التعبيرية (الموسيقى-)
تعبيريه (الموسيقي)
Expressionism - Expressionnisme
التعبيرية
التعبيرية في الموسيقى
يرتبط تيار التعبيرية في الموسيقى بأرنولد شونبرغ[ر] A.Schönberg، وألبان بيرغ A.Berg، وأنطون فون فيبرن A.Von Webern الذين شاركوا في تحرير مجلة «الفارس الأزرق» التي كانت منبر الحركة. لكن ما يلفت النظر هو أن النشاط التعبيري لهؤلاء الثلاثة لم يكن يتبدى في الموسيقى بقدر ما كان يكمن في اختيارهم للنصوص الأدبية التي بنوا عليها موسيقاهم. فقد استخدم ألبان بيرغ نص مسرحية «فويتسك» Woyzeck لبوشنر[ر] Büchner وأجرى عليه تعديلات جعلته أكثر كثافة، ثم ألف موسيقاه ليجعل منه أوبرا أثارت عاصفة نقدية عند تقديمها في برلين عام 1925. فقد كانت هذه الأوبرا تحترم الإطار التقليدي العام لكن الموضوع الذي تعالجه يختلف عن الموضوعات البطولية والأسطورية المعتادة، كما أن استخدام الغناء الكلامي Sprechgesang على طريقة شونبرغ والطريقة الجديدة في التعامل مع «اللحن الدال» Leitmotiv أضفت على العمل كثافة درامية وتعبيرية كبيرة. كذلك قام بيرغ بتأليف نص أوبرا «لولو» Lulu استناداً إلى نص المسرحي التعبيري فرانك فيدكيند F.Wedekin، لكن بيرغ مات قبل أن يضع اللمسات الأخيرة على الفصل الأخير، ولم تقدم الأوبرا كاملة إلا عام 1979. أما شونبرغ فقد استوحى أيضاً من الشاعرين التعبيريين غيورغ كايزر[ر] G.Kaiser وغيورغ تراكل[ر] G.Trakl لتأليف عملين من نوع الدراما الموسيقية يمثلان الحالة الفكرية التعبيرية، وقد حمل الأول عنوان «الانتظار»، والثاني «اليد السعيدة» الذي كتب نصه بنفسه. وجدير بالذكر أن شونبرغ أسس منهجاً مستحدثاً في التأليف يعتمد مبدأ «الموسيقى النسقية» Serial Music الذي يتوافق مع الضرورة الداخلية للتعبيرية.
التعبيرية في السينما
وجدت التعبيرية في الفيلم السينمائي مادة مهمة تسمح بتحقيق أبعادها. وذلك لأن استخدام الظلال، ولعبة الضوء والعتمة، والتناقضات الغريبة في الأشكال والمشاهد البطيئة وحركة الكاميرا كانت تسمح بتحقيق التشويه المقصود للعالم وللسلوك البشري الذي تتميز به التعبيرية في أشهر أفلامها التي ظهرت في ألمانية تحديداً، مثل «عيادة الدكتور كاليغاري» الذي أخرجه روبير فينه Robert Wiene عام1919، و«نوسفيراتو» الذي أخرجه مورناو Murnau عام 1922، و«ميتروبوليس» الذي أخرجه فريتس لانغ[ر] F.Lang عام 1926. وقد انتقلت التعبيرية إلى السينما من المسرح، وعلى الأخص مسرح ماكس راينهارد[ر] M.Reinhardt الذي كان يعطي الأهمية للأسلوب الرمزي في الديكور وللعبة الظلال التي تضفي طابعاً درامياً على جو المسرحية. ولذلك فإن الفضل الأكبر في السينما التعبيرية يعود فعلياً للفنانين التشكيليين الذين صمموا ونفذوا ديكورات أشهر الأفلام كما هي حال فالتر رورينغ W.Röhring، وهرمان فارم H.Warm، وفالتر رايمان W.Reimann.
كانت غالبية الأفلام التعبيرية تُصوِّر داخل المحترف (الاستوديو)، أو في المواقع الخارجية إذا كانت غريبة الطابع تخلق تأثيراً مرعباً على المتفرجين كما في فيلم «نوسفيراتو». أما الديكورات المشيدة فكانت مؤسلبة تنتظم في سطوح تسمح بلعبة إضاءة مذهلة كما في الديكورات العملاقة لفيلمي «نيبلونغن» (1923-1924)، و«ميتروبوليس» (1926) لفريتز لانغ. لكن فيلم «عيادة الدكتور كاليغاري» يظل المثال الأكثر تكاملاً للسينما التعبيرية لأن الأسلبة والرمزية قد بلغتا فيه حدهما الأقصى من دون أن يبدو ذلك خارجاً عن السياق في قصة يرويها رجل مجنون. فالديكور في هذا الفيلم يمثل مدينة ألمانية من القرون الوسطى وفي الوقت نفسه عالم الجنون المطلق، وقد تم تنفيذه بلوحات رُسمت عليها الظلال بشكل مباشر في حين كانت الإضاءة تزيد من طابع القلق لأنها كانت تتدخل في الحدث بشكل درامي للغاية وترمز تشكيلياً لحالات المزاج من خلال لعبة الظل والضوء. كذلك فإن أداء الممثلين كونراد فايت C.Veidt، وفيرنر كراوس W.Krauss، وليل داغوفر L.Dagover، كان خاضعاً لأسلوب محدد لدرجة يصعب معها التمييز بينهم وبين الديكور، وهذه سمة أساسية في السينما التعبيرية الألمانية التي يبدو فيها الممثلون بأزيائهم الغريبة وزينتهم (ماكياج) الواضحة وكأنهم كائنات آلية، أو سطوح هندسية. والواقع أن شكل الأداء في السينما التعبيرية كان يتميز بالحركات المفاجئة أو بالسكون المطلق لإبراز حالة الشخصيات النفسية في مواضيع عنيفة زاخرة بالأحداث المرعبة والمثيرة مثل الملاحقات والخطف والجنون والاستحواذ بكل أنواعه.
وإن كان فيلم «عيادة الدكتور كاليغاري» يُعد محطة مهمة في السينما التعبيرية الألمانية، فقد سبقه فيلمان حملا التوجهات نفسها هما «بيت بلا أبواب» الذي أخرجه المهاجر الدنمركي ستيلان رييه S.Rye عام 1914، و«هومونكولوس» Homunculus وهو فيلم من عدة مراحل أخرجه أوتو ريبيرت O.Ripert عام 1916.
من الأفلام التعبيرية المهمة التي ظهرت لاحقاً «الأضواء الثلاثة» لفريتس لانغ (1921)، و«لاعب الظلال» لروبيسون (1923)Robison، و«عيادة تماثيل الشمع» للمخرج ليني (1924)Leni، و«فاوست» Faust لمورناو (1925). وقد استمر تدفق الأفلام التعبيرية من عام 1919 حتى 1925، وبعد ذلك فترت الحركة ولم تعد بأهميتها السابقة. ويعد فيلما «أوبرا القروش الثلاثة» لبابست (1931)Pabst، و«الملعون» لفريتس لانغ (1931) من الأعمال التعبيرية الأخيرة في السينما. لكن التأثير الجمالي للحركة ظل واضحاً في أعمال سينمائيين مثل شتيرنبرغ Sternberg مخرج فيلم «الملاك الأزرق»، وأورسون ويلز O.Wells مخرج فيلم «المواطن كين»، وأيزنشتاين Eisenstein في فيلمي «ألكسندر نيفسكي» و«إيفان الرهيب»، وإنغمار برغمان I.Bergman في «الختم السابع» و«التوت البري».
حنان قصاب حسن
الموضوعات ذات الصلة: |
الانطباعية ـ الباوهاوس ـ السريالية.
مراجع للاستزادة: |
- Collectif (sous la direction de Roger Boussinot), L,encyclopédie du Cinéma (Bordas France 1976).
- JOELLE GARDES-TAMINE et MARIE-CLAUDE HUBERT, Dictionnaire de critique littéraire (Armand Colin Editeur, Coll. Cursus, Paris 1993).
- P.HAESAERTS, L’Expressionnisme dans la peinture européenne? Aujour d,hui, (Bruxelles 1953).
- RENE HUYGHE et JEAN RUDEL, L, art et le Moderne, (Librairie Larousse, Paris 1970).
- W. GEORGES, l,Expressionnisme (Somogy 1965).
- التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح - النوع : موسيقى وسينما ومسرح - المجلد : المجلد السادس، طبعة 2002، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 601 مشاركة :