logo

logo

logo

logo

logo

الميكاترونيكس

ميكاترونيكس

Mechatronics -

الميكاترونيكس

 

الميكاترونيكس mechatronics هو تقانة صناعية تعتمد الاستخدام الآني والمتوافق للميكانيك والإلكترونيات والأتـمتة والمعلوميات لتصميم منتجات جديدة وتصنيعها. من المؤكد أن هذا التعريف ليس وحيداً بسبب تنوع التطبيقات والاختصاصات الداخلة في تكوين الميكاترونيكس.

تندرج تحت كلمة الميكاترونيكس ـ المستحدثة بشقيها: «ميكا» للميكانيك و«ترونيك» للإلكترونيات - تكنولوجيا واسعة الانتشار والاستخدام، وتتنوع تطبيقاتها لتشمل طيفاً عريضاً من الأجهزة البسيطة والمعقدة، من ساعات الكوارتز الرقمية إلى الميزان الإلكتروني إلى قارئات الـ DVD المنزلية إلى نظام الكبح المؤتمت ABS في السيارات. ففي ساعات الكوارتز الرقمية استعيض عن النوابض والمسننات باهتزازات الكوارتز لحساب الوقت بغاية الدقة والانتظام. وفي نظام الكبح المؤتمت ABS تقاد عملية الكبح بالمعالجات الصغرية التي تقيس السرعة والضغط المطبق على العجلة عن طريق محسَّات، يقوم النظام باستخدام هذه المعلومات لتصحيح ردود أفعال السائق عن طريق إعطاء نبضات كبح قصيرة ومتتابعة تمنع ثبات العجلات في أثناء الكبح، ومن ثمّ تمنع انزلاق السيارة وفقدان السيطرة عليها. وفي السياق ذاته تستخدم على بعض العربات مكابح التوقف المؤتمتة التي تتحكم بالضغط على العجلات لتثبيت العربة تبعاً لميلان الطريق.

الشكل (1) أمثلة عن منتجات ميكاترونية

تعبّر هذه المنتجات عن تمازج وتكامل بين التقانة الميكانيكية والتقانة الإلكترونية، وتهدف بالاستعانة بالمحسَّات إلى تزويد المنظومات الميكانيكية بحواس تمكنها من اتخاذ قرارات وتجعلها «ذكية»، فحاسة الرؤية عن طريق محسَّات الضوء، وحاسة اللمس عن طريق محسَّات الضغط، وحاسة الشم عن طريق عدّ جزيئات المادة. هذا «الذكاء» يفتح الباب أمام التطوير والإبداع الميكاتروني على الأصعدة والمستويات الصناعية والتعليمية والبحثية كافة. ولعل اليد الميكاترونية خير مثال على ذلك، إذ تقود المعالجات الصغرية أصابع هذه اليد بالاعتماد على مجسات تقيس النشاط الكيمياوي لعضلات اليد، وتسمح بإعطاء الحياة للأصابع، وتسمح تغطية هذه الأصابع بغلاف من مادة اللاتكس المماثلة للجلد بإعطائها مظهر الأصابع الحقيقية (الشكل1). ويتطلب المنتج الميكاتروني ـ سواء لدى تصميمه أم إنجازه ـ الجمع بين الميكانيك والإلكترونيات والمعلوميات، ويسمح هذا بارتقاء المنتجات نحو فاعلية ووثوقية أكبر.

لمحة تاريخية

أدخل اليابانيون مفهوم الميكاترونيكس بادئ ذي بدء في السبعينيات من القرن العشرين، وسرعان ما تبنّت الجامعات الغربية هذا التصوّر للعملية الهندسية. وقد ازداد في الآونة الأخيرة اعتماد فلسفة الميكاترونيكس في مختلف المجالات التعليمية والبحثية والصناعية، وتعددت مراكز التعليم ومخابر البحث في معظم الدول الأوربية والآسيوية والأمريكية التي عنيت بهذا الاختصاص وسبل إدخاله والإفادة منه في الصناعات الحديثة.

على الرغم من أن مختلف الجامعات والمعاهد العالمية تتفق على أن نشاط الميكاترونيكس يتمحور حول تطوير نظم ميكانيكية مؤتمتة وذكية ذات أداء ومرونة ووثوقية عالية؛ إن مكونات الاختصاص والهدف منه يختلف من بلد إلى آخر ومن جامعة إلى أخرى تبعاً للبيئة الصناعية التي تكون فيها الكليات والمعاهد، وللتطبيقات الصناعية المطلوب العمل عليها. ويتم التشديد عموماً على الذكاء في المنتجات الميكاترونية لتمييزها من المنظومات الإلكتروميكانيكية التقليدية.

المجالات الرئيسة المكونة للميكاترونيك

الشكل (2)

يعتمد اختصاص الميكاترونيكس على أربعة مجالات رئيسية تشمل كلاً من الميكانيك والإلكترونيات والتحكم والمعلوميات. هذه المجالات الأربعة وإن كانت موجودة في الهندسات التقليدية إلا أن الدمج بينها لا يمكن أن يكون اعتباطياً، كما لا يعني بحال من الأحوال تكوين مهندس قادر على استيعاب ما يستوعبه أربعة مهندسين. إنما هدف الاختصاص يكمن في إعطاء مزيج مدروس من مقررات هذه الهندسات يتوافق واحتياجات بيئة العمل المحيطة بحيث يُمكن إعداد كوادر هندسية يُسند إليها العمل عبر حدود كل المكونات المشكّلة للاختصاص، كما تكون قادرة على استعمال مزيج مناسب من التقانات التي توفر الحلول المثلى للمشكلات المطروحة. من هذا المنطلق يمكن لهذه الكوادر قيادة فرق عمل يتألف الواحد منها من مهندسين بأطياف مختلفة ومتنوعة، مختصة وعامة وتنشيطها. ويبين (الشكل2) توزيع المهام بين أقسام الاختصاص.

يُعدّ الشق الميكانيكي قاعدة الأساس التي يبنى عليها الاختصاص حيث يشمل دراسة الأجزاء الميكانيكية لأيّ منظومة من حيث التصميم والتصنيع والأداء. أما الجزء الإلكتروني فيُعنى بالتعامل مع المحسَّات والمفعلات التي تشكل الأدوات الأساسية للتحكم بأيّ منظومة قياساً وتحريكاً. ويأتي دور جزء التحكم في الاختصاص في دراسة كيفية التحكم واستقرار النظم. أخيراً يعنى الجزء المعلوماتي للاختصاص بتحصيل المعلومات ومعالجتها وبناء البرمجيات القادرة على اتخاذ الإجراءات الضرورية لعمل المنظومة.

السمات الأساسية للتأهيل الميكاتروني

أدى ازدياد الكتل الإلكترونية والمعلوماتية الداخلة في بنية الآلات وخطوط الإنتاج والتجهيزات المنزلية والطبية والعسكرية إلى جعل مهندس الميكانيك العصري لا يكتفي بتحصيل العلوم المقدمة في كليات الهندسة التقليدية، بل يندفع في تحصيل معلومات إضافية معمّقة في النظم الإلكترونية والمعلوماتية؛ الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من الجامعات في العالم وكليات الهندسة الميكانيكية على وجه الخصوص إلى معالجة الوضع بأشكال متباينة وعلى مستويات تأهيلية مختلفة. إلا أنه بالتدقيق في تجارب التأهيل في الجامعات ومراكز التعليم العالمية يتبين أنه على الرغم من تباين التجارب بين بلد وآخر وبين منطقة وأخرى، تجمع بين هذه التجارب سمات أساسية تميّز تطبيق فلسفة الميكاترونيكس على المستويين التعليمي والبحثي. من أهم السمات المشتركة للتأهيل ما يأتي:

ـ اختيار الطلاب لمتابعة اختصاص الميكاترونيكس، وذلك بوساطة امتحانات قبول نوعية خاصّة.

ـ التركيز على الجانب العملي والتطبيقي وإعطاء خبرة عملية حقيقية للطلاب، فالطريق الأفضل لتعلم تقانة ما هو تطبيقها فعلياً، ومن ثم يجب إعطاء الفرصة للطلاب لتطبيق ما تعلموه، ومن الصعب تصوّر تأهيل ميكاتروني فعّال إن لم يكن متضمناً عملاً مخبرياً جاداً.

ـ الدفع في اتجاه العمل الجماعي لتأهيل مهندسين مسؤولين قادرين على تنشيط فريق عمل متعدد التخصصات، والتدخل على جميع المستويات في منظومات إنتاجية متكاملة، وذلك عن طريق تأليف فرق عمل للعمل المخبري والمشروعات.

ـ تطوير المناهج بما يوفر التمازج بين مختلف فروع الاختصاص بمعالجة موضوعات أساسية كتصميم النظم الميكاترونية وتحليلها، إضافة إلى المشروعات المختلفة.

ـ طرح المقررات الميكانيكية والإلكترونية التقليدية ضمن رؤية تأخذ في الحسبان طبيعة الاختصاص والهدف منه، يتجلى ذلك من الأمثلة المطروحة للدراسة في الشق العملي وفي المشروعات بمعالجة مسائل علمية تطبيقية غير تلك المثالية والنظرية التي هيمنت وقتاً طويلاً على التأهيل التقليدي.

ـ تعميق التعاون الوثيق والتأثير المتبادل بين الجامعة والصناعة حيث تقوم الجامعة بتخديم مشروعات البحث والتطوير في الصناعة، وتنجز هذه المشروعات تحت إشراف مشترك من الجامعة والصناعة، في حين تؤثر الصناعة في تطوير مناهج الجامعة بما يتلاءم واحتياجاتها.

ـ المرونة العالية في اختيار المقررات وتوزيع الساعات على الكتل الأساسية للاختصاص، وذلك بما يتناسب والاحتياجات في البيئة الصناعية المحيطة. ففي بيئة تكثر فيها صناعات الطيران أو السيارات أو الصناعات العسكرية يُوجَّه تركيز كبير إلى احتياجات هذه الصناعات من حيث المقررات الميكانيكية والإلكترونية والمعلوماتية، وما يتبعها.

آفاق التطوير على المستوى المحلي والإقليمي والدولي

لفترة وجيزة مضت لم يكن تبني فلسفة الميكاترونيكس محلياً أو إقليمياً حاجة ملحّة كما هي الحال في الدول الصناعية المتقدمة؛ إلا أن التحديات المستحدثة التي يفرضها نظام العولمة والانفتاح على نظام السوق بما يضعه من قيود قاسية تتعلق بجودة المنتج وقدرته التنافسية لدخوله السوق العالمية؛ فرضت هذه التحديات واقعاً مختلفاً ومتسارعاً يستدعي حلولاً جذرية وسريعة للنهوض بالصناعات نوعاً وكيفاً. ولن يتأتى ذلك إلا بتحديث أدوات الإنتاج، وطرائق الإدارة، والتعامل مع الأسواق، وبالتطبيق الصارم لأنظمة الجودة الفعّالة في المؤسسات الصناعية.

يوفر اعتماد فلسفة الميكاترونيكس في التعليم والتأهيل تزويد القطاع الصناعي باختصاصيين مؤهلين للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة قادرين على تطبيقها والإفادة منها في مختلف المجالات الصناعية، مما يحقق للمؤسسات الصناعية المحلية الإقليمية والعالمية قفزة نوعية على طريق التطوير والجودة.

للإفادة من هذا الاختصاص لابد للمؤسسات التعليمية من تطوير مناهج تدريسية وتأهيلية ترفد الصناعة بمهندسين أكفياء، وتمكِّن خريجي الهندسات التقليدية والتقنيين من متابعة تأهيل تخصصي أو تدريبي لإكسابهم المهارات الكافية في التعامل مع التقانات الحديثة والمتطورة في جميع مراحل العمل التصميمي والتطويري والإنتاجي. هذا التطوير لابد أن يترافق مع دعم مادي وعلمي لتوفير الكوادر البشرية القادرة على وضع المناهج وتطبيقها في الجامعات، إضافة إلى تقديم الدعم المالي الكافي لتوفير التجهيزات والمخابر التعليمية الأساسية لإنجاح الاختصاص. كما أنه لا تخفى ضرورة التعاون العلمي بين المدارس والجامعات والمعاهد ذات الخبرة في هذه المجالات إقليمياً وعالمياً.

إن تطبيق الميكاترونيكس واعتماده اختصاصاً بات ضرورة تفرضها المتغيرات العالمية، وتهدف إلى تحسين العملية الإنتاجية بأدواتها وطرائقها وإدارتها وتطويرها. هذا التطبيق يجب أن يتم على نحو مدروس ومتدرج يبدأ من التعليم الجامعي والتأهيل المهني والتدريب التقني، كما يجب أن يترافق بالدعم المادي والعلمي والفني والإداري الضروري.

معاذ الحمصي

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأتمتة ـ الإلكترونيات ـ المحسَّات ـ الهندسة المعلوماتية.

 

 مراجع للاسـتزادة:

 

 - W. BOLTON, Mechatronics Electronic Control Systems in Mechanical and Electrical Engineering (Addison Wesley Longman Publishing, New York, USA, 2000).

- T. R. HSU & J. WANG, A Mechatronic Curriculum for Undergraduate Mechanical Engineering Education (Proceedings of the IEEE/ASME AIM99, Atlanta USA, 1999).

 - J. ADOLFSSON & J. KARLSEN, Mechatronics 98. Proceedings of the Mechatronics 98 (Pergamon, Skovde, Sweden, 1998).

 - G. T. TAYLOR, The Mechatronic Curriculum for the Modern Engineer. Proceedings of the Int. Conf. of Mechatronic: Designing intelligent machines (1992).


التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 248
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 577
الكل : 31287697
اليوم : 35885

كوتمان (جون سيل-)

كوتمان (جون سيل ـ) (1782 ـ 1842)   جون سيل كوتمان John Sell Cotman مصور إنكليزي ولد في نورويتش Norwich وتوفي في لندن التي جاء إليها عام 1798؛ ليعمل في دار نشر أكرمان Ackermann، فأمضى فيها عاماً واحداً، ثم انتقل للعمل عند مونرو Monro؛ وغدا بفضله رساماً مرموقاً في نادي غيرتن Girtin للرسامين بالألوان المائية، وصار من روادها المهمين. قام كوتمان برحلات عدة بين الأعوام 1800 ـ 1805 إلى بلاد الغال Galles ويوركشاير Yorkshire، ورسم في أثنائها مجموعة من الرسوم السريعة، فتوصل عبر ممارسته للرسم المستمر بالألوان المائية إلى أسلوب خاص به باستخدامه القليل من الألوان المائية وبسطها بطبقات رقيقة على سطوح شبه هندسيّة: «الجسر الكبير» Great bridge (1805) المتحف الإنكليزي.
المزيد »