حاتم الطائي
حاتم طايي
Hatem at-Ta'i - Hatem at-Ta'i
حـاتم الطّائـيّ
حـاتم الطّائـيّ
(… ـ نحو 46ق.هـ/ … ـ نحو 578م)
أبو عَدِيّ، حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحَشْرَج الطّائيّ، يكنى أيضاً بأبي سَفّانة. شاعرٌ جاهليّ مشهور بكرمه وفروسيّته.
مات أبوه وهو صغير، فكفله جدّه سعد بن الحَشْرَج، وقام على رعايته وتنشئته حتّى شبَّ، ثمّ أَرْعاه إبلَه، وكان حاتم جواداً منفقاً، فقدم عليه جماعةٌ يسألونه القِرى فنَحَرَ لهم ثلاث إبلٍ، ثمّ قسم إبل جدّه كلّها عليهم لمّا علم أنّهم شعراء، وهم -فيما يُروى- عَبِيد بن الأَبْرَص، وبِشر بن أبي خازم، والنّابغة الذُّبيانيّ. ولمّا بلغ الخبرُ جدَّه سعدًا ضيّق عليه، ورحل عنه، وتركه وحيداً.
ويُقال: إنّ صاحب الإبل هو أبوه لا جدّه، وفي الأبيات الّتي أنشدها حاتم ما يؤيّد أنّ جدَّه سعداً هو صاحب الإبل إِذْ يقول:
وما ضَرَّني أَنْ سار (سعدٌ) بأهلِه
وأَفْرَدَني في الدّارِ ليس مَعِي أَهْلي
فالّذي سار هو جدُّه سعد وليس أباه عبد الله.
واستمرّ حاتم على ما نشأ عليه من سماحة نفسٍ وكرم إنفاقٍ، لا يمسك من ماله شيئًا، ولا يتخلّف عن البذل والعطاء، مهما كانت أحواله، يرى ذلك كلّه واجباً يبلغه المجد ويخلد ذكره الحسن بين النّاس.
وكان يتخلّق بأخلاقٍ نبيلة، وخصالٍ حميدة، ويحيي مكارم الأخلاق، قال ابن الأعرابي: «كان حاتم من شعراء العرب، كان جوَّاداً يشبه شعره جوده، ويصدّق قولَه فعلُه، وكان حيثما نزل عُرف منزله، وكان مظَفَّراً؛ إذا قاتل غَلَب، وإذا غَنِم أَنْهَب، وإِذا سُئِل وهب، وإذا ضرب بالقِداح فاز، وإذا سابق سَبَق، وإذا أَسَرَ أطلق. وكان يُقْسِم بالله ألاّ يقتل واحدَ أُمِّه».
وكانت أُمّ حاتم غَنِيَّة (وفي هذا الاسم اختلاف في قراءته في المصادر) بنت عفيف الطّائيّة كريمة سخيّة، لا تقلّ عنه جُوداً وإنفاقاً، لا يسألها أحدٌ شيئاً إلاّ أعطته.
وكذلك كانت ابنته سَفّانة وولده عَدِيّ اللّذان أدركا الإسلام وأسلما. وكانت سَفّانة قد سُبِيت؛ وجِئ بها إلى النّبيّr فلمّا سمع حديثها وعرف أنّها ابنة حاتم أطلقها.
عُرِف حاتم الطّائيّ بخدمة قومه، وقصّته مع الحارث بن أبي شِمْر الغَسّانيّ مشهورة، إِذْ أَسَرَ هذا الملك نَفَراً من بني طيّئ، فجاء حاتم ومدحه، وشفع لهم فشفَّعه وأطلق جميع الأَسْرى، فقال حاتم أبياتًا منها:
أَبْلِغْ الحارثَ بنَ عمرٍو بأَنِّي
حافِظُ الوُدِّ مُرْصِدٌ للثَّوابِ
تزوّج امرأتين، النَّوار، وماوية، وكان عفيفًا، وخبر عفّته مشهور، إِذْ راودته ماوية بنت عَفْزَر، عن نفسها لوسامته، وكانت ماوية تتزوّج مَنْ أرادت، في خبرٍ طويل، فامتنع، وعاد إلى قومه هَرَباً من ذلك، إلاّ أنّه عاد بعد ذلك إليها، وتزوّجها، وولدتْ له ابنَه عَدِيًّا.
ووقع حاتم في الأسْرِ مرّةً، ويبدو أنّه لم يُؤْسَر في معركة، بل مرّ ببني عَنَزَة فوجد عندهم أسيراً، فاستنجد به هذا الأسير، وليس مع حاتم مال، ففداه بنفسه، وقيّدوه مكانه. ثمّ أطلقته امرأة منهم أعجبها خلقه.
كان حاتم الطّائيّ سيّداً فارساً جَواداً شريفاً، يدافع عن قومه، ويبني لهم مجداً بفروسيّته وكرمه ونُبْل أخلاقه، وشعره.
وعُرِف بجَوْدَة شِعره بعد جُوْدِهِ وكرمه، وله ديوان شعر، وغلب على موضوعاته فخرُه بكرمه وعِفّته وأخلاقه، إضافةً إلى موضوعات أخرى. واتّصف شعره بسهولة الألفاظ والتّراكيب، ووضوح المعاني، والبعد عن الغريب والتّعقيد.
وبَرَزَ في شعره ظاهرة العَذْل، فكثيراً ما حاور العاذل، (وهي زوجته) الّتي تكثر من لومه على إنفاق ماله؛ لينفذ من خلال الرّدّ عليها إلى الفخر بهذا الخلق الحميد. ومن ذلك قوله:
أَماوِيَّ، إِنَّ المالَ غادٍ ورائِحٌ
ويَبْقَى مِنَ المالِ الأَحادِيْثُ والذِّكْرُ
وكان للحكمة وجودٌ في شعره، وغالباً ما كان يوظّفها للكرم، من ذلك قوله:
إِنَّ البخيلَ إذا ماتَ يَتْبَعُهُ
سُوْءُ الثَّناءِ، ويَحْوِي الوارِثُ الإِبِلا
يَسْعَى الفَتى، وحِمامُ الموتِ يُدْرِكُهُ
وكُلُّ يومٍ يُدَنِّي للفَتى الأَجَلا
كما يقف القارئ على بعض أبياتٍ في الحماسة، منها قوله:
إِنَّا تِجارَتُنا قَوْدُ الجِيادِ إلى
أَرْضِ العَدُوِّ، وإِنّا نَقْسِمُ النَّفَلا
علي أبو زيد
مراجع للاستزادة: |
ـ ابن قتية، الشّعر والشّعراء، تحقيق أحمد محمّد شاكر وعبد السّلام هارون (دار المعارف، مصر 1982).
ـ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني (دار الكتب العلمية، بيروت 1992).
ـ عادل سليمان جمال، ديوان شعر حاتم الطّائيّ وأخباره (القاهرة 1990).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 882 مشاركة :