logo

logo

logo

logo

logo

المتحف الوطني ب-دمشق

متحف وطني بدمشق

-

المتحف الوطني بدمشق

 

حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، لم يكن في سورية أي متحف، ولكن الشريحة المثقفة والواعية وعلى رأسها المرحوم محمد كرد علي كانت تطالب بتأسيس دائرة آثار أسوة بمصر، يعهد إليها المحافظة على الآثار والممتلكات الثقافية وترميمها وصيانتها ودراستها وحسن التعريف بها، والإفادة منها في التربية وتنمية الاعتزاز بالشعور القومي.

وبعد جلاء القوات العثمانية عن سورية، تأسس ديوان المعارف وكان من شعبه شعبة الآثار. وقد عهد إلى عبده كحيل بقضايا الآثار وتأسيس متحف خصصت له إحدى قاعات مبنى المدرسة العادلية في باب البريد مقابل المدرسة الظاهرية.

وعندما علمت العائلات الكريمة بنبأ هذا المتحف الوليد بادرت إلى إهدائه مما لديها من تحف وآثار وقطع قديمة فكانت نواة مجموعات المتحف. وهناك قائمة بأسماء أولئك المواطنين الكرام نشرها الأمير جعفر الحسني في كتابه «دليل المتحف» تدل على شدة حماسة المواطنين وفرحتهم بتأسيس المتحف في بلادهم. وبمناسبة تتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على سورية في 8 آذار مارس 1920، فأطلق على المتحف اسم المتحف الملكي، وعهد بإدارته إلى محمود وهبي. وكان المتحف بإدارة وإشراف مجمع اللغة العربية بدمشق، وفي عام 1928 صدر قرار يمنح المتحف الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي. والجدير بالذكر أن المسؤولين أدركوا أهمية التخصص بموضوعات الآثار والمتاحف، فأوفدوا من دمشق الأمير جعفر الحسني، ومن لبنان الأمير موريس شهاب إلى معهد اللوڤر في باريس.

واجهة قصر الحير الشرقي في حديقة المتحف

ضاقت قاعة المتحف في مبنى المدرسة العادلية بالآثار. وشعر الجميع بضرورة بناء مبنى جديد للمتحف، فتنازلت مديرية أوقاف دمشق عن أرض في المرج الأخضر، مقابل مبلغ رمزي زهيد ليبنى عليها مبنى المتحف الجديد الذي افتتح القسم الأول منه عام 1936، في المبنى الذي صار فيما بعد ثانوية جودة الهاشمي. فترك ذلك أجمل الانطباعات في نفوس الجميع، الذين أخذوا يتناقشون في الموضوعات التاريخية والحضارية.

تميز مخطط المبنى الجديد للمتحف بقابلية التوسع. وكان الجناح الذي تم بناؤه يتألف من رواقين وأربع قاعات ومكاتب وطبقة علوية. وقد أعيد فيه بناء مدفن يرحاي التدمري، والرسوم الجدارية المكتشفة في مدينة دورا أوروبوس Dura Europos الأثرية على الفرات.

وفي عام 1939، بدئ ببناء القسم الشرقي الأوسط ، وقد أعيد فيه بناء واجهة قصر الحير الغربي المكتشف في بادية الشام. وفي عام 1952 نقلت مكاتب الإدارة من الجناح الجنوبي الذي أقيم فيه معرض المكتشفات الأثرية الأول. وفي عام 1953 شيد في غرب واجهة قصر الحير جناح جديد مؤلف من ثلاث طبقات وقبو. عرضت في قاعات الطبقة الأرضية مجموعات الآثار العربية والإسلامية. وافتتح هذا الجناح رسمياً في شهر أيلول سبتمبر عام 1954. وخصصت الطبقة الأولى من هذا الجناح الجديد لمعروضات الفن الحديث. وخصصت الطبقة الثانية للمعارض الفنية المؤقتة.

ناووس روماني في حديقة المتحف

وأُحدث فرع الآثار السورية القديمة في الجناح الجنوبي الذي كان مكان معرض المكتشفات الأثرية الأول. وفي عام 1956 وضع حجر الأساس لامتداد الجناح الغربي الذي تم بناؤه عام 1961، وتضمن امتداد الرواق الأول وثلاث قاعات مزدوجة وقاعة المحاضرات التي زينت جدرانها بكسوة خشبية تزيينية لقاعة شامية من دار المرحوم جميل مردم بيك في حي الحريقة. أضف إلى ذلك المكتبة الواسعة. وفي الطبقة الأولى ثلاث قاعات لجناح الفن الحديث، وقد أضيف رواق طويل تعرض فيه مجموعات الآثار السورية القديمة. وبعد الانتهاء من تشييد أجنحة المتحف كان، لا بد من إعادة تصنيف مجموعات المتحف وعرضها بطريقة علمية وذوق فني، وقد تم ذلك كالآتي:

توسع متحف الآثار الكلاسية في الجناح الجنوبي الذي خصص للآثار المسيحية والبيزنطية. وعرض في الطبقة العلوية مجموعات الحلي والنقود الأثرية التي تعود إلى العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية. وضم إلى جناح الفن الحديث ثلاث قاعات جديدة. وخصصت الطبقة العلوية للمعارض الفنية المؤقتة.

تمثال اللات في حديقة المتحف

 

ويتميز المتحف الوطني بالآتي:

ـ غنى المتحف بآثار متنوعة تعود إلى أقدم العصور حتى العصر الحاضر.

ـ إن آثار المتحف هي من المكتشفات الأثرية في سورية.

ـ سهولة التجول في المتحف والخروج منه، وعدم وجود أدراج تتعب الزائرين.

ـ سهولة متابعة التسلسل التاريخي والحضاري، والإفادة من الشروح العلمية المختصرة.

ـ حسن الاطلاع على تاريخ سورية وحضاراتها وصلتها بالحضارات الأخرى، وذلك في فترة زمنية قصيرة.

ـ حسن عرض المجموعات بمنهج علمي وذوق فني؛ مما يجعل الزائر يتذوق جمالية المعروضات الأثرية والفنية.

ـ إعادة بناء ما تبقى من المباني الأثرية والتاريخية في المتحف الوطني بدمشق مثل:

مدفن يرحاي التدمري، والرسوم الجدارية في دورا أوروبوس، وواجهة قصر الحير الغربي، وأحد مداخل مبنى جامع يلبغا المملوكي، والقاعة الشامية من القرن الثامن عشر.

ـ حسن تهوية قاعات المتحف وأروقته وأبهائه وإضاءتها.

ـ وجود الخدمات التي تلبي متطلبات الزائر (مثل الخدمات الصحية ونظافتها، والمطبوعات والصور والتذكارات والتنزه في الحديقة ومكان الاستراحة).

ـ يلبي المتحف رغبة المختصين بمختلف ميادين المعرفة العلمية والأدبية والفنية. وغيرها من الاختصاصات المختلفة. كما يلبي رغبة المواطنين والسائحين في الاطلاع على تاريخ سورية وحضاراتها المتعاقبة وعلاقتها بالحضارات الأخرى.

ـ إقامة المعارض المؤقتة المحلية والأجنبية، كأحد نشاطات المتحف التي تلبي رغبة الزائرين من مواطنين وسائحين في الاطلاع والاجتماع بالآخرين. وتوثيق العلاقات الودية مع الدول الشقيقة والصديقة.

رأس من العاج يمثل أمير أغاريت

ـ إسهام المتحف في رفع المستوى الثقافي والعلمي والاجتماعي والفني، في أوساط المجتمع.

ـ حسن ترميم الآثار ترميماً وفق الأساليب العلمية والفنية.

اعتمد تصنيف مجموعات المتحف الوطني بدمشق على مبادئ عدة مثل:

ـ اعتماد المادة: الحجر والفخار والزجاج والخشب والمعدن والورق.

ـ اعتماد مكان الاكتشاف: ماري وأُغاريت وإيبلا.

ـ اعتماد النوع: نقود وأسلحة ومخطوطات ومنسوجات.

وهكذا فقد عرضت مجموعات المتحف الوطني بدمشق في الأقسام الآتية:

ـ قسم آثار ما قبل التاريخ: التي تعود إلى أقدم العصور حتى ظهور الكتابة البدائية المختلفة.

ـ قسم الآثار السورية القديمة: التي أبدعتها أقدم الحضارات السورية في إيبلا وماري وأغاريت وتل خويرة وغيرها.

ـ قسم الآثار السورية في العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية: من فخار وزجاج ونقود وحلى وأسلحة ومنسوجات ومنحوتات ولوحات فسيفساء ورسوم جدارية وغيرها.

أسطرلاب عربي من القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي

ـ قسم الآثار العربية والإسلامية: من فخار وخزف وزجاج ومخطوطات ومسكوكات ومنسوجات وأسلحة وحلي وغيرها.

ـ قسم الفن الحديث والمعاصر: من لوحات واقعية وانطباعية وتكعيبية وتجريدية وسريالية وغيرها من المدارس الفنية، إضافة إلى التماثيل الحديثة وروائع الفنون التطبيقية المعاصرة والطوابع البريدية والنقود التذكارية والميداليات وغيرها.

ـ حديقة المتحف: تعدُّ متحفاً في الهواء الطلق، ويعرض فيها أضخم الآثار الحجرية المختلفة، كالتوابيت الحجرية الضخمة والأنصاب وتيجان الأعمدة والأبواب البازلتية والكتابات والنقوش، ولاسيما المدونات التاريخية التي بقيت وزالت مبانيها المعمارية.

ـ مستودعات الآثار، وتعدّ بمثابة أقسام أخرى تُحفظ فيها الآثار المختلفة التي لم تجد لها مكاناً في قاعات المتحف وأبهائه وخزائنه وواجهاته.

توجد في المتحف الوطني بدمشق روائع فنية كتب عنها المختصون وتحدث عنها المثقفون وتذوق جماليتها الجميع مثل: الأدوات الحجرية التي استخدمها إنسان عصور ما قبل التاريخ، واكتشفت في كهف (اسكفتا) في يبرود وغيرها.

ـ الجمجمتان المكتشفتان في تل الرماد، قرب قطنا في محافظة ريف دمشق.

ـ الآثار المكتشفة في (ماري / تل الحريري) مثل: تمثال ربة الينبوع، وتمثال مغنية المعبد أورنينا، وتماثيل العابدين وتمثال (إيكو شماغان)، ونسر من حجر اللازورد والذهب، ومجسم بيت مستدير الشكل، والأختام الأسطوانية، والرُقم المسمارية ونصوصها المهمة.

وهناك الآثار المكتشفة في أغاريت مثل:

رقيم أبجدية أغاريت، ورأس من العاج يمثّل أميرة (أو أمير) أغاريت، وتمثال صغير من العاج يمثّل موسيقية بيديها صنجتان، وتمثال «إيل» من البرونز المزين بوريقة ذهبية، وتمثال «بعل» من البرونز، وتمثال «عنات» من البرونز، والبوق العاجي يمثّل عشتار والأسد، وسيف عليه اسم فرعون مصر «مرنفتاح» بالكتابة الهيروغليفية، وقسم من وعاء حجري يمثّل شخصاً وشجرة، ورُقم مختلفة منها رسالة بين ملك أغاريت وملك كركميش، والأختام الأسطوانية المهمة بموضوعاتها الميثولوجية وقيمتها الفنية.

من روائع الخزف الإسلامي (من الرقة)

وهناك آثار مملكة إيبلا مثل:

الحوض البازلتي المتميز بصور المعبد والرب والأشخاص الآخرين، وتمثال خشبي محروق، والعيون، والأختام الأسطوانية، وتمثال بازلتي ضخم لملك جالس وبيده كوب.

وهناك أيضاً تماثيل العابدين من تل خويرة، ومنحوتة بازلتية اكتشفت في أساس الجامع الأموي بدمشق؛ تمثّل كائناً مجنحاً له رأس إنسان وجسم أسد وجناحا نسر، من القرن الثامن قبل الميلاد. ونصب فرعوني تشير الكتابة الهيروغليفية إلى اسم رمسيس اكتشف في الكسوة في محافظة ريف دمشق. وتمثال بازلتي ضخم عليه كتابتان مسمارية وآرامية وتتضمن اسم «أدد يسعي»، وأقدم الحلي الفضية المكتشفة في «ممباقة» في حوض الفرات.

وهناك الآثار التدمرية المهمة مثل:

رأس ملك تدمر أذينة، ونصب من حجر الجير، يمثّل عشتار وتيكة يعلو رأسها تاج له شكل أسوار المدينة، ويبدو شخص يسبح ويرمز إلى نبع أفقا، ومنحوتات حِسان تدمر الأنيقات المتجملات بأجمل الحلي كالمشابك والأساور والخواتم والخلاخل، وتمثال آسبازيا زوجة حاكم أثينا، وتمثال هيجيا ابنة رب الطب اسكليبيوس Asclèpios. ونصب ميترا وتمثال نصفي من البرونز يمثّل أميرة بانياس الجنوب، وتمثال رياضي من الرخام يذكرنا بفن النحات الإغريقي بوليكليت Polyclète.

منحوتة تدمرية مكتشفة في مدفن طاعي التدمري

وهناك أجمل لوحات الفسيفساء وأهمها تمثّل:

تمجيد الأرض، وأسطورة الملك أونوماؤوس وابنته هيبوداميا والشاب بيلوس والخادم مرتيل، وسباق العربات، وأسطورة كاسيوبيا، ونهر العاصي، والعدالة والثقافة والفلسفة، وراهبان شابان، وتابوت حجري ضخم مكتشف في الرستن يمثّل قصة حرب طروادة. وتابوت آخر يمثّل ميلياغر وربة الصيد ديانا.

وهناك أجمل الحلي الذهبية وأندر النقود المعدنية، إضافة إلى أندر الزجاج القديم الفينيقي والفسيفسائي والملفيوري والمذهَّب وأقدم المرايا الزجاجية وكنز مدينة الرصافة والمنحوتات المسيحية وأيقونة البشارة بريشة الأسقف إبراهيم من صدد في محافظة حمص وتجدر الإشارة إلى المنسوجات الحريرية المكتشفة في تدمر أهم محطة على طريق الحرير العالمي.

تابوت حجري مكتشف في الرستن يمثل معركة طروادة

وهناك الآثار العربية والإسلامية مثل واجهة قصر الحير ورسومه الجدارية التي تمثّل مشهد طرب، وصيد وصورة أمامية لربة الخصب (أو كليوباترا يحيط بعنقها ثعبان)، وأجمل الزخارف الجصية الهندسية والنباتية، وأجمل وأندر الخزف والزجاج الإسلاميين، والمخطوطات مثل مخطوط الصور لعبد الرحمن الصوفي، والشاهنامه للفردوسي وديوان الشيرازي.

وهناك ضريح الأمير بلك بن بهرام بن أرتق صاحب حلب في العهد السلجوقي، وضريح رمزي لخالد بن الوليد أنشأه الظاهر بيبرس، وضريح الحافظية، وهناك المشكاة الزجاجية المزينة بالميناء جميلة الألوان. وفي قسم الفن الحديث لوحة رحلة الحج وأجمل اللوحات الفنية المعاصرة التي أبدعها الفنانون السوريون بأسلوبهم الفني مؤكدين حرصهم على مواكبة الحركة الفنية المعاصرة وإسهامهم في تطور الفن في سبيل سعادة الإنسان وتأكيد القيم الإنسانية الحق والخير والجمال.

بشير زهدي

الموضوعات ذات الصلة:

سورية ـ المتاحف.

مراجع للاستزادة:

ـ الأمير جعفر الحسني، دليل مختصر لمقتنيات دار الآثار الوطنية بدمشق (مطبعة المفيد، دمشق 1348/ 1930).

ـ بشير زهدي، المتاحف (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1988).

ـ العش، الجندي، زهدي، المتحف الوطني بدمشق ـ دليل مختصر (مطبعة دار الحياة، دمشق1969 ).

-S.Abdul hakl A.Abdul hak, Catalogue illustrè du dèpartement des antiquites grèco-romaines au musèe de Damas (Damas 1951).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 665
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 505
الكل : 31269203
اليوم : 17391

الأكدية (اللغة-)

الأَكَّديّة (اللغة ـ)   تنتمي اللغة الأَكَّدية Akkadian language إلى أسرة اللغات المسماة «الساميّة»، وتمثّل ـ بحسب التقسيم الجغرافي الشائع لها ـ المجموعة الشرقية منها. شاعت في بلاد الرافدين Mesopotamia منذ منتصف الألف الثالث ق.م، واستمر استخدامها حتى القرن الأول الميلادي. سميت بالأَكَّديّة نسبة إلى مدينة أَكَّد أو أَكّاد عاصمة أقدم مملكة ساميّة في بلاد الرافدين.
المزيد »