logo

logo

logo

logo

logo

الإنتاجية

انتاجيه

Productivity - Productivité

الإنتاجية

 

الإنتاجية productivity في الاقتصاد هي معدل ما يمكن الحصول عليه من الإنتاج على معدل ما يُصرف للحصول على هذا الإنتاج. ويأخذ هذا المعدل صيغة تناسب بين مجموع المخرجات التي يتم الحصول عليها من سلع وغيرها، ومجموع المدخلات التي يتم إدخالها في سبيل إنتاج هذه السلع من عمل وآلات ومواد أولية.

ويمكن الحديث عن الإنتاجية لعنصر ما، أو قطاع ما، أو للاقتصاد الوطني كاملاً. أي يمكن الحديث عن إنتاجية الوقود مثلاً أو إنتاجية مادة أولية أو آلة معينة. كما يمكن الحديث عن إنتاجية الأرض أو رأس المال أو أي عامل آخر من عوامل الإنتاج. وأخيراً يمكن الحديث عن الإنتاجية في قطاع الزراعة أو في قطاع الصناعة أو في أي قطاع اقتصادي آخر. ويكون قياس الإنتاجية سهلاً أحياناً ومعقداً أحياناً أخرى، وذلك بحسب إمكانية قياس المدخلات وإمكانية قياس المخرجات في إنتاج ما، ويمكن بوجه عام قياس الإنتاجية بسهولة في القطاع الصناعي، وبصعوبة أكثر في القطاع الزراعي، وبصعوبة أكثر بكثير في قطاع التجارة أو الخدمات.

تستخدم عناصر متعددة لمعرفة الإنتاجيات المختلفة، لكن أهم هذه العناصر هو عنصر العمل الذي يعد مؤشراً مهماً في قياس الإنتاجية، لأنه يؤلف جزءاً كبيراً من تكاليف السلع من ناحية، ولأنه يمكن قياسه بسهولة أكثر من باقي العناصر من ناحية أخرى. ويصبح هذا الكلام، بوجه خاص، حقيقة واضحة إذا أخذت، فقط، العناصر الأساسية للعمل من دون أخذ الفروق المتعلقة بالكفاية والمهارة وكثافة العمل، أي أن يؤخذ الشكل المطلق للزمن على أساس الساعة أو الوردية أو اليوم أو الشهر أو غير ذلك.

وتأتي أهمية إنتاجية العمل بين الإنتاجيات المختلفة لأنها مؤشر مهم لمعرفة مستوى الأجور الحقيقية وبالتالي لمعرفة المستوى العام لرفاه العنصر البشري

أما إنتاجية الأرض أو الإنتاجية في الزراعة فتعد مؤشراً لمعرفة تقدم بلد ما أو تأخره، وخاصة بعد ثبات إمكانية تقدم هذه الإنتاجية باستخدام الوسائل والطرق الحديثة في الزراعة.

وأما إنتاجية رأس المال التي تتضمن إنتاجية الآلات والتجهيزات الرأسمالية فلها أهمية كبيرة، وذلك لأنه يجب معرفة جدوى الجهود المبذولة في استخدام العناصر المختلفة في العمل على زيادة كفاية هذه العناصر، مع أن الأعمال المبذولة في قياس هذه الإنتاجية ما تزال محدودة بالنظر إلى التطور الذي حدث في وسائل قياس إنتاجية العمل.

فوائد قياس الإنتاجية

يحقق قياس الإنتاجية فوائد مهمة تحتل مكاناً مرموقاً في علم الاقتصاد، لأنها يمكن أن تكون مؤشراً للنمو الاقتصادي، ومقياساً للكفاية الاقتصادية وعاملاً مهماً في تحديد الأسعار والأجور.

الإنتاجية مؤشراً للنمو الاقتصادي: يقاس التطور الاقتصادي بمدى تحقيق إنتاج أكبر باستخدام عوامل أقل، ولذلك فإن الإنتاجية بوجه عام حساسة لهذا الموضوع؛ لأنها تستطيع أن تبين خط تطور الاستخدام الأقل من أجل الإنتاج الأكثر. كما أن إنتاجية قطاع ما أو صناعة معينة تبين إمكانية الوفر الذي يمكن تحقيقه في المدخلات من أجل الحصول على كمية أكبر من المخرجات. وقد يحدث ارتفاع واضح للإنتاجية في صناعة ما، ولا يحدث مثل هذا الارتفاع في صناعات أخرى، لكن المعدلات العالية التي تحدث في بعض الصناعات تعوض نقص هذه المعدلات في الصناعات الأخرى، وتكون المحصلة ارتفاع معدل الإنتاجية في الاقتصاد الوطني كله، إذ يظهر هذا الارتفاع جلياً في مدد زمنية طويلة نسبياً. وبديهي أن الإبداع وضعف التقنية بوجه عام يدفع معدلات هذه الإنتاجية نحو الأدنى. ولقد أكدت التجربة التاريخية للثورة الصناعية أن تنظيم العمل في «الورشة» وظهور المحرك البخاري والمحرك الانفجاري والآلة الكهربائية كان لها أثر حاسم في دفع الإنتاجية نحو الأعلى وإحداث نمو في الاقتصاد بجملته.

الإنتاجية مقياساً للكفاية الاقتصادية: تعد الإنتاجية مقياساً لمعرفة الاستخدام الأفضل للمدخلات، ومن ثم لمعرفة الكفاية الاقتصادية ولاسيما الاستخدام الأمثل للمدخلات الصناعية وكفاية القطاع الصناعي بوجه عام، وتتم معرفة هذه الكفاية عن طريق قياس المخرجات لكل عامل أو لكل آلة، ويمكن بفضل ذلك معرفة كفاية الصناعات المختلفة ومكافأة العمال، إذا أمكن حصر الأسباب المختلفة لزيادة هذه الكفاية، لأن هذه الأسباب تكون في معظم الأحيان مختلفة وتتعلق بالتنظيم أو الإعداد أو الطاقة المبذولة من جهة العامل أو الآلة المستخدمة نفسها. لكن المظهر الأساسي لكل ذلك هو إنتاجية العمل، إن مقاييس الإنتاجية تبين أسباب تقدم الإنتاجية أو أسباب جمودها وتراجعها، وتبين ما إذا كان العمال أو الآلات أو المواد الأولية وراء ذلك. وتستطيع هذه المقاييس أن تبين ما إذا كان العمال في حاجة إلى تأهيل أكثر، أو كانت الآلات في حاجة إلى صيانة أرفع، أو ما إذا كانت المواد الأولية غير مناسبة.

إن قياس الإنتاجية هو الذي يقدم المعلومات اللازمة حول العلاقة المثلى بين رأس المال والعمل، لأن حجم المخرجات وكفايتها يحددان حجم الاستثمار الرأسمالي ونمط توزيع هذا الاستثمار، كما أنه يسمح بتقدير عدد العمال اللازم ومستوى تأهيلهم، ويمكن أخيراً من تقدير الحد الأدنى اللازم من المواد الأولية.

ويرافق التغير في الإنتاجية مع الزمن تغيرات في حجم رأس المال وتوزيعه، وفي عدد العمال وتأهيلهم، وفي المطلوب من المواد الأولية. وسوف يؤدي هذا التغير في الإنتاجية إلى تغير في التكاليف، لأن انخفاض كمية العمل، مثلاً، سوف يؤدي إلى انخفاض تكلفة العمل بالنسبة لمجمل تكاليف قيمة المخرجات، وهذا يسمح بالاستعاضة عن العناصر ذات التكاليف المرتفعة بعناصر أخرى ذات تكاليف أقل مما يؤدي إلى تخفيض التكلفة الإجمالية عموماً. وسوف يساعد ذلك على خفض أسعار المنتجات وزيادة المبيعات وتحريض جميع القطاعات الاقتصادية، فيؤدي هذا التحريض في المحصلة إلى تحسين ملموس نحو الأعلى في الكفاية الاقتصادية.

الإنتاجية عاملاً رئيسياً في تحديد الأسعار والأجور: يبدو مما سبق أن الاستعاضة عن عنصر ذي تكلفة عالية بعنصر آخر ذي تكلفة أقل سوف يؤدي إلى تقليل تكاليف المنتجات وإلى تخفيض الأسعار بوجه عام. أي إن ارتفاع الإنتاجية هو الذي يؤدي في الحقيقة إلى تقليل التكاليف وتخفيض الأسعار.

وتدل التجربة على أن ارتفاع الإنتاجية يؤدي إلى ارتفاع الأجور الحقيقية للعمال، وإلى تخفيض أعداد العاملين وزيادة تنافسهم في سبيل الحصول على عمل، الأمر الذي يستتبع على الأقل من الناحية النظرية، انخفاضاً في الأجور. ولكن هذا التوقع غير صحيح من الناحية العملية، لأن الوضع السياسي والاجتماعي للقرن العشرين لا يسمح بتدهور الأجور الحقيقية للعمال في الدول المتقدمة من جهة، ولأن أرباب العمل يستطيعون دفع أجور أعلى للعمال الذين يستمرون في عملهم على حساب زيادة إنتاجيتهم وتخفيض تكاليف الإنتاج. ولذلك فإن ارتفاع معدل الإنتاجية، باستخدام المكننة أو بالتنظيم أو بالتقدم التقني أو بأي عامل آخر، يتوافق اليوم مع ارتفاع الأجور الحقيقية للعمال، ويتوافق من ثم مع ارتفاع المستوى العام لرفاهية العمال، لأن ارتفاع معدل الإنتاجية يفتح آفاقاً جديدة للعمل في الصناعة وفي الزراعة، كما يلاحظ في اقتصاديات الدول المتقدمة. وعلى العكس فإن انخفاض معدل الإنتاجية في الاقتصادات المتخلفة يرفع تكاليف الإنتاج ويحافظ على الأجور المنخفضة للعمال ويمنع من ثم أي إمكانية لزيادة استهلاك المنتجات من قبلهم أو فتح آفاق جديدة لمنتجات أخرى، وفي المحصلة فإن ذلك سوف يقف أمام أي فرصة جديدة للعمل. ويمكن التأكيد أنه يحدث تحسن في الإنتاجية في إحدى الحالتين التاليتين: زيادة المخرجات من عوامل الإنتاج المستخدمة نفسها، أو الحصول على المخرجات ذاتها باستخدام كمية أقل من عوامل الإنتاج السابقة.

كيفية قياس الإنتاجية

لابد من قياس الإنتاجية ليمكن معرفة تطورها، أو معرفة تراجعها مع الزمن، في الصناعات أو القطاعات أو الدول المختلفة. ولذا فإن هناك ثلاث طرائق لقياس هذه الإنتاجية ومقارنتها وهي:

1ـ يمكن قياس الإنتاجية في قطاع معين أو صناعة معينة في دولة ما في مدة زمنية محددة عن طريق معرفة نسبة المخرجات إلى المدخلات، ثم مقارنة هذه الإنتاجية بالصناعة نفسها وفي الدولة نفسها في مراحل زمنية مختلفة. وفي هذه الطريقة تؤخذ سنة ما سنةَ أساس في تحديد المدخلات اللازمة للحصول على وحدة واحدة من المخرجات ثم معرفة تلك المدخلات في مرحلة زمنية أخرى. وهكذا يمكن مقارنة هذه الإنتاجيات التي قد تكون مختلفة في مراحل زمنية مختلفة. وتعد هذه الطريقة مفيدة وعملية لمعرفة تطور الإنتاجية مع الزمن ومعرفة الأوضاع المتبدلة التي أدت إلى تغير هذه الإنتاجية من سنة إلى أخرى.

2ـ ويمكن قياس الإنتاجية في قطاع معين أو صناعة معينة والموازنة بينها وبين الإنتاجية في قطاع آخر أو صناعة أخرى على مستوى الدولة نفسها، وبذلك يمكن معرفة القطاع أو الصناعة ذات الإنتاجية العالية والملائمة لهذه الدولة، ومن ثم ضرورة الاهتمام بهذا القطاع أو بهذه الصناعة. وتبين هذه الطريقة العناصر المختلفة التي أدت إلى تطور الإنتاجية في هذا القطاع دون غيره وفي هذه الصناعة من دون غيرها. مما يتيح الاستفادة من هذا التطور في باقي قطاعات الاقتصاد.

3ـ ويمكن قياس الإنتاجية في قطاع معين أو في صناعة معينة والموازنة بين هذه الإنتاجية والإنتاجية في القطاع نفسه أو الصناعة نفسها في دول أخرى في المراحل الزمنية نفسها، مما يسمح بمعرفة أسباب تطور الإنتاجية في بعض الدول وتخلفها في بعضها الآخر، فتكون هناك إمكانية للاستفادة من تجارب الدول المختلفة، وخاصة في حالات تقدم الإنتاجية في بعض الصناعات وبعض القطاعات، على تشابه مستويات التقنية والأوضاع العامة المحيطة بهذه الإنتاجية، مما يلقي ضوءاً كاشفاً على أماكن الخلل في القطاعات ذات الإنتاجية المتدنية وأماكن التفوق في القطاعات ذات الإنتاجية المتفوقة في دول أخرى.

مشكلات قياس الإنتاجية

تقف مصاعب كثيرة أمام إمكانية قياس الإنتاجية، بعضها ذو طبيعة نظرية وبعضها الآخر ذو طبيعة عملية وأهم هذه المصاعب:

ـ لا يمكن الوصول إلى تحديد دقيق للمدخلات والمخرجات التي تحسب الإنتاجية على أساسها. أي إن مدخلات صناعة ما أو مخرجاتها تختلف من حالة إلى حالة أخرى، ففي صناعة الحديد والصلب مثلاً، يمكن أن تكون نسب الفلزات مختلفة وكذلك يمكن أن يكون تركيبها مختلفاً. وهكذا في المخرجات التي يمكن أن تكون مختلفة أيضاً، ففي صناعة كهذه (الحديد والصلب) يمكن أن تكون المخرجات أسلاكاً أو صفائح أو قضباناً حديدية أو أي نوع آخر من المخرجات اللازمة لصناعات أخرى. ويمكن في جميع الحالات أن تؤخذ القيمة أو الوزن أو أي مقياس آخر لتحديد المدخلات والمخرجات، لكن هذه المقاييس ليست ذات فعالية كبيرة، لأنه غالباً ما يبقى هناك اختلاف في نوعية العناصر التي تدخل في العملية الإنتاجية ونوعية العناصر التي تخرج منها، ولذلك فلابد من استخدام نظام للتشغيل لتحديد هذه المدخلات وهذه المخرجات بدقة. إن مذياعاً ما مثلاً تنتجه مؤسسة ما يختلف عن مذياع آخر تنتجه مؤسسة أخرى في الجودة والوزن والحجم والفعالية، وحتى إذا كان للمذياع الأول مواصفات المذياع الثاني ذاتها فإن نسبة الأجزاء المشتراة لإنتاج المذياع الأول من صناعات أخرى تختلف عن نسبة الأجزاء المشتراة للمذياع الثاني. وهكذا يصبح تحديد كمية المخرجات على أساس عدد الوحدات المنتجة أو المنتهية ليس صحيحاً وذلك لاختلاف النوعية من جهة ولاختلاف الأجزاء المشتراة من جهة أخرى. وتصبح مقارنة الإنتاجية في كلتا الصناعتين غير صحيحة، وإن كان هناك تشابه في المواصفات الإجمالية بينهما. إن قياس المخرجات بوساطة الوحدات المنتجة سيكون سهلاً ومنطقياً في حالة تجانس الوحدات في الوزن والحجم والنوعية والمواصفات العامة الأخرى. إضافة إلى ذلك فإن حساب المدخلات ليس ممكناً لعدم التشابه وخاصة عند حساب عنصر العمل الذي يختلف بحسب التخصص والمهارة والإعداد والجنس والتنظيم والعوامل الأخرى التي تؤدي إلى اختلاف طبيعة عامل الإنتاج الذي سوف يؤدي إلى اختلاف في مدخلات الإنتاج تبعاً لكل حالة.

ـ لا يوجد طريقة لقياس تطور العمل مع تطور تجربة العامل والزمن الذي مارسه العامل في العمل، وإن كان الأجر يؤخذ غالباً مؤشراً لذلك، ليس لأنه المؤشر الصحيح ولكن لأنه المؤشر الوحيد الممكن اللجوء إليه. كذلك فإنه لا يوجد طريقة لقياس الاهتلاك في رأس المال الذي يضاف إلى تكاليف الإنتاج بوصفه عنصراً مهماً في تحديد المدخلات، ومع أن هناك بعض المقاييس الحسابية التي يمكن أن تساعد على قياس الاهتلاك، فإن أياً من هذه المقاييس ليس أداة مثلى للقياس. وهكذا يمكن القول، بوجه عام، إنه لا توجد طريقة فعالة لقياس كثير من العناصر التي تدخل في العملية الإنتاجية: مثل الاهتلاك والكفاية الإدارية والإخلاص والقيم العامة والعوامل الأخرى المختلفة التي تؤثر إيجاباً أو سلباً في الإنتاج.

ـ لو أمكن، فرضاً حساب المخرجات في حال الإنتاج المادي فإنه من المستحيل حساب المخرجات في حال الإنتاج البعيد عن الصفة المادية. إن هناك مشكلة كبيرة تبرز عند قياس قيمة الخدمات التي يتم الحصول عليها. فمن الصعب جداً مثلاً تقدير الإنتاج الذي يحققه موظف أو محامٍ أو معلم أو عسكري، وإن كان بعضهم يلجأ في الوقت الحاضر إلى قياس إنتاج هؤلاء بحساب ساعات عملهم الفعلية ودورها في تكوين الناتج القومي الإجمالي. وبديهي أن حساب ساعات العمل المبذولة ممكن، لكن حساب دور ساعات العمل تلك في تكوين الناتج القومي الإجمالي عملية يكتنفها الكثير من المصاعب والغموض. ثم إن هناك قطاعات كثيرة مثل قطاع التجارة الحكومية وقطاع الخدمات العامة وقطاع الدفاع لا يمكن قياس الإنتاجية فيها. وإن جرت محاولات لقياس الإنتاجية في هذه القطاعات في الاتحاد السوفييتي سابقاً وفي بعض الدول الاشتراكية الأخرى.

ـ إن قياس الإنتاجية يحتاج إلى معلومات واسعة حول المدخلات المكونة من المواد والآلات والأرض والعمل ونوعية هذه العناصر، ومعلومات واسعة حول المخرجات المكونة من الناتج الزراعي والصناعي ونوعية هذا الناتج. وإن الحصول على مثل هذه المعلومات غاية في الدقة والصعوبة، خاصة إن كان المطلوب هو معلومات شاملة لسنوات طويلة حتى تكون مفيدة. ولاشك في أن إمكانات دول العالم تختلف كثيراً في هذا المجال ويمكن القول بوجه عام إن إمكانات أغلب دول العالم ضعيفة في هذا المجال وخاصة في الدول المتخلفة.

العوامل التي تؤثر في إنتاجية العمل

إن أي عنصر يؤثر في الإنتاج أو في العمل أو في كليهما معاً يؤثر بلا شك في إنتاجية العمل، إذ يمكن تقسيم هذه العوامل إلى عوامل عامة ليس للعمال فيها أي دور، وإلى عوامل فنية متعلقة بالعمل والعمال.

العوامل العامة: وهي العوامل التي تؤثر في المخرجات ولا يكون للعمال فيها أي دور. وتكون تلك العوامل متعلقة بمدى توافر المواد الأولية وجودتها، وبمدى جدوى السياسة الاقتصادية وسعيها إلى توفير شروط نمو الإنتاجية، وبدرجة الترابط بين القطاعات الاقتصادية المتنوعة والصناعات المختلفة، وبالمتاح من الغذاء والمواصلات والخدمات التي تقدم للعمال، وبحجم السوق والمقدرة على الوصول إلى الحجم الأمثل للإنتاج، لأن جميع الدراسات تؤكد التوافق بين زيادة الإنتاج والحجم الأمثل للإنتاج، إذ تزداد هذه الإنتاجية كلما اقترب هذا الحجم من الحجم الأمثل وتقل كلما ابتعد عنه. وهناك عوامل أخرى متعلقة بالتركيب العمري للسكان الذي يزيد أو ينقص من حجم قوة العمل ونوعها فيؤثر في تطور الإنتاجية .

وهناك كذلك معدل تغير العمل أو ما يسمى بمعدل دوران اليد العاملة إذ تزداد الإنتاجية كلما كان هذا المعدل قليلاً وتنخفض كلما كان مرتفعاً، إضافة إلى عوامل أخرى متعلقة بالشروط المناخية داخل أماكن العمل التي تؤثر في قدرة العمال الجسدية مثل الحرارة والصوت والتهوية وغيرهما، مما يكون لها تأثير مباشر في الإنتاجية .

وأخيراً هناك مستوى الأجور التي يؤدي رفعها إلى زيادة القوة الشرائية للعمال ومن ثم إلى زيادة طلبهم على السلع والمنتجات مما سيكون له تأثير في زيادة الإنتاج. وعلى العكس فإن انخفاض الأجور يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعمال ويكون تأثيره معاكساً تماماً، إضافة إلى ذلك كله فإن هناك عوامل أخرى ثانوية يمكن أن تؤدي إلى زيادة رغبة العمال في تطوير الإنتاج وزيادة المردود.

العوامل الفنية: وهي العوامل التي تكون عادة طويلة الأجل وتؤثر في المخرجات بتأثيرها في كيفية ترقية المدخلات وتنظيمها، فهي من العوامل التي تؤثر في الإنتاجية. وذلك لأن ساعة عمل يقدمها مهندس مثلاً تختلف عن ساعة عمل يقدمها عامل يدوي غير مؤهل، وساعة عمل في اختصاص العامل تختلف عن ساعة عمل يقدمها العامل نفسه في غير اختصاصه، وكذلك ساعة عمل منظمة ومستغلة عقلانياً تختلف عن ساعة عمل مبذولة بلا فائدة أو تخطيط، وأخيراً فإن ساعة عمل على آلة متطورة تختلف عن ساعة عمل يدوي.

لكل هذه الأسباب لابد من معرفة جميع العوامل الفنية التي تؤثر في تحسين نوعية العمل أو تحسين نوعية المدخلات المتعلقة بعنصر العمل وهي تشمل الآتي:

أ - التخصص وتقسيم العمل: وهو إما تخصص مهني، بين المهن المختلفة، وإما تخصص داخل المهنة الواحدة. أما التخصص المهني فهو ظاهرة قديمة جداً، كانت سابقاً ظاهرة بسيطة ونادرة فأصبحت اليوم ظاهرة معقدة وشاملة، إذ كان عدد المهن قديماً لا يتجاوز العشرين مهنة وأصبح اليوم يبلغ مئات الآلاف من المهن، ويزداد هذا العدد كثرة مع زيادة التقدم التقني وازدياد حاجات المجتمع.

أما التخصص داخل المهنة الواحدة أو في مجال العمل الواحد أو ما يسمى بالتقسيم الفني للعمل فهو تجزئة العمل الواحد إلى عدد من الأعمال الجزئية. إن التخصص المهني والتخصص داخل المهنة الواحدة كليهما يؤدي إلى زيادة مهارة العمال ويوفر إمكانية انتقال العامل من مهنة إلى أخرى أو من جزء من المهنة إلى جزء آخر. لكن هذا التخصص الفني لا يمكن ممارسته دائماً في جميع القطاعات والأعمال، وذلك لأن هناك أعمالاً شخصية لا تساعد على التخصص بحكم طبيعتها الخاصة، مثل الكتابة والفن والموسيقى وغيرها. كما أن التخصص الفني يحتاج إلى جملة من المواصفات، فهو يحتاج عادة إلى حجم معين من الإنتاج وإمكانات مادية كبيرة.

ب - التأهيل والتعليم والإعداد: يعد التأهيل المهني للعمال، والإعداد العلمي للأفراد بوجه عام من أهم العوامل التي تساعد على زيادة إنتاجية العمل. في مجال التأهيل مثلاً تصنف الأعمال التي على العمال القيام بها لتكون شاملة جميع الوظائف، كما تصنف درجات التأهيل التي على العامل اكتسابها في كل وظيفة، بدءاً بالعمليات الأولية المتكررة التي لا يحتاج إتقانها إلى تأهيل معين وانتهاء بالعمليات المعقدة التي يحتاج إتقانها إلى معرفة شاملة ودقيقة لمجالات مختلفة. ويمكن أن يتلقى الأفراد هذا التأهيل والتعليم والإعداد إما في قطاع التعليم عن طريق المدارس والجامعات ومعاهد التأهيل المهني والمعاهد الفنية المختلفة، وإما مباشرة في المصانع عن طريق تقديم المعلومات اللازمة للعمال في دورات تدريبية وبرامج متخصصة حتى يستطيع العمال فهم المعطيات الأساسية للعمل وإتقانها واكتساب مهارات جديدة تتناسب مع التطور.

ج - تنظيم العمل وترشيده: يمكن زيادة إنتاجية العمل عن طريق تنظيم جهد العمال وتنظيم العلاقة بين العامل والآلة التي يعمل عليها عن طريق ما يسمى التنظيم العلمي للعمل، وتعد الطريقة المسماة  بطريقة «تايلور» إحدى طرائق تنظيم العمل وترشيده. وتهدف هذه الطريقة إلى زيادة المخرجات من العمل مقارنة بالمدخلات، عن طريق تنظيم طرائق العمل فلا يهدر العامل وقته بحركات غير مفيدة، وكذلك عن طريق ترتيب الآلات والمعدات والمواد الأولية في مكان العمل على نحو يسمح باستغلالها استغلالاً سهلاً وسريعاً، وعن طريق تحديد الزمن اللازم لإنجاز كل جزء من أجزاء العمل، وأخيراً عن طريق اعتماد نظام محدد في الأجور يقوم على الحوافز التي تدفع للعمال والتي تربط بين الأجور المدفوعة لهم ومقدار المخرجات التي ينتجونها وتكون هذه الأجور متناسبة طرداً مع مقدار هذه المخرجات.

كما أن هناك طريقة أخرى لتنظيم العمل وترشيده تسمى طريقة فورد أو طريقة البساط الدوار، وموجز هذه الطريقة هو مرور الآلة المراد معالجتها أو صنعها على بساط متحرك أمام العمال الذين ينقلون أو يركّبون أجزاء المُنتج. وبهذه الطريقة، التي تستعمل عادة في القطاع الصناعي، يتم إخضاع جهود العمال لإرادة الآلة، ويكون العامل مجبراً في هذه الحالة على أداء العمل المطلوب إنجازه ضمن الوقت الذي تمر فيه القطعة المراد معالجتها من أمامه. ولابد من القول إنه مع جدوى هذه الطريقة في توفير الوقت فإنها من أكثر طرائق تنظيم العمل وترشيده استغلالاً للعمال وإرهاقاً لطاقاتهم الجسدية والعقلية.

د - استخدام الآلة: لقد كان للآلة بوصفها أداة لزيادة الإنتاج، مكان مرموق، منذ القدم، لكن الاهتمام بها ازداد أكثر بعد أن حققت الثورة الصناعية في أوربة قفزة في زيادة المخرجات على المدخلات نتيجة التزايد المطرد في استخدام الآلة وتطورها مع الزمن، خصوصاً بعد أن دخلت الآلة الميكانيكية جميع القطاعات الاقتصادية وأتاحت زيادة كبيرة في الإنتاج وحققت تخفيضاً هائلاً في النفقات. لقد ازدادت إنتاجية العمل نتيجة تخفيض وقت العمل الضروري للحصول على كمية معينة من المخرجات، وقيام الآلة بالأعمال المرهقة التي كانت تتطلب من الإنسان جهداً مضنياً ووقتاً طويلاً. كما ساعدت الآلة على زيادة فعالية العناصر التي مر ذكرها مثل التخصص داخل المهنة الواحدة وتقسيم العمل وتنظيمه وترشيده.

لكن تزايد استخدام الآلة لم يخل من آثار سلبية، فقد أدى إلى تزايد نسبة البطالة في المدى القصير. لكن هذه الآثار السلبية تتلاشى في المدى الطويل لأن زيادة إنتاجية العمل وتخفيض التكاليف يؤديان إلى زيادة في المخرجات وإلى زيادة جديدة في الطلب على العمال ولاسيما في قطاع الخدمات الذي يزداد الطلب عليه طرداً مع تزايد الدخل وارتفاع مستوى المعيشة.

العوامل التي تؤثر في إنتاجية الأرض ورأس المال

إن جميع العوامل المؤثرة في إنتاجية العمل تؤثر أيضاً في إنتاجية الأرض ورأس المال. فالتقدم التقني والعلم والتخصص وتنظيم العمل واستخدام الآلة جميعها عوامل مؤثرة في زيادة إنتاجية الأرض ورأس المال، لكن هذه العوامل لا تقوم بالدور نفسه وبالدرجة نفسها التي تقوم بهما في تحديد إنتاجية العمل، كذلك فإن إنتاجية الأرض تؤثر فيها عوامل أخرى مثل الخصوبة والمناخ إضافة إلى العوامل السابقة.

وتقاس إنتاجية الأرض عادة، أو الإنتاجية في القطاع الزراعي، بالمخرجات التي تنتجها مقارنة بالمدخلات التي تستخدم في الإنتاج، وقد تختلف هذه الإنتاجية مع تشابه المدخلات المستخدمة نتيجة الاختلاف في الخصوبة من أرض إلى أخرى. إن تأثير العوامل الأخرى غير الخصوبة يبدو واضحاً عند مقارنة الإنتاجية في أراض متماثلة الخصوبة مع اختلاف في المدخلات وفي تركيب هذه المدخلات.

وبديهي أن التوفير الأساسي في المدخلات ولاسيما في المدى البعيد يكمن في تقليل المستخدم من عنصر العمل في الزراعة أو في الصناعة، أي في عنصر الأرض أو رأس المال. ويعد هذا التوفير مهماً لا لأنه يحقق تخفيضاً في ساعات عمل المزارعين وحسب، بل لأنه يحقق تخفيضاً في تكلفة الإنتاج أيضاً. ويمكن إحداث هذا التخفيض في مدخلات الأرض ورأس المال بطرق أخرى غير العمل مثل تخفيض المستخدم من المواد الأولية ومن الطاقة. لكن ذلك يبقى محدوداً قياساً على التخفيض الذي يمكن الحصول عليه من تخفيض العمل.

تطور الإنتاجية

إن التنافس الدولي، وضرورات التطور الاقتصادي والاجتماعي لخير الإنسان ومستقبل الأجيال القادمة، وما يمليه ذلك من ضرورة تخفيض ساعات العمل وتحقيق الرفاه، جعلت من زيادة الإنتاجية هدفاً رئيسياً لدول العالم على اختلاف أنظمتها. وتوافقت في العصر الحديث هذه الزيادة وهذا التطور، ولاسيما منذ نهاية القرن السابع عشر حتى بداية القرن العشرين، مع التصنيع ودخول الآلة ميدان الإنتاج، وتراكم رأس المال، حتى إن الدولة التي حققت سبقاً في هذه المجالات حققت في الوقت نفسه زيادة في الإنتاجية. وتظهر دراسة تطور الإنتاجية في الدول المختلفة درجة تطور هذه الدول (الجدول 1).

يبدو من الجدول 1 أن التطور لم يكن واحداً في الدول الرأسمالية، ولم يكن واحداً في الزمن حتى في الدولة الواحدة. ففي بريطانية مثلاً عادت إنتاجية العمل في عام 1920 إلى ما كانت عليه عام 1890. في حين تطورت بعد هذا التاريخ في الثماني عشرة سنة بنسبة 16%. وحققت اليابان قفزات عالية بين عامي 1920و1938، وتقدمت بسرعة لم يعرفها بلد في العالم عقب الحرب العالمية الثانية بين عامي 1948و1960.

 

السنة

الولايات المتحدة الأمريكية

إنكلترة

ألمانية

اليابان

1890

100

100

100

100

1900

122

107

100

144

1910

138

110

107

166

1920

142

100

-

228

1929

172

116

90

166

1938

182

132

127

547

1948

223

132

-

314

1960

295

161

166

747

الجدول (1) اتجاهات تطر المخرجات في الساعة/ العامل

الرقم القياسي 1890=100

 

ويمكن كذلك تلمس تطور الإنتاجية في قطاعات اقتصادية معينة دون أخرى، إذ تبين أن هناك قطاعات ملائمة أكثر من غيرها لزيادة الإنتاجية. فلقد ازدادت الإنتاجية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في قطاعات المناجم والصناعة والمواصلات، وبعد ذلك في سنوات 1950ـ 1960 كان الارتفاع واضحاً في القطاع الزراعي في جميع أرجاء العالم المتقدم. لقد كانت زيادة الإنتاجية في القطاع الزراعي في جميع المراحل الزمنية بمعدل 1%، في حين كانت زيادة هذه الإنتاجية في القطاعات غير الزراعية بمعدل 2%. ويُعتقد، في النظام الرأسمالي، أن النمو البشري وتنظيم القطاع الخاص وتراكم رأس المال أسباب رئيسية في زيادة الإنتاجية. وتنسب الماركسية نمو الإنتاجية إلى عوامل كثيرة، منها التقدم التقني وتطور قوى الإنتاج، والملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والطبيعة المتوازنة لتطور الاقتصاد القومي والحقوق التي تلبي مصالح العمال والقضاء على التناقض بين الطابع الجماعي للإنتاج والملكية الفردية لوسائل الإنتاج. ولقد حققت إنتاجية العمل في النظام الاشتراكي نمواً معقولاً بفضل إدخال معطيات العلم والتقنية في مجال الإنتاج وبسبب تنظيم العمل والاهتمام بالعمال، فارتفعت الإنتاجية في جميع فروع الاقتصاد الوطني في الاتحاد السوفييتي السابق بين عامي 1960 و1975 بمعدل 125%. وقد كان الارتفاع في الخطة الخمسية الثامنة (1966 - 1970) وحدها  ما معدله 39% ، في حين كان هذا الارتفاع في الخطة الخمسية التاسعة (1971 - 1975) ما معدله 23%. وتعزو الإحصائيات السوفييتية هذه الزيادة إلى التقدم التقني الذي حصل بعد الثورة على نحو خاص، إذ ساعد هذا التقدم على زيادة الإنتاجية وخاصة في أعوام 1971 - 1975 ففي قطاع الصناعة وحدها زادت الإنتاجية بمعدل 50% وفي بعض الفروع الاقتصادية بمعدل 75% كقطاع الإنشاءات إذ بلغ هذا المعدل 75 - 80%. غير أن تطور إنتاجية العمل في الدول الاشتراكية السابقة بقي دون المستوى المرغوب فيه والمطلوب بالموازنة بينها وبين الدول الرأسمالية الصناعية.

إن التجربة التاريخية لتقدم دول العالم تؤكد أن البلدان التي حققت إنتاجية عالية كانت البلدان التي استخدمت التقدم التقني وحققت تراكماً ملموساً في رأس المال.

تيسير رداوي

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الإنتاج - الإنتاج (تجديد ـ).

 

مراجع للاستزادة

 

ـ تيسير رداوي، اقتصاديات العمل وتخطيط القوى العاملة (جامعة حلب 1981).


التصنيف : الاقتصاد
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 729
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 540
الكل : 29622217
اليوم : 2227

الإنكماش الإقتصادي

الانكماش الاقتصادي   الانكماش الاقتصادي deflation حالة تنتاب الحياة الاقتصادية نتيجة سياسة متعمدة في غالب الأحيان، يميل معها مستوى الطلب الكلي ليغدو أدنى من مستوى العرض الكلي، مما يؤدي إلى تقليص الفاعليات والتداول النقدي، وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض، مع ميل مستوى الأسعار والأجور نحو الانخفاض. ومهما بدا هذا التعريف شاملاً فإنه لا يستطيع أن يحيط وحده بجميع أوجه الانكماش الاقتصادي. التطور التاريخي لمفهوم الانكماش إن مصطلح الانكماش حديث في الفكر الاقتصادي مثل مصطلح التضخم[ر] inflation. ففي المرحلة التي غلبت فيها المدرسة الكلاسيكية كان الانكماش ملحوظاً بوصفه نوعاً من الكساد الاقتصادي depression يحدث مؤقتاً بانتظار عودة التوازن العفوي بين العرض والطلب، أي بين الإنتاج والاستهلاك إلى حالته الطبيعية. لكن دخول الاقتصاد الرأسمالي في أزمات دورية منذ عام 1825 لفت النظر إلى ظاهرة الانكماش بوصفها وجهاً من أوجه الأزمة يظهر قبل الركود. وكان التضخم الذي لحظه الاقتصادي جان بودان في القرن السادس عشر قد غدا في القرن التاسع عشر مألوفاً. ولما دخل التضخم في الأدبيات الاقتصادية باسمه الإنكليزي المشار إليه أعلاه باتت كلمة الانكماش تعني عملية مقصودة لإزالة التضخم. وقد ارتبط مفهوم الانكماش بمفهوم التضخم ارتباطاً وثيقاً، لكنه بقي ارتباطاً وحيد الطرف، فالانكماش حلٌ للتضخم، في حين لا يقول أحد بأن الانكماش يجد حلّه في التضخم، بل في عودة التوازن. مع ذلك، فإن الانكماش حالة يمكن أن تصيب الاقتصاد على نحو عفوي. وهو يثير في الفكر الاقتصادي جملة من التعاريف، وتكمن صعوبة تحديده في طبيعته، وفي كونه مقصوداً أو غير مقصود، وخاصة عندما يختلط بغيره من الظواهر النقدية والاقتصادية. مهما يكن الأمر فإن الحدود التي يمكن حصر الانكماش فيها هي حدود العرض والطلب الكليين: كلما نزع الأول نحو الارتفاع نسبة إلى الثاني كان هناك انكماش، والعكس في التضخم، بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى ذلك. ومن هنا أيضاً كان الانكماش أمراً ملحوظاً في كل الاقتصاديات، رأسمالية كانت أم اشتراكية أم نامية. ففي الرأسمالية يمكن ملاحظة الانكماش، مثلاً، عندما يفقد اقتصاد السوق توازنه بعد بلوغه نقطة التشغيل الكامل بمفهوم الاقتصادي البريطاني كينز Keynes، كما يظهر كلما ارتسمت علامات التشاؤم على الحياة الاقتصادية نتيجة لإلغاء احتمالات الربح أو الإفلاس في المشروعات أو تعطيل عوامل الإنتاج أو زيادة نفقات الإنتاج. وفي الاشتراكية، يظهر الانكماش نتيجة تحديد أهداف للخطط الاقتصادية قاصرة عن استخدام جميع الموارد المتاحة أو لأن الإنفاق الإجمالي أقل من قيمة الناتج الإجمالي. أما في البلدان النامية، فيمكن أن يظهر الانكماش ردة فعل للسياسة الهادفة إلى رفع معدلات التنمية بأساليب تضخمية، مما لا تستجيب له البنية الاقتصادية الاجتماعية، فيقع الانكماش. الانكماش والركود يختلف الانكماش عن الركود Stagnation في أن الأول، وإن اتسم بتباطؤ الفاعليات، ينتظم في مجموعة من التدابير التي من شأنها إعادة التوازن إلى الاقتصاد، أمّا الركود فهو حالة تجتاح الاقتصاد فيصاب بانخفاض الإنتاج فارتفاع الأسعار ووقوع البطالة، وتنعكس آثار  ذلك كله على الحياة الاجتماعية. وقد يختلط الركود بالتضخم فيدعى آنذاك بالركود التضخمي Stagflation وهي الحالة التي تسيطر اليوم على اقتصاديات الدول الرأسمالية، إذ يقترن التضخم النقدي بالركود الاقتصادي. وإذا كان الانكماش هو الوجه الآخر للتضخم، فإن الركود هو الوجه الآخر للازدهار Prospérité. لكن لابد من الإشارة أيضاً إلى أن الانكماش، حينما يستوطن، يؤدي إلى الركود ومن هنا جاءت بعض الالتباسات في تحديد كل منهما. الانكماش النقدي باستثناء بعض الحالات النادرة التي كانت تقع فيما يعرف بالاقتصاديات الاشتراكية، إذ قد يحصل الانكماش النقدي نتيجة لتقديرات خاطئة غير مقصودة تقلل من تدفقات الكتلة النقدية مقارنة بالتدفقات السلعية، فإن الانكماش النقدي لا يكون إلا نتيجة لسياسة نقدية متعمدة تهدف إلى تقليص الكتلة النقدية المتداولة وتصل إلى حدود ما يسمى بالبزل النقديPonction Monétaire. وهذا البزل النقدي هو بقصد كبح جماح الأسعار أو إجبارها على الانخفاض بفعل التقليص القسري للكتلة النقدية. وتملك الدولة، من أجل ذلك، عدداً من الوسائل أهمها: الإقلال من الإصدار النقدي وسحب بعض فئات العملة من التداول، مما يرفع، في كل الأحوال، من قيمة العملة الوطنية وينعكس في انخفاض الأسعار. وتقوم التغطية في ضبط الإصدار النقدي وتعريف الوحدة النقدية بطريقة سليمة لتحقيق الاستقرار النقدي. لذلك تحرص الدولة على هذه التغطية حرصها على استقرار أسعار عملتها. قامت بلجيكة في الأعوام 1944-1946 بعملية انكماشية جمدت بها الأوراق النقدية والحسابات المصرفية، وقد أدى ذلك إلى استقرار التداول النقدي وازدياد القوة الشرائية بنسبة نمو الإنتاج وإلى انخفاض الأسعار. وأجرت ألمانية الاتحادية عام 1948 إصلاحاً نقدياً حدّت به من التدفقات النقدية المرتفعة في اقتصادها بتحويل المارك، عملة الرايخ القديمة، إلى دوتش مارك بنسبة: 1 إلى 10. وتظهر العلاقة بين الكتلة النقدية والأسعار بسهولة: فالأسعار = الكتلة النقدية/ كتلة المنتجات أو نسبة الكتلة النقدية إلى كتلة المنتجات فإذا نقصت الكتلة النقدية (مع بقاء كتلة المنتجات على حالها) أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار. لكن هذه السياسة الانكماشية ما كان لها أن تنجح، كما يقول ريمون بار، لولا أن بلجيكة استطاعت تحقيق استيرادات مكثفة سمحت بها موجوداتها من القطع الأجنبي (الدولار)، ولولا أن ألمانية كان عليها أن ترد إلى الشعب عملته. وسياسة الانكماش النقدي تنطوي كذلك على محاذير اجتماعية وخاصة ما له علاقة بخسارة المدينين وتقوية مركز المدخرين، وقد تعجز وحدها عن تخفيض الأسعار، وقد اعتمدت أمريكة على هذه السياسة، في عهد نيكسون في السبعينات، غير أن الحدّ من السيولة النقدية في الاقتصاد الأمريكي أدى إلى تقليص الفاعليات الاقتصادية واستمرار الأسعار في الارتفاع، نتيجة للتضخم الناجم عن زيادة الكلفة، وكان لابد من مزج التدابير النقدية المقترحة من مدرسة شيكاغو بتدابير أخرى. وتفرض سياسة الانكماش النقدي نفسها على البلدان النامية، بيد أن نمط الإنتاج الغالب في معظمها يملك آلية يستحيل معها تطبيق هذه السياسة لمعالجة التضخم، وهذا النمط نفسه ينتقص من مسألة التغطية ويضرب عرض الحائط بكل المعايير لدى إصداره النقدي المكشوف، فيخلق بذلك توترات تضخمية تجبر السلطات النقدية على السير في اتجاه سياسة معاكسة. إن ارتفاع أسعار السلع الضرورية والفاخرة في هذه البلدان، نتيجة لنقص الإنتاج من جهة وانخفاض قيمة العملة الوطنية من جهة أخرى، يحدث نوعاً من الادخار الإجباري بالكف عن الاستهلاك، لكنه ادخار يذهب جله إلى الاكتناز والمضاربات والمتاجرة بالعملات الأجنبية وتهريبها فيستشري التضخم، وبذلك تتبخر رغبات «التقشف» المعلنة. الانكماش التسليفي وهو جانب من سياسة متعمدة للتسليف تلجأ إليها الدولة من أجل توجيه عملية توافر النقود وتحقيق الأهداف الاقتصادية والمالية في مرحلة التضخم. وقد تلجأ الدولة إلى تحقيق نوع من التنمية من دون تضخم، يتسم معه الاعتدال في السياسة التسليفية بنوع من الانكماش. وأهم التدابير في إطار الانكماش التسليفي هو تحكم مصرف الإصدار بالسيولة النقدية ورفع كلفتها، تارة عن طريق سعر إعادة الحسم مما يجبر مصارف الودائع على رفع معدلات الحسم لديها والإبطاء  في العمليات التي من شأنها إيجاد وسائل الدفع وطوراً عن طريق منح الاعتمادات، وذلك بالتأثير في معدلات الفائدة في السوق المالية، وسلوك سياسة السوق المفتوحة open market فتبيع الدولة ما لديها من أوراق مالية تمتص بفضلها جزءاً من الودائع لدى البنوك مقلصة بذلك السيولة لدى هذه الأخيرة مما يحدّ من قدرتها على التسليف. وتعمد السلطات المالية إلى تدابير متممة منها تطبيق نظام الاحتياطي الإلزامي على المصارف، بحملها على إيداع نسبة من الأموال لدى المصرف المركزي معادلة لجزء من ودائع الزبائن، كما تفرض رقابة صارمة على السيولة النقدية يحظر بموجبها على المصارف تجاوز الاعتمادات، التي تمنحها، للمعدل الوسطي لمجموع المبالغ المودعة لديها. ويمكن أن يضاف إلى ذلك ترشيد تخصيص الاعتمادات للمشروعات وفئاتها بطريقة اصطفائية ومنع منح هذه الاعتمادات لغايات المضاربة، وذلك بتحديد سقف الاعتماد الممنوح لبعض المشروعات. وتلجأ أكثر الدول النامية إلى سياسة الانكماش التسليفي لمجابهة التضخم ومنها سياسة سعر الفائدة، لكن هذا الإجراء الأخير محكوم عموماً بأسعار الفائدة في الأسواق المالية الدولية. كما أن أسلوب التمويل بعجز الميزانية المنتشر في هذه الدول يستدعي الاقتراض من المصارف، إذ تلجأ الدولة إلى ذلك مقابل أذونات خزينة، وغالباً من دونها، مما يعرقل سياسة الانكماش ويفتح الباب لضدها. الانكماش في الإنفاق حين يقع الخلل بين حجم الإنتاج وحجم الإنفاق من تزايد هذا الأخير واتساع «الفجوة التضخمية»، تبدو سياسة الحدّ من الإنفاق الخاص والعام (حين لا يمكن زيادة الإنتاج) مسألة لابدّ من حلها وتأخذ الصور التالية: 1ـ في مجال الإنفاق الخاص: أول ما يخطر على البال هو تخفيض الأجور. والمعلوم أنه ليس لتخفيض الأجور والرواتب مكان واسع في الفكر الاقتصادي ولا هو مستحب في مراحل التطور الاقتصادي الاجتماعي. وأمام قضية ربط الأجور بالأسعار وتثبيت الأجور، وربط الأجور بالإنتاجية اختفت نغمة تخفيض الأجور. وقد يمكن تصور سياسة لتخفيض الأجور في الاقتصاديات الاشتراكية لدى زيادة فوائض الكميات المنتجة وانخفاض الأسعار. لكن هذا يبقى غير مستحب من الناحية النفسية، ولذلك تستعيض الدولة عن تخفيض الأجور بزيادة الضرائب لامتصاص القوة الشرائية الزائدة. وتفضل الضرائب الشخصية المباشرة بشرط أن تصيب جميع الدخول المعلنة التي كان من السهل التهرب من إعلانها. أما الضرائب غير المباشرة فهي، لاشك، تحدّ من الاستهلاك لكنها تؤدي أيضاً إلى ارتفاع الأسعار نتيجة ثقل عبئها، مما يقود إلى نوع آخر من التضخم. لذا فإن استعمال الضرائب غير المباشرة لا يكون على العموم مجدياً إلا إذا أصاب سلع الاستهلاك الترفي. 2ـ في مجال الإنفاق العام: تلجأ السلطات المعنية إلى السياسة الانكماشية في الموازنة العامة وذلك بالإقلال من النفقات من جهة وتحقيق وفر في الموازنة من جهة أخرى. وهو أمر يمكن أن ينجح في الاقتصاديات الرأسمالية والاشتراكية. أما في الاقتصاد المتخلف، والمعلوم هنا أن نسبة كبيرة من النفقات العامة الحكومية تميل إلى الارتفاع، كالرواتب والنفقات الإدارية والدفاعية والأمنية، فإن الحد من الإنفاق العام مهما تصدت له السلطات المعنية لا يذهب إلا إلى الإنفاق الاستثماري. ومن هنا كانت المفارقة؛ فالتنمية تتطلب زيادة في الإنفاق الحكومي لزيادة كمية المنتجات، والانكماش (التقشف) يعمل، بتخفيض هذا الإنفاق، على تخفيض إنتاج البضائع والخدمات الضرورية. ولذا كان لابد لهذه السياسة من أن تأخذ بالحسبان صعوبة تقليص النفقات والتعويض منها بالحصول على الموارد. ولا ينجح ذلك إلا في مرحلة يتهيأ فيها الاقتصاد المتخلف للانتعاش. وفي هذه البلدان المتخلفة ذاتها لابد لسياسة الانكماش في الإنفاق من أن تعمل على امتصاص القوة الشرائية الإضافية لدى ذوي الدخول العالية لردها إلى الدولة وتوجيهها نحو الاستثمار وزيادة التراكم. كما أن استقرار الأسعار، ولو بصورة نسبية، يبقى ضماناً لنجاح سياسة الانكماش في الإنفاق، إضافة إلى أن هذا الاستقرار يساعد على الاستقرار في أسعار الصرف وتحسين مركز البلد النسبي في التصدير. ومن ثم لابد من إخضاع أسعار الخدمات للمراقبة وإلا فإن الفعاليات الخدمية تنشط على حساب الفعاليات السلعية، مما يوجد خللاً يصعب إصلاحه، يسير في خط التضخم نفسه الذي يراد كبحه. الانكماش والاقتصاد الوطني درج الفكر الاقتصادي على دق ناقوس الخطر كلما سار الاقتصاد الوطني في طريق الانكماش. لأن الانكماش يؤدي إلى الكساد وهذا يحمل أسوأ العواقب على العمالة والفعاليات الاقتصادية. ولعل أكبر سابقة من هذا النوع كانت أزمة الثلاثينات (1929 وما بعدها). هذه الأزمة وضعت الفكر الاقتصادي أمام حالة من الانكماش أدت إلى الكساد إذ اجتاحت البطالة الولايات المتحدة وبريطانية وأكثر الدول الأوربية. مما دعا الاقتصاديين إلى التفكير بالوسائل الضرورية للخروج من الأزمة. أسهمت التدابير الكينزية إسهاماً تاريخياً حين طالبت برفع الأجور الاسمية لرفع مستوى الطلب الفعال، وحين اشتركت الدولة في هذا وفي حل مشكلة البطالة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي وتمويل عناصره، ولاسيما «التمويل بعجز الموازنة» إذ تخطت الاقتصاديات الرأسمالية أزمتها بفضل هذه التدابير منتقلة إلى مرحلة من الازدهار، ثم عاشت بعدها في نشوة زيادة الإنتاج والاقتراب من مستوى التشغيل الكامل حتى بداية السبعينات حين اندلعت الأزمة الرأسمالية الجديدة، وهي أزمة جديدة اجتمع فيها التضخم والركود، فكان من الطبيعي أمام الركود التضخمي أن تفقد التدابير الكينزية مسوغاتها، وأن تعود الرأسمالية إلى تدابيرها التقليدية (الكلاسيكية) لمعالجة التضخم بتوازن الموازنة والاستقرار النقدي وضغط الإنفاق، مكتشفة أهمية السياسة الانكماشية، أي أن تعود إلى تدابيرها التقليدية لمكافحة الركود ومن أهمها الاتجاه بقوة نحو الأسواق الخارجية وجبهات القتال لتصريف فائض الإنتاج ولاسيما فائض إنتاج «العهد الصناعي الثالث» الذي تمخضت عنه الأزمة نفسها. لكن التدابير الكينزية مازالت تجد تطبيقاتها في البلدان النامية والمنطقة العربية منها خاصة في شروط لم تخطر على بال كينز، مما يؤجج التضخم ويقضي على التضامن الاجتماعي في هذه البلدان، حيث العمالة ذات دلالات مختلفة عما هي عليه في البلاد الرأسمالية، يتعايش التضخم الجامح مع البطالة بمختلف صورها، ولكن ليس لأسباب انكماشية قادت إلى الركود، بل لأسباب تضخمية سابقة، هي على العموم من منشأ نقدي (تواتر الإصدار النقدي الكينزي بلا تغطية) ولوجود آلية تخريبية في نمط الإنتاج الغالب تعطل الفعاليات السلعية لصالح النشاطات الخدمية الطفيلية. ولذلك، فإن الإمعان في استعمال «الوسائل الكينزية»، لأنها أسهل الوسائل، يؤدي إلى توفير سيولة نقدية تفوق المقدرة الإنتاجية الحقيقية، مما يطلق التضخم ولا يسمح لأي سياسة انكماشية أن تعمل بأي حال من الأحوال. في هذه البلدان النامية لابد إذن من إحداث «الانعكاس» في الآلية المذكورة للتصدي بحزم للتضخم،) لأن البطالة في عوامل الإنتاج ليست بسبب الانكماش). ويجب أن تعمل سياسة الانكماش في هذه البلدان للتأثير في العرض والطلب الكلي معاً، ويكون ذلك حتماً بالحدّ من زيادة الكتلة النقدية للحدّ من جموح الطلب الاستهلاكي، وبالعمل على ساحة العرض لزيادة إنتاج السلع الزراعية والصناعية، وفي هذا المجال يجب إعادة هيكلة الجهاز الإنتاجي واتخاذ جميع التدابير للتركيز على زيادة الإنتاجية وتنمية الموارد. وهكذا يؤمل الحصول على توازن في مستوى معين من الأسعار يتعامل مع مستوى معين من الأجور والرواتب. إن عدم أخذ السياسة الانكماشية لمسألة الطلب الكلي في الحسبان هو كعدم مراعاة «سياسات التنمية بالتضخم» لقضية العرض الكلي في البلدان النامية. ولذا فإنه من أجل الحد من القوة الشرائية المتزايدة لابد من التعرض للريوع السهلة والأرباح الناشئة عن الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتخلف ويكون ذلك بالضرائب المباشرة. إن تعقيم القوة الشرائية المتراكمة بين أيدي فئات المستغلين والمضاربين والعابثين بمؤسسات الدولة يستدعي توجيه الفوائض إلى حساب خاص في الخزينة يخصص لزيادة الإنتاج. إلى ذلك كله يضاف ما له علاقة بمراقبة الاستيراد والتصدير ومعدلات الصرف ومكافحة التهريب وتسرب العملات إلى الخارج. ولعل ذلك يستدعي بالضرورة تغيير نمط الإنتاج الغالب.    إسماعيل سفر   الموضوعات ذات الصلة:   التضخم.   مراجع للاستزادة:   ـ إسماعيل سفر، محددات السياسة الاقتصادية العربية المعاصرة (1983)، أزمة الرأسمالية وعاملها الخارجي (1984)، النظرية الكينزية والمأساة الاقتصادية ـ الاجتماعية (1985): منشورات جامعة الدولة بمونص (بلجيكة) مركز الدراسات والبحوث العربية (CERA). -PR.R. BARRE , Economie politique (PUF, Paris 1964).
المزيد »