logo

logo

logo

logo

logo

مَن (آل-)

من (ال)

Mann family - Famille Mann

مَن (آل ـ)

 

هاينريش مَن Heinrich Mann ت(1871ـ 1950) روائي وقاص وكاتب مقالات ألماني بارز، عُرف بالتزامه الاجتماعي السياسي ونقده الشديد لاستبداد الدولة وتسلطها تجاه حقوق المواطنين، وما ينجم عن ذلك من بُنى اجتماعية مفككة ونفوس مريضة. ولد في لوبِك Lübeck، وهي من مدن الهانزا Hansestadt الحرة إدارياً وجمركياً على خليج لوبِك شمالي ألمانيا، وتوفي في المهجر الأمريكي في مدينة سانتا مونيكا Santa Monica (كاليفورنيا). كان والده من كبار تجار المدينة وعضواً في مجلس شيوخها، وكانت والدته ألمانية - برازيلية من عائلة تجار ثرية. بعد إنهاء مرحلة التعليم الثانوي بدأ هاينريش العمل متدرباً في إحدى مكتبات درِسدن Dresden عام 1889، ثم انتقل إلى برلين حيث عمل في دار النشر الشهيرة فيشر S.Fischer Verlag بين عامي 1890-1892، وتردد على محاضرات الأدب في جامعتها. بدأ محاولاته الأدبية الأولى منذ أن كان في الثالثة عشرة، وأخذ بعد وفاة والده عام 1891 بنشر مراجعات كتب في صحف برلين. وبسبب تدهور صحته، أقام بين عامي 1893- 1898 في إيطاليا وفرنسا، حيث كتب أولى رواياته المهمة «في جنة التنابِل» Im Schlaraffenland (صدرت عام 1900) التي تشي بتأثره بموباسان[ر] وبلزاك[ر]. وتعد الرواية سخرية صارخة من «مجتمع الأكابر» المكوَّن من محدثي النعمة والمتسلقين والانتهازيين والمرائين في أجواء الرأسمالية الطفيلية التي تسرطنت في عهد القيصر ڤيلهلم الثاني Wilhelm II.

 وقد تجلت فيها بداية التحول الفكري لدى هاينريش من موقف تقليدي محافظ نحو تفكير وسلوك ديمقراطيين صريحين، وتعمق التعبير عنهما في أعماله اللاحقة. وما يلفت النظر حينذاك هو أنه كان الوحيد في جيله من أدباء الألمانية الذي خاض مثل هذا التحول الجذري. ومنذ صدور روايتيه «الأستاذ زبالة» Professor Unrat ت(1905) و«الخَنوع» Der Untertan ت(1914) ومقالاته السياسية نحو عام 1910، عدَّه التعبيريون [ر: التعبيرية] الناطق باسمهم ورائد حركة الفعالية السياسية Activism. وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى، وفي مواجهة العداء العنصري ضد الفرنسيين من جانب الألمان المهللين للحرب، قدم هاينريش مقالته الشهيرة «زولا»[ر] Zola ت(1915) التي عبَّر فيها عن ضرورة التآخي بين الشعوب في وجه وحشية الإمبريالية المتنامية. ومع الانتشار الواسع الذي لاقته روايته «الخَنوع» عقب الحرب صار هاينريش أحد الرموز الوطنية، ووسّع دعوته في العشرينيات للتفاهم بين جميع الشعوب الأوربية وليس مع الفرنسيين فقط، وانتخُب عضواً مؤسساً عام 1926 في أكاديمية الفنون البروسية في برلين Preussische Akademie der Künste zu Berlin، ثم صار رئيسها عام 1931. ومع اقتباس روايته «الأستاذ زبالة» للسينما عام 1930 بعنوان «الملاك الأزرق» Der blaue Engel مع النجمة مارلينِه ديتريش[ر] بلغ هاينريش الشهرة العالمية، ولاسيما أن الرواية تتناول شخصية الدكتاتور من منظور ساخر يفضح النظام التربوي في العهد الڤيلهلميني وتهافت رموزه الأخلاقية.

دعا هاينريش مَن مع العالم آينشتاين[ر] والفنانة كولڤيتْس[ر] في مطلع عام 1933 إلى اتحاد الحزب الاشتراكي الألماني مع الحزب الشيوعي الألماني، فأُجبر على الانسحاب من الأكاديمية. وعلى أثر إحساسه بتسارع طغيان النازية هاجر في العام نفسه إلى فرنسا، حيث بقي حتى عام 1940 ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وصار منذ عام 1935 رئيس «الجبهة الشعبية الألمانية» Die Deutsche Volksfront. حصل عام 1947 على الدكتوراه الفخرية من جامعة هومبولت[ر] في برلين، وعلى الجائزة الوطنية من الدرجة الأولى للفن والأدب من جمهورية ألمانيا الديمقراطية عام 1949، وصار في العام نفسه رئيس أكاديمية الفنون الألمانية الجديدة.

لقد خضع أسلوب هاينريش مَن في السرد الروائي والقصصي لتطورات عدة، إذ بدأ في أعماله المبكرة تفسير الأحداث والوقائع عن طريق تحليل شخصياته نفسياً، متأثراً بالمدرسة النفسية Psychologism الفرنسية كما في رواية «في عائلة ما» In einer Famlie ت(1894)، ثم تحول إلى التصوير الاجتماعي النقدي من موقع رومنسي مناهض للرأسمالية في رواية «في جنة التنابل». أما في روايتيه «الأستاذ زبالة» و«الخنوع» فقد عمل هاينريش على إبراز التعارض الكامن بين «السلطة» و«الفكر» مطوراً الثنائية الفلسفية في التناقض بين «السائد» و«الثوري» وبين «الملكية» و«الجمهورية». وقد تجلى هذا الأسلوب أيضاً في «المدينة الصغيرة» Die kleine Stadt ت(1909) ذات البنية الفنية اللافتة التي مكّنته من تحريك مئة شخصية وتحليلها في حيز مكاني صغير في إيطاليا، ليبرز مقدرة الفن على تحرير النفس وإطلاق طاقاتها الخلاقة. وكذلك في روايتي  «الفقراء» Die Armen ت(1917) و«الرأس» Der Kopf ت(1925) حيث حاول أن يصور الصراع بين الطبقة العاملة والرأسمالية الصناعية والإدارة البيروقراطية المتنفذة، قائلاً: «إنها روايات مرآتية تصور المجتمع الألماني في عهد ڤيلهلم الثاني». وفي تلك المرحلة نشر الكاتب مجموعة من المقالات التي تناول فيها بالنقد العصر والأدب والثقافة والسياسة والسلطة الحاكمة بهدف تربية الشعب الألماني على التفكير الديمقراطي، وقد عدّها بعض النقاد أكثر أهمية من إنجازه الروائي.

وفي مواجهة الفكر النازي وأسلوبه في الحكم أبدع هاينريش مَنْ في المهجر الفرنسي روايته التاريخية الأمثولية حول شخصية الملك الفرنسي هنري الرابع. صدر جزؤها الأول بعنوان «شباب الملك هنري الرابع» Die Jugend des Königs Henri Quatre في أمستردام عام 1935، والثاني بعنوان «تكامل الملك هنري الرابع» عام 1938 في أمستردام أيضاً، وقد قدم فيها مثاله عن الممارسة الإنسانية النموذجية للسلطة التي تحترم الإنسان وحقوقه الفردية والمجتمعية. وبهذا المعنى تلقاها النقاد، ولاسيما منهم لوكاتش[ر]. أما في المهجر الأمريكي فقد اتسمت رواياته فنياً ـ على أهميتها السياسية التاريخية ـ بطابع التزامه الكتابة لشركات السينما في هوليوود. وفي عام 1982 صدرت مؤلفاته الكاملة في ثمانية عشر مجلداً ضمت رواياته وأقصوصاته وقصصه ومقالاته ومذكراته.

توماس مَن  Thomas Mannت(1875-1955) وهو الأخ الأصغر لهاينريش، روائي وقاص وكاتب مقالات ألماني ذو شهرة عالمية، نال عن رواياته المبكرة جائزة نوبل للأدب عام 1929. ولد في لوبك وتوفي في زوريخ Zürich (سويسرا). انتقل مع والدته عقب وفاة والده عام 1891 إلى مونيخ München واستقر فيها حتى عام 1933. عمل بادئ الأمر موظفاً في شركة للتأمين ثم محرراً في المجلة الأسبوعية الساخرة «سيمبليسِسْموس» Simplicissimus ثم قرر التفرغ للكتابة الأدبية مثل أخيه.

صدرت مجموعة قصصه المبكرة عام 1898 بعنوان «السيد فريدِمَن القصير» Der kleine Herr Friedemann صور فيها نماذج من الفنانين اللامنتمين مبرزاً التناقض في عملية الإبداع ما بين الفكر (أو الروح) والحياة (أو الواقع)، واعياً بمشكلة معاناة الفنان في منح خياله نوعاً من الصدقية، مما يقرِّب المسافة ما بين الفنان والمشعوذ. وعلى الرغم من أن قصص المجموعة قد انطبعت بجمالية تسعينيات القرن التاسع عشر، فإن عمقها الفكري يعود إلى تأثير شوبنهاور[ر]  ونيتشِه[ر] وڤاغنر[ر] الذين بقي فكرهم جلياً في أعمال توماس مَنْ كافة.

أمضى توماس سنتين في إيطاليا برفقة أخيه هاينريش، بدأ في أثنائها كتابة رواية «آل بودنبروك» Die Buddenbrooks ت(1901) (ترجمت إلى العربية في مطلع أربعينيات القرن العشرين) عرض فيها تاريخ انحطاط عائلة برجوازية كبيرة عبر ثلاثة أجيال، استقى فيها كثيراً من تاريخ عائلته، وبيَّن أن ظهور الميول الفنية الفكرية لدى أبناء الجيل الثالث قد تتعارض بشدة مع الاهتمامات التجارية للعائلة وقيمها الأخلاقية. لاقت الرواية نجاحاً هائلاً وفر لتوماس بحبوحة مالية، ووجد فيها النقد إيذاناً بانهيار العالم القديم وقيمه المهترئة. وعلى الرغم من ذلك لم يبتعد توماس عملياً عن أجواء البرجوازية الكبيرة، إنما بقي في مونيخ ملتصقاً بها، بل تزوج في عام 1905 من عائلة برينغزهايم Pringsheim  المالية المعروفة وصار في مقالاته مدافعاً عن النظام القائم وعن خصوصية رسالة الشعب الألماني بقيادة قيصره فريدريش[ر]، برومنسية مثالية تجلت عند اندلاع الحرب العالمية الأولى في مقالات عدة، أبرزها «فريدريش والحلف العظيم» Friedrich und die grosse Koalition ت(1915) و«ملاحظات رجل لا سياسي» Betrachtungen eines Unpolitischen ت(1918) مما أدى إلى القطيعة بينه وبين أخيه هاينريش الديمقراطي المُسيَّس.

حتى ظهور روايته المهمة الثانية في أوائل العشرينيات لم ينجز توماس سوى عدد من الأقصوصات ورواية قصيرة واحدة، مشتغلاً بجهد لافت على تطوير أدواته التعبيرية اللغوية، وعلى بنية السرد وتقاناته، بحيث تميز في أعماله اللاحقة من جميع معاصريه بلغته المتألقة الجزلة حتى بات يُلقب بأمير الألمانية بعد ملكها غوته[ر]. وقد تجلى هذا التطور في روايته القصيرة[ر: الرواية] Novelle «موت في البندقية» Tod in Venedig ت(1912) التي عاد فيها إلى مشكلة الفنان المأساوية، والتي اقتُبست للسينما وشهرت توماس مَنْ عالمياً.

عند قيام جمهورية ڤايمار[ر] (1919- 1933) على أثر الهزيمة في الحرب العالمية وضرب ثورة تشرين الثاني/نوڤمبر اليسارية عام 1919، أدرك توماس خطر موقفه السياسي وخطأه، فحاول التقرب من مواقع الديمقراطيين وتصالح مع أخيه عام 1922. ولولا هذا التحول الفكري الحاسم لما تمكن توماس من صياغة رائعته الروائية «جبل السحر» Der Zauberberg ت(1924) التي يخوض فيها المهندس البرجوازي هانس كاسْتورب Hans Castorp تجربة تربوية «هِرْمِسية» [ر: هرمس Hermes] في جميع فروع المعرفة في سبع سنوات في مصح سويسري، على قمة جبل. وقد نجح توماس بهذا العمل في وضع أوربا وجهاً لوجه أمام أخطار المستقبل المنظور.

وصار توماس أكثر تحديداً لنوع الخطر (النازية) في قصته الطويلة «ماريو والساحر» Mario und der Zauberer ت(1930) منادياً بجعل ألمانيا ديمقراطية على جميع المستويات. وفي سنوات جمهورية ڤايمار حصل توماس على ألقاب فخرية عدة وعلى عضوية أكاديمية الفنون، كما كُلف رسمياً عام 1932 كتابةَ خطبة احتفالات غوته في ڤايمار وبرلين معاًَ؛ مما يعدّ أعلى درجات الاعتراف بمكانته الأدبية، ثم كُلف أيضاً كتابةَ خطبة ذكرى مرور خمسين عاماً على وفاة الموسيقار ريشارد ڤاغنر بتاريخ 11/2/1933 في أمستردام وبروكسل وباريس. وبناء على نصيحة ابنته الكبرى إريكا Erika وابنه البكر كلاوس Klaus قرر توماس ألا يعود إلى ألمانيا النازية، فاستقر في زوريخ حتى عام 1938. وكيلا يفقد التواصل مع قرائه في ألمانيا ولتسهيل نشر روايته الرباعية الجديدة «يوسف وإخوته» Joseph und seine Brüder في ألمانيا امتنع توماس عن مناهضة النظام النازي علناً، وعن التعامل مع منظمات المهاجرين، حتى عام 1936 عندما اضطرته المواجهة الإعلامية إلى ذلك، فسُحبت منه الجنسية الألمانية وأُوقف توزيع ما طُبع من «يوسف وإخوته». وفي عام 1938 هاجر توماس مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عمل محاضراً زائراً في جامعة برنستُن Princeton وأنهى روايته البالغة الأهمية أدبياً وفكرياً حول التراث الألماني، وتحديداً حول غوته، «لوتِّه في ڤايمار» Lotte in Weimar ت(1939) التي عاد فيها إلى قضية مسؤولية الفنان تجاه إبداعه وتجاه المجتمع، ولاسيما أن غوته كان وزيراً ومستشاراً، ومسؤولاً مع شيلر[ر] عن المسرح القومي.

عمل توماس بين عامي 1926-1942 ـ مع بعض الانقطاعات ـ على مشروعه الروائي الأكبر «يوسف وإخوته» الذي استخدم له قصة النبي يوسف وإخوته التوراتية قاعدة أسّس عليها تأويله الخاص ليبين صحة تركيب الإنسان من جسد وروح، لا بهدف خلق رواية دينية أو أسطورية، إنما ليُعَقلِن الأسطورة ويعرض التطور الإنساني بملحمية تعلي من شأن إنتاج الفرد في إطار الجماعة المتكافلة، وقد اتسم أسلوبه فيها بفكاهة لطيفة وسخرية محببة. إنها ليست رواية تاريخية على الرغم من أنها تستخدم إمكانات علم التأريخ كافة.

انتقل توماس منذ عام 1940 إلى كاليفورنيا واستقر حتى عام 1952 في مدينة باسفيك باليسيدس Pacific Palisades، وصار منذ عام  1942 مستشار مكتبة الكونغرس في واشنطن لشؤون الأدب الألماني، وكان يوجه رسائله السياسية عبر الإذاعة البريطانية إلى ألمانيا في برنامج «إلى المستمعين الألمان» Deutsche Hörer، كما شارك في رحلات إلى مختلف الولايات لإلقاء محاضرات تنويرية مناهضة للنازية.

بدأ توماس في عام 1943 بالعمل على رواية «الدكتور فاوستوس» Doktor Faustus، وانتهى منها عام 1947. تعتمد صيغة العمل على خطة وضعها توماس في مطلع القرن حول فنان مصاب بمرض الزهري (رمز الفساد) ربط نفسه بعقد مع الشيطان (رمز للإفساد في المجتمع)؛ فهي في جذرها تستند إلى الحكاية الشعبية القديمة حول فاوست[ر] القرون الوسطى. لكن توماس في صيغته الحديثة وسَّع حقل الترميز بحيث صار تطور بطله الموسيقار أدريان ليڤركون Adrian Leverkühn من التأليف الانطباعي [ر. الانطباعية] إلى التأليف اللا لحني Atonal طريقاً من الانحطاط (عهد ڤيلهلم الثاني) إلى البربرية (النازية) بالتوازي مع تطورات تاريخية معاصرة في ألمانيا تعرض انهيار المفاهيم الإنسانية التقليدية وانتصار مزيج من العدمية Nihilism المحرَّفة والبربرية المتوحشة. لاشك في أن خلفية أحداث الرواية تستقي كثيراً من تجربة المؤلف الشخصية. وقد رأى النقاد أنه لم يسبق لعمل أدبي أن عبَّر عن مأساة ألمانيا كما هذه الرواية «رواية العصر». وفي عام 1949 نشر توماس مقالة مهمة بعنوان «نشوء رواية الدكتور فاوستوس» Die Entstehung des Doktor Faustus عرض فيها ما يشابه السيرة الذاتية لعمل روائي من جوانبه كافة.

بعد سقوط النازية واستسلام ألمانيا زار توماس مَنْ أوربا أول مرة عام 1947 للمشاركة في أول مؤتمر لـ«نادي القلم PEN- Club» الدولي في زوريخ، ثم زار ألمانيا عام 1949 لإلقاء خطبة احتفالات غوته وتلقى جوائز مدينتي فرانكفورت وڤايمار. وعلى أثر وفاة الرئيس الأمريكي روزفلت[ر] وظهور حركة محاكمات مكارثي[ر] ضد الفكر اليساري خاب أمل توماس مَنْ وعاد للاستقرار في سويسرا عام 1952. وعلى ضفاف بحيرة زوريخ عام 1954 أنهى آخر رواياته «اعترافات المحتال فيليكس كرول» Bekenntnisse des Hochstaplers Felix Krull التي حفزه على كتابتها قراءته «مذكرات ج. منولِسْكو» Die Memoiren von G. Manolesku فرسم بأسلوبه في النقد الاجتماعي العميق لوحة لأوربا نحو عام 1900 حاكى فيها بسخرية جوانب من كتاب غوته الشهير «شعر وحقيقة» Dichtung und Wahrheit، فجاءت الرواية قريبة شكلاً من رواية المغامرات لتصور طفولة وشباب محتال موهوب فنياً وأولى محطات رحلته عبر بلدان أوربا، لتعري من منظوره الساخر عالم البرجوازية التي ربته وأنشأته على قيمها.

وبمناسبة عيد ميلاده الثمانين تلقى توماس مَنْ كثيراً من مظاهر التكريم والحفاوة والجوائز، وكان آخرها رسمه عضواً في جناح السلام في جمعية ذوي الخدمات المُشرِّفة لوطنهم علمياً وفنياً؛ وهو أعلى درجة تكريم في ألمانيا تعود إلى عهد القيصر فريدريش الأكبر[ر].

لقد ترك توماس مَنْ وراءه إرثاً من تسع عشرة رواية وعشرين قصة طويلة ومئات المقالات والخطب والرسائل ودفاتر اليوميات. وفي عام 1980 صدرت مؤلفاته الكاملة في شتوتغارت في عشرين مجلداً.

إريكا مَنْ Erika Mann1 ت(1905-1969) الابنة البكر لكاتيا برينغزهايم وتوماس مَنْ. درست التمثيل المسرحي في «معهد ماكس راينهارت»[ر]، وأدّت أدواراً مختلفة في عدد من المسارح الألمانية حتى عام 1933، حين هاجرت مع بقية العائلة إلى زوريخ. قامت مع أخيها كلاوس Klaus في عام 1927 برحلة حول العالم نجم عنها كتاب «دائران حوله» Rundherum (1929) ت(1929) الذي صورا فيه بأسلوب ممتع تجاربهما مع خلفياتها الاجتماعية السياسية. ودخلت منذ خروجها من ألمانيا في صدام مع الإيديولوجية النازية عبّرت عنه في كثير من الكتب الإخبارية، مثل «الأنوار تنطفئ» Die Lichter gehen aus ت(1940)، و«تربية الشبيبة في الرايخ الثالث» Die Erziehung der Kinder im dritten Reich ت(1938). ونشطت في المهجر الأمريكي بالألمانية والإنكليزية وكانت اليد اليمنى لوالدها في شؤونه الأدبية والإعلامية، لكن شهرتها الأدبية تأسست على رواياتها وكتبها العلمية الموجهة إلى الفتيان مثل «شتوفل يطير فوق البحر» Stoffel fliegt übers Meer ت(1932)، و«الطيور المهاجرة عبر أوربا» Die Zugvögel auf Europafahrt ت(1955) و«رحلة مغامرات المغنين الصبيان» Sängerknaben auf abenteuerlicher Fahrt ت(1959). كما كتبت سيرة حياة والدها، بعنوان «تقرير عن أبي» Bericht über meinen Vater ت(1956)، وأشرفت على إصدار رسائله في ثلاثة أجزاء بعنوان «رسائل توماس مَنْ» (1961- 1965).

كلاوس مَنْ (1906ـ 1949) ابن كاتيا برينغزهايم وتوماس مَنْ. ولد في مونيخ وتوفي في كان Cannes (فرنسا) منتحراً. بدأ بكتابة القصة منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره. أسس مع أخته إريكا وباميلا ڤِدِِكيند Pamela Wedekind وغوستاف غروندغنز Gustaf Gründgens فرقة مسرحية نشطت بين عامي 1927 - 1933 وسافر مع أخته  في جولة حول العالم. هاجر مع العائلة عام 1933 إلى زوريخ ثم إلى الولايات المتحدة، وصار في المهجر شخصية مركزية في الصحافة المناهضة للنازية، وعاد إلى أوربا عام 1947 مراسلاً صحفياً أمريكياً.

في حياته القصيرة نسبياً كتب كلاوس سبع روايات وست قصص طويلة ومسرحيتين وعدداً كبيراً من المقالات السياسية والثقافية والأدبية والرسائل. لكنه اشتهر برواياته ذات الأسلوب الجديد المغاير لأسلوبي والده وعمه، على الرغم من تقارب الموضوعات الوطنية والسياسية، ولاسيما بما يتعلق بالنازية. ومن أبرز رواياته «مفيستو» Mephisto ت(1936)، و«البركان» Der Vulkan ت(1939)، ومن مقالاته «نكبة الفكر الأوربي» Die Heimsuchung des europäischen Geistes ت(1948)، و«أندريه جيد وأزمة الفكر الحديث» Andre Gide und die Krise des modernen Denkens ت(1948).

 

 

نبيل الحفــار

الموضوعات ذات الصلة:

ألمانيا ـ الرواية ـ ڤايمار (جمهورية ـ) ـ القصة ـ المقالة ـ النازية.

مراجع للاستزادة:

- AUTORENKOLLEKTIV, Deutsche Literaturgeschichte von den Anfängen bis zur Gegenwart, (J.B.Metzler, Stuttgart 2001).

H.MAYER, Thomas Manns  Zauberberg  als pädagogischer Provinz (1949).

- H.KOOPMANN, Die Kategorie des Hermetischen bei Th. Mann, (1961).

- U.WEISSTEIN, H.Mann, Eine historisch-kritische Einführung in sein Werk  (Tübingen 1962).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 500
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 535
الكل : 29627029
اليوم : 7039

عليشان (غيفونت-)

عَليشان (غيفونت ـ) (1820ـ 1901)   غيفونت عَليشان Ghevont Alishan من أبرز أعلام الأدب الأرمني، وهو شاعر ومؤرخ وجغرافي ومترجم، اسمه الحقيقي كيروفبي عَليشانيان Kerovpe Alishanian. ولد في اصطنبول، ودرس اللاهوت في ڤيينا في دير القديس عازار، وعُين فيها مدرساً ثم في باريس. أصبح عضواً في جمعية مخيتاريان للرهبان منذ 1838، ثم ترك التدريس ليتفرغ للأدب.
المزيد »