logo

logo

logo

logo

logo

نواة الذرة

نواه ذره

Nucleus - Noyau

نواة الذرّة

 

تتألف ذرَّة[ر] المادة من نواة nucleus تحيط بها الإلكترونات[ر] electrons. وتصغر أبعاد النواة أربع مراتب أبعاد الذرَّة. وتضم النواة نوعين من الجسيمات: البروتونات protons والنترونات neutrons وهما متقاربان في الكتلة ولكن النترون أثقل بقليل. وللبروتون[ر] شحنة موجبة مساوية لشحنة الإلكترون السالبة، في حين أن النترون معتدل كهربائياً.

لمحة تاريخية

مع اكتشاف طومسون[ر: طومسون (جوزيف ـ)] J.Thomson الإلكترون عام 1897، لم يعد الاعتقاد بأن الذرَّات هي البنى الأساسية للمواد مقبولاً؛ إذ برز ما هو أصغر من أبسط ذرَّة معروفة آنذاك وهي ذرَّة الهدروجين؛ إذ يصغرها الإلكترون وزناً بنحو 2000 مرة. إلا أن توقع طومسون عام 1903 أن اعتدال الذرَّة كهربائياً ناجم عن توضع الإلكترونات السالبة في بنية الذرَّة الموجبة مثل توضع البذور في البرتقالة لم يكن صائباً. وعدّل رذرفورد[ر] E.Rutherford عام 1911 نموذج الذرَّة من خلال مشاهدات تجربيبة مثيرة دحضت التصورات السابقة وأرست توجهاً واضحاً حول بنية الذرَّة من نواة كثيفة صغيرة الحجم في المركز وإلكترونات في محيطها. قام رذرفورد بتصميم تجربته الشهيرة حول تبعثر الجسيمات ألفا α particles (نوى ذرة الهليوم) من شريحة رقيقة من الذهب. وكان رصد تبعثر جسيمات ألفا بزوايا كبيرة من مسار ورودها على صفيحة الذهب؛ بل حتى ارتداد بعضها من الصفيحة، (الشكل-1) لا يمكن تعليله وفق نموذج طومسون، مما حدا برذرفورد إلى استنتاج حتمية وجود مركز موجب الشحنة في الذرة يضم معظم كتلتها. إلا أن رذرفود خلص إلى أن نواة الذرَّة تضم إلكترونات، أي إن نواة ذرَّة النتروجين تضم 14 بروتوناً و7 إلكترونات (عدد فردي من الفرميونات fermions) ويحيط بها 7إلكترونات مدارية. وفي عام 1913 قام بور[ر] باختبار نموذج رذرفورد في دراسة أطياف ذرَّة الهدروجين والتحقق من صيغ ريدربرغ[ر] ممهداً للفيزياء الكمومية[ر. ميكانيك الكم] quantum physics من خلال صياغة شبه كلاسيكية لذرة الهدروجين انطلاقاً من أعمال بلانك[ر] وأينشتاين[ر].

 

الشكل (1) تجربة تبعثر الجسيمات ألفا من صفيحة الذهب كما أجراخا رذرفورد ورصد نتائجها

 

وبقي مفهوم النواة هذا سائداً حتى عام 1929عندما أثبتت دراسـات السبين النووي nuclear spin خللاً في تصور رذرفورد الأولي بوجود إلكترونات في النواة الذرية. فبما أن للبروتون والإلكترون سـبين[ر] يساوي 1/2 فإن السبين الكلي لنواة الآزوت (النتروجين) التي تحتوي حسب هذا التصور عدداً فردياً من الفرميونات (أي الجسيمات التي سبينها 1/2) (هو 21) ينبغي أن يكون 1/2 في حين أثبتت تجارب قياسه أنه 1. وكان لباولي[ر] عام 1930 دور حاسم في تفسير هذا التناقض؛ إذ اقترح وجود جسيم ثالث في النواة إلى جانب البروتون والإلكترون أسماه النترون. أعاد باولي تسمية هذا الجسيم بالنترينو (النترون الصغير) عام 1931. وكان تصور باولي أن النترينو خفيف جداً مقارنة بالإلكترون ولا شحنة كهربائية له ولا يتفاعل مع المادة كالجسيمات المشحونة، إلا أن له سبين يساوي 1/2 مما يتفق مع كون سبين نواة النتروجين مساوياً 1، كما أنه يحل مشكلة انحفاظ طاقة الذرة. وقد بُرهن تجريبياً على وجود النترينو عام 1961 من خلال دراسة الإشعاع بيتا.

إلا أن شادويك[ر] أوضح عام 1932 أن لا إلكترونات في نواة الذرة وأن النترينو المقترح من قبل باولي ليس من مكوناتها؛ وإنما يتولد فيها ويصدرعنها وفق آلية إصدار الأشعة بيتا. كل ذلك جاء انطلاقاً من اكتشافه النترون، ذلك الجسيم المعتدل كهربائياً (مثل النترينو) والذي تقارب كتلته كتلة البروتون، في أثناء دراسة قذف البريليوم بجسيمات ألفا. وفي الفترة نفسها، صاغ هايزنبرغ[ر] نموذج نواة الذرة المؤلفة من بروتونات ونترونات[ر] والتي ترتبط ببعضها بوساطة القوى النووية الشديدة التي طرح الياباني يوكاوا Yukawa نظريتها المبنية على تبادل الميزونات عام 1934 لتفسير القوى النووية القوية الفاعلة في النواة بين مكوناتها من البروتونات والنترونات والتي تدعى النكلونات necleons. وشرحت هذه النظرية صمود النواة الذرية في بنية مستقرة على الرغم من التنافر الكهربائي بين بروتوناتها المشحونة. وأعقب ذلك دراسات في أشكال النوى واستقرارها بالنسبة إلى مختلف التفككات والإصدارات النووية المعروفة بألفا α وبيتا β وغاما γ.

بنية النواة

تحدد النواة هوية الذرَّة؛ إذ يشيرعدد البروتونات فيها Z إلى العدد الذرّي ويشير مجموع عددي البروتونات Z والنترونات N إلى العدد الكتلي A=Z+N. وتُعرّف النظائر[ر] isotopes بأنها النوى التي تمتلك العدد نفسه من البروتونات، في حين تُعرّف الأيزوتونات isotrons بأنها النوى التي تمتلك العدد نفسه من النترونات.

قُدرت كثافة المادة في النواة بمرتبة 1710كغ/م3 مقارنة بكثافة الماء المقدرة بـ310كغ/م3 وهي ثابتة تقريباً من أجل النوى جميعها، حيث يزن 1 مم3 من المادة النووية نحو 200 ألف طن.

وقد وجد أن النكلونات (البروتونات والنترونات) تتألف من جسيمات تدعى الكواركات quarks. وتتألف المادة المضادة[ر: الجسيمات الأولية (خصائص وتصنيف)] من ذرات تضم نوى سالبة الشحنة وإلكترونات موجبة الشحنة (بوزترونات) حيث تضم نوى الذرات في هذه الحالة بروتونات مضادة ونترونات مضادة، وهذه تتألف من كواركات مضادة.

 

الشكل (2) تطور تصور بنية النواة الذرية في العقود الثلاثة الأولي من القرن العشرين

 

 

يبين الجدول (1) مقارنة مبسطة للخصائص الرئيسة للنكلونات والإلكترونات من حيث الكتلة والشحنة والسبين والبنية الكواركية.

 

الجدول (1) مقارنة الخصائص الفيزيائية لمكونات النواة (بروتونات ونترونات) والإلكترون

 

ونظراً للأبعاد والكتل الخاصة بالنواة تُستخدم وحدات خاصة مثل الفرمي fm لتقدير الأطوال النووية ويكافئ 10-15م، (الشكل-3)، ووحدة الكتل الذرية u وتساوي 1.66×10-27 كغ لتقدير الكتل النووية.

 

الشكل (3) سلم أطوال مكونات النواة الذرية مقارنة بالذرَّة

 

 

استقرار النواة وإشعاعاتها

تقوم النترونات في النواة بدور مهم في تحديد استقرارها أو عدمه، إذ يسهم عدد قليل أو كثير منها في عدم استقرار النواة، مما يخضعها لتفككات نووية وإصدارات للإشعاعات النووية كإصدار البوزترونات أو الأشعة بيتا (الإلكترونات). كما أن زيادة عدد البروتونات في النواة عن قيمة حرجة هي 82 يقود الى عدم استقرارها مع أرجحية لتفككها بإصدار جسيم ألفا، وذلك نظراً لتميز القوى النووية[ر: القوة الكهرطيسية] بقصر مدى التأثير، مما لا يسمح للبروتون بالتفاعل النووي مع جميع البروتونات في النوى الثقيلة. ويبين الشكل (4) الأنماط الرئيسية لتفككات النوى.

 

الشكل (4) أنماط التفككات الإشعاعية للنوى الذرية بدلالة النسبة Z/N وفق خارطة سيغري segre للنوى

 

تعرّف طاقة الارتباط binding energy في النواة بأنها الطاقة المتحررة من جرّاء تفكك النواة إلى مكوناتها النكلونية: Z بروتون وN نترون، (الشكل-5). حيث يستخدم فرق الكتلة بين النواة من جهة، ومجموع كتل مكوناتها من جهة أخرى لحساب الطاقة المحررة بالاستناد إلى علاقة أينشتاين E = Δ m.c2 حيث تكافئ واحدة الكتل الذرية u طاقة مقدارها 931.5 MeV.

BE=(Z mp+N mn- mA)c2

النواة

طاقة ارتباطها (MeV)

طاقة الارتباط النكلونية (MeV)

2D

2.226

1.113

4He

28.296

7.074

14N

104.659

7.476

40Ca

342.052

8.551

55Ma

482.070

8.765

58Fe

509.945

8.792

206Pb

1622.340

7.875

238U

1822.693

7658

الجدول (2) بعض قيم طاقات ارتباط النوى ونكلوناتها

 
 

الشكل (5) طاقة الارتباط في نواة الهليوم

 
 

حيث تشير BE إلى طاقة الارتباط وmp إلى كتلة البروتون وmn إلى كتلة النترون وmA إلى كتلة النواة وc إلى سرعة الضوء.

إلا أن طاقة الارتباط لا تعطي مؤشراً دقيقاً عن مدى استقرار النواة نظراً لتزايدها طرداً مع زيادة كتلة النواة ذات العدد الكتلي A. لذا يستخدم مفهوم طاقة الارتباط للنكلون BE/A، (الجدول-2)، وهي طاقة ارتباط متوسطة BEavg وتدل بصورة أفضل على مدى استقرار النواة، وتُعدّ نواة الحديد Fe الأكثر استقراراً ذات طاقة ارتباط نكلونية تقارب8.8 MeV.

تفاعلات النوى ـ اندماجها وانشطارها

تهدف التفاعلات بين النوى إلى دراسة خصائص مستويات الطاقة للنوى أو آليات التفاعل فيما بينها. فعندما تُجبَر نواتان صغيرتان على الاقتراب من بعضهما متخطيتين قوى التنافر الكهربائي بينهما فإنه من الممكن أن تدمجهما القوى النووية. وتتطلب عملية اندماج نواتين درجات حرارة عالية جداً أو كثافات نووية كبيرة. وتتحرر عن هذا الاندماج كمية كبيرة من الطاقة نظراً لكون طاقة الارتباط النكلونية تتزايد مع زيادة العدد الكتلي A وصولاً إلى نواة الحديد Fe (الشكل-6). ويمكن أن تكون عملية الاندماج النووي[ر] غير متحكم بها مثلما يحصل في الشمس من اندماج البروتونات لتشكيل الهليوم He، الشكل (7-أ) أو متحكم بها، ويميز في هذه الحالة بين نوعين: لأغراض مدنية مثل توليد الطاقة في المفاعلات الاندماجية الحرارية thermonuclear، أو لأغراض عسكرية فيما يعرف بالقنبلة الهدروجينية[ر. القنبلة النووية] حيث تدمج نوى الهدروجين لتشكيل التريتيوم أو الهليوم.

الشكل (6) مخطط علاقة طاقة طاقة الارتباط النكلونية بالعدد الكتلي للنوى

 

ويلاحظ أيضاً بالنسبة إلى النوى الأثقل من الحديد Fe أن طاقة الارتباط النكلونية تتناقص مع زيادة العدد الكتلي، الجدول (2)، ومن ثمّ يمكن توليد طاقة في حال شطر نواة ثقيلة إلى نواتين أخف منها. ويرافق شطرَ النوى إصدارُ جسيمات نووية مختلفة مثل النترونات والبروتونات والإلكترونات وغيرها. وفي حال كون النوى المنشطرة قابلة للانشطار بإحدى نواتج انشطارها نفسها كاليورانيوم[ر] U الذي ينشطر مولداً نترونات تقوم نفسها في الإسهام في انشطار اليورانيوم، الشكل (7-ب)، عندئذ يُحصل على تفاعل انشطاري متسلسل مغذٍ لنفسه يولد كمية ضخمة من الطاقة المتحررة بنتيجة الانشطارات المتعاقبة لنوى المادة المنشطرة،. وعلى غرار الطاقة الاندماجية يمكن استغلال الطاقة الانشطارية لتوليد الكهرباء في مفاعلات الطاقة النووية[ر. المفاعل النووي] عند توافر آليات للتحكم والسيطرة، أو لأغراض عسكرية كما هي الحال في القنبلة النووية[ر].

 

 

(أ)

(ب)

الشكل (7) تحرير الطاقة نتيجة:

(أ) اندماج النوى الخفيفة                (ب) انشطار النوى الثقيلة

 

 وبالنظر إلى تغيّر عدد البروتونات لدى تفكك النواة فإن هذا التفكك يقود إلى تحول عنصري مثلاً من النتروجين إلى الأكسجين. أما في حالة تغيّر عدد النترونات فإن هذا التحول يؤدي إلى تحول نظيري للعنصر نفسه.

نماذج النواة وحسابات خصائصها

تضم النوى الثقيلة مئات النكلونات (بروتونات ونترونات). وتشكل دراسات تفاعلها بعضها مع بعض أو تفسير تفككاتها التلقائية أو المحثوثة مسائل متعددة الأجسام many body problems بالغة التعقيد. ويُلجأ إلى مختلف النماذج النووية التي تسمح بإجراء حسابات تقريبية للمسائل النووية المتعلقة بالبنية والتفكك والتفاعلات.

ويذكر من هذه النماذج النووية نموذج القطرة السائلة liquid drop، والنموذج الضوئي optical، والنموذج الطبقي shell، والنموذج الجماعي collective، ونموذج البوزونات المتفاعلة IBM، ونموذج الحقل المتوسط mean field. وقد تميزت نظرية من أخرى في مجال التطبيق مثل البنية النووية (النموذج الطبقي والبوزونات المتفاعلة والحقل المتوسط) والتفكك (نموذج قطرة السائل وغاز فرمي) والتناظرات (النموذج الجماعي) والتفاعلات والتبعثرات (النموذج الضوئي).

ويفترض النموذج الطبقي للنواة أن أي نكلون منها يتحرك بتأثير الحقل النووي المتولد من بقية نكلوناتها. ويسمح حل معادلة شرودينغر بتوليد السويات الطاقية التي تصبح متداخلة عند أخذ التفاعل المداري - السبيني بالحسبان.

إن التصور الأولي بأن النوى كروية الشكل بعيد جداً عن الواقع بالنسبة إلى معظم النوى. إذ تأخذ النوى أشكالاً مشوهة تبعاً لنسبة عدد النترونات إلى البروتونات N/Z فيها. ويعتمد شكل النواة، أيضاً على الحالة السبينية لها وعلى سوية الإثارة الموجودة فيها. فمثلاً، قد تكون نواة كروية الشكل في السوية الأساسية (غير المثارة) وغير كروية في السويات المثارة كما يبين الشكل (8).

 

الشكل (8) أشكال النوى الذرية في سويتها الأساسية والسويات المثارة

 

تكون غالبية النوى الخفيفة كروية الشكل إذا تمتعت بأعداد سحرية من أي من البروتونات أو النترونات أو كليهما. والأعداد السحرية هي 2، 8، 20، 28، 50، 82، 126 وتقابل سويات نووية ممتلئة بالنكلونات بصورة مشابهة لملء السويات الإلكترونية في النموذج الطبقي الذري. وبخلاف ذلك تكون النوى غير كروية، كأن تكون مفلطحة أو متطاولة؛ لا بل قد تصادف نوى خفيفة شديدة التشوه في حال الاندفاعات الزاوية الكبيرة. وللنوى أنماط اهتزازية ودورانية توافق مستويات إثارتها.

عماد خضير

الموضوعات ذات الصلة:

الذرّة ـ السبين ـ العنصر الكيمياوي ـ النظائر.

مراجع للاستزادة:

ـ عدنان المحاسب، المدخل إلى الفيزياء النووية (جامعة دمشق، 1967).

ـ مكي الحسني، المدخل إلى الفيزياء النووية (جامعة دمشق، 1983).

- G.A.JONES, The Properties of Nuclei, 2nd edition (Oxford Science Publications 1987).

- G.B.ARFKEN et al. University Physics, Int. edition, (Academic Press, Inc 1984).

- R.LUCAS, Nuclear Shapes (Europhysics News 2001).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 108
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 790
الكل : 32133062
اليوم : 78367

ابن خرداذبه

ابن خرداذبة (عاش في القرن 3هـ/9م)   أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله ابن خرداذبة، من أوائل الجغرافيين والمؤرخين ذوي المعارف المتنوعة في بناء الحضارة العربية الإسلامية في العصر العباسي، وقد ظلَّ مرجعاً هاماً لكبار المؤلفين والكتاب من بعده، من جغرافيين ومؤرخين ورحالة ومختصين في مختلف الفنون والآداب. ولد في خراسان من أسرة فارسية زرادشتية، حديثة العهد بالإسلام والثقافة العربية، إذ كان جده خرداذبة قد أسلم على يد البرامكة، وكان لأسرته دور كبير في خدمة الدولة العباسية، مما فتح آفاقاً واسعة أمام ابن خرداذبة للارتقاء السريع وتولي المناصب الرفيعة.
المزيد »