logo

logo

logo

logo

logo

بسمارك

بسمارك

Bismarck - Bismarck

بسمارك

(1815 - 1898)

 

أوتو فون بسمارك Otto von Bismarck سليل أسرة من نبلاء بروسية. كان والده ضابطاً في الجيش، يعود بأصوله إلى أسرة من كبار الملاّك المتعلّمين المشتغلين بوظائف الدولة.

أتمَّ بسمارك تعليمه الثانوي في معاهد برلين، ودرس القانون في جامعتي غوتنغن وبرلين من عام 1832 إلى عام 1835. وبعد وفاة والدته في عام 1837 استقر في ممتلكات الأسرة في بوميراني Pommern. بدأ حياته السّياسية في البرلمان عام 1847، واستمر حتى عام 1851، وكان خطيباً بارعاً. وفي أحداث ثورة 1848 الدّامية، وقف إلى جانب الملك، وهذا ما عزز مركزه وساعده على المحافظة على مقعده في البرلمان. ولم تكن علاقاته جيدة مع الليبراليين ولا مع دعاة الوحدة الألمانية. ثم عُيِّن في منصب دبلوماسي، وبذلك تنقل بسمارك ما بين عامي 1851 و1862 سفيراً بين ثلاث عواصم هي فرانكفورت وبطرسبرغ وباريس. مات فريدريك وليم الرّابع Friedrich Wilhelm IV في عام 1861، وأصبح الوصي ملكاً باسم وليم (غليوم) الأول Wilhelm I عام 1861. ثم وقع الخلاف بينه وبين مجلس النّواب، فقرر التنازل عن العرش، وبناءً على نصيحة وزير الحربية آنذاك، استُدعي بسمارك، وكان وقتها سفيراً في باريس؛ ليتولى رئاسة الوزارة في 8 تشرين الأول من عام 1862، فأنفذ هذه  المهمة إلى شباط 1890 بجرأة وحنكة كبيرتين، فقد سعى بسمارك إلى ترسيخ الحكم الفردي لمولاه وليم الأول. وعمد منذ عام 1863 إلى إحباط خطط النمسة المطروحة على الأمراء في اجتماعاتهم في فرانكفورت. وعندما توحدت إيطالية، قويت رغبة الشّعب البولندي في قيام دولة بولندة، وثار البولنديون على روسية عام 1863، فتدخلت فرنسة وإنكلترة لحل المشكلة، ودعتا إلى عقد مؤتمر، لكن بسمارك رفض الاقتراح وأيّد روسية، التي أسرعت وأخمدت الثورة البولندية، وبذلك كسب بسمارك صداقة روسية. ومن تلك اللحظة أمكنه أن يشعر بالاطمئنان، إذ أراد أن يعلن الحرب على النمسة وفرنسة فيما بعد. وفي عام 1864 استغل بسمارك قضية دوقيتي شلزفيغ وهولشتاين ليجر النمسة إلى جانب بروسية في حرب على الدنمارك، فغزت جيوش النمسة وبروسية الدوقيتين في كانون الثاني 1864، وأجبرت الدنمارك على طلب الصّلح، والتنازل عن حقوقها في الدوقيتين. واتفقت بروسية والنمسة في البداية على الحكم الثنائي في الدوقيتين، ولكن الخلافات بينهما ظهرت من جديد، ولذلك كان على بسمارك أن يهيئ نفسه لتحطيم النمسة عسكرياً بعد أن ضمن حياد كل من روسية وفرنسة وإيطالية، وكذلك إنكلترة التي لا تهتم بحرب برية لا تغير ميزان القوى في أوربة. وبدأت الحرب بين النمسة وبروسية من دون إعلان للحرب، واحتلت القوات البروسية هانوفر وسكسونية وكورهسّن، وكانت المعركة الفاصلة في بوهيمية، حيث هُزم الجيش النمسوي عند كونيك غراتز (سادوفة) Koniggratz في 3 تموز 1866. وعُقد السّلام النهائي في براغ بين النمسة وبروسية في 23 آب 1866. وهكذا أصبحت الطريق مفتوحة لإقامة ألمانية الصغرى، وذلك بإعلان الاتحاد الألماني الشمالي بزعامة بروسية. وبذا نجح بسمارك مرة أخرى بعد انتصاره على الدنمارك في بناء دولة اتحادية من الإمارات الألمانية شمال ماينز، وجعل لها دستوراً وأنشأ مجلس نواب للاتحاد، سمي بالرايخشستاغ Reichstag. وبدأت الخلافات بين فرنسة وبروسية منذ انتهاء الحرب مع النمسة، وجاءت الأزمة الديبلوماسية حول ولاية العهد في إسبانية، فاستغلها بسمارك من أجل دفع فرنسة إلى الحرب وإلقاء مسؤولية إعلانها عليها.

أعلنت فرنسة الحرب على بروسية في 19 تموز 1870، وبدأت الحرب بين الطرفين، وأظهر البروسيون تفوقاً عسكرياً، أجبر الجيش الفرنسي على التسليم في سيدان Sedan في أول أيلول 1870، وأعلنت الجمهورية الفرنسية في كومونة باريس، ووقعت الهدنة التي انتهت بصلح فرانكفورت يوم 10 أيار 1871. وقام بسمارك في أثناء الحرب الفرنسية البروسية، بمفاوضة الإمارات الألمانية الجنوبية لتدخل اتحاد إمارات الشّمال، ولكنها رفضت في البداية، ثمَّ وافقت. وفي 18 كانون الثاني 1871 وفي قاعة المرايا بقصر فرساي، أُعلن قيام الامبراطورية الألمانية وتتويج القيصر وليم الأول امبراطوراً على ألمانية. وبذلك سيطر المستشار الحديدي بسمارك بوصفه الصانع الرئيسي للوحدة الألمانية، وهو في سن الخامسة والستين من عمره، على مقاليد الأمور في البلاد.

خاض بسمارك صراعاً قاسياً مع الكنيسة والحزب الكاثوليكي، حين أصدر بين 1871 و1873 جملة من القرارات تتعلق برجال الدين. وبذلك بدأ صراع بين بسمارك والكنيسة الكاثوليكية، عُرف باسم «الصراع الثقافي»، ولكن ذلك لم يدم طويلاً، لأن بسمارك بدأ منذ عام 1881 في تخفيف قبضته وتعديل سياسته تجاه رجال الدين. وخشي بسمارك من خطورة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعادي للملكية، ولاسيما بعد النجاحات التي حققتها حركة الاشتراكيين الديمقراطيين في انتخابات 1877، فقام بخطوتين، أولاهما السعي إلى تحطيم الاشتراكيين بقانون استثنائي، والثانية إدخال بعض الإصلاحات الاشتراكية لمصلحة العمال. وتعرض الامبراطور وليم الأول عام 1878 لمحاولتي اغتيال، فاغتنم بسمارك الفرصة وادعى أن مدبري هاتين المحاولتين من أنصار الحزب الاشتراكي الديمقراطي، واستصدر من الرايخشستاغ قانوناً بحل جميع الاتحادات الاشتراكية الديمقراطية، ولكن القانون لم يحقق غرضه، فقام ببعض الإصلاحات الاجتماعية لأحوال العمال، وأصدر قانون التأمين الصحي عام 1883، وقانون التأمين من الحوادث 1884، وقانوناً يلزم أصحاب العمل بدفع رواتب تقاعدية للعمال بعد عجزهم. ولكن ذلك لم يمنع الاشتراكيين الديمقراطيين من تأسيس تنظيمات سرية، تروِّج أفكارهم عن طريق منشورات تأتيهم سراً من سويسرة وبلجيكة.

كان لبسمارك الفضل في التطور الاقتصادي الذي شهدته ألمانية في تلك المرحلة، إذ اعتمد سنة 1873 وحدة نقدية هي المارك، وتمَّ إنشاء مصرف للامبراطورية سنة 1875. ولم يكن لدى بسمارك عند إنشاء الرايخ الألماني أي رغبة في تكوين مستعمرات لألمانية، ولكن هذا تغير بحجة حماية التجارة. وكانت سياسة بسمارك قائمة على عزل فرنسة، وصرف أنظارها عن الألزاس واللورين، وكسب صداقة روسية من غير إغضاب إنكلترة، وكسب ود النمسة من دون الابتعاد عن روسية. وفي عام 1872 عقدت روسية وألمانية والنمسة «اتفاق القياصرة الثلاثة» لتدعيم السّلام.

وفي الحرب الروسية التركية (1875- 1878)، عرض بسمارك وساطته، وعقد مؤتمر برلين، الذي اختير بسمارك رئيساً له. ونجح على الرغم من الصعوبات في التوصل إلى اتفاق، ولكن روسية خرجت ناقمة عليه، فازداد التقارب بين ألمانية والنمسة وتوج باتفاق ثنائي عام 1879. وواصل بسمارك جهوده ونجح في تجديد معاهدة القياصرة الثلاثة عام 1884 لمدة ثلاث سنوات، وبسبب الخلاف النمسوي الروسي في البلقان لم تجدد المعاهدة مرة ثالثة. وعقد بسمارك معاهدة سرية مع روسية، عرفت باسم معاهدة «تأمين الظهر». كما نجح في 20 أيار 1882 في عقد معاهدة دفاعية سرية بين ألمانية والنمسة وإيطالية، ثم انضمت صربية ورومانية إلى هذه الاتفاقية. وحاول أن يقيم علاقات طيبة مع إنكلترة، بعد التقارب الفرنسي الروسي، ولكن ذلك لم يتم.

مات القيصر وليم الأول في شباط 1888 فخلفه ابنه المريض باسم القيصر فريدريك الثالث، ثم مات فريدريك بعد 99 يوماً، فخلفه القيصر وليم الثاني، الحديث السن، ونشب الخلاف بينهما في السياسة الخارجية. وأخيراً أَجبر القيصر بسمارك على تقديم استقالته في 20 شباط 1890، وعاد إلى ضيعة له قرب هامبورغ. بعد 28 سنة من العمل السياسي غادر بسمارك الساحة الأوربية والألمانية، وظل في قريته يكتب مذكراته التي صاغها في كتابه «أفكار وذكريات» حتى موته.

 

راغب العلي

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

ألمانية ـ بروسية.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ هـ.أ.ل. فيشر، تاريخ أوربة في العصر الحديث، ترجمة أحمد نجيب هاشم ووديع الضبع (دار المعارف، القاهرة 1958).

- Engelberg, Ernst, Bismarck, Urpreusse und Reichsgruender (Berlin 1987).

- Otto von Bismarck, Gedanken und Erinnerungen, Stuttgart (Berlin 1928).

- Tillmann, Heinz, Biographien zur Weltgeschichte, Lexikon (Berlin 1989).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 114
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 602
الكل : 31861495
اليوم : 61038

الإطار (في المركبة)

الإطار في المركبة   الإطار tire في المركبات هو غلاف دائري الشكل من خليطة مطاطية خاصة مع طبقات ذات خيوط أو شرائط نسيجية أو فولاذية يركب على حِتار الدولاب (الجنط)  wheelrim مع إطار داخلي مطاطي، أو من دونه، ويملأ جوفه بهواء مضغوط. ومهمة الإطار توفير التماسك مع سطح الطريق في أثناء درجان عجلة المركبة واندفاعها، وامتصاص الصدمات الناتجة من خشونة سطح الطريق ووعورته.
المزيد »