logo

logo

logo

logo

logo

بو (إدغار ألن-)

بو (ادغار الن)

Poe (Edgar Allan-) - Poe (Edgar Allan-)

بو (إدغار آلن -)

(1809 ـ 1849)

 

إدغار آلان بو Edgar Allen Poe شاعر وقاص أمريكي، ولد في بوسطن Boston وتوفي في بالتيمور Baltimore. كان والداه ممثلين مسرحيين توفيا قبل أن يبلغ الثالثة من عمره، فتبناه رسمياً تاجر التبغ الثري جون آلن الاسكتلندي الأصل الذي أمَّن له فرص دراسة ممتازة، سواء في إنكلترة بين عام 1815 وعام 1820، أو في جامعة فرجينيا حيث درس اليونانية القديمة واللاتينية والإيطالية بتفوق ملحوظ. لكن انغماسه في لعب القمار ورفض جون آلن تسديد ديونه عنه أدى إلى فصله من الجامعة، فالتحق بالجيش جندياً بين عام1827 وعام1830، ثم تمكن بمساعدة والده بالتبني من الانتساب إلى الأكاديمية العسكرية وِست بوينت West Point عام1831، ولكن سرعان ما فصل منها بسبب إهماله واجباته، مما أدى أخيراً إلى أن يعلن جون آلن عن تبرئه منه علناً وحرمانه من الميراث. وفي عام 1836 تزوج بو من ابنة عمته فرجينيا Virginia التي كانت في الثالثة عشرة من عمرها، وعاش معها حياة فقر مدقع حتى وفاتها السريعة بسبب المرض عام1847، الأمر الذي هز كيانه المضطرب أصلاً، مما دفعه إلى إدمان الكحول وتعاطي المخدرات حتى وفاته الغامضة الأسباب والظروف في أحد مستشفيات بالتيمور.

استمد بو تراثه الأدبي الثقافي من شعراء البلاط في عصر الملكة اليزابيت الأولى[ر]، ويعود إحساسه بالموسيقى وتقديسه للمرأة ومحاولاته لجعل الخوارق قابلة للتصديق إلى الشعر الغنائي والنثر المنمق والمأساة الرومنسية في عصر شكسبير[ر]. وقد بدأ بو بكتابة الشعر نحو عام 1825، وكان شديد النهم للمطالعة والدراسة، وأصدر كتابه الأول «تيمورلنك وقصائد أخرى» (1827) Tamerlane and Other Poems، وبعد سنتين صدرت طبعة جديدة للديوان مع بعض القصائد الجديدة بعنوان «الأعراف، تيمورلنك وقصائد أقل أهمية» Al Araaf Tamerlane and Other Minor Poems وفي شعر تلك المرحلة يظهر تأثير ميلتون[ر] Milton وتوماس مور[ر] Thomas Moore. ومع صدور ديوانه الجديد «قصائد» (1931) Poems، الذي يحمل تأثير كيتس[ر] Keats وشلي[ر] Shelley وكولريدج[ر] Coleridge، كان الفنان بو متهيئاً لإعلان مذهبه الشعري، فيقول في مقدمة الديوان محتجاً على أنصار تحكم العقل بالخيال: (القصيدة في نظري تغاير الأثر العلمي، في أن هدفها المباشر هو المتعة وليس الحقيقة، وهي تغاير الرواية بأن هدفها هو متعة غير محدودة بدلاً من متعة محدودة، ولتحقيق هذه الغاية فإن الموسيقى عنصر جوهري، إذ إن إدراك الصوت  العذب هو أكثر أفكارنا إبهاماً). وفي التحديد الذي قال به في ما بعد، وكان أكثر نضجاً، (الشعر هو الخلق الإيقاعي للجمال) تمسك بو بشدة بإيجابيات هذا الرأي، مع تراجعه عن رفض العلم والعقل.

ومن بين أجزاء العقل الثلاثة التي طالما ردد ذكرها، وهي الذهن الصرف والذوق وحاسة الإبداع، كان يتخذ الذوق دائماً دائرة اختصاصه. وحين وعى لاحقاً بضرورة إدراك بنية القوانين الجمالية صارت «الوحدة الفنية» لا «الجمال» هدفه الرئيسي. كانت قصيدتاه المبكرتان الطويلتان «تيمورلنك» و«الأعراف» تهيمان في مملكة الجمال الحسي الصرف، أما بعدهما فقد صار ممكناً لقصائد شهيرة مثل «الغراب» (1845) The Raven و«أنابل لي»  (1849) Annabel Lee أن تشيَّدا كمعمار أسرف بانيه في إتقانه، فالجمال والتحفظ ووحدة التأثير هي المراحل الثلاث في إتقان الفنان بو لخلق الجو الشعري. وقد كان لمقطوعاته الشعرية القصيرة التي لم يجمع أفضلها حتى عام 1845 والتي نُشر بعضها بعد وفاته أثر أبعد بكثير مما لها من قيمة أصيلة فيها، لأنها تجسيد كامل لنظريته في الفن. ففي قصيدته «أولالوم» (1847) Ulalume أو «إلى آني» (1848) For Annie صلابة في النسيج كرمز وإيقاع، تناقضها الفوضى العاطفية التي تعبر عنها هذه القصائد. لقد وجد بو طريقه إلى الخبايا المظلمة في النفس البشرية، وابتدع قالباً تستطيع آلام النفس أن تجد فيه تعبيراً رمزياً مباشراً عنها. وما شعره إلا رؤى، كشف عنها بالموسيقى والصورة المجازية. وتركزت مهمته التالية في أن يعبر عن تلك الرؤى تعبيراً أكثر تحليلاً في القصة. وكان على طائفة من الأدباء الفرنسيين الرمزيين مثل بودلير[ر] Baudelaire وملارميه[ر] Mallarmé أن يتفهموا نظرة بو في وظائف الخيال الشعري وقواعد التحكم به وأن يطبقوها في شعرهم ونقدهم، وأن يحاولوا ترجمة أعماله إلى الفرنسية، قبل أن يدرك الأدب الأمريكي عبقرية وفرادة أديبه على صعيد الشعر والقصة والنقد.

الحافز المباشر الذي دفع بو لكتابة القصة النثرية هو الضغط المادي الملح لتحصيل قوته واحتياجات عائلته. وكان لفوزه بجائزة القصة القصيرة عن قصته «مخطوطة وجدت في زجاجة» MS.Found in a Bottle  أثر كبير في هذا التحول، فأصبح محرراً وناقداً أدبياً في عدة صحف ومجلات معروفة. ولم يمنعه من الاستقرار في العمل سوى تقلب مزاجه واضطراب نفسيته بسبب تعاطيه الكحول. وفي عام 1840 أصدر مجموعة من قصصه التي اشتهر بها بعنوان «قصص غروتسكية (فيها مبالغة غرائبية تهكمية) وزخرفية» Tales of the Grotesque and Arabesque. وفي السنوات العشر الأخيرة من حياته صار بو كاتباً معروفاً محترماً، وسطع نجمه محرراً وموهبة فنية عظيمة، تعد من خيرة المواهب الأدبية في زمنه. وكان الكتاب من معاصريه يخافونه ناقداٌ، لابتعاده عن المجاملة الشخصية في أحكامه النقدية، وذلك إخلاصاً منه لمهمة النقد النزيهة. وقصصه القصيرة، على تنوع موضوعاتها، تسير تبعاً لنظريته الجمالية، كما في قصائده المتأخرة. ولما كان اهتمامه حينذاك، بالجمال غاية، أقل مما كان عليه سابقاً، فقد أدرك أن الصدمة العاطفية للحكاية النثرية التي تصيب القارئ هي هدف القصة الرئيسي، فحاول أن يكتشف القواعد الداخلية التي يكون لها أبلغ الأثر، فاستغل أساليب القصة القوطية Gothic Tale [ر. القوطي (الأدب ـ)] وافترض أن العاطفة الأولى الأساسية هي الخوف، فاتجه نحو الخوارق في مادة قصصه واستعان بأشباه العلوم الشائعة آنذاك، كالتنويم المغنطيسي وفراسة الدماغ وتحليل العقل الباطن، فوجد أنه في المدى الذي يقع بين اليقظة والمنام وبين الحياة والموت تكون الحواس فيها في أشد حالات التنبه ويكون كبت العواطف في مستواه الأدنى، فصار الجنون وتوارد الخواطر والحالات العقلية المنحرفة أو الشاذة مادة يستقي منها فنه القصصي، وأصبح العالم الخارجي بما فيه من بشر مجرد مجموعة من الرموز يستخدمها الكاتب في الصروح التي يشيدها عقله المنهك من ضغوط الواقع وتأثير الكحول.

لكن مايبدو في قصصه من أهوال لا يقضي على النذير القابع في وعي الفنان، فزمام القيادة ظل في يد المبدع الخلاق. فقصص المرحلة الأولى حتى عام 1840 تأخذ شكلها المعماري من تسلسل الأحداث، أما قصص المرحلة الأخيرة فإن معمارها يخضع لمفهوم بو المتطور عن الحبكة الفنية، «حيث لا يمكن لأي جزء منها أن يزحزح من دون أن يسبب دمار الكل» ولابد للقصة من أن تتقيد بقاعدة الوحدات الثلاث التقليدية من حيث الزمان والمكان والموضوع [ر. أرسطو]. وهنا كما في الشعر يتم تحقيق البراعة الفنية عن طريق وحدة المفعول وكماله القصدي. وللتدليل على تنوع مقاصده صنف قصصه إلى «زخرفية» و«غروتسكية» و«استنتاجية». ففي الصنف الأول تكتسب القصة قوتها عن طريق الفزع أو عاطفة أخرى قائمة على القلق العنيف كما في «سقوط عائلة أشر» (1845) The Fall of the House of Usher، وفي الصنف الثاني عن طريق الدعابة الكالحة الساخرة، كما في «قناع الموت الأحمر» (1842) The Masque of the Red Death، وفي الصنف الأخير الاستنتاجي أو البوليسي الذي يعد بو رائده عالمياً، فإن المعقول فيه ينتج عن استخدام التحليل العقلي في إعادة بناء سلسلة من الحوادث بأسلوب علم النفس الإيحائي، كما في «جرائم قتل في شارع مورغ» (1842) The Murders in the Rue Morgue أو «البقة الذهبية»  (1845) The Gold Bug. إن هذه الأصناف الثلاثة في القص لم يبتدعها بو، إنما أخذها عن أسلافه في الأدب العالمي وطورها، غير أن بحثه فيها بحثاً دقيقاً واستعماله لها استعمالاً منظماً جعله صاحب لون أدبي جديد هو القصة القصيرة ذات التأثير النفسي. لقد ترجمت أعمال بو النثرية إلى معظم لغات العالم وكُتب حولها الكثير من الدراسات التحليلية وأثرت في تطور ما عُرف في القرن العشرين بروايات الرعب والروايات البوليسية الفائقة الانتشار؛ أما أشعاره فلم تحظ بمثل هذا الاهتمام لأنها عصية على الترجمة.

 

نبيل الحفار

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ بيتر هاي، موجز تاريخ الأدب الأمريكي، ترجمة هيثم على حجازي (وزارة الثقافة، دمشق 1990).

- CHARLES JR. FEIDELSON, Symbolism and American Literature (The University of Chicago Press 1969).

- ROBERT E. SPILLER, The Cycle of American Literature, Macmillan Company (NewYork 1956).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 441
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 126
الكل : 31740769
اليوم : 16230

الرابطة القلمية

الرابطة القلمية   حين توالت أفواج المهاجرين من بلاد الشام إلى أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، وتكاثر أبناء الجالية العربية في حواضرها، ولاسيما في نيويورك وبوسطن، راح المغتربون يؤسسون المتاجر وينشئون النوادي ويصدرون الصحف. ثم بدا لفئة مستنيرة منهم، وفيهم بعض الشعراء والكتاب والصحفيين ومتذوقي الأدب أن من الخير أن يأتلفوا في جمعية أو رابطة تضم شتاتهم وتوحد جهودهم وتعلي صوتهم.
المزيد »