logo

logo

logo

logo

logo

مدائن صالح

مداين صالح

Madaen Saleh - Madaen Saleh

مدائن صالح

 

مدائن صالح هو الاسم الذي أُطلِق منذ القرن السابع عشر على المستوطنة المذكورة في القرآن الكريم تحت اسم الحِجر، كما في مؤلفات المؤرخين والجغرافيين العرب مثل الطبري والمقدسي وياقوت الحموي وغيرهم. والموقع مشهور بكونه المكانَ الذي شهد مبعثَ النبي صالح لقومه ثمود، الذين كذَّبوه ولم يستجيبوا لدعوته لهم بالتوحيد، على الرغم من معجزة الناقة التي أظهرها لهم فـعقروها، ربما في الموضع المعروف باسم مَبْرَك الناقة. وقد اكتسبت المنطقةُ نتيجةً لذلك صفةَ المكان الملعون، حيث ورد عن النبي محمدr أنه نهى عن الشرب من مياه آبارها.

تضم مدائن صالح موقعاً قديماً بالغَ الأهمية ورد ذكره في المصادر اليونانية واللاتينية، عند استرابون Strabon وبليني الأكبر Pline وبطلميوس، تحت اسم هجرا Hegra، والمقصودَ بذلك الموقعُ النبطيُّ الموجودُ في أقصى جنوب المملكة النبطية، وهو يُعَدُّ واحداً من أعظم مواقع الأنباط أهميةً بعد عاصمتهم البتراء في الأردن وأحدَ المواقع الأثرية الرئيسة في المملكة العربية السعودية. والموقع يوجد على بعد نحو 400كم شمال غربي المدينة المنورة و20كم شمال العُلا، وهي دَدَان القديمة التي كانت عاصمةَ مملكة لحيان خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد. ومدائن صالح كانت كذلك محطةً على الخط الحديدي الحجازي، حيث لا يزال بإمكان الزائر مشاهدة قاطرة وهي في ورشة الإصلاح.

منظر عام لمدائن صالح

على خلاف البتراء، المدينة المحصورة داخل حيز من الجبال والأودية الضيقة، توجد مدائن صالح في سهل فسيح تتخلله كتلٌ صخرية متباعدة بعضها عن بعض وقليلة الارتفاع نسبياً، وقد شُكِّلَت على واجهاتها منحوتاتٌ صخرية. قام باستكشاف الموقع بدءاً من نهاية القرن التاسع عشر زوّارٌ أوربيون من أمثال تشارلز داوتي Ch. Doughty وشارل هيوبرت Ch. Hubert ويولْيُس يوْتِنغ J.Euting وغيرهم، غير أن الفضلَ في إشهار الموقع يرجع إلى أعمال اثنين من الآباء الدومينيكان العاملين في مدرسة القدس التوراتيةِ، هما أنطونان جوسن A.Jaussen ورفائيل سافينياك R.Savignac، اللذيْن ألَّفا مصنفاً ضخماً حمل عنوان «بعثة أثرية إلى الجزيرة العربية» Mission archéologique en Arabie، تم نشره بين سنتي 1909 و1914. وقد وصفا في مؤلفهما المذكور الآثار الرئيسة في الموقع والمكونة تحديداً من مدافن صخرية يناهز عددها المئة، تشبه مدافن البتراء لكنها مُصانَة على نحو أحسن، وكذلك من العديد من المشاكي المزينة المحتوية على أشكال تمثل الآلهة، نُحِتَت على هيئة نُصُب (حجارة مستطيلة)، ثم من منطقة سكنية لم تحظ سوى بقدر يسير من الوصف. هذه الآثار ترجع في معظمها إلى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، إلا أن الاستيطان قد تواصل في الموقع حتى القرن الرابع على الأقل، في حين أن بدايتَه ترقى من دون شك إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وقد ضُمَّ الموقعُ ونواحيه إلى الولاية العربية الرومانية سنة 106 أو بعد ذلك بقليل.

الديوان

واجهة أحد المدافن

مدفن من الداخل

أثبتت الاستكشافاتُ الأخيرة ـ التي أجراها في مدائن صالح فريقٌ فرنسي ـ سعودي مشترك بين سنتي 2001 و2005ـ أن الموقع القديم مكونٌ في واقع الأمر من أربع مجموعات:

- مجموعة المقابر، وتضم مئةً وأحدَ عشر أثراً جنائزياً، منها أربعة وتسعون مدفناً ذات واجهات منحوتة وسبع عشرة غرفة جنائزية بسيطة، فضلاً عما يقارب ألفي قبر عادي. والثلث تقريباً من المدافن الجنائزية مصحوبٌ بشاهد مكتوب بالخط النبطي داخل إطارٍ يعلو واجهةَ كل مدفن، وفيه يتم ذكرُ صاحب المدفن وأسماء الأشخاص الذين يحِقُّ لهم أن يُوارَوْا داخله. وهذه الشواهد الجنائزية هي بمنزلة وثائق مِلكية كانت تُحفَظُ نسخٌ منها في معبد المدينة، وهي تحتوي أيضاً عبارات تصب اللعنةَ على أولئك الذين لا يحترمون مضمونَ هذه الشواهد، وتحدد الغرامةَ الواجب عليهم أداؤُها في حال المخالفة، وجميع هذه النقوش الجنائزية مؤَرَّخةٌ في القرن الأول الميلادي.

- مجموعة الآثار الدينية، وتوجد في جبل إثلب، تلك الكتلة الصخرية الأكثر ارتفاعاً في الموقع والتي تزداد ارتفاعاً في الجزء الشمالي - الشرقي؛ وهناك يمكن اختراقُها عبر ممر ضيق شبيه بسيق البتراء، يبلغ طوله 40م، نُحِتَت عند مدخله غرفةُ الاستضافة والولائم المعروفة باسم الديوان. وقد تم في هذه الكتلة وحوالَيْها نحتُ العديد من المشاكي التي تضم أنصاباً ترمز لآلهة نبطية. بعض هذه المشاكي مصحوبٌ بنقوش تكريسية مكتوبة بالنبطية، كما يمكن مشاهدة تواقيع الأشخاص الذين حجوا لهذه الأماكن. ولم يتم العثور حتى اليوم على أي معبد في الموقع، لكن ثمة شواهد معمارية (تيجان وفقرات أعمدة) باديةٌ على السطح.

- منطقة سكنية، تشغل مساحةً تقارب 60 هكتاراً وسط الموقع، وهي بذلك بعيدةٌ عن المدافن. ولأن الأبنيةَ في هذه المنطقة شُيِّدَت باللَّبِن، فإنها محفوظة على نحو أقل بكثير مقارنة بالآثار الصخرية. والمنطقة السكنيةُ محاطةٌ بسور بُنِيَ أيضاً من اللَّبن ولازالت بقاياه ظاهرةً على السطح على نحو جيد. وقد تم استكشاف العديد من الأبنية على السطح أو بوساطة المسح الجيو- فيزيائي الذي قامت به البعثة الفرنسية - السعودية والذي أظهر بقايا مدينة قد تكون مرت بمراحل تدريجية من التطور.          

- واحة، تضم مجموعة من الأراضي الصالحة للزراعة والآثار والضِّياع التي تشغل أساساً الجزأين الشمالي والجنوبي -الغربي للموقع، هذه الواحة كانت تستفيد من مخزون مهم من المياه الجوفية التي كانت توفرها آبارٌ محفورة في الأرض فاق عددُها المئة، وهذا يعني أن الحِجْر كانت مركزا للإنتاج الزراعي.

هدفت البعثة الأثرية التي عملت في الموقع بين سنتي 2001 و 2005 إلى إنجاز وصف منظم وشامل لكل الآثار المعمارية والكتابية في الموقع، وهي تسعى إلى إبراز مدى غنى هذا الموقع، الذي لازال غيرَ معروف بما فيه الكفاية، وإثبات أنه كان مستوطنةً حقيقيةً ذات نسيج مديني منظم ومعقَّد له من الإمكانات الزراعية والمصادر المائية المهمة ما أهَّلَه ليكون محطةً رئيسة على طريق القوافل.

ليلى نعمة

 

مراجع للاستزادة: 

 

ـ عبد الرحمن الطيب الأنصاري وحسين بن علي أبو الحسن، العلا ومدائن صالح (حضارة مدينتين)، سلسلة قرى ظاهرة على طريق البخور (1) (دار القوافل، الرياض  1423هـ/2002م).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : دين
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 201
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 29621136
اليوم : 1146

المقداد بن الأسود (المقداد بن عمرو)

المقداد بن الأسود (المقداد بن عمرو) (… ـ 33هـ/ … ـ 654م)    أبو معبد، المقداد بن عمرو بن ثعلبة ابن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود البهراوي، الكندي الحضرمي، وقيل أبو عمرو. صحابيٌ من الأبطال، أول من قاتل على فرس في سبيل الله. ترجع نسـبته «الكِندي» إلى أن أباه عمرو بن ثعلبة كان حليفاً لبني كندة، فنُسـب إليهم. وتعود شهرته بابن الأسود إلى أنه كان حليفاً للأسْوَدِ بن عبد يَغُوث الزُّهريِّ في الجاهلية، فتبناه الأسود فنسب إليه، فكان يقال لـه المقداد بن الأسـود، فلمّا نزل القرآن: }ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ{ (الأحزاب 5)،  قيل: المقداد بن عمرو.

المزيد »