logo

logo

logo

logo

logo

أثينا (الإلهة-)

اثينا (الهه)

Athena (The goddess-) - Athéna (La déesse-)



أثينا (الإلهة (-

 

 

تُعد الإلهة أثينا Athene  الربة الحامية لمدينة أثينا، وهي إلهة الحكمة والعلوم والفنون عند الإغريق، وتُعرف عند الرومان بالإلهة مينرفا [ر] Minerva. كانت أثينا أصلاً ربة أمومة، لكنها فقدت في العصر الكلاسيكي (القرن الخامس ق.م وما بعده) هذه الصفة إذ تحولت أمومتها إلى عذرية دائمة. ووصفت بالعذرا Parthenon، وهذا الوصف يعني وصفاً مزدوجاً؛ أي البكارة المتجددة ونضارة الشباب والقدرة التي لا تنضب على الحمل والإنجاب، وكما يقول مؤرخو الحضارات السامية القديمة: إن هذه الإلهة كانت تجمع بين صفتي البكارة والأمومة. وبوصفها إلهة من إلهات الجبال وإلهة صخرة الأكروبول؛ فإنها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل ما ينبت في الصخرة من نبات وما يسكن من حيوان، ومن ثم أصبح هذان الصنوان (الحيوان والنبات) موضع تقديس بوصفه آية من آيات الإلهة نفسها، وذلك يفسّر اقتران أثينا بالزيتون والثعبان والبومة، وكلها من سكان الأكروبول وجحوره.

الإلهة أثينا لمعبد البارثنون
 
الإلهة أثينا على النقود

وقد أصبحت أثينا بعد مولدها العجيب من رأس كبير الآلهة زيوس [ر]  Zeus، أحبَّ الأبنا إلى قلب أبيها، حتى إنه كان يُعهد إليها أحياناً بحمل درعه المخيف وترسه الرهيب وصاعقته المهلكة. وكانت أثينا زعيمة الربّات الثلاث اللائي لم يتزوجن أبداً، حتى إنها لقبت بالفتاة العذرا ، وعُرف معبدها في مدينة أثينا بالبارثنون  Parthenonأي معبد العذرا ، ووصفت أيضاً بالأم Mater، فإن هذا ربما لا يعني سوى أن الأمهات كنَّ يتعبدن لها؛ ولاسيما أنها كانت في الأصل - أي في الفترة ما قبل الهلينية - ربة أماً، ولكن الأثينيّين طمسوا هذه الحقيقة؛ لأنهم جعلوا من عذرية أثينا رمزاً لاستحالة قهر مدينتهم. لذلك كانت أثينا (ربة دولة المدينة)  Polis وربة مدينة أثينا خاصة، وانتشرت عبادتها أيضاً في أرجوس وإسبرطة وطروادة.

ومن أشهر القصص الرائجة عن الإلهة أثينا قصة تنازعها مع بوسيدون Poseidon إله البحار على سيادة أتيكا والوصاية على مدينة أثينا. وقد أتُفق - حسماً للنزاع بين الإلهين - على أن يظفر بالسيادة من يقدّم للمدينة هدية أقيم من منافسه، وضرب بوسيدون الصخر بحربته المثلثة الشعب، فانبثق منه حصان جموح شارد (رمز الحرب والبطش)، وتقدمت أثينا فضربت الأرض بقدميها، فأنبتت شجرة الزيتون لأول مرّة (رمز الجنوح للسلم والاستقرار). والزيتون نبات أنفع للإغريق من الحصان، ولذلك صدر الحكم  في صفها، وآلت إليها السيادة على المدينة التي يشتق اسمها من اسم هذه الإلهة.

بيد أن أبرز اختصاصات الإلهة أثينا كان في ميدان القتال للدفاع عن مدينة أثينا؛ غير أن هذا الدفاع لم يقتصر على وقت الحرب، بل تعدّاه إلى وقايتها من شتى الأخطار في وقت السلم أيضاً، ومن ثم فقد عُدّت أحياناً مبتكرة لبعض معدات القتال كالعجلة الحربية وبوق الحرب واللجام الذي روّض الإنسان به الجياد، وكبح جماحها. ومع أن أثينا كانت ربة للحرب فإنها لم تكن تبتهج بالقتال بقدر ما كانت تبتهج بحسم النزاع ومناصرة القانون بالوسائل السلمية. فهي لم تحمل السلاح في وقت السلم، فإذا احتاجت إليه استعارته من أبيها زيوس. وكانت ربة رحيمة القلب، فإذا تساوت أصوات المحلفين في قضية جنائية أمام محكمة؛ أدلت بالصوت الذي يرجّح كفة البرا ة على الإدانة، لذا كان من ألقابها الشائعة لقب بلاس Pallas، ومعناه (فتاة) أو (شابة) وشابة قوية. ومن هنا يرجح الاحتمال بأنها كانت ربة حرب ذات صفات عسكرية. ولما كانت أثينا ربة لمدينة أحرزت تقدماً ملحوظاً في الصناعة، فقد أصبحت أيضاً راعية للحرف والصناعات؛ ولا سيما صناعة الغزل والنسيج والحرف والأشغال المنزلية النسوية عامة. لا عجب إذن أن لقّبت أثينا براعية المهن الصناعية  إرغان Ergane، وتداخلت اختصاصاتها إلى حد ما واختصاصات الإله هيفايستوس؛ الأمر الذي يفسر ارتباطها به في الأساطير. وكان من الطبيعي أن تتطور - بوصفها راعية الحرف الفنية - إلى ربة الحكمة Sophia في الأجيال التالية، وتجلت في الأشعار المتأخرة كمجسّدة للحكمة والعقل والصفا . كذلك ارتبطت أثينا بربة النصر نيكي Nike ذات الجناحين - وهي فكتوريا Victoria عند الرومان - وما تزال أطلال معبد هذه الإلهة قائمة في مدينة أثينا فوق الأكروبول، كما أنها وجدت منحوتة على إفريز (البارثنون) مجسدة مولد أثينا العجيب.

وتُعد الإلهة أثينا واحدة من الآلهة الأولمبية الاثني عشر عند الإغريق. لكنها أخذت أبعاداً أخرى في الشرق من حيث علاقتها بالآلهة الشرقية ليس من حيث الجوهر؛ وإنما بالتسمية وبعض الوظائف الثانوية الأخرى. فالأدلة تشير إلى أنها تمثل الربة العربية (اللات)، وترتدي الملابس الخاصة والخوذة، وتحمل الدرع والرمح. وكان لها حيز في الفكر الديني في سورية. وهذا يظهر جلياً في المنحوتات البازلتية التي عبّرت عن الربة أثينا أو اللات التي استمر تجسيدها في العصر الروماني. وهناك أمثلة عليها من خلال النماذج المحفوظة في متحف السويدا والمتحف الوطني بدمشق، واكتشف أيضاً في تدمر تمثال للربة أثينا مصنوع من المرمر في وضعية الوقوف واليد اليسرى المرفوعة. وتُعدّ هذه التماثيل انعكاساً للنموذج الهليني الأكبر والأشمل.

 

خليل سـارة

 

 

مراجع للاستزادة:

 - عبد اللطيف أحمد علي، التاريخ اليوناني، الجز الأول (بيروت 1974- 1976).

 - علي عبد الواحد وافي، الأدب اليوناني القديم (دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، دون تاريخ).

 - أديث هاملتون، الميثولوجيا الإغريقية، ترجمة حنا عبود (منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1990).

 - سبتينو موسكاتي، الحضارات السامية القديمة، ترجمة يعقوب بكر (دون تاريخ).


التصنيف : آثار كلاسيكية
النوع : عقائد
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 210
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1089
الكل : 40563443
اليوم : 93258