logo

logo

logo

logo

logo

هارابا

هارابا

Harappa - Harappa

هارابا

 

يعد هارابا Harappa واحداً من ثلاثة مواقع أثرية يضم كل منها بقايا إحدى المدن الرئيسة الثلاث التي قامت في وادي السند في شبه القارة الهندية، إبان عصور حضارتها القديمة (نحو 2300 - 1700ق.م)، والموقعان الآخران هما موهنجو- دارو[ر] Mohenjo- Daro، على بعد نحو 644كم إلى الجنوب - الغربي من هاراپا، ولوثال Lothal ويضم الموقع الأخير بقايا مدينة قامت على ما يمكن أن يكون فرعاً قديماً لنهر بهوغاڤا Bhogava قرب شواطئ خليج كامبيCambay. وقد اكتشف في هذا الموقع حوض للسفن ومرفأ كبير شيد رصيفه بالآجر، ومن دون شك كان هذا الميناء منفذاً لحضارة وادي السند القديمة - بمدينتيها الرئيسيتين هارابا وموهنجو- دارو- إلى بحر العرب والخليج العربي وصولاً إلى بلاد الرافدين. يقوم موقع هاراپا على ضفة نهر رافي Rafi أحد روافد نهر السند Indus، الذي يجري في منطقة البنجاب Punjab في الباكستان. ويبعد هذا الموقع نحو 480كم إلى الشمال - الغربي من مدينة دلهي الحالية في الهند.

يصل أعلى ارتفاع في موقع هاراپا إلى 15م، وهو أكبر حجماً من موقع موهنجو- دارو. وقد بدأت التنقيبات الأثريه في هذا الموقع في العشرينيات من القرن العشرين, وبعد فترة انقطاع استؤنف التنقيب فيه من قبل مورتمير ويلر M.Wheeler  في عام 1946م. وكشفت التنقيبات عن قلعة المدينة وهي أعلى جزء فيها وتحتل الجهة الجنوبية - الغربية من المدينة. وهذه القلعة موضع محصن بسور ضخم يبلغ عرضه 12م، مشيد من الآجر غير المشوي (اللبن)، لكن واجهته مشيدة بالآجر المشوي. وضمت القلعة أبنية إدارية يرجح أنها كانت مقراً للنخبة الحاكمة التي لا تتوفر معلومات عن تكوينها حتى اليوم. إلى الشمال من القلعة اكتشفت بقايا صوامع ضخمة لخزن الحبوب يدل وجودها على سيطرة محكمة للدولة على الإنتاج، وإلى جانب تلك الصوامع اُكتشف مجمع سكني يتألف من أكواخ بغرفة واحدة لكل منها, ويبدو أن هذا المجمع كان مخصصاً للعاملين في الصوامع.

آثار هارابا (3000-1700ق.م)

من بقايا آثار هارابا (1700ق.م)

المدينة في هاراپا محاطة بسور مشيد بالآجر وتضم أحياء تتخللها شوارع مستقيمة متقاطعة عمودياً مع شوارع ثانوية متفرعة عنها. البيوت مختلفة الحجوم وتراوح ما بين بيوت تتألف من غرفة واحدة إلى قصور متعددة المرافق يتوسط كلاً منها فناء مفتوح. ويلاحظ في تخطيط البيوت في هاراپا وجود حمام في كل بيت تقريباً، ولهذه الحمامات أنظمة تصريف للمياه تربطها قنوات بشبكة من المجاري التي تمر تحت الشوارع الرئيسة لتصرف المياه إلى خارج المدينة. ووجدت مقابر لدفن الأموات فريدة من نوعها في حضارة وادي السند، وذلك إلى الجنوب من المدينة. وهناك أيضاً مقبرة للدفن الجزئي، أي دفن الأوصال البشرية، ولكن لم يعثر فيها على فخار من حضارة السند القديمة، ويرجع تأريخها إلى المرحلة اللاحقة التي أعيد فيها استيطان هاراپا، ولعلها تعود إلى الأقوام الآرية التي حلت هناك.

لقى من الحلي تعود لحضارتي هارابا وموهنجو-دارو

قامت هاراپا مع موهنجو- دارو بالدور المركزي لحضارة وادي السند التي نشأت في حوض نهر السند وروافده، وهذا الحوض سهل رسوبي يماثل في خصائصه الطبيعية السهل الرسوبي في جنوبي العراق، موطن المدن الأولى في حضارة بلاد الرافدين.وشملت حضارة وادي السند أيضاً مواقع على امتداد الساحل الغربي لشبه القارة الهندية فضلاً عن مواقع بعيدة في الشرق. وفي الوقت الذي وجد ت فيه علاقات تجارية لحضارة وادي السند مع بلاد الرافدين القديمة - التي تطلق نصوصها المسمارية اسم ميلوخا Melukha على تلك المنطقة - احتفظت مراكز تلك الحضارة، ومنها هاراپا بصلات تجارية مع مناطق أقل تحضراً منها للحصول على المواد الأولية التي تحتاج إليها لصناعاتها اليدوية وهكذا كانت لها صلات مع مناطق في الهند وأفغانستان وإيران وشبه الجزيرة العربية.

تدل المكتشفات الأثرية التي أدت إليها تنقيبات موقع هاراپا على أن النحاس كان مستعملاً في صنع بعض الأدوات، ولكنها كانت أدوات بسيطة وغير شائعة على نطاق واسع، ولعل هذا التأخر في تصنيع النحاس يعود إلى تكاليف استيراده الباهضة من أماكن استخراجه، أما الأدوات الأكثر شيوعاً فكانت النصال الحجرية المعدة من لب القطع الصوانية، واكتشفت

دمية تمثل امرأة من هارابا

كميات من خرز العقيق المحززة والمعدة للتصدير على الأرجح. القطع الفخارية كانت مصنوعة غالباً بوساطة الدولاب، ومعظمها من النوع المطلي باللون الأحمر وتحمل رسوماً باللون الأسود لأشكال حيوانية ونباتية على وجه الخصوص. ومن المواد المكتشفة أيضاً الدمى الطينية التي تمثل أشخاصاً أو طيوراً وحيوانات وأحياناً عربات، لقد قدمت بعض مدن الرافدين الجنوبية وعيلام[ر] دليلاً على وجود مواد من وادي السند، مثل الأختام المنبسطة, ولكن لم تكتشف مواد من حضارة بلاد الرافدين في هاراپا أو في مواقع حضارة وادي السند الأخرى باستثناء بعض الأختام الأسطوانية المصنوعة محلياً مع مشاهد فنية منقوشة عليها، تتضمن موضوعات من حضارة بلاد الرافدين، وتدل الطبقات العليا في موقع هاراپا على الانهيار المفاجئ لحضارة وادي السند في نهاية القرن الثامن عشر قبل الميلاد، بسبب قدوم القبائل الآرية على وجه الاحتمال. فتلك الطبقات لا تتضمن سوى بقايا أكواخ شيدت بمخطط غير متناسق.

كانت هاراپا مركزاً رئيساً للحضارة الثالثة التي توصلت إلى التدوين من بعد حضارتي بلاد الرافدين وبلاد النيل، وربما كانت فكرة الكتابة في تلك الحضارة مستوحاة من الكتابة المسمارية في بلاد الرافدين وعيلام، لكنها بالتأكيد تمثل ابتكاراً محلياً خاصاً بوادي السند. وقد وجدت تلك الكتابة على بعض الأختام وفي نصوص اقتصادية ولكن عدد نصوصها لا يكفي لحل رموزها. وكل ما يمكن قوله حالياً عن كتابة حضارة وادي السند أنها مقطعية على الأرجح. ويفترض بعض الباحثين أن لغة تلك الكتابة هندو- أوربية. وإذا صح هذا الافتراض ربما يمكن أن يعد أصحاب هذه الحضارة القديمة أسلافاً للآريين الذين نقلوا تراثهم الديني إلى سكان الهند اللاحقين.

نائل حنون

 

 مراجع للاستزادة:

 

- S. R. RAO, Lothal and the Indus Civilization (London 1973).

- S. RATNAGAR, Encounters: The Westerly Trade of the Harappan Civilization (Delhi 1981).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 288
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 565
الكل : 29662915
اليوم : 42925

غنام النجدي (حسين ابن )

ابن غنّام النجدي (حسين -) (… -1225هـ/… -1810م)   حسين بن أبي بكر بن غنَّام، مؤرخ ينتمي إلى قبيلة تميم. ولدفي بلدة «المُبَرَّز» بمنطقة الأحساء شرق المملكة العربية السعودية في القرن الثاني عشر للهجرة، من دون معرفة للعام الذي ولد فيه؛ وكانت الأحساء حينئذٍ مركزاً من مراكز العلم في الجزيرة العربية، ونشأ في ذلك المناخ العلمي الذي صاحب قدراته الذاتية، فأصبح عالم شريعة، ومعلم لغة عربية، وناظم شعر.
المزيد »