logo

logo

logo

logo

logo

الإعلان

اعلان

Advertisement - Publicité

الإعلان

 

الإعلان advertisement، لغةً: إظهار الأمر والمجاهرة به. وفي الاصطلاح: إبراز مزايا منتج أو نشاط ما والترويج له. ويرتبط الإعلان بالدعاية في مختلف مجالات الثقافة والسياسة والفنون.

يُعدّ الإعلان ظاهرة عظيمة الأهمية في الحضارة الحديثة ولاسيما ما يتصل منها بالصناعة والتجارة والسياسة والثقافة والفنون والخدمات. ويدل تحليل أكثر الإعلانات شيوعاً على أن في الإعلان إثارةً لاهتمام الناس بأمور لا تكون موضع انتباههم في اللحظة التي تسبق رؤيتهم الإعلان أو سماعه، وأن فيه استخداماً لوسائل متعددة، وأنه ينطوي على مقاصد متنوعة، ويترك آثاراً مختلفة في الناس. ويدل تحليل الإعلانات كذلك على أن لها لغةً خاصةً، وأن وراءها مموِّلين، وأنها ثمرة عمليات متعددة الأطراف تعتمد على الكثير من الأسس العلمية والموجّهات الفنية.

فإذا ما أريد وضع تعريف يحدد الإعلان تحديداً تتوافر فيه شروط مقبولة من الشمول والدقة والوضوح، يمكن التوصل إلى صيغتين لهذا التعريف. تذكر الصيغة الأولى أن الإعلان هو «استعمال وسائل الاتصال الجماهيري الرئيسية، مثل الصحافة ولوحات الإعلان والإذاعة والتلفزيون والسينما، من أجل نشر معلومات عن إنتاج أو خدمة». وتذكر الصيغة الثانية أن الإعلان «هو كل عرض، أو تقديم، مأجور وغير شخصي للأفكار أو البضائع أو الخدمات وراءه مموّل معروف وينطوي على استعمال وسائل الإعلام مثل الصحف والمجلات والأفلام السينمائية واللوحات المعلقة خارج الأبنية و«اللافتات» في المحلات التجارية والأماكن العامة والمراسلات المباشرة والإذاعة والتلفزيون والبطاقات والمنشورات والأدلة والنشرات الدورية». ويبين فحص الصيغتين أن فيهما إلحاحاً على الموضوع الذي يدور الإعلان حوله، وعلى الوسيلة المستخدمة، ولكن في الثاني تفصيلاً يفوق ما في الأول وإشارةً مقصودة إلى المموّل.

على أن من اللازم، عند الحديث عن الإعلان، الانتباه إلى وجهين فيه: الأول هو الصورة التي يظهر عليها الإعلان، وهي التي يطالعها الناس، ويلح عليها تعريف الإعلان. أما الثاني فهو العملية التي تنتهي إلى إنجاز تلك الصورة أو الثمرة: إنها عملية الإعلان advertising أو ما يمكن تسميته «صناعة الإعلان» ويدخل فيها مصمم الإعلان والكاتب والمخرج وآخرون غيرهم.

لمحة تاريخية

شهدت حقب متعاقبة من حياة الإنسان ظهور الإعلان في صور مختلفة ولأغراض متنوعة. فقد عثر على إعلان يعود تاريخه إلى 3000 سنة ق.م كتب على ورق البردي papyrus في مصر يذكر تقديم مكافأة مالية لمن يعثر على عبد فار. ووجد الإعلان في حضارة السومريين[ر] وفي بلاد الرافدين لبيان بعض التشريعات والانتصارات. ووجد كذلك في الحضارتين اليونانية والرومانية لإعلام الجماهير بانتصارات حربية ومعاهدات ومباريات رياضية. وشهدت الحضارة العربية قبل الإسلام الإعلان في مجال الشعر، كالمعلقات، والفخر والهجاء والحض على الاستعداد للحرب والغزو والرحلات التجارية، كما شهدته بعد انتشار الإسلام واتساع رقعة الخلافة الإسلامية، وكان أقوالاً في حالات وكتابة في حالات أخرى وكانت وظيفة المنادي الذي يجوب الشوارع معلناً بضاعة أو خدمة أو بلاغاً شائعة في مختلف المدن حتى عهد قريب. واستعمل الإعلان في أوربة في العصر الوسيط في مناسبات دينية وعسكرية.

ويذكر في عدد من المراجع أن أول إعلان مطبوع ظهر في أوربة كان سنة 1477، وأن أول إعلان فيه رسم كان سنة 1482، وأن إعلاناً عن دواء ظهر في إنكلترة سنة 1665 أيام انتشار الطاعون. وغدا الإعلان الذي يحوي صوراً يستعمل لأغراض تجارية، فقد ظهر في فرنسة سنة 1715 إعلان حول فوائد المظلات، وتأسست أول شركة فرنسية للإعلانات سنة 1746.

وكان في جملة الأغراض التي استعمل الإعلان من أجلها، في الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، إقناع من يوجه إليه الإعلان من المواطنين المحاربين بحقوقهم وأمنهم وسلامة ما يدافعون عنه، وإقناع من يوجه إليهم الإعلان من الأعداء بما يضعف معنوياتهم في نهاية الأمر، ويرغِّبهم عن الحرب ويؤذي ارتباطهم بالجهة التي تدفعهم إلى القتال.

وقد شهد القرن العشرون وسيلتين جديدتين للإعلان: فاستخدمت الإذاعة المسموعة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 1922 لإذاعة الإعلانات التجارية، واستخدم التلفزيون للغرض نفسه بعد نحو ربع قرن من ذلك التاريخ. ودرج استخدام هاتين الوسيلتين لهذه الأغراض في البلاد الأوربية ثم الآسيوية. واتسع نطاق اعتماد الإعلان لأغراض متنوعة في النصف الثاني من القرن العشرين، وتنوعت الموجهات الفنية فيه لوناً وشكلاً ولغة مع كل الإغراءات المناسبة. ويكاد المرء لا يجد، في هذه الحقبة، وسيلة من وسائل الاتصال بالجماهير لا تسعى إلى أن تخص الإعلانات بحيز واضح وكبير منها. كما أن تطور فن الإعلان أدى إلى كثرة المؤسسات العاملة في هذا المجال في العالم وإلى تطور واسع في الوسائل والتقنيات التي تستعملها هذه المؤسسات وفي صلتها بالمؤسسات التجارية والصناعية ومؤسسات الاتصال بالجماهير.

مجالات الإعلان

يصعب في المجتمعات المعاصرة العثور على مجال من المجالات المتصلة بالجماهير لا يُعتمد فيه الإعلان. ففي الصناعة والتجارة سعيٌ وراء مزيد من التسويق والترويج للسلع قديمها وحديثها، ويعد الإعلان أداة رئيسية لدعم مكانة القديم وحسن تقديم الحديث والترويج له في سوق البيع والشراء. وواقع الحال أن الحياة الحديثة وضعت الصناعة والتجارة في رأس قائمة مجالات الإعلان، حتى إن الذهن ليتجه مباشرة إلى هذا المجال لدى الحديث عن الإعلان.

ويستخدم الإعلان استخداماً واسعاً كذلك في الحياة السياسية الداخلية والخارجية، وله مكانته المهمة في الإعلام الحكومي حين تتجه الدولة إلى إثبات سلامة سياساتها وإقناع الناس بها، كما أن للإعلان دوره الفعال في الانتخابات في بعض البلاد، وفي نشر التوعية السياسية بين الجماهير ولاسيما حين يكون المجتمع عرضة لتبدلات ثورية.

وللإعلان أهمية كبيرة في مجالات العلوم والآداب، وما يتم تنظيمه من معارض ومواسم وحفلات موسيقية وسينمائية ومناسبات ثقافية. يضاف إلى ذلك أيضاً ما يتصل بالألعاب والمباريات الرياضية محلياً ودولياً. أما الإعلانات التي تدخل في شؤون الدفاع فلها مكانتها في السلم وفي الحرب: فهي تهدف أولاً إلى إغراء الشباب بالانتظام في مؤسسات الدفاع المختلفة في وقت السلم وإلى رفع الروح المعنوية وتعزيز الاستعداد للقتال دفاعاً عن الوطن والنفس في وقت الحرب والأزمات.

نفقات الإعلان

تنفق الجهات التي تعتمد الإعلان في ترويج سلعها أو أفكارها مبالغ طائلة كل سنة. ويأخذ التعبير عن المال الذي ينفق على الإعلان أكثر من اتجاه. فقد يُكتفى بذكر إجمالي ما تنفقه المؤسسة المعنية في مجال الإعلان سنوياً، وقد يتم ذلك بالنسبة المئوية من الإنفاق العام أو من الدخل السنوي للمؤسسة أو من الدخل القومي لبلد ما.

ومن الثابت أن مقدار الإنفاق على الإعلان في المؤسسات الصناعية والتجارية غير ثابت ولا مستمر، فهو يختلف من سنة إلى أخرى ويتأثر بعوامل كثيرة منها مستوى الشهرة الذي وصلت إليه الشركة أو المؤسسة أو السلعة التي تعلنها، ومدى تطورها والجديد من إنتاجها، ومنها كذلك تأثير الأزمات الاقتصادية وحالة السوق وإقبال الناس على الشراء أو عزوفهم عنه، ومع ذلك يمكن القول إن المؤسسات الصناعية والتجارية والخدمية تنفق ما بين 2 ـ 5% من دخلها السنوي على الإعلان.

الإعلان والإعلام

الإعلان نوع من الإعلام فهو يؤدي وظيفة إعلامية مهما كان شكله وهدفه، إلا أنه يختلف عن الإعلام في كونه نشاطاً يهدف إلى تحقيق منفعة خاصة، ويفرّق الدارسون بين الإعلان والإعلام في أربعة أمور هي: الغرض، والمضمون المعرفي، والمضمون الفني، والتمويل.

فالغرض الرئيسي من الإعلان المنفعة الخاصة بالدرجة الأولى، إذ يأمل مموّل الإعلان في الحصول على الفائدة التي يرجوها من إعلانه سواء كان فرداً أو شخصاً اعتبارياً أو مؤسسة، أما الإعلام فيختلف عن ذلك لأن غرضه في الأصل تحقيق ما يقدّره من منفعة عامة. فإذا قيل إن الإعلان التجاري ينطوي على توجيه، كان الرد على ذلك إنه توجيه يستهدف المصلحة الذاتية، أما الإعلام ففيه توجيه وتوعية وتعليم والغرض منه في النهاية مصلحة من يوجه إليه الإعلام، سواء أكانت هذه المصلحة موضوعية أم كانت ذاتية، أي كما يراها القائم على الإعلام.

ثم إن الإعلان لا يقدم كل المعارف التي يحتاج إليها مطالع الإعلان، وليس فيه ـ أي الإعلان ـ حرص على أن يكون محتواه من مستوى فكري له قيمة ما. أما الإعلام فغرضه واضح في المصطلح المعبَّر عنه، والأصل فيه محتواه المعرفي، وهو يسعى إلى أن يقدم للمتلقي كل ما يحتاج إلى معرفته أو ما يفيده من المعرفة، أي ما يحتاج إليه لإعمال فكره إعمالاً يتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. وحين يقال عن الإعلام إنه يقدم رسالة، فالغالب أن هذه الكلمة لا تقال في الإعلان.

أما الأمر الثالث الذي يختلف فيه الإعلان عن الإعلام فهو المضمون الفني. فقد تطورت تقنيات الإعلان تطوراً عظيماً، وتدخل الفن فيها تدخلاً واسعاً وعميقاً، وتقدِّم دراسات الإعلان الكثير من الوقائع العلمية بشأن اللون والشكل وطريقة الإخراج والإثارة، ويبقى أمر هذه الجوانب غير ذي بال في مجالات الإعلام، ولاسيما أن الإعلام يتجه إلى فكر المتلقي ومستوى ثقافته.

أما الأمر الرابع الذي يُعدّ موضع اختلاف بين الإعلان والإعلام فيتصل بالتمويل. فوراء الإعلان مموّل معروف، ويهدف إلى ترويج سلعة أو خدمة. أما الإعلام فلا توجهه أمور السلعة أو الخدمة، والمموّل فيه لا يهدف إلى الربح المباشر وغالباً ما يكون مؤسسة من مؤسسات الدولة أو من المؤسسات الاجتماعية، أو مؤسسة خاصة تستغل الإعلام لتحقيق الربح من وراء ما تنشره من إعلانات في مضماره.

ولكن هذا الاختلاف بين الإعلان والإعلام لا ينفي القول إن بين الطرفين عدداً من النقاط المشتركة. فقد يؤدي الإعلان أحياناً وظيفة الإعلام، وقد يمول الإعلام من جهة معروفة لها صلة بالصناعة أو التجارة. كذلك فإن بعض أساليب الإقناع المستخدمة في الإعلان قد تستخدم في الإعلام والعكس صحيح، يضاف إلى ذلك أن الإعلان يعتمد في ظهوره ووصوله إلى الجماهير على وسائل الاتصال التي تُعدّ عماد الإعلام وأساسه مثل الصحف اليومية ووسائل الإعلام الصوتية والمرئية، كما أن بعض وسائل الإعلام لا تقوم وتستمر وتتطور إذا حُبس عنها المال الذي يعد الإعلان أحد موارده.

الإعلان والأخلاق

كثيراً ما يكون الإعلان موضع نقد من منظور مبادئ الأخلاق، وخاصة مضمون الإعلان وتأثيره في الشخص المتلقي. ومما لاشك فيه أن للإعلان فضل نشر كثير من المعلومات والتعريف بالخدمات والأنشطة المختلفة وأنواع السلع ووسائل الإنتاج، وهو يسهم في تطوير الذوق الفني وخدمة المستهلك وتلبية حاجاته وتيسير شؤون حياته وتمتعه بخيرات الحضارة المعاصرة. ولكن الإعلان من جهة أخرى يلحق الكثير من الأذى الأخلاقي بالمتلقي والمستهلك لما فيه من تمويه ومبالغة واستثارة للخيال وعبارات مقنّعة كثيراً ما تكون السبيل إلى تكوين قناعات خاطئة. ثم إن الإعلان لا يبين حقيقة الموضوع الذي يُعلنه كاملة بل يعبّر عن الجانب المغري منه ويترك ما يكون خلاف ذلك.

وقد يتضمن الإعلان صوراً ورسوماً وكلمات تنطوي على الإغراء وتستثير لدى الفرد دوافع يُهم المجتمع والأخلاق أن تبقى موضع ضبط وتحكّم. ومن ذلك إعلانات العطور والملابس النسائية وغيرها. كذلك قد يعرّض الإعلان الفرد لضغوط كثيرة حين يفرض نفسه عليه بسبب توقيت بث الإعلان أو أسلوب عرضه. وكثيراً ما يعبر الناس عن سخطهم حين يقطع إعلان على شاشة التلفزيون تمتعهم بما يشاهدون، وهو توقيت مقصود للإعلان يجبر المشاهدين على مطالعة الإعلان.

ثم إن الإعلان قد يدخل تعديلاً أو تغييراً في عادات الفرد يؤذي استقراره النفسي ويولد الحيرة والإحباط لديه بسبب تنوع المعروضات وصعوبة الاختيار، وكثيراً ما يولد الإعلان متطلبات جديدة لدى الإنسان لم يكن في حاجة إليها، وربما وجدت أعداد غفيرة من الناس غير قادرة على اقتناء ما يعلن عنه مع الرغبة فيه، ويغدو الإعلان سبباً في دعم التمايز الطبقي والحقد الاجتماعي.

إن هذا النقد الذي يوجه إلى الإعلان من زاوية مبادئ الأخلاق هو نفسه موضع تجريح من المدافعين عن الإعلان. ويؤكد هؤلاء أن عدداً غير قليل من دول العالم تعتمد تشريعات مختلفة لمحاسبة صاحب الإعلان في حالة اختلاقه أكاذيب خلاف الواقع أو تضمين الإعلان صوراً فاضحة أو كلمات فاحشة، وثمة جمعيات كثيرة تدافع عن حقوق المستهلكين وتلزم المعلنين رفد إعلاناتهم بما يعرّف الناس الضرر الذي يمكن أن يأتي من السلعة المعلنة، والمثال هنا إلزام الشركات المنتجة للتبغ الإشارة إلى أضرار التدخين، هذا إضافة إلى أن الإعلان في حد ذاته ظاهرة ديمقراطية تبرز حرية الرأي وتعوّد مطالع الإعلان حرية الاختيار حين لا تلزمه قبول ما في الإعلان.

أغراض الإعلان

يأخذ الحديث عن أغراض الإعلان وجهتين: تتصل الأولى بالإنتاج الذي هو موضوع الإعلان، وتتصل الثانية بالإنسان الذي يوجه الإعلان إليه ويُعدّ الإنتاج له. وتكون الأغراض، من الوجهة الأولى، تعريف الإنتاج سواء أكان بضاعة استهلاكية أم خدمات أم فكرة، ويمكن إجماله تحت عنوان أغراض الإعلان التجارية. أما من الوجهة الثانية فالغرض هو الجانب النفسي من الإعلان أي هو تعامل الإعلان مع سلوك الإنسان والتصرف في ذلك السلوك بطريقة ما.

أغراض الإعلان التجارية: إن الغرض البعيد للإعلان في مجالي الصناعة والتجارة هو تصريف الإنتاج وتحقيق الربح. أما في الخدمات فالغرض هو توفيرها لمن يحتاج إليها في مقابل أجر. وأما نشر الفِكَر فالغرض منه أن تغدو الفكرة موضع اهتمام الآخرين وعنايتهم سواء أكانت كتاباً أم اختراعاً أم فكرة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أم قطعة موسيقية، ويكون الربح في النهاية لمن ينشر الكتاب ويبيعه، كما يكون قبول الفِكَر المطروحة وتبنيها والاهتمام بها أحد أهداف المعلن.

وأغراض الإعلان القريبة إتاحة الفرص للناس لشراء الإنتاج المعلن وحضهم على الشراء وتوسيع دائرة من يرغب فيه. فإذا لم يكن الإنتاج قد طرح في السوق، فإن الغرض القريب هو إثارة فضول الناس ليترقبوا ذلك الإنتاج، وأن يبقى خبَره قوياً في ذاكرتهم وأن يُقبلوا عليه بلهفة لدى ظهوره في السوق.

وإذا كانت البلاد تمر بأزمة اقتصادية، أو كانت الأسعار مرتفعة، أو كان الوقت من الشهر أو السنة غير ملائم للشراء، أو كانت الشركة المنتجة تتوقع ظهور إنتاج جديد يخشى معه كساد الإنتاج السابق القديم، فإن غرضاً جديداً يهدف الإعلان إليه هو مقاومة عزوف الناس عن الشراء أو تراخيهم فيه، وحضهم على الإقبال على الشراء. وتفسر هذه الحالة لجوء المؤسسات التجارية الصغيرة والكبيرة من وقت إلى آخر إلى إعلان «تصفية» و«تنزيلات في الأسعار».

وثمة غرض ثالث يستهدفه الإعلان تجارياً هو دعم المموّل وتعزيز قدرته على المنافسة في الأسواق الحرة وتصريف إنتاجه مع وجود إنتاج آخر يزاحمه. ويبدو هذا الغرض شديد الوضوح في محتوى الإعلان وتفصيلاته، والمثال هنا إعلانات المنظفات المتنوعة المتوافرة في السوق.

أما  الغرض الرابع فيتصل اتصالاً غير مباشر بالإنتاج وتصريفه وهو العامل الذي يشتغل في المصنع والمتجر وكذلك «بائع المفرق». إذ تشجع الإعلانات العمال على مضاعفة الجهد للإكثار من الإنتاج في حال رواجه، ويقوي روحه المعنوية حين يشيد الإعلان بمهارة العاملين في ميدان إنتاجهم وبما يقدمه إنتاجهم من خدمة لمجتمعهم. يضاف إلى ذلك أن وجود الإعلان وانتشاره يشجعان بائع المفرق، حين يكون بائع الجملة هو الممول، على أن يزيد من استدراج البضاعة لأن الناس غدوا يكثرون طلبها.

أغراض الإعلان النفسية: يذهب علم النفس، في دراسة الإعلان، إلى أن الإعلان مؤثر يستهدف التأثير في سلوك الناس من عدة جوانب في اتجاه معين، وليس التسوق في النهاية إلا مظهراً من مظاهر سلوك إنسان دُفع إلى ذلك.

وأول ما يسعى إليه الإعلان هو جذب انتباه الشخص الذي يكون في اللحظة التي سبقت اهتمامه بالإعلان مشغولاً بأمور أخرى، وقد ورد هذا الجانب في تعريف الإعلان. ولكن هذا القول لا يعني أن الإعلان يكتفي بجذب انتباه الشخص وإثارة فضوله فحسب، بل إنه يعني كذلك تأثير الإعلان في ذلك الشخص تأثيراً يؤدي إلى بقاء انتباهه مشدوداً إلى الإعلان مدة تكفي ليعي الإعلان بكل مضمونه. ويكون هذا الغرض للإعلان مقدمة لغرض آخر قريب هو تأثير الإعلان في ذاكرة الشخص تأثيراً يسمح ببقائه فيها إلى أن تبرز الحاجة إلى السلعة التي يتناولها الإعلان، فيسترجع الشخص في ذاكرته ما ورد في الإعلان ويعتمده في تنفيذ عملية الشراء.

أما الغرض الثالث فيتصل بالدافع الذي يحرك سلوك الشخص، والمقصود هنا السلوك الذي يلبي حاجته. والحاجات كثيرة لدى كل إنسان، ويكون من أغراض الإعلان القريبة استثارة الشعور بالحاجة لتدفع صاحبها إلى تلبية ذلك الشعور. ومن أغراض الإعلان كذلك، في هذا المجال، أن تستثار لدى الشخص حاجات جديدة. فالحاجة إلى اقتناء «الملابس» مثلاً أساسية لدى الإنسان، واستثارة هذه الحاجة في مطلع الصيف قد تكون بين أغراض إعلان حول «ملابس الصيف»، ومع ذلك فقد يستهدف الإعلان استثارة الحاجة إلى نوع معين وجديد من تلك الملابس تساير الدُّرْجة (الموضة) أو ذوق العصر، ومثل ذلك ما يتصل بالمكيفات ووسائل النقل وأثاث البيت وغيرها.

فإذا استطاع الإعلان إثارة دافع يلبي حاجة شخص ما، فإن الخطوة الأخرى التي ينتظر من الإعلان أن يحققها هي تكوين القناعة لديه بشأن جدارة السلعة التي يعبر عنها الإعلان. ويكون من بين ما تتوخاه صيغة الإعلان توليد هذه القناعة. ويأتي بعد ذلك دور الإعلان في حفز إرادة التنفيذ عند الشخص. ومع تكرار ظهور الإعلان وازدياد قناعة الشخص بجدوى ما ورد فيه، وتأكده منها بالتجربة، فإن غرضاً إضافياً للإعلان يتحقق، وهو بدء تكوين عادة لدى الشخص في سعيه وراء السلعة التي يتحدث عنها الإعلان كلما شعر بالحاجة إلى تلك السلعة. فإذا صادف أن أدخل المنتج شيئاً جديداً على سلعته، فإنه يوليه أهمية خاصة ساعياً، في الإعلان الجديد، إلى الربط بين إنتاجه الجديد وإنتاجه السابق الذي اعتاد الأفراد شراءه.

وسائل الإعلان

وسيلة الإعلان هي «حامل الإعلان» بعد إعداده، أو هي الأداة التي يخاطَبُ بها من يوجه إليه الإعلان. والوسائل كثيرة، ولكل منها مكانتها وتأثيرها في نشر الإعلان، لذلك فإن من المهم جداً اختيار الوسيلة التي تتوافر فيها أفضل الشروط لتحقق الغرض من الإعلان.

وفي مقدمة وسائل الإعلان الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والاتصال البريدي المباشر واللافتات والإعلانات الضوئية وغيرها كثير. ويغلب على هذه الوسائل أن تتيح للمعلن الفرصة لأن يختار موضع إعلانه من الصحيفة أو المجلة أو البرنامج التلفزيوني والحيز الذي يشغله الإعلان، والمكان والزمان، ومرات تكرار نشر الإعلان، وأن يحدد بعض الشروط الإضافية، وخاصة ما يتصل بإعلانات أخرى عن سلعة من النوع نفسه الذي يقدمه هو، مع العلم أن بعض الشروط الواقعية للوسيلة قد تحدّ أحياناً من حرية المعلن في الاختيار.

والحديث التالي عن هذه الوسائل لا يأخذ بترتيب خاص لها يعتمد على أهميتها أو ظهورها تاريخياً. ومع ذلك فمن اللازم التذكير هنا بما قيل سابقاً من أن ذهن القارئ أو المستمع يتجه مباشرة، لدى عرض موضوع الإعلان، نحو الإعلانات في مجالي الصناعة والتجارة.

الصحف اليومية: تأتي الصحف اليومية في مقدمة وسائل الإعلام. فإذا أُخذ بالحسبان ما تنفقه المؤسسات الصناعية والتجارية في سبيل الإعلان في الوسائل المتنوعة وُجد أن نسبة ما تناله الصحف من عائدات الإعلان يزيد بكثير على ما تناله أي وسيلة أخرى. وتغيرت النسبة بعد شيوع شبكات التلفزة والإنترنت التي طورت كثيراً في تقنيات الإعلان ونفقاته.

والصحف كثيرة في معظم بلاد العالم، إن لم يكن فيها كلها، ولها اتجاهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفيها العامة وفيها المتخصصة في ميدان معين. وتختلف الصحف فيما بينها من حيث عدد صفحاتها وتبويبها، ومواعيد صدورها، كما تختلف من حيث مدى انتشارها وعدد النسخ التي تطبعها ونسبة ما يوزع منها، والبلاد التي تصل إليها، وغير ذلك. ويضع المعلن كل هذه الأمور في حسابه حين يختار الصحيفة لإعلانه.

وتمتاز الصحف من وسائل الإعلان الرئيسية الأخرى بعدد من الخصائص. فهي تصدر يومياً إلا في حالات خاصة، وهي واسعة الانتشار مهما قل عدد النسخ التي توزعها، وهي توفر للمعلن فرصة اختيار واسع النطاق لمكان الإعلان والحيّز الذي يشغله، وهي تصل إلى فئات الشعب كافة. ثم إن القارئ يمكن أن يطالع الصحيفة في بيته أو في الحديقة العامة أو في المطعم أو في وسيلة النقل، ولا يتوافر مثل ذلك لأجهزة الراديو والتلفزيون. ومن هذه الزاوية تيسر الصحيفة للمطالع أن يعرف أين توجد السلعة التي يذكرها الإعلان، يضاف إلى ذلك أن الأجور مرتبطة بالحيز المكاني الذي يشغله الإعلان في الصحيفة، وهي أقل من أجور الإعلان في التلفزيون، ونفقات تعديل مضمون الإعلان في الصحف أقل بكثير من نفقات تعديله في الإذاعة المسموعة أو التلفزيون، مع العلم أن المطالع حر في أن يقرأ الإعلانات في الجريدة وقت يشاء أو يهملها، وأن يكرر مطالعة الإعلان كلما أراد.

المجلات: تعدّ المجلة، وما في بابها من الدوريات، في وسائل الإعلان المهمة، وهي تشترك مع الصحيفة اليومية في صفات وتختلف عنها في صفات، ومنها الإعلان إذ يتمتع المعلن فيها بحرية أكبر في اختيار مكان الإعلان ومساحته، ويمكن للقارئ مطالعة المجلة في مختلف الأمكنة داخل بيته وخارجه، وليس فيها إكراه يمارس على المطالع ليقرأ الإعلان، ومطالعة الإعلان وتكرار ذلك رهن بإرادة من يقتني المجلة أو يحصل عليها.

كذلك تختلف المجلة عن الصحيفة في عدد الصفحات، وهي أطول بقاءً من الصحيفة لدى من يقتنيهما، وقد يحتفظ بها المرء لسنوات. ثم إن القارئ يشعر أمام المجلة بمستوى علمي وأدبي يرتفع فوق مستوى الصحيفة اليومية. وفي المجلات تخصص أوسع بكثير مما في الصحف اليومية، وهي تمكن المعلن من أن يقف عند فئة معينة من القرّاء، كما هي الحال مثلاً في بعض الأدوية الطبية. ويبدو مستوى الوجه العلمي للإعلان في المجلة، ولاسيما المتخصصة، أكثر بروزاً ووضوحاً مما هو عليه في الصحيفة اليومية. وإذا كان يهم المعلن أن يبحث عن صحيفة واسعة الانتشار عامة، فإن اهتمام المعلن في المجلة يتجه عادة نحو المجلة الأوسع انتشاراً بين جمهور خاص يريد المعلن أن يصل إعلانه إليهم. وفي حالات معينة يحتمل ألا يبلغ الإعلان أغراضه عن طريق الصحيفة اليومية إذا كان موضوعه من تخصص عال، ويغدو المكان الطبيعي لذلك الإعلان المجلة المتخصصة، ويدخل فيه ما لا يجب أن يُنشر إلا بين جمهور المتخصصين، ثم إن عدداً غير قليل من المجلات يصدر عن مؤسسات إنتاج أو تجارة أو فكر، ويندر مثل هذه الحال في الصحف اليومية، مع العلم أن من الممكن وجود جهات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية معينة تمول الصحيفة اليومية، وتنتشر صحف ومجلات تهتم بالإعلان فقط وتوزع مجاناً.

الإذاعة: يوفر الجهاز المعروف باسم «الراديو»، لاستقبال البث الإذاعي المسموع، فرصة جيدة للإعلان: إذ يكاد يتوافر لدى كل أسرة وفي كل سيارة، والبث الإذاعي يستمر معظم ساعات اليوم، ويمكن فرض شروط معينة على الإعلان عن طريق الإذاعة تدعم جاذبيته وعنصر التشويق فيه، ويدخل في ذلك الموسيقى المرافقة والعبارات المنمقة والطريفة والحوار بين الأشخاص. والإعلان عن طريق البث الإذاعي ليس مرتفع الأجر، وتكرار إذاعته يسير، وكثيراً ما تتكون صلة وثيقة بين الفرد والراديو تفوق قوة الصلة بين الفرد والصحيفة اليومية أو المجلة، ولاسيما أن الاستماع إلى الراديو لا يشغل المرء عن الاهتمام بأمور أخرى في البيت أو العمل. ثم إن الإعلان المسموع المرافق بنغمات خاصة كثيراً ما يترك في المستمع أثراً لا يتوافر للصحيفة فتراه يردد النغمات المرافقة لإعلان مذاع، وهو أمر لا يتوافر عند الإعلان في الصحف.

ولكن الناس قد يشعرون بالضجر ويتأففون عندما يتكرر تواتر الإعلان في الراديو على كره منهم، وخاصة حين يقطع الإعلان عليهم صفو الاستماع إلى حديث شيق أو أغنية يحبونها. ثم إن الإعلان عن طريق الراديو، مع كل ما فيه من إغراء، أقل غنى بمعطياته من الإعلان التلفزيوني.

التلفزيون: يعدّ الإرسال التلفزيوني من أهم وسائل الإعلام التي يمكن أن تستغل في الإعلان. والإعلان الذي تقدمه هذه الشاشة، صوتاً وصورة، ليس جامداً كما هي الحال في إعلانات الصحف والمجلات بل إنه ينطوي على الحركة والحياة، وفيه تنوع. ومن هذه الزاوية يوفر التلفزيون الفرصة للمعلن لأن يبيّن كل التفصيلات التي يريدها، وأن يبرز كل الجوانب التي يرغب فيها، ومن الممكن إغناء الإعلان بأشكال من التشويق تفوق بكثير ما يمكن أن يقدمه الإعلان المكتوب أو المسموع، بما يرافقه من موسيقى وغناء، وصور متحركة، وجو إنساني، إضافة إلى أن تعدد القنوات التلفزيونية وانتشار شبكاتها يوفران للمعلن فرصاً كبيرة لاختيار القناة الأفضل لإعلانه.

إلا أن للتلفزيون مساوئه كذلك في مجال الإعلان. فأجور الإعلان فيه مرتفعة جداً بالموازنة مع أجور الإعلان في الصحف والمجلات، وتكاليف إعداد الإعلان للبث التلفزيوني والمدة الزمنية التي يشغلها الإعلان من أوقات البث مرتفعة أيضاً. لذلك كثيراً ما يصعب على المعلنين الصغار منافسة إعلانات المؤسسات الكبيرة. ومن هنا يمكن القول إن التلفزيون يخدم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة ولا حظّ فيه لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة.

ويعد التلفزيون من الأثاث الثابت، ولا يتوافر في كل مكان كما تتوافر الصحيفة أو الراديو، ويغلب أن يكون في البيت أو المقهى وهو يحتاج إلى توجيه حاستي البصر والسمع إليه وبذلك تكون مشاهدة ما يعلن على شاشة التلفاز محدودة زماناً ومكاناً.

السينما: تعد شاشات دور السينما في وسائل الإعلان الواسعة الانتشار. وتتمحور خصائصها حول ما يمكن أن يحتويه الإعلان وحول المشاهدين. فالإعلان المعدّ على صورة فيلم سينمائي يعرض تفصيلات دقيقة عن كل ما يتصل بموضوع الإعلان ويستطيع التحكم بالجزئيات في الإعلان، وقد ينطوي الفيلم السينمائي على مغريات تفوق ما في العرض التلفزيوني وذلك بسبب الأجواء الخاصة بدور السينما. والإعلان في دور السينما يعرض دفعة واحدة على مجموعة كبيرة من المشاهدين، كذلك فإن أساليب الإثارة في دار السينما وفي الفيلم تشد انتباه المشاهد إلى ما يُعرض.

إلا أن الإعلان السينمائي يواجه، مع ذلك، صعوبات بسبب مزاحمة التلفزيون وأفلام الفيديو ونوعية الجمهور الذي يرتاد دور السينما وغير ذلك. وقد أدت هذه الصعوبات، في بعض الحالات، إلى التخفيف من عرض الإعلانات في دور السينما وتفضيل غيرها من وسائل الإعلان.

الاتصال البريدي: كثيراً ما يتم اتصال المعلنين بالأفراد أو المؤسسات عن طريق البريد، بإرسال إعلاناتهم على شكل نشرات أو بيانات مفصلة أو عينات من منتجاتهم يصعب الإعلان عنها بوسائل أخرى.

ثم إن الغالب أن يعتمد الاتصال البريدي لإرسال الإعلان إلى أفراد أو مؤسسات معينة لها اهتمام بالسلعة المعروضة أو الخدمات أو الأفكار موضوع الإعلان، وغالباً ما يكون عدد الأفراد، أو المؤسسات المعنية محدوداً. وتكون النفقات التي يتحملها المعلن غير مرتفعة. ثم إن المعلن يعرف، بهذه الطريقة أن خبر بضاعته وصل إلى الأشخاص الذين يقدر أنهم يهتمون بها، وقد يكون كثير من هؤلاء في بلد بعيد لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البريد. أما إيجاد عنوانات من يرسل الإعلان إليهم بهذه الطريقة فأمر يسهل تداركه عن طريق متعهد أو عن طريق دراسات خاصة تقوم بها المؤسسة التي تمول الإعلان، والوسائل في مثل هذه الدراسات كثيرة واستخدم البريد الإلكتروني في الإعلان لأنه أسرع وأرخص من الاتصال البريدي السريع.

وسائل إعلان أخرى: ثمة وسائل إعلان أخرى يمكن اعتمادها في الترويج لسلعة أو خدمة أو فكرة، ومن هذه الوسائل ما له تاريخ طويل في حياة الإنسانية، كالعرض في المحلات التجارية، وتعليق اللافتات ولوحات الإعلان في الطرق أو قرب المحلات التجارية أو على السيارات والحافلات أو ربطها بمناطيد أو طائرات مخصصة للإعلان. ومنها كذلك الملصقات ودليل الهاتف والإعلانات المضيئة والهدايا التي ترسل بمناسبات الأعياد وغيرها. ومع كل ما ينفق في هذا المجال فإن ما ينفق لا يُعدّ كثيراً إذا ووزن بما ينفق على الإعلانات في التلفزيون. إلا أن من اللازم القول إن محتوى الإعلان في مثل هذه الوسائل لا يكون واسعاً وإن مجالات الإغراء والتشويق فيه ضيقة.

إعداد الإعلان وإخراجه

الإعلان حصيلة عملية متعددة الجوانب والمراحل، وهذه العملية هي المقصودة في مصطلح «صناعة الإعلان». ويسهم فيها أشخاص كثيرون مختلفو الاختصاص وتستعمل فيها تقنيات متنوعة. وقد انعكس تعدد جوانب الإعلان، والصورة التي يأخذها في خاتمة المطاف على المؤسسات العاملة في الإعلان، فغدا أكثرها يضم أقساماً متخصصة.

وتعتمد عملية الإعلان على عدد من المصادر الرئيسية التي توفر لها المعلومات والمنطلقات اللازمة لتنجز مهماتها. وفي مقدمة هذه المصادر أربعة: ثلاثة منها عامة، أما الرابع فخاص ويرتبط بالسلعة والمنتج. والمصادر الثلاثة الأولى هي: الدراسات التي تجعل الإعلانات المتوافرة على أرض الواقع وما هو في بابها موضوعاً لها، والدراسات التي تهتم بالأسس النفسية للإعلان، والدراسات المعنية بما يجب أن يتوافر في الإعلان ليكون فعّالاً. أما المصدر الرابع فهو الوقائع المتعلقة بالإنتاج أو الخدمات أو الأفكار التي يعرّف الإعلان بها وبالجهة الممولة أو المنتجة.

1ـ الدراسات العلمية حول الإعلانات: يتناول البحث العلمي المهتم بالإعلان جوانب الإعلان كلها ساعياً وراء استنباط الحقائق العلمية وتوظيفها في تطوير الإعلان. ومن الممكن تصنيف البحوث حول الإعلانات في أربع فئات هي: تعرّف تأثير الإعلان في الناس، وتعرف أثره في تصريف الإنتاج، ودراسة النواحي الفنية في الإعلان ومدى ما يستدل منه على بعض المظاهر الحضارية في المجتمع الذي ينشر فيه.

أ ـ البحوث الهادفة إلى تعرّف تأثير الإعلان: ينشر الإعلان في واحدة أو أكثر من وسائل الإعلان، وتتجه البحوث إلى معرفة تأثير الإعلان في الناس في كل من هذه الوسائل من أجل بلوغ أهدافها، تعتمد البحوث على طرائق علمية متعددة منها: ملاحظة الناس في حياتهم الواقعية، واستجواب عيِّنة من الناس في مقابلة مباشرة وإفرادية، وطرح أسئلة معدّة سلفاً في بطاقات عن طريق البريد أو البريد الإلكتروني والاتصال الهاتفي أو الشخصي، والتجريب المنظم، وغير ذلك. ويسعى الباحث، في كل حالة، إلى جمع حقائق تتصل بعادات الناس حول مطالعة اللافتات والملصقات وقراءة الصحف والمجلات والاستماع إلى الإذاعة ومشاهدة ما يعرض في التلفزيون أو الإنترنت.

يسعى الباحث في كل حال إلى معرفة التفصيلات اللازمة لبحثه ومعرفة مدى اهتمام الناس بالإعلانات في وسائل الإعلام المختلفة، وما يجذبهم في الإعلان، وفي أي الأوقات يكون نشر الإعلان هو الأفضل في إثارة اهتمام أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين يوجه إليهم، وفي أي مكان أو حيز من وسيلة الإعلان يكون وضع الإعلان مناسباً، علماً بأن للصفحة الأولى من الصحيفة أو المجلة مكانتها من عادات القراءة، وخاصة القسم العلوي منها، كما أن للفواصل بين البرامج الإذاعية قيمته، وللحيز ضمن برنامج ما قيمته. وكثيراً ما يحدث أن يستخدم الباحث الاتصال الهاتفي بعدد من الأسر في ساعات من اليوم لمعرفة البرنامج الذي تستمع إليه الأسرة أو تشاهده، ولمعرفة رأيها في آخر إعلان شاهدته قبل الاتصال الهاتفي. ثم إن الباحث كثيراً ما ينظم موقفاً تجريبياً يضم مجموعة من الأشخاص وعدداً من الإعلانات ليحصل على نتائج تجريبية بشأن تأثر أولئك الأشخاص بالبرامج التي تقدم.

ب ـ البحوث الهادفة إلى دراسة أثر الإعلان في تصريف الإنتاج: تتجه بحوث علمية كثيرة نحو دراسة مدى تأثر تصريف الإنتاج بالإعلانات ودراسة درجة زيادة «المبيعات» بعد نشر إعلان معين في وسيلة معينة. وقد اختلفت نتائج بعض البحوث في هذا المجال، وتبين في أكثر البحوث أن الإعلان المعدّ إعداداً جيداً والمقدم بوسيلة واسعة الانتشار ساعد على تحقيق زيادة ملحوظة في مقدار ما يباع مما يعلن. ويؤيد هذا الاتجاه استمرار المؤسسات الصناعية والتجارية وغيرها في تمويل مزيد من الإعلانات ولاسيما في الوسائل المتطورة.

جـ ـ البحوث المعنية بالفن في الإعلان: أدى تطور الإعلان، ولاسيما في المدة التي تلت الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، إلى عناية خاصة في تضمين الإعلان صوراً وألواناً وربط محتواه بلوحات تشكيلية فنية متميزة، وإلى عناية خاصة بمرافقة الإعلانات المسموعة أو المرئية بأنماط من الموسيقى والغناء والرقص. وكان من نتائج هذا التطور أن غدا الفن التشكيلي في الإعلان موضوع دراسات مختلفة: اهتم بعضها بالربط بين المدارس الفنية وفن الإعلان، وعمل بعضها الآخر على إقامة معارض للإعلان تبين تنوع فنونه. وكان من بين النتائج كذلك أن ظهر متخصصون فنيّون في الإعلان ينتمون إلى مدارس فنية معينة. كذلك كان من نتائج تطور ما يرافق الإعلان أن اتجهت بعض الدراسات إلى أنواع الموسيقى والغناء والرسم التي تسهم في جعل الإعلان جذاباً وفعالاً.

د ـ البحوث الهادفة إلى تعرف المظاهر الحضارية: يدل تحليل الإعلانات في بلد ما على أنها تكشف عدداً غير قليل من المظاهر الحضارية في ذلك البلد. إنها تبين الكثير مما يتأثر به الناس في مجال الكلمة والعبارة واللون والإطار والشعارات، وما يوافق الذوق الفني، وما يتماشى مع ما هو سائد من حيث الملبس والأثاث والعطور وأدوات الزينة والأدوات المنزلية، وأكثر مظاهر الحضارة الأخرى. كذلك يبين تحليل الإعلانات المظاهر التي تستثير الدوافع بين أفراد المجتمع سواء أكانوا جماعات أم فئات عمرية أم غير ذلك، ولعلَّ في فحص الواقع في مجتمع من المجتمعات الحالية من انتشار لبعض الشعارات أو الأسماء التي ترسم على القمصان وغيرها من الملابس ما يشير إلى ظاهرة حضارية خاصة. يضاف إلى ذلك أن تحليل الإعلانات يقدم الكثير من المعلومات عن الأدوات والأجهزة المختلفة التي يستعملها أهل ذلك البلد.

ولما كان للتاجر والصانع رأي في الإعلان التجاري الذي يمولانه، فإن الإعلان يؤخذ، في حالات كثيرة، مؤشراً على ميول هؤلاء واتجاه تفكيرهم فيما يتصل بتقويمهم لإنتاجهم، وقيمهم الشخصية وقيم مجتمعهما.

ثم إن الدراسة العلمية لتطور الإعلان في مجتمع ما تاريخياً تقدم معلومات عن التطور الاجتماعي والحضاري لذلك البلد. وحين تكون هذه المعلومات موثقة فإن الإعلان يمكن أن يُوظَّف لا من أجل تصريف السلع المعلنة فحسب، بل من أجل الإسهام في تطور البلد حضارياً.

2ـ الأسس النفسية في الإعلان: يوجَّه الإعلان إلى فئات من الناس قد تكون كثيرة العدد، ويهدف إلى جذب انتباه الناس ودفعهم إلى تعرف ما يعلنه والسعي للحصول عليه. ويعني هذا الهدف أن الإعلان معنيّ بتوجيه سلوك الأفراد من الفئات التي يخاطبها. ويستفيد العاملون في الإعلان من إنجازات علم النفس بفروعه المتعددة لجعل إعلاناتهم فعالة، وفي مقدمة الأسس التي يعتمدون عليها من علم النفس ما يتصل بالجوانب التالية:

أ ـ الحواس والانتباه: إن الحواس لدى الإنسان هي نوافذه على العالم الخارجي المحيط به ووسيلته الرئيسية في إدراك المعارف عن هذا العالم.

ولما كان لكل حاسة وظائفها، فإن اجتماع أكثر من حاسة في تلقي المؤثر الخارجي يؤدي إلى شمول أوسع في إدراك ذلك المؤثر والحصول على معلومات عنه. ويسعى المعلن دائماً إلى تضمين إعلانه مؤثرات في أكثر من حاسة من حواس المتلقي أو أكثر من وظيفة من وظائفها ليجذب انتباهه إلى مضمون الإعلان، ويضع في حسابه أن يستمر عرض الإعلان مدة كافية تستدعي لفت انتباه المتلقي وتدفعه إلى التأمل.

ب ـ الدوافع والصراعات: يجمع علماء النفس على أن وراء كل سلوك يسلكه الإنسان دافعاً أو أكثر يحرك سلوكه ويحرضه ويوجهه ويستمر في ذلك إلى أن يتحقق غرضه منه. ويذكر علم النفس أن لقوة الدافع مكانتها في تحريض الفرد على نهج سلوك معين، وأن الدوافع يمكن أن تتصارع حين لا يستطيع الفرد تلبية أغراضها جميعاً، وتكون الغلبة في الصراع، على الأكثر، للدافع الأقوى.

ينطلق معدّ الإعلان من هذه المبادئ ليجعل الإعلان قادراً على إثارة دوافع معينة لدى المتلقي، وتعزيز قوة دافع أو أكثر بحيث يتغلب الدافع الأقوى الذي يدعمه الإعلان. ويقتضي ذلك أن يكون معدّ الإعلان حاذقاً في لعبة تحريك الدوافع والسيطرة على الصراعات بينها. ولعلَّ من المناسب أن يتذكر المرء هنا ما تفعله الإعلانات الخاصة بالتوفير من أجل الشيخوخة والصراع الذي تثيره بين رغبة الفرد بسلامة العيش في مستقبل أيامه ورغبته في الإنفاق فيما يلزم في يومه وشهره.

جـ ـ الحفظ والتذكر: يكثر أن يطالع المرء إعلاناً في الصحيفة أو التلفزيون لا حاجة له فيه في ذلك الحين، ولكن تطرأ حاجته إلى الحصول على ما ذكره الإعلان في وقت متأخر. ويعني ذلك أن على الشخص أن يتذكر مضمون الإعلان وأن يستطيع استعادة ما خزن في ذاكرته عن ذلك الإعلان حين يرغب في ذلك. ويعتمد الإعلان هنا على معطيات علم النفس المتصلة بحسن الحفظ والتذكر، ويدخل في هذه المعطيات تكرار مضمون الإعلان، لأن التكرار من وسائل الحفظ، ويدخل الأثر الشديد الذي يجب أن يتركه الإعلان في نفس مطالعه والترابط القوي بين ما ينطوي عليه الإعلان ودوافع الشخص.

د ـ الترابط والتداعي: يخطر على بال الإنسان، في مناسبات متعددة، أمر يعود إلى الماضي ولا يكون هو ساعياً وراءه، وتقع مسؤولية الاستعادة على حضور ذهن الإنسان، وقد وجد بين الأمرين ترابط أو تشابه أو تناقض. ويسمي علم النفس هذه الظاهرة ظاهرة التداعي إذ تستدعي حادثة في شعور الإنسان حادثة من ماضيه لصلة بينهما. ويسعى واضع الإعلان إلى الإفادة من هذه الظاهرة التي يكثر الحديث عنها في علم النفس، فيعمد إلى الربط بين ما يتحدث الإعلان عنه، أو يذكره في جزء منه، وحادث تاريخي أو أثر حضاري أو سيرة بطل في الرياضة أو النضال فيؤدي ذكره إلى تذكر ما يدعو الإعلان إليه. ومن الأمثلة التي تضرب في إيضاح اعتماد الإعلان ظاهرة التداعي، ربط الإعلان بين نوع من الأحذية وبطل مشهور في الألعاب الرياضية.

هـ ـ الإقناع والإيحاء والمسوّغات العقلية والعاطفية: إن قناعات الإنسان وعواطفه هي التي توجه سلوكه عامة ويكون الإقناع بتقديم مسوّغات عقلية ومسوغات عاطفية، فقد يتم الاقتناع بالإيحاء إلى أن يقبل المخاطب أمراً يريده الموحي الذي يحتل غالباً مكانة عالية في تقدير ذلك الشخص كأن يلبي الأب طلباً لابنته التي يحبها مهما كلفه الأمر، وفي قبول الصغير تفسيراً لحادثة يقدمه الكبير الذي يثق به.

ويحاول واضع الإعلان دائماً الإفادة من طرائق الإقناع والإيحاء عند اختيار نص الإعلان ومضمونه، وهو يجيد التحدث إلى عقل الفرد وعواطفه، واستغلال انفعالات الشباب، ونزوع بعضهم إلى تقليد ما يفعله شباب آخرون من مجتمعات أخرى أو نزوعهم إلى حب الظهور في مجتمعهم. كذلك يحذق واضع الإعلان لغة الحديث المناسبة مع كل فئة من الفئات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

و ـ الفروق الفردية: يقصد بالفروق الفردية الفروق بين الأفراد، والفروق بين الجنسين، والفروق بين الأعمار من حيث القدرات، والاهتمامات والميول، والاتجاهات، والقيم، والثقافة وغيرها.

وعلى واضع الإعلان أن يراعي هذه الفروق حين يوجه خطابه إلى الناس عامة أو إلى الذكور أو إلى الإناث أو إلى الشباب أو إلى الشابات أو إلى المتقدمين سناً. فالحديث عما يلزم للكهل لا يجلب انتباه الشاب عادة، والحديث عن ملابس الأطفال تهتم به النساء أكثر مما يهتم به الرجال، والحديث عن «المشروبات الغازية» يوجه إلى الشباب أكثر مما يوجه إلى الكبار، وإعلان الألبسة الرخيصة لا يهم كثيراً الميسورين مالياً.

 3ـ الدراسات المعنية بالعناصر الأساسية في الإعلان: يشمل الإعلان عدداً غير قليل من العناصر، منها الكتابة والخطوط والرسوم والألوان وما يرافق ذلك من شعارات أو موسيقى أو غناء، انطلاقاً مما تقتضيه الوسيلة التي تحمل الإعلان. وقد جعلت هذه العناصر موضوعات لدراسات علمية متعددة انطلق بعضها من المعارف التي يقدمها علم النفس وانطلقت أخرى مما يتوافر في مجموعة من الإعلانات ذكر محكمون موثوقون أنها كانت فعالة جداً. وكثيراً ما جمعت الدراسات بين معطيات علم النفس ومعطيات الواقع في بيان العناصر الأساسية التي يجب أن تراعى لدى إخراج الإعلان ليكون فعالاً. وتأتي العناصر التالية في مقدمة ما تلح عليه الدراسات مع ملاحظة أن الأخذ بها أو ببعضها يجب أن يتناسب مع وسيلة الإعلان نفسها.

أ ـ الكتابة في الإعلان: تعد الكلمة عنصراً رئيسياً في الإعلان سواء أكان مما يُقرأ أم يُسمع أم يُشاهد، والكلمة التي تذكر وحدها، أو في عبارة، هي ما يرغب معدّ الإعلان أن تصل إلى من يوجه إليه الإعلان. وليس من الغريب أن يسعى كاتب الإعلان وراء انتقاء الكلمات سعي الشاعر أو الأديب، وقد يكون الأمر أصعب من ذلك، لأن كاتب الإعلان يرغب في التعبير عما يعلنه تعبيراً يناسب من يوجه الإعلان إليه. ويعدّ الإعلان الذي يحمل مسحة أدبية جميلة وأسلوباً جذاباً ذا تأثير بالغ في جذب انتباه الناس والوقوف أمامه وحفظه مدة طويلة.

ثم إن الابتكار والتجديد في النص أمر مهم لأن تكرار أقوال كثر تداولها، أو كلمات كثر استعمالها، يضعف أثر النص المكتوب. وفي جملة ما يسعى إليه الابتكار تضمين النص مسألة تستدعي انشغال ذهن المخاطب، والجمع بين أكثر من قول، ولاسيما إذا كان هناك قول مأثور يرتبط بحادثة مهمة أو شخص مرموق اجتماعياً، مما يساعد كثيراً على الترابط اللازم في التداعي وحفظ ما أورده الإعلان واستعادته بسرعة في المستقبل. وكثيراً ما يتطلب الإعلان ذكر عنوان محدد، كما أن اختيار المكان أو الحيّز الذي يوضع العنوان فيه ينطوي على جاذبية خاصة. وأكثر ما يشغل بال المعلن أو واضع الإعلان المساحة التي يجب أن يشغلها الإعلان ومكانه في وسيلة الإعلان التي تم اختيارها، وتوقيت بثه إذا كان الإعلان في الإذاعة أو التلفزيون. وفي كلتا الحالتين يجب أن يأخذ واضع الإعلان في حسابه عدداً من الأمور، أهمها إمكانات ممول الإعلان وفق الشروط التي تفرضها وسيلة الإعلان ومدى الفائدة (الجدوى) التي يحققها من وراء إعلانه. وتواجه شروط النشر الصعبة والنفقات تحدياً لواضع الإعلان ليبتكر إعلاناً يُنشر ويلبي أغراضه على نحو جيد ويكون من حيز يتناسب وما يرغب الممول في إنفاقه من المال.

ب ـ اللون والرسم في الإعلان: تحتل الألوان والرسوم والصور مكانة أساسية في الإعلانات الحديثة، ويعتمد اختيار الألوان ووضعها وتناسقها أو تباينها اعتماداً كبيراً على المستوى الفني لمصمم الإعلان ومخرجه وذلك بسبب من أثر اللون وتنوعه في مُطالع الإعلان. وتقدم رسوم كبار الفنانين أمثلة عن مكانة تناسق الألوان في لوحاتهم وعن الجاذبية التي يضفيها تباين الألوان أحياناً.

وقد يختار الرسم من الطبيعة أو يكون تجريدياً أو يُختار من حياة الجماعة. ويلجأ الإعلان إلى الرسم لأنه يقترب بذلك من حياة الإنسان الواقعية ويوفر فرص تنوع الإعلان والتقريب بين النص والرسم والميزات التي يقدمها الإنتاج الذي يتحدث عنه الإعلان. ولكن الإعلان يأخذ بالحساب كذلك التمايز بين ما ينطوي عليه والتفريد حين يكون الغرض إبراز جانب أو جوانب معينة مما ترمز إليه الألوان أو الرسوم.

جـ ـ الحركة في الإعلان: تحتل الحركة في الإعلان مكانة عظيمة الأهمية في استثارة الحواس  وجذب الانتباه والتأثير في الذاكرة، وقد أكدت هذه المكانة كثرة انتشار الإعلانات التي تعتمد على الحركة والضوء.

والحركة المقصودة في الإعلان نوعان: واقعية ومتخيلة. تظهر الأولى في الحركات الضوئية، والحركة المتنوعة في الإعلانات التلفزيونية، والحركة في الإعلانات التي تأخذ أشكالاً مجسمة. أما الحركة المتخيلة فهي ما يؤدي إلى تخيلها تنوع الألوان والرسوم في الإعلان: فالتنوع الحاذق والترابط يستطيعان معاً أن يوحيا إلى ما يشبه الحركة ضمن الإعلان الساكن.

د ـ العناصر الأخرى المرافقة: هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يكثر استعمالها في الإعلانات وتكون مرافقة لمضمون الإعلان. من بين هذه العناصر رسوم يمكن جعلها خلفية للإعلان المكتوب، ومن بينها دعابات أو أحجيات تحيط الإعلان بجو خاص من المرح والمتعة. ومن بين العناصر التي أثبتت جدواها في الإعلانات الإذاعية أو التلفزيونية الموسيقى والغناء على وجه الخصوص، وقد يضاف إليها ضروب من الرقص في الإعلانات التلفزيونية.

4ـ دراسة الوقائع المتعلقة بموضوع الإعلان: يحتاج من يعدّ الإعلان إلى معلومات متكاملة عن البضاعة أو الخدمات أو الأفكار التي تؤلف موضوع الإعلان ليستطيع تقديم الموضوع إلى المتلقين تقديماً متكاملاً وفعالاً. وتشمل المعلومات المطلوبة أوصاف السلعة، وما تتميز به من أنواع السلع الأخرى المماثلة، والفائدة منها ومدى تلبيتها لحاجات الناس، وأين توجد هذه السلعة حين يسعى الشاري إليها. يضاف إلى ذلك أن معدّ الإعلان يحتاج إلى معلومات عن الشركة المنتجة ومراحل العمل حتى خروج السلعة إلى الأسواق والتقنيات الخاصة التي لزمت في ذلك.

يقدم مموّل الإعلان هذه المعارف بالطريقة التي تكون متناسبة مع سياسة الإنتاج في مؤسسته. ويجب أن يتذكر المرء هنا أن هذه المعطيات توفر الأساس للعناصر التي يجب أن يبرزها الإعلان، وللتشويق الذي يجب أن ينطوي عليه، ولمواجهة جانب المنافسة التي تأتي من إنتاج شركات أخرى. وكثيراً ما يعمد معدّ الإعلان إلى زيارة مركز الإنتاج واللقاء بالعمال ليخرج في إعلانه ما توفره له ملاحظاته الخاصة واتصالاته المباشرة.

نعيم الرفاعي

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الاتصال ـ الإعلام.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ نعيم الرفاعي، علم النفس في الصناعة والتجارة (المطبعة التعاونية، دمشق 1964).

-MEL S.HATTWICK, The New Psychology of Selling (Mc. Graw-Hill Co. Inc., N.Y.1960).

-HARRY WALKER HEPNER, Modern Advertising (Mc. Graw-Hill Co. Inc., N.Y.1956).

-WALTER WEIR, On the Writing of Advertising (Mc. Graw-Hill Co. Inc., N.Y.1960).


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 785
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 565
الكل : 29655963
اليوم : 35973

تشابك (كارل-)

تْشابِك (كارل ـ) (1890 ـ 1938)   كارل تشابك Karel Capek صحفي وأديب تشيكي، ولد في مالِه سْفاتونوفيتْسِهMalé Svatonovice وتوفي في براغ Pragne، كتب في الأدب والفن والفلسفة والخيال العلمي متعاوناً مع أخيه جوزيف Josef الذي كان أيضاً فناناً ماهراً. درس تشابك الفلسفة في براغ وبرلين وباريس بين 1909-1915، وعمل بعد حصوله على الدكتوراه أمين مكتبة عامة ثم مدرساً خاصاً ثم صحفياً، وقام خلال الثلاثينات برحلات طويلة إلى إيطالية وإنكلترة وإسبانية وهولندة والدنمارك والسويد والنروج،
المزيد »