logo

logo

logo

logo

logo

الانسلاخ

انسلاخ

Moulting - Mue

الانسلاخ

 

الانسلاخ moulting هو تغيير الحيوانات جلدها، وما يتبعه من ملحقات، عدة مرات إبان حياتها. ويتم ذلك دورياً عند بعضها، كالثدييات والطيور والزواحف ومفصليات الأرجل والخيطيات. وغالباً ما يرتبط انسلاخ الحيوان بنموه، كما أنه يتأثر ببعض العوامل الهرمونية.

الانسلاخ في الفقاريات

تنسلخ البرمائيات دورياً، مرة كل شهر تقريباً، حتى إنه ذُكر أن ضفدع الشجر الرمادي Hyla cinerea، الموجود في أواسط الولايات المتحدة الأمريكية وجنوبها، ينسلخ كل يوم. وهكذا تنفصل الطبقة السطحية من الجلد قِطَعاً، كما في الضفادع العديمة الذنب، أو قطعةً واحدة، كما في الضفادع المذنبة. وتستغرق العملية عادة بضع ساعات، وغالباً ما يقوم الحيوان بعدها بأكل جلده الذي طرحه.

أما الزواحف فيغطي جسمها بشرة تستقر فوقها حراشف قرنية. لذلك يلاحظ أن جلد العظايا ينسلخ قِطَعاً أو قشوراً، في حين تنسلخ الحيّات وترمي جلدها القديم قطعة واحدة، فيبدو الحيوان عندئذ وكأنه يخلع ثوبه (الشكل 1)

وهناك حالة خاصة بالحيّة الجلجلية التي تحتفظ بجزء من جلدها مستعينة بعضو ينتج من التحام بعض فقراتها الذيلية، مما يؤدي إلى تراكم هذه القطع، فينتج من اصطدام بعضها ببعض الصوت الذي تصدره الحية عند تحركها.

والقاعدة العامة أن تنسلخ الطيور مرة كل عام، ويتم ذلك بتغيير ريشها وتستبدل به ريشاً جديداً. ومن الحالات الاستثنائية المعروفة أنثى الطائر الطنان humming bird، التي تتميز بمدة تعشيش طويلة، فإنها تحتفظ بريشها سنتين متتاليتين. وينسلخ الطائر عادة بعد فصل التكاثر، وهذا يعني أن تنسلخ الطيور في نصف الكرة الشمالي بين حزيران وتشرين الأول. على أن بعض الطيور تنسلخ أيضاً قبل وقت تكاثرها، ولكن الانسلاخ في هذه الحالة لا يشمل في الغالب إلا بعض الرياش. وكثيراً ما يختلف الريش الجديد في لونه عن الريش القديم، لذلك يلاحظ تناوبٌ في تلون الطائر بين الصيف والربيع. كما يتغير لون ريش الطيور الفتية عند انسلاخاتها المتتالية قبل أن يستقر ويأخذ الحيوان البالغ لونه المميز. وعلاقة انسلاخ الطيور بفصل الاقتران أمر مهم جداً، لأن ذكورها تكتسي عندئذ، في الغالب، حلة قشيبة تؤهلها للاقتران. ويستغرق الطائر في انسلاخه بضعة أسابيع، يقل إبّانها نشاطه وحركته. وهو في أثناء ذلك لا ينسلخ دفعة واحدة وإنما على مراحل متتالية، يبدل الحيوان في كل منها قسماً من رياشه. لذا يبدو الطائر حينها مهلهل المظهر.

أما الثدييات فكثير منها يجدد فروه مرة أو مرتين في السنة. فالفقمة تنسلخ في الخريف، فيتساقط جلدها قشوراً تجر معها ما تحمله من شعر. كما تنسلخ الأرانب البرية وبعض اللواحم، كثعلب المنطقة القطبية، مرتين في السنة: واحدة في الربيع يكون الحيوان بعدها داكن اللون، وواحدة في الخريف يبدو فَرْوُهُ بعدها أبيض ناصعاً. وقد يكون لذلك علاقة بتكيف الحيوان مع البيئة التي يعيش فيها.

وقد تبين أن الانسلاخ يتأثر ببعض الهرمونات التي يفرزها الجسم، إذ يمكن إثارة الانسلاخ بحقن الحيوان بخلاصة الغدة الدرقية، لذلك يؤدي تخريب هذه الغدة إلى توقف الانسلاخ. وتجدر الإشارة إلى أن الهرمون الدرقي بحد ذاته يسيطر عليه هرمون آخر يفرزه الفص الأمامي من الغدة النخامية هو الهرمون الموجِّه للدرقية Thyrotropic hormone أو الهرمون الدرقي الانتحاء.

الانسلاخ في مفصليات الأرجل

تغطي أجسام هذه الحيوانات قشيرة كيتينية، تتصلب بتشربها مادة كلسية أو بروتينات صلبة. لذلك تَحُدُّ هذه القشيرة من نمو تلك الحيوانات، ويُعَدُّ انسلاخها، من ثم، ضرورة لابد منها لهذا النمو.

فالقشريات تنسلخ مرات عدة في حياتها. وهكذا ينسلخ القريدس (الجنبري أو الإربيان) ست مرات أو سبعاً في السنة الأولى من حياته، ثم ثلاث مرات أو أربعاً في السنة الثانية، ثم ينسلخ الذكر مرتين كل عام في حين تنسلخ الأنثى مرة واحدة. أما السرطان (عنكبوت البحر) Maia squinado فينسلخ نحو 20 مرة عندما يكون فتياً، إلا أنه يتوقف عن ذلك عند البلوغ، ولا تستغرق عملية الانسلاخ وقتاً طويلاً. وهكذا لا يحتاج الغمّار Gammarus أكثر من بضع دقائق لكي يطرح قشيرته، في حين يحتاج السرطان الغضوب Carinus maenas عدة ساعات. أما انسلاخ متماثلات الأرجل Isopoda فيتم على مرحلتين: يتخلى الحيوان في الأولى عن القشيرة التي تغطي المنطقة الأمامية من جسمه، وفي الثانية ينسلخ باقي الجسم. وعندما يحين موعد الانسلاخ القشري ينزوي الحيوان في ركن هادئ، ويتوقف عن تناول الطعام، ثم يبدأ بالانسلاخ الذي يتم على مراحل: ففي البداية تتشكل قشيرة جديدة لينة تحت القشيرة القديمة بعد أن يكون قد جرى هضم الجزء العميق منها. ثم ينسل الحيوان من قشيرته القديمة من خلال شقوق تظهر وفق خطوط محددة عليها. في أثناء ذلك يقوم الحيوان بشرب كميات كبيرة من الماء، مما يساعد على انتفاخه وتمدد قشيرته الجديدة اللينة، وازدياد حجمه. ويلي ذلك استكمال تكوّن القشيرة الجديدة لتصبح مطابقة في بنيتها للقشيرة القديمة التي طرحها الحيوان سابقاً.

وتجدر الإشارة إلى أن مكان ظهور شقوق الانسلاخ يختلف من مجموعة إلى أخرى. ففي السرطان يظهر أول شق بين الصدر الرأسي cephalothorax والبطن، يلي ذلك ظهور شقين على جانبي القصعة carapace، وينسحب الحيوان من خلال هذه الشقوق.

أما تكلس القشيرة الجديدة فيتم بترسب المواد المعدنية التي سبق أن ارتُشِفَتْ من القشيرة القديمة واختُزِنَتْ في دم الحيوان، أو بترسب المدخرات المعدنية التي يجمعها الحيوان قبل انسلاخه. وما الرمال المعدنية gastrolithes الكلسية الموجودة على جانبي معدة القريدس، في الواقع، إلا هذه المدخرات في هذا الحيوان. وأحياناً يستمد الحيوان ما يحتاجه من كلس بالتهامه القشيرة التي كان قد طرحها بانسلاخه السابق.

وقد درست العوامل التي تسيطر على عملية الانسلاخ بالتفصيل في القشريات الراقية، فوجد أن السرطان يحمل في صدره غدة تسمى العضو Y تفرز هرموناً يحض الحيوان على طرح قشيرته القديمة. وقد تبين أيضاً أن هذا العضو تسيطر عليه غدة أخرى موجودة في سويقة العين تسمى العضو X. وهي تفرز، مع بعض الخلايا العصبية الدماغية، هرموناً يُثَبِّط العضو Y فيثنيه عن نشاطه. لذا فإن استئصال سويقة العين يوقف هذا التثبيط فيسمح للعضو Y بممارسة نشاطه ومن ثم يتسارع انسلاخه.

أما الحشرات فلا تنسلخ إلا في مراحلها قبل البالغة (الشكل 2). وغالباً ما يكون عدد الانسلاخات كبيراً في الأشكال الابتدائية. فالصراصير مثلاً تنسلخ 13 مرة في حياتها، والرعاشات (اليعاسيب) 15 مرة، ويصل العدد عند اليوميات Ephemeroptera إلى 20 انسلاخاً، في حين تنسلخ يرقات الزيز 30 مرة، ولا تنسلخ يرقات نصفيات الأجنحة أكثر من 5 مرات؛ وكذلك الأمر في كاملات التحول الشكلي Holometabola التي تبدي عدداً قليلاً من الانسلاخات اليرقية (تنسلخ يرقة الجُعَلْ 3 مرات وينسلخ كثير من حرشفيات الأجنحة 4 مرات)، يليها انسلاخ واحد في مرحلة العذراء، ثم انسلاخ أخير يحرر الحشرة البالغة.

وقد تبين وجود تنظيم هرموني لانسلاخ الحشرات أيضاً. فهناك خلايا عصبية تفرز مادة تنبه غدة موجودة في الرأس أو الصدر (بحسب المجموعات الحيوانية) فتحثها على إفراز هرمون الانسلاخ ecdysine الذي يدفع الحيوان إلى الانسلاخ.

الانسلاخ في الحيوانات الأخرى

بطيئات المشية Tardigrada، وهي شعبة من اللافقاريات تتألف من حيوانات صغيرة تعيش في المستنقعات وعلى الطحالب، تنسلخ عندما تجد أن الظروف حولها قد أصبحت غير ملائمة. إلا أنها لا ترمي قشيرتها القديمة بل تحتفظ بها حول جسمها، وكأنها تتكيس لتحمي نفسها من الأحوال الخارجية. لذلك يعد انسلاخ هذه الحيوانات مثالاً جيداً على عدم ارتباط انسلاخ الحيوان بنموه.

أما الخيطيات Nematoda من الديدان فتنسلخ 4 مرات إبان تشكلها بعد الجنيني. ويلاحظ هنا أيضاً أن القشيرة لا تحول دون نمو الحيوان، بدليل استمرار نمو الخيطيات بعد انتهاء انسلاخها الأخير.

حسن حلمي خاروف

 

الموضوعات ذات الصلة

 

التحول الشكلي - الفقاريات.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ حسن حلمي خاروف، مفصليات الأرجل (ماعدا الحشرات) (جامعة دمشق 1977-1978).

-C.L.PROSSER & F.A.BROWN, Comparaitive Physiology (Saunders Comp. Pheladelphia and London 1969).

- R.T.ORR. Vertebrate Biology (W.B.Saunders 1975).


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : علوم
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 886
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1726
الكل : 56379857
اليوم : 52532

الانعراج

الإسفنجيات حيوانات مائية، تنتمي إلى شعبة حاملات الثقوب Porifera، وهي مجموعة معروفة منذ ما قبل الكمبري. تضم اليوم نحو 5000 نوع أغلبها بحري، لكن منها نحو 150 نوعاً تكيفت للمعيشة في الماء العذب. تعيش متثبتة على المستندات، وتأخذ أشكالاً وألواناً مختلفة، فمنها الكروي (الشكل1) ومنها المتشعب، أو يتمدد على الصخور. ومن الأنواع اللافتة للنظر جنس سَلَّة فينوس Euplectella الزجاجية الذي يعيش في الأعماق السحيقة من المحيط الهادئ، والذي له شكل البوق، يكون مغروساً في الطين، ويصل طوله إلى نحو 50 سم (الشكل 2). وتضم الإسفنجيات حيوانات تراوح أبعادها بين بضعة ميليمترات حتى مترين أو أكثر. كثير منها ذو ألوان براقة بسبب أصبغة توجد في خلايا أدمتها، منها الأصفر والأحمر والبرتقالي والأخضر والأرجواني، علماً أن هذا اللون غالباً ما يبهت بسرعة لدى خروجه من الماء.

المزيد »