إيبوليت أدولف تين Hippolyte Adolphe Taine فيلسوف ومؤرخ وناقد أدبي وفني فرنسي. ولد في فوزييه Vouziers من مقاطعة آردين Ardennes. درس في المعهد العالي للمعلمين وأخفق في نيل درجة التخرج في الفلسفة، لقوله بالحتمية، مخالفاً الذائع في الأوساط العلمية.

"/>
تين (ايبوليت ادولف)
Taine (Hippolyte Adolphe-) - Taine (Hippolyte Adolphe-)

تين (إيبوليت أدولف ـ)

تين (إيبوليت أدولف ـ)

(1828ـ1893)

 

إيبوليت أدولف تين Hippolyte Adolphe Taine فيلسوف ومؤرخ وناقد أدبي وفني فرنسي. ولد في فوزييه Vouziers من مقاطعة آردين Ardennes. درس في المعهد العالي للمعلمين وأخفق في نيل درجة التخرج في الفلسفة، لقوله بالحتمية، مخالفاً الذائع في الأوساط العلمية.

سُمي أستاذ فلسفة في نيفر Nevers ثم في بواتييه Poitiers حيث علّم البلاغة، وداوم على دروس في التشريح وعلم الحياة وعلم النفس المرضي طلباً للتعمق في الجانب الفيزيولوجي من الفكر الإنساني. وقد رفضت جامعة السوربون رسالته الرامية إلى تفسير الإحساسات تفسيراً مادياً. ولكنه أعاد الكرة بتقديم رسالة عن حكايات لافونتين[ر] La Fontaine فأصاب نجاحاً مرموقاً ونال، بعد صعاب، جائزة الأكاديمية الفرنسية عن كتابه «دراسة عن تيتوس ليفيوس» L’Essai sur Tite-Live.

عُني به الناقد سانت بوف Sainte Beuve فعمّت شهرته، ووضع كتاب «تاريخ الأدب الإنكليزي» (1864) Histoire de la littérature anglaise محاولاً الانتماء إلى الأكاديمية الفرنسية، ولكنه أخفق لانتقاده المسيحية ولمنزعه العلموي.

جال تين أرجاء فرنسا، وسُمي أستاذاً لتاريخ الفن وعلم الجمال في مدرسة الفنون الجميلة سنة 1864، وقد حفلت محاضراته بجمهور غفير، وكان إميل زولا[ر] Emile Zola أحد الذين أفادوا من نصحه. ولمّا حلّت بفرنسة هزيمة 1870 تأثر غاية التأثر، وانبرى لكتابة دراسة تاريخية مفصّلة بعنوان «تاريخ أصول فرنسة المعاصرة» (1875) Histoire des origines de la France contemporaine.

أسهم تين مع تلميذه إميل بوتمي  E.Boutmy في تأسيس المدرسة الحرّة للعلوم السياسية واختير سنة 1878 عضواً في الأكاديمية الفرنسية. وهو يُعد من كبار المؤرخين الفرنسيين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومن طبقة رينان Renan وميشله[ر] Michelet. ومن أشهر آثاره: «دراسة عن حكايات لافونتين»       (1852) Essai sur les fables de la Fontaine، و«فلسفة الفن في إيطالية» (1866) Philosophie de l’art en Italie، و«المثل الأعلى في الفن» (1867) De l’idéal dans l’art، و«فلسفة الفن في هولندة» (1868) Philosophie de l’art dans les Pays-Bas، و«فلسفة الفن في اليونان» (1869) Philosophie de l’art en Grèce، وجمع هذه الكتب الخمسة في كتاب واحد هو كتاب «فلسفة الفن» (1882) Philosophie de l’art. ومن كتبه الأخرى: «الفلاسفة الفرنسيون في القرن التاسع عشر» (1857) Les Philosophes français du XIXe siècle، و«دراسات في النقد والتاريخ» (1858-1894) Essais de critique et d’histoire، و«الوضعية الإنكليزية: دراسة عن ستوارت مِل» (1864) Le Positivisme anglais-Stuart Mill، و«في الذكاء» (1870) De L’intèlligence.

ردّ تين المذهب الانتقائي واعتنق وضعية بدت غريبة عن الوضعية الشائعة لأخذه عن كوندياك Condillac فكرة العنصر الأولي، وهو الإحساس، وأخذه عن اسبينوزا[ر] Spinoza القول بالجوهر الوحيد الذي يولّد الوقائع كلها.

وسم تين علم النفس بأنه علم بالحوادث، وأوضح في الجزء الأول من كتابه «في الذكاء» عناصر المعرفة على أنها الإشارات والصور والإحساسات بشروط حدوثها الفيزيولوجية. ودرس في الجزء الثاني آلية تجمع هذه العناصر وما ينتج عنها قائلاً إن كل فعل معرفي يقابل حالة عصبية في الدماغ وإن المعرفة إفراز فيزيولوجي، وبذا يتلاشى ما يسمى في الناس جوهراً أو قوة ولا يبقى سوى الحوادث بشروطها وعلاقاتها.

فطن تين إلى تعقد معطيات التجربة تعقداً لانهائياً، وبدا له أن الفلسفة الإنكليزية، كفلسفة مل مثلاً تخطئ بإرجاع المعرفة إلى الحوادث، والحادث ليس سوى اقتطاع من الواقع. وكذلك تخطئ الفلسفة الألمانية، كفلسفة هيغل مثلاً Hegel، وهي معمارية ضخمة لا تلبث أن تتهافت لدى الزعم باستنتاج تفصيلات الحوادث استنتاجاً. إن غرض الفلسفة هو التحليل[ر] الذي يتمّ به الانتقال من العالَم المختلط إلى عالَم العناصر، من المعقّد إلى البسيط. وبهذا المبدأ الوضعي الذي يستخلص المعرفة كلها من التجربة، ولا يقرّ أي حدس فكري بالذات، يبقى تين أميناً للتجريد المنطلق من التجربة وحسب. وهذا التجريد عنده يستطيع النهوض بالدور الذي يعزوه هيغل إلى الجدل.

وثمة عوامل حاسمة ثلاثة تشكل قانون الإبداع الأدبي والفني. أولاً: الانتماء، وهو: الاستعدادات الفطرية والموروثة التي تصحب المرء لدى ولادته، ثم: الوسط أو البيئة، وهو يتبع الإقليم أو التنظيم الاجتماعي، وأخيراً: الزمان أو لحظة الإبداع، أي تدخل التطور التاريخي. واعتماداً على هذه المؤثرات الثلاثة يولد الأثر بحسب ارتكاس الملكة الرئيسية Faculté maîtresse لدى المبدع.

قضى تين سنوات امتدت من 1875 إلى 1893 في وضع كتابه الموسوم «أصول فرنسة المعاصرة» محاولاً فهم الوضع الراهن لعصره، وابتغاء «المساعدة على شفاء فرنسة المريضة» كما يقول، في إثر هزيمة 1870. وقد عمد إلى تشخيص تاريخي ـ فلسفي نتج عنه تاريخ ضخم، ضمَّ أحد عشر مجلداً، كشف النقاب عن أصول فرنسا سنة 1870 كما بدت له وبالرجوع إلى نهاية «النظام القديم». واشتهر بفلسفته الوضعية المتطرفة التي جعلته يقول: إن الفضيلة والرذيلة تُصنعان مثل الزاج والسكر، كما جعله شغفه العلموي داعيةَ ماديةٍ حسيّةٍ تنكر كل ما ليس بمحسوس من مفهومات تجريدية، إن لم يكن تجريدها من منطلق تجريبي. وعنده أن الدين لا يمكن إثباته علمياً، ولذا فإن كل مسعى للمزج بين العلم والدين مضاد لهما معاً. وقد أراد تين دفع تهمة الإلحاد عن نفسه، فأوصى، قبل وفاته في باريس، أن تكون مراسيم دفنه كنسية بروتستنتية.

عادل العوا

 

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الفلسفة الوضعية ـ النقد الفني.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ جان ماري شيفر، الفن في العصر الحديث، الاسطيطيقا وفلسفة الفن من القرن الثالث عشر حتى يومنا هذا، ترجمة: فاطمة الجيوشي (وزارة الثقافة، دمشق 1996).

ـ زكريا إبراهيم، فلسفة الفن في الفكر المعاصر، مكتبة مصر للطباعة (القاهرة 1967).


- التصنيف : الآداب اللاتينية - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 269 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة