logo

logo

logo

logo

logo

قارصلي (وليد-)

قارصلي (وليد)

Qarisli (Walid-) - Qarisli (Walid-)

قارصلي (وليد ـ)

(1944 ـ 2006)

 

حين يصل التحدي إلى مجابهة الموت فإن اختراق أسرار الفن التشكيلي وفن الصوت تصير من أسهل ما أقدم عليه الفنان وليد قارصلي.

ولد هذا الفنان في تدمر مع أنه من عائلة دمشقية، وأمضى عمره في دمشق بكنف والدته الفنانة إقبال ناجي قارصلي[ر]، وكانت رائدة بين الفنانات، شقت طريقها الفني بنجاح، وماتت مبكرة متأثرة بسموم الألوان التي كانت تستعملها في تصويرها الزيتي.

ومع أن ابنها قد أدرك خطورة هذه السموم، إلا أنه عزم على قهرها بممارسة التصوير، معتمداً على الدروس التي تلقاها من والدته.

ولم يكن بحاجة إلى أن يتابع دراسة الفن في أكاديمية مختصة، بل اختار دراسة العلوم الإلكترونية في أكاديمية ليننغراد فحصل على درجة الماجستير، وتابع دراسته في جامعة موسكو للحصول على درجة الدكتوراه في تاريخ الفن السوري عام 1980. إضافة إلى اختصاصه الإلكتروني ـ وقد عزم على استغلاله في دراسته وفي معيشته ـ كان الفن أكثر جاذبية، مما دفعه إلى الانتساب إلى نقابة الفنون الجميلة، ثم صار عضواً في اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.

وليد قارصلي «وراء النافذة»

دخل وليد الحياة الفنية التشكيلية من بابها العريض، وفي فترة لم تتجاوز ثلاثة عقود أقام معارض خاصة لأعماله في فنَّي الحفر والتصوير الزيتي، بأسلوب تعبيري ينسجم مع أفكاره وخواطره وانطباعاته، وقد أَلِف التمتع بمشاهدة المناظر الطبيعية والمدنية ليقوم بإعادة تشكيل هذه المظاهر، ولاسيما بيوت دمشق وأحيائها، بتقنية خاصة وتلوين تعبيري يشفّ عن الواقع الصعب الذي كثيراً ما أضاف إليه أحاسيسه وعواطفه، محتفظاً بدلالات درامية كان قادراً بحدسه النافذ أن ينقلها إلى أعماله الفنية، وبهذا يصرح قائلاً: «إن البيوت والحارات والجدران بالنسبة لي هي شبه مؤنسة».

حاول وليد، كما فعل فان غوغ[ر] Van Gogh، أن يرفع الطبيعة والأشياء والبيوت والجدران إلى مستوى الانفعالات والمواقف الإنسانية، ويتابع: «وهكذا تتحول البيوت والحارات إلى بشرٍ من لحم ودم».

صحيح أن أمه كانت معلمه الأول، إلا أنه لم يقصر في اتباع دورة في الرسم والحفر في مدينة جيورجيا السوفييتية، وكان أستاذه ريفاز ياشفيلي R. Yashvilly، وهكذا تعرّف أسرار فن الغرافيك وأقام معارض قدم فيها أعماله الغرافية وحسب، إلى جانب معارض تصويرية شارك فيها في المعارض السنوية العامة وفي معارض مشتركة أو معارض خاصة، في مدينة دمشق خاصة وفي عدد من صالات العرض مثل صالة عشتار وصالة أورنينا وصالة المركز الثقافي بدمشق، كما شارك في بعض المهرجانات في اليابان وتركيا وإيران وكوبا وبلغاريا.

أصيب الفنان قارصلي بحادث مفجع سبب له الشلل النصفي وأقعده عن الحركة، وكاد الحادث يقضي عليه، ومع أنه صار مُقْعداً أسير فراشه تحيطه زوجته الروسية بالعناية والدعم، إلا أنه لم يتردد على الرغم من آلامه في ممارسة الفن وإرسال أعماله إلى المعارض.

في سريره كان يعمل على الحاسوب (الكمبيوتر) مما سهل له إنتاج أعمال غرافيكية بوساطة برامج محددة ساعدته على إخراج أفلام كرتون، وصور ساخرة (كاريكاتورية)، وملصقات ورسوم غلافات وإعلانات.

كان وليد قارصلي متعدد المواهب واسع الثقافة يتمتع بفضول معرفي وذكاء قوي وإرادة حاسمة، مما ساعده على تجاوز محنته متحدياً شلله، جاهداً للوصول إلى أفق بعيد يحقق فيه أحلامه. لقد تحدى الموت عند إصابته الفاجعية، ولم يتردد في تحدي العجز الذي أصابه وأقعده عن الحياة مع الطبيعة والناس.

كانت مواهبه في الرسم والتصوير وفي التعامل مع الكمبيوتر وسيلته للاتصال بعالم عوَّضه عن الفضاء الخارجي، ودفعه إلى امتحان ذاته ومواهبه في التشكيل كما في الموسيقى.

كان وليد قارصلي موسيقياً مرهفاً كوّن ثقافة موسيقية عالمية واسعة مارسها ببراعة، وألف فرقة موسيقية أطلق عليها اسم «النجوم الزرقاء» Blue Stars، وشارك في تقديم حفلاتها سنوات ثلاثة، وعندما كان في ليننغراد (بطرسبرغ اليوم) ألف فرقة موسيقية قدمت أعمالاً فولكلورية عن حضارات مختلفة. وكان مؤلفاً موسيقياً ألف مقطوعات لمسرحيات مختلفة للعمال والأطفال، قدمت على مسارح دمشق.

رحل وليد قارصلي بعد عقود ثلاثة من الشلل والكفاح ضد العجز والجمود. ودفن في دمشق تاركاً قصة لا تنسى من النضال بقوة الإبداع والفن.

عفيف البهنسي

 الموضوعات ذات الصلة:

 

سورية.


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 123
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 555
الكل : 31916066
اليوم : 36096

وديان (يرفانت-)

وديان (يرڤانت ـ) (1869 ـ 1926)   يرڤانت وديان Yervant Odian من أبرز الكتّاب الساخرين في الأدب الأرمني. ولد في اصطنبول في كنف عائلة مثقفة. وبسبب عمل والده اضطر إلى التنقل بين العديد من البلدان الأوربية، وتعلّم على أيدي مدرسين خصوصيين. وبعد العودة تابع دراسته في اصطنبول إلى أن هرب منها عام 1896 إلى الأراضي الأرمنية في الشرق. وعندما تعرض الأرمن إلى التهجير في عام 1915 أنقذه إتقانه اللغة الألمانية، فصار مترجماً لضابط ألماني يعمل مع الجيش العثماني، وقبيل انتهاء مهمة الضابط هاجر وديان إلى سورية. ثم عاد إلى اصطنبول في عام 1918 وعمل في الصحافة حيث بدأت موهبته الأدبية بالظهور. ونشر في الصحف الأرمنية الصادرة في بيروت عام 1924، ثم انتقل إلى مصر حيث قضى فيها آخر أيام حياته وتوفي فيها.
المزيد »