logo

logo

logo

logo

logo

يبرود

يبرود

Yabroud - Yabroud

يـبـرود

 

مدينة تقع على بعد نحو 80كم إلى الشمال من دمشق، ظهرت فيها مكتشفات أثرية وتاريخية كبيرة الأهمية من مختلف العصور. ففي بداية الثلاثينات من القرن الماضي اكتشف فيها الباحث الألماني ألفريد روست A.Rust مجموعة من أشهر مواقع إنسان ما قبل التاريخ في المنطقة والعالم، وأهمها ملاجئ صخرية ثلاثة في وادي سكفتا، جرى تنقيبها ثم نشرها فكانت من أولى عمليات التنقيب المنهجي لمواقع العصور الحجرية التي تعاصرت مع الاكتشافات التي أتت من مغاور جبل الكرمل في فلسطين.

في الملجأ الأول حدد روست 25 طبقة حضارية تتابعت توضعاتها فوق بعضها بسماكة تجاوزت عشرة أمتار ومثلت مختلف حضارات العصر الحجري القديم، وخاصة الحضارات الآشولية واللـڤـلوازية ـ الموستيرية. ولكن الكشف الأهم من هذا الملجأ كانت آثار الحضارة اليبرودية Yabrudian (كما أسماها المنقب) التي وجدت أدواتها الحجرية المميزة لأول مرة في يبرود، ثم تبين أنها حضارة ذات خصوصية واضحة عاشت في مختلف مناطق بلاد الشام في المرحلة الواقعة بين نحو 250ـ150 ألف سنة خلت. وقد ضمَّ هذا الملجأ بقايا أثرية ومستحاثية أخرى، أهمها العظام الحيوانية والأدوات العظمية وغيرها.

في الملجأ الثاني حددت عشر طبقات حضارية بسماكة ثلاثة أمتار، أقدمها تعود إلى الحضارة الموستيرية الحديثة Mousterian، وهي تلي مباشرة الطبقة الأخيرة من الملجأ الأول، وأحدثها تعود إلى الحضارة الأورينياسية الحديثة Aurignacian. وفي الملجأ الثالث مُيّزت أيضاً عشر طبقات حضارية، أقدمها كانت استمراراً للطبقة الأخيرة في الملجأ الثاني، وأحدثها تعود إلى العصر الحجري الحديث. وقد أعاد الباحث الأمريكي رالف سوليكي R.Solecki في الستينات من القرن الماضي التنقيب والمسح في منطقة يبرود، وكشف عن المزيد من المواقع، وأهمها الملجأ الرابع الذي عُثر فيه على أدوات حجرية أقدم من تلك التي وجدت في الملجأ الأول، وتعود إلى نحو 400 ألف سنة خلت. نسبها المكتشف إلى ما يُعرف بالحضارة التياسية Tayacian، ولكن المكتشفات الأهم من هذا الملجأ كانت البقايا المستحاثية لعظام حيوانات مختلفة وبينها وحيد القرن، وطبعات أقدام حيوانية وبشرية فريدة من نوعها من ذلك العصر، وآثار مواقد ودلائل وجود بحيرة كبيرة في وادي سكفتا الغني؛ بكل مقومات الحياة من نباتات وحيوانات ومياه وخامات صوانية. وتعدّ مكتشفات يبرود مرجعية علمية ومفتاحاً لفهم كثير من جوانب الغموض التي تكتنف عصور ما قبل التاريخ في المنطقة والعالم.

بعد مرحلة الصيد والالتقاط التي عاشها سكان منطقة يبرود أتت مرحلة انتقالية مثلتها حضارات أخذت أسماء محلية مثل الحضارة النبكية Nebekian نسبة إلى مدينة النبك، والفليطية Falitian نسبة إلى وادي فليطة، وقد عاشت بين نحو 15ـ10 آلاف سنة خلت، ومهدت الطريق لظهور مجتمعات الاستقرار والزراعة وتدجين الحيوانات في الألف الثامن والسابع ق.م. ومما لا شك فيه أن الحياة قد استمرت في منطقة يبرود على امتداد العصور البرونزية بدءاً من الألف الثالث ق.م، ولكن انعدام عمليات التنقيب حرمنا من كشف دلائل تلك العصور التي لابد أنها ترقد تحت أنقاض تلة القبع في وسط يبرود الحالية، وهذا ما تدعمه التنقيبات التي جرت من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية في التسعينات من القرن الماضي في منطقة خابية الرشيدة حيث كُشف عن مجموعة من القبور وُجدت فيها أدوات فخارية وبرونزية، منها أوانٍ وأسلحة وحلي وأختام تعود إلى النصف الأول من الألف الثاني ق.م، كما أن يبرود كانت جزءاً من تاريخ المنطقة الآرامي والهلنستي، وذلك على امتداد الألف الأول ق.م.

ومع بداية العصر الروماني أصبحت الدلائل الأثرية أكثر أهمية وانتشاراً؛ دل عليها معبد الإله جوبيتر، وهو أهم آبدة من العصر الروماني في يبرود، ومعبد حوريات الماء في وادي قرينة، إضافة إلى العديد من المعابد والهياكل والنصب والقبور وأقنية المياه المحفورة في الصخر التي أقيمت سواء في الوديان أم في الجروف أم على المرتفعات المحيطة، وهي تدل على ممارسات وثنية كانت جزءاً من المعتقدات التي سادت المنطقة في ذلك العصر. وفي العصر البيزنطي تحولت هذه المعابد إلى كنائس وأديرة مسيحية، أهمها الكاتدرائية الكبرى المعروفة باسم القديسين قسطنطين وهيلانة والتي أقيمت على أنقاض هيكل جوبيتر، وهي من أهم كنائس منطقة القلمون وأعظمها، اشتهرت ببنائها المتميز وبمقتنياتها الفريدة. كما أن يبرود غنية جداً بالقبور والمغاور والكهوف العائدة إلى العصر البيزنطي والتي حُفرت في الصخور بأشكال هندسية وأقواس منتظمة والتي لازال كثير منها قائماً تحت بيوت المدينة الحالية أو في الوديان المجاورة.

ومع انتشار الإسلام في المنطقة في القرن السابع الميلادي توسعت يبرود، وأقيمت فيها الجوامع الإسلامية، كما تحول بعض كنائسها إلى جوامع، وأهمها جامع الخضر الذي تميز بمئذنته التي بُنيت على نمط مئذنة العروس في الجامع الأموي بدمشق.

سـلطان مـحيـسن

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ألفريد روست، مكتشفات مغاور يبرود، ترجمة محمد قدور (دمشق 1987).

ـ نور الدين عقيل، يبرود تاريخ وحضارة (دمشق 1995).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 471
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1087
الكل : 56545776
اليوم : 53432

الاختراع (براءة-)

الاختراع (براءة -)   يقصد ببراءة الاختراع brevet d'invention الشهادة التي تمنحها الدولة للمخترع. وهي تتضمن وصفاً للاختراع مع تخويل صاحبه حق استثماره والإفادة منه مدة معينة. وتعد الحماية القانونية المقررة للمخترعين واختراعاتهم أهم صور حماية المبتكرات الجديدة لما لهذه المخترعات من فضل كبير في تقدم الصناعة بوجه خاص والمدنية بوجه عام. فالعدالة تقضي بألا يحرم المخترع ما بذله من مال وجهد في سبيل الوصول إلى اختراعه، ولذلك فقد اعترف معظم تشريعات الدول للمخترع بحق الاستئثار باستغلال اختراعه مدة معينة تراوح بين عشر سنوات وعشرين سنة ليصبح بعدها الاختراع مالاً شائعاً يحق للجميع الانتفاع به، واستقرت أحكامها على هذا الأساس. ففي سورية مثلاً صدر المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1946 متضمناً تنظيم حماية الملكية الصناعية والتجارية التي من أهم عناصرها براءة الاختراع.
المزيد »