logo

logo

logo

logo

logo

بادية الشام

باديه شام

Badiyat ash-Sham - Badiyat ach-cham

بادية الشام

 

عرفت بادية الشام قديماً ببادية السماوة ويقول ياقوت الحموي: «إنما سميت السماوة لأنها أرض مستوية لا حجر فيها». ويحددها المقدسي قائلاً: «وتخوم هذه البادية تأخذ أيلة على مدائن قوم لوط، وتصعد إلى مآب، ثم على تخوم عمان وأذرعات ورساتيق تدمر وسلمية وأطراف حمص إلى بالس (مسكنة)، ثم ترجع إلى الفرات، وتنعطف على الرقة والرحبة والدالية إلى هيت والأنبار ثم على الحيرة والقادسية ومغارب البطائح ثم على سواد البصرة إلى عبادان».

ويحددها أحمد وصفي زكريا على النحو التالي: «وحدود هذه البادية في بلاد الشام تبدأ في الجنوب في إمارة شرق الأردن من أنحاء معان، ومن مشرق جبال الشراة وجبال مؤاب وجبال عجلون وتسير مع السكة الحديدية الحجازية الممتدة على سيف البادية حتى تبلغ محطة المفرق ومن ثم تنعطف نحو شرقي جبل حوران ووعرة اللجا ثم شرق قرى الضمير والقريتين والفرقلس وجبل الشومرية وعقيربات والأندرين وبالس وشمس الدين على الفرات».

 

 

فالبادية جزء من صحراء تمتد من شمالي المملكة العربية السعودية إلى الفرات شاملة بادية الأردن والعراق وسورية. وتقع في إطار ثلاث وحدات بنائية كبرى: الصفيحة العربية ثم منخفض الفرات ومقعر الجبال الوسطى والتدمرية. ولكل وحدة مظاهر صخرية وتضاريسية مميزة.

تتكون القاعدة العربية من صخور الغرانيت والغنايس والشيست والكوارتزيت، وصخور اندفاعية. تعلوها صخور رسوبية ثخينة (2000-4000م).

وتغلب في البادية والمناطق الجبلية الصحراوية الصخور الباليوجينية والنيوجينية الثلاثية إضافة إلى التوضعات الرباعية. وتكثر في صخور الحقب الثالث صخور الحجر الكلسي والحجر الرملي والمارن والصخور الدولوميتية والغضار والصلصال والجص والمشبكات الصخرية (الكونغلوميرات) القارية المنشأ. وتصادف التوضعات الرباعية في بطون الأودية ونهاياتها وفي المنخفضات، وعند أقدام الجبال، وتتكون من المشبكات والمارن والجص والطين الجيري والصخور الملحية والرملية والحصوية. وتكثر الصخور البركانية في جنوبي سورية وشمالي الأردن على هيئة حرات وصبات وأراض محجرة. وتكثر في وسطها التلال والمخاريط البركانية ويكثر فيها البازلت.

وبسبب غلبة الجفاف وتراجع دور التجوية الكيميائية وتدني دور الحت المائي وتأثير القاعدة العربية الصلبة، تتسم تضاريس البادية بالبساطة. إذ تشتمل على ثلاث وحدات تضاريسية هي: الهضبة البنائية وتضاريس منخفض الفرات وتضاريس المقعر البنائي الجبلي. وتتصف تضاريس الهضبة عامة بالانبساط مع تموجات في السطح. تتخللها الأودية والمنخفضات الضحلة، إضافة إلى التضاريس البركانية كالحرات والصبات والمرتفعات البركانية. يحتل «الحماد» مساحات واسعة منها ولاسيما في جنوبي سورية وشمالي شرق الأردن. وهو سطح مستوٍ غني بالحجارة الكلسية والصوانية والبازلتية، يراوح ارتفاعه بين 600و700م، وتكثر فيه التلال البركانية في ديرة التلول، وكذلك الصبات الاندفاعية كصبة الصفا والزلف، والحرات كحرة الراجل وغيرها. وتؤلف التلال أعلى الارتفاعات في الحماد، إذ تصل التلول في جبل العاقر ويعرف بـ «شيخ التلول» إلى 976م وفي تل دَكْوَة إلى 945م.

وإلى الشمال والشمال الشرقي من الحماد يمتد منخفض الفرات، وهو ما يعرف جزئياً بالفيضات وبأرض الوديان. ولا تزيد ارتفاعاتها على 250-300م، وتتدنى إلى أقل من 200م قرب وادي الفرات. وترد إليها أودية كثيرة من المرتفعات المجاورة، وهي غنية بمخاريط الانصباب والأنقاض السيلية.

أما الكتل الجبلية فتمتد قرابة 360كم على محور غربي/شمالي شرقي، وتتكون من الجبال الوسطى والتدمرية، وتقع الجبال الوسطى بين سهول حمص وحماة غرباً ووادي الفرات شرقاً. وهي جبال التوائية قليلة الارتفاع غنية بالمنخفضات. ومن أشهر أقسامها الشومرية (1072م) والبلعاس (1105م) والشفا (904م) ثم جبل الشاعر (1262م) وأبو رجمين (1387م). وتنتهي شرقاً بجبل البشري العريض (865م). وتتخلل الجبال بعض الممرات مثل الكوم ـ الطيبة والقدير. أما السلاسل التدمرية فإنها التوائية ضيقة تمتد قرابة 240كم وترتفع 1406م في جبل غنطوس. وتصل أجزاؤها العالية إلى 1200-1300م. في حين تنخفض في الأحواض إلى 600-700م. ومن أبرزها حوض الدو الواقع شمالها بينها وبين الجبال الوسطى ويصل طوله إلى90كم وعرضه 10ـ15كم، وهو غني بالرسوبات السيلية والبحيرية.

مناخ بادية الشام متوسطي قاري معتدل الحرارة حتى حار في الأجزاء الجنوبية الشرقية. وتراوح المتوسطات الحرارية السنوية فيها بين 18 و20 درجة مئوية، ولكنها تنخفض في شهر كانون الثاني إلى 7-8 درجة مئوية وترتفع صيفاً إلى29-32 درجة مئوية. وتزداد الحرارة شرقاً. والهطل شحيح، ولا يزيد في الشمال على 150مم (عدا الجبال) ويقل عن100مم في الجنوب. وتقل المراكز البشرية في بادية الشام وتغلب حرفة الرعي الفصلي، ويبدو تأثير ذلك واضحاً تماماً على سمات الغطائين الترابي والنباتي وخصائصهما.

أما الترب في بادية الشام، على اتساع مساحتها،فتضم نموذجين نطاقيين: شمالي فاتح اللون وجنوبي أحمر ـ بني. وتحمل هذه الترب آثار الأحوال الرطوبية والحرارية الرباعية والحالية وشروط تكون الترب الحمراء البنية أصعب من الترب الفاتحة لتزايد الجفاف. ويلاحظ أنها غنية بالحجارة والجص وبالمركبات الحديدية.

النبيت

تنتمي نباتات البادية الشامية إلى المجموعة النباتية الإيرانية الطورانية وإلى مجموعة البحر المتوسط في الجبال خاصة. ويختلف انتشار نباتات البادية وكثافتها من مكان إلى آخر، وهي متدنية عموماً، وتختلف اختلافاً كبيراً من سنة إلى أخرى تبعاً لكميات الهطل. وتغلب عليها الأعشاب الحولية والمعمرة والأنجم (النباتات من دون سوق). لكن كثافة النباتات وتوزعها يرتبطان بالواقع التضاريسي والانحدار ونوعية التربة ولاسيما أفقها الأعلى إضافة إلى الهطل. وبسبب الجفاف تكون القطاعات ذات الانحدارات الشديدة شبه خالية من النباتات، كما في السلاسل التدمرية، وتزداد كثافتها كلما قل الانحدار كما في الأجزاء الدنيا من سفوح هذه السلاسل. وتزداد كثافةً وتنوعاً عند أقدام الجبال لثخانة التربة ووفرة الرطوبة، ولقلة الانحدار مقارنة مع الأماكن علواً وانحداراً. وفوق سطح الهضبة شبه المستوي تنتشر الأعشاب في الأماكن الواقعة بين الأودية والمنخفضات، لأن الجزء الأكبر من رطوبة الشتاء والربيع يتركز في القسم الأعلى من التربة الغنية بالجزيئات الغضارية الخازنة للماء، ولكن قلة ثخانة هذه الطبقة تؤدي إلى نمو الأنجم ذات الجذور الأعمق. في حين تكثر الأنجم في بطون الأودية الواسعة وفي المنخفضات لأن ثخانة التربة أكبر والرطوبة أكثر. ويبرز أثر القاعدة الصخرية والتربة في الخَبْرات الصلبة جداً والغنية بجزيئات الغضار، إذ تختفي الأعشاب والأنجم في أواسطها، وتزداد ازدياداً ملحوظاً عند هوامشها بسبب تناقص صلابة التربة هنا تناقصاً شديداً. وتشاهد لوحة مشابهة في المنخفضات الملحية، إذ تكاد تختفي النباتات في مراكزها وتزداد كثافة في الأطراف لانخفاض مستوى الماء الباطني الملح، والنبات هنا ملحي وعصاري غالباً.

وتُلاحظ في بعض جبال السلاسل الوسطى كالبلعاس بقايا أشجار وأحراج من نباتات البحر المتوسط مثل البطم Pistasia palaestina وP.atlantica والسوّيد Rhamnus sp وRh. palaestina والخوخ البري Prunus tortuosa والقليل من اللوز البري (البيام) Amygdalus orientalis والزعرور. وتختفي هذه الشجيرات في السفوح المنخفضة وتبرز الأنجم كالشيح Artemisia sieberi والحرمل Peganum harmala وغيرهما، وتكثر الأعشاب بأنواعها.

أما في المنخفضات ذات المياه المَلِحة فتنمو النباتات المتآلفة مع الملوحة Holophytes.

وتصادف في الواحات مثل واحة تدمر أشجار النخيل والأشجار المثمرة والخضر إضافة إلى نباتات المياه العذبة كالقصب والطرفاء الورقية وغيرها.

السكان والفعاليات الاقتصادية ومستقبل البادية

لا تزيد كثافة السكان العامة في البادية على شخص واحد/كم2 بسبب الجفاف، لذا فالتجمعات البشرية صغيرة ومتباعدة وتتركز أساساً في الأجزاء الهامشية من بادية الشام. ومن أبرز هذه المراكز مدينة تدمر[ر] وهي الأكبر، ثم السخنة والقريتين والطيبة والكوم وغيرها، ويُقدر عدد سكان المراكز الحضرية في البادية عام 1990 بنحو 26500 نسمة، وعام  2000 بنحو 51000 نسمة.

وأما في الأردن والعراق فهناك مدينتا معان والأزرق ومحطات ضخ النفط ومخافر أمن تحولت إلى تجمعات مثل الرطبة والرويشد وغيرهما، أما البدو الرحل فلايزيد عددهم على بضع عشرات الآلاف ومن أبرز عشائرهم وفروعهم: الرولة وولد علي والغياث والموالي والسبعة والعمارات والعمور والعقيدات والفواعرة وغيرهم.

يعيش سكان المدن ـ الواحات على زراعة الخضر والأشجار المثمرة وعلى الصناعات والفعاليات المرتبطة بحياة البدو. ويعيش البدو على تربية الضأن والمعز التي يقدر عددها بنحو 8 ـ 9 مليون رأس وإنتاجيتها متدنية كثيراً لفقر المراعي. إذ تحتاج الشاة الواحدة إلى ثلاثين هكتاراً من المراعي.

والبادية أرض معطاء، فيها كميات ضخمة من الفوسفات وفيها النفط والغاز إضافة إلى خامات أخرى أهمها الأملاح الصخرية ورمل الزجاج.

إلا أن الثروة الأساسية فيها، هي المراعي التي تعاني الرعي الجائر والأرض القابلة للزراعة على هوامشها ولاسيما في سورية. ومستقبل البادية بل وبلدانها عامة يرتبط بتوفير مياه الري والتغلب على الملوحة واستخدام الطرق والمعطيات العلمية لتوفير الماء وحل مشكلة الملوحة وتطوير الزراعة وتربية الحيوانات.

 

شاهر جمال آغا

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الأردن ـ البدو والبداوة ـ تدمر ـ سورية ـ العراق.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عادل عبد السلام، الأقاليم الجغرافية السورية (دمشق1990).

ـ رودين ل.ي، المراعي والتقييم النباتي للجمهورية السورية، جيوباتانيكا XVI (موسكو1966).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 555
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1041
الكل : 39795004
اليوم : 6842

التعزيز في علم النفس

التعزيز في علم النفس   التعزيز reinforcement مصطلح في علم النفس استخدمه أول مرة إيفان بافلوف[ر] وتبناه جيمس واطسن[ر]، مؤسس المدرسة السلوكية في علم النفس، وتوسع به بورس فردرك سكنر[ر] في «علم التعلم وفن التعليم» لضبط السلوك بأساليب جذابة بدلاً من الأساليب القهرية. وطبّق مفهومه إدوارد ثورندايك[ر] في علم النفس الربطي، كما طبقه أصحاب المدرسة الغشتالتية في علم النفس، والمدرسة المعرفية الحديثة في مفهوم التغذية الراجعة feedback الشائع أيضاً في نظرية النظم الشمولية في التربية، والمعلوماتية والسبرانية الحاسوبية، وهناك أبحاث حديثة في علم الأحياء كشفت عن أثر هرمون الدوبامين[ر] dopamine الذي يفرزه الدماغ في زيادة المتعة واللذة من ثم في التعزيز للتحكم بسلوك الكائنات الحية، وأثره أيضاً في إدمان الخمر والتدخين والمخدرات وغيرها. ولابد من استعراض موجز لدور التعزيز الإيجابي والسلبي أو التغذية الراجعة الإيجابية والسلبية في التحكم بسلوك الحيوان والإنسان، ولكن الإنسان القديم استخدم دور التعزيز بالطعام والشراب واللمس في تهجين الحيوانات وتدريبهاعن طريق الغذاء والماء والجنس، وفقاً للفروق النوعية بين الحيوانات وهي معززات أولية، وهناك معززات أخرى بديلة تسمى ثانوية، كما أن هناك معززات تقوي السلوك في كل موقف وتسمى المعززات المعممة مثل المال الذي يلبي حاجات الإنسان الأساسية والثانوية. وهكذا يتناوب على التحكم بسلوك الإنسان قطبان من المعززات الإيجابية والسلبية يعبر عنها بعبارات التعزيز والتعزير، والثواب والعقاب، والجنة والنار وما شابه ذلك من التحكم بالسلوك عن طريق الرحمة والرفق والإحسان مقابل النقمة ونظيرتها من المصطلحات السلبية، واستخدمت هذه المصطلحات متوازنة بالسلوك في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، وفي الأمثال والحكم الشائعة بين الشعوب. والمهم هو في تنويع المعززات واستخدامها في جداول زمنية وعملية.ويستخدم التعزيز في علم النفس المرضي لمعالجة الشذوذ النفسي والاضطرابات النفسية[ر] كالفصام [ر] والاكتئاب النفسي[ر]، وظهر هذا واضحاً في استخدام الدوبامين في اللذة والألم النفسي[ر] وإدمان الخمور والتدخين والمخدرات في الأبحاث الحديثة في علم النفس المرضي والعلاج السلوكي المعرفي. ولذلك يميل المعالجون الطبيون والنفسيون إلى الجمع بين تقنيات التعزيز في الطب وعلم النفس السلوكي والمعرفي معاً في منظومة جامعة شاملة موحدة، وضمن وصفات دقيقة في العلاج الطبي النفسي. ويقصد بالتعزيز الإيجابي كل ما يزيد من احتمال السلوك الذي يحدث بعد إعطائه في زيادة حدوث السلوك نفسه بالمستقبل. والتعزيز السلبي كل ما يزيد من احتمال السلوك الذي يحدث بعد سحبه في زيادة حدوث السلوك نفسه بالمستقبل. والعقاب الإيجابي هو إعطاء الأشياء الكريهة أو (المعزز السلبي) التي تؤدي إلى الهروب من المشكلة أو تجنبها أو الوقاية منها، أو خشية الوقوع بها في المستقبل. والعقاب السلبي هو حرمان الكائن الحي من أشياء ممتعة أو لذيذة كالحرمان من الطعام والشراب والكساء والجنس وغيرها من الأشياء الممتعة لكل إنسان. ويتحول العقاب الإيجابي والسلبي، الذي يهرب منه الكائن الحي من معزز سلبي إلى تعزيز سلبي يتقيه الإنسان لتجنب المكاره. ونتائج التعزيز قد تكون مباشرة فورية أو مؤجلة. وقد يكون الخمر والقمار والمخدرات ذات نتائج لذيذة مباشرة، لكنها مؤلمة على المدى البعيد، ولذلك لا تكون جميع نتائج التعزيز الإيجابي إيجابية دائماً. وقد يحتاج تطبيقها إلى دراسات معمقة ومعقدة، وفق الفروق الفردية التابعة لتاريخ التعزيز لدى الفرد. وتتوجه اليوم مؤسسات التعليم والعدلية والأمن والشرطة إلى الوقاية أكثر من العلاج، وإلى تخفيف العقاب لأغراض إنسانية وحضارية، وللتحكم بالسلوك بتقنيات جذابة أكثر منها نابذة، واستخدام جداول التعزيز الموزعة حسب الزمان وعدد الأعمال. دور التعزيز في التحكم بسلوك الحيوان والإنسان تدريب الحيوان: قامت محاولات عدة لتدجين الحيوانات وتدريبها. فحوّل الإنسانُ الذئابَ الشرسة إلى كلاب تخدم أغراضه، وهجّن حيوانات كثيرة شرسة ونباتية كالنمر إذ حوّله إلى هر، والحصان البري إلى أليف والبقر الجاموس والجمل والفيل والحمار، واستخدمها لأغراضه الخاصة، ودرّب حيوانات عدة لأغراض عروض السيرك والألعاب البهلوانية، أو للتمثيل بالسينما والتلفزيون والفيديو. وتتم آلية التدريب بمراقبة سلوك الحيوان وإعطاء التعزيز أو المكافأة فور قيام الحيوان بالعمل المرغوب فيه، ويزداد احتمال حدوث العمل، ويتعقد سلوكه وفق البرنامج التدريبي، وهذا ما طبقته مدرسة دورف Dorov في تدريب الحيوان في روسية، ومدرسة سكنر وغيره في تدريب الحيوان بألعاب السيرك وأعمال أخرى مفيدة يمكن متابعة تجاربها في برامج التلفزيون والفيديو المتعددة. تدريب الأطفال: يمكن تدريب الأطفال بالتعزيز (وقد يتم بعضها وهو جنين في بطن أمه كالتدريب على الطرب للموسيقى) والقيام بالإشارة المطلوبة بتعزيزها أو النطق المناسب للغة الأطفال والكبار، وكذلك تدريب الأطفال على أعمال يومية مثل ضبط البول والتبرز، والقيام بالنظافة الجسمية والبيئية في المنزل والمدرسة والحي. ويتدرج التدريب بالتعزيز في برامج يعدها الكبار للأطفال أو من خلال لعب الأطفال ضمن برامج الحاسوب. ويتم التدريب بالتعزيز في الروضة والتعليم الابتدائي على التحكم بسلوك القراءة والكتابة والحفظ والمطالعة والمناقشة وعصف الدماغ والإبداع، وكذلك تعلم العلوم اللغوية والإنسانية والرياضيات والعلوم الطبيعية والاجتماعية والمعلوماتية لجميع الأطفال، وخاصة المعوقين، والحرجين والمنطويين. ويفضل بتدريب الحيوان والأطفال استخدام المعززات فوراً بعد العمل في بداية التدريب، ثم تأجيلها إلى جداول تعزيزية تضبط السلوك بتوابع التعزيز. التعلم يعد التعزيز أهم مكون في عمليات التعلم في مختلف الأعمال والمستويات، سواء بتعلم بسيط لضبط سلوك الغدد والعضلات الملساء في الكائنات الحية ونشاطها، بالتعلم الإشاري أو بتعلم إجرائي متسلسل يتناول العضلات المخططة والعقل، يطور فيها الإنسان بيئته الطبيعية والاجتماعية. ويؤكد التعزيز بالتعلم سلاسل الأعمال المعقدة التي يعزز كل سلوك لاحق فيها بالسلوك السابق له، سواء في المعلومات أم المهارات المعقدة، وكذلك يستخدم في طريقة التعلم الذاتي المبرمج بالكتاب والحاسوب لمواد متعددة. العلاج السلوكي المعرفي والطبي يستخدم التعزيز العضوي (الدوبامين) وفي تنبيه مراكز اللذة عند الحيوان والإنسان مما يزيد من احتمال السلوك الذي يأتي بعد التعزيز مباشرة، أو يتوقع حدوثه في المستقبل. وقد أمكن، باستخدامه في شروط مضبوطة وجيدة، التحكم في علاج أمراض نفسية عدة مثل العقد النفسية والفصام والاكتئاب ونسيان الكبار أو الخرف في مرض الزهايمر)، وأمراض عضوية كالارتعاش (مرض باركنسون)، ومازالت الأبحاث جارية لمعالجة أمراض أخرى. التعزيز في المشكلات المعقدة يستخدم التعزيز في معالجة المشكلات المعقدة بالتقدم التدريجي خطوة خطوة في حل المشكلات السياسية أو الاجتماعية المعقدة كما يستخدم في الحروب الكونية، ولهذا لجأت اليونسكو في ميثاقها الأساسي إلى محاولة تجنب الحروب بالتربية الإنسانية والعالمية، والتعاون بين الدول. كما لجأت الدول الكبرى إلى استخدام المال والمعلومات والسلاح لضبط سلوك الدول الصغيرة. وقد يستخدم في معالجة مشكلات طارئة خطرة كالعمليات الإرهابية في خطف الطائرات والسيارات والأشخاص وفي المفاوضات السياسية على المشكلات المعقدة، ولذلك لا يعطى التعزيز إلا بعد قيام الجانب الآخر من المفاوضات بإرضاء وتعزيز الجانب المفاوض الأول بتلبية مطالبه، وعندما تتوازن الظروف يتفق المفاوضان والوسطاء بينهما على التزامن في الحلول لينال كل جانب المعززات المناسبة له، وغالباً ما تكون هذه الحلول تنازلاً عن بعض المنافع، لنيل منافع أخرى يراها كل جانب مناسبة له. وتستخدم جداول التعزيز أيضاً في عمليات المغامرات والمقامرات الاحتمالية أو المحسوبة. ويبدو من مختلف النظريات والتطبيقات المستخدمة في التعزيز أنه صار تقانة لضبط سلوك الإنسان والتحكم به في حالات السلوك السوي والشاذ، ولذلك لابد من التعمق في دراسته للاستفادة منه في الحياة اليومية.   فخر الدين القلا   الموضوعات ذات الصلة:   بافلوف ـ ثورندايك ـ دوبامين ـ واطسن.   مراجع للاستزادة:   ـ ب. ف. سكنر، «تكنولوجية السلوك الإنساني»، ترجمة عبد القادر يوسف، سلسلة عالم المعرفة 32 (آب 1980، الكويت). ـ فخر الدين القلا، أصول التدريس (مديرية الكتب الجامعية، جامعة دمشق).
المزيد »