logo

logo

logo

logo

logo

تروتسكي والتروتسكية

تروتسكي وتروتسكيه

Trotsky and trotskyism - Trotski et trotskisme

تروتسكي والتروتسكية

 

ليون تروتسكي (1879-1940) Leon Trotsky اسمه الحقيقي ليف دافيدوفيتش برونشتاين Lev Davidovich Bronstein، وتروتسكي هو اسمه الحركي، الذي اتخذه بسبب العمل السري والاعتقال والنفي.

ولد ليف برونشتاين في قرية يانوفكاYanovka الأوكرانية في 7 تشرين الثاني لأسرة يهودية فقيرة، وكان والده دافيد برونشتاين David Bronstein يعمل مزارعاً مستقلاً، أما والدته أنّا Anna  فكانت تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، وكانت على قسط وافر من التعليم.

في سن الثامنة، أُرسل ليفْ الصغير إلى المدرسة في مدينة أوديسّة حيث أمضى ثماني سنوات عند ابن خاله الليبرالي المثقف، ولم تظهر عليه أي علائم للنبوغ في تلك المرحلة، كما لم تظهر موهبته الأدبية واللغوية. وبعد انتقاله إلى مدينة نيقولاييف Nikolayev لاستكمال دراسته عام 1896، انخرط في العمل السري مع الحركة الثورية المناوئة لحكومة القيصر. وكان قد أصبح قريباً جداً من أفكار كارل ماركس، وساعدته في ذلك قراءته لكتاب لينين «تطور الرأسمالية في روسية». وبعد ذلك عمل مدة وجيزة في جامعة أوديسة عام 1897، ثم عاد إلى نيقولاييف ليساعد المنظمة السرية لعمال جنوبي روسية.

في كانون الثاني عام 1898، اعتقل برونشتاين بسبب نشاطه الثوري، وأمضى أربع سنوات ونصف في السجن وفي المنفى في سيبيرية، وفي هذه الأثناء عقد قرانه على ألكساندرا سوكولوفسكاياAleksandra Sokolovskaya التي أنجبت له ابنتين اثنتين. وفيما بعد أدت ظروف الابتعاد الدائم إلى حدوث الطلاق بينهما، وتزوج مرة ثانية من ناتاليا سيدوفا Natalya  Sedova التي التقاها في باريس وأنجبت له ولدين اثنين حملا اسم والدتهما لاحقاً، بسبب الظروف الصعبة التي مر بها أبوهما في أعقاب موت لينين وتولي ستالين مقاليد السلطة الفعلية في موسكو.

بعد عودة برونشتاين من سيبيرية عام 1902، كان يحمل جواز سفر باسم مستعار هو: تروتسكي، وهو الاسم الذي عُرف به طيلة حياته، والذي حمل كل إرثه الثوري والفكري وتحول فيما بعد إلى مذهب سياسي وفكري واقتصادي هو: التروتسكية.

في المؤتمر الثاني لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي الذي عُقد في بروكسل ولندن في تموز 1903، وقف تروتسكي إلى جانب المناشفة (حزب الأقلية) Mensheviks، أصحاب النظرية التي تقول بأن الاشتراكية في روسية لا يمكن تحقيقها إلا بالطريق الديمقراطي، وذلك بخلاف لينين والبلاشفة (حزب الأكثرية)Bolsheviks  أنصار نظرية الثورة.

وفي عام 1904، برز تروتسكي اشتراكياً مستقلاً، إذ حاول التوفيق بين المناشفة والبلاشفة دون جدوى. وبعد ذلك بعام واحد عاد تروتسكي إلى روسية وصار الشخصية البارزة والخطيب اللامع في سوفييت العاصمة التي شهدت انطلاقة ثورة 1905 على الحكم القيصري. وعلى أثر فشل الثورة، اعتقل تروتسكي مع مجموعة من أعضاء السوفييت ثم قدم إلى المحاكمة عام 1906 ثم نُفي إلى سيبيرية. وبعد عودته من منفاه عام 1907، انفصل عن الجناح اليساري للمناشفة بزعامة كيرينسكيKerensky  لينتقل نهائياً إلى صفوف البلاشفة، وليصبح واحداً من ألمع زعمائهم.

بعد هربه الثاني من سيبيرية، راح ينتقل من مركز ثوري إلى مركز ثوري آخر في أوربة. وعندما قامت ثورة شباط 1917 كان في نيويورك بالولايات المتحدة، فلم يتوان عن العودة من فوره، وفي أكتوبر 1917 كان تروتسكي على رأس سوفييت العاصمة بتروغراد (ليننغراد فيما بعد وسان بطرسبرغ اليوم) الذي كان قد نظمه بنفسه عام 1905، حينما كان لا يزال في روسية.

شغل منصب قوميسارCommissar (أي مفوض) الخارجية في أول حكومة سوفييتية. وفي ذلك المنصب عمل على تأجيل توقيع صلح بريست ـ ليتوفسك Brest - Litovsk مع الألمان، الذين كانوا في حالة حرب مع روسية (الحرب العالمية الأولى)، وذلك بغية إنهاك الجيش الألماني والنظام الألماني، ولتقديم يد العون للحركة الثورية الألمانية المتصاعدة التي كانت تهدف إلى إقامة نظام اشتراكي بعد الإطاحة بقيصر ألمانية فيلهلم الثانيWilhelm II، وذلك انسجاماً مع الشعار الذي رفعه تروتسكي، شعار «الثورة الدائمة» ذات الطابع العالمي التي لا يمكن بدونها ـ في اعتقاده ـ تحقيق النصر على الرأسمالية العالمية، وإقامة نظام اشتراكي حقيقي، ذي أسس متينة وراسخة تمكن من الاستمرار.

وعندما وقعت الحرب الأهلية في روسية في أعقاب ثورة أكتوبر والتدخل الأجنبي، عُيّن تروتسكي وزيراً للدفاع، وقام بتأسيس الجيش الأحمر، وبعد اشتداد المرض على لينين عام 1921، في أعقاب المحاولة التي جرت لاغتياله، نشب الصراع الذي كان مكبوتاً بين تروتسكي وستالين.

وشيئاً فشيئاً، جُرّد تروتسكي من مناصبه الحزبية، ومنذ العام 1925، راح يخسر الموقع تلو الأخر، وفقد المشاركة الفعلية في القيادة، إلى أن طُردَ من الحزب رسمياً عام 1927. وفي عام 1929 أُمِرَ بمغادرة روسية، فوجد ملجأ له في تركية حتى عام 1933. وفي عام 1935 وصل إلى فرنسة، حيث وضع هناك كتابه «تاريخ الثورة الروسية» الذي ضّمنه خلاصة آرائه في الثورة وملابساتها وطبيعة العملية الثورية. بعدها غادر إلى النرويج عام 1937، حيث لم يطل به المقام كثيراً هناك، إذ انتقل إلى المكسيك وأسس هناك «الأممية الرابعة» التي أرادها بديلاً من الأممية الثالثة التي تأسّست غداة انتصار ثورة أكتوبر عام 1917. وفي عام 1940 أقدم رجل يدعى فان ن. درشِد Van  N.Dershid وهو اسمه المستعار على طعن تروتسكي في منزله بالمكسيك، وكان هذا الرجل الذي تكاد المعلومات عنه تكون معدومة، موضع ثقته التامة، وفي اليوم التالي توفي تروتسكي.

لقد تمحور الخلاف بين تروتسكي وستالين حول شعار الثورة الدائمة وعالمية الثورة الاشتراكية، وهو الشعار الذي تبناه تروتسكي، ورفضه ستالين الذي تمسك بشعار إمكانية بناء الاشتراكية بنجاح في بلد واحد. إذ دعا تروتسكي إلى التفريق بين الثورات الرأسمالية (كالثورة الفرنسية 1789) والثورات التي يتوجب على شعوب الشرق التي تعاني من التخلف، القيام بها.

التروتسكية:

تقوم التروتسكية على مبدأين أساسيين:

المبدأ الأول: هو الثورة الدائمة، فالتروتسكية رأت أن «استيلاء البروليتارية الأممية على السلطة، لا يمكن أن يكون متواقتاً. فالبنية الفوقية السياسية ـ والثورة جزء منها ـ لها جدلها الخاص الذي يقتحم بقوة سيرورة الاقتصاد العالمي، من دون أن يلغي أعمق قوانينها. وثورة أكتوبر شرعية بوصفها مرحلة أولى للثورة العالمية، التي تمتد بالضرورة على مدى عشرات السنين». وفي ذلك رد على ستالين الذي اتهم التروتسكية بالتشكيك «بالمشروعية التاريخية لثورة أكتوبر».

المبدأ الثاني: هو عالمية الثورة الاشتراكية، وهنا يظهر التناقض أكثر جلاء بين التروتسكية والستالينية، التي تؤمن أو تؤكّد على الدوام أن التصنيع مسألة داخلية خاصة بالاتحاد السوفييتي، ولا علاقة لها بالاقتصاد العالمي. ففي نظر التروتسكية، تكمن نقطة ضعف الاقتصاد السوفييتي ـ بغضّ النظر عن التأخر الموروث عن الماضي ـ في عزلته، وهي نتيجة من نتائج ثورة أكتوبر 1917. وهذا معناه أن لا يستطيع الإفادة من موارد الاقتصاد العالمي، لا تبعاً للمبادىء الاشتراكية، ولا على أساس رأسمالي عن طريق قروض دولية عادية، أو تمويل له أهميته الأكيدة للأقطار التي تعاني التأخر. لذلك فإن التناقضات الرأسمالية وما قبل الرأسمالية «لا تتلاشى تلقائياً، بل هي على العكس، تبرز إلى حيز الوجود بمزيد من العنف بعد سنوات الضمور والدمار، وتزداد حيوية وحدّة كلما تطور الاقتصاد السوفييتي، ولا مندوحة، للتغلب عليها، والتخفيف من حدتها، من اللجوء باستمرار إلى طاقات السوق العالمية».

والتروتسكية تنطلق من مسألة «التبعية المتبادلة» في نظرتها إلى عالمية الثورة الاشتراكية، إذ إنها لا ترى بإمكان البروليتارية الروسية إخراج امبراطورية القياصرة القديمة من حلبة الاقتصاد العالمي، بعد أن تكون قد استولت على سلطة الدولة. فانتقال السلطة من أيدي حكومة القيصر إلى أيدي الطبقة العاملة لا يلغي ـ وفق التروتسكية ـ قوانين الاقتصاد العالمي وصيروراته. وإذا كانت علاقات الاتحاد السوفييتي مع السوق العالمية قد وهنت لحين من الزمن بعد ثورة أكتوبر، فهذا لا يعني تعميم هذه الواقعة التي لم تكن سوى مرحلة فحسب من مراحل التطور الديالكتيكي. والتروتسكية ترى أن «التقسيم العالمي للعمل والطابع ما فوق القومي للقوى المنتجة الحديثة لا يزالان يحتفظان بأهميتهما كاملة في الاتحاد السوفييتي، وهذه الأهمية ستتعاظم طرداً مع نمو نهضته الاقتصادية».

وتأخذ التروتسكية على الستالينية بشدة محاولتها تطبيق الجماعية الاشتراكية الكاملة على الاستثمارات الفلاحية، التي لا تملك غير وسائل ما قبل رأسمالية في الزراعة، وتعد ذلك مغامرة بالغة الخطورة، تهدد بتبديد إمكانيات التعاون بين الجماهير الفلاحية والطبقة العاملة.

وللتروتسكية أتباع في مختلف أنحاء العالم، لكن أماكن تواجدهم الرئيسية هي: فرنسة وبلجيكة والهند وسري لانكة.

وأهم أعمال تروتسكي هي: تاريخ الثورة الروسية، عن لينين، دفاعاً عن الإرهاب والشيوعية، المدرسة الستالينية في التحريف، الأممية الثالثة بعد لينين، ماذا بعد؟، دروس أكتوبر، الأدب والثورة، مسائل الثورة الصينية.

 

أسعد ملّي

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ مانديل ـ كراتسو ـ ستالين ـ بوخارين ـ تروتسكي، ماركسية تروتسكي، ترجمة جورج طرابيشي (دار الطليعة، بيروت 1973).

ـ جون ريد، عشرة أيام هزت العالم، ترجمة دار التقدم (موسكو 1920).

-  B.D.Wolfe, Three who made a revelution, A Biographical History (New york, 1948).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 374
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1081
الكل : 40527832
اليوم : 57647

القرابة الوراثية

القرابة الوراثية   القرابة relationship بين فردين تعني اشتراكهما بصلة نسب (أب أو أم أو قريب آخر) أو أكثر، ويمكن تتبع هذه العلاقة برسم النسب بطرائق عدة، يبين الشكل (1) ثلاثة نماذج منها، ويتضح من دراسته أن الحيوانين S وC هما أخوان نصفا شقيقين بسبب اشتراكهما بأب واحد هو A واختلافهما بالأب الآخر من جهة. ومن جهة أخرى، فإن الحيوان X ناشئ من تزاوج داخلي (تربية الأقارب inbreeding) لكونه ناتج من تلقيح الأب S لابنته D، كما أن الحيوان D ناتج من تزاوج الأخوين نصف الشقيقين S و C.
المزيد »