logo

logo

logo

logo

logo

الهدروجين

هدروجين

Hydrogene - Hydrogène

الهدروجين

 

الهدروجين hydrogen غاز لا لون له ولا طعم ولا رائحة، رمزه الكيمياوي H وهو أبسط عنصر معروف؛ إذ تتألف نواة ذرته من بروتون وحيد، وبنيته الإلكترونية 1S1، يمكن أن يصنف ويوضع في فصيلة المعادن القلوية[ر: القلويات] لأنه يحوي إلكتروناً واحداً في طبقة التكافؤ يمكن أن يتخلى عنه، أو مع فصيلة الهالوجينات لأن له القدرة على أخذ إلكترون واحد وذلك بالمشاركة على الأغلب.

ولا يضم الهدروجين إلكتروناً آخر إلى مداره مكوِّناً مركّباً شاردياً إلا في حالة واحدة فقط، وذلك عندما يتحد مع معدن قلوي أو قلوي ترابي، لتكوّن هدريدات مثل NaH وCaH2؛ إذ تغلب على هذه المركبات الصفة الأيونية (الشاردية).

وجوده في الطبيعة

يحتل الهدروجين المرتبةَ التاسعة بين العناصر الموجودة على سطح الأرض من حيث الوفرة إذا رُتِبت العناصر تبعاً للنسبة الوزنية، أما إذا كان الترتيب تبعاً لعدد الذرات فإنه يحتل المرتبة الثالثة بعد الأكسجين والسيليكون. ومعظم هذا الهدروجين موجود على شكل ماء، ولكن قسماً كبيراً منه يوجد في النفط والمادة الحية بمختلف أنواعها. أما في الصخور فالهدروجين نادر نسبياً إلا ما وجد منه على شكل ماء تبلور مع الأملاح أو ممتصاً من قبل الغضار.

على الرغم من أن هذا العنصر عرف منذ نحو القرن الخامس عشر إلا أن العالم الإنكليزي كافنديش[ر] Cavendish هو أول من اكتشفه ودرسه دراسة علمية عام 1781؛ إذ استحضره بفعل حمض كلور الماء أو حمض الكبريت على المعادن، كما بيَّن أن الماء هو الناتج الوحيد من حرق الهدروجين في الهواء، علماً أن جيمس واط James Watt أعلن أنه هو الذي حصل على ماء من احتراق الهدروجين في الوقت نفسه الذي حصل عليه كافنديش.

أما الاسم «هدروجين» فقد أطلقه على هذا الغاز لافوازييه[ر] مبيِّناً أنه يولِّد الماء عند احتراقه.

يرافق الهدروجينَ في مركّباته جميعها النظير isotope المدعو ديتريوم deuterium؛ واسمه يعني (الثاني) باليونانية، ويرمز له بـ D بنسبة مول ديتريوم لكل 7000 مول هدروجين عادي. اكتشَف هذا النظير الأميركي أوري Urey عام 1932. تنبع أهمية هذا النظير من استعماله مهدئاً للنترونات في المفاعلات النووية، يختلف هذا النظير عن الهدروجين العادي باحتواء نواته على نترون إضافة إلى البروتون في الهدروجين العادي. وهناك نظير آخر للهدروجين يدعى التريتيوم tritium، واسمه يعني (الثالث) باليونانية ويرمز له بالحرف T. تحوي نواته نترونين إضافة إلى البروتون، وقد اصطنعه العالم ألفاريز Alvarez في جامعة كاليفورنيا بقذف الديتريوم بوساطة النترونات:

ونسبة الهدروجين الحر في جو الأرض لا تتجاوز 0.01٪ لخفّته، أما في بعض الكواكب الأخرى فإنه يعتقد بأنه المكوِّن الرئيسي لجوها، وذلك لأن جاذبيتها أقوى من جاذبية الأرض. ويعتقد أن الهدروجين - في كثير من النجوم بما فيها الشمس - هو المنبع الرئيسي للطاقة الإشعاعية التي تنتج عن اندماج ذرات الهدروجين وتكوين الهليوم[ر: الاندماج النووي].

تحضير الهدروجين

إن العامل المهم في تحضير أي عنصر في المختبر هو سهولة التحضير، أما في الصناعة فالكلفة هي العامل الرئيسي.

أولاً - في المختبر

أ - فعل الحموض الممددة على كثير من المعادن metals، مثل التوتياء والحديد والمغنزيوم والقصدير

ولا تصلح المعادن القلوية والقلوية الترابية في مثل هذه التفاعلات؛ لأنها تطلق الهدروجين بشدة تجعل من الصعب السيطرة على التفاعل. أما المعادن الأخرى مثل الفضة والذهب والزئبق والنحاس فهي لا تطلق الهدروجين بتفاعلها مع الحموض[ر: الأكسدة والإرجاع]. ولا يستعمل حمض الآزوت في هذا المجال بسبب قوته المؤكسِدة.

ب - فعل هدريدات المعادن القلوية والقلوية الترابية (ماعدا المغنزيوم) على الماء:

وقد يكون التفاعل السابق عنيفاً خصوصاً في حال استعمال البوتاسيوم والروبيديوم والسيزيوم.

جـ-  فعل بخار الماء على بعض المعادن الأخرى:

يعود ذلك إلى أن هنالك بعض المعادن التي لا تتفاعل مع الماء بصورة محسوسة على الرغم من كونها أعلى من الهدروجين في جدول الترتيب الكهرحركي للعناصر، وذلك بسبب تكون طبقة من هدروكسيد المعدن تمنع استمرار التفاعل ولكن الحرارة الآتية من البخار تجعل هذه الطبقة مسامية ليأخذ التفاعل مجراه كما هو الأمر في المغنزيوم والحديد.

د - فعل بعض المعادن الأمفوتيرية amphoteric على الأسس:

هـ - التحليل الكهربائي لبعض المحاليل المائية الممددة:

ففي التحليل الكهربائي لمحلول ممدد من حمض الكبريت أو ماءات الصوديوم حيث التفاعل الإجمالي هو الآتي:

ينطلق الهدروجين حول المهبط والأكسجين حول المصعد، وتحتاج العملية إلى طاقة كهربائية عالية نسبياً، وذلك بسبب قوة الرابطة بين الهدروجين والأكسجين في جزيء الماء.

ثانياً - صناعياً

أ - بطريقة التحليل الكهربائي في المناطق التي تكون فيها الطاقة الكهربائية رخيصة. ففي معظم معامل اصطناع النشادر[ر] الموجودة بالقرب من مساقط المياه يستحصل على الهدروجين من تحليل محاليل مائية ممددة من حمض الكبريت أو هدروكسيد الصوديوم وذلك في خلايا تحليل مصممة على أساس فصل نواتج الكاتود (المهبط) عن نواتج الأنود (المصعد). أما التفاعلان الحاصلان على المسريين فهما:

وتتشكل كميات وافرة من الهدروجين محصولاً ثانوياً عند استحصال Cl2 وNaOH بالتحليل الكهربائي لمحلول ملح الطعام.

ب - إمرار بخار الماء المسخن فوق فحم الكوك المتوهج

يدعى المزيج الغازي الناتج غاز الماءwater gas، وهو ذو قيمة صناعية كبرى وقوداً[ر: غازات الوقود]. والتفاعل السابق ماص للحرارة ولهذا يجب أن يكون فحم الكوك متوهجاً حتى يندفع التفاعل نحو اليمين[ر: التوازن الكيمياوي].

وإذا كان المراد استعمال الهدروجين المستحصل من هذه العملية في أغراض كيمياوية فإنه يجب التخلص من CO، ويتم ذلك بإضافة بخار ماء جديد إلى المزيج الغازي الناتج:

وهو تفاعل ناشر للحرارة، ولذلك يفضَّل فيه استعمال درجات حرارة متوسطة والاستعانة بوسيط مثل الحديد أو النحاس لتسريعه. للتخلص من CO2 يمرَّر المزيج الناتج في وسط قلوي، أو يضغط ويبرَّد فينحل هذا الغاز عندئذ في الماء.

جـ - من مصافي النفط (البترول) أو من الغاز الطبيعي

يرافق عمليات التكسير المختلفة للحصول على الغازولين تشكل كميات كبيرة من الهدروجين. وتعدّ هذه الطريقة المصدر الرئيسي للحصول على الهدروجين في الوقت الحاضر. أما في المناطق التي يوجد فيها الغاز الطبيعي بكميات كبيرة فيمكن الحصول على كميات ضخمة من الهدروجين بالحرق الجزئي للميتان:

الخواص الفيزيائية للهدروجين

الكتلة الذرية النسبية 1.008، طاقة التأين 13.6 إلكترون فولط، الألفة الإلكترونية 72 كيلو جول مول-1، صيغته الجزيئية H2، نقطة الانصهار -259 ْس، ونقطة الغليان -253 ْس؛ مما يدل على أن قوى فان درفالس التي تربط بين جزيئاته ضعيفة جداً، الكتلة الحجمية في الشروط النظامية 0.09كيلوغرام/المتر المكعب، طاقة الرابطة H–H تساوي 436 كيلوجول، طول الرابطة H–H يساوي 74 بيكومتر. ينحل من الهدروجين في الشروط العادية 19.2سم3 في لتر من الماء، وهو أخف الغازات على الإطلاق، فهو أخف من الهواء بأربع عشرة مرّة، ولهذا فإن المناطيد تملأ به. بيد أن قابليته للاشتعال أدت إلى تفضيل الهليوم عليه[ر. الغازات الخاملة].

الخواص الكيمياوية للهدروجين

كهرسلبية الهدروجين 2.1، فهي وسط بين العناصر الكهرسلبية التي تميل إلى ضم إلكترونات إضافية وبين العناصر الكهرجابية التي تميل إلى التخلي عن بعض إلكتروناتها. ولهذا السبب فإن الهدروجين يرتبط في معظم مركّباته برابطة مشتركة مع العناصر الأخرى.

أ - اتحاده مع الأكسجين: مزيج الأكسجين والهدروجين مستقر عند درجة الحرارة العادية، ولكن زيادة الحرارة - مثل حصول شرارة مثلاً أو إشعال عود ثقاب - يؤدي إلى اتحادهما الذي ينشر نحو 58 كيلو حريرة/مول. فإذا وجد المزيج في مكان محصور أدى ذلك إلى حصول انفجار بسبب ارتفاع ضغط البخار الناتج في ذلك المكان. ويحصل الانفجار مهما كانت نسبة الهدروجين إلى الأكسجين في المزيج؛ وذلك بسبب كمية الحرارة الضخمة الناتجة، ولكن الانفجار يكون أشد كلما كانت النسبة بين حجم الهدروجين إلى الأكسجين أقرب إلى 2.

ب - مع الكبريت: تنقص حدة التفاعل بين الهدروجين وعناصر الفصيلة VIA بالانتقال من أعلى الفصيلة إلى أسفلها، ولذلك فإن الاتحاد مع الكبريت بطيء:

ولا يمكن دفع التفاعل نحو اليمين بالتسخين لأن التفاعل ناشر للحرارة، ولذلك فإن استحضار كبريتيد الهدروجين بهذه الطريقة غير عملي بتاتاً، ويستعاض عن ذلك بفعل الحموض المعدنية على كبريتيدات المعادن.

جـ - مع الهالوجينات: حدة تفاعل الهدروجين مع الفلور شديدة جداً تصل حد الانفجار حتى لو جرى التفاعل عند درجة حرارة الهدروجين السائل:

وتنتشر كمية من الحرارة قدرها 128 كيلو حريرة. وتفاعل الهدروجين مع الكلور أقل حدة؛ إذ يبقى مزيج من الهدروجين والكلور من دون تفاعل إذا لم يعرَّض للضوء أما إذا تعرض للضوء، فإنه ينفجر، ولكن ليس بشدة الاتحاد مع الفلور نفسها:

وتنتشر كمية كبيرة من الحرارة قدرها 44 كيلوحريرة.

ووجد أن وظيفة الضوء في التفاعل السابق هي تفكيك جزيئات الكلور إلى ذرات فعّالة:

التي تتفاعل مع الهدروجين مكوِّنة حمض كلور الماء. وبمعنى آخر فإن التفاعل (1) هو التفاعل الإجمالي، ويوضح التفكك السابق ميكانيكية التفاعل.

أما مع البروم فالتفاعل أقل شدة:

وتنتشر كمية حرارة قدرها 17كيلو حريرة. أما مع اليود، فالتفاعل غير كامل:

وتنتشر كمية من الحرارة قدرها 13 كيلو حريرة. وتعطي تفاعلات الهدروجين مع الهالوجينات خير مثال على تغير الفاعلية في فصيلة ما بتغير حجم ذرة العنصر.

د - مع الآزوت (النتروجين): يتحد الآزوت مع الهدروجين بصعوبة وفي شروط خاصة مكوِّناً غاز النشادر (الأمونيا)[ر: النشادر]:

ويعد هذا التفاعل أهم تفاعل للهدروجين.

هـ - مع الكربون: يتحد الهدروجين مع الكربون عند درجات الحرارة العالية معطياً الميتان:

الذي يؤلف القسم الرئيسي من الغاز الطبيعي المنطلق من الآبار البترولية. وتعود أهمية هذا الغاز إلى كمية الحرارة الكبيرة التي ينشرها باحتراقه مع الهواء أو الأكسجين:

وتنطلق كمية كبيرة من الحرارة قدرها 212 كيلو حريرة.

و - مع المعادن: يتحد الهدروجين مع معادن الفصيلة الأولى ومعادن الفصيلة الثانية (عدا المغنزيوم والبريليوم) مكوناً مركّبات بلورية ذات بنية أيونية يوجد فيها الهدروجين على شكل أيون سالب H-.

ز - مع المركّبات العضوية: يقوم الهدروجين بتفاعلات مع كثير من المركّبات العضوية، ويذكر منها:

الهدروجين الذري

ذرات الغازات التي تتألف من جزيئات ثنائية الذرة عموماً أكثر فاعلية بكثير من الجزيئات نفسها. فذرة الهدروجين H أشد فعالية من جزيء الهدروجين H2، وذرة الآزوت N أشد فاعلية من جزيء الآزوت N2.

يحضّر الهدروجين الذري من الهدروجين العادي، ولكن ذلك يتم بصعوبة بالغة، ذلك أن التفكك:

ماص للحرارة (103 كيلوحريرة/مول)، ولذلك فإنه من الضروري تسخين الهدروجين العادي إلى درجات حرارة عالية جداً كي يبدأ بالتفكك. ويُحصل على هذه الحرارة العالية بوساطة القوس الكهربائية، كما يمكن تأمين الطاقة الضرورية لهذا التفكك بالأشعة فوق البنفسجية.

يستخدم الهدروجين الذري للحصول على درجات حرارة عالية جداً وذلك باحتراقه مع الأكسجين في ما يدعى بمصباح torch الهدروجين الذري:

وتنتشر كمية كبيرة من الحرارة قدرها 303 كيلوحريرة. يمر الهدروجين الجزيئي بادئ الأمر خلال قوس كهربائية ما يؤدي إلى تفكك قسم منه يتحد مع الأكسجين في رأس المصباح.

إن الطاقة الكبيرة الضرورية لتفكك جزيء الهدروجين وكسر الرابطة المشتركة التي تربط بين ذرتيه تجعل من الهدروجين غازاً بطيء التفاعل نسبياً مع جزيئات العناصر الأخرى. وبمعنى آخر، فإن الطاقة التنشيطية للهدروجين مرتفعة جداً. وهذا هو السبب وراء استعمال المواد الوسيطة في التفاعلات التي يكون فيها الهدروجين أحد أركان التفاعل. وأفضل هذه المعادن الوسيطة معدنا النيكل والبلاتين، إذ يعتقد أن جزيء الهدروجين يتفكك إلى ذرتيه على سطح هذه المعادن، ثم يرتبط بذرات المعدن برابطة ضعيفة. وتكون النتيجة أنه يصبح أكثر فعالية وقدرة على التفاعل مع المواد الأخرى.

استعمالات الهدروجين

يستعمل الهدروجين وقوداً لمحركات الصواريخ الضخمة فقد جاء في نشرات أبحاث الفضاء الحديثة أن الهدروجين السائل يعطي، عندما يمزج مع الفلور السائل، دفعاً هائلاً للصاروخ لم يحققه أيّ وقود آخر. وجاء هذا الاستعمال نتيجة للتقدم العظيم الذي حققته الهندسة الكيمياوية منذ نهاية القرن العشرين إذ لا يخفى مدى الخطر الذي ينطوي عليه استعمال كميات ضخمة من الهدروجين السائل إذ تكفي شرارة صغيرة لإحداث انفجار هائل.

يستحصل أكثر من 20 مليون طن هدروجين سنوياً. يستخدم 50٪ منها في عمليات اصطناع النشادر، كما أن قسماً كبيراً منه يستخدم في اصطناع كيمياويات أخرى، مثال ذلك، الكحول الميتيلي CH3OH وفق التفاعل:

ويستعمل أيضاً في هدرجة الزيوت النباتية[ر: الهدرجة] للحصول على المرغرين والمنتجات البترولية وفي بعض عمليات الإرجاع، كما هي الحال في الحصول على التنغستن من WO3، ويستعمل الهدروجين في اللحام.

جرت أبحاث كثيرة في السنوات الأخيرة على الهدروجين لاستعماله وقوداً. فعندما يحترق الهدروجين في الهواء تنتج طاقة كبيرة، تتميز بنظافتها مما يحول دون تلوث البيئة. وقد صنعت سيارات يستعمل فيها الهدروجين وقوداً بدل البنزين (الوقود السائل المستعمل في السيارات). وقد يخطر على البال أن نقل الهدروجين من مكان إلى آخر خطر، إلا أنه يمكن امتصاصه بالعديد من السبائك المعدنية ما يجعل نقله آمناً.

تُعدّ الخلايا الوقودية fuel cells هدروجين - أكسجين وسائل مفيدة لتحويل طاقة التفاعل:

إلى طاقة كهربائية[ر: خلية الوقود]. يخرج الهدروجين والأكسجين معاً فوق إلكترودين (مسريين) يحفّزان التفاعل بينهما. والإلكتروليت (الكهرليت) يكون حمضاً أو أساساً حسب نمط الخلية. وميزة خلية الوقود أنها تنتج كهرباء والناتج الثانوي فيها الماء فقط. وتشتغل خلايا الوقود باستطاعة أعلى من الطرق التقليدية لتوليد الكهرباء ومردودها أكبر، مثال ذلك محطات توليد الطاقة التي تعمل على النفط. وقد استعملت خلايا وقود في المركبات الفضائية لأنها موثوقة، ومردودها عالٍ، وحجمها صغير نسبياً بالمقارنة مع الخلايا الكهربائية التقليدية. ويلخص المخطط (1) أهم استعمالات الهدروجين الصناعية.

 
 

 

هيام بيرقدار

الموضوعات ذات الصلة:

خلية الوقود ـ الماء ـ الهدرجة.

مراجع للاستزادة:

ـ موفق شخاشيرو، الكيمياء العامة واللاعضوية (المطبعة الجديدة، دمشق 1981ـ1982)

ـ فيليب ماثيوس، الكيمياء المتقدمة 2 العضوية واللاعضوية، ترجمة هيام بيرقدار (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دمشق 2000).

-   H. J. EMELEUS and A.G.SHARPE, Modern Aspects of Inorganic Chemistry, 4th edition (New Delhi UBS-1992).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 409
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1041
الكل : 39802163
اليوم : 14001

الإنكماش الإقتصادي

الانكماش الاقتصادي   الانكماش الاقتصادي deflation حالة تنتاب الحياة الاقتصادية نتيجة سياسة متعمدة في غالب الأحيان، يميل معها مستوى الطلب الكلي ليغدو أدنى من مستوى العرض الكلي، مما يؤدي إلى تقليص الفاعليات والتداول النقدي، وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض، مع ميل مستوى الأسعار والأجور نحو الانخفاض. ومهما بدا هذا التعريف شاملاً فإنه لا يستطيع أن يحيط وحده بجميع أوجه الانكماش الاقتصادي. التطور التاريخي لمفهوم الانكماش إن مصطلح الانكماش حديث في الفكر الاقتصادي مثل مصطلح التضخم[ر] inflation. ففي المرحلة التي غلبت فيها المدرسة الكلاسيكية كان الانكماش ملحوظاً بوصفه نوعاً من الكساد الاقتصادي depression يحدث مؤقتاً بانتظار عودة التوازن العفوي بين العرض والطلب، أي بين الإنتاج والاستهلاك إلى حالته الطبيعية. لكن دخول الاقتصاد الرأسمالي في أزمات دورية منذ عام 1825 لفت النظر إلى ظاهرة الانكماش بوصفها وجهاً من أوجه الأزمة يظهر قبل الركود. وكان التضخم الذي لحظه الاقتصادي جان بودان في القرن السادس عشر قد غدا في القرن التاسع عشر مألوفاً. ولما دخل التضخم في الأدبيات الاقتصادية باسمه الإنكليزي المشار إليه أعلاه باتت كلمة الانكماش تعني عملية مقصودة لإزالة التضخم. وقد ارتبط مفهوم الانكماش بمفهوم التضخم ارتباطاً وثيقاً، لكنه بقي ارتباطاً وحيد الطرف، فالانكماش حلٌ للتضخم، في حين لا يقول أحد بأن الانكماش يجد حلّه في التضخم، بل في عودة التوازن. مع ذلك، فإن الانكماش حالة يمكن أن تصيب الاقتصاد على نحو عفوي. وهو يثير في الفكر الاقتصادي جملة من التعاريف، وتكمن صعوبة تحديده في طبيعته، وفي كونه مقصوداً أو غير مقصود، وخاصة عندما يختلط بغيره من الظواهر النقدية والاقتصادية. مهما يكن الأمر فإن الحدود التي يمكن حصر الانكماش فيها هي حدود العرض والطلب الكليين: كلما نزع الأول نحو الارتفاع نسبة إلى الثاني كان هناك انكماش، والعكس في التضخم، بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى ذلك. ومن هنا أيضاً كان الانكماش أمراً ملحوظاً في كل الاقتصاديات، رأسمالية كانت أم اشتراكية أم نامية. ففي الرأسمالية يمكن ملاحظة الانكماش، مثلاً، عندما يفقد اقتصاد السوق توازنه بعد بلوغه نقطة التشغيل الكامل بمفهوم الاقتصادي البريطاني كينز Keynes، كما يظهر كلما ارتسمت علامات التشاؤم على الحياة الاقتصادية نتيجة لإلغاء احتمالات الربح أو الإفلاس في المشروعات أو تعطيل عوامل الإنتاج أو زيادة نفقات الإنتاج. وفي الاشتراكية، يظهر الانكماش نتيجة تحديد أهداف للخطط الاقتصادية قاصرة عن استخدام جميع الموارد المتاحة أو لأن الإنفاق الإجمالي أقل من قيمة الناتج الإجمالي. أما في البلدان النامية، فيمكن أن يظهر الانكماش ردة فعل للسياسة الهادفة إلى رفع معدلات التنمية بأساليب تضخمية، مما لا تستجيب له البنية الاقتصادية الاجتماعية، فيقع الانكماش. الانكماش والركود يختلف الانكماش عن الركود Stagnation في أن الأول، وإن اتسم بتباطؤ الفاعليات، ينتظم في مجموعة من التدابير التي من شأنها إعادة التوازن إلى الاقتصاد، أمّا الركود فهو حالة تجتاح الاقتصاد فيصاب بانخفاض الإنتاج فارتفاع الأسعار ووقوع البطالة، وتنعكس آثار  ذلك كله على الحياة الاجتماعية. وقد يختلط الركود بالتضخم فيدعى آنذاك بالركود التضخمي Stagflation وهي الحالة التي تسيطر اليوم على اقتصاديات الدول الرأسمالية، إذ يقترن التضخم النقدي بالركود الاقتصادي. وإذا كان الانكماش هو الوجه الآخر للتضخم، فإن الركود هو الوجه الآخر للازدهار Prospérité. لكن لابد من الإشارة أيضاً إلى أن الانكماش، حينما يستوطن، يؤدي إلى الركود ومن هنا جاءت بعض الالتباسات في تحديد كل منهما. الانكماش النقدي باستثناء بعض الحالات النادرة التي كانت تقع فيما يعرف بالاقتصاديات الاشتراكية، إذ قد يحصل الانكماش النقدي نتيجة لتقديرات خاطئة غير مقصودة تقلل من تدفقات الكتلة النقدية مقارنة بالتدفقات السلعية، فإن الانكماش النقدي لا يكون إلا نتيجة لسياسة نقدية متعمدة تهدف إلى تقليص الكتلة النقدية المتداولة وتصل إلى حدود ما يسمى بالبزل النقديPonction Monétaire. وهذا البزل النقدي هو بقصد كبح جماح الأسعار أو إجبارها على الانخفاض بفعل التقليص القسري للكتلة النقدية. وتملك الدولة، من أجل ذلك، عدداً من الوسائل أهمها: الإقلال من الإصدار النقدي وسحب بعض فئات العملة من التداول، مما يرفع، في كل الأحوال، من قيمة العملة الوطنية وينعكس في انخفاض الأسعار. وتقوم التغطية في ضبط الإصدار النقدي وتعريف الوحدة النقدية بطريقة سليمة لتحقيق الاستقرار النقدي. لذلك تحرص الدولة على هذه التغطية حرصها على استقرار أسعار عملتها. قامت بلجيكة في الأعوام 1944-1946 بعملية انكماشية جمدت بها الأوراق النقدية والحسابات المصرفية، وقد أدى ذلك إلى استقرار التداول النقدي وازدياد القوة الشرائية بنسبة نمو الإنتاج وإلى انخفاض الأسعار. وأجرت ألمانية الاتحادية عام 1948 إصلاحاً نقدياً حدّت به من التدفقات النقدية المرتفعة في اقتصادها بتحويل المارك، عملة الرايخ القديمة، إلى دوتش مارك بنسبة: 1 إلى 10. وتظهر العلاقة بين الكتلة النقدية والأسعار بسهولة: فالأسعار = الكتلة النقدية/ كتلة المنتجات أو نسبة الكتلة النقدية إلى كتلة المنتجات فإذا نقصت الكتلة النقدية (مع بقاء كتلة المنتجات على حالها) أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار. لكن هذه السياسة الانكماشية ما كان لها أن تنجح، كما يقول ريمون بار، لولا أن بلجيكة استطاعت تحقيق استيرادات مكثفة سمحت بها موجوداتها من القطع الأجنبي (الدولار)، ولولا أن ألمانية كان عليها أن ترد إلى الشعب عملته. وسياسة الانكماش النقدي تنطوي كذلك على محاذير اجتماعية وخاصة ما له علاقة بخسارة المدينين وتقوية مركز المدخرين، وقد تعجز وحدها عن تخفيض الأسعار، وقد اعتمدت أمريكة على هذه السياسة، في عهد نيكسون في السبعينات، غير أن الحدّ من السيولة النقدية في الاقتصاد الأمريكي أدى إلى تقليص الفاعليات الاقتصادية واستمرار الأسعار في الارتفاع، نتيجة للتضخم الناجم عن زيادة الكلفة، وكان لابد من مزج التدابير النقدية المقترحة من مدرسة شيكاغو بتدابير أخرى. وتفرض سياسة الانكماش النقدي نفسها على البلدان النامية، بيد أن نمط الإنتاج الغالب في معظمها يملك آلية يستحيل معها تطبيق هذه السياسة لمعالجة التضخم، وهذا النمط نفسه ينتقص من مسألة التغطية ويضرب عرض الحائط بكل المعايير لدى إصداره النقدي المكشوف، فيخلق بذلك توترات تضخمية تجبر السلطات النقدية على السير في اتجاه سياسة معاكسة. إن ارتفاع أسعار السلع الضرورية والفاخرة في هذه البلدان، نتيجة لنقص الإنتاج من جهة وانخفاض قيمة العملة الوطنية من جهة أخرى، يحدث نوعاً من الادخار الإجباري بالكف عن الاستهلاك، لكنه ادخار يذهب جله إلى الاكتناز والمضاربات والمتاجرة بالعملات الأجنبية وتهريبها فيستشري التضخم، وبذلك تتبخر رغبات «التقشف» المعلنة. الانكماش التسليفي وهو جانب من سياسة متعمدة للتسليف تلجأ إليها الدولة من أجل توجيه عملية توافر النقود وتحقيق الأهداف الاقتصادية والمالية في مرحلة التضخم. وقد تلجأ الدولة إلى تحقيق نوع من التنمية من دون تضخم، يتسم معه الاعتدال في السياسة التسليفية بنوع من الانكماش. وأهم التدابير في إطار الانكماش التسليفي هو تحكم مصرف الإصدار بالسيولة النقدية ورفع كلفتها، تارة عن طريق سعر إعادة الحسم مما يجبر مصارف الودائع على رفع معدلات الحسم لديها والإبطاء  في العمليات التي من شأنها إيجاد وسائل الدفع وطوراً عن طريق منح الاعتمادات، وذلك بالتأثير في معدلات الفائدة في السوق المالية، وسلوك سياسة السوق المفتوحة open market فتبيع الدولة ما لديها من أوراق مالية تمتص بفضلها جزءاً من الودائع لدى البنوك مقلصة بذلك السيولة لدى هذه الأخيرة مما يحدّ من قدرتها على التسليف. وتعمد السلطات المالية إلى تدابير متممة منها تطبيق نظام الاحتياطي الإلزامي على المصارف، بحملها على إيداع نسبة من الأموال لدى المصرف المركزي معادلة لجزء من ودائع الزبائن، كما تفرض رقابة صارمة على السيولة النقدية يحظر بموجبها على المصارف تجاوز الاعتمادات، التي تمنحها، للمعدل الوسطي لمجموع المبالغ المودعة لديها. ويمكن أن يضاف إلى ذلك ترشيد تخصيص الاعتمادات للمشروعات وفئاتها بطريقة اصطفائية ومنع منح هذه الاعتمادات لغايات المضاربة، وذلك بتحديد سقف الاعتماد الممنوح لبعض المشروعات. وتلجأ أكثر الدول النامية إلى سياسة الانكماش التسليفي لمجابهة التضخم ومنها سياسة سعر الفائدة، لكن هذا الإجراء الأخير محكوم عموماً بأسعار الفائدة في الأسواق المالية الدولية. كما أن أسلوب التمويل بعجز الميزانية المنتشر في هذه الدول يستدعي الاقتراض من المصارف، إذ تلجأ الدولة إلى ذلك مقابل أذونات خزينة، وغالباً من دونها، مما يعرقل سياسة الانكماش ويفتح الباب لضدها. الانكماش في الإنفاق حين يقع الخلل بين حجم الإنتاج وحجم الإنفاق من تزايد هذا الأخير واتساع «الفجوة التضخمية»، تبدو سياسة الحدّ من الإنفاق الخاص والعام (حين لا يمكن زيادة الإنتاج) مسألة لابدّ من حلها وتأخذ الصور التالية: 1ـ في مجال الإنفاق الخاص: أول ما يخطر على البال هو تخفيض الأجور. والمعلوم أنه ليس لتخفيض الأجور والرواتب مكان واسع في الفكر الاقتصادي ولا هو مستحب في مراحل التطور الاقتصادي الاجتماعي. وأمام قضية ربط الأجور بالأسعار وتثبيت الأجور، وربط الأجور بالإنتاجية اختفت نغمة تخفيض الأجور. وقد يمكن تصور سياسة لتخفيض الأجور في الاقتصاديات الاشتراكية لدى زيادة فوائض الكميات المنتجة وانخفاض الأسعار. لكن هذا يبقى غير مستحب من الناحية النفسية، ولذلك تستعيض الدولة عن تخفيض الأجور بزيادة الضرائب لامتصاص القوة الشرائية الزائدة. وتفضل الضرائب الشخصية المباشرة بشرط أن تصيب جميع الدخول المعلنة التي كان من السهل التهرب من إعلانها. أما الضرائب غير المباشرة فهي، لاشك، تحدّ من الاستهلاك لكنها تؤدي أيضاً إلى ارتفاع الأسعار نتيجة ثقل عبئها، مما يقود إلى نوع آخر من التضخم. لذا فإن استعمال الضرائب غير المباشرة لا يكون على العموم مجدياً إلا إذا أصاب سلع الاستهلاك الترفي. 2ـ في مجال الإنفاق العام: تلجأ السلطات المعنية إلى السياسة الانكماشية في الموازنة العامة وذلك بالإقلال من النفقات من جهة وتحقيق وفر في الموازنة من جهة أخرى. وهو أمر يمكن أن ينجح في الاقتصاديات الرأسمالية والاشتراكية. أما في الاقتصاد المتخلف، والمعلوم هنا أن نسبة كبيرة من النفقات العامة الحكومية تميل إلى الارتفاع، كالرواتب والنفقات الإدارية والدفاعية والأمنية، فإن الحد من الإنفاق العام مهما تصدت له السلطات المعنية لا يذهب إلا إلى الإنفاق الاستثماري. ومن هنا كانت المفارقة؛ فالتنمية تتطلب زيادة في الإنفاق الحكومي لزيادة كمية المنتجات، والانكماش (التقشف) يعمل، بتخفيض هذا الإنفاق، على تخفيض إنتاج البضائع والخدمات الضرورية. ولذا كان لابد لهذه السياسة من أن تأخذ بالحسبان صعوبة تقليص النفقات والتعويض منها بالحصول على الموارد. ولا ينجح ذلك إلا في مرحلة يتهيأ فيها الاقتصاد المتخلف للانتعاش. وفي هذه البلدان المتخلفة ذاتها لابد لسياسة الانكماش في الإنفاق من أن تعمل على امتصاص القوة الشرائية الإضافية لدى ذوي الدخول العالية لردها إلى الدولة وتوجيهها نحو الاستثمار وزيادة التراكم. كما أن استقرار الأسعار، ولو بصورة نسبية، يبقى ضماناً لنجاح سياسة الانكماش في الإنفاق، إضافة إلى أن هذا الاستقرار يساعد على الاستقرار في أسعار الصرف وتحسين مركز البلد النسبي في التصدير. ومن ثم لابد من إخضاع أسعار الخدمات للمراقبة وإلا فإن الفعاليات الخدمية تنشط على حساب الفعاليات السلعية، مما يوجد خللاً يصعب إصلاحه، يسير في خط التضخم نفسه الذي يراد كبحه. الانكماش والاقتصاد الوطني درج الفكر الاقتصادي على دق ناقوس الخطر كلما سار الاقتصاد الوطني في طريق الانكماش. لأن الانكماش يؤدي إلى الكساد وهذا يحمل أسوأ العواقب على العمالة والفعاليات الاقتصادية. ولعل أكبر سابقة من هذا النوع كانت أزمة الثلاثينات (1929 وما بعدها). هذه الأزمة وضعت الفكر الاقتصادي أمام حالة من الانكماش أدت إلى الكساد إذ اجتاحت البطالة الولايات المتحدة وبريطانية وأكثر الدول الأوربية. مما دعا الاقتصاديين إلى التفكير بالوسائل الضرورية للخروج من الأزمة. أسهمت التدابير الكينزية إسهاماً تاريخياً حين طالبت برفع الأجور الاسمية لرفع مستوى الطلب الفعال، وحين اشتركت الدولة في هذا وفي حل مشكلة البطالة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي وتمويل عناصره، ولاسيما «التمويل بعجز الموازنة» إذ تخطت الاقتصاديات الرأسمالية أزمتها بفضل هذه التدابير منتقلة إلى مرحلة من الازدهار، ثم عاشت بعدها في نشوة زيادة الإنتاج والاقتراب من مستوى التشغيل الكامل حتى بداية السبعينات حين اندلعت الأزمة الرأسمالية الجديدة، وهي أزمة جديدة اجتمع فيها التضخم والركود، فكان من الطبيعي أمام الركود التضخمي أن تفقد التدابير الكينزية مسوغاتها، وأن تعود الرأسمالية إلى تدابيرها التقليدية (الكلاسيكية) لمعالجة التضخم بتوازن الموازنة والاستقرار النقدي وضغط الإنفاق، مكتشفة أهمية السياسة الانكماشية، أي أن تعود إلى تدابيرها التقليدية لمكافحة الركود ومن أهمها الاتجاه بقوة نحو الأسواق الخارجية وجبهات القتال لتصريف فائض الإنتاج ولاسيما فائض إنتاج «العهد الصناعي الثالث» الذي تمخضت عنه الأزمة نفسها. لكن التدابير الكينزية مازالت تجد تطبيقاتها في البلدان النامية والمنطقة العربية منها خاصة في شروط لم تخطر على بال كينز، مما يؤجج التضخم ويقضي على التضامن الاجتماعي في هذه البلدان، حيث العمالة ذات دلالات مختلفة عما هي عليه في البلاد الرأسمالية، يتعايش التضخم الجامح مع البطالة بمختلف صورها، ولكن ليس لأسباب انكماشية قادت إلى الركود، بل لأسباب تضخمية سابقة، هي على العموم من منشأ نقدي (تواتر الإصدار النقدي الكينزي بلا تغطية) ولوجود آلية تخريبية في نمط الإنتاج الغالب تعطل الفعاليات السلعية لصالح النشاطات الخدمية الطفيلية. ولذلك، فإن الإمعان في استعمال «الوسائل الكينزية»، لأنها أسهل الوسائل، يؤدي إلى توفير سيولة نقدية تفوق المقدرة الإنتاجية الحقيقية، مما يطلق التضخم ولا يسمح لأي سياسة انكماشية أن تعمل بأي حال من الأحوال. في هذه البلدان النامية لابد إذن من إحداث «الانعكاس» في الآلية المذكورة للتصدي بحزم للتضخم،) لأن البطالة في عوامل الإنتاج ليست بسبب الانكماش). ويجب أن تعمل سياسة الانكماش في هذه البلدان للتأثير في العرض والطلب الكلي معاً، ويكون ذلك حتماً بالحدّ من زيادة الكتلة النقدية للحدّ من جموح الطلب الاستهلاكي، وبالعمل على ساحة العرض لزيادة إنتاج السلع الزراعية والصناعية، وفي هذا المجال يجب إعادة هيكلة الجهاز الإنتاجي واتخاذ جميع التدابير للتركيز على زيادة الإنتاجية وتنمية الموارد. وهكذا يؤمل الحصول على توازن في مستوى معين من الأسعار يتعامل مع مستوى معين من الأجور والرواتب. إن عدم أخذ السياسة الانكماشية لمسألة الطلب الكلي في الحسبان هو كعدم مراعاة «سياسات التنمية بالتضخم» لقضية العرض الكلي في البلدان النامية. ولذا فإنه من أجل الحد من القوة الشرائية المتزايدة لابد من التعرض للريوع السهلة والأرباح الناشئة عن الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتخلف ويكون ذلك بالضرائب المباشرة. إن تعقيم القوة الشرائية المتراكمة بين أيدي فئات المستغلين والمضاربين والعابثين بمؤسسات الدولة يستدعي توجيه الفوائض إلى حساب خاص في الخزينة يخصص لزيادة الإنتاج. إلى ذلك كله يضاف ما له علاقة بمراقبة الاستيراد والتصدير ومعدلات الصرف ومكافحة التهريب وتسرب العملات إلى الخارج. ولعل ذلك يستدعي بالضرورة تغيير نمط الإنتاج الغالب.    إسماعيل سفر   الموضوعات ذات الصلة:   التضخم.   مراجع للاستزادة:   ـ إسماعيل سفر، محددات السياسة الاقتصادية العربية المعاصرة (1983)، أزمة الرأسمالية وعاملها الخارجي (1984)، النظرية الكينزية والمأساة الاقتصادية ـ الاجتماعية (1985): منشورات جامعة الدولة بمونص (بلجيكة) مركز الدراسات والبحوث العربية (CERA). -PR.R. BARRE , Economie politique (PUF, Paris 1964).
المزيد »