logo

logo

logo

logo

logo

هوفمَن (ارنست تيودور اماديوس-)

هوفمن (ارنست تيودور اماديوس)

Hoffmann (Ernst Theodor Amadeus-) - Hoffmann (Ernst Theodor Amadeus-)

هوفْمَن (إرْنْست تيودور أماديوس ـ)

(1776 ـ 1822)

 

يُعدّ إرْنْست تيودور أمادِيوس هوفْمَن Ernst Theodor Amadeus Hoffmann، أو (بالاختصار المتداول إ. ت. أ. هوفمن E.T.A.Hoffmann) أحد عبقريات مرحلة أواخر الرومنسية[ر. الإبداعية] وبداية الواقعية[ر] في ألمانيا، فهو محامٍ بارع وأديب وموسيقي وفنان تشكيلي، تجلى تأثيره العميق لاحقاً في أعمال موسيه[ر] وبلزاك[ر] وبودلير[ر] وبايرون[ر] وسكوت[ر] وپو[ر] وديكنز[ر] وڤاغنر[ر] ووايلد[ر] وهوفمنستال[ر] وغيرهم، وبات شخصية فنية عالمية، إذ تُرجمت أعماله الأدبية إلى ما يزيد على الثلاثين لغة، كما قُدمت أعماله الموسيقية في الأوبرا والأوبريت والسينما والتلفزيون باقتباسات متنوعة في كثير من بلدان العالم.

ولد هوفمن في مدينة كونيغزبرغ Königsberg (كالينينغراد Kaliningrad حالياً في روسيا) التي كانت حينذاك تتبع المملكة البروسية Preussen الألمانية، وتوفي في برلين إثر إصابته بشلل تدريجي قضى عليه في شهور معدودة. ينتمي هوفمن من طرفي أسرته إلى سلالة من رجال القضاء والمحامين في بروسيا، مما جعل مستقبله محتوماً وظيفياً بهذه المهنة.

بعد طلاق الوالدين وهو في الثانية من عمره تربى هوفمن على أيدي خالاته وخاله الذي دفعه باتجاه الموسيقى والرسم بنجاح ملحوظ، على الرغم من اضطراب الجو المنزلي دائماً بسبب رعاية خالاته أُمَ الأديب زكريا ڤرنر Z.Werner المجنونة في الطابق العلوي. درس الحقوق في جامعة كونيغزبرغ (1792- 1795) وتنقل بين وظائف حكومية مختلفة إلى أن تسببت رسوماته الساخرة (الكاريكاتورية) لرؤسائه الكبار في الحكومة البروسية بنقله إلى بلدة بلوجْك Plozk النائية حيث تعرف البولونية ماريا رورَرْ M.Rohrer وتزوجها في عام 1802. وبعد سنتين من الوساطات تمكن من الانتقال إلى وارسو حيث خالط الأدباء والفنانين وأسس جمعية موسيقية نشطت بفعالية ملحوظة حتى سقوط المدينة بأيدي نابليون عام 1806، حين رفض هوفمن أداء قسم الولاء لسلطة الاحتلال، فسُرِّح من وظيفته. على أثر ذلك انتقل هوفمن وزوجته إلى برلين وعمل عازفاً ومعلماً وناقداً موسيقياً فضلاً عن إسهامه بمقالات أدبية وقصص لمجلة الأديب أوغُست كوتْسِبو A.Kotzebue «الصريح» Der Freimütige. وفي عام 1808 عُرض عليه منصب متعدد المسؤوليات في مسرح مدينة بامبرغ Bamberg فعمل قائداً لفرقته الموسيقية ومخرجاً ومصمم مناظر ومسؤول آليات العروض الموسيقية والمسرحية وملحناً في الوقت نفسه، واستمر في كتابة النقد الموسيقي، لافتاً النظر إلى أهمية أعمال معاصره بيتهوڤن وتميزها.

وفي أثناء إقامته في بامبرغ حتى عام 1813 ترسخ اسمه في الوسط الأدبي قاصاً وروائياً؛ وعلى الرغم من كل هذه الجهود كان وضعه المالي دون الوسط، مما عمَّق معاناته فردياً وعائلياً، فضلاً عن حبه من جانب واحد للمغنية ذات الستة عشر ربيعاً يوليا مارك Julia Mark، والذي أدى إلى فضيحة اجتماعية تسببت في مغادرته بامبرغ إلى لايبزيغ ودرسدن حتى نهاية الحرب النابليونية عام 1814 حين عاد إلى برلين ليصير بعد سنتين مستشاراً قانونياً ثم قاضياً في لجنة التحقيق في أحداث الشغب المادية والمعنوية التي نفذتها الجمعيات الطلابية الجامعية احتجاجاً على سياسة قمع الحريات في بروسيا والنمسا والدويلات الألمانية. وقد كان دوره في اللجنة متميزاً لمصلحة المتهمين، مما أثار عليه نقمة قائد شرطة برلين، وسبب له إزعاجاً دائماً حتى وفاته، سواء على صعيد عمله الرسمي أم في التدخل رقابياً في أعماله الأدبية.

كان هوفمن في أثناء سنواته الأخيرة الشخصية الأدبية الأبرز في برلين ولاسيما في حلقة كبار الرومنسيين مثل برنتانو[ر] وشاميسو[ر] والبارون فريدريش فوكيه F.Fouqué والممثل الشهير ديڤرينت L.Devrient. وقد اتسمت أعماله السردية (قصة، أقصوصة، رواية، حكاية، ليبرتو) باستخدام فريد وخصب للعناصر الخيالية التي تتجاوز العالم الحسي الملموس أو المدرك، ولكن في بيئة بالغة الواقعية، من حيث تفصيلاتها النابعة من ملاحظة دقيقة وعميقة للنفس البشرية في محيطها، مهما تباين الانتماء الاجتماعي؛ فتظهر في أعماله الأشباح والشياطين بأسلوب غروتِسْكي Grotesque يهدف إلى إبراز التناقضات والمفارقات الصارخة في الحياة الاجتماعية؛ إذ إن المؤلف نفسه كان يعاني ازدواجية مقلقة في حياته بين صرامة عالمه الوظيفي وجموده من جهة، وحيوية ممارسته الموسيقى والرسم (الساخر والبورتريه والتصوير) والأدب في عالمه الخاص من جهة أخرى، مما دفعه غالباً إلى الشراب كجسر بين الجهتين. ويُلاحظ في أعماله تكرار ثيمات بعينها بمعالجات متنوعة ومدهشة، مثل شخصية القرين أو الشبيه، والفصام، والمزاوجة بين عناصر خيالية - حلمية - رومنسية وعوارض مرضية نفسية بأسلوب فكاهي ساخر، يُعرّي شخصيات السلطة السياسية - العسكرية - البيروقراطية، وضيق أفق البرجوازية الصغيرة وترددها في اتخاذ القرارات الحاسمة في حياتها، وانكسار أحلام الفرد وانكماش طموحه في ظل أجواء القمع السياسي والضائقة الاقتصادية وتفشي الفساد مع ازديادٍ في ظواهر العنف في المجتمع. وفي كثير من أعماله تهيمن موضوعات motifs موسيقية، كما في «آلام كرايسلر الموسيقية» Kreislers musikalische Leiden ت(1810) و«دون جوان» Don Juan جت(1813) التي قدم فيها تحليلاً عميقاً لمثاله الموسيقي موتسارت[ر] في «دون جوڤاني» Don Giovanni.

جمع هوفمن قصصه وأقصوصاته[ر. القصة] في أربعة مجلدات نشرها في عامي 1814- 1815 بعنوان «مقطوعات خيالية بأسلوب كالّوت» Fantasiestücke in Callots Manier، مع مقدمة أبدى فيها إعجابه بالفنان التشكيلي الفرنسي كالوت. وأبرز هذه القصص «الفارس غلوك» Ritter Gluck و«خبر عن آخر مصائر الكلب بِرغانتسا» Nachricht von den neuesten Schiksalen des Hundes Berganza و«الإناء الذهبي» Der goldene Topf و«المنوِّم مغنطيسياً» Der Magnetiseur. وفي عام 1816 صدرت روايته الأولى «إكسير الشيطان» Elixiere des Teufels التي قدم فيها اعترافات القسيس مِداروس الذي ضعف أمام غواية الشيطان ولذات الحياة الحسية فخسر نفسه وفقد أناه المميزة لشخصه (بالمفهوم الرومنسي للأنا المبدعة).

صدرت مجموعة هوفمن القصصية الثانية بعنوان «مقطوعات ليلية» Nachstücke  ت(1817) وقد تبدى في قصصها المفهوم الرومنسي للجانب الليلي من الطبيعة والإنسان بمختلف تجلياته الإيجابية والجمالية والسلبية الشيطانية. وبعد سنتين صدرت المجموعة الثالثة «الإخوة سيرابيون» Serapionsbrüder ت(1819) التي لاقت انتشاراً واسعاً وتأثيراً ملحوظاً في إنكلترا والولايات المتحدة، ومن أبرز قصصها «بلاط آرتوس» Der Artushof و«كسار البندق وملك الفئران» Nussknacker und Mausekönig التي اقتبسها تشايكوفسكي[ر] و«فتاة من سكودري» Das Fräulein von Scuderi و«الضيف المخيف» Der unheimliche Gast. أما روايته المهمة الثانية «آراء القط مُرّ في الحياة» Lebensansichten des Kater Murr فقد صدرت في جزأين (1820-1821) ولاقت نجاحاً كبيراً، لكنها سببت للمؤلف مشكلات مقلقة لتصويره فيها رئيس شرطة برلين بصورة تهكمية ساخرة.

ونتيجة لظهور أعراض مرض الشلل صار هوفمن يملي أعماله إملاءً، وقد صدرت بعض أعماله الأخيرة بعد وفاته. ومن ثم صدرت مؤلفاته الأدبية والموسيقية الكاملة في خمسة عشر مجلداً عام 1827.

نبيل الحفار

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الإبداعية (الرومنسية) ـ ألمانيا ـ الخيال ـ القصة.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- KLAUS DETERING, Magie des poetischen Raums. E.T.A. Hoffmanns Dichtung und Weltbild (Heidelberg 1999).

- KLAUS GÜNZEL, E.T.A. Hoffmann, Leben und Werk in Briefen, Selbst zeugnissen und Bilddokumenten. Bibliographie (Berlin 1976).

- PETER BRAUN, E.T.A. Hoffmann. Dichter, Zeichner, Musiker. Biographie (Düsseldorf 2004).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 754
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1005
الكل : 33284818
اليوم : 18703

القياس الاجتماعي

القياس الاجتماعي   القياس الاجتماعي لغوياً هو ترجمة للّفظة الانكليزية sociometry التي تتألف من شقين؛ الأول socio، ويعني اجتماعي، والثاني metry، ويعني قياس، أما اصطلاحاً فيقصد به تلك الطريقة المنهجية المستخدمة لتقدير العلاقات الاجتماعية كميّاً، وقياس نوعيتها من حيث مدى الجذب والرفض أو النفور بين الأفراد داخل الجماعات الصغيرة والكبيرة.
المزيد »