logo

logo

logo

logo

logo

الإيجيون

ايجيون

Aegeans - Les égéens

الإيجيون

 

الإيجيون Aegeans هم سكان حوض بحر إيجة القدماء. تضم مناطقهم كلاً من الساحل الغربي لآسيا الصغرى والمنطقة الشرقية والجنوبية من بلاد اليونان القارية (اليونان اليوم) ومعظم جزر بحر إيجة.

وتذكر الأساطير أن الاسم العام للحضارة أُطلق على أهم المراكز الحضارية الإيجية (طروادة وكريت وموكيناي) لإطلالها على بحر إيجة الذي سمي كذلك نسبة إلى «إيجيوس» ملك أثينة الذي ألقى بنفسه في هذا البحر حزناً على ابنه ثيسيوس الذي لم يعد من كريت بعد قتال «المينوتوروس». وقد خلّف الإيجيون في مناطقهم ثلاث حضارات استغرقت المرحلة من 3000- 1000ق.م كان أولها في كريت، وعرفت باسم «الكريتية» نسبة إلى الجزيرة أو «المينوية» نسبة إلى ملوكها، الذين حمل كل منهم لقب «مينوس». وثانيهما في موكيناي Mykenae أو ميسيني Mycenae في منطقة البلوبونيز من جنوبي بلاد الإغريق القارية. والثالثة في طروادة[ر]. وتمثل كل واحدة من هذه المدن الحضارة الإيجية التي تبعت لها المدينة زمنياً في عصر ازدهارها.

لم تكن المعلومات عن حضارة الإيجيين متيسرة حتى أواخر القرن التاسع عشر حين قام الأثري الألماني المتأمرك هاينريش شليمان Heinrich Schleiman بمحاولة ناجحة كشف بنتيجتها النقاب عن أطلال طروادة لاعتقاده الراسخ بأن ما ذكره هوميروس عنها في إلياذته ليس أسطورة كما كان يعتقد في ذلك الزمن. وقد حفزت نتائج عمل شليمان في موقع طروادة سنة 1870، وبعد ذلك في موقع مدينة موكيناي بين عامي 1876-1878، حفزت غيره من الأثريين على استجلاء حقيقة أن هناك جذوراً فعلية وراء الأشعار الهوميرية. وقام عدد منهم، أشهرهم آرثر إيفانس Arther Evans بالتنقيب في مواضع متعددة من مناطق البحر الإيجي. وقد أفلحت جهود إيفانس في المدة من 1900-1905 في الكشف عن قصر كنوسوس Knosos أو قصر اللابورنث Labyrinth في مدينة كنوسوس في جزيرة كريت.

ويتبين من الدراسات الأنتروبولوجية والأثرية التي جرت، منذ مطلع القرن العشرين، على الموجودات التي عُثر عليها في المراكز الثلاثة أن سكان المناطق الإيجية كانوا من عرق البحر المتوسط ذوي الجماجم المستطيلة، وأن حضارتهم ارتبطت بالعصر الحجري الحديث، وأنها استمرت مزدهرة في كريت حتى نحو سنة 1400ق.م حين قضت عليها غزوة خارجية. كما استمرت مزدهرة في طروادة حتى سنة 1250ق.م تقريباً حين قام الموكينيون من موكيناي وباقي أرجاء بلاد اليونان على البرّ الأوربي بالقضاء على هذه المدينة نتيجة الحروب المعروفة باسم حروب طروادة. وأخيراً تعرض الموكينيون وباقي سكان بلاد الإغريق أنفسهم نحو سنة 1000ق.م لغزوة الدوريين التي قضت على آخر ورثة الحضارة الإيجية.

وكانت طروادة إحدى أشهر مدن التاريخ، أنشأها مستوطنوها الأوائل في سهل خصب خال من العوائق الجبلية، واشتهرت بتربية أكرم أنواع الخيل المعروفة. وأثبتت أحافير شليمان أن أهلها مارسوا صناعة النسيج على نطاق واسع، وأنهم قاموا، على الغالب، بتصدير الفائض من إنتاجهم الزراعي والصناعي إلى العالم الإيجي المجاور. ولا شك أن منافسة طروادة في المجال الصناعي للمدن الموكينية في بلاد اليونان القارية، أو سيطرتها على مضيق الهلسبونت (الدردنيل اليوم) وفرضها إتاوة على تجارة الحبوب العابرة من البحر الأسود إلى بحر إيجة، كما يفترض بعض المؤرخين، إضافة إلى غنى المدينة بوجه عام، قد كانت حافزاً لأعدائها الذين نقموا عليها وتحينوا الفرصة لغزوها والاستيلاء عليها بقيام «باريس» ابن «بريام» ملك طروادة باختطاف «هيلين» زوج «منيلاوس» ملك إسبرطة. ولما سقطت المدينة بعد عشر سنوات من الحرب التي كان الحصار عمودها الفقري، انتهى عصر الحضارة الإيجية في آسيا، ولكنه استمر في كريت وموكيناي.

كريت

جزيرة تقع في القسم الأوسط الشرقي من البحر المتوسط وتكثر على شواطئها الخلجان التي كانت موانئ طبيعية جيدة، وتضم جزيرة كريت عدداً من المراكز الحضارية الممثلة للحضارة الإيجية، التي قامت إبان عصر البرونز بدور حضاري يفوق حجمها بكثير، في مواجهة حضارة سورية الكنعانية وحضارة مصر الفرعونية، مما مكنها من القيام بدور الوسيط بين بلاد الإغريق وسورية ومصر.

وقد اقتصرت المعلومات عن كريت القديمة على ما ورد في الأشعار الهوميرية والكتابات الأدبية الكلاسيكية. ولكن اللقى الأثرية، ولاسيما الآثار الكتابية التي كشفها آرثر إيفانس، وضَّحت ما كان خافياً مدة طويلة. وقد أفادت دراسة هذه اللقى والآثار بأن الكريتيين وجدوا حلاً للمعضلة الصعبة، كونهم صناعاً مهرة وتجاراً بارعين في أرض لا تجود عليهم دائماً بكل ما يحتاجون إليه، في البحث الدائم عن المواد الخام ولاسيما المعادن من ذهب وفضة وقصدير ونحاس إضافة إلى العاج والأحجار الكريمة وفي إتقانهم فنون الملاحة البحرية. ولذلك كان مجتمع كريت مجتمعاً تجارياً صناعياً مسالماً.

وتشهد أطلال قصر «اللابورنث»، وهو أعظم الأوابد المكتشفة في الجزيرة، وبقايا مدينة كنوسوس وشوارعها المتداخلة والمعبدة تشهد للعمال والمهندسين الكريتيين بالبراعة والمهارة ولاسيما في مجال إقامة القناطر والجسور وأقنية صرف المياه المستعملة وجرّ المياه النظيفة. كما تشهد اللوحات الملونة الرائعة على جدران القصور للفنانين الكريتيين بالذوق الرفيع إضافة إلى مهارة رائعة في صناعة الخزف والفخار.

ويميل إيفانس، بعد موازنة ما عثر عليه بما يماثله في مصر وبلاد الرافدين إلى تقسيم أدوار تاريخ كريت إلى ثلاثة عصور: الباكر (3000-2100ق.م) والمتوسط (2100-1580ق.م) والمتأخر (1580-1200ق.م). ويبدو أن عصر الجزيرة الباكر شهد ذروة الانتقال من حضارة العصر الحجري الحديث إلى عصر البرونز التي يحددها المؤرخون بنحو 2400ق.م ويربطونها زمنياً بعصر بناة الأهرام. ويغلب على حضارة الجزيرة في ذلك العصر اعتمادها على استيراد معظم حاجياتها مقابل قليل من التصدير، ويرجحون اعتمادها على سكان الساحل السوري في استيراد الحاجيات ونقل المؤثرات الحضارية لكثرة المدن على ساحلها الشرقي في تلك الحقبة.

أما العصر الوسيط فقد شهد انتقال أهم المراكز الحضارية إلى وسط الجزيرة مع غلبة الترف والرخاء، تدل على ذلك كثرة القصور التي بنيت على نمط قصر اللابورنث، بغرفها الكثيرة ومعابدها الخاصة ومخازنها الواسعة. إضافة إلى ظهور عدد من المدن الكبيرة مثل كنوسوس العاصمة وفايستوس Phaestos وغورتونا Gortyna وغورنية Gournia وبسيرا Pseira وزاكرو Zakro وغيرها، واحتواء هذه المدن على عدد من دور صناعة الخزف التي بلغت درجة عالية من التقدم.

ولعل أهم ما يميز العصر المينوي المتأخر هو معاصرته لخروج الهكسوس من مصر وظهور الملوك «التحامسة»، والاتصال المباشر مع مصر. وهذا ما تثبته الصور الجدارية في بعض المعابد المصرية من الحقبة نفسها. ويبدو أن قوة فراعنة مصر والأمن الذي فرضوه على منطقة شرقي المتوسط مكنت تجار كريت من العمل بحرية أكبر مقابل اعترافهم بسيادة مصر. وهو أمر ساعدهم في مدّ نفوذهم التجاري إلى عدد من مراكز حوض البحر المتوسط مثل رودوس وقبرص وأغاريت وجبيل. وكان من الممكن تحول هذه القوة الاقتصادية إلى امبراطورية لولا أن القدر كان يمهد لظهور حضارة إيجيّة أخرى على أيدي الموكينيين في بلاد اليونان القارية.

بصورة عامة، ينتسب الكريتيون إلى عرق البحر المتوسط، ويتكلمون لغة قريبة من لغة اللوكيين (أهل لوكية في آسيا الصغرى)، وبعيدة عن اللغات الهندية الأوربية أو السامية، وكان أهل الجزيرة يحرصون بخلاف سكان بلاد اليونان، على ستر أجسامهم وتغطية رؤوسهم في الحرب كما في السلم. وكانت النساء ترتدين أثواباً تشابه الأثواب المعاصرة وتتزيّن بالقبعات والمجوهرات. ويسكن الأهالي عادة في منازل لا تخضع لقاعدة تجميع الغرف حول فناء الدار، بل تتصل غرفها إما بوساطة الأبواب التي تفتح للجهة الخارجية أو الدهاليز. ولكنها تشابه المنازل اليونانية بكونها كثيرة النوافذ التي تسمح بمرور النور والهواء.

وتشير نتائج التنقيب إلى أن قدماء الكريتيين عاشوا حياة اجتماعية قبلية بكل معانيها، وأن هذه الحياة بدأت بالتفكك منذ بداية العصر الوسيط، وأن العصر المتأخر شهد بداية سيطرة النزعات الفردية في المجتمع وتكوين الأسر الصغيرة. وهو أمر يظهره اكتظاظ الشوارع بالبيوت الصغيرة، وكذلك التصاوير التي يظهر فيها السكان في الأسواق والمسارح. وتدل الصور نفسها على أن المرأة الكريتية كانت تتمتع بمكانة اجتماعية تداني مكانة الرجل إن لم تكن أفضل منها. إذ تظهرها التصاوير وهي تحتل المقاعد الأمامية في المسارح ومراكز الرياضة.

والديانة الكريتية مزيج من العقائد البدائية التي تقدس قوى الطبيعة بجميع صورها، وهي بالإضافة إلى أنها كانت تقوم على عبادة الشمس والقمر والرياح والأمطار، كانت تقدس بعض الحيوانات كالثيران والأفاعي. ونتيجة لتصور الكريتيين بأن الأمومة هي سر الطبيعة قدسوا كل مظاهر الأمومة وعبدوا إلهة أنثى تصوروها أماً لجميع الآلهة والبشر، وعهدوا بأمر عبادتها إلى كاهنات. وكان الكريتيون يكرمون موتاهم وذلك بدفنهم في توابيت فخارية وتزويدهم بالطعام والمستلزمات الأثيرة لدى المتوفى في حياته.

وكانت الألعاب الرياضية هامة جداً في الحياة الاجتماعية الكريتية حتى إن بعض المؤرخين المعاصرين يعتقدون أن معظم الحفلات الدينية كانت تصاحب بمباريات رياضية. وتشير التصاوير الجدارية والنقوش إلى أن أحب الألعاب إلى الكريتيين كانت الجري والمصارعة والصيد وقتال الثيران.

وتشير الدلائل الأثرية من انتشار القصور المحصنة والتصاوير التي تظهر الأشراف مسلحين دائماً، إلى أن السلطة السياسية كانت في العصرين المينوي الباكر والوسيط في أيدي رؤساء القبائل الذين رأسوا نظاماً إقطاعياً. ويبدو أن بداية العصر المينوي المتأخر شهد نكبة هؤلاء الأشراف على يدي الملك الذي استطاع أن يركِّز السلطة في يديه، وألا يدع لهم إلا سيطرة اسمية بتوطيده الأمن وسيطرته على الشواطئ بأساطيل قوية تبعت له شخصياً.

وبغض النظر عما تعنيه كلمة «مينوس» التي حملها ملوك كريت، وعما إذا كانت اسماً أو لقباً أو سلطة، فمن المرجح أن سلطة هذا المينوس كانت مستمدة من الآلهة، وكان الملك ممثل الإله بين رعاياه. وكان ملزماً بتجديد مباركة الآلهة لسلطته مرة كل تسع سنوات وذلك بالاتصال بها في كهف مقدس.

ويستدل من الوثائق المكتوبة التي عثر عليها أنه كان يساعد الملك في إدارة شؤون البلاد عدد من الموظفين يحمل كل واحد منهم خاتماً ملكياً للتوقيع على المعاملات الرسمية الصغرى في حين تحمل المعاملات الكبرى خاتم الملك. وتشير كثرة الألواح الفخارية التي عثر عليها في قصر اللابورنث أن المركزية في المعاملات ولاسيما المالية منها كانت شديدة. كما تشير الألواح نفسها مع التصاوير الجدارية إلى أن الملك كان يحتفظ بجيش محترف يرتدي أفراده زياً خاصاً ويتسلحون بالحراب والأقواس، إضافة إلى فرقة للعربات الحربية.

وكانت أرض كريت كغيرها من أراضي حوض البحر المتوسط تصلح لزراعة الحبوب بأنواعها وغرس الكرمة والتين والزيتون. ونتيجة لنجاح زراعة الكرمة والزيتون في كريت اشتهر الكريتيون إضافة إلى كونهم مزارعين ممتازين بكونهم خزّافين مهروا في صنع الدنان والجرار لتعبئة النبيذ والزيت.

ولاشك أن احتياجات الجيش المحلي من الأسلحة أدت إلى ازدهار صناعة السلاح وهو أمر تثبته أنواع الأسلحة التي عثر عليها في الحفائر وتطورها في العصور المينوية الثلاثة. وقد أدى استتباب الأمن ووفرة الحرفيين والحاجة إلى بعض مواد الصناعات المطلوبة وغير المتوافرة محلياً إلى استيراد هذه المواد من الأقطار المجاورة ولاسيّما من سورية ومصر وآسيا الصغرى. وهذا ما أدى إلى دفع عملية التجارة الخارجية والداخلية لتلبية الحاجات العامة والخاصة للكريتيين.

ويختلف المؤرخون في أسباب انهيار الحضارة الكريتية نحو سنة 1400ق.م، فيعزوها بعضهم إلى حدوث هزة أرضية أشعلت حريقاً في القصر الملكي ويدللون على هذا بحدوث دمار في عدد من مدن كريت في المدة نفسها، في حين يعزوها آخرون إلى حدوث غزوة باكرة قامت بها القبائل الدورية التي كانت قد اكتسحت بلاد الإغريق القارية في مرحلة لاحقة نحو سنة 1100ق.م.

موكيناي

وهي أول حضارة إيجية أنجبتها بلاد اليونان القارية. كشفها هاينريخ شليمان سنة 1876. وتقع موكيناي في إقليم أرغوليس Argolis جنوب شرقي بلاد اليونان المعاصرة. وتشير الدلائل الأثرية إلى استيطان باكر للمدينة يعود إلى عصر البرونز. وفي نحو سنة 1700ق.م أقيمت، على موقع المدينة، أول مملكة، ويعد أتريوس Atreos، الذي أحيطت أسرته بلعنات الآلهة، أول ملوكها المشهورين. ومن أسرته انحدر آغاممنون Agamemnon الذي قاد حملة الآخيين المشهورة على طروادة.

وقد عرفت بلاد اليونان القارية إلى جانب موكيناي عدداً من الممالك الموكينية أشهرها مملكة «يولكوي» في تسالية ومملكة «طيبة» في بيئوتية ومملكة أثينة في أتيكا ومملكة «بولوس» في ميسينية. ويفصل كل مملكة عن الأخرى واد أو جبل. وقد فرضت هذه المقومات الطبيعية على الممالك عزلة لم يكن بالإمكان التغلب عليها إلا بالالتجاء إلى البحر.

وعلى الرغم من تشابه ملامح الحضارتين المينوية والموكينية ولاسيما في فني العمارة والخزف، الذي يعلله المؤرخون بإقامة بعض الموكينيين في كريت أيام ازدهارها فإن المظهر العام للحضارة الموكينية يبدو أكثر بساطة وبدائية وأقل رفاهية من المينوية.

وتثبت الأحافير في مناطق الموكينيين أنهم كانوا أكثر ميلاً إلى النظام والنظافة وذلك باعتماد أقنية مغطاة لجلب المياه النظيفة وصرف المستعملة.

ويبدو أن الزراعة كانت الركيزة الاقتصادية الأولى في الحضارة الموكينية، وقد عمل بها سواد الشعب، وتدل الألواح المكتشفة التي تسجل مقدار المحصول ونوعه وحصص الملك والآلهة منه على دقة في الأعمال الزراعية والحسابية. وكان القمح والشعير والزيتون أهم المحاصيل. وقد تطلب هذا النوع من النشاط الزراعي نشاطاً مماثلاً في صناعة النسيج والفخار والخزف اللازم لتعبئة الغلال. وتشير الألواح أيضاً إلى أن الثور، على قدسيته، كان إلى جانب السبائك النحاسية وحدة التعامل الرئيسة في المقايضة.

وقد أقام الموكينيون مدنهم على قمم الجبال وأحاطوها بتحصينات دفاعية. وكانت تخرج من هذه المدن شبكة من الطرق المحروسة تؤدي إلى بعض المراكز التجارية (البحرية غالباً) أو الدينية أو الصناعية المهمة. ويدل انتشار القصور والقلاع بالغرب من موكيناي وغيرها من المدن على أن النظام الاجتماعي الغالب كان إقطاعياً، وأن الملك كان يرأس مجموعة من الإقطاعيين الذين كان لكل منهم جيش خاص يرفد جيش الملك عند الحاجة.

وتشير صور الفخار والتصاوير الجدارية وشواهد القبور إلى تشابه الديانتين الموكينية والمينوية في تقديس إلهة أنثى أرفع مرتبة من بعلها أو شقيقها الذي ربطته بها أسطورة الخلق والموت والبعث التي آمنت بها كل المجتمعات الزراعية في حوض المتوسط.

وتلقي الإلياذة ضوءاً على هيئات الموكينيين والطرواديين وبعض عاداتهم وتقاليدهم، فقد كانوا يطيلون شعورهم ويربطونها بخيوط من الذهب أو الفضة.

وكان الرجال يرتدون في الصيف معاطف ذات أكمام تصل إلى الركب. وفي الشتاء أردية فضفاضة يستخدمونها في الليل أغطية لفرشهم. وكانوا يتزينون بالأقراط والعقود والشرائط والأحزمة. في حين كانت الكاهنات والنساء الثريات يرتدين معاطف طويلة مطرزة. وتذكر الإلياذة أن الموكينيين عرفوا المناضد والمقاعد لكنهم لم يعرفوا الأطباق، بل كانوا يأكلون على المائدة مباشرةً وينظفونها بعد ذلك بالإسفنج، وكانوا يأكلون لحوم الضأن والماعز والخنزير لكنهم نادراً ما كانوا يأكلون لحم البقر. وكانت هذه الحيوانات، بالإضافة إلى الإوز تربى في المزارع أو داخل البيوت. وكانوا يصطادون الغزلان والأرانب والخنازير البرية، ويستطيبون أكل المحار والأسماك والأجبان، ومزج النبيذ بالعسل، ويربون الكلاب للصيد والحراسة.

ولعل أهم ما تميز به الموكينيون من غيرهم من الإيجيين كان ميلهم الطبيعي إلى القتال، وهو أمر تثبته مجموعة الأسلحة التي عثر عليها مدفونة في قبور المحاربين، وكذلك التصاوير التي على جدران القصور وأواني الطعام والشراب والتي تحفل بمشاهد القتال. وتؤكد الألواح الكتابية أهمية الجيش في المجتمع الموكيني. ونتيجة لتماس الحضارة الموكينية مع البحر يرجح المؤرخون أنه كان للموكينيين قوة بحرية كبيرة.

 

مفيد رائف العابد

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

اليونان.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ لطفي عبد الوهاب يحيى، اليونان، مقدمة في التاريخ الحضاري (الاسكندرية 1991).

ـ مفيد رائف العابد، دراسات في تاريخ الإغريق (دمشق 1980).

- J.B.Bury, A History of Greece (London 1951).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 366
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1671
الكل : 56374951
اليوم : 47626

القاضي عبد الجبار

المزيد »