logo

logo

logo

logo

logo

التحريك الحراري (الترموديناميك)

تحريك حراري (ترموديناميك)

Thermodynamics - Thermodynamique

التحريك الحراري (الترموديناميك)

 

علم التحريك الحراري (الترموديناميك) thermodynamics هو فرع من الفيزياء تتم فيه دراسة تحولاتٍ تجري في أجسام مادية، وتؤدي فيها درجة الحرارة في الغالب، دوراً أساسياً.

نشأ التحريك الحراري عند دراسة تحسين مردود المحركات الحرارية التي يستمد منها اسمه، لكنه مالبث أن شمل فروع الفيزياء الأخرى وعلوماً مختلفة كالكيمياء وعلم الحياة وامتد إلى فرع المعلوماتية. وهو يتناول الآن معظم التحولات التي تجري في الطبيعة ويحكمها، واكتمل بناؤه علماً يقوم على مبادئ محدّدة في بداية هذا القرن، فقام على ثلاثة مبادئ يضيف إليها بعضهم مبدأ رابعاً سُمّي المبدأ الصفر.

تتناول هذه المبادئ الجمل (النظم) systems من وجهة نظر جهرية macroscopic، وسمي هذا العلم لذلك «الترموديناميك التقليدي» classical thermodynamics. وبعد ظهور البنية الذرية للمادة، ومحاولة الربط بين سلوك الذرات منفردة وسلوكها وهي جماعات (أجسام)، تزاوجت مفاهيم الإحصاء والميكانيك في «الميكانيك الإحصائي» الذي أغنى الترموديناميك وأعطى تفسيرات جديدة لمبادئه، واعتُمدت استناداً إلى ذلك مبادئ جديدة تعد أساساً لما يسمّى الترموديناميك الإحصائي statistical thermodynamics. وإن دخول الترموديناميك الفروع المختلفة في الفيزياء دفع بعضهم إلى تسميته الفيزياء الحرارية أو الفيزياء الإحصائية، كما أن وجود تطبيقات كثيرة للترموديناميك في الكيمياء ووفرة ما يتنبأ به عن التفاعلات أدى إلى ظهور ما يعرف بالترموديناميك الكيميائي.

مبادئ الترموديناميك التقليدي أو قوانينه classical thermodynamics principles or laws

أدخل الترموديناميك مفهومات خاصة به مثل الخزان الحراري heat roservoir أو المنبع الحراري heat source الذي يفترض فيه عدم تغير خواصه عند تبادل الطاقة مع الجملة الترموديناميكية التي تُعرّف بأنها أي جزء من الكون يقتطع لتتم دراسته، ويسمى ما تبقى من الكون عندئذ الوسط الخارجي، فهي تعميم للجسم المدروس. وإذا كانت الجملة الترموديناميكية لا تتبادل المادة مع الوسط الخارجي قيل إنها مغلقة، أما في الحالة المعاكسة فتوصف بأنها مفتوحة. كذلك حدّد الترموديناميك طريقة معينة مستقلة عن الإحساس البشري لتحديد درجة الحرارة، وفرّق بين درجة الحرارة وكمية الحرارة، وحدّد أن الجملة تكون في طور وحيد إذا تغيَّرت خواص الجملة تغيراً مستمراً فيها، ويزداد عدد الأطوار إذا حدث انقطاع أو أكثر في بعض خواص الجملة. وقد صيغت المبادئ الأساسية من أجل جملة متجانسة في طور واحد ثم نوقشت الجملة في أطوارها المختلفة. وتربط هذه المبادئ بين المقادير في حالات توازنية، وتدرس العلاقات بينها فيما يسمى أحياناً الترموديناميك التوازني. وهناك قوانين أخرى تتناول دراسة التفاعلات الكيمياوية وسرعاتها فيما يسمى الترموديناميك اللاتوازني. وفيما يلي المبادئ الأساسية:

آ ـ المبدأ الصفر: يتيح هذا المبدأ استخدام موازين الحرارة (مقاييس درجة الحرارة) للمقارنة بين حالات الجمل المختلفة وينص على ما يلي: إذا كان جسم أول A متوازناً حرارياً مع جسم ثانٍ B، وكان الجسم الثاني B في توازن حراري مع جسم ثالث C فإن الجسم A يكون أيضاً في توازن حراري مع C.

ب ـ المبدأ الأول أو مبدأ التعادل (التكافؤ) principle of equivalence: ظهر هذا المبدأ على أنقاض نظرية حفظ السائل الحراري caloric fluid التي وضعت لتشرح ما يحدث عند تماس جسمين مختلفين في درجة الحرارة، فهي تفيد بأن سائلاً حرارياً ما يسري من الجسم الأسخن إلى الجسم الأبرد حتى يحدث تساوي درجتي حرارتيهما. وقد لاحظ ب طمْسون B.Thompson (الملقب بالكونت رمْفورْد) عام 1798م ارتفاع درجة حرارة أسطوانة المدفع عند خرطها في حين لا يكون هناك جسم حار يزوِّدها بالسائل الحراري وفق النظرية السابقة. ووضح بذلك إخفاقها، وتأكد هذا عندما قام هَمْفري دِيفي Humphry Davy بدلْك لوحين من الجليد أحدهما بالآخر فبدأا بالذوبان على الرغم من كون درجتي حرارتهما واحدة، وقد اقترح طمسون بعد هذا أن الحرارة ليست إلا نمطاً من أنماط الطاقة. لكن هذه الفكرة لم تحظ بالاهتمام الكافي وبقيت منسية حتى قرابة عام 1850م، أي حتى قيام العالم الإنكليزي جول[ر] Joule بقياسات كمِّية برهن فيها على التعادل بين كمية الحرارة الناتجة من عملٍ والعملِ نفسه، واستخلص قيمة المعادل الميكانيكي للحريرة. (والحريرة calorie هي واحدة كمية الحرارة وهي مما خلّفته نظرية السائل الحراري)، ولكن غالباً ما تقدَّر كمية الحرارة الآن بالجول (وهو واحدة العمل). وفي الوقت نفسه قام العالم الألماني ماير R.Mayer بحساب الفرق بين السعتين الحراريتين: السعة الحرارية تحت ضغط ثابت والسعة الحرارية في حجم ثابت، وبيَّن أن هذا الفرق هو نتيجة صرف عمل معادل (للتغلب على الضغط)، فتوصل إلى قيمة تقارب القيمة التي حصل عليها جول. وتعد صيغة التعادل بين الطاقة الميكانيكية (العمل) والطاقة الحرارية إحدى صيغ المبدأ الأول. غير أن هذا المبدأ يتضمن فكرة أخرى هي تعريف تابع الطاقة الداخلية internal energy للجملة المدروسة. فإذا ما تبادلت جملة ترموديناميكية مع الوسط الخارجي كمية من الحرارة Q وعملاً W في تحولات ترموديناميكية مختلفة بين الحالتين نفسيهما (أي على طرق مختلفة بين الحالتين) فإن المجموع الجبري لهما يبقى ثابتاً، ويكتب مساوياً للفرق بين قيمتي تابع الطاقة الداخلية E.    

وقد اصطُلح على أن تكون إشارة كلٍ من Q وW موجبة إذا ما دخلت إلى الجملة، كأن تمتص الجملة كمية من الحرارة، وسالبة فيما إذا خرجت منها، كأن تعطي الجملة كمية من الحرارة إلى الوسط الخارجي (ويصطلح بعضهم اصطلاحين مختلفين لكلٍ من كمية الحرارة والعمل المتبادلين فيظهر القانون في صيغة ΔE = Q - W ويُنظر إلى هذا القانون على أنه مبدأ حفظ الطاقة إذا قامت الجملة بدورة مغلقة، فيكون المجموع W+Q منعدماً ومن ثم يكون: E2=E1. كذلك يُعبَّر عن هذا المبدأ أحياناً باستحالة صنع محرك دائم ينتج عملاً من لا شيء، وذلك بالنظر لما يحدث في دورة كاملة فلا بد للجملة إذا ما قدمت عملاً (W-) أن تمتص حرارة.

 ويُعدّ هذا المبدأ أحياناً أخرى ناجماً عن ضم مبدأ حفظ الطاقة الميكانيكية ونظرية حفظ السائل الحراري إذ يخفق حفظ أي منهما على حدة في حين يكون مجموعهما محفوظاً. ويذهب الفيزيائيون إلى الاعتقاد بأن مبدأ حفظ الطاقة من المبادئ الأساسية في الطبيعة، وكلما ظهر ما يناقضه بادروا إلى تعريف طاقة جديدة، فعندما ظهر مثلاً ما يخرق مبدأ الحفظ هذا في التفاعلات النووية افتُرض وجود الطاقة الناتجة عن نقصان الكتلة ومن ثم التعادل بين المادة والطاقة، وبقي قانون حفظ الطاقة سارياً، ويعد الآن الصيغة النهائية للمبدأ الأول.

جـ ـ المبدأ الثاني: تناول هذا المبدأ في أول ظهوره عمل المحركات الحرارية والمبرِّدات، أي تحويل الحرارة إلى عمل وانتقال الحرارة. فوضع حداً أعلى لمردود المحركات الحرارية وبيَّن طرائق تحسين أدائها؛ ولهذا المبدأ صيغ عديدة يمكن البرهان على تكافئها بمحاكمة منطقية. وعلى الرغم من أن اختراع المحرك البخاري يعود إلى العام 1765م من قِبل جيمس واط James Watt فإن ظهور القانون الثاني الذي يبيّن سلوك المحركات الحرارية تأخر حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما أعلن عنه كلٌ من كلاوزيوس[ر] (1850م) Clausius وكلفن[ر] Kelvin في صيغتين مختلفتين. وتنص صيغة كلفن على «استحالة استخلاص عمل ميكانيكي بأي وساطة مادية، من أي جزء من المادة، بتبريده إلى درجة حرارة أخفض من أخفضِ درجات حرارة الأجزاء المحيطة به». أما صيغة كلاوزيوس فتنص على «أنه يستحيل انتقال كمية من الحرارة من منبع بارد إلى منبع أسخن منه تلقائياً، أي من غير الاستعانة بمنبع طاقة خارجي». وأما صيغة بلانك Planck فتنص على «استحالة صنع محرك يعمل في دورة كاملة تكون نتيجتها الوحيدة إنجاز عمل ميكانيكي بتبريد منبع حراري وحيد». وهي صيغة تعني استحالة صنع آلة دائمة الحركة من النوع الثاني تعمل على منبع وحيد. وتشترك هذه الصيغ الثلاث في كونها صيغاً نافية، ويسوِّغ صدقها بطريقة نقض الفرض. وقد حاول أحد المهندسين اللامعين هو المهندس سادي كارنو[ر] Sadi Carnot معالجة مردود المحركات معالجة نظرية وانتهى إلى صيغة للمبدأ الثاني سميت باسمه عام 1824م أعيد اكتشافها وصوغها فاستخدمت للتوفيق بين الصيغ المختلفة.

وقد لاحظ كارنو الارتباط الوثيق بين التحولات الطبيعية والتحولات اللاعكوسة وكذلك انخفاض مردود المحرك كلما ابتعدت التحولات التي يعمل عليها عن العكُوسة. لذلك تخيل محركاً مثالياً يقوم بدورة مكونة من تحولات عكوسة، وبرهن على أن لهذا المحرك أفضل مردود. ويؤدي هذا إلى صيغة أخرى مستمدة من أعمال كارنو تنص على أن جميع مردودات محركات كارنو التي تعمل بين المنبعين نفسيهما متساوية بغض النظر عن المادة المستخدمة فيها. مما يدعو إلى القول بأن مردود أي منها لا يتعلق إلا بدرجتي حرارة المنبعين فقط.

تصور كارنو التحولات في الدورة العكوسة المسماة باسمه، فذكر أن أقرب التحولات إلى العكُوسة، مع امتصاص كمية من الحرارة أو إعطائها، هو التحول المتساوي الدرجة isothermal ويحتاج الأمر إلى تحولين على الأقل في هذه الدورة، ووصَل بينهما بتحولين لا يتم فيهما تبادل حراري مع الوسط الخارجي أي تحولين كظومين adiabatics، ويبين الشكل 1 دورة كارنو المؤلفة من تحولين متساويي الدرجة cd وab وتحولين كظومين bc وda. فإذا كانت Q1 كمية الحرارة المتبادلة مع المنبع الأول T1 وQ2 كمية الحرارة المتبادلة مع المنبع الثاني T2، وكان المردود مستقلاً عن المادة العاملة وتابعاً لدرجتي حرارة المنبعين فقط، يمكن تبيان وجوب كون:   

وقد اختار كلفن أبسط تبعية لـ g وهي التبعية الخطية ووضع أخيراً المعادلة على النحو التالي: 

ويمكن بهذا إنشاء سلم حراري استناداً إلى تخيل محركات تعمل بين منبع حراري عياري وأجسام يراد قياس درجة حرارتها؛ فبقياس كميات الحرارة المتبادلة ونسبة بعضها إلى بعض، وكذلك باختيار درجة حرارة عيارية للمنبع يمكن إعطاء درجات حرارة لهذه الأجسام. ويسمى سلم درجات الحرارة هذا، بسبب اعتماده على قوانين الترموديناميك، سلم الحرارة الترموديناميكي، ويسمى أيضاً سلم كلفن لاختيار كلفن التبعية الخطية البسيطة، لذا يرمز لدرجات الحرارة فيه بالحرف الأول من اسم كلفن K. لقد تم اختيار الماء عندما يكون متوازناً في أطواره الثلاثة (النقطة الثلاثية) ليكون المنبع العياري وقد أسند إلى درجة حرارته عندئذ الرقم 273.13K ليتطابق قياس درجة الحرارة فيه مع قياس الدرجة في السلم المئوي أو سلم سلزيوس celsius.

وقد تم فيما بعد تعميم محاكمة كارنو على أي دورة مغلقة عكوسة، فأمكن البرهان على إمكان تقسيمها إلى عدد من دورات كارنو المكافئة (الشكل ـ2)، فأمكن الحصول على تعبير يتضمن تعريف تابع جديد، كما في حالة الطاقة الداخلية، هو تابع حالةٍ مستقلٍ عن الطريق المسلوك، سمي هذا التابع تابع الأنتروبية S، وقد يُعرف بصورة تفاضلية على النحو:  في تحول عكوس. 

فإذا فرض الآن أن الجملة المدروسة تقوم بتحول متساوي الدرجة كان تغير أنتروبية الجملة مساوياً ، أما تغير أنتروبية الوسط الخارجي، وهو المنبع في هذه الحالة، فيساوي  ويكون بالتالي تغير الأنتروبية الكلي في هذا التحول العكوس المتساوي الدرجة معدوماً. ولو حسب تغير الأنتروبية الكلي في تحول غير عكوس مثل انتقال الحرارة عبر جملة من المنبع الحار T1 إلى المنبع البارد T2 فقط وتعود فيه الجملة في نهاية الدورة إلى ما كانت عليه فإن تغير الأنتروبية في هذه الدورة هو تغير أنتروبية المنبعين فقط. أما تغير أنتروبية المنبع الحار فهو     - وأما تغير أنتروبية المنبع البارد فهو     ، وبما أن T2 > T1 فإن تغير الأنتروبية الكلي  يكون موجباً، أي إن الأنتروبية تزداد في هذا التحول غير العكوس. وفي الواقع يمكن البرهان على أن هذه النتيجة عامة في كل التحولات غير العكوسة وتعد صيغة من صيغ المبدأ الثاني. وينطبق ذلك على التحولات الطبيعية لأنها تحولات غير عكوسة ويسمى المبدأ عندئذ مبدأ تزايد الأنتروبية.

د ـ المبدأ الثالث: يتناول المبدآن الأول والثاني علاقات بين تغيرات توابع الجملة والكميات المتبادلة مع الوسط الخارجي، فهي إذن معادلات فروق بين قيمتيْ تابع، في حين يتناول المبدأ الثالث تحديد القيمة المطلقة absolute value للأنتروبية، وذلك بتحديد قيمتها عند درجة حرارة الصفر المطلق. وقد ظهرت الحاجة إلى هذا المبدأ عندما أمكن الحصول على درجات حرارة أقل كثيراً من الصفر المئوي، حين أمكن تمييع الغازات[ر] ولاسيما النادرة منها. وقد كان قياس السعة الحرارية للأجسام الصلبة من أهم ما دُرس في مثل هذه الدرجات المنخفضة؛ وقد تبيَّن عدم ثبات قيمتها وانخفاضها بنقصان درجة الحرارة خلافاً لما تتوقعه النظرية التقليدية من ثباتها. وقد لاحظ العالم الألماني نِرنست[ر] Nernst عام 1906 أن السعات الحرارية للأجسام الصلبة تسعى كلها إلى الصفر مع اقتراب درجة حرارتها من الصفر المطلق، فعُدَّ ذلك صيغة أولى للمبدأ الثالث؛ وقد قام نِرْنست بدراسة جمل غازية وجمل ترموديناميكية مختلفة فتبين له أن تغير الأنتروبية المرافق لتحولٍ متساوي الدرجة يقترب من الصفر مع اقتراب درجة حرارة الجملة المكثفة (الجامدة أو السائلة) من الصفر المطلق، وهذه هي صيغة نرنست للمبدأ الثالث. أما صيغة نرنست ـ بلانك فهي: إن أنتروبية جميع الأجسام تتناهى إلى قيمة حدية واحدة قد تساوي الصفر مع انتهاء درجة حرارتها نحو الصفر المطلق، وتجعل هذه الصيغة اتخاذ درجة حرارة الصفر المطلق مبدأً لحساب الأنتروبية فتقوم  في هذه الدرجة مقام ثابتة اختيارية للأنتروبية.

ويصاغ هذا المبدأ الثالث صيغة مختلفة مستمدة من التقنيات التجريبية الهادفة إلى تخفيض درجة الحرارة، فقد لوحظ تزايد الصعوبة في الحصول على درجات الحرارة المنخفضة كلما اقتُرب من الصفر المطلق، فصيغ المبدأ الثالث صيغة لا وصولية unattainable تنص على استحالة الوصول بجملةٍ ما إلى درجة حرارة الصفر المطلق باتباع عدد محدودٍ من التحولات مهما كانت الجملة وكيفما كانت الطريقة.

تطبيقات المبادئ الثلاثة

آ ـ سلم درجات الحرارة المطلق وسلم كلفن الترموديناميكي: لقد قادت صيغة كارنو للمبدأ الثاني إلى طريقة موحدة لتحديد درجات حرارة الأجسام المختلفة وأدت إلى سلم كلفن. وأمكن عملياً تطبيق هذه الطريقة بجعل المادة العاملة غازاً ذا ضغط منخفض ليقترب مما يسمى بالغاز الكامل الذي يخضع للمعادلة التالية، من أجل جزيء غرامي، حيث R ثابتة الغازات العامة وθ درجة حرارة الغاز التي تحسب من حاصل ضرب الضغط P في الحجم v. ويتبين تطابقها مع T إذا ما حسبت Q1 وQ2 للغاز فيكون:

 

 وهي مطابقة للمعادلة المقترحة لإنشاء سلم كلفن. لهذا كانت موازين الحرارة الغازية هي المرجع الموثوق الوحيد حتى عهد قريب ويسمى سلّمها أحياناً السلم المطلق لأن صفره محدّد لجميع الأجسام.

ب ـ الفرق بين السعتين الحراريتين Cp وCv: يمكن اعتماداً على كون تابع الأنتروبية S تابع حالة، وبالتالي فإن تغير قيمته بين حالتين مستقل عن الطريق المسلوك. حساب السعة الحرارية Cp تحت ضغط ثابت والسعة الحرارية Cv في حجم ثابت، لنحصل على صيغة للفرق بينهما.

ج ـ التوابع الترموديناميكية الأخرى: يمكن استخلاص توابع ترموديناميكية جديدة باستعمال تابع الأنتروبية فيكتب القانون الأول مبدأً في حالة التحولات العكوسة لجملة متجانسة بدلالة الأنتروبية استناداً إلى القانون الثاني على النحو التالي:

 

ففي حالة تحول كظوم (لا تتبادل فيه الجملة مع الوسط الخارجي حرارة)، ولا يتغير فيه الحجم أيضاً تكون الطاقة الداخلية E ثابتة فيوصف التحول بأنه تحول ثابت الطاقة وكثيراً ما يُسهِّل وصف التحولات استخدام مثل هذه التوابع. فمثلاً، تجري الكثير من التحولات تحت ضغط ثابت (الضغط الجوي غالباً) ولا يظهر تغير الضغط في علاقة dE السابقة صراحة، لذلك يُعرف تابع جديد مثل الإنطلبية H بأنه: H = E +Pv وتكون الإنطلبية ثابتة أي يكون هذا التابع ثابتاً إذا كان التحول كظوماً (TdS = 0) ويجري في ضغط ثابت (dP = 0).

وإذا أريد دراسة تحولات متساوية الدرجة مثلاً وتجري تحت ضغط ثابت يُستعمل تابع جيبس G للطاقة الحرة المعرّف بالعلاقة G = E+Pv -TS فتكون طاقة جيبس عندئذ ثابتة (dT= 0 وdP = 0).

كما يُستخدم نظرياً تابع هلمهولتز F للطاقة الحرة الذي يعرف على النحو F = E - TS

وتفيد هذه التوابع كثيراً في التحولات الكيميائية بعد تعميمها.

د ـ الترموديناميك الكيميائي: يمكن تعميم القانون الثاني الذي يحدد اتجاه التحولات الطبيعية من معرفة ما إذا كانت الأنتروبية ستزداد في هذا التحول أم لا، أو من تناقص تابع جيبس في هذا التحول. ويأتي التعميم من النظر في جملة غير متجانسة، أي جملة تحوي عدة أطوار سائلة وصلبة وغازية مثلاً، أو النظر في جملة مركبة من عدة أنواع من الذرات كخليط من الغازات أو مزيجٍ سائل من عدة مواد، فتدخل عندئذ نسبة كمية طور معين إلى كمية الجملة الكلية أو نسبة عدد الذرات من نوع معين إلى عدد الذرات الكلي، أي التراكيز بصورة عامة، فتظهر متحولات جديدة تتغير بتغير الشروط الخارجية. وتدخل هذه المتحولات على غرار متحولات الحجم أو الأنتروبية أو درجة الحرارة أو الضغط كما تؤدي إلى ظهور ما يعرف بالكمون الكيميائي m1 المتعلق بتغير تركيز الطورi.

يهتم الفيزيائيون في حالة جملة ذات أطوار عدة بكمية كل طور والشروط الخارجية لوجودها معاً في حالة توازن، في حين يهتم الكيميائيون بالتفاعلات التي تجري بين مواد مختلفة يمكن فيها النظر إلى جملة المواد الداخلة والمواد الناتجة بوصفها جملة ترموديناميكية واحدة. ويزودنا الكمون الكيميائي لكل نوع من التفاعلات بمعلومات عن اتجاه التفاعل وحتى سرعته أحياناً؛ وذلك بحساب قيم تغيرات التوابع الترموديناميكية مثل طاقة جيبس G والإنطلبية H المقابلة لهذا التفاعل. ولأهمية معرفة هذه القيم للكيميائيين ظهر فرع خاص سمي الترموديناميك الكيميائي.

ـ الترموديناميك الإحصائي: يتطلب دخول البنية الذرية للمادة وأن أية جملة مكونة من عدد كبير من الذرات إلى اتصال مع الميكانيك الإحصائي التقليدي ولذلك ظهر ما يعرف بالترموديناميك الإحصائي، إن إخفاق قوانين نيوتن في وصف سلوك الذرات وصفاً كاملاً، وظهور ميكانيك الكم بديلاً عن ميكانيك نيوتن أدى إلى تطور آخر في الترموديناميك يعمم الأفكار السابقة الواردة في الميكانيك الإحصائي التقليدي. فوضعت مسلَّمات هي أركان في بناء جديد سمي الترموديناميك الإحصائي أو الميكانيك الإحصائي الكمومي، ويفضل بعضهم تسميته الفيزياء الإحصائية.

ترموديناميك التحولات اللاعكوسة

تتناول العلاقات الترموديناميكية السابقة قيم المقادير بين حالتين توازنيتين للجملة، أي علاقات لا يكون الزمن فيها متحولاً، كما لا تبحث هذه العلاقات في معدلات حدوث التحولات. إن إدخال الزمن ومعدَّلات الحدوث أمر ضروري في الواقع لدراسة الظواهر الحقيقية الفيزيائية والكيميائية والحيوية دراسة كمية، وهي ظواهر تتصف بأنها لا عكوسة. وقد بدأ بعض العلماء النظر فيها حديثاً ومنهم أونْساغَر Lars Onsager عام 1931م ومازالت دراستها قيد التطور حتى اليوم.

إن دراسة الظواهر اللاعكوسة تختلف عنها في الظواهر العكوسة في وجوب أن يؤخذ تطور الجملة الداخلي في الحسبان، إضافة إلى التبادل مع الوسط الخارجي؛ فيكتب تغير الأنتروبية الكلي على الصورة dS = deS + diS، حيث deS هي الأنتروبية المتبادلة مع الوسط الخارجي (وهي الأنتروبية الوحيدة إذا كان التحول عكوساً)، وحيث diS قيمة موجبة دوماً وتوافق تولد أنتروبية داخلية في الجملة.

ومن المناسب، بالمقابل، بيان أنه، لدى حساب تولدٍ موضعي للأنتروبية مهما كان ذلك، تُستخدم في دراسة الظواهر اللاعكوسة علاقاتُ الترموديناميك التقليدي بافتراض توازن موضعي في كل نقطة من جملة تتطور تطوراً كلياً.

والميزة الأخرى للتحولات اللاعكوسة هي إدخال عامل الزمن t في وصف الظواهر، فمن المهم أن يؤخذ بالحسبان معدل تولد الأنتروبية . وتتناسب P هنا مع تدرج T   كما تتناسب مع ، وهو تدفق الحرارة الذي يتناسب هو أيضاً مع تدرج T.

وقد أسهم ترموديناميك الظواهر اللاعكوسة في إيجاد حلول مرضية ولاسيما في حالات الظواهر المتزاوجة إذ تفترض النظرية التقليدية، خلافاً لما هو جلي بداهة، عكوسية الظواهر مثل ظواهر الآثار الكهرحرارية التي يشوبها باللاعكوسية أثر جول وكذلك الناقلية الحرارية.

 

فوزي عوض

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الله واثق شهيد، الترموديناميك التقليدي، الجزء الأول (مطبعة جامعة دمشق 1968).

ـ ف.ماندل، الفيزياء الإحصائي، ترجمة عوض، دربرش، بغدادي (مديرية الكتب الجامعية، مطبعة جامعة دمشق 1978).

- M.W.Zemomsky, Heat and Thermodynamics International Student Edition (Mc Graw Hill 1957).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 75
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1103
الكل : 40435582
اليوم : 110250

نايدو (ساروجيني-)

نايدو (ساروجيني ـ) (1879ـ 1949)   ساروجيني نايدو Sarojini Naidu، (أو ساروجيني شاتوپادهيَه Chattopadhyay)، شاعرة وكاتبة وزعيمة سياسية وخطيبة محنكة ومدافعة عن حقوق المرأة، وهي أول امرأة هندية تترأس مجلس الأمة عام 1925، وتعين حاكمة إقليم في البلاد. ولدت في حيدر أباد Hyderabad، وكان يطلق عليها «عندليب الهند» Nightingale of India، و«الطفلة المعجزة» إذ كتبت قصيدة من 1300 بيت بعنوان «سيدة البحيرة» The Lady of the Lake وهي في المدرسة.
المزيد »