logo

logo

logo

logo

logo

المملكة المتحدة (التاريخ الحديث والمعاصر)

مملكه متحده (تاريخ حديث معاصر)

United Kingdom - Royaume-Uni

المملكة المتحدة (التاريخ الحديث والمعاصر)

 

يبـدأ تاريخ المملكة المتحدة الحديثة منذ فتح النورمانديون هذه البلاد عام 1066م، بقيادة وليم الفاتح William the Conquerer دوق نورمانديا. وقد شكلت المملكة المتحدة منذ منتصف القرن الخامس عشر دولة صغيرة ضمت جنوبي بريطانيا ووسطها وشرقيها مع إقليم ويلـز؛ لأن إيـرلنـدا لــم تكـن وقتها مـرتبطـة بهـا بـربـاط وثيـق، واسـتطـاع الملـك إدوارد الأول Edouard I أن يضم اسكتلندا ولكن لفترة قصيرة، وقد اتسعت أملاك المملكة في فرنسا مما أدى إلى نشوب حرب المئة عام (1337- 1453م) التي انتهت بهزيمة إنكلترا واشتعال ما يعرف بحرب الوردتين (1455- 1485م) بين أسرتي يورك York ولانكستر Lancaster، التي مهدت لوصول أسرة تيودور Tudor للحكم بتتويج هنري السابع ملكاً  على إنكلترا عام 1485م.

المملكة المتحدة في عهد أسرة تيودور: اتسم عهد أسرة تيودور بظهور أفكار وتطورات جديدة، بدأت بحركة النهضة الأوربية التي ألقت بظلالها على الفنون والآداب في بريطانيا، في الوقت الذي تبنى الملك هنري الثامن (1509-1547م) حركة الإصلاح الديني وعمل على استقلال الكنيسة الأنغليكانية عن سلطة الفاتيكان الروحية، كما أن ملوك آل تيودور الذين جاؤوا من بعده قاموا ببسط الأمن والنظام في البلاد فانتعشت الحركة التجارية وتوسعت، وتم إنشاء شركات كبيرة كشركة لفانت Levant للتجارة مع دول المشرق العربي، وشركة الهند الشرقية ذات الاحتكارات الواسعة والتي نافست التجار البنادقة والبرتغاليين، كما بدأت مرحلة استعمار بريطانيا للعالم الجديد، وقد مارس الإنكليز تجارة الرقيق، حيث قاموا بنقل مئات الآلاف من إفريقيا السوداء إلى جنوبي أمريكا وشماليها.

بعد وفاة هنري الثامن تولى السلطة ابنه إدوارد السادس (1547-1553) الذي ناهض الكاثوليك وأرسى دعائم البروتستنتية في إنكلترا، وقام بإصدار كتاب الصلوات العامة باللغة الإنكليزية. وتباينت سياسة الملوك والملكات الذين جاؤوا بعده، فمنهم من حاول استرجاع سلطة الفاتيكان مرة ثانية، وخاصة الملكة ماري ستوارت (Mary Stuart (1553- 1558 التي حاولت استرجاع سلطة البابا وأحرقت البروتستانت بالنار ولكنها أخفقت؛ لأن أختها الملكة اليزابيث الأولى ذات النشأة البروتستانتية - والتي تولت العرش بعدها سنة 1558- قامت بإلغاء تشريعاتها الكاثوليكية وأعادت العمل بقوانين هنري الثامن الكنسية. من جهة أخرى تميز عهد إليزابيث الذي استمر حتى 1603 بازدهار البلاد اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً، وكان اهتمامها منصباً بالمقام الأول على الجهود الاستعمارية. فاستعمرت فرجينيا في الولايات المتحدة، وسيطرت عام 1600م على الهند فكانت أكبر المستعمرات البريطانية و درة التاج البريطاني، كما شهد عهدها تنافساً شديداً مع إسبانيا، واستطاعت بريطانيا هزيمة الأسطول الإسباني «الأرمادا» Armada في بحر المانش. وفي عهدها تطورت الصناعة باستخدام تقنيات جديدة في الصناعة، وقد أسهم الدعم المالي في ازدهار السياسة الاقتصادية، إلى جانب التطور الملحوظ في الجانب الاجتماعي، ففي عام 1601 أصدرت الحكومة الإنكليزية قانون الفقراء، الذي منعت بموجبه التسول والتشرد، وألزمت المدن بدفع ضريبة لمصلحة الفقراء، وتنظيم ورشات عمل خاصة بهم، وهنا يمكن القول إن عهد الملكة إليزابيث. يعد عصر النهضة الإنكليزية.

عهد التوسع الاستعماري في ظل آل ستوارت: توفيت الملكة إليزابيث عام 1603 م من دون وريث شرعي، فانتقل الحكم إلى جيمس السادس James VI ابن ملكة اسكتلندا السابقة ماري ستوارت الذي نُصب على العرش باسم جيمس الأول ملك إنكلترا، بعد أن ضم إليه عرش اسكتلندا وإيرلندا، وبعد وفاته سنة 1624 خلفه على العرش ابنه شارل الأول Charles I، وشهدت فترة آل ستوارت تغيرات دستورية زادت من سلطة البرلمان، مما أقلق الملك الذي لم يكن راغباً في أن يحد البرلمان من صلاحياته فلجأ إلى اعتقال بعض أعضائه، الأمر الذي أدى إلى قيام حرب أهلية سنة 1642 بين أنصار البرلمان وأنصار الملكية، تم على أثرها إعدام الملك شارل الأول عام 1648م، وقد تلا هذه الحادثة سيطرة أوليفر كرومويل[ر]Oliver Cromwell  على الحكم وأعلن إنكلترا جمهورية عام 1649م بمساندة الجيش وإقامة حكم عسكري سُمي بالمحمية، واستمر هذا الحكـم حتـى عـام 1660م حيـث أعيد الحكـم الملكي لبريطانيا ثانية في عهد الملك شارل الثاني الذي ازدهرت في عصره الثقافة والفنون والحياة الاجتماعية، وشهدت إنكلترا في نهاية القرن السابع عشر نوعاً من الرخاء. وصار لها أضخم أسطول بحري في العالم (13 ألف سفينة في عام 1700م)، وغدت لندن مركز العالم التجاري وأضحى الجنيه الإسترليني أقوى عملة في أوربا.الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر: في سنة 1714 ماتت الملكة آن Anne ابنة الملك جيمس الثاني فخلفها على العرش جورج الأول George I أمير هانوفر، وبتوليه العرش انتقل الحكم في إنكلترا إلى أسرة هانوفر الألمانية وحكم الملك جورج الأول إنكلترا بين عامي 1714-1727م وخلفه جورج الثاني، وكان الملكان لا يتكلمان اللغة الإنكليزية، وتركا الحكم للبرلمان الإنكليزي. وتطور النظام السياسي في إنكلترا نحو ترسيخ النظام البرلماني، والصحافة الإنكليزية الحرة مثل صحيفتي: «التايمز» Times، و«المورنينغ بوست» Morning Post. وشهدت إنكلترا بحلول منتصف القرن الثامن عشر تحولاً كبيراً من بلد زراعي إلى بلد صناعي بقيام الثورة الصناعية، وشهدت نمواً صناعياً مطرداً جعلها من الدول الصناعية الكبرى، وتوسعت صناعات التعدين والصوف والقطن، إلاَّ أن الثورة الصناعية كانت لها تأثيرات سيئة على الطبقة العاملة من حيث شروط العمل القاسية والسكن  السيئ وانتشار البطالة، من جراء إدخال آلات حديثة في المصانع، أما التجارة فقد شهدت التجارة البريطانية وراء البحار ازدهاراً واسعاً بفضل وجود أسواق جديدة في المستعمرات البريطانية، وكانت تلك المستعمرات تمد المصانع البريطانية بالمواد الخام مثل: السكر والقطن والتبغ. وبسبب التنافس التجاري بين إنكلترا وفرنسا اندلعت حرب السنوات السبع (1756-1763) بينهما بهدف السيطرة على التجارة الدولية، وخاضت الدولتان معارك في الهند وأمريكا وكندا، انتهت بسيطرة بريطانيا على الهند وكندا. وقد أدى التجار الإنكليز، دوراً مهماً في سياسة بلادهم حتى قال وليم بيت W.Pitt رئيس وزراء بريطانيا 1784م: «إن السياسة البريطانية هي التجارة البريطانية» وشهدت إنكلترا في نهاية القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر أحداثاً سياسية وعسكرية مهمة كحروب بريطانيا ضد نابليون بونابرت[ر] التي استمرت حتى عام 1815، ومع أنها فقدت المستعمرات الأمريكية عام 1783، فإنها تمكنت من ضم أجزاءً من استراليا ونيوزلندا إلى ممتلكاتها على يد الكابتن جيمس كوك وإرسال السجناء إلى تلك البلدان عام 1788 لاستعمارها، كما حصلت إنكلترا بنتيجة مؤتمر فيينا عام 1815م على تعديل خريطة العالم لمصلحتها فحصلت على جزيرة مالطة وجزر الأيونيان، وجزيرة سيلان، ورأس الرجاء الصالح ومستعمرة الكاب، وغيانا، وترينيداد في البحر الكاريبي.

العصر الفيكتوري في القرن التاسع عشر: في حين كان المجتمع في بريطانيا يتحول بتأثير الثورة الصناعية بين سنة 1770 وسنة 1830، وكان السكان ينتقلون من الريف إلى المدينة والطبقة المتوسطة الصناعية تنمو بسرعة وتزداد ثرواتها وأعدادها، فإن الحكومة البريطانية لم يطرأ عليها تغيرات مماثلة، وبقيت من دون تغيير، فكانت حكومة أوليغارشية Oligarchy التي سيطرت على البرلمان بمجلسيه العموم واللوردات وفرضت رأيها في انتخاب الوزراء وتقرير السياسة العامة،غير أن ثمة  تغييراً طرأ على المجتمع البريطاني في عهد الملكة ڤيكتوريا Victoria فتحسن التعليم بكل مراحله، وتوسعت الامبراطورية البريطانية لتصبح الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وشهدت المواصلات تطورات مهمة وتحسنت وسائل النقل كالسيارات والقطارات، وكذلك وسائل الاتصالات كالبريد والبرق والهاتف، وظهرت في بريطانيا نظريات اقتصادية ومبادئ اشتراكية مهمة، كاشتراكية روبرت أوين Robert Owen (1771- 1858)، واتبعت الحكومات المتعاقبة أسلوب السوق الحرة والحرية الاقتصادية في العمل، ونشطت الحركة النقابية وشُرّعت قوانين للعمل، وتحسنت الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للعمال الصناعيين، وتميزت هذه الفترة بازدهار الآداب والفنون، ووضع داروين[ر] نظرية النشوء والارتقاء، وقد ساعدت الحركة الثقافية والأدبية على تطوير أساليب التعليم العلمية والتربوية وتنميتها.

أما على صعيد العلاقات الدولية فقد تميز العهد الفيكتوري بكثرة الحروب التي خاضتها الامبراطورية البريطانية مثل حرب القرم (1854- 1856) ضد روسيا التي كانت منافسة لها إزاء الامبراطورية العثمانية، وشهدت الفترة نفسها ثورة الهند عام 1857 ضد التاج البريطاني فضمت (الملكة فيكتوريا) الهند إليها وحكمتها حكماً مباشراً، كما خاضت بريطـانيـا حـربـي البـويـر في جنوبي إفريقيا، الأولى في عامي 1880-1881 والثانية في (1899- 1902) فحققت بعض الانتصارات وأنشأت على خلفيتها اتحاد جنوب إفريقيا.

عصر أُفول المملكة المتحدة في القرن العشرين: شاركت المملكة المتحدة في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، إلى جانب فرنسا وأوقفت قواتها مع القوات البلجيكية الزحف الألماني على أبواب باريس، واضطر الألمان إلى التحول إلى الدفاع، وبدأت حرب الخنادق على جبهة تمتد من بحر الشمال إلى الحدود السويسرية. وفي البحار كانت السفن البريطانية هي المسيطرة، لكن ألمانيا استخدمت الغواصات بلا حدود وتسببت في إغراق كثير من السفن البريطانية المدنية، وكان هذا من أسباب دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب. وبعد هزيمة ألمانيا أمام الجيوش البريطانية وصلت تلك الجيوش مدينة كولونيا الألمانية، ومع هذا فقد كانت للحرب آثار مدمرة على بريطانيا فقد خسرت في الحرب العالمية الأولى 947.000 قتيل و122.000جريح و 192.000 أسير.

كما شاركت المملكة المتحدة في الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) إلى جانب فرنسا، ووقفت قواتها وحيدة أمام جيش  هتلر حينما اجتاح فرنسا، ولكن تشرشل Churchill رئيس وزراء بريطانيا صمم على القتال، على الرغم من شن الألمان حرباً جوية ضد إنكلترا تمهيداً لغزوها، وتركزت الغارات على العاصمة لندن. وصمد الإنكليز بفضل الروح المعنوية العالية وصلابة تشرشل وتكبد الألمان خسائر فادحة، واستطاع الجيش البريطاني هزيمة الألمان في معركة العلمين عام 1942، وبعد دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء تغير ميزان القوى وهُزم الألمان على كل الجبهات ودخل الحلفاء الأراضي الألمانية وتم اقتسامها بين القوى المنتصرة، وخرجت بريطانيا من الحرب بخسائر ضخمة وديون كبيرة. وتركت الحربان العالميتان أثرهما على بريطانيا وامبراطوريتها الشاسعة فانحسر نفوذها العالمي باستقلال الكثير من مستعمراتها في نهاية الحرب العالمية الثانية، وتحولت الامبراطورية لتصبح رابطة الشعوب البريطانية Commonwealth، ليشهد النصف الأول من القرن العشرين بداية أفول المملكة المتحدة وظهور قوتين عظميين هما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية على الساحة الدولية.

مواقفها تجاه القضايا العالمية و علاقتها بالعالم العربي: بعد نهاية الحرب العالمية الثانية استمرت المملكة المتحدة في سياستها الأطلسية المؤيدة للسياسات الأمريكية تجاه القضايا العالمية. في عام 1949 انضمت إلى الحلف الأطلسي وعارضت مع الولايات المتحدة الانضمام إلى عدة منظمات دولية، مثل الانضمام إلى المنظمة الأوربية للطاقة الذرية، وإلى المنظمة الاقتصادية الأوربية وإلى السوق الأوربية المشتركة بهدف تخريب تلك السوق وإقامة منظمة أوربية للتبادل الحر عوضاً عنها.

أما سياستها تجاه القضايا العربية والإسلامية فقد تميزت بالعدوانية منذ بداية القرن العشرين، و لعل من أخطر الجرائم التي ارتكبتها بريطانيا بحق العرب والمسلمين هو تسليم فلسطين لغلاة الفكر الصهيوني من أجل إنشاء دولة يهودية على أرضها بعد صدور ما يعرف بوعد بلفور 1917، وقامت بتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، ومارست الدور الرئيس في قيام إسرائيل، كما أنها شاركت مع فرنسا وإسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وساندت الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية ضد العراق بعد غزوه للكويت في عام 1990، ثم إنها شنت مع الولايات المتحدة حرباً على العراق عام 2003 أدت إلى احتلاله، وما زال العراق حتى اليوم يعاني الاحتلال الذي أدى إلى فقدان الأمن، وتفكيك الكيان العراقي، ونهب الثروة النفطية، وسلب آثاره وممتلكاته.

 

 

 

                                                    محمد أحمد


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 563
الكل : 31635401
اليوم : 70256

ليدمن (سارة-)

ليدمَن (ساره ـ) (1923 ـ 2004)   ساره آديلا ليدمَن Sara Adela Lidman إحدى أبرز كتَّاب اليسار المؤثرين في السياسة والمجتمع السويديين في العقدين السادس والسابع من القرن العشرين. وُلدت في قرية ميسْنترِسك Missenträsk في مقاطعة بوثنيا الغربية Västerbotten شمالي السويد، موطن الغابات الشاسعة ومسرح أحداث العديد من رواياتها. درست في جامعة أبسالا Uppsala حيث تخرجت عام 1949، وأيضاً في جامعة أوميو Umeå.
المزيد »