logo

logo

logo

logo

logo

المكننة الزراعية

مكننه زراعيه

Agricultural mechanization - Mécanisation agricole

المكننة الزراعية

 

المكننة الزراعية agricultural mechanization هي تنفيذ مختلف الأعمال الزراعية بمساعدة الآلات والمعدات الميكانيكية المتخصصة؛ أي استخدام الطاقة غير الحيّة وتحويل مهمة الإنسان من دور العمل العضلي المباشر إلى دور التحكم والإشراف وحسب.

مفهومها وأهميتها

يحتاج تطوير الزراعة وتحسينها إلى العديد من المستلزمات، من أهمها التكثيف الزراعي والمكننة، بغية زيادة إنتاج وحدة المساحة الأرضية بأقل التكاليف، مع تحسين نوعية المنتجات الزراعية، أو المحافظة عليها على الأقل. فالمكننة الزراعية مكّنت المزارعين من تنفيذ العمليات الزراعية مهما كبرت كميتها ضمن الوقت المحدد لها؛ إذْ إن تنفيذ معظم العمليات الزراعية محكوم بأوقات محددة تبعاً للمواسم؛ الزراعية، إن الطلب على اليد العاملة سابقاً يزداد في هذه المواسم ليتجاوز العرض المتوافر منها ويؤلف أزمة اقتصادية حقيقية.

ومن المستلزمات التطويرية الأخرى الاستخدام الأمثل للمصادر الطبيعية المتوافرة؛ من تربة ومياه وقوى بشرية وعوامل بيئية وغيرها وإن إغفال مكننتها يؤدي إلى هدرها ونقص في كمية الإنتاج وضعف في نوعيته.

إن مفهوم المكننة غير ثابت، إذّ إنه يتطور مع تطور المجالات العلمية الأخرى سواء بإدخال تقانات أكثر تطوراً أم باعتماد أساليب جديدة في العمل بهدف تنظيم تداول المنتجات الزراعية  فيما بين المراحل المتعددة في عمليات تحضيرها.

أسهم التطور الصناعي للمكننة في تحول اليد العاملة في الزراعة إلى العمل في المجالات الصناعية المختلفة، وفي توازن القوى العاملة بين المجالات الصناعية والزراعية؛ ومن ثم تعويض النقص الحاصل باليد العاملة في المجالات الزراعية المختلفة.

تعدّ المكننة الزراعية عموماً ضرورة حتمية للتطور الصناعي، ولاسيما في البلدان النامية، وقد أدى إدخالها في الدول المتقدمة إلى تقدم إنتاجها وتصنيعها الزراعي، وعلى النقيض فإن الدول النامية لا تزال تعتمد على القوى البشرية والحيوانية بنسبة كبيرة في المجال الزراعي، ولم تأخذ المكننة الزراعية فيها دورها الكامل، على الرغم من اعتماد اقتصادها أساساً على الزراعة.

وتجدر الإشارة إلى أن لتطبيق المكننة الزراعية درجات مختلفة يمكن تحديدها إما بمقارنة الإنتاج مع عدد الأيدي العاملة، وإما بنسبة ما يخص الهكتار «من الأراضي المستثمرة» من قدرة المعدات الزراعية المستخدمة مقدّرة بالحصان الميكانيكي.

مسوغات المكننة الزراعية

يمكن تحديد المسوغات التي تجعل الاعتماد على المكننة في الإنتاج الزراعي أمراً حتمياً وفق الآتي:

- النقص المتزايد في اليد العاملة في المجالات الزراعية.

- ارتفاع تكاليف اليد العاملة عموماً، ولاسيما في المجال الزراعي.

- زيادة حجم عمليات الخدمة الزراعية المطلوبة لتحقيق شروط الجودة الخاصة بالمنافسة العالمية.

- تحقيق الربط بين الأعمال في المجالات الزراعية وفي المجالات الصناعية الأخرى، ومن ثم الحد من هجرة اليد العاملة من المجال الزراعي إلى المجال الصناعي؛ إذ تعدّ المكننة الزراعية من الأعمال المشتركة بين الزراعة والصناعة.

- الحاجة إلى زيادة كميات الإنتاج الزراعي، ولاسيما في البلدان النامية من أجل تحقيق الأمن الغذائي.

مميزاتها الإيجابية والسلبية

إن لإدخال المكننة الزراعية في عملية الإنتاج الزراعي إيجابيات عديدة وبعض السلبيات أيضاً؛ ويمكن إيجاز الإيجابيات وفق الآتي:

- تمكّن من إنجاز عمليات الخدمة الزراعية ضمن الوقت المحدد لها؛ إذّ إن لتأخر تنفيذ العمليات الزراعية المحددة عن موعدها سلبيات عديدة على الإنتاج الزراعي كمّاً ونوعاً.

- تؤدي إلى تخفيض تكاليف إنتاج المحاصيل الزراعية وتصنيعها ورفع الدخلين الفردي والقومي.

- تقلل الفاقد في المحصول وذلك لسهولة نقل المنتجات الزراعية إلى مراكز التوزيع، أو التصنيع، أو التخزين؛ وسرعته.

- تسهم في ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية خاصة المياه.

- تسهم في تقليل الجهد العضلي المبذول، ومن ثم تحسين المستويين الصحي والاجتماعي للمزارع وأسرته.

- تمكّن من استصلاح الأراضي غير المزروعة وتحويلها إلى أراض زراعية.

- تعدّ المكننة من الركائز الأساسية لتحقيق التكثيف الزراعي وزيادة عدد المحاصيل المنتجة من الأرض الواحدة في العام نفسه وتمكّن من إنجاز العمليات الزراعية المتتابعة في وقت قصير وفق المحدد لها.

وفيما يتعلق بسلبيات إدخال المكننة في عملية الإنتاج الزراعي تشمل زيادة نسبة البطالة وانخفاض نوعية المنتجات الزراعية التي تستهلك مباشرة.

وتجدر الإشارة إلى أن زيادة نسبة البطالة تكون عامة مترافقة مع إيجابيات عدة، مثل تحويل شريحة كبيرة من العاملين في المجال الزراعي إلى عاملين تقنيين يعملون على تطبيق المكننة المتطورة وإدارة تقنيات العمليات الزراعية، هذا إضافة إلى الأخذ بالحسبان موضوع تخفيض عدد ساعات العمل، ورفع سوية العاملين في المجال الزراعي من النواحي الفنية والإدارية والمعيشية.

وفيما يخص انخفاض نوعية المنتجات الزراعية المستهلكة مباشرة فهي ذات سلبية محدودة جداً؛ لأن المكننة لا تنحصر وحسب في تقانات الجني (وهي التي تؤثر في نوعية المنتجات)، وإنما تشمل جميع العمليات الزراعية بدءاً من تحضير التربة للزراعة، ومروراً بتقنيات الجني، وانتهاءً بتقنيات التخزين والتصنيع الزراعي؛ ولجميعها - باستثناء تقانات الجني- تأثير إيجابي كبير في النوعية، مع الأخذ بعين الحسبان بأن نسبة المنتجات الزراعية المستهلكة مباشرة تشكل نسبة قليلة من مجمل الإنتاج الزراعي.

مكننة الإنتاجين النباتي والحيواني

1ـ تشمل مكننة الإنتاج النباتي عمليات زراعية كثيرة يمكن إيجازها وفق الآتي:

- عمليات تحضير الترب للزراعة، مثل الحراثة بأنواعها، والتسوية والتنعيم والتمشيط. وذلك لقلب الطبقة السطحية من الترب وتفكيكها وتنعيمها وخلطها وتسويتها وتحضير المرقد المناسب للبذور أو الغراس. وقد بلغت عموماً درجة المكننة في مجال تحضير هذه الترب ـ حتى في معظم البلدان النامية ـ نحو100%، في حين أن درجة مكننة الأعمال الزراعية الأخرى ما زالت منخفضة.

- مكننة عمليات البذر والتشتيل بدرجة كبيرة جداً في زراعة المحاصيل الحقلية بالمقارنة مع درجة مكننة زراعة الأشجار المثمرة التي ما زالت منخفضة جداً؛ وذلك بسبب الحيازات الزراعية الصغيرة غالباً.

- تعدّ درجة مكننة عمليات الخدمات الزراعية مرتفعة نسبياً. وتشمل التسميد والتعشيب والتفريد والمكافحة، إضافة إلى الري؛ وهو من أهم عمليات الخدمة الزراعية.

- مكننة عمليات الجني، وهي من أهم العمليات الواجب تطبيقها فيها؛ لأنها بحاجة إلى أعداد هائلة من اليد العاملة في وقت قصير وحسب، وإدخالها قبل غيرها من العمليات الزراعية لأهميتها الاقتصادية.

- مكننة جميع الأعمال في الغابات، مثل قطع الأشجار والتشجير الحراجي وفتح ممرات التخديم وخدمة الأشجار الحراجية.

- كما تشمل مكننة الإنتاج النباتي عمليات أخرى، مثل النقل والتخزين والتحضير للتصنيع الزراعي والتحكم ببيئة الدفيئات الزجاجية واللدائنية.

2ـ تشمل مكننة الإنتاج الحيواني زيادة حجم الحظائر والتقليل من الجهود العضلية المبذولة، وتخفيض تكاليف الإنتاج مع تحسين كبير في النوعية. وتختلف عملياتها بحسب أنواع الحيوانات التي تتم تربيتها، ويمكن إجمالها وفق الآتي:

- تهوية الحظائر والتحكم بحرارتها وتزويدها بالماء.

- تجهيز الأعلاف ونقلها وتوزيعها.

- حلابة الأبقار ومعاملة الحليب (تصفية، تبريد، «بستره» فرز).

وتتطلب جميع هذه العمليات تقنيات متطورة ودقة عالية في التنفيذ.

مكننة المجالات الزراعية الأخرى

     واكبت المكننة الزراعية التطور العلمي الكبير الذي حصل في النصف الثاني من القرن العشرين، وسمي بعصر الفضاء والإنترنت، وظهر فيه توجه جديد نحو المكننة الزراعية سمي بالزراعة الدقيقة precise agriculture؛ وهو تقانة علمية حديثة تفيد في التحكم بمختلف عمليات المكننة الزراعية بمراقبة الحقول بالتوابع الصنعية (الأقمار الصناعية) واعتماداً على تطبيق قواعد وبيانات وخرائط رقمية مختلفة.

دور الخصائص الطبيعية والحرارية للمنتجات الزراعية في المكننة الزراعية

يعتمد تصميم أي آلة زراعية على أنواع المنتجات الزراعية التي ستتعامل معها، وصفاتها الحيوية (البيولوجية)، كذلك فإن لصفات المنتجات الطبيعية (الوصفية والميكانيكية والحرارية والضوئية والصوتية) أهمية كبيرة في تقدير الجودة، وفي اختبار وسائل التداول والتصنيع والتخزين.

ففي إحدى مراحل تصميم الآلات الزراعية لابد من الأخذ بالحسبان نمذجة سلوك المنتجات الزراعية تحت مختلف أنواع الإجهاد والتمييز بين سلوكها تحت التحميل الثابت والمتغير والتصادمي (سلوك مرن أو لدن أو لزوجي)، وذلك لأن النمذجة السلوكية تعتمد على التركيب التشريحي للمنتجات وعلى العديد من أجهزة القياس الخاصة والأسس الهندسية.

وتكون فعاليات المكننة في أعلى درجاتها حالما تتلاءم مواصفات الآلات وخصائصها مع خصائص المواد الزراعية والبيئة المحيطة، ومن ثم فيجب أن تتصف جميع الآلات الزراعية بميزة معايرة القيم الأساسية للآلة وذلك من أجل اختيار القيم التي تتناسب مع خصائص المواد الزراعية والشروط البيئية الأخرى، مما يساعد على تأدية العمليات الزراعية كافة بأفضل نوعية وبأقل التكاليف المادية والعضلية.

مشكلات المكننة الزراعية في الوطن العربي وتطورها الحديث

من المهم جداً تحديد العوائق التي تقف في طريق تطبيق المكننة في الإنتاج الزراعي، وذلك لوضع سياسات وحلول لتذليلها؛ ومن أهمها:

- وجود الحيازات الزراعية الصغيرة؛ إذ إن مردود المكننة الزراعية ينخفض بانخفاضها؛ وذلك بسبب ارتفاع نسبة التكاليف التقنية النوعية التي تقدر بقيمة التكاليف التقنية المستخدمة في الإنتاج الزراعي منسوبة إلى وحدة المساحة (هكتار). وتكون هذه النسبة في الحيازات الكبيرة أقل بكثير منها في الحيازات الصغيرة.

- سوء اختيار المعدات الزراعية واستثمارها أو استخدامها بطاقتها الجزئية، إذْ لابد من دراسة ملاءمة المعدات الزراعية المختارة واختبارها، ولاسيما المستوردة مع الشروط المحلية للعمل؛ وذلك أن معظم الآلات المستوردة مصمم؛ ليعمل ضمن شروط بيئية ونوعية تختلف عن الشروط المحلية.

- تعدد مصادر المعدات الزراعية، إذْ إن غالبية المعدات الزراعية المستخدمة في البلدان النامية هي مستوردة؛ ومن ثم فهي مرتبطة بإمكان توافر قطع الغيار وتذبذب أسعارها، وصيانتها، كما يتطلب تعدد مصادرها تعدد ورشات الإصلاح والصيانة التخصصية مما يزيد في تكاليف استثمارها.

- نقص الكوادر الفنية القادرة على استثمار المعدات الزراعية وصيانتها بالشكل الأمثل.

- عدم وجود مراكز اختبار للمعدات الزراعية، إذْ إن من مهامها اختبار الآلات الجديدة المحلية أو المستوردة وتحديد الإجراءات الضرورية لملاءمتها مع الشروط المحلية، وفي النهاية لابد من وضع أسس إرشادية تساعد المستثمرين على تشغيل هذه المعدات على النحو الأمثل.

- وتجدر الإشارة إلى أن التقدم الذي وصلت إليه دول العالم المتقدم (تقل فيها نسبة العاملين في القطاع الزراعي عن 20%) مقاساً بتدني العاملين في القطاع الزراعي وبارتفاع الدخل الفردي، نشأ من مكننة العمليات الزراعية، وقد دلت الدراسات أن هذه الدول استطاعت أن تحقق نجاحاً مميزاً نتيجة اعتمادها على القدرة الميكانيكية الزراعية بدليل أن المتاح من هذه القدرة مرتفع، وتراوح بين 57.0 حصان/هكتار في روسيا، و3.13 حصان/هكتار في اليابان، وفي أمريكا نحو 17.1 حصان/ هكتار، أما في دول العالم الثالث بما فيها الدول العربية فإن هذه القدرة متدنية جداً.

آفاقها المستقبلية ومصادر الطاقة المستدامة

تحتاج المكننة الزراعية إلى مصدر للطاقة وهو في الغالب وقود الديزل أو الوقود التقليدي، ولكن تطور الأبحاث العلمية أوجدت زيت الوقود البديل البيئي المستخرج من بذور نبات اللفت الزيتي rape oil الذي يمكن استخدامه وقوداً بديلاً في محركات الاحتراق الداخلي للديزل بعد إدخال تعديلات بسيطة عليها.

وثمة مصادر أخرى للطاقات المستدامة، مثل الغاز الحيوي الذي يمكن إنتاجه بالتخمر اللاهوائي للمخلفات العضوية، ويتكون ثلثا هذا الغاز الناتج من غاز الميتان؛ والثلث الآخر من غاز ثاني أكسيد الكربون مع نسبة قليلة جداً من غاز ثاني أكسيد الكبريت وغازات أخرى. يمكن استخدام هذا الغاز المنتج في المزارع في تدفئة البيوت السكنية والحظائر، وفي المطابخ وغيرها؛ مما يسمح في تحقيق التوازن بين الغازات المنبعثة، ومن ثم التوازن البيئي المنشود.

 

 

محمد ناصر حبوب

الموضوعات ذات الصلة:

التسميد ـ الري في الزراعة ـ الزراعة الأحيائية (العضوية) ـ المكافحة المتكاملة.

مراجع للاسـتزادة:

ـ عبد الهادي كيخيا، أساسيات المكننة الزراعية (منشورات جامعة دمشق 1993 ـ 1994).

ـ شعبان معلا وآخرون، المكننة الزراعية (منشورات جامعة تشرين 1995- 1996).

ـ محمد ناصر حبوب، آلات خدمة الغابات (منشورات جامعة دمشق 1996 ـ 1997).

ـ محمد ناصر حبوب وآخرون، الآلات الزراعية وصيانتها (منشورات جامعة دمشق 1998 ـ 1999).


التصنيف : الزراعة و البيطرة
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 361
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 571
الكل : 31288958
اليوم : 37146

لوكنت دي ليل (شارل-)

لوكُنت دي ليل (شارل ـ) (1818ـ 1894)   شارل ماري لوكُنت دي ليل Charles-Marie Leconte de Lisle، شاعر فرنسي، ولد في سان بول Saint-Paul في جزيرة ريونيون Réunion في المحيط الهندي (جزيرة بوربون Bourbon سابقاً) التابعة لفرنسا. كان والده طبيباً جراحاً في الجيش الملكي، وصار فيما بعد من زارعي قصب السكر. بقي لوكنت دي ليل في جزيرته حتى بلغ الثامنة عشرة. عاد بعد ذلك إلى  باريس وقدّم الثانوية. أراد والده أن يجعل منه قاضياً، لكنه لم يستجب لدراسة الحقوق، وعمل فترة في الصحافة ثم آثر العودة إلى جزيرته للتفرغ للشعر في أحضان الطبيعة. وكانت والدته تحب الشعر وتربطها قرابة بالشاعر بارني Parny المولود في الجزيرة أيضاً ومن ثم كانت ملهمته. عندما بلغ السابعة والعشرين استقر في باريس وشارك في حلقات كان يديرها أنصار مذهب فورييه Fourier الاجتماعي، الفيلسوف الذي ينادي بتجمع الأفراد والعيش المشترك.
المزيد »