تُعدّ المثل الأعلى في خط النسخ أو المحقق.

صفحة من المصحف الأزرق مذهبة بالخط الكوفي المغربي،
ويُعتقد أن هذا المصحف أُعد إما في الأندلس وإما في القيروان

وقد حمل الخط في بلاد المغرب والأندلس مميزات خاصة أكسبته شخصية مختلفة عن الخط في شرق العالم الإسلامي، وللخطِّ في تلك البلاد من حيث وظيفته نوعان: خط تذكاري، وهو لا يختلف عن الخطوط التذكارية في الشرق الإسلامي؛ وخط التدوين والتحرير. واستخدم المغاربة نوعاً أقرب ما يكون إلى الكوفي البسيط في أمورهم الدينية والقضائية. وعليه فقد نشأت للخط المغربي سلالتان: الأولى دينية، والأخرى مدنية. والمدنية تفرعت منها سلالات محلية، هي القيرواني والأندلسي والفاسي والسوداني، ويتميز الخط الفاسي باستدارة حروفه، وهو الخط الذي تكتب به مراكش، والخط السوداني تمتاز حروفه بأنها غليظة وذات زوايا حادة وكبيرة، وقد اشتق من الخط التكروني- نسبة إلى مدينة تكرون السودانية- ويستعمل حالياً في الحجاز؛ ويسمى التمبكي.

وفي تدوين القرآن استخدم الخط الكوفي المغربي، وهو أقرب إلى الثلث والنسخ منه إلى الخط الكوفي المعروف. كما أن الخط المغربي المستدير أقرب إلى الخط الكوفي اليابس، وذلك لأن المغرب العربي بقي طويلاً يرى أن هذا الخط هو الخط العربي الأصيل، ويتميز بقلة الاستقامة في أصابعه وبحروفه المدورة، ويبدو نحيفاً وليناً في مجموعه.

وكتابات الأندلس منذ القرن ٤هـ/١٠م تغلب عليها البساطة وإن استخدمت فيها بعض الزخارف التي عرفت في مصر قبل ذلك، وبقيت كذلك حتى آخر عهد الأندلس بالكتابة الكوفية، وسمي الخط الأندلسي بالقرطبي أيضاً، وشكل حروفه مستديرة بعكس حروف الخط القيرواني التونسي المستطيلة. أما الخط الجزائري فهو ذو زوايا حادة وصعب القراءة.

وأخيراً فمن الثابت أن الزخارف الخطية التي شاعت في شتى أنواع العمائر الإسلامية وفي كل العصور الإسلامية قد قدمت لعلم الآثار أكثر من الزخارف النباتية والهندسية العديد من المعلومات التاريخية والأثرية المهمة، والتي أثبتت أو أضافت حقائق زادت في فهم تاريخ عمارة المباني؛ فقد كشفت النقوش الكتابية الغموض عن بعض صفحات التاريخ المنطوية، وأصلحت بعض الأسماء والتواريخ المرتبطة به، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكتابات العربية التي شاعت في شتى أنواع الآثار المنقولة للحضارة الإسلامية، وكذلك من خلال ما حملته من دلالات تاريخية غاية في الأهمية وصلت عبر القطع النقدية، حتى صار وجود الزخارف الخطية العربية على إحدى هذه الفنون بمنزلة تعريف واضح بهويتها الإسلامية وإثبات مؤكد لنسبتها؛ وبشكل لا تخطئه العين.

غزوان ياغي

 

 

 الخط

 

مراجع للاستزادة:

- يوهانس فريدريش، تاريخ الكتابة، ترجمة سليمان أحمد الضاهر( منشورات وزارة الثقافة ، دمشق ٢٠٠٤).

- إبراهيم جمعة، دراسة في تطور الكتابات الكوفيّة (دار الفكر العربي، القاهرة ١٩٦٩م).

- إبراهيم جمعة، قصة الكتابة العربية (دار المعارف، مصر ١٩٤٧م).

- علي الطايش، ومشلح بن كميخ المريخي، الكتابات الإسلامية، دراسة في نشأة الخط العربي وتطوره (جامعة الملك سعود، كلية السياحة والآثار، الرياض ٢٠٠٦م).

- مايسة محمد داود، الكتابات العربية على الآثار الإسلامية من القرن الأول حتى أواخر القرن الثاني عشر للهجرة «١٧-١٨م» (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ١٩٩١م).

- ناهض عبد الرزاق القيسي، تاريخ الخطّ العربي (دار المناهج للنشر والتوزيع، عمّان ٢٠٠٨م).

- I. J.Gelb, A Study of Writing. Chicago – London 1965.

- H. Jensen, Die Schrift in Vergangenheit und Gegenwart 2. Aufl. Berlin 1958.


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 606
الكل : 31547485
اليوم : 63890