logo

logo

logo

logo

logo

واشكاني

واشكاني

Washukanni - Washukanni

واشكاني

 

كانت مدينة واشُّكاني Washshukanni عاصمة دولة ميتاني [ر] الحورية التي قامت في شمال شرقي سورية في القرنين الخامس عشر والرابع عشر قبل الميلاد. وقد امتد نفوذ هذه الدولة ـ في أوج قوتها ـ من ساحل البحر المتوسط غرباً إلى مدينة أربخا Arrapkha (كركوك حاليا في شمال شرقي العراق). مثل هذا الامتداد يجعل من منطقة الجزيرة السورية المنطقة المناسبة لتضم قلب دولة ميتاني وعاصمتها واشكاني التي لم تُكتشَف بقايا واضحة منها تؤدي إلى تحديد موقعها على نحو حاسم، ومن هذه البقايا القصر الملكي وأرشيف الدولة الذي لابد أن يكون محفوظاً في مقر العاصمة، ولهذا السبب فإن المعلومات التاريخية المتوافرة حالياً عن ميتاني وعاصمتها تأتي من نصوص الدول الأخرى التي عاصرتها مثل الدول الحثية والآشورية والمصرية القديمة. وإذا كانت هناك معلومات متوافرة من داخل الدولة فإنها لم تأت من موقع العاصمة نفسها وإنما من أطراف ميتاني البعيدة عن المركز مثل ألالاخ [ر] وأغاريت [ر] في الغرب وأربخا ونوزي Nuzi في الشرق.

 كتب اسم واشكاني في النصوص المسمارية [ر] من العصر الآشوري الوسيط بصيغة أوشكاني Ushshukani، وورد في النصوص الحثية بصيغة واشغاني Washshuggani. ولم تكن واشكاني العاصمة الأولى للحوريين في شمال شرقي سورية، وإنما سبقتها أوركيش [ر] Urkesh التي كانت مركَزاً لإمارة حورية قامت في منطقة الخابور في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد. وقد أثبتت التنقيبات الأثرية في تل موزان أنه موقع مدينة أوركيش القديمة. ودلت تلك التنقيبات على أن السكنى في هذا الموقع انقطعت في نحو منتصف الألف الثاني قبل الميلاد؛ أي في الوقت نفسه الذي أصبحت فيه واشكاني عاصمة للدولة الحورية.

من الحوادث التاريخية التي اقترن بها ذكر مدينة واشكاني قيام أحد ملوك ميتاني وهو ساوشتاتار Saushtatar الذي حكم في 1430ق.م تقريباً بنصب بوابة من الذهب والفضة في قصره الموجود في هذه المدينة بعد أن جلبها من مدينة آشور (قلعة الشرقاط [ر] حالياً) حينما كانت الدولة الآشورية تحت نفوذ مملكة ميتاني، ولكن بعد أقل من قرن واحد كانت واشكاني نفسها عرضة لهجوم قام به الملك الحثي سوبيلوليوما الأول Suppiluliuma I ت(1370ـ1330ق.م)، وقد تعرضت واشكاني للنهب في ذلك الهجوم على يد الملك الحثي الذي انسحب من المنطقة تاركاً إياها تحت إدارة ابن له نصبه حاكماً في حلب، وقام الملك نفسه بتنصيب ابن آخر له حاكماً في كركميش ليدير المناطق الممتدة إلى الشمال. لكن تلك الإدارة الحثية أخفقت في السيطرة على منطقة ميتاني ولم تحقق سوى فراغ سياسي في شمالي سورية، واستغل الآشوريون حالة الضعف التي وصلت إليها ميتاني، وأخذوا يتخلصون من نفوذها عليهم.

في عهد الملك أدد ـ نراري الأول Adad-nirari I ت(1307ـ1275ق.م) خضعت مملكة ميتاني للنفوذ الآشوري، حتى إن ملكها شاتوارا الأول Shattuara I اضطر إلى مغادرة عاصمته والذهاب إلى العاصمة الآشورية لأداء قسم الولاء للملك الآشوري. وحينما مات هذا الملك وخلفه على عرش ميتاني ابنه واساشاتا Wasashatta حاول الأخير التمرد على الدولة الآشورية، فشن أدد ـ نراري الأول هجوماً واسعاً على واشكاني ومدن أخرى من بينها كخات Kakhat (تل بري حالياً على ضفة نهر جغجغ في الجزيرة السورية)، ويبدو من نصوص هذا الملك أن واشكاني لم تعد مقراً للعاصمة، إذ توردها من بين المدن الأخرى، وتصف مدينة تائيدو Taidu بأنها العاصمة الملكية لدولة ميتاني. وكان الملك التالي لميتاني ـ وهو شاتوارا الثاني ـ آخر ملوكها. فقد حلت نهاية هذه المملكة الحورية على يد الملك الآشوري شلمنصر الأول Shalmaneser I  ت(1274ـ1244ق.م). وتشير نصوص هذا الملك إلى استيلائه على العاصمة التي كانت مقراً لملك ميتاني، لكنها لا تذكر اسم تلك العاصمة ولذلك يتعذر حالياً معرفة ما إذا كان مقر العاصمة قد أعيد إلى واشكاني في عهد الملك الأخير أم أنه كان في مدينة أخرى.

كان هناك توقع في أن يكون تل فخيرية ـ على الجانب الشرقي من أعالي الخابورـ موقع مدينة واشكاني. وقد قام فون أوبنهايم M.von Oppenheim ببعض التحريات الأثرية في هذا الموقع في عام 1929. وفي عام 1940 قامت بعثة أثرية أمريكية بحفر بضعة مجسات سبر، كشف أحدها (المجس 6) عن أجزاء من بيت يعود إلى العصر الآشوري الوسيط، واكتشفت بعض غرف القصر في المجس رقم (9)، ثم قامت بعثة أثرية ألمانية برئاسة أنطون مورتغات A.Moortgat بتنقيبات محدودة (1955ـ1956) أدت إلى الكشف عن معالم استيطان في السوية السابعة يعود تاريخها إلى عصر مملكة ميتاني. لم ينظر إلى تلك التنقيبات على أنها قدمت دليلاً حاسماً يؤكد أن الموقع يضم بقايا واشكاني. ولكن اكتشاف تمثال هدد- يسعي في عام 1979 أثبت أن تل فخيرية هو موقع مدينة سكاني Sikani في الألف الأول قبل الميلاد، ومن المرجح أن يكون سكاني اسماً متأخراً لمدينة واشكاني السابقة نفسها، فالصلة بين الاسمين واضحة، ومما يؤيد هذا الترجيح أن النصوص المسمارية المكتشفة في الموقع مؤرخة في عهدي الملكين الآشوريين شلمنصر الأول وتوكلتي ـ ننورتا الأول Tukulti-Ninurta I ت(1243ـ1207ق.م)؛ إذ يتفق هذا مع قيام شلمنصر الثالث بالاستيلاء على مدن ميتاني، ويمكن أن يعزى سبب عدم وضوح الأدلة على وجود معالم من مدينة واشكاني في تل فخيرية إلى عدم إجراء تنقيبات واسعة في الموقع تتجاوز مجسات السبر التي حفرت في مواسم قصيرة جداً.

نائل حنون

 مراجع للاستزادة:

 

- A.HARRAK, Assyria and Hanigalbat: A Historical Reconstruction of Bilateral Relations from the Fourteenth to the End of the Twelfth Centuries, (Hildesheim, 1987).  

 - McEWAN, Soundings at Tell Fakhariyah, (OIP 79, Chicago 1958).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 101
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 742
الكل : 32245719
اليوم : 90965

الآبرات

الآبرات الآبرات Cynipidae حشرات صغيرة تتطفل على النبات حصراً، وتنتمي إلى رتبة غشائيات الأجنحة[ر] Hymenoptera، ورُتَّيْبَة ذات الخصر Apoerita وفصيلة عليا superfamily هي الآبرانيات Cynipoideae. صفاتها الخارجية الحشرة الكاملة imaga: لايتجاوز طول الحشرة الكاملة في أغلب الأنواع 5مم، جسمها منضغط جانبياً، ويبدو للوهلة الأولى مؤلفاً من جزء واحد، إلا أنه إذا دقق النظر في المنطقة الواصلة بين حلقات الصدر والبطن يتبين وجود حلقة مُتخصِّرة وصغيرة تتصل بحلقة ثانية كبيرة ممتدة تكاد تحجب الحلقات الخمس المتبقية من الحشرة. وللأنثى آلة لسع (إبرة) مندغمة داخل الجسم وتبرز عند تحضير المكان المناسب للبيوض الصغيرة (الشكل 1) ولأن منها ما يسبب أَبْر الأزهار في بعض النبات جاءت تسميتها الآبرات.
المزيد »