logo

logo

logo

logo

logo

الهارب

هارب

Harp - Harpe

الهارْب

 

الهارب harp (الصنج أو «الجنك - لفظة فارسية الأصل») آلة موسيقية وترية [ر. الآلات الموسيقية] ذات أوتار عدة تنقر بأصابع اليدين وأظفارهما، وهي من أقدم الآلات الموسيقية الوترية.

تشابهت قديماً الآلات الموسيقية فيما بينها، إذ تطلق أحياناً أسماء مختلفة على الآلة ذاتها، أو تسمى آلات عدة مختلفة باسم واحد مثل القيثارة[ر] واللير[ر] Lyre والهارب، وهي ذات مواصفات متشابهة تقريباً فيما بينها. وتعود أصول كثير من الآلات الموسيقية إلى مصدر مشترك واحد.

عازف على الهارب الفرعونية مع عازفة ناي

لاحظ بعض الصيادين المصريين القدماء والآشوريين والبابليين أن وتر قوس الصيد يصدر رنيناً محبباً عند إطلاق السهم على الفريسة، فعمدوا إلى صنع آلات موسيقية شبيهة بقوس الصياد وشدوا عليها وتراً ليصدر رنيناً مماثلاً. كما لاحظ بعض القدماء بعد فترة أن طول الوتر وثخنه وشدته تؤثر في درجة الصوت الصادر عند نقره، فعمدوا إلى إضافة بعض الأوتار ذات الأطوال المختلفة لتصدر أصواتاً متغايرة. وهكذا تشكلت لديهم بعض الآلات الموسيقية الوترية مثلثة الأضلاع تقريباً مرتبة أوتارها حسب أطوالها، وكان الأداء على هذه الآلات باحتضانها عمودياً، إما جلوساً وإما قياماً وإما جثواً على الركبة. وكان يعزف على بعض هذه الآلات معلقة بحزام على الكتف لتكون يدا العازف طليقتين في أثناء الأداء في المواكب الاحتفالية السيارة.

كانت الهارب قديماً موضع احترام بين سائر الآلات الموسيقية لاستخدامها في طقوس عبادة الآلهة، كما كان المعتقد أنها من صنع الآلهة إنليل (عند الآشوريين) والتي كان لكل آلة منها موسيقيها الخاص للعناية بها، وكان من الكهنة في أغلب الأحيان. وتطورت الهارب مع مرور الزمن فزاد عدد أوتارها إلى تسعة عشر وتراً، وكبر حجمها حتى زاد على المترين ارتفاعاً في بعض أشكالها. ولما كان صوت الأداء عليها ضعيفاً عمد صنَّاعها بعد التجربة إلى وضع صندوق رنين مصوّت تشد عليه الأوتار، ومفاتيح لتثبيتها وشدها بدرجات صوتية مختلفة. كما زيدت النقوش على أشكالها، فكان بعضها يحمل رأس حيوانات مقدسة، مثل الهارب التي وجدت في مقبرة مدينة أور الأثرية في جنوبي العراق التي تحمل رأس ثور مصنوعاً من الذهب الخالص، مرصعاً باللازورد والحجارة الكريمة (متحف بغداد)، وهي تعود إلى الألف الثالثة ق.م.

    ظهرت آلة الهارب القديمة في سورية منذ القرن التاسع ق.م، وكانت ذات عمود داعم في شكلها المثلثي، ونقلها الإغريقيون إذ ظهرت رسومها على أوانيهم في القرن الرابع ق.م. ومن اليونان عمّت الهارب أوربا ولاسيما في بلاد ساكسونيا وإيرلندا، والغال التي تدّعي أن الهارب من تصميمها.

استخدم الشعراء الجوالون التروبادور[ر] Troubadours والتروفير[ر] Trouvères والمينيزنغر[ر] Minnesinger الهارب كثيراً في موسيقاهم وألعابهم إلى أن ظهر العود[ر] وعمّ جميع أوربا في القرن الخامس عشر الميلادي. وكانت الهارب آلة بسيطة في الشكل والأداء والعطاء، أوتارها منضبطة وفق السلم ( المقام) الدياتوني Diatonique (الخالي من إشارات التحويل[ر. الموسيقى]). وكانت ذات شكل قريب من الهارب الحديثة إلا أنها أصغر حجماً، وكان ضلعها العلوي بشكل رقبة نعامة بصورة أفقية. وقد ظهرت نماذج موسيقية تدوينية خاصة بالهارب في كل من إسبانيا وإيطاليا. وكانت قد دخلت إيطاليا عام 1580م، وكان أول استخدام لها في الفرق الموسيقية في أوبرا[ر] «أورفيو» Orfeo لمونتڤيردي[ر] C.Monteverdi عام 1607، ولم ينتشر استخدامها حتى بداية القرن الثامن عشر. ففي عام 1660 اُبتكرت دوّاسات لها تستطيع أداء جميع أصوات السلم الموسيقي الملون (الكروماتيكي) Chromatique، وقد صار باستطاعة كل دواسة رفع حدّة الوتر درجة صوتية كاملة أو نصفها. ونتيجة لهذا الابتكار كتب موتسارت[ر] Mozart مؤلفته الموسيقية «حوارية للفلوت[ر. الناي] Flute والهارب» عام 1778. في عام 1786 قام الفرنسي سباستيان إرار S.Érard بإجراء تحسينات على الهارب (في مفاتيحها ودواساتها السبع). وفي عام 1801 ظهرت الهارب الحديثة ذات «الحركة المضاعفة» Double Mouvement وعرفت باسم «هارب إرار» وعمّ دخولها جميع الفرق الموسيقية الأوركسترالية.

هارب ذو الدواسات

الهارب الحديث المستخدم اليوم

والهارب الحديثة ذات 46 وتراً تحوي ست «ثمانيات» (أوكتاف) Octave ونصف الأوكتاف[ر. الموسيقى]، وهي تقارب آلة البيانو في مداها الصوتي، ولهذا تدوّن موسيقاها في مدرجين موسيقيين (كما في البيانو) الأعلى منهما بمفتاح صول Sol والأدنى بمفتاح فا Fa وذلك لتضم جميع الأصوات الموسيقية الحادة والمنخفضة في هذا المدى.

ومن أشهر الأعمال الموسيقية لآلة الهارب، إضافة إلى ما ذكر سابقاً: «دعوة إلى الفالس» لفيبر Weber، والحركة الأولى من «الحوارية في صول» Concerto en sol لرافيل Ravel، و«حوارية الهارب» لجوليفيه Jolivet.

حسني الحريري

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الآلات الموسيقية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ناهد زكرى، آلة الهارب (دار الفكر العربي، الكويت).

- ANTHONY BAIENS, Musical Instruments Through the Ages (Penguin Book, London 1981).


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : موسيقى وسينما ومسرح
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 290
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 540
الكل : 29580849
اليوم : 35765

تراسل الحواس

تراسل الحواس   الرمز والرمزية وتراسل الحواس، مجموعة من المفهومات التي تنحدر من المعنى الأصلي لكلم «رمز». إن كلمة symbolon اليونانية كانت تستعمل للدلالة على أداة مشطورة إلى نصفين، يتقاسمهما شخصان، وتصير رمزاً ذا معنى حين يستطيع حاملاها تجميع جزأيها، أي إن أجزاء الكل تولد فيما بينها علاقة تكامل.
المزيد »