logo

logo

logo

logo

logo

بولندة(جغرافية)

بولنده(جغرافيه)

Poland - Pologne

بولندة

 

بولندة Poland دولة أوربية اسمها بالبولندية بولسكة ,Polska مساحتها 312685كم2، تشغل موقعاً متوسطاً في أوربة، تحدها من الجنوب جمهوريتا تشيكية وسلوفاكية، ومن الشرق جمهوريتا أوكرانية وبيلوروسية ومن الشمال بحر البلطيق[ر] وإقليم كالينينغراد الروسي ومن الغرب ألمانية. وتقع بين خطي الطول 24 درجة و10 دقائق، و14 درجة و9 دقائق شرقاً، وبين خطي العرض 49 درجة، و54 درجة و52 دقيقة شمالاً. فهي ذات موقع جغرافي مهم، يؤلف ممراً بين أوربة الشرقية وأوربة الغربية، يربط عالم بحر البلطيق والسهول المنخفضة، وعالم جبال الكاربات. طول حدودها البحرية على البلطيق 524كم، وهذه الحدود هي واجهة بولندة البحرية الوحيدة.

 

 

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

التضاريس: يتألف معظم الأراضي البولندية من أراض منخفضة وتضاريس سهلية منبسطة متموجة، لا تزيد ارتفاعاتها المتوسطة على 200م فوق سطح البحر، تشمل أكثر من 70٪ من أراضي شمالي البلاد ووسطها، وتمتد جنوباً حتى أقدام جبال السوديت والكاربات التي تشغل قرابة 30٪ من مساحة بولندة.

تتّصف تضاريس بولندة بانتظامها في نطاقات ووحدات جغرافية، تمتد من الشرق إلى الغرب، مكوّنة أشرطة تتعاقب من الشمال المنخفض إلى الجنوب المرتفع، هي:

1ـ السهل الساحلي: وهو شريط منخفض من الأراضي المسايرة لسواحل بحر البلطيق، بين خليجي بوميرانية في الغرب وغدانسك (دانزيغ) في الشرق، لا تزيد ارتفاعات هذه الأراضي على 50-100م فوق سطح البحر، وتتألف من رواسب رملية ووحول توضعت بعد انحسار الغطاء الجليدي الذي كان يغطي أوربة الشمالية. وقد أسهمت الأنهار التي تصب في البحر والرياح والتيارات الساحلية في رسم معالم سواحل البلطيق، فكثرت على امتداده الأشرطة الرملية والجزر المتطاولة والكثبان والسبخات والبحيرات الساحلية وخاصة في خليج بوميرانية وخليج غدانسك.

2ـ إقليم البحيرات: يقع إلى الجنوب من السهل الساحلي، ويتألف من مساحات تلية وسهلية متموجة غنية بالمنخفضات التي تكوّنت فيها مئات البحيرات. وترتفع أراضي هذا الشريط إلى أكثر من 100م فوق سطح البحر، ويقسم إلى منطقتين، الأولى هي منطقة بوميرانية، وتقع شمالي غربي بولندة بين نهر الأودر في الغرب ونهر الفستولة في الشرق، ونهر فارتة ورافده نهر نورتش في الجنوب. أما المنطقة الثانية فهي مازورية أو منطقة البحيرات المازورية المحصورة بين وادي نهر الفستولة في الغرب ونهر البوغ Bug رافد الفستولة من الجنوب وحدود بولندة مع بيلوروسية من الشرق. وتتصل المنطقتان في الشمال بالسهل الساحلي الأقل ارتفاعاً. ويعد الوادي العريض والواطئ لنهر الفستولة عنصراً تضريسياً بارزاً في الإقليم، يفصل بين منطقتين، إضافة إلى عدد من التلال البارزة فوق سطح مازورية الوسطى.

3ـ شريط منخفضات وسط بولندة: ويتألف من ثلاث مناطق تتعاقب من الغرب إلى الشرق هي: منطقة سيليزية في الجنوب الغربي، ومنطقة منخفضات بولندة الكبرى في الوسط، ومركزها مدينة بوزنان، ثم منطقة مازوفية في الشرق ومركزها مدينة وارسو. ولهذه المناطق محاور شمالية ـ غربية، جنوبية ـ شرقية وتراوح ارتفاعاتها حول 100م فوق سطح البحر، تفصل بينها تلال وسهول متموجة تعلو حتى 200م.

وأشرطة التضاريس الثلاثة السابقة متشابهة المنشأ والأصل، بل والمظهر العام، فهي نتاج مخلفات الأغشية الجليدية المتراجعة عن السهل الأوربي الكبير، على مراحل حدثت في الحقب الرابع الجيولوجي القديم، وتركت كل مرحلة شريطاً من التلال والروابي الرملية والطينية تتفق مع حدود أشرطة التضاريس الثلاثة، وتحصر بينها منخفضات امتلأت بمياه البحيرات والمستنقعات. إلى الجنوب من أشرطة التضاريس المذكورة المنخفضة والحديثة المنشأ تأخذ الأرض بالارتفاع التدريجي مؤلفة أشرطة جبلية يرجع عمرها إلى الحقب الجيولوجي الثالث.

4ـ مرتفعات بولندة الصغرى: وتتألف من شريط غربي ـ شرقي، يبرز في غربيه نهوض سيليزية ـ كراكوفية، وفي شرقيه نهوض الصليب المقدس (سفيتو كرتسيسكي) الذي يرتفع 612م فوق سطح البحر، ويفصل بينهما منخفض حوض نيدا (300-350م) ولاترتفع التضاريس في جبال لوبلين المتاخمة لها إلى أكثر من 400م. إن مرتفعات بولندة الصغرى هي التواءات ذات محاور جنوبية شرقية موازية للمحور العام للجبال (الشرقي ـ الغربي).

5ـ السوديت: سلسلة جبلية ترسم شريطاً يساير الحدود الجنوبية الغربية مع تشيكية، محورها شمالي غربي ـ جنوبي شرقي، وأعلى قمة في هذه السلسلة هي جبل سنيكو (1602م) Cnejko، تتألف السوديت من مجموعة من الالتواءات من النموذج الألبي، يفصلها صدع كبير عن سلسلة جبلية أقل ارتفاعاً تسايرها في الشمال.

 6ـ جبال الكاربات[ر] (البسكيد): هي جبال التوائية ألبية النموذج أيضاً، تمتد على طول الحدود الجنوبية لبولندة، ترتفع في كتلة جبال تاترا إلى 2499م في جبل رِس Ris، وتدخل سفوحها الشمالية وأقدامها في الأرض البولندية، حيث تخددها أودية كثيرة تؤلف المجاري العليا لأنهار مهمة مثل الفستولة والأودر والدانوب (الروافد اليسارية).

الأحوال المناخية

فرض الموقع الجغرافي ـ الفلكي لبولندة أن تلتقي في جوها كتل هوائية مختلفة هي الكتلة الباردة القادمة من الشمال القطبي، والكتلة المحيطية الرطبة واللطيفة القادمة من الغرب، وكتلة شبه مدارية دافئة قادمة من الجنوب. وتراوح معدلات الحرارة السنوية في البلاد بين 6-8 درجات مئوية، تنخفض إلى الصفر في أعالي الجبال, وتتناقص درجات الحرارة عامة من الغرب باتجاه الشرق في فصل الشتاء، ومن الجنوب باتجاه الشمال في الصيف. وقد تتدنى درجة الحرارة الصغرى المطلقة إلى -42 درجة في الأحواض. أما الهطل فتراوح مقاديره السنوية بين 600-800مم، وترتفع في الجبال إلى 800-1200مم، وتنخفض حتى 450-500مم في أواسط البلاد. ويسقط الثلج في معظم السهول وفي الجبال كافة.

بولندة غنية بالمياه، وخاصة المياه السطحية في أنهارها وبحيراتها، وتفيض مياه الأنهار في فصل الربيع، إثر ذوبان الثلوج، وفي فصل الصيف نتيجة الهطل. فنظام جريان أنهار بولندة مزدوج: ثلجي ـ مطري. ومن أبرز أنهارها نهر الفستولة الذي يعد في أهم أنهار أوربة، ينبع من جبال الكاربات، ويصب في بحر البلطيق عند خليج غدانسك وتقع عليه مدينة وارسو (فرسوفية) ويبلغ طوله 1047كم. ثم نهر الأودر الذي ينبع من جبال السوديت والبسكيد وينتهي في خليج بوميرانية على البلطيق، بعد أن يرسم الحدود السياسية بين بولندة وألمانية.

في بولندة آلاف البحيرات والمستنقعات، ويبلغ عدد التي تزيد مساحتها على الهكتار الواحد 9300 بحيرة، تغطي قرابة 1٪ من مساحة بولندة، أغلبها من أصل جليدي سابق في الوسط والشمال، ومن أصل بحري ـ نهري في الساحل. أما ترب بولندة فمتنوعة تغلب عليها الترب الرملية والمستنقعية في الشريط الساحلي، ثم الترب من منشأ جليدي ولحقي في منبسطات الوسط، وهي قليلة الجودة ومتدنية الخصب باستثناء الأجزاء المغطاة بتربة اللوس Loess. أما في الجنوب المرتفع فتنتشر الترب الجبلية. وعموماً فإن تربة البودزول وزمرها هي أكثر أنواع التربة انتشاراً في بولندة، تليها مجموعة التربة البنية وتربة اللوس والرندتسينا، ثم ترب الطمي واللحقيات في أودية الأنهار.

النبات والحيوان

غطت الأعشاب والمروج السهول والتلال بعد انحسار الجليد عنها، أما الغابات فتكثر في الجنوب، وتغطي نحو 27٪ من مساحة البلاد، أكثر أشجارها من الشربين والبلوط والزان والدردار والصنوبريات أو المخروطيات إضافة إلى أنواع الغابة المختلطة والمخروطية وأنواع غابة التايغا[ر] وفي الجبال تنمو أشجار من فصيلة الصنوبريات وأشجار نطاق ما تحت الألبية وحدود الثلج الدّائم. وتنتمي حيوانات بولندة إلى المجموعة الأوربية ـ السيبيرية الغربية، ففيها أنواع فقارية منها ثدييات وطيور محلية، وتكثر فيها الأيائل والخنازير البرية والقوارض والدببة والقطط البرية والشاموا والمرموط وغيره.

الأوضاع البشرية

يعد الشعب البولندي من الناحية الإثنية متجانساً تجانساً كبيراً، على الرغم من التبدلات والتغيرات والهجرات البشرية التي عانتها بولندة، إضافة إلى حالات التوسع والتقلص وزوال الدولة التي تعرضت لها. فالبولنديون يؤلفون قرابة 98٪ من مجموع السكان. والبقية أقليات إثنية تشتمل على الألمان (300.000نسمة)، والأوكرانيين (200.000نسمة)، وأقليات أخرى.

يتكلم البولنديون اللغة البولندية من الأسرة السلافية الغربية، ولها عدد من اللهجات المحلية، كذلك يتكلم أبناء الأقليات لغاتهم الأصلية مثل اللغات الألمانية والروسية البيضاء والأوكرانية.

ويدين 91٪ من السكان بالمسيحية على المذهب الكاثوليكي، إضافة إلى قلة من أتباع الأرثوذكسية والبروتستنتية، وقلة من اليهود والمسلمين من أصل تتري وتركي.

بلغ عدد سكان بولندة عام 1998 نحو 38666000نسمة، وكثافتهم 124ن/كم2. وقُدِّر معدل النمو السكاني للمدة بين 1990 و1998 بنحو 2بالألف، والعمر المتوسط 72سنة (68للرجال و77 للنساء)، وقد تعرض عدد سكان بولندة لتغيرات كبيرة، فقبيل الحرب العالمية الثانية وصل عدد سكانها إلى 34800000نسمة، تقلص إلى 23900000نسمة عام 1946.

رافق التطورات الديمغرافية لما بعد الحرب العالمية الثانية نشاط ملحوظ للهجرة من الريف البولندي إلى المدن، ارتبط بإعادة بناء المدن والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية والثقافية وغيرها، وكذلك بنمو القطاع الصناعي في البلاد، حتى صارت نسبة سكان المدن أعلى من النصف، 64٪ عام 1996.

من أهم مدن بولندة بعد العاصمة وارسو[ر] المدن الآتية مرتبة بحسب عدد سكانها (1998):

لودج (846.000 نسمة) Lodz: مدينة في وسط البلاد إلى الجنوب الغربي من وارسو، تعد مركزاً ثقافياً مهماً، فيها جامعة وعدد من المدارس العليا والمعاهد التقنية ومسرح. وهي مركز للصناعة النسيجية البولندية ولصناعة آلات النسيج.

كراكوف (751.000 نسمة) Krakow: في جنوبي البلاد على الفستولة فيها أقدم جامعة ومكتبات ومتاحف ومعالم دينية وتاريخية.

فروتسلاف Wroclaw: في الجنوب الغربي على نهر الأودر المركز الثقافي والاقتصادي والإداري لسيليزية العليا. عدد سكانها 644000نسمة، فيها جامعة ومعالم تاريخية، تشتهر بصناعة الآلات والنسيج.

بوزنان (581.000 نسمة) Poznan:: في الغرب على نهر فارتة. مدينة صناعية مهمة تشتهر بمعرضها الدولي وجامعتها دانزيغ.

غدانسك (دانزيغ) (: 467.000نسمة) Gdansk: ميناء عند مصب نهر الفستولة، وهي غنية بالمعالم العمرانية التاريخية. وفيها أحواض بناء السفن والصناعات الغذائية والكيماوية والآلات.

الأوضاع الاقتصادية

بولندة بلد زراعي ـ صناعي مرموق في أوربة، فهي أكبر منتج للمحاصيل الزراعية في القارة بعد روسية، وتحتل المركز الرابع في العالم بإنتاج البطاطا بعد الصين الشعبية وروسية والولايات المتحدة الأمريكية، كذلك تمتلك بولندة ثروات باطنية وموارد طبيعية توفر لصناعتها مواد أولية مثل الفحم الحجري والغاز بكميات كبيرة والنفط بكميات قليلة، إضافة إلى خامات النيكل والنحاس والتوتياء والكوبالت والكبريت والملح والفضة والحديد والرصاص وغضار الكاولان والحجر الكلسي والمرمر والجص وغيره.

الزراعة

يسهم الإنتاج الزراعي البولندي بنحو 7٪ من الناتج القومي الإجمالي، ويعمل في الزراعة 26٪ من مجموع القوى العاملة عام 1996. تشتهر بولندة بزراعة البطاطا وإنتاجها السنوي منها بحدود 22.5مليون طن، كما تنتج الحبوب (24.4مليون طن)، والذرة (300000طن) والشوندر السكري (1957طن من السكر)، وأنواع مختلفة من الخضر والفواكه والمحاصيل العلفية، كذلك تزود غابات البلاد الصناعة الخشبية وغيرها بالأخشاب الجيدة. وتربى في مزارع بولندة ومراعيها قطعان من الخنازير والأبقار والضأن.

الصناعة

بولندة واحدة من دول أوربة الصناعية، إذ يسهم القطاع الصناعي فيها بنحو 38٪ من الناتج القومي الإجمالي، ويعمل فيه قرابة 32٪ من القوة العاملة عام 1996. كما تؤلف الصادرات الصناعية نسبة تزيد على 61٪ من مجموع الصادرات. وتصنع بولندة التجهيزات والأدوات الكهربائية، والآلات والمكنات ووسائل النقل وتجهيزاتها والجرارات والأدوات الزراعية، والصلب والمخصبات (الأسمدة) والإسمنت والسفن وعربات القطارات. وتزدهر فيها الصناعات الغذائية والكيمياوية والنسيجية والمعدنية الأساسية وغيرها.

التجارة والمواصلات

تتألف صادرات بولندة من السلع المختلفة والمكنات والآلات ووسائل النقل والزيوت والدهون ومنتجات مصنعة مختلفة، إضافة إلى المنتجات الكيمياوية والغذائية والحيوانات الحية، وخامات معدنية، تصدرها إلى ألمانية وروسية وإيطالية وهولندة وأوكرانية وفرنسة وتشيكية.

أما وارداتها فتشتمل على سلع كثيرة منها الآلات والسيارات والمنتجات الكيمياوية والمواد الغذائية والزيوت والوقود وشتى البضائع المصنعة. وهي تستوردها من ألمانية وإيطالية وروسية وفرنسة وبريطانية وهولندة. ويبلغ الناتج القومي الإجمالي لبولندة 124.6 مليار دولار، ومتوسط الدخل السنوي للفرد هو 3230 دولار أمريكي (عام 1996).

تمتلك بولندة شبكة من طرق المواصلات البرية والحديدية والمائية الجيدة نسبياً، وقد تعرضت لتخريب كبير في الحرب العالمية الثانية، ولما تسترد عافيتها كاملة. وتتفرع معظم طرق المواصلات الرئيسية من مدينة وارسو التي تخرج منها شعاعياً إلى شتى أرجاء بولندة والبلدان المجاورة. وفي وارسو مطار عالمي وشركة طيران وطنية لها رحلات خارجية منتظمة. وترتبط مدن بولندة الصناعية على نهر الأودر والفستولة بقنوات مائية. أما الملاحة البحرية فمراكزها على بحر البلطيق في موانئ شتشين وغدينية وغدانسك التي تستقبل السفن الكبرى، وموانئ أصغر للملاحة المحلية والمحدودة..

لمحة تاريخية

تاريخ بولندة حافل بالأحداث والصراعات الداخلية والخارجية التي دارت حول السلطة وحول الأطماع الإقليمية لجارات بولندة في أراضيها، وحول التوسع البولندي خارج حدود بولندة في عهود القوة والازدهار.

فقد بدأ استيطان الأراضي البولندية بعد تراجع الجليديات الأخيرة قبل 11000-10000سنة، لكن إعمارها الفعلي من قبل مجموعات بشرية معروفة جاء متأخراً، إذ تأكد أن قبائل سلافية الأصل عاشت في بولندة منذ ألفي عام قبل الميلاد. وتعد بولندة الموطن الأول لقبائل البولاني التي سكنت حوضي نهري الفستولة والأودر وسميت البلاد بها.

وتعد سلالة بياست  (963-1382) Piast أولى الأسر البولندية القوية التي حكمت البلاد. وكان أبرز حكامها ميجكو الأول (963- 992) Mieszko ثم ابنه بوليسلاف الأول الشجاع (992-1025) Boleslaw الذي تُوِّج أول ملك لبولندة عام 1024. وهما يعدان مؤسسي بولندة. إذ صارت مساحتها في عهد ميجكو الأول 250000كم2 وعدد سكانها 1250000نسمة، وتجاوزت مساحتها حدود انتشار القبائل البولندية في عهد بوليسلاف الأول الذي احتل بوهيمية ومورافية وأراضي أخرى من ألمانية غرب نهر الأودر، واحتل إمارة كييف، وعرفت بولندة في عهده باسم المملكة البولندية، وترسخت فيها أركان أول دولة بولندية.

تجزأت البلاد، وانقسمت في عهد بوليسلاف الثالث وعهد أبنائه الذين وُزعت عليهم أقاليم المملكة، ورافق ذلك صراعات محلية وتدخل قوى أجنبية في شؤون البلاد، وفقدت بولندة على إثرها وحدتها مدة قرنين من الزمان. ولجأت بولندة لكي تصد هجمات الليتوانيين والبروسيين في أواسط القرن الثالث عشر، إلى الاستعانة بالفرسان التيوتون الألمان. لكن التيوتون تسلطوا على البلاد وأقاموا لهم دويلة في بروسية وكيلمنو، ونشطوا في نشر المسيحية فيهما، مع بقاء مايشبه الوحدة الصورية لبولندة.

تعرضت بولندة المفككة لغزو المغول في عام 1241 وسقطت بأيديهم، ودفع ذلك الحكام والأمراء إلى الاتحاد لمواجهة الخطر المغولي الذي تمركز في روسية بعد انسحاب المغول من بولندة عام 1242، لكن هذا الاتحاد لم يتحقق إلا في زمن برزيميسل Przemysl الثاني (1279-1296) الذي تُوج ملكاً عام 1295 وأعاد تأسيس المملكة البولندية، وقد تعاقب على حكمها بعده عدة ملوك، أبرزهم الملك فلاديسلاف الأول (القيصر) (1341-1333)، والملك كازيمير الثالث (الكبير) (1333-1370)، الذي عادت بولندة في عهده قوة ذات شأن في أوربة. وتابع لويس الأول (1370-1382) آخر سلالة بياست، وملك هنغارية في الوقت نفسه، سياسة خاله كازيمير الثالث. وبوفاته انهار التحالف البولندي ـ الهنغاري، وبدأ عهد أسرة ياغيلو (1382-1572)Jagiello .

اتحدت بولندة مع ليتوانية اتحاداً دام 183 سنة تحت حكم الأسرة الياغيلونية. وتضاعفت مساحة أراضي المملكة حتى بلغت أربعة أمثالها. ووصل نفوذها إلى كييف وإلى حدود أراضي خانات المغول والتتار في الشرق، وأُسس أول برلمان بولندي عرف باسم «سيم» سنة 1493 وغدا لبولندة وليتوانية برلمان مشترك، مع غلبة التأثير الحضاري والثقافي والديني البولندي. وفي زمن الملوك الذين تعاقبوا على الحكم امتدت أراضي المملكة الموحدة على قسم واسع من أوكرانية وروسية ودول البلطيق، وجنوباً إلى نهر الدنيستر وقريباً من البحر الأسود، وبلغت أقصى توسع لها عام 1550، مع حدوث اضطرابات داخلية وحروب خارجية، تعرضت فيها بولندة لهزائم وخسائر في عهد فلاديسلاف الثاني (1434-1444) الذي قُتل في معركة فارنة، التي انتصر فيها العثمانيون على البولنديين وحلفائهم. وتكررت الهزيمة كذلك في عهد خلفاء كازيمير الرابع (1447-1492).

عاشت بولندة ثلاث سنوات من غير حاكم (1572-1575)، طُوِّر في أثنائها دستور جمهوري ـ ملكي حدَّ من سلطات الملك، وانتخب الملك س.باتوري (1576-1586)، وبدأ حكم أسرة فاسه Vasa الذي دام حتى عام 1697. ويعد عهد هذه الأسرة مرحلة ضعف وانحطاط قامت فيه حروب أهمها الحرب البولندية ـ السويدية، واندلعت كذلك ثورات في أوكرانية، كما استمرت الحرب البولندية العثمانية. وفي عام 1697 نجح فريدريك أغسطس F.Augustus باعتلاء عرش بولندة، وبه بدأ عهد الحكام السكسون الذي شهدت فيه البلاد اضطرابات مدمرة ودخلت حروباً خاسرة، فاحتلت السويد وحلفاؤها بولندة (1701-1702) ودمرت معظم المدن البولندية. وبعد هزيمة السويدين في أوكرانية (معركة بولتافة 1709) وخروجهم من بولندة عاد ملكها فريدريك أغسطس الثاني إلى الحكم بدعم من روسية. وبعد وفاته نشبت حرب الوراثة البولندية بين روسية والنمسة المؤيدتين لخلافة أغسطس الثالث لأبيه، وفرنسة المؤيدة لمنافسيه. ونجحت روسية في بسط نفوذها على بولندة. وفي عام 1764 وصل ستانيسلاف بونياتوفسكي العرش البولندي بدعم روسي، وحاول إدخال بعض الإصلاحات التي لم ترض بها روسية، فوسعت سيطرتها على بولندة وأثارت اضطرابات مذهبية ونشبت ثورة الكاثوليك بدعم من الأتراك على روسية، ومن ثم تدخلت قوى أوربية مجاورة ذات مصالح في أحداث المنطقة أدت في نهاية المطاف إلى تقسيم بولندة أول مرة بين روسية والنمسة وبروسية، وما تُرك لبولندة من أراضيها كان تحت النفوذ الروسي.

 

قاوم البولنديون الاحتلال والتجزئة، وتحول مجلسهم البرلماني (السيم) عام 1788 إلى مجلس ثوري وطني، ووافق على دستور إصلاحي جديد عام 1791. فردَّت روسية بغزو بولندة عام 1792، وألغت الدستور والإصلاحات، وقامت بالاتفاق مع بروسية بتقسيم بولندة مرة ثانية عام 1793، خسرت فيها بولندة مساحات جديدة. لكن الثورات على الاحتلال لم تتوقف، وتمكنت روسية من إخمادها، ثم اتفقت مع حليفتيها بروسية والنمسة على اقتسام بولندة للمرة الثالثة عام 1795، وزالت مملكة بولندة تماماً من الخرائط. وحُرم استعمال اسم بولندة. حتى إن نابليون[ر] الذي أحيا الدولة البولندية عام 1807 دعاها دوقية وارسو الكبرى. ولكن سقوط نابليون أدى إلى اقتسام القوى الثلاث بولندة مرة أخرى. تم أُخرجت روسية من بولندة عام 1915، وأقيمت فيها مملكة بولندية تحت الحماية النمسوية والألمانية، ثم أعلنت جمهورية مستقلة بعد انتصار الحلفاء في الحرب عام 1918، وغدا المارشال يوزف بيلسودسكي J.Pilsudski أول رئيس جمهورية لبولندة. وأعيدت الحياة للدولة البولندية في مؤتمر السلام في فرساي عام 1919 الذي قرر أنها الدولة «التي يجب أن تضم المناطق المأهولة بسكان بولنديين لاخلاف حولهم». لكن بولندة توسعت شرقاً لتضم ليتوانية وأراضي أوكرانية وبيلوروسية بعد انتصارها في الحرب البولندية ـ الروسية عام 1920. وفي عام 1929، وإثر اضطرابات سياسية وتعاقب سريع للوزارات على الحكم قام بيلسودسكي بانقلاب عسكري جاء بنظام حكم «العقداء» للبلاد. وفي عام 1934 عقدت بولندة اتفاق عدم اعتداء مع ألمانية النازية، لكن هتلر طالبها بممر دانزيغ وبوميرانية وأتبع الطلب بغزو بولندة في 1أيلول 1939 الذي كان بداية الحرب العالمية الثانية. كذلك احتلت القوات السوفيتية شرقي بولندة، بموجب اتفاق سري بين ألمانية النازية وروسية السوفيتية، يقضي باقتسام بولندة بينهما، وقام الروس بمذبحة قتلوا فيها أسراهم من الضباط البولنديين في موقع كاتين عام 1940، وقام النازيون بإبادة آلاف البولنديين في غضون سنوات الاحتلال (1940-1945).

 بولندة بين عامي 1945 ـ 2000

تقسم هذه الحقبة من تاريخ بولندة إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى: هي مرحلة إخراج الألمان من البلاد عام 1944، ووقوعها بيد الروس السوفييت، وتسليم الحكم إلى الشيوعيين الذين سيطروا على بولندة عام 1948-1949 وإنشاء جمهورية بولندة الشعبية، بدعم سوفييتي. لكن تردي الأوضاع الاقتصادية والنقص المتزايد في المواد الغذائية وارتفاع أسعارها في عقد السبعينات من القرن العشرين، تسبب في حدوث إضرابات عمالية وظهور منظمات سياسية مناهضة للشيوعيين. وقد وجد المناهضون للدولة والحزب دعماً معنوياً لهم في زيارة البابا يوحنا بولس الثاني البولندي الأصل للبلاد عام 1979، وتمخض ذلك عن ظهور «نقابة التضامن» غير الشيوعية التي بلغ عدد أعضائها أكثر من عشرة ملايين عضو من أصل 38 مليون نسمة، عدد سكان بولندة عام 1980، واضطرت الحكومة إلى الاعتراف بها وبرئيسها ليخ فاليسا Lech Walesa، وجاء رد الفعل من قبل الجنرال ياروزلسكي Jaruzelski. الذي تولى الحكم عام 1981 بإعلان الأحكام العرفية في البلاد، وإلغاء نقابة التضامن، واعتقال زعمائها واتخاذ إجراءات قمعية صارمة بحقهم. ومع ذلك قامت مظاهرات احتجاجية وزار البابا بولندة مرة ثانية في عام 1983، في محاولة للتقريب بين الحكم والمعارضة، كما فرض الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية) عقوبات اقتصادية، أدت إلى رفع الأحكام العرفية مع بقاء القيود على الحريات قائمة. واستمر التوتر، وتردت الأوضاع الاقتصادية على مدى السنوات الست التي تلت، وتفجرت عام 1988 الإضرابات العمالية الشاملة.

المرحلة الثانية: وتبدأ عام 1989، وقد تمثلت بالمفاوضات بين الحكومة الشيوعية وزعماء المعارضة، وانتهت بالاعتراف الرسمي بنقابة التضامن وإطلاق الحريات، وتبع ذلك إجراء انتخابات للبرلمان البولندي (السيم) في حزيران عام 1989 هُزم فيها الشيوعيون وانتخب مستشار التضامن الكاثوليكي تادِؤش مازوفيسكي T.Mazowieski رئيساً للحكومة. وبذا انتهت السيطرة الشيوعية على البلاد وحل الحزب الشيوعي نفسه عام 1990، كذلك نجح ليخ فاليسا في الانتخابات الرئاسية، وصار أول رئيس جمهورية غير شيوعي منذ الحرب العالمية الثانية. وقد قامت الحكومة الجديدة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تنسجم مع المرحلة الراهنة واتجاه بولندة نحو اقتصاد السوق، وبناء الديمقراطية التي مهدت الطريق أمام اتحاد اليسار الديمقراطي وحزب الفلاحين البولندي للنجاح في انتخابات عام 1993.

نظام الحكم والإدارة

بولندة بلد جمهوري منذ عام 1918، تعرض فيها نظام الحكم بعد عام 1989 لبعض التعديلات وأُدخل على دستورها تغييرات في التفاصيل من غير الجوهر، كان آخرها ما أدخل عام 1997 من تعديلات تتفق مع نظام سياسة السوق في الاقتصاد، وسياسة الملكية الخاصة، وبحسب هذا الدستور يتألف مجلس النواب (السيم) من 460 عضواً، ومجلس الشيوخ من 100 عضو، ينتخب كل أربع سنوات. وينتخب رئيس الجمهورية كل خمس سنوات، ويمكن إعادة انتخابه مرة واحدة. وتتألف بولندة من 49 محافظة تقسم إلى مناطق لكل منها مجلس محلي. عاشت بولندة حكم الحزب الواحد ومكتبه السياسي حتى عام 1989، ونشطت بعده الأحزاب والمنظمات غير الشيوعية في ظل التعددية الحزبية، إذ حصلت نقابة التضامن في انتخابات المجلس النيابي لعام 1997 على 201 مقعداً، وحزب اتحاد اليسار الديمقراطي على 164 مقعداً، واتحاد الأحزاب على 60مقعداً، وتوزعت بقية المقاعد على أحزاب صغيرة. وقد رافق التحول إلى نظام التعددية الحزبية، استقلال الهيئة القضائية وتغيير الاسم الرسمي للدولة من جمهورية بولندة الشعبية إلى الجمهورية البولندية، وعودة التاج إلى النسر البولندي شعار الدولة.

عادل عبد السلام

 

 

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 585
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 609
الكل : 31864710
اليوم : 64253

غادي (أسرة-)

غادي (أسرة ـ)   أسرة غادي Les Gaddi أسرة فنيّة فلورنسيّة مشهورة. كان غادو غادي Gaddo Gaddi الأب المولود عام 1260، والمتوفى عام 1333 مصوّراً وفسيفسائياً. وقد ربط الناقد فازاري Vasari بينه وبين تشيمابو Cimabue وجيوتو Giotto، ونسب إليه مع نقاد آخرين أعمال الفسيفساء في قبة فلورنسا «تتويج العذراء»، وفي بيت العماد Baptistère «مذبحة الأبرياء، والعشاء الأخير، واعتقال يسوع، ورقصة سالومي، وشفاء المقعد». وقد رأى فيه لونغي R.Longhi «روحاً عملاقة، ثائرة ومضطربة، يخالطها طابع باروكي».  أما ابنه تاديو غادي Taddeo Gaddi المولود عام 1300 والمتوفى عام 1366 فكان تلميذاً مفضلاً لدى جيوتو وابنه بالمعمودية. اشتغل معه أربعاً وعشرين سنة، وحل محله بعد وفاته على الرغم من افتقاره إلى نظرة أستاذه الجمالية الشاملة والعميقة، واستمرت قيادته للتصوير الفلورنسي ثلاثة عقود.
المزيد »