العظم (تشريح وفيزيولوجية-)
عظم (تشريح فيزيولوجيه)
Bone (Anatomy) - Os (Anatomie)
العظم (تشريح وفيزيولوجية ـ)
يعد العظم bone أو النسيج العظمي osseous tissue نوعاً من أنواع النسيج الضام connective tissue الصلب. والهيكل العظمي هو الذي يعطي للمخلوقات الفقرية هيأتها المألوفة. تأخذ العظام أشكالاً حسب وظائفها ويعرف منها: العظام الطويلة كعظام الساق والساعد، والعظام القصيرة كعظام الفقرات والسلاميات، والعظام المسطحة كعظام الكتف والأضلاع وعظام الجمجمة.
يتكون العظم من عناصر خلوية cells وخلالية interstitial وتدعى أيضاً بالمادة الأساسية ground substance، تشمل العناصر الخلوية على الخلايا بانية العظم osteoblasts والخلايا العظمية osteocytesوالخلايا ناقضة العظم osteoclasts، وتتوضع المادة الخلالية بين الخلايا، وتحتوي على مواد عضوية organic تمثل الألياف الغرائية فيها نسبة 95%، وتعطي العظم صفة القوة والمرونة، وتحتوي أيضاً على مواد غير عضوية inorganic تمثل ثلثي وزن العظم وتتكون من85% فوسفات الكلسيوم و10% فحمات الكلسيوم وكمية قليلة من فلور الكلسيوم وفلور المغنيزيوم، وتأخذ في النهاية شكل بلورات الآبيتيت المائعة hydroxy appetite (ca10[po4]6) OH2 التي تعطي العظم صفة القساوة والصلابة، وتجعله قادراً على تحمل ما يرتكز عليه من عضلات وأوتار وثقل، ومنع الضرر والأذى بالأعضاء الحيوية، فالجملة العصبية المركزية من دماغ ونخاع شوكي تكون محفوظة في داخل القحف والقناة الفقرية، والقلب والرئتان في جوف الصدر، ومركز تصنيع الدم في نقي العظام. إن هذه الوظائف الميكانيكية للعظم لا تقلل من أهميته الرئيسة التي تتصف بأنه المخزن الأساسي الذي يزود الدم بشوارد الكلسيوم، لتبقى نسبه ثابتة، وتقوم بوظيفتها الحيوية في عملية التخثر الدموي والتقلص العضلي وعمل الخمائر والترابط الخلوي ونفوذية الغشاء الخلوي.
يُمَيَّزُ في العظم نوعان: العظم الاسفنجي spongy bone، والعظم الكثيف dense bone ويشاهدان سوياً في عظم واحد. ففي العظم الطويل يتمركز العظم الاسفنجي في منطقة المشاشة epiphysis والعظم الكثيف في الجدل diaphysis وعلى سطح المشاشة، أما في العظام المسطحة فيكون العظم الاسفنجي في الوسط والعظم الكثيف في السطوح الخارجية.
يستر العظم طبقة تدعى السمحاق periosteum، تتشكل من ورقة خارجية مكونة من ألياف ضامة وداخلية مؤلفة من عناصر خلوية لها القدرة على التحول إلى خلايا عظمية في أثناء النمو وفي حالات ترميم العظم. لايُشاهد السمحاق في السطوح المفصلية والرَضَفة patella وفي مناطق ارتكاز الأوتار والأربطة.
تبطن السطوح الداخلية للعظم طبقة تدعى السمحاق الداخلي endosteum، وتتألف من نسيج شبكي كثيف وعناصر مكونة للدم.
يشاهد العظم الإسفنجي مجهرياً على شكل حجب عظمية (ترابيق)trabeculae متشابكة بعضها ببعض على نحو عشوائي تاركة فيما بينها فراغات مملوءة بالعناصر الدموية، أما في العظم الكثيف فيلاحظ أن الكتلة الخلوية أقل من المادة الخلالية المتكلسة وتدعى بمطرِق العظم bone matrix. تتوضع العناصر الخلالية على شكل طبقات أو صفاحات lamella منظمة ومتساوية المسافة فيما بينها تاركة فجوات صغيرة (جوبات) lacuna تحصر في داخلها الخلايا العظمية ويخرج منها قنيات canaliculi يتصل بعضها ببعض حتى تصل إلى نقي العظم bone marrow لتستمد منه التغذية، وتأخذ الصفاحات العظمية ثلاثة نماذج من التوضع: توضع دائري حول أقنية وعائية طويلة وتسمى بالنظام الهاڤرسي Haversian system، وصفاحات خلالية interstitial system تتوضع ما بين وحدات الصفاحات الهاڤرسية، وصفاحات محيطية دائرية circumferential lamellae تتوضع تحت طبقة السمحاق وتحيط بالعظم دون انقطاع.
العظم الهافرسي الكثيف. |
تدعى الأقنية الطويلة بالأقنية الهاڤرسية Haversian canals، وتمر فيها الأوعية الدموية، تتصل هذه الأقنية فيما بينها بأقنية معترضة مائلة تدعى أقنية فولكمان Volkman‘s canals توفر الاتصال بدءاً من محيط العظم، إلى قناة النقي في مركز العظم.
يتم تشكل العظم إما بطريقة التعظم الغشائي intramembranous bone formation عن طريق تشرب النسيج اللحمي المتوسطي mesenchymal tissue بالمواد الكلسية، ويُشَاهَدُ في بعض عظام القحف، أو بطريقة التعظم الغضروفي intracartilaginous bone formation، وذلك على حساب تشرب الغضروف الزجاجي hyaline cartilage بالمواد الكلسية، بعد مراحل من التبدلات الخلوية، يتوقف العظم عن النمو في سن معينة بعد البلوغ، وذلك بتعظم غضاريف الاتصال التي تتوضع ما بين المشاشة وجسم العظم، وبإنغلاقها وتعظمها يتوقف النمو طولاً.
إن العظم ـ بما يتمتع به من طاقة كامنة وفعالية دائمة ـ يستطيع في حالات الكسور ترميم نفسه بتشكيل عظم جديد في منطقة الكسر أكثر قوة وصلابة من العظم الأساسي، كما أن الفعالية العظمية تساعد المتخصصين في الجراحة العظمية على إجراء العمليات التصنيعية التي تساعد على إصلاح التشوهات العظمية.
للتغذية والفيتامينات والهرمونات أثرٌ كبير في نمو العظام ونضوجها وأي نقص أو زيادة فيها يعرضها إلى حالات مرضية مختلفة.
ويعتمد نمو الهيكل العظمي، أكثر من غيره من الأنسجة، على المواد الغذائية الغنية بالمعادن والفيتامينات، ويسبب سوء التغذية نقص الكلسيوم أو الفوسفور اللذين يؤديان إلى تخلخل rarefaction العظام واحتمال كسرها. هذا وللفيتامين D دور مهم في امتصاص الكلس من الأمعاء، وإن نقصه يقلل من نسبة وجوده ووجود الفوسفات في المصورة الدموية ويسبب هذا النقصان داء الرخد rickets عند الأطفال محدثاً تشوهات عظمية كتقوس الساقين والشكل الزورقي للصدر وتغير أبعاد أقطار الحوض الذي قد يسبب صعوبة الولادة عند النساء، ويؤدي نقص الكلس عند الكهول إلى تلين العظام osteomalacia التي تعرض صاحبها إلى الكسور التلقائية، وإلى قصر القامة نتيجة لتحدب الظهر وتقوس الساقين.
أما نقص الفيتامين C فيؤدي إلى تبدلات في النسيج المتوسطي تنقص فيها العناصر الليفية الغرائية في المادة الخلالية للعظم مما يؤخر نمو العظم واندمال كسوره.
يؤخر عوز الفيتامين A من سرعة نمو الهيكل العظمي، واتساع جوف القحف والقناة الفقرية، مما يجعلهما غير متناسبين مع نمو الدماغ والنخاع الشوكي فيسبب إصابات عصبية خطيرة في المستقبل، وتؤدي زيادة تناول الفيتامين A قبل البلوغ إلى تكلس مبكر لغضاريف الاتصال ومن ثمَّ إلى توقف النمو طولاً.
إن الهرمونات وخاصة هرمون الدريقات (جارات الدرق) parathyroid hormone يؤثر في ثبات نسبة الكلس في الدم، لأن نقصه يسبب سحب الكلس من الدم ليتوضع على العظام، وتؤدي زيادته إلى امتصاص الكلس من العظام وارتفاع نسبته في الدم مسبباً تليناً عظمياً ومن ثمَّ كسوراً تلقائية.
أما هرمون النمو الذي يفرزه الفص الأمامي من الغدة النخامية pituitary فإن زيادته تؤخر التحام غضاريف الاتصال مسبباً داء العملقة gigantism ونقصه يسرع من التحامها فيؤدي إلى القصر وإلى داء القزامة dwarfism التي تشاهد أيضاً في قصور هرمون الدرق.
ولنشاط الهرمونات الجنسية أثر في نمو العظم ونضوجه، فارتفاعها يسبب البلوغ المبكر، ومن ثَمَّ تعظم غضاريف الاتصال على نحو مبكر أيضاً.
مصطفى مسرابي
الموضوعات ذات الصلة: |
الرخد.
مراجع للاستزادة: |
- W. BLOOM et al., A text Book of Histology (W.B. Saunders Company Philadelphia and London 1972).
- R. COTRAN et al., Pathologic Basis of Disease (W.B. Saunders Company Philadelphia and London 1989).
- التصنيف : طب بشري - النوع : صحة - المجلد : المجلد الثالث عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 287 مشاركة :