logo

logo

logo

logo

logo

النساجة

نساجه

Weaving - Tissage

النساجة

 

الحياكة weaving والنِّساجة textiling كلمتان مختلفتان، تعبّر كل منهما عن نوع مختلف من الأقمشة من حيث التكوين، وتتفقان معاً في أغلب الأحيان من حيث المظهر السطحي. وقد كان الجدْلُ الخطوة الأولى الحقيقية لنشأة صناعة الحياكة بتقاطع عدة خيوط على شكل خصل تتجه اتجاهاً واحداً، ويلتف بعضها حول بعض التفافاً يتقاطع تقاطعاً منتظماً من دون الحاجة إلى استعداد خاص لإجراء هذه العملية حيث تكوّن أسدية المنسوج ولحماته معاً، بخلاف الحال في النسج الذي هو تقاطع خيوط السدى مع خيوط اللحمة تقاطعاً منتظماً، ويتطلب تحضيرات أولية وآلة خاصة لإجراء عملية النسج هي النول. وكان النول الخطوة الأولى التي احتاجها الإنسان لتوفير لباسه، وقد تطور بتطوره الفكري والاجتماعي نحو المدنيَّة، وقطع فيها أشواطاً متعاقبة تتفق مع مقدار احتياجاته من الأقمشة لكل زمن. ومع إمعان النظر في أنواع الأنوال وتطورها منذ العصور القديمة يتبين مدى ذلك التطور الذي انطلق من مجرد إطار خشبي تجرى عليه عملية النساجة بأبسط الطرق وأقل الاستعدادات بحيث تتقاطع خيوط السدى الطولية المشدودة على الإطار مع خيوط اللحمة العرضية المتراكبة معها لتكوين ذلك المنسوج المسطح الرقيق التكوين.

لمحة تاريخية

الشكل (1)

عرف الإنسان صناعة الأقمشة منذ القدم، وتدل الكشوف الأثرية على أن المصريين القدماء عرفوا النول الخشبي منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وهناك من يقول: إن أول من صنع النول الخشبي هم الدمشقيون. وإن أقمشة البروكار والدامسكو والأغباني لم يعرفها أحد قبل دمشق. كذلك كان لبلاد الشام باع طويل في تجارة الأقمشة على طريق الحرير الذي كان يربط مختلف الحضارات في الأزمنة الغابرة.

تشكيل السطوح النسيجية:

تتنوع الطرائق والنظريات حول تشكيل السطوح المنسوجة بحيث تغطي احتياجات الإنسان ومجالات العمل المختلفة. ينتج القماش، ويشكل على النحو الآتي نظرياً:     

ـ تقاطع خيوط الطول مع خيوط العرض بزاوية قائمة (النسيج العادي).

ـ تكوين غرز أو طِعَن يدوياً أو آلياً لخيط واحد مستمر (تريكو وحياكة).

ـ ربط خيوط السدى التفافياً بعقد من خيوط صغيرة في مساحة معيّنة (سجاد).

الشكل (2)

ـ ضغط الشعيرات أو الألياف حرارياً كيميائياً بسماكات محددة (قماش غير منسوج).

ـ تشكيلات فنية ومكتسبة وواسعة وبمهارات يدوية (تشكيلات الزينة والديكور).

تكوين المنسوجات من سدى ولحمة

تتكون المنسوجات عامّة من خيوط طولية (رأسية) تسمى السدى، وأخرى عرضية أفقية تسمى اللحمات. تتقاطع خيوط السدى واللحمة بعضها مع بعض بأوضاع مختلفة بعملية النسيج وفق التركيب والتصميم المطلوبين من المنسوج.

التقسيم العام للمنسوجات

الشكل (3)

أنواع الأقمشة كثيرة ومتعددة غير أنه يمكن حصرها في ثلاثة أنواع رئيسية مستعملة تراكيب عمومية للمنسوجات، ولا يمكن الخروج عنها مهما اختلفت أنواع الأقمشة ما عدا أنواع التريكو وأشغال الإبرة، وهذه الأنواع الثلاثة هي:

ـ المنسوجات العادية: وهي التي تتقاطع فيها خيوط السدى واللحمة بزوايا قائمة أو بمعنى آخر: إن كل خيط من الأسدية يتقاطع عمودياً مع خيوط اللحمة كما هو مبين في (الشكل1) الذي يوضح طريقة تركيب النسيج المعتاد لامتداد خيوط السدى بتوازي بعضها مع بعض، وتمرّ خيوط اللحمة فوق كل منها أو تحته.  

ـ المنسوجات ذات السطوح الوبرية: وفيها تظهر خيوط بارزة على سطحي القماش أو سطح القماش، وذلك بإضافة خيوط زائدة من السدى على خيوط التراكيب الأصلية وتكون الوبرة غير مقطوعة أو مقطوعة، مثل الأقمشة القطنية (الشكل2).

ـ منسوجات الشبيكة: وهي التي يتكون سداها من خيوط ثابتة وأخرى متحركة تلتف يميناً ويساراً متقاطعة حول الخيوط الثابتة تاركة فراغاً (ثقوباً) هي من ميزات أقمشة الشبيكة (الشكل3). ويمكن استعمال نوعين أو أكثر من هذه التراكيب في قماش واحد.

أما أكثر أنواع الأنسجة شيوعاً فهي:

الشكل (4) نول نسيج يوناني من القرن الخامس قبل الميلاد

الشكل (5)

الشكل (6)

الشكل (7)

الشكل (8)

1ـ النسيج السادة: وهو أهم تراكيب المنسوجات لكثرة استعماله، وبدراسته تسهل معرفة باقي أنواع المنسوجات الأخرى. ولصنع أبسط أنواع الأقمشة نحتاج إلى أربعة خيوط اثنين للسدى(عموديين) واثنين للحمة (أفقيين)، وبتطبيق التعريف السابق على هذه الخيوط الأربعة بحيث تتداخل بزوايا قائمة نحصل على ما نسميه النسيج السادة. ويتم ذلك بمرور خيط اللحمة الأول (الحدفة الأولى) فوق خيط السدى الأول وتحت خيط السدى الثاني بترتيب متبادل، ثم مرور خيط اللحمة الثاني (الحدفة الثانية) عكس اللحمة الأولى.

2ـ المِبْرَد: يطلق هذا الاسم على أنواع من الأنسجة أو الأقمشة تختلف في المظهر والتركيب عن النسيج السادة لوجود خطوط مائلة إلى اليمين أو إلى اليسار أو خطوط مائلة متقاربة بزوايا مختلفة الدرجات. وأقل عدد من الخيوط المستعملة للحصول على النسيج المبردي هو ثلاثة خيوط تتقاطع مع ثلاث لحمات، كل منها يختلف عن الآخر في نقطة التقاطع.  

3ـ الأطلس: يستعمل الأطلس للحصول على أقمشة ذات سطح لامع، وهي تتطلب ترتيباً آخر في النسيج غير طريقة المبرد، ويتلخص بتوزيع علامات التصميم (التركيب النسيجي) وجعلها متفرقة بعضها عن بعض، وتحريك خيوط السدى بحسب الأبعاد الموضوعة. يسمى النسيج الناتج بالأطلس، وينتج نسيج الأطلس من الأنسجة المبردية ذات الحركة للحمة الواحدة غير أن الفرق بين النوعين في طريقة التحضير ينحصر فيما يأتي:

أ ـ تتحرك خيوط السدى في نسيج المبرد بعضها بجانب بعض على التوالي تبعاً لترتيب وضع الخيوط على النول.

ب ـ أما في الأطلس فتتحرك خيوط السدى على ترتيب آخر يخالف ترتيب وضع الخيوط على النول.

مراحل تطور إنتاج النسيج:

تميز التطور في إنتاج النسيج بأربع مراحل تاريخية كان للزمن والعنصر الإنساني دور حاسم فيها:

ـ المرحلة اليدوية: استمرت هذه المرحلة حقبة زمنية طويلة كان الإنسان هو الحاسم فيها. وفيها يقوم النسَّاج بإعداد المادة ويحيكها يدوياً. ومع اختراع النول اليدوي البدائي انتهت هذه المرحلة.

ـ مرحلة المكننة: تطور النول اليدوي بمرور الزمن، وازدادت بنيته و أشكاله تعقيداً وفي القرن السابع عشر تحديداً، ومع تطور الصناعة في بلدان أوربا واختراع الآلات الصناعية ـ أدخلت تحسينات كثيرة على الأنوال اليدوية، واستعيض عنها بعناصر الحركة الميكانيكية، فظهر النول الميكانيكي.

ـ مرحلة الأتمتة: تزايد الاهتمام بتحديث الآلات المختلفة وتطويرها وأتمتة أدائها، كما أدخل عليها عنصر المراقبة بهدف تحسين أدائها الذاتي، فتراجع الدور الأساسي للعنصر الإنساني إلى درجة كبيرة.

ـ المرحلة الراهنة (الأتمتة الصناعية): بلغ التحديث والتطوير مداه الأقصى في العصر الراهن، وتلاحقت الابتكارات النوعية التي أدت إلى تحسين نوعية المكنات من جهة وتجميلها من جهة ثانية، والارتقاء بمستوى أدائها ورفع إنتاجيتها بجودة عالية. وهكذا نلمس في كل يوم تحسينات نوعية وزيادة في الإنتاج، كما دخلت الحواسيب ونظم المعالجة الإلكترونية على صناعة النسيج، فغدت مؤتمتة بالكامل.

نول النسيج البدائي:  

يوضح الشكل (4) نول نسيج يونانياً قديماً كان مستعملاً في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد ويبين أن الأسدية كانت شاقولية؛ أي تربط خيوطها على عارضة أفقية، ثم تمد لتمر فوق عارضة أخرى مقابلة للأولى (سمسمة) كانت مسنداً خلفياً للأسدية، ثم تعلق في نهايات الخيوط أثقال حجرية لشدها وكان هذا النول يتألف من العناصر الأساسية الآتية:

(ا، ب) قائمتا النول، (جـ) عارضة لتثبيت القائمتين، (د) أسطوانة للف القماش

(ك) سماسم الأشتيك (عارضة تفريق الخيوط)، (م) حبل لمنع اهتزاز الأثقال

(ق) أثقال حجرية، (و، هـ) حاملا أسطوانة لف القماش

(ح) وتد لمنع دوران أسطوانة لف القماش.

وكان يعتمد هذا النول مبدأ جدل الخيوط، وذلك بلف الأشاتيك (عوارض تفريق الخيوط) حول بعضها.            

أما النول الثاني (الشكل5) فيكاد يماثل سابقه، ويعتمد مبدأ فصل الخيوط الفردية عن الخيوط الزوجية بوساطة قضبان (سماسم) ثم إدخال خيط اللحمة بين طبقتي الخيوط.

يتكون هذا النول من أسطوانتين متقابلتين مدت بينهما خيوط الأسدية. ويوضح الرسم أن الأسطوانة الخلفية موضوعة على الأرض خلف الوتدين الخاصين بها، أما الأسطوانة الأمامية فأمام الوتدين المثبتين لها في الأرض كما يوجد السيف الذي يمسك به العاملان من الطرفين وذلك لرص اللحمات إلى طرف القماش.

أما النول الذي نستعمله اليوم فقد روعي فيه إمكانية نسج أقمشة أطول من التي تنسج على الأنوال السابقة (الشكل 6). ويتكون هذا النول من أسطوانتين مركبتين على قائمين متوازيين. تلف الأسدية على الأسطوانة الأولى (ب)، ويلف المنسوج على الأسطوانة الثانية المقابلة (جـ)، والأسطوانتان متحركتان ليسهل لف الأسدية والمنسوج عليهما.

ثم زيد في هذا النول نصف درأة أدخلت في حلقاتها الخيوط الفردية لتحريكها وإيجاد الفراغ اللازم لخيط اللحمة الأول وجميع اللحمات الفردية، كما أدخلت في حلقات نصف الدرأة الثانية الخيوط الزوجية كالمعتاد، وبذلك أصبح تحريك كل مجموعة من الخيوط على حدة وتجري عملية النسيج من أسفل إلى أعلى بجذب نصف الدرأة الأولى إلى الأمام، فتتحرك معها الخيوط الفردية، ويحدث الانفراج اللازم لحفظ اللحمة الأولى، ثم يرص خيط اللحمة بالمشط (هـ)، وبذلك تنتهي الحدفة الأولى،ثم يجذب سقف الدرأة الثانية، ويمرر خيط اللحمة الثاني، وترص اللحمات التي سبقته، وهكذا.

 استخدم النساجون القدماء الأمشاط المعروفة والدف لتحريك المشط لرص اللحمات بعضها إلى بعض، كما استعملوا المدوستين لتحريك الدرأتين، والأمكاك لإدخال خيط اللحمة.

ويوضح الشكل (7) الآليات الأساسية للنول ذي المدوسة: المشط، والدرأ (حامل خيوط السدى)، والدف، والمدوستان.

الشكل (9) نول بخ الهواء

الشكل (10) نول سولزر بمقذوف معدني

الشكل (11) نول سولزر يعمل بالإبر المرنة

أما الأجزاء الثانوية فهي: المقبض وهو غطاء للمشط، والمدرج أو حامل الدف، ويثبت أفقياً على عارضة عمودية، والزرنيقة، وتشكل نقطة تعليق الدرأ، والتربيطة وهي حبال تصل المدوستين بالدرأ.

بعد استخدام المعادن في صناعة المكائن، واستخدام الطاقة في العمل الصناعي وتسخيرها لزيادة الإنتاج وتخفيض جهد اليد العاملة استبدلت بأجزاء النول الخشبي أجزاء معدنية وربطت بمصادر للطاقة الكهربائية. وغدا النول الآلي (الشكل 8) يتألف من الأجزاء الآتية:

الشكل (12)

الشكل (13)

الشكل (14)

1ـ هيكل النول: ويتكون من جدران جانبية، وعوارض وصل طولية وعرضية تستخدم لتثبيت النول وتركيب أجزاء النول عليها مثل الصدر، والمسند الخلفي، وحاملي المسند الخلفي.

2ـ أجهزة التحكم والتشغيل.

3ـ الآليات الأساسية لعملية النسيج، وهي:

ـ جهاز الرخو (جهاز انسياب الأسدية).

ـ جهاز لف القماش.

ـ جهاز تكوين النقش.

ـ المكوك وجهاز تمرير خيط اللحمة في النقش.

ـ جهاز رص خيط اللحمة إلى جسم المنسوج والحصول على القماش.

4ـ أجهزة المراقبة الأتوماتية لضمان التشغيل الطبيعي.

نول بخ الهواء: ينتج هذا النول (الشكل 9) الأقمشة الخفيفة، والمتوسطة (الناعمة والطرية)، وذلك بتشغيل خيوط اللحم الرفيعة، والمتوسطة النمر الخالية من العيوب والشوائب.

أما من حيث التراكيب النسيجية فينتج نقوشات وزخارف واسعة (خلايا النحل ـ الشبيكة ـ البيكة).

ويعمل بنظام الحاشية المقصوصة (اللينو)، وهو مزود بوحدة طرفية موصولة مع أجزاء النول كافة، وجهاز فتح نقش إلكتروني (راتير) كما يعمل بنظام الرخو والطي الإلكتروني، ويعتمد النظام الإلكتروني للضبط والمراقبة، وإمكانية اللحمة لهذا النول أربعة ألوان بوساطة مغذيات على حامل خاص، ويتم تغذية خيط اللحمة بوساطة الضخ الهوائي، ومقدار حجم الهواء لهذا النموذج من الأنوال 700 كيلو بار.  

نول سولزر بمقذوف معدني (الشكل 10): ينتج الأقمشة الثقيلة، والمتوسطة الوزن وذلك وفقاً لخيوط اللحمة السميكة، والمتوسطة، ويشغل التصاميم ذات الاختلافات المحدودة (مبارد ـ أطالس ـ سادة) مع حياكة الحاشية من الطرفين ميكانيكياً، وتتم مراقبة السدى ودرجة شدها إلكترونياً، ويحقق تعادل الدرأ أتوماتيكياً.

ويلحق بهذا النول أساساً حاسوب مبرمج يتولى الترتيب اللوني لخيوط اللحمة مع ذاكرة لنقل الترتيب وإعطاء أوامر التشغيل إلى النول (DC).

نول سولزر يعمل بالإبر المرنة: يتألف هذا النول (الشكل 11) من الأجزاء الآتية:

1ـ الجسم الأساسي للنول بما فيه آلية اللواقط.

2ـ جهاز فتح النقش من نوع جاكارد إلكتروني.

3ـ قاعدة حمل آلة الجاكارد (الشكل12).

4ـ جهاز لحفظ التصاميم وبرمجتها.

يتميز هذا النول بإنتاج أنواع مختلفة من أقمشة الستائر، والمفروشات ذات النقوش والزخارف المتعددة على اختلاف تركيبها النسجي، وتعداده في القطعة الواحدة. ويشغل الخيوط المفننة (البوكليه) وخيوط غزل الكارديه، أنواع النمر (الشكل 13).

وقد يزود هذا النول بجهاز فتح نقش من طراز خاص (الشكل 14) مع حاسوب مبرمج للرسوم والنقوش. ويعتمد النظام الكهربائي في المراقبة وعمليتي الشد والطي. وإمكانية تلوين اللحمة بأربعة ألوان وما فوق.

معتصم الحسيني

 مراجع للاستزادة:

 

ـ إبراهيم صالح وaمحمد محمد الشاعر، تراكيب منسوجات (القاهرة 1960).

ـ واسلي حبيب أميرهم ومحمد عبد المنعم مراد، غالب تراكيب أنوال (دار المعارف المصرية 1961).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 612
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 609
الكل : 31849208
اليوم : 48751

أوركانيا (أندريا دي تشونة-)

أوركانيا (أندريا دي تشونة) (… ـ 1368)   أندريا دي تشونة المعروف باسم أوركانيا Andrea di Cione, dit Orcagna  نحات ومصور إيطالي، لايُعرف شيء عن نشأته الأولى، ولكن السجلات المحفوظة في مدينة فلورنسة تشير إلى إقامته ونشاطه فيها منذ عام 1343 حتى وفاته. ورد اسمه في سجلات معلمي فنون الحجر والخشب منذ عام 1352. سُمي في عام 1355 رئيساً لأعمال بناء كنيسة «أورسان ميكيلي» Or San Michele  بفلورنسة، وبدأ عام 1358 بالعمل في خزانة القربان Tabernacle في هذه الكنيسة، كما عمل، في الوقت ذاته، في فسيفساء واجهة أورفييتو Orvieto. يبدو أوركانيا من أغرب الشخصيات الإيطالية في القرن الرابع عشر، فهو في حقل التصوير وكذلك في النحت، وأحياناً في العمارة، يمثل دوراً يكاد يكون رجعياً، إذ يتجاهل النزعات التعبيرية القوطية، كما يتجاهل الميول المتأنقة لدى فناني سيينة Sienna ويتجه نحو جيوتو[ر] Giotto يستلهم أسلوبه، كما يستلهم منحوتات أندريا بيزانو[ر] Pisano معلمه الحقيقي. وكان يحرص، في الوقت ذاته، على الثراء الزخرفي المترف الذي كان يفرضه ذوق العصر. لذلك نجد أن تخليه عن البساطة والوضوح التعبيري اللذين اتسم بهما فن القدماء، أوصله إلى قدر من الجمود في أشكاله المحصورة ضمن قوالب ثابتة لا تفلح التزيينات الغنية في إحيائها. ومع أنه لم يستخدم المبالغات الشكلية التي درج عليها أتباع أندريا بيزانو ، فقد كان مغرماً بتطعيم أعماله النحتية بقطع الرخام الملوّن والإكثار من العناصر التزيينية والأجزاء المفرغة والمثقوبة والفسيفساء، كما يلاحظ في «خزانة القربان» في كنيسة أورسان ميكيلي. وعلى أي حال، كان لأوركانيا أثر مهم في فن النحت الفلورنسي، إذ إنه أعاد للأصالة الشكلية وللنزعة الطبيعية التي أوجدها جيوتّو مكانتهما في الفكر التشكيلي التوسكاني. وهذا ينطبق على فن التصوير، فإن مايشاهد في عمله الرئيسي، «رافدة المذبح» Retable في مصلى ستروتزي Strozzi، بكنيسة سانتا ماريّا نوفيلا (فلورنسة)، من تنظيم صارم للأشكال، وتناظر في توزيع الأشخاص، وتصويرهم في أوضاع جبهية أو جانبية كاملة، وتمثيل بلاط الأرضية بشكل عمودي مطلق، وغياب العناصر المعمارية، كل ذلك يظهر نزوع أوركانيا إلى التخلي عن تمثيل الحيّز الفراغي ليركز على تشخيص مستمد من أواخر العصر الوسيط، بهدف الوصول إلى مضمون ديني سام. وكان لاتجاهه هذا تأثير في التصوير الفلورنسي لأمد بعيد. لأوركانيا أخوان، ناردو دي تشونة، وياكوبو دي تشونة، كلاهما مصور، ولكنهما لم يصلا إلى مكانته وشهرته. محمود حماد   الموضوعات ذات الصلة:   إيطالية.   مراجع للاستزادة:   - K.STEINWEG, Andrea Orcagna (Strasbourg 1929). - EMILIO LAVAGNINO, L' arte medioevale (Torino 1953).
المزيد »