logo

logo

logo

logo

logo

البرتغال(الجغرافية)

برتغال(جغرافيه)

Portugal - Portugal

البرتغال

 

تعد البرتغال Portugal  من أقدم الدول المستقلة في أوربة الغربية، فقد أصبحت دولة مستقلة منذ القرن الثاني عشر. وتشغل نحو 1/6 شبه الجزيرة الإيبرية[ر]. وتضم البرتغال إضافة لأرضها في القارة الأوربية، جزر ماديرة والآزور (الآصور) في المحيط الأطلسي[ر].

توصف البرتغال بأنها واحة محيطية على الحافة الغربية للميزيتا الإسبانية[ر] الجافة، وكانت البرتغال أمة بحرية قوية في القرن السادس عشر، ورائدة في عصر الكشوف الجغرافية، إلا أن ذلك ذهب منذ زمن بعيد، وللبرتغال اليوم دور قليل الأهمية على المسرح السياسي الأوربي، كذلك فإن تراث البرتغال الاستعماري انتهى في أواسط العقد السابع من القرن العشرين، ولم يبق لهم من مستعمراتهم القديمة سوى مكاو على البر الصيني. ومع ذلك فإن الدور الذي تقوم به البرتغال اليوم أكبر بكثير من حجمها، وقد حدث هذا بعد انضمامها إلى رابطة التجارة الأوربية الحرة A.T.F.E  في عام 1959 وإلى حلف شمال الأطلسي.

الموقع والحدود والمساحة

تقع البرتغال في أقصى جنوبي غربي أوربة، وتحتل الواجهة البحرية الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة الإيبرية. ويحدها المحيط الأطلسي من الغرب والجنوب وإسبانية من الشمال والشرق. وللبرتغال شكل مستطيل تقريباً، يمتد بين درجتي عرض 36درجة و56دقيقة، و42درجة و10دقائق شمال خط الاستواء، وبين درجتي طول 6درجات و16دقيقة، و9درجات و30دقيقة. ولا يزيد عرض هذا المستطيل على 160كم في أي جزء منه، ويصل طوله إلى ما يزيد قليلاً على 500كم. وتبلغ مساحة البرتغال 92345كم2 بما فيها جزر  ماديرة والآزو.

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

1ـ التضاريس: تتنوع المظاهر التضريسية في البرتغال، ويمكن القول إن أشكال الأرض فيها هي امتداد غربي للصخور الهرسينية التي تغطي 60% من شبه الجزيرة الإيبرية. ويتألف معظم شمالي البرتغال من سلاسل جبلية وهضاب مكونة من الغرانيت والصلصال، وقد تعرضت هذه المنطقة للنهوض في الزمن الجيولوجي الأول، ثم سُويت شبه سهل في الزمن الثاني، ثم رفعت ثانية في زمن بناء الجبال الألبية في الزمن الثالث. وقد ترافقت حركات النهوض الأخيرة بثورانات بركانية في بعض الأحيان.

ويتألف جنوبي البرتغال من كتلة تعود إلى الزمن الأول، وهو مكون من الشيست والغرانيت وبعض الصخور المتبلورة. وقد تعرضت هذه المنطقة للالتواءات والتسوية مما أدى إلى تشكل سلسلة من الهضاب التي تنخفض ارتفاعاتها باتجاه الجنوب الغربي. ويمكن في هذه المنطقة تمييز نطاقين يعودان إلى الزمن الثاني. يضم الأول تلال إيسترا مادورا الممتدة على طول الساحل من لشبونة[ر] إلى قلمريةCoimbra ، ويضم الثاني حافة الباروكال في السهل الساحلي في منطقة الغربAlgarve  .

يقسم نهر التاجة البرتغال إلى قسمين متميزين. فالأرض إلى الشمال منه جبلية غالباً، يزيد ارتفاع معظمها على 400م، وتصل الارتفاعات إلى ما يزيد على 1000م على بعد 50كم من الساحل. وتكون الهضاب واسعة مقطعة بوديان عميقة. أما القسم الجنوبي فهو إقليم سهول وأراضٍ مائدية منخفضة ووديان نهرية عريضة وأراضٍ متموجة بلطف وتلال قليلة. ولا تصل الارتفاعات إلى 1000م إلا في سلسلة جبلية واحدة.

آـ القسم الشمالي: ويشتمل على أراضي نهري منهو والدورو الساحلية التي تقع في أقصى الشمال الغربي من البرتغال. ويصل الارتفاع في قمة سيرا دو لاروكو إلى 1525م. وتكون السلاسل الجبلية متوازية مع الوديان العميقة التي تحتلها الأنهار مثل نهري ليما وكافادو. وينهض بالتدريج على طول الساحل سهل ساحلي ضيق يقابل التلال المنخفضة في الداخل.

ويقع إلى الشرق من المنطقة السابقة منطقة تراس أوس مونتس Tras _ os _ Montes  و آلتو دورو Alto  Douro  التي تعد امتداداً للميزيتا الإسبانية. وهي هضبة مرتفعة مصدعة جزئياً، يراوح ارتفاعها بين 600 و800م، ومخددة بأنهار حفرت خوانق يصل عمقها إلى 500م. ويتوج الهضبة سلسلة دو نوغويراSerra  de  Nogueira  التي يصل ارتفاعها إلى 1318م.

ومظاهر السطح إلى الجنوب من نهر «الدورو» حتى شمال مدينة قلمرية مشابهة لما هي عليه في منطقة «منهو». وتضم هذه المنطقة معظم وسط البرتغال. وهي شبه سهل مرفوع تجزأ بشبكتي نهري مونديغو Mondego  وفوغا Vouga . وهو امتداد للميزيتا الإسبانية كما هي الحال في المنطقة السابقة.

ويحد شبه السهل هذا من الشمال الغربي سلسلة كورامولو (1071م) Coramolo وسلسلة مونتي مورو (1382م) Montemuro. ومن الجنوب والجنوب الشرقي مرآة الصدع الكبيرة لسلسلة دا إيسترالا (1991م) da  Estrela. وتشكل هذه السلسلة حاجزاً بين قسمي البرتغال الشمالي والجنوبي. وتمتد باتجاه الجنوب الغربي لتتصل بسلسلة دي آزور 1409م de Acor وسلسلــة دا لوزا (1204م) Da  Lousa. ويقع إلى الشرق من  سلسلة دا إيسترالا هضبة غواردا Guarda  التي يبلغ ارتفاعها الوسطي 900م، والتي تنخفض إلى الجنوب منها من 500م إلى 200م بالاقتراب من وادي نهر التاجة في الجنوب.

والمنطقة الواقعة إلى الشمال من العاصمة لشبونة خالية تماماً من الصخور المتبلورة. فهي حزمة ضيقة من الأحجار الرملية الترياسية المتوضعة إلى الشمال والجنوب من مدينة قلمرية حتى مدينة تومار. ويتوضع إلى الغرب والجنوب الغربي من الحزمة السابقة، حزمة عريضة من الكلس الجوراسي المتداخل مع الأحجار الرملية والكونغلوميرا الكريتاسية. وقد نجم عن الحت في هذه المنطقة، مظاهر أرضية من التلال المدورة والرملية والهضاب البازلتية والصدوع الشديدة الانحدار والمنحدرات الجرداء.

ب ـ القسم الجنوبي: يعرف جنوب البرتغال بأراضيه ذات التضاريس المدورة المكونة من الصخور الشيستية والغرانيتية والرخامية والأحجار الكلسية والغنايس. وأكثر هذه السلاسل الجبلية اتساعاً أراضي ألتو ألينتخو Alto  Alentejo  التي يراوح ارتفاعها الوسطي بين 200 و500م. إلا أنها تصل في سلسلة ساو ميندي Sao  Mainede  في أقصى شمالي شرقي المنطقة إلى 1025م. ويكون الانحدار العام لأراضي هذه المنطقة باتجاه الغرب والجنوب. وتسمى المنطقة الواقعة بين ألتوألينتخو وإيستريما دورا باسم ريباتيو    Ribatejo   وهي جزء من حوض رسوبي كبير يؤلف القسم الأدنى من أنظمة نهري التاجة والسادو.

 

 

يقع إلى الجنوب من أراضي ألتوالينتخو منطقة سهلية تبرز فوقها بعض التلال المنخفضة. ويزداد ارتفاع هذا السهل كلما اتجهنا جنوباً حتى يصل إلى ارتفاع 578م في سلسلة كالديراوCaldeirao  المكونة من الصخور الشيستية. ويقع إلى الغرب من السلسلة منحدرات شديدة وتلال متفرقة مكونة من الكلس والأحجار الرملية العائدة لزمن الميزوزايك. وأهم هذه السلاسل الجبلية سلسلة مونشيكو Monchique  وهي كتلة مقطعة من الصخر الأسواني والصخور النارية. ويبلغ أقصى ارتفاع لهذه السلسلة 902م في قمة فويا Foia  .

2ـ المناخ: إن موقع البرتغال في أقصى جنوبي غربي أوربة، أدى إلى كون شتائها معتدلاً ورطباً وصيفه جافاً. ويؤدي تأثير المحيط المصحوب بتباينات التضاريس إلى مناخ متنوع للغاية، مع مظاهر انتقالية من الساحل الغربي ذي المناخ المحيطي إلى الداخل ذي المناخ المتوسطي. ويغلب على النصف الشمالي في الشتاء منخفضات جوية قادمة من المحيط الأطلسي، ويتقدم في الصيف ضغط آزور المرتفع باتجاه الشمال ليغلق الطريق أمام المنخفضات الجوية.

تراوح درجات الحرارة الوسطية في شهر كانون الثاني بين 11 درجة مئوية في الجنوب الغربي و7 درجة مئوية في الشمال الشرقي. ويصاحب البرد الشديد عادة غزوات من الضغط المرتفع قادمة من الميزيتا الإسبانية أو سيبيرية. ويؤدي هذا إلى تسجيل درجات حرارة أقل من الصفر في الأماكن المرتفعة من شمالي البلاد، وبقاء الثلج لعدة أشهر على قمم الجبال. ويكون شهر آب أكثر الأشهر حرارة بمتوسط يبلغ 20 درجة مئوية. وتعمل نسمات البحر المسائية على تبريد المناطق الساحلية في فصل الصيف.

يتبع توزع الأمطار النمط الإيبري بوجه عام، مع تناقص كبير في كمية الأمطار من الشمال إلى الجنوب. فشمالي البرتغال يتلقى كميات كبيرة من الأمطار، كما أن نسبة الرطوبة تكون مرتفعة على الساحل بحسب درجة العرض. ويصل الهطل السنوي إلى أكثر من 1000مم في الشمال الغربي، ويراوح بين 1000 و2000مم في الجزء الأكبر من وادي نهر منهو، ويصل إلى 2500مم على المنحدرات الجبلية. ويصبح الجفاف الصيفي غير واضح قرب الواجهة البحرية الشمالية الغربية، غير أنه يكون واضحاً تماماً إلى الشمال الشرقي وإلى الجنوب من وادي التاجة. ويكون الهطل بحدود 400مم على طول الساحل الجنوبي للبرتغال.

3ـ المياه:

إن جميع الأنهار الرئيسة في البرتغال تَقْدُم إليها من إسبانية، وتعبر عند حافة الميزيتا سلسلة من المجاري الضيقة والخوانق. لذا لا يوجد أي نهر صالح للملاحة بين البلدين. ويعد نهر دورو أطول نهر يعبر البرتغال، بطول يبلغ 320كم. أما أطول نهر يقع بكامله في البرتغال، فهو نهر مونديغو الذي يصل طوله إلى 220كم. وهو ينبع من سلسلة إيسترالا ويصب في المحيط الأطلسي. ومن الأنهار التي تصلح للملاحة حتى الحدود الإسبانية أنهار الدورو والتاجة. أما الأنهار التي تصلح للملاحة جزئياً فهي أنهار الفوغا 137كم ومونديغو والزيزري. وتتجه هذه الأنهار من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي. أما الأنهار في جنوبي البرتغال فيكون اتجاهها من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي كنهري السادو وميرا.

إن الخلجان الطبيعية على الساحل البرتغالي قليلة نسبياً، وأكثرها أهمية تلك الواقعة عند مصبات الأنهار، كخليج لشبونة عند مصب نهر التاجة، وسيتوبال عند مصب السادو. أما الخلجان الأخرى فتعتمد على الحماية من قبل النتوءات الأرضية. فقد بُني مرفأ ليكسيوس الاصطناعي إلى الشمال من مصب نهر الدورو.

الحياة النباتية والحيوانية

تضم النباتات الطبيعية في البرتغال خليطاً من النباتات الأطلسية النفضية والنباتات المتوسطية والإفريقية الدائمة الخضرة. ونحو ثلثي هذه الأنواع النباتية مألوف في أوربة، أما الثلث الباقي فهو خاص بشبه الجزيرة الإيبرية وإفريقية.

        تغطي الغابات نحو 34% من مساحة البرتغال. وتغلب في قسمها الشمالي غابة الترب البنية بأشجار الصنوبر والسنديان. كما توجد أشجار الكستناء والزيزفون والدردار والحور جنباً إلى جنب مع أشجار الزيتون. وتغلب إلى الجنوب من نهر التاجة، حيث توجد ترب البحر المتوسط الحمراء والبنية وترب البودزول، نباتات مختلفة. فهنا توجد أشجار الصنوبر الأوربي ذي النوى وأشجار الفلين والسنديان والزيتون بنوعيه البري والمزروع.

وتمتاز منطقة أقصى الغرب بأحراجه من الخرنوب واللوز والتين والزيتون، وتزدهر أشجار الأوكاليبتوس في الوديان ذات التصريف السيء من شبكتي نهر الدورو والسادو. كما توجد بعض النباتات المستنقعية على نهر أفيرو وبعض الأحراج الجميلة على بعض المرتفعات الجبلية.

تعد الحياة الحيوانية في البرتغال مزيجاً من الأنواع الأوربية والإفريقية الشمالية، إضافة إلى بعض الأنواع الخاصة بشبه الجزيرة الإيبرية. ويوجد فيها من الحيوانات البرية الكبيرة الماعز والخنزير البريين، والغزال في المناطق الجبلية، والذئاب في الأجزاء النائية من سيرا إيسترالا والوشق في النيتخو. وتنتشر الثعالب والأرانب في أماكن عدة. وتكثر الطيور من الأنواع المختلفة نتيجة وقوع شبه الجزيرة الإيبرية على طريق الهجرة من الشمال إلى الجنوب.

وتقتصر الحيوانات الثديية في جزر الآزور على الأرانب وابن عرس وابن مقرض والجرذان والفئران والخفافيش. وتضم الطيور الدجاج والحجل والسُمّن والشنقب.

الأوضاع الجغرافية البشرية

1ـ الأصول: على الرغم من سكن الإنسان في غربي شبه الجزيرة الإيبرية منذ زمن طويل، فإن بقايا إنسان العصر الحجري القديم التي تم العثور عليها كانت قليلة جداً. في حين كانت بقايا إنسان العصر الحجري الحديث والبرونز أكثر انتشاراً بدلالة كثرة الأضرحة التي تم كشفها. وكانت سيتانياس أو كاستروس من بين أماكن الاستقرار الدائمة المبكرة. ومن أوائل أماكن التجمع التي بناها الإنسان قرى التلال التي بناها المزارعون في حقبة العصر الحجري الحديث في مواقع إزالة الغابة. وقد امتزج القادمون من الفينيقيين واليونانيين والسلت (الكلت) مع هؤلاء السكان، وألفوا سوية مراكز محصنة لمقاومة الجيوش الرومانية استمرت مدة 200 سنة. غير أن الرومان والقوط والمغاربة واليهود تمكنوا فيما بعد من ممارسة تأثير على الإقليم. وكان من نتيجة موقع البرتغال عند النهاية الغربية لأوربة، أن أصبحت مكاناً لتجمع الغزاة من مختلف البقاع، وقد أنشأ هؤلاء على السواحل الطويلة للإقليم أماكن استقرار لهم.

2ـ السكان: كان عدد سكان البرتغال نحو 4ر5 مليون نسمة في بداية القرن العشرين، وقد ارتفع هذا الرقم إلى 8.9مليون في عام 1960، وإلى 9.8 مليون في عام 1978، ووصل إلى 10.048.232 في عام 2000. وقد كشفت أرقام تعداد 1970 أن عدد السكان تناقص بين عامي 1960 و1970 بنسبة تصل إلى 2%. ويعود هذا التناقص إلى الهجرة الكبيرة إلى الخارج. وكانت هذه الهجرة قبل عام 1960 موجهة في معظمها إلى البرازيل ودول أمريكة اللاتينية الأخرى، إلا أنها بدأت بعد ذلك التاريخ بالتوجه إلى أوربة الغربية. وقد غادر البرتغال بين عامي 1970 و1973 فقط ما يقرب من 429 ألف شخص.

غير أن ثورة 1974، التي أنهت الاستعمار البرتغالي في المستعمرات الإفريقية، كان لها انعكاسات على سكان البلد. فقد أدت إلى مغادرة البرتغاليين تلك المستعمرات والعودة إلى بلادهم. وقد قدر مجموع العائدين بنحو 700 ألف شخص، 90% منهم من أنغولة‎، وتركز معظمهم في المدن، وقد تضافرت هذه الأعداد مع  آثار التراجع الاقتصادي العالمي في تلك المدة، مما أدى إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل، وكان ذلك مما دعا الحكومة إلى رفض إيقاف الهجرة إلى الخارج.

3ـ توزع السكان: يكشف توزع السكان في البرتغال تباينات كبيرة بين الشمال المسكون بكثافة والجنوب بسكانه المبعثرين. وقد عانت عدة مناطق ريفية من فقدان أعداد كبيرة من سكانها بنتيجة الهجرة الداخلية من الأرياف الفقيرة إلى المدن والمناطق المصنعة. وقد أدت هذه الهجرة ومثيلاتها إلى إخفاقات اقتصادية واجتماعية، وبخاصة في أجزاء من الشمال والوسط الشرقي والمناطق الساحلية الجنوبية. وكانت المنطقة الساحلية بين براغا وسيتوبال، ذات السهول المنخفضة والمتطورة حضارياً، هي التي اجتذبت أعداداً كبيرة من السكان. إلا أن منطقتي لشبونة وبورتو الصناعيتين هما القادرتان على استيعاب القوى العاملة فيهما. ويمكن أن تعد المناطق الأخرى الخاضعة لعملية التطوير الصناعي مثل أفيرو وقلمرية وسيتوبال وشنتمرية الغرب (فارو) ومناطق منهو والسهول الوسطى ومنطقة الغرب الساحلية مزدحمة جداً بالسكان.

4ـ التجمعات السكانية: تعد أماكن الاستقرار الريفي في البرتغال من النموذج المبعثر، فالسكان يعيشون في قرى صغيرة تخضع لنظام الزراعة المفتوحة. وتراوح أماكن الاستقرار بين بيرا الساحلية واسترامادورة بين المزارع المبعثرة والمتجمعة. وتكون تجمعات المزارع والمساكن الأخرى في منطقة أفيرو ممتدة على طول الطرقات بشكل شريطي.

يعيش أكثر من 35% من سكان البرتغال في المدينتين الكبيرتين لشبونة 681063 نسمة وبورتو 309485 نسمة (1991). وتوجد العاصمة لشبونة على الضفة الشمالية لنهر التاجة، على بعد 11كم عن مصب النهر، وقد أصبحت عاصمة للبرتغال منذ أواسط القرن الثالث عشر. ويبقى تفوق العاصمة على المناطق المدنية الأخرى غير قابل للنزاع. وتأتي مدينة بورتو (سماها العرب برتقال) في المرتبة الثانية. وهي تقع عند مصب نهر الدورو وهي عاصمة خمور البورت الشهيرة. والمدينة جميلة بأجزائها القديمة ونشاطها التجاري، وتتركز قربها مؤسسات صناعية كثيرة. ومن المدن الأخرى سيتوبال التي تشتهر بكونها مركزاً لصيد السردين وصادرات الصيد البحري. وقلمرية العاصمة القديمة للبرتغال والمدينة الجامعية القديمة، تقع عند حافة السهل الساحلي وهي مركز حضاري وثقافي وعاصمة للمقاطعة.

الأوضاع الجغرافية الاقتصادية ـ الاجتماعية

1ـ مصادر الطاقة والكهرباء: ارتفع استهلاك الطاقة الإجمالي بسرعة في البرتغال في أواخر العقد 1960 وبداية 1970. غير أنه ما يزال من أخفض معدلات الاستهلاك الفردي في أوربة الغربية، وقد تضاعف إنتاج الكهرباء أكثر من خمس مرات في المدة بين عامي 1955 و1974. ولما كان من الصعب زيادة هذه النسبة، فإن الاحتياجات المستقبلية يتوجب توفيرها من مشاريع حرارية وذرية، وقد أعاقت المصادر المحلية المحدودة من الفحم والنفط والغاز الطبيعي عمليات التطور الاقتصادي. وهذا ما أدى إلى ارتفاع واردات النفط. علماً بأن مصافي التكرير في لشبونة وبورتو وسيناس تبلغ طاقتها ما يقرب من 15مليون طن.

2ـ المواد الخام والصناعة: يوجد في البرتغال توضعات مختلفة من الفلزات، غير أنها ليست مستغلة بمعظمها. وأكثرها أهمية فلزات التنغستين والحديد التي تتركز في صخور الزمن الأول إلى الشمال من نهر التاجة. وتحتل البرتغال المرتبة الأولى في أوربة في إنتاج فلز التنغستين. وإنتاج فلز الحديد محدود على الرغم من الاحتياطي الوفير.

تعرف الصناعة البرتغالية بقلة المشاريع والمؤسسات الكبيرة وكثرة الشركات ذات الأحجام الصغيرة والمتوسطة. وتتركز معظم المنشآت الصناعية قرب مدينتي لشبونة وبورتو.

تشغل الصناعة النسيجية في البرتغال المقام الأول ويعمل فيها 31% تقريباً من مجموع القوة العاملة، وتسهم بنحو 26% من مجمل الصادرات. وتواجه هذه الصناعة مشكلات خطيرة، مثل ارتفاع الأجور وأسعار القطن والأنسجة التركيبية والصناعية والمنافسة من الأقطار النامية. وعليه فإن هذه الصناعة تحتاج إلى التحديث وإعادة البناء.

أما صناعة الحديد والفولاذ فقد تعرضت لعقبات كثيرة، مثل نوعية الفلزات الفقيرة والحاجة إلى استيراد فحم الكوك. وتتوضع معظم منشآت استخلاص المعادن الحديدية الصغيرة في الشمال، وتتوضع المنشآت المتوسطة والكبيرة في الجنوب. وسوف يؤدي توسيع المعمل المتكامل الوحيد للفولاذ في سيكسال إلى مضاعفة الإنتاج لأكثر من 600ألف طن.

كان بناء السفن وإصلاحها من القطاعات الصناعية الناجحة في البرتغال. وقد بدأ التوسع في أوائل 1960. وأصبح بناء السفن وإصلاحها منذ ذلك الحين مجال عمل مهماً في منطقة لشبونة ومصدراً مهماً للنقد الأجنبي. ويُعزى السبب في ذلك إلى الموقع الطبيعي الجيد للمرفأ والتسهيلات الممتازة فيه وقدرته على استقبال أكبر الناقلات والسفن وتوفير الخدمات لها. كما جرى بناء مجمع صناعي في سيناس يستوعب 100ألف نسمة.

إضافة إلى الصناعات المذكورة أعلاه، هناك أيضاً صناعة الأغذية والخمور التي تكون 17% من الصادرات وصناعة الأخشاب والفلين التي تكون 10% وصناعة الملبوسات والأحذية والإسمنت والبناء والصيد وصناعات خفيفة أخرى.

3ـ الزراعة والغابات والصيد: ما تزال الزراعة الحلقة الضعيفة في الاقتصاد البرتغالي. إذ تصل نسبة العاملين فيها إلى 5% فقط من مجموع اليد العاملة. إن حجم الملكيات الصغيرة في الشمال، والكبيرة في الجنوب، مضافاً إليه الاستغلال غير الأمثل والهجرة المتزايدة للسكان من الأرياف نحو المدن وإلى الخارج، أعاقت جميعها التطور المرضي للزراعة. ويمكن أن يُضاف إلى ذلك الأسعار المتدنية للمحاصيل الزراعية، التي ساعدت على إبقاء الإنتاج والاستثمار الزراعي متدنياً. وقد كان هذا هو السبب في استيراد البرتغال لكميات كبيرة من الأغذية.

تصل نسبة الأرض الصالحة للزراعة في البرتغال إلى ما يقرب من 50% من مساحتها، وهناك 34% منها مغطاة بالغابات. وإذا أخذت الشروط الطبيعية في البرتغال، من حيث رداءة التربة وتذبذب المناخ، في الحسبان، تبين السبب الكامن خلف تذبذب إنتاج معظم المحاصيل الزراعية. فإنتاج القمح الذي يزرع في الجنوب بشكل رئيسي، وإنتاج الذرة والشوفان اللذين يزرعان في الشمال انخفضا منذ أواخر الستينات. وكذلك إنتاج الأرز.

تعد زراعة الكرمة نقطة مضيئة نسبياً في الزراعة البرتغالية. وتتركز أماكن زراعتها أساساً إلى الشمال من نهر التاجة وفي وادي الدورو الأعلى. وكانت البرتغال في عام 1976 رابع منتج للخمور في غربي أوربة. وهناك زيادة في إنتاج الأشجار المثمرة، ويأتي الزيتون في المرتبة الأولى ويستخدم لإنتاج الزيت. ومن أهم الخضار التي تزرع، البندورة التي يذهب معظمها لتصنيع رب البندورة.

إن ثلث مساحة البرتغال مغطى بالغابات، وتسهم المنتجات الغابية بنسبة عالية من الصادرات. وأهم هذه المنتجات الأخشاب والفلين وعجينة الورق والراتنج. وتعد البرتغال أكبر منتج للفلين في العالم وتتحكم بثلثي الاحتياجات العالمية من هذه المادة. ويشارك نحو مليون عامل في حصادها الذي يجري بين شهري حزيران وآب.

إن السواحل الطويلة للبرتغال ووفرة الأسماك في مياهها المحيطية أدت إلى تطور صناعة الصيد وتعليب أسماك السردين والأنشوفة والتونا والقد المتواجد قرب السواحل. وهي صناعة مزدهرة تصل صادراتها إلى جميع أنحاء العالم. وتتجمع مرافئ الصيد الرئيسة قرب بورتو ولشبونة وعلى طول ساحل منطقة الغرب.

4ـ السياحة: زاد عدد السياح الذين زاروا البرتغال على 24مليون سائح في عام 1977، متضاعفاً مرات كثيرة عما كان عليه عام 1964. ووصلت عائدات السياحة إلى نحو 4277مليون دولار، مشكلة بذلك دعامة اقتصادية كبيرة.

تتركز الفعاليات السياحية في البرتغال، باستثناء لشبونة، في منطقة الغرب، حيث المناخ المستقر وأشعة الشمس الساطعة والشواطئ الممتازة والمناظر الخلابة. إلا أن معظم المناطق الأخرى في حاجة إلى تطوير بالمقارنة مع المنطقة السابقة.

5ـ التجارة: سجلت البرتغال في الستينات وأوائل السبعينات عجزاً تجارياً ملموساً رافقه بشكل رئيسي زيادة في العمليات والصفقات غير المنظورة مثل عائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج. وقد تراكمت نتيجة لذلك احتياطات كبيرة من النقد الأجنبي والذهب. إلا أن الوضع تغير في عام 1974، إذ أصبح العجز التجاري ملموساً على الرغم من ازدياد الصادرات.، فقد ارتفعت الواردات وانخفضت عائدات السياحة وأخذت تنقطع العائدات من الأقاليم فيما وراء البحار نتيجة استقلال هذه الدول. وأدت جميع هذه العوامل إلى تحول ميزان المدفوعات إلى الخسارة، فبلغ العجز 1100مليون دولار في عام 1976.

إن الركود الذي أصاب صادرات البرتغال من المنتجات التقليدية مثل الفلين والسمك المعلب والمواد الراتنجية، رافقه توسع في صادرات الخمور والمنسوجات والألبسة، وتضم الصادرات الأخرى رب البندورة والكيمياويات وعجينة الورق والآلات وتجهيزات النقل. وتتألف الواردات من الآلات والتجهيزات ووسائط النقل والمنسوجات والنفط ومشتقاته.

6ـ النقل: إن قلة كفاية النقل الداخلي عامة، بنوعيه البري والمائي، أوجد عائقاً أمام التطور الاقتصادي في البرتغال. فالنقل النهري محدود نتيجة للأوضاع الطبوغرافية والظروف المناخية. والجفاف الصيفي يجعل معظم الأنهار غير صالحة للملاحة، في حين ترفع الفيضانات الشتوية المنسوب إلى مستوى كبير مما يشكل خطراً على المراكب الصغيرة. يضاف إلى ذلك التحديدات الطبوغرافية الناتجة عن أماكن الإسراع والحواجز الرملية والجسور المنخفضة والقنوات الضيقة للمجاري المائية لأنها محجوزة غالباً بخوانق ذات جوانب شديدة الانحدار. ونهر الدورو المستخدم لنقل الخمور من الوادي الأعلى إلى بورتو أكثر الطرق المائية الداخلية أهمية. تليه في الأهمية الطرق على نهري التاجة وغواديانة.

تحتاج السكك الحديدية في البرتغال إلى عملية تحديث، وهناك خطة لإعادة بناء هذه السكك. ومن الطول الإجمالي البالغ نحو 4800كم، هناك 12% من الخطوط المزدوجة و12% أخرى من الخطوط المكهربة. واكثر هذه الخطوط حركة هو خط بورتو ـ لشبونة، الذي تمت كهربته في عام 1968، كجزء من برنامج لتحديث الخط الممتد من براغا في الشمال إلى فارو على الساحل الجنوبي. كذلك جرى تحسين الخط الذي يصل إلى منطقة الدورو ليخدم المناجم الشمالية. وقد حلَّت قاطرات الديزل محل القاطرات البخارية بحلول السبعينات، إلا أن حركة نقل الركاب والبضائع بقيت ثابتة نسبياً منذ أواسط الستينات.

تعد شبكة طرق السيارات غير كافية لمواجهة التطور الاقتصادي المتسارع وازدهار السياحة وازدياد ملكية السيارات. وهناك شبكة جديدة من الطرق السريعة بُنيت بمساعدة من بريطانية وفرنسة تصل شمالي البرتغال بجنوبيها. وما تزال البرتغال تمتلك اقل عدد من السيارات في أوربة الغربية. وتربط الخدمات المنتظمة لهذه الشركة العاصمة لشبونة مع الكثير من مدن العالم المختلفة، كما تربطها مع جزر ماديرة والآزور وأقاليم ماوراء البحار السابقة. ويوجد في البرتغال ثلاث مطارات تجارية دولية فقط، في لشبونة وفي بورتو وفي فارو في منطقة الغرب، وقد بُني مطار جديد لخدمة العاصمة يقع على بعد 50كم إلى الجنوب الشرقي منها.

أما ما يتصل بالنقل البحري فلم تستفد البرتغال كثيراً من موقعها البحري ومرافئها الطبيعية الممتازة في بناء أسطول بحري تجاري كبير، ومع أن مبادلات البرتغال التجارية تتم عن طريق البحر غالباً، فإن أسطولها التجاري يُعد متواضعاً بحسب المقاييس الأوربية. وتتعامل مرافئ لشبونة وبورتو بمقادير ضئيلة من البضائع بالمقارنة مع المرافئ الأوربية الأخرى.

7ـ الأحوال الإدارية والاجتماعية:

آ ـ الحكومة: أصبحت البرتغال جمهورية منذ إسقاط الملكية في عام 1910، ووفقاً لدستور 1976، يكون رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية. ويُنتخب باستفتاء عام لمدة خمس سنوات. ويعين رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، ويحدد مواعيد الانتخابات ويمثل الأمة ويوجه السياسة الخارجية، ويعقد ويوافق على المعاهدات الدولية، ويصدر القوانين والقرارات. كذلك فهو يرئس مجلس الثورة ويعقد ويحل مجلس الجمهورية وأعضاء الأقاليم بعد استشارة المجلس. ويعين واحداً من أعضاء الهيئة التشريعية ورئيس الهيئة الاستشارية في مناطق الحكم الذاتي (الآزور وماديرة). ويعين ويطرد الأعضاء الآخرين في الحكومة بناء على اقتراح رئيس الوزراء.

ويؤلف رئيس الوزراء مجلس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية. وتتكون مهام المجلس من تحديد الخطوط العامة لسياسة الحكومة، والموافقة على القوانين وإقرار الميزانية والقرارات المتعلقة بزيادة أو إنقاص العائدات والنفقات الحكومية. وتتدارس كذلك في شؤون الحكومة المرفوعة إليها.

تتكون الهيئة البرلمانية من مجلس النواب الذي يضم ممثلين؛ 240نائباً كحد أدنى 250نائباً كحد أعلى. ويتم انتخاب بالمجلس كل أربع سنوات حسب نظام التمثيل النسبي. وتتضمن واجبات المجلس مناقشة التشريعات الأساسية والاقتراع عليها، والترخيص للحكومة بزيادة القروض وتصديق المعاهدات الدولية، والموافقة على الوضع الإداري السياسي لجزر الآزور وماديرة. ويمكنه أيضاً الاقتراع بالثقة على الحكومة.

ب ـ الخدمات الاجتماعية: يتألف نظام الخدمة الاجتماعية في البرتغال من عدة نماذج من المؤسسات التي تؤمن العاملين ضد المرض والعجز والشيخوخة، وتقدم مدفوعات التقاعد والتعويض العائلي. والتأمين إجباري لجميع العاملين. وهناك اتحادات المساعدة الطوعية والادخارية المشتركة للقوات المسلحة والموظفين المدنيين. ولدى الكثير من الشركات الكبيرة خطط لخدماتها الاجتماعية والتأمين الصحي والتعويضات التقاعدية الخاصة بها تقدمها لمستخدميها.

 

ج ـ الحياة الثقافية والأدبية: ترتكز الثقافة البرتغالية على ماض بعيد يمتد إلى العصور الرومانية والعهد الإسلامي. كما أُغنيت الفنون البرتغالية على مر القرون بالتأثيرات الأجنبية من الدول المجاورة. وتملك البرتغال خمس جامعات هي جامعة قلمرية (أقدم الجامعات الأوربية)، وجامعة لشبونة، وجامعة لشبونة التكنولوجية، وجامعة بورتو، وجامعة البرتغال الكاثوليكية التي أُسست في لشبونة في عام 1968.

ويوجد في لشبونة متحف قومي للفنون، ومتحف العربات الذي يضم أجمل مجموعة أوربية من العربات القديمة، والمتحف القومي للفن المعاصر، والمتحف المدرسي للفنون التزينيية الذي يدرب الحرفيين على حفظ الأثاث وتجليد الكتب وإصلاح المنسوجات القديمة وحرف دقيقة أخرى.

وتضم المكتبة القومية ومكتبة أجودا في لشبونة مجموعات جيدة من الكتب. وتحتوي أرشيفات توري دو تومبو Torre de  Tombo  وثائق قومية قيمة. وللمكتبة في مافرا Mafra  ومكتبة جامعة قلمرية أهمية تاريخية كبيرة.

تكثر المعارض الإقليمية على مدار السنة في البرتغال. ويترافق الكثير منها مع الاحتفالات الدينية، وتشتمل العادات الدينية في البرتغال على حرق خشبة الميلاد في ردهات كنائس القرى في عيد الميلاد. كما تتضمن مشاهد القتال بين القديس جورج والتنين في شوارع مونكادو في عيد القربان.

 

بسام حميدة

 

 

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 827
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 577
الكل : 32703170
اليوم : 21389

بيسيستراتوس

بيسيستراتوس   بيسيستراتوس Peisistratos حاكم أثينة (560-527ق.م) الذي حمل أول مرة في تاريخ المدينة لقب «طاغية» Tyrannos، وتعني في تلك المرحلة الحاكم الذي استولى على الحكم عنوة. والطغاة في المفهوم السياسي العام هم أولئك الحكام الذين كانوا ينصِّبون أنفسهم أوصياء على الطبقات المستضعفة ليكسبوا من أعدادها الغفيرة دعماً لهم ولسياستهم.
المزيد »